الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينيني- الماوي ) :الفخّان القاتلان : التعويل على الإمبرياليّين و التعويل على المقاومة الإسلاميّة ضد الإمبرياليّة


شادي الشماوي
2024 / 11 / 12 - 22:04     

آتاش / شعلة عدد 156 ، مجلّة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينينيّ – الماويّ )
جريدة " الثورة " عدد 878 ، 4 نوفمبر 2024
www.revcom.us

ملاحظة ناشرى موقع أنترنت https://www.revcom.us : المقال أدناه نُشر باللغة الفارسيّة في مجلّة آتاش / شعلة عدد 156 ، في نوفمبر 2024 على موقع : cpimlm.org . و قد ترجمه إلى الأنجليزيّة متطوّعون من موقع revcom.us مضيفين بين معقّفين كلمات و جُمل من أجل المزيد من التوضيح .
-------------------------------------
شرعت امبرياليّة الولايات المتّحدة جولة جديدة من الحروب الإجراميّة ضد شعوب الشرق الأوسط ، و إيران تقع في وسط هذا . و حروب الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط مواصلة لسياسة الإضطهاد الإمبريالي ضد الشعوب في هذه المنطقة.
و في حين أنّ الإضطهاد علاقة إمبرياليّة مستمرّة و هيكليّة مع بلدان " العالم الثالث " ، و يتّخذ أحيانا شكل تدخّلات أكثر مباشرة تمتدّ من الإنقلابات العسكريّة لتبديل نظام بآخر إلى العدوان العسكري بشكل تام . فالإمبرياليّة لديها حاجة مستمرّة لفرض إخضاع " قومي " لأنّ البلدان المسيطرة و عدد سكّانها الهائل من الناس المضطهَدين مكوَّن حيويّ و إستراتيجي للنظام الرأسمالي الإمبريالي ، و جزء لا يتجزّأ من أيضها – metabolism .
و للطبقات و الفئات المختلفة في البلدان المهيمَن عليها ردود فعل متنوّعة تجاه هذا الإخضاع . و غالبا ما يكون الردّ على هذا الإضطهاد ، تبحث الجماهير الشعبيّة عن هذا أو ذاك التيّار السياسي يزعم قتال الإضطهاد الإمبريالي ، غير واعية بأنّ أرضيّات تلك التيّارات لن تؤدّي أبدا إلى التحرّر من هذا الإخضاع .
و اليوم ، نجد أنفسنا في ظرف حيويّ من تاريخ إيران . و يجب على الفئات المضطهَدَة و المستغَلّة من مجتمعنا ، و العمّال و الشغّالين و الفئة الوسطى من المجتمع - خاصة الطلبة – أن تعيَ و تتمكّن من تشخيص ما هي " الطُرق " أو الأرضيّات السياسيّة التي يمكن أن تقود النضال ضد الإمبرياليّة لبلوغ التحرير الحقيقيّ من هذا النظام ، و ما هي تلك التي لا يمكنها ذلك . لقد دلّلت النظريّة و التجربة التاريخيّة أنّ هناك أرضيّة واحدة فقط يمكن أن تخلق قوّة قادرة على تعبيد الطريق للتحرّر من الإضطهاد الإمبريالي : و هذا للتقدّم بالنضال المناهض للإمبرياليّة في إطار ثورة شيوعيّة لتركيز دولة و مجتمع إشتراكيّين . و في هذا الظرف التاريخي ، أيّ إستهانة بهذا السبيل و خارطة طريقه ، مرّة أخرى ن ستفرز تحطيما للقوى التقدّميّة الفعليّة و الممكنة في المجتمع .
لسوء حظّ الشعب الإيراني في هذا الظرف أنّ النظام الإيراني الحاكم يقع أيضا تحت هجوم الإمبرياليّين [ الولايات المتّحدة]. لذا ، من جهة ، النظام الحاكم لمدّة 45 سنة كان غارقا في دم الجماهير يحاول الآن بلا خجل أن يكسب دعم هذه الجماهير ذاتها بتشجيع معنى القومية الرجعيّة . و من الجهة الأخرى ، و يسعى امبرياليّو الولايات المتّحدة و الإسرائيليّون إلى الرسملة على كره الشعب الإيراني لجمهوريّة إيران الإسلاميّة لكسب مساندة لجرائمهم في الشرق الأوسط ، وصولا إلى و بما في ذلك أيّ هجوم أو أيّة حرب ممكنة يمكن أن يشنّوها ضد إيران . و على النقيض من هذين الفخّين القاتلين ، لا وجود إلاّ لبرنامج و طريق تحريري واحد وحيد أمامنا له مظهرين حيويّين لا ينفصلان : الإطاحة بجمهوريّة إيران الإسلاميّة و خوض نضال شرس ضد الإضطهاد الإمبريالي .
لا يجب على التناقضات بين إمبرياليّة الولايات المتّحدة و جمهوريّة إيران الإسلاميّة أن تُخفي أبدا واقع أنّ هيمنة إيران – المكرّسة من خلال مخطّطات خفيّة و إرهاب إقتصادي و هجمات عسكريّة و غزوات نفّذتها الولايات المتّحدة و قوى أخرى – كانت متداخلة بعمق لمصنع الإمبرياليّة العالميّة لأكثر من مائة عام . و هذه العلاقة و هذا التاريخ هما العامل الأساسي الكامن وراء أيّ حرب يمكن أن تشنّها إمبرياليّة الولايات المتّحدة في إيران ، سواء مباشرة أم عبر وكيلها ، إسرائيل .
طوال كامل مرحلة ما بعد الحرب العالميّة الثانية كانت الولايات المتّحدة مشاركة في كلّ الأحداث السياسيّة التي شكّلت الوضع في إيران . فعلى سبيل المثال ، أحد أهمّ مشاغل الولايات المتّحدة كان قمع تمرّدات الفلاّحين . ( و يُوثّق هذا في كتاب " تمرّد فلاّحو شيكاريان ، 1952-1953 " لأمير حسنبور ) . و مثال آخر لتدخّل الولايات المتّحدة في الإنقلاب ضد مصدّق [ الوزير الأوّل المنتخَب ] . و المحرّك الحقيقيّ هذا الإنقلاب في 19 أوت 1953 تمّ توضيحه في وثيقة للسى أي أي : " لإسقاط حكومة مصدّق و تعويضه بحكومة موالية للغرب يقودها الشاه وزاهدى [ الجنرال ] كوزير أوّل ". و قد عبّد إنقلاب 1953 الطريق لتصبح الولايات المتّحدة القوّة المهيمنة [ في إيران ] . و غداة إنقلاب 1953 ، كلّ مخطّطات مصدّق للتأميم [ لصناعة النفط ] وقع إيقافها ثمّ إلغاؤها . و حلّت الشركات النفطيّة العملاقة للولايات المتّحدة محلّ بريطانيا محتفلة بنهبها لإيران و مراكمة أرباحا ضخمة . و أيضا هذا الإنقلاب أعلن أنّ الولايات المتّحدة مثّلت حينها أشرس قوّة إمبرياليّة عظمى في الشرق الأوسط ، و مثّل ذلك تحذيرا للأنظمة الأخرى في المنطقة . و تركيز دولة إسرائيل الإستيطانيّة على ألراضي الفلسطينيّة خدم الهدف نفسه . (1)
و نهضت الولايات المتّحدة بدور هام في سحق التمرّد الثوريّ ضد نظام الشاه [ محمّد رضا ] . متنبّهين إلى تصاعد النضالات السياسيّة ضد نظام الشاه التي تُوّجت بتمرّد 1978، عبّدت إمبرياليّة الولايات المتّحدة ، معا مع مجموعة من سبعة بلدان صناعيّة في الغرب ، الطريق لصعود الأصوليّين الإسلاميّين إلى السلطة ، بقيادة الخميني . و تمكّن هؤلاء الإمبرياليّين من رؤية أنّ نظام الشاه لم يعد قادرا على الحفاظ على هيمنتهم في الشرق الأوسط ، و قرّروا بدلا من ذلك أن يأتمنوا الأصوليّين الإسلاميّين مع هيكلة دولة إيران و بنيتها الإقتصاديّة و العامود الفقري لجيشها و أمنها الذين بنوهم في ظلّ الشاه . لقد إعتبروا الأصوليّين الإسلاميّين كحلفاء لأنّهم ملتزمون بقتل الشيوعيّين و قمع تمرّدات العمّال و الفلاّحين و النساء و الحركات الطلاّبيّة و المثقّفين و القوميّات المضطهَدَة و كانوا يمثّلون كذلك حاجزا أمام توسّع مصالح الإمبرياليّة السوفياتيّة التي كانت تتحدّى هيمنة الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط .
و سرعان ما شنّ الأصوليّون الإسلاميّون ، بقيادة الخميني [ آية الله ] مذابحا دمويّة ضد جماهير جميع الطبقات ، و قد أظهروا حتّى لا رحمة تجاه التيّار الموالى للسوفيات [ أي حزب توده ] الذى " أعلن ولاءه " لجمهوريّة إيران الإسلاميّة . و يعلم الجميع هذا التاريخ . و فضلا عن عدم قيام جمهوريّة إيران الإسلاميّة بقطيعة مع الرأسماليّة العالميّة ، و إنّما أيضا أدمجت إيران بشكل أعمق فيها ، و أرست بصفة متنامية و عزّزت نفسها كدولة طبقة رأسماليّة كبيرة ، مرتبطة بالنظام الرأسمالي العالمي .
و بالرغم من كلّ هذا ، لم يكن أبدا مقبولا بالنسبة إلى الولايات المتّحدة أن تكسب جمهوريّة إيران الإسلاميّة شرعيّة بتقديم نفسها على أنّها " معادية للأمريكان " . و لم يكن من المقبول أيضا أن تتصرّف جمهوريّة إيران الإسلاميّة لتعزيز القوى الأصوليّة الشيعيّة في بلدان مرتبطة بالولايات المتّحدة . و أكثر ما هو غير مقبول بالنسبة إلى الولايات المتّحدة كان أن تستهدف جمهوريّة إيران الإسلاميّة إسرائيل – الحصن العسكريّ الرئيسي للولايات المتّحدة في المنطقة – على أنّها " مستولية على أراضي إسلاميّة " . و في قمّة كلّ هذا ، طوال العقد الماضيّ ، كانت [ إيران ] تتحرّك نحو التحالف مع منافسين [ للولايات المتّحدة ] ، القوّتين الإمبرياليّتين الصينية و الروسيّة .
الإستقطاب السياسي الضار و الرجعيّ :
التناقضات بين جمهوريّة إيران الإسلاميّة و إمبرياليّة الولايات المتّحدة قد إحتدمت في مناسبات متنوّعة ، ما سبّب توسيع الحروب الإمبرياليّة الأمريكيّة في الشرق الأوسط لتشمل إيران . و اليوم ، نجد أنفسنا في ظرف مشابه آخر . لقد كانت هذه التناقضات دائما مصدرا للإضطراب في صفوف الجماهير الشعبيّة حول طبيعة جمهوريّة إيران الإسلاميّة و طبيعة إمبرياليّة الولايات المتّحدة و الأهمّ ، و تشويش في صفوف المثقّفين و مختلف التيّارات السياسيّة . فرأى البعض جمهوريّة إيران الإسلاميّة جدارا ل" مقاومة " الإضطهاد الإمبريالي ، بينما يرى آخرون إمبرياليّة الولايات المتّحدة و قوى إمبرياليّة غربيّة أخرى كممونين ب " الديمقراطية " و مصدر " حرّية و إزدهار " . و التأثير النسبيّ لقطب أو آخر ضمن الجماهير الشعبيّة قد تقلّب عبر الزمن ، و جدّت التقلّبات في صفوف المثقّفين و النشطاء السياسيّين .
و بشكل خاص ، كان أمل أن يتخلّص الإمبرياليّون من جمهوريّة إيران الإسلاميّة تيّارا قويّا أثناء تمرّد " المرأة ، الحياة ، الحرّية " ، و حتّى قبلها – ليس فقط صلب الجماهير الغاضبة و إنّما أيضا صلب نشطاء حقوق الإنسان و حركات إجتماعيّة متنوّعة ( حتّى لا نقول شيئا عن تلك التيّارات السياسيّة العميلة للإمبرياليّين الغربيّين مثل رضا بهلوي [ إبن الشاه السابق ]. و مع بداية الإبادة الجماعيّة في غزّة و الهجمات الإسرائيليّة على القوّات الإسلاميّة لحزب الله في لبنان ، رأينا أنّ هناك الكثيرين من ضمن الجماهير الشعبيّة يدعمون إسرائيل و الولايات المتّحدة و يريدونهما أن " يهاجما إيران ".
هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، في صفوف الطلبة و المثقّفين الديمقراطيّين ، نزعة التحالف مع " المقاومة المعادية للإمبرياليّة " لجمهوريّة إيران الإسلاميّة ، حماس في غزّة و حزب الله في لبنان يتعزّز أكثر كما ينعكس ذلك في " النداء الجماعي للتحرّك : ضد " النظام الجديد " المفروض في الشرق الأوسط " (2) هنا ، لسنا نتحدّث عن [ دول أعضاء ] في " محور المقاومة " لكن عن " الإجماع الوطني " المصاغ بين قسم من النشطاء السياسيّين و المثقّفين المعارضين للحكومة و " محور المقاومة " و الإصلاحيّين داخل الحكم ، المنعكس في " النداء الجماعي للتحرّك " الذى يبيعه و يروّج له النظام في وسائل الإعلام المموّلة من الدولة .
و لنضع ذلك ببساطة ، كلّ من الإمبرياليّين و جمهوريّة إيران الإسلاميّة يسعيان لكسب دعم مثقّفى المجتمع و صانعى الرأي العام . و قد أفرز هذا إصطفافا سياسيّا و إستقطابا يعمل بقوّة ضد مصالح الشعب ، و ضد نوع المستقبل الذى هو طموح مشترك بين الكثيرين من ذات المثقّفين الديمقراطيّين الذين أمضوا " نداء جماعي للتحرّك " .
في تاريخ الشرق الأوسط ، و " العالم الثالث " عامة ، مقاومة الإضطهاد الإمبريالي و الإنقلابات و الحروب الإمبرياليّة ، حتّى عندما كانت تقدّميّة ، قد كان محكوما عليها بالفشل . و على سبيل المثال ، في إيران ، هدف الإمبرياليّين من إنقلاب سنة 1953 كان مقاومة حكومة الجبهة الوطنيّة للد. مصدّق و قد كانت أرضيّتها هي بلوغ مجتمع رأسمالي وطني يمكن أن يسير ضمن النظام الرأسمالي الإمبريالي الغربي . و حرب الفيتنام [ للتحرّر الوطني ضد الولايات المتّحدة ] بقيادة حزب العمّال الفيتنامي و هو شى منه ، كانت ذات طابع ثوريّ . و رغم أنّ ذلك الحزب و قادته لم يكونوا شيوعيّين ثوريّين ، كانوا متحالفين مع الصين الإشتراكيّة [ الثوريّة حينها ] . و مع ذلك ، بالرغم من التضحيات الجسيمة للجماهير الشعبيّة ، هدف و إطار [ حزب العمّال الفيتنامي ] أفرز خلق مجتمع يهيمن عليه و يرتهن بالنظام الرأسمالي العالمي ، و يعيد إنتاج تلك العلاقات الإجتماعيّة . و في الشيلي ، هدف إنقلاب الولايات المتّحدة كان د. آلندى الذى وقع إغتياله وهو يقاوم . مثل مصدّق، آلندى و أرضيّته لم يكونا قادرين على مواجهة الولايات المتّ؛دة و القطيعة مع النظام النظام الرأسمالي الإمبريالي . و كلّ نضالات المقاومة هذه كانت تقدّميّة إلاّ أنّها لم تملك هدفا ثوريّا للقطيعة الكلّية مع النظام الرأسمالي الإمبريالي و مع الطبقة الرأسماليّة في هذه البلدان مرتبطة بالنظام الرأسمالي الإمبريالي . كفاية النظر إلى المجتمعات الإضطهاديّة المريعة التي أنشأها " مقاتلو مناهضة الإستعمار " في أفريقيا و الشرق الأوسط لرؤية أنّ هذا التقييم يصحّ أيضا على النضالات المعادية للإستعمار ما بعد الحرب العالميّة الثانية عامة .
المقاومة الوحيدة المناهضة للإمبرياليّة كانت تلك المخاضة على أساس أرضيّة ثوريّة و نجحت كانت الثورة الصينيّة [ بقيادة ماو تسى تونغ ] أنجزت على أساس هدف تركيز مجتمع إشتراكي ، بإستراتيجيا قادرة على بلوغ هذا الهدف ، و قيادة [ شيوعيّة ] لهذا الهدف . و دلّلت على أنّ التحرّر من الإضطهاد الإمبريالي ، في هذا العصر ، ليس ممكنا إلاّ على أساس إستراتيجيا الثورة الشيوعيّة و إنشاء مجتمع إشتراكي .
ما العمل ؟ كيف نعبّد الطريق لثورة فعليّة ؟
تغيير تفكير الناس حول كلّ العوامل المذكورة أعلاه ، على نطاق الملايين ، مسألة أهمّية أوّليّة . يجب أن نحذّر الناس من تقديم أيّ مساندة للجرائم التي تقترفها إسرائيل و الولايات المتّحدة في فلسطين و لبنان - دون التأثّر بالخدع المنافقة لجمهوريّة إيران الإسلاميّة ، و دون التراجع عن نقد النظرة الرجعيّة لحماس و حزب الله ، و دون التراجع عن هدف الإطاحة بجمهوريّة إيران الإسلاميّة . يجب الحديث صراحة مع الناس : إذا لم تتألّموا جرّاء كلّ مجزرة في غزّة ، يجب أن يقع إيقاظكم ! غزّة ليست بعيدة عن طهران . لكن حتّى إن وُجدت في أمريكا اللاتينيّة ( و ليس في الشرق الأوسط ) ، من الأفضل لنا – و لبقيّة العالم – معرفة ما يُطبخ في قدر هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و ستهاجم امبرياليّة الولايات المتّحدة و إسرائيل كافة الناس ، في كلّ مكان في إيران . و حينها سيكون متأخّرا فهم واقع هذا العالم و محاولة إنقاذ ليس فقط الشعب الإيراني ، بل الإنسانيّة جمعاء ، من هذا الهول المطلق .
و جو بايدن أحد الرؤساء الأكثر إجراما في تاريخ الولايات المتّحدة . و قد سمح لإسرائيل عمدا بالحرّية التامة لإرتكاب مجازر في حقّ شعب غزّة . و في غضون عام ، زوّد إسرائيل ب 50 طنّا من الأسلحة القاتلة و أكثر من 70 طنّا من القنابل بُغية التقدّم في مذابح ضد الشعب الفلسطيني . و تعنى الإمبرياليّة إمتصاص آخر قطرات حياة مليارات الشعوب الكادحة عبر العالم ؛ وهي تعنى إستخدام العنف و الوحشيّة لقمع غضب هذه الإنسانيّة المضطهَدَة و المستغَلّة . و الطبيعة الهمجيّة و التي لا رحمة فيها و الفاسدة لجمهوريّة إيران الإسلاميّة نموذج صغير من ما تنتجه الإمبرياليّة . و يمتدّ العنف و الوحشيّة الإمبرياليّين من تركيز الأنظمة القمعيّة ، إلى القتل الجماعي بالأسلحة الأكثر تقدّما للمذابح الجماعيّة ، إلى تقليص المدن الكبرى إلى ركام من الغبار و معدن مشوّه فيه حتّى الفئران لن تبني مخابئها . و طبعا ، يطلقون أيضا وعودا فارغة بأنّهم – عقب ، أجل ، أن يتركوا خلفهم أرضا محروقة و أجسادا ممزّقة و أناسا مهجّرين و نازحين – سيأتون ب " الإزدهار " و " الديمقراطيّة " للذين يبقون على قيد الحياة . و تفاخر قادة الحرس الثوري الإسلامي والموقف المقرف لأتباع [ آية الله] خامنئى الفاشيّ الذى يهتف لجمهوريّة إيران الإسلامية لشنّها هجمات بصليات من الصواريخ الخطيرة ، و الموالي الفاسدين الذين سمّموا بالغاز بنات المدارس و المعاهد بقنابل كيميائية يقولون الآن ، " إذن ماذا لو مات نصف سكّان العالم ! " هذا شأن مثير للغيض و المقت ، و كذلك هي صورته في المرآة – الإحتفال الجاهل و المُداس بالأقدام دعما للجرائم الإسرائيليّة. يتعيّن أن نقول للناس : هذا النوع من الإحساس و الإيديولوجيا جدير بمضطهِدِيكم و ليس بكم ! إطلاق حركة جماهيريّة و جدّية ضد مشعلي الحروب ، إسرائيل و الولايات المتّحدة ، و أيّ مساعى لجمهوريّة إيران الإسلاميّة للدخول في حرب مع إسرائيل و الولايات المتّحدة ، يجب أن يترافق بفضح و نقد كافة التمظهرات الثقافيّة و في البنية الفوقيّة لعوامل هذه الحرب . و بهذا المضمار ، سياسة جمهوريّة إيران الإسلاميّة في " مساندة الشعب الفلسطيني " ينبغي أن يتمّ فضحها بما في ذلك كيف حوّلت تطلّعات أمّة مضطهَدَة مستعمَرَة إلى رقاقة قمار ترفعها لتوسيع تأثيرها في المنطقة و التنافس من أجل السلطة مع نظرائهم من البلدان الإسلاميّة ألأخرى . ليسقط هذا النوع من " المقاومة " الفاسدة و الرجعيّة !
نزعة نقد " معاداة الإمبرياليّة " التي تصبّ الغازولين في دبّابات غاز جمهوريّة إيران الإسلاميّة :
يجب تحذير المثقّفين المعارضين للنظام و نزعاتهم المعادية للإمبرياليّة ضمن إطار قوميّ ضيّق ( إنعكس في " النداء الجماعي إلى التحرّك : ضد " النظام الجديد " المفروض على الشرق الأوسط " ) من أنّه لا يمكن أن يكونوا معادين للإمبرياليّة و هم يبقون صامتين إزاء المضمون الرجعيّ للمقاومة التي تخوضها جمهوريّة إيران الإسلاميّة و وكلائها في " محور المقاومة " ، خاصة حماس و حزب الله في لبنان . و هذا الصمت من طرف المثقّفين الإيرانيّين ضار جدّا لشعوب العالم وهو خيانة للشعب الفلسطيني و للذين يرون واقع الإضطهاد و الاحتلال الإسرائيليّين .
يعتبرون من غير الممكن إيجاد قيادة ثوريّة و التعويل على مبادرات جماهيريّة حقيقيّة في قلب الحركة الفلسطينيّة . و يلجؤون إلى ما هو موجود أي إلى تيّار " محور المقاومة " الرجعيّ و عرّابته جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، و الذى صار اليوم بيدقا في رقعة شطرنج الإمبرياليّين الصينيّين و الروسيّين في تنافسهم مع إمبرياليّة الولايات المتّحدة . و إصدار مثل هذا " النداء للتحرّك " إنخراط في التيّار القويّ جدّا المعادي للشيوعيّة السائد في صفوف المثقّفين في العالم ، و دخول في الإنقسام القاتل - الثنائيّة القاتلة الإمبرياليّة / الأصوليّة الإسلاميّة ، بدلا من القطيعة معه – معها .
حماس و حزب الله و داعش و طالبان و جبهات " المقاومة " المزيّفة المشكّلة هنا و هناك من طرف مثل هذه القوى يجب فضحها . علينا أن نبيّن كيف أنّ الأفكار و القيم و العلاقات التي يدافعون عنها و يمثّلونها في تعارض مباشر مع مصالح الجماهير الشعبيّة ، بالضبط مثلما نفعل مع الإمبرياليّة . و هؤلاء الرجعيّين و قواعد سلطهم يجب الإطاحة بهم لأنّهم ، مثل إسرائيل ، يمثّلون أعمدة النظام الحاكم .
و في كلّ مكان ، الإستقطاب [ الراهن ] يسير في مصلحة الرجعيّين ، في إيران و في أوروبا و في الولايات المتّحدة إلخ . [ المصالح ] الرجعيّة هي التي تستقطب الناس . و عديد المثقّفين و الذين يرغبون حقّا في قتال الرأسماليّة العالميّة و جرائمها يسقطون في مساندة الوضع السائد . و السبب هو أنّهم لا يرون سوى ما هو " قائم " و ليس الإمكانيّة التي الكامنة في قلب الوضع . و يتطلّب تمزيق الوضع حرب أفكار كبرى . ينبغي أن نقاتل من أجل خطّ يحقّق إمكانيّة التحرّر . و هذه الإمكانيّة ليست مُطلقا بديهيّة ، و تقتضى التدخّل بخطّ سياسي و إيديولوجي صحيحين : خطّ يعكس علميّا واقع الوضع و إستراتيجيا سياسيّة تفتح الطريق لثورة فعليّة . و بالنظر إلى هذا " الخطّ " و خلفيّته النظريّة ( الشيوعيّة الجديدة [ التي طوّرها القائد الثوري ، بوب أفاكيان ] ) ، لا بدّ من خوض صراع كبير لأجل إنتاج قوّة في المجتمع تكون قادرة على مواجهة الفظائع القادمة ، و منها من الممكن أن ننتزع مستقبلا مختلفا جوهريّا للناس في هذا المجتمع ، و في الشرق الأوسط و في العالم .
سباق التنافس الإجرامي العالمي قائم و يقع على عاتقنا واجب إيقافه . و كافة الإطارات الثقافيّة و السياسيّة التي أنتجها النظام الحاكم يجب نبذها و بسرعة . و نقول مجدّدا ، للمرّة المليون : السبيل الوحيد لوضع نهاية لهذه الفظائع هو الثورة الشيوعيّة.
هوامش المقال :
1. لقد جعلت الولايات المتّحدة ، إعتمادا على إنقلاب 19 أوت 1953 ، و بالتعويل على نظام الشاه و بتعزيز فئات معيّنة من الطبقات الرأسماليّة و الملاّكين العقّاريّين الكبار ، من إيران قاعدة عسكريّة مفتاح بالنسبة إلى الولايات المتّحدة للتحرّك ضد النضالات " التحرّريّة " ( المقادة أساسا من قوى برجوازيّة صغيرة أرادت إنشاء مجتمعات رأسماليّة مستقلّة ) و كذلك حصنا ضد الإتّحاد السوفياتي ، الذى كان قد عُرف سابقا بطبيعته الإشتراكيّة [ 1917- أواسط الخمسينات ].كان الإتّحاد السوفياتي يقع في تقاطع مع الولايات المتّحدة ، و لاحقا ، في أواخر خمسينات القرن العشرين ، أضحى هدف سياسات الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط لأنّه بات بلدا رأسماليّا إمبرياليّا في تنافس مع الولايات المتّحدة .
2.أكهوند مرصدغى ، الأب الروحي للprinciplists و جزء من مشر وع " التوافق الوطني " لمسعود بزشكيان ، [ الرئيس الحالي لإيران ] .