الفاشيّة و النظام بأكمله – لماذا ليس بوسع ممثّلى - السائدين - من هذا النظام قتال الفاشيّين بالطريقة اللازمة لقتالهم – و لماذا يحتاج هذا القتال أن يُخاض كجزء من القتال للقضاء على النظام برمّته
شادي الشماوي
2024 / 11 / 8 - 00:03
بوب أفاكيان ، 1 نوفمبر 2024
جريدة " الثورة " عدد 878 ، 4 نوفمبر 2024
www.revcom.us
في علاقة بالإنتخابات – و النزاع الأشمل التي هي جزء منه ( و تكثّفه الآن ) – الواقع المدهش هو أنّ الطبقة الحاكمة " السائدة " ليس بوسعها قتال الفاشيّين بالطريقة التي اللازمة لقتالهم و قد وجد هذا ترجمته مرّة أخرى في علاقة بتعليق بايدن بأنّ " القمامة " الحاليّة هي مساندو ترامب . ( و كان ذلك ردّا على تجمّع أقمه ترامب حديثا ماديسن سكوار غردن ، و خاصة " النكتة " العنصريّة ل " ممثّل " مفادها أنّ برتو ريكو جزيرة عائمة من القمامة ). و الطريقة التي ترك بها الديمقراطيّون أنفسهم أن يكونوا في موقع دفاعي بشأن ملاحظة بايدن ، و قد لعبت وسائل الإعلام " السائدة " إلى درجة هامة لصالح الفاشيّين في كيفيّة تغطية ذلك : كلّ هذا يسلّط الضوء بشدّة على النقطة الأساسيّة بأنّ ممثّلى الطبقة الحاكمة الإمبرياليّة " السائدين " ليس بوسعهم قتال الفاشيّين بالطريقة اللازمة لقتالهم .
هنا هذه القوى " السائدة " ( بما فيها جريدة النيويورك تايمز ) بصدد الإقرار و التشديد في نهاية المطاف بأنّ ترامب فاشيّ فعلا ( و الجنرال كيلي ، رئيس سابق لفريق ترامب ، في حواره الصحفي مع جريدة " التايمز " قدّم حتّى توصيفا دقيقا تماما عن مضمون الفاشيّة ) لكن حينها هذه القوى " السائدة " أضحت دفاعيّة – رافضة المضيّ بمنطقها إلى النهاية : إن كان ترامب فاشيّا ، و من الواضح أنّه فاشيّ ، عندئذ أنصاره أنصار للفاشيّة ، و هذا يعنى أنّهم أناس حقيرون حقّا .
و مثلما أوضحت في رسالتى على وسائل التواصل الاجتماعي ، الثورة عدد 98 ، @BobAvakianOfficial ،
" لا تتضايقوا بذلك الهراء القائل بأنّ السبب الأساسيّ لمساندة الناس لترامب هو أنّهم يعيشون ظروفا صعبة إقتصاديّا و ما إلى ذلك . بالفعل ، ، عديد مساندى ترامب مقتدرين إقتصاديّا ( و بعضهم أثرياء جدّا ). لكن حتّى بالنسبة إلى الذين يعيشون ظروفا صعبة إقتصاديّا ، السؤال المناسب حقّا : لماذا يدعمون دونالد ترامب الكذّاب طوال الوقت و المشجّع على الجهل و العنصريّ و كاره النساء و الفاشيّ تماما . و الإجابة لا يمكن إلاّ أن تكون ، على الأقلّ ، لا يجدون خطأ في العنصريّة و كره النساء – ما يجعلهم من كارهى النساء و عنصريّين ( و يا لها من سخريّة فظيعة بالنسبة إلى السود و أناس آخرين ملوّنى البشرة الذين يدعمون ترامب ! ). بالضبط مثل الذين دعّموا هتلر و النازيّين في ألمانيا ، يساندون فاشي لأنّ الفاشيّة تروق لهم . "
هل سيكون أم يتعيّن على أيّ شخص أن يكون دفاعيّا بشأن قول إنّ الذين ساندوا هتلر كانوا أناسا حقيرين ؟!
لكن السياسيّين و وسائل الإعلام و المعلّقين إلخ " السائدين " لا يمكن أن يمضوا بهذا المنطق إلى نهايته المنطقيّة . و على الفور " وضّح " بايدن تعليقه ليُشير أنّه كان ببساطة يتحدّث عن ذلك " الممثّل " الذى صاغ " نكتة " حول بورتو ريكو ( و " نكات " عنصريّة عن اللاتينو عامة – و عن السود ). و مجدّدا ، وسائل الإعلام " السائدة " سمحت لتعليق بايدن بأن يُصبح شيئا يضع الديمقراطيّين في موقع دفاعي .
لا يمكن للديمقراطيّين أن يقطعوا مع خطّ – يصرّح به بإستمرار باراك أوباما و آخرون لعشرين سنة – " أنّنا جميعا أمريكيّون " و المشكل يكمن في أنّ الجمهوريّين ، و الآن خاصة ترامب ، " يشقّون صفوفنا " ( " الشعب الأمريكي " ) . الديمقراطيّون ( و " أتباعهم " في وسائل الإعلام ) يسمحون لأنفسهم بأن يكونوا في موقف دفاعي بينما يحاجج الناطقون باسم ترامب بأنّه ، مع ذلك ، مساندو ترامب يمثّلون " نصف البلاد " و الديمقراطيّون ( و ممثّلون آخرون للفئة " السائدة " من الطبقة الحاكمة ) ليس بمقدورهم أن يعترفوا أو يقرّوا على الملأ أنّ هناك ظاهرة فاشيّة كبيرة في هذه البلاد – و ترامب ، كما قلت ، هو في آن معا قوّة معبّرة عنها و محرّكة لها . و لا يستطيع الديمقراطيّون التعاطى مع هذا بصفة صحيحة ، في إطار الانتخابات ، فهم يعتقدون أنّ القيام بذلك إستراتيجيا خاسرة ( زاعمين أنّ ذلك يعزلهم عن أولئك " الناخبون المتردّدون " الأسطوريّون على نطاق واسع ) . و ، لأسباب أكثر جوهريّة ، الديمقراطيّ,ن ( و الفئة " السائدة " من الطبقة الحاكمة ككلّ ) لا يمكنهم القيام ذلك لأنّ الإعتراف بأنّ أساسا نصف البلد فاشيّ يدمّر كامل أسطورة " المدينة الساطعة على الجبل " و " قائدة العالم الحرّ " وهي حيويّة للطريقة التي بها يبحثون عن إبقاء البلاد متماسكة و تبثّ قوّتها في العالم .
إنّ الديناميكيّة الفعليّة الأشمل و الأكثر جوهريّة هي ( كما أشرت ، على سبيل المثال ، في خطابى سنة 2017 " يجب ترحيل نظام ترامب / بانس ! " ) أنّ الإستقطاب الراهن في الأساس إمتداد للإستقطاب الذى أدّى إلى الحرب الأهليّة في ستّينات القرن التاسع عشر . و كما أشرت إلى ذلك أيضا ، نتيجة الحرب الأهليّة – بهزيمة الكنفدراليّة و النهاية الرسميّة للعبوديّة – وقع الإنقلاب عليها بالملموس بطرق حيويّة مع نهاية فترة إعادة البناء Reconstruction في سبعينات القرن التاسع عشر ما عبّد الطريق أساسا لجنوب نُفيت فيه عمليّة إعادة البناء " ينهض من جديد " ، ليس بمعنى أساسي أنّ ذان أنواع القوى التي قادت كنفدراليّة ملاّكى العبيد المهيمنة في الجنوب نفسه فقط بل أيضا بمعنى أنّها مارست بصفة متنامية قوّة غير متكافئة في البلاد ككلّ . و كلّ هذا جزء كبير من الخلفيّة التاريخيّة و القاعدة التاريخيّة لقوّة الفاشيّة في الولايات المتّحدة اليوم .
في وضع اليوم ، الواقع هو أنّ الفاشيّين قد إستطاعوا كسب فئة من الناس و خاصة الرجال الذين هو ذاتهم ضحايا تفوّق البيض – و يعود هذا بدرجة كبيرة إلى دور و تأثير التفوّق الذكوريّ . و في هذا الصدد ، هناك واقع أنّه في التطوّر التاريخي لهذه البلاد ، التفوّق الذكوري – مبرّر بدرجة كبيرة على أساس قراءة حرفيّة للإنجيل – كان متداخلا بصورة وثيقة مع تفوّق البيض . و في هذه الأنحاء من البلاد – خاصة لكن ليس في الجنوب وحسب – أين وُجد تفوّق البيض تاريخيّا و لا يزال إلى اليوم ، بسفور و عدوانيّة بيّنة ، أنّ هذا كذلك صحيح بشأن التفوّق الذكوريّ . أنظروا ، مثلا ، إلى الولايات حيث المنع الصارم و التقييديّ بشدّة و القمعيّ للإجهاض قد وقعت المصادقة عليه ، لا سيما عقب إنقلاب المحكمة العليا التي يسيطر عليها الفاشيّون ل رو مقابل وايد Roe v. Wade : إلى حدّ كبير ، هذه هي الكنفدراليّة القديمة ( و لإستخدام كلمات وقتها مناطق " كنفدراليّة – مجاورة " ).
لكن الآن ، بخلاف زمن الحرب الأهليّة ( و نهاية فترة إعادة البناء ) الولايات المتّحدة ليست بلدا بتأثير محدود نسبيّا على الصعيد العالمي : خلال مسار عدد من " المراحل " ، أو اللوالب ، من الأحداث العالميّة ، لا سيما تلك التي التي تشمل الحربين العالميّتين ، ظهرت الولايات المتّحدة كأقوى بلد إمبريالي في العالم ، و أكبر ناهب للشعوب و البيئة . و شيء حتّى أكثر أهمّية جوهريّة و حيويّة ، مثلما شدّدت في " شيء فظيع ، أم شيء تحريريّ حقّا " :
" ليس هذا زمن الحرب الأهليّة في ستّينات القرن التاسع عشر لمّا كان هدف الذين يقاتلون الظلم هو إلغاء العبوديّة و – بمعنى من يحكم المجتمع – النتيجة الممكنة الوحيدة كانت تعزيز و توطيد حكم الطبقة الرأسماليّة الصاعدة المرتكزة في الشمال ، ذلك الزمن قد ولّى منذ مدّة طويلة الآن . و هذا النظام الرأسمالي الذى تطوّر إلى نظام إستغلال و إضطهاد عالميّ ، الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، منذ مدّة طويلة فات أوانه – و قد مضى لفترة مديدة تاريخ صلوحيّته ، قد مضت لفترة مديدة أيّة ظروف يمكن أن يلعب فيها أيّ دور إيجابيّ . و الهدف الآن يجب أن يكون تحديدا التخلّص من هذا النظام الرأسمالي - الإمبريالي برمّته . "
و يرتبط كلّ هذا بالنقطة الحيويّة أنّ ممثّلى " السائدين " من الطبقة الحاكمة ليس بوسعهم قتال الفاشيّين بالطريقة اللازمة لقتالهم . و لهذا تبعات هامة للغاية تحديدا في ما يتّصل بواقع أنّ القتال ضد هذه الفاشيّة يجب أن يُخاض ، ليس للحفاظ على ( أو إعادة تركيز ) هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، كما فرض سيطرته على الناس ، هنا و عبر العالم ، لأجيال – و إنّما ، بدلا من ذلك ، يجب خوض هذا القتال كجزء من القتال للقضاء على هذا النظام الوحشيّ برمّته . و هذا له أهمّية إستراتيجيّة و مباشرة جدّا في الوضع الراهن حيث التناقضات و النزاعات في البلاد ككلّ ، و في صفوف الطبقة الحاكمة ، عميقة وثابتة ومحتدمة ، و تصرخ من أجل معالجتها ، لكن يمكن أن تعالج علاجا سيّئا في إطار هذا النظام و ضمن حدوده.