جدلية النقابي والسياسي
الناصر بن رمضان
2024 / 11 / 4 - 02:51
1) في الحركة النقابية العالمية
2) في الحركة النقابية التونسية
- قبل الثورة
- بعد الثورة
1) جدلية النقابي والسياسي في الحركة النقابية العالمية :
ظلت العلاقة بين النقابي والسياسي في مركز النقاشات الهامة في الحركات العمالية والسياسية وفي مدار اهتماماتها على الدوام ،وظل ذلك صحيحا سواء كان للمناضلين الثوريين أو لعموم النقابيين. ومع ذلك لا يزال الفهم السياسي والنظري لهذه العلاقة ملتبسا لا مع الاصلاحيين والبيروقراطية النقابية فقط ، بل أيضا في أوساط التيار النقابي اليساري في مفهومه الواسع في تونس، ومن هنا تنبع أهمية التوقف عند هذه المسـألة المعقدة لرصد كيفية تناولها عالميا ومحليا من الزاوية الماركسية .
في المنتصف الثاني للقرن 19 وبداية القرن 20 ظهرت ثلاث اتجاهات رئيسية للمدارس النقابية. فما هي هذه المدارس والتيارات النقابية و كيف تناولت المسألة المطروحة للنقاش وما موقف اليسار النقابي الديمقراطي منها ؟ :
أ- المدرسة التريديونونية :
نشأت الترديديونية الصرفة والحرفية الضيقة المعادية للسياسة والنزعة الحيادية تجاه الأحزاب بالبلدان الأنقلوسكسونية ( انجلترا ، أمريكا ، جنوب افريقيا .... ) وتركز كل اهتمامها على المهام اليومية المباشرة والملموسة ( تحسين ظروف العمل ، الترفيع في الأجور...) ، وهي مدرسة تضم الشرائح العليا للطبقة العاملة وتترجم ايديولوجيا الأرستقراطية العمالية ولا تنظر الى رأس المال والعمل على أنهما متعارضان بل متكاملان ومنسجمان لتوفير الثروة وتوزيعها توزيعا عادلا في المجتمع ، أي لا تطرح على نفسها فكرة الإطاحة بالرأسمالية بل بالعكس تهدف الى تحسين النظام البرجوازي. كما عرفت هذه المدرسة بالتشتت التنظيمي وهيمنة المصالح المهنية على المصالح الطبقية العامة ، بل أكثر من ذلك ظلت تؤمن بمصالح بلدها إيمانا كليا ، حتى أن سياسة البرجوازية الإنقليزية الإستعمارية تجد السند والدعم في التريديونونية .
ب - المدرسة النقابية - الفوضوية (فرنسا ،إيطاليا ،اسبانيا ،البرتغال ) :
جاءت كنقيض للتريديونونية باعتبارها تنظر لمصالح الطبقة العاملة ككل وليس المصالح الضيقة لهذه الشريحة أو تلك . ثم جاءت أيضا كرد فعل على انتهازية الحزب الإشتراكي الفرنسي . تحتل هذه المدرسة موقعا نسبيا أرقى من مواقع المدارس الأخرى للحركة النقابية إذ هي تدرج أسلوب الضغط الجماهيري على رأس المال والدولة وتعمل على الإطاحة بالرأسمالية بواسطة الثورة الإجتماعية العنيفة ،كما تقوم بالدعاية والتحريض المناهض للحرب ، لكنها ترى أن النقابات وأهمها C.G.T (1895) هي المنظمات الوحيدة القادرة على الإطاحة بالرأسمالية وإنجاز الثورة الإجتماعية وبناء المجتمع الإشتراكي، لذلك وتأثرا بزعماء الفوضوية -النقابية أمثال Sorel و Lagardelle و Griffuelhes (1) فإن النقابات ليست فقط ركيزة الطبقة العاملة في النضال من أجل تحطيم المجتمع الرأسمالي بل هي الخلية التي سينبثق منها مجتمع المستقبل وهي التي ستتكلف بتنظيم الإنتاج. والفوضوية – النقابية متأثرة بنظرية الفوضويين حول الدولة (Proudon , Bakounine… (فالدولة شر مهما كان شكلها ومحتواها وهي أداة استغلال الإنسان للإنسان ،وبالتالي عارضت هذه المدرسة ديكتاتورية البروليتاريا وبالمقابل إعتمدت على الأفراد والأقليات الفاعلة التي تعوض القواعد. وهي تحترس من الجماهير وتعتقد أن الإضراب هو دائما خير ويعود بالنفع على الطبقة العاملة في كل الحالات وبالتالي فالإضراب العام الجماهيري هو الوسيلة للإطاحة بالنظام الرأسمالي . من جهة أخرى وفي علاقة السياسي بالنقابي تدافع على فكرة الإستقلالية والحياد النقابي تجاه كل الأحزاب السياسية بما في ذلك حزب البروليتاريا ومقاومة نقابات اليد العاملة النسائية والتعصب الوطني والقومي .
ج - المدرسة الإشتراكية الديمقراطية :
تاريخيا ظهرت مباشرة بعد المدرسة الإنجليزية وتحتل موقعا وسطا بين التريديونونية والفوضوية- النقابية ، تأثرت بالأفكار الإشتراكية الديمقراطية ، تخشى الثورة وبالمقابل تروج للتقدم والتطور السلمي والتدريجي نحو الإشتراكية ولها أمل في أن تطور الديمقراطية سيقود آليا الى النظام الإشتراكي بدون هزات ثورية عنيفة . ومن وجهة نظر نقابية صرفة تميل الى إبقاء النقابات بعيدة قدر الإمكان عن الصراع السياسي الثوري كما تنظر للحياد النقابي تجاه الإشتراكية الثورية وبدلا عن ذلك تقيم الروابط الوثيقة مع الإشتراكية الإصلاحية التي تضخم دور العقود المشتركة واللجان المتناصفة لكن في نفس الوقت تؤمن بنوع من تقسيم المهام : فالحزب الإشتراكي الديمقراطي يهتم بالسياسة فيما تهتم النقابات بالإقتصاد.
كل هذه التوجهات الكبرى للمدارس النقابية الثلاثة وإن تباينت بعض الشىء أو تميز بعضها عن بعض بهذه الميزة أو تلك وبدرجات متفاوتة ، فإن القاسم المشترك بينها هو التذيل للبرجوازية والفصل بين السياسي والنقابي عموما والنظر بنظرة الريبة والشك التي تبلغ درجة العداء بالنسبة للبعض تجاه جميع الأحزاب والأحزاب البروليتارية تحديدا. وهو ما حدى بماركس وانجلز سواء في نضالهما الميداني اثناء الموجات الثورية الأولى بأوروبا في أواسط القرن 19 أو من خلال كتاباتهما مثل "الطبقة العاملة في انقلترا 1844 " و" البيان الشيوعي في 1948 " و"بؤس الفلسفة 1865" وغيرها من المؤلفات ذات الصلة ،الى النضال ضد نزعات الحياد النقابي والفصل بين السياسي والنقابي إذ خلص إنجلز الى القول الى أن النضال النقابي يؤدي بالضرورة الى النضال ضد الرأسمالية كنظام ، فالنقابات تحاول " القضاء ليس فقط على نوع معين من التنافس ولكن القضاء على التنافس ككل " . وفي نفس السياق طرح ماركس في "بؤس الفلسفة" فكرة أن النقابات تتحول تدريجيا من تنظيم المقاومة ضد رأس المال الى الهجوم النهائي على السلطة الرأسمالية . متى ؟ عندما تصبح المحافظة على الإتحاد (في وجه رأس المال ) أكثر ضرورة من المحافظة على الأجور ...." وما أن يبلغ الإتحاد هذه النقطة حتى يتخذ الصراع الطبقي طابعا سياسيا " .
د - كيف طرحت الأممية الأولى 1864 المسألة ؟ :
جاءت الأممية الأولى لتطرح بوضوح الدور السياسي للنقابات أي أن على النقابات ألا تقاوم هجمات أرباب العمل فقط ، بل أن تدعم الحركة السياسية العامة التي تستهدف التحرر الاجتماعي للعمال ، وبعد صراع نظري وميداني كبير تغلب ماركس على التأثيرات البرجوازية الصغيرة والتيارات الإنعزالية المهيمنة أنذاك في الحركة العمالية ( التريديونونية في بريطانيا، والبرودونية والفوضوية في فرنسا واللاسالية في ألمانيا ) وتمكن من رص العمال الطليعيين في أوروبا وأمريكا حول مبادىء الإشتراكية العلمية .فقادت الأممية الأولى نضال العمال في مختلف البلدان على الصعيد السياسي والإقتصادي ووطدت تضامنهم العالمي ودفعت النقابات الى العمل السياسـي واضطلعت بدور هام في ربط الإشتراكية بالحركة العمالية . وكتب ماركس في كتابه "الأجور والأسعار والأرباح" سنة 1865 : " يجب على الطبقة العاملة ألا تضخم من هذه النضالات اليومية ، يجب ألا ينسوا أنهم يحاربون ضد نتائج ولكن ليس ضد أسباب هذه النتائج .وأنهم يؤخرون الحركة المتجهة الى أسفل ولكنهم لا يغيرون مسارها، وانهم يقدمون مسكنات ولا يعالجون المرض.... وبدلا من الشعار المحافظ القائل :" أجر عادل مقابل يوم عمل عادل " يجب أن يحفروا على رايتهم الشعار الثوري : " القضاء على نظام العمل المأجور " .
ثم جاءت كومونة باريس 1870 فعمقت النظرة الثورية للنقابات واعطت دفعا غير مسبوق للعمل السياسي الإشتراكي ورسمت نموذجا جديدا للمجتمع الإشتراكي .
ه - ماذا عن الأممية الثانية ( 1889 -1916) ؟:
في العقود التي تلت ، وبالتحديد عند إنشاء الأممية الثانية ظهر رأي مناقض تماما : رأي الفصل الشامل بين النضال النقابي اليومي والنضال السياسي . وأدى هذا الفصل إلى تعميق نزعة نقابية صرفة لدى النقابيين وحصرهم في النضال الاقتصادي لأجل مطالب آنية إلى هذا الحد أو ذاك. ويقوم هذا الفصل على خط سياسي جوهري هو الخط الإنتهازي الاصلاحي الذي أسسته الأحزاب العمالية الكبرى آنذاك، أي الاشتراكية الديموقراطية الألمانية والحزب الاشتراكي الفرنسي . وقد أدى الصراع الذي اندلع في ألمانيا بين الماركسيين وأنصار باكونين إلى خط إصلاحي إلى هذا الحد أو ذاك إذ تنقاد قيادة الحزب للنقابات ، ومن جراء ذلك لم تعد النقابات تُعتبر بمثابة منظمات تدريب الطبقة العاملة على النضال الثوري ، وكفت في أغلب بلدان أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى عن ان تكون منظمات الصراع الطبقي ومدرسة للشيوعية وتحولت إلى منظمات للحرب تساعد برجوازياتها ، فوافقت على ظروف العمل المتدهورة وعرقلت الإضرابات الثورية وأمضت على اتفاقيات تكاليف الحرب من قبل العمال وألغت الحريات المكتسبة طيلة عقود معوضة بذلك المصالح الطبقية بالمصالح البرجوازية القومية . وفي كلمة كشفت هذه الحرب عن الإفلاس المطلق لأشكال الحركة النقابية الثلاثة ومدارسها النقابية القديمة .
و- المدرسة النقابية الثورية :
تمثل هذه المدرسة البديل الإشتراكي الثوري للمدارس الثلاثة سابقة الذكر وهي متواجدة بعضها في السلطة وتمثلها الأممية النقابية الحمراء I.S.R بالإتحاد السوفياتي، والبعض الاخر بالمعارضة النقابية الثورية صلب النقابات الإصلاحية بالبلدان الرأسمالية وبالمستعمرات وتمثل الجناح اليساري لأممية أمستردام الإصلاحية حيث كانت الحركة النقابية الثورية شديدة التنوع لا تمتلك برنامجا موحدا ولا خطة موحدة ، تشقها اتجاهات شديدة الإختلاف ،يوحدها عداؤها لرأس المال وتفرقها البدائل والتصورات والمهام الملقاة على عاتق الطبقة العاملة وحزبها الطليعي .. قدمت هذه المدرسة برنامجا ثوريا للعمل النقابي لخصه لوسوفسكي قائد الأممية الحمراء في 1919 في محاضرته " خطان متوازيان في الحركة النقابية العالمية" وهو عبارة عن استراتيجيا كاملة لمقاومة رأس المال اضطلعت فيه هذه المدرسة النقابية بدور كبير في توحيد وتوجيه الحركة النقابية العالمية ووضحت عدة مسائل شائكة من بينها علاقة النقابات الثورية بالأممية الشيوعية وحسمت علاقة النقابي بالسياسي في الوجود المستقل للنقابات الثورية من الناحية التنظيمية مع التأكيد على الضرورة المطلقة على إيجاد أوثق الروابط ووحدة العمل والتنسيق أثناء خوض النضال ، وأكدت أن مهام النقابات الثورية هي تنظيم الجماهير في ميدان النضال اليومي والسياسي بغية شن الهجوم على الرأسمالية والإطاحة بها بالقوة وبناء الإشتراكية.
ز - دحض نظرية الحياد النقابي والفصل بين النقابي والسياسي :
إن ما يتخفى وراء فكرة حياد النقابات واستقلالية الطبقة العاملة عن أحزابها الثورية هي الفكرة البرجوازية والإصلاحية الخالصة والمتمثلة في عزل نضال البروليتاريا الإقتصادي عن نضالها السياسي ، والحيادية والإستقلالوية في العمل النقابي هي شعار الجزء المتخلف من الطبقة العاملة في كافة بلدان العالم.
وهي تستمد مشروعيتها الزائفة من الإطار العام والفهم الشائع للحركة والتاريخ الذي يحكم الممارسة العمالية في ظروف التطور السلمي للصراع الطبقي والتي هي تحسين ظروف العمال داخل النظام الرأسمالي حيث النقابات توافق على الإطارالعام الذي يطرحه لها النظام الرأسمالي إذ هي غير معنية بالثورة والإطاحة بالرأسمالي لأنها حسب اعتقاد أصحابها ومنظريها من مشمولات الأحزاب. وبطبيعة الحال تروج البرجوازية الوهم بأن النضال السياسي يتجسد في النضال البرلماني المختلف تماما مع النضال النقابي ، وينسى أو يتناسى هؤلاء عمدا أن "كل حركة تخرج فيها الطبقة العاملة كطبقة ضد الطبقات الحاكمة وتحاول اجبارها على مطلب ما بالضغط عليها من الخارج هي حركة سياسية " كما يقول ماركس . كما أن كثيرا من النضالات الإقتصادية تتسع وتتحول بدورها الى نضالات سياسية ، وأن هناك تأثيرا متبادلا دائما بين العمل السياسي والعمل النقابي. وهذا التأثير المتبادل يتكيف حسب الفترات ، ففي الفترة الثورية يتحول كل انتصار سياسي إلى قوة دافعة للنضال النقابي وهو إذ يوسع احتمالات النضال النقابي الخارجية ، يكثف الدافع الداخلي الذي يحفز العمال لتحسين وضعهم ويقوي رغبتهم في النضال . كما أن صراع العمال الاقتصادي المستمر مع الرأسماليين يبقي طاقتهم القتالية حية في كل فترة سياسية، ويشكل مخزونا دائما لقوة الطبقة العاملة يجدد النضال السياسي منه قوته.
تقول روزا لكسمبورغ في هذا المجال : " إن النضال الاقتصادي هو جهاز الإرسال من مركز سياسي إلى آخر، والنضال السياسي هو الثمرة التي تنتجها دوريا تربة النضال الاقتصادي. وهنا يتبادل السبب والنتيجة موقعيهما باستمرار، وهكذا يشكل العاملان الاقتصادي والسياسي في فترة الثورة الوجهين المتداخلين للنضال الطبقي البروليتاري". ثم تضيف :
" عندما تتخلخل الأسس والجدران الاجتماعية للمجتمع الطبقي وتتعرض إلى عملية دائمة من الاختلال، يستطيع أي عمل سياسي طبقي تقوم به البروليتاريا أن يوقظ في ساعات معدودات قطاعات كاملة من الطبقة العاملة، لم تكن قد خرجت حتى ذلك الحين، من حالتها السلبية ، والعامل الذي يستيقظ فجأة بفعل الصدمة الكهربائية التي يصيبه بها العمل السياسي يقبض حالا على السلاح الذي في متناول يده ليقاتل ضد حالة العبودية الاقتصادية التي يعيشها."
هكذا نرى العلاقة الجدلية بين النقابي والسياسي والتأثير المتبادل والتداخل بينهما .
من جهة أخرى وبالنظر لنوعية النشاطين النقابي والسياسي ، فإن تخصص القادة التقليديين للنقابات في النشاط المهني العفوي والأفق المحدود المرتبط بالنضالات الإقتصادية المتناثرة والمشتتة والتي يعلق عليها النقابيون قدرا كبيرا من الأهمية يؤدي بالضرورة الى تضخيم الجانب الإيجابي للنضال اليومي و تضييق للأفق في النشاط العام ويفقد القدرة على رؤية الإرتباطات الأكبر للأشياء وعلى القيام بمسح شامل للموقف كله.
إن الطبقة العاملة لا تستطيع في سياق هكذا نضالات عفوية أن تصوغ وتنشىء إلا وعيا تريديونونيا محدودا أي الإتحاد في نقابات لأجل النضال في سبيل تحسين شروط بيع قوة عملها ، ولكن ليس البتة من أجل النضال ضد العبودية المأجورة ذاتها ،كما أن الطبقة العاملة لا تستطيع أن تكتسب بقواها الخاصة سوى الوعي التريديونوني ، ومن هنا كانت ولا تزال المهمة الرئيسية التي تواجه أي حزب ماركسي ثوري هي إدخال الوعي السياسي الثوري على الدوام وبنشاط في أعمال البروليتاريا بغية صرف حركة العمال عن نزوع التريديونونية العفوي الى كنف البرجوازية وجذبها الى كنف الإشتراكية والشيوعية ، ولا مناص من تطوير وعي العمال وتوطيده من أجل نهوض الحركة بإطراد ونجاح. يقول لينين في هذا الباب في "مالعمل؟ ":" إن الحركة العمالية لن تصبح حركة طبقية إلا متى انتقلت الى النضال السياسي " . كما أن تطور البروليتاريا عبر التاريخ وفي كل بلدان العالم لا يمكن له أن يجري إلا عبر النقابات وعن طريق تفاعلها مع حزب الطبقة العاملة تحديدا ، لأن النضال السياسي الواعي بالذات هو الذي يقدم بالطبقة العاملة للإضطلاع بدور الطليعة الثورية للشعب بأسره ويجعلها زعيمة حقيقية له حتى في طورالثورة الديمقراطية البرجوازية .
من ناحية أخرى ونحن نتناول جدلية النقابي والسياسي لا يمكن أن نمر مرور الكرام على خطإ شائع يرتكبه طيف واسع من النقابيين والسياسين والمتمثل في مقولة إضفاء الطابع السياسي على النضال الإقتصادي والتي رد عليها لينين ودحضها معتبرا إياها تفصح بوضوح عن تقديس للعفوية لأن النضال الإقتصادي يكتسب الطابع السياسي في معظم الأحيان بصورة عفوية من تلقاء نفسه خصوصا عندما تتدخل الدولة لقمع الإحتجاجات المهنية ثم يكتسبه بدون تدخل الجرثومة الثورية للمثقفين الشيوعيين الذين من واجبهم أن يحولوا السياسة التريديونونية الى نضال سياسي عام وشامل ويرفعوا العمال الى مستوى الوعي السياسي الثوري. كيف ذلك ؟ بالدعاية والتحريض في صفوف جميع طبقات السكان ومن خلال الجريدة والبرلمان ولكن كذلك التجمعات والتجمهرات العامة ، إذ لا يكفي أن يتخذ الماركسيون صفة الطليعة بل أن يعملوا بشكل يحمل جميع الأطراف الأخرى على أن ترى وعلى أن تعترف بأنهم فعلا طليعة ويسيرون في المقدمة . وهنا تطرح مسألة القيادة السياسية للنقابات تحديدا والمنظمات الجماهيرية عموما : هل قيادة المنظمات تأتي عن طريق فرضها من الأعلى أم عن طريق النضال الداخلي المثابر والمخلص في النشاط الإقتصادي والإجتماعي من الأسفل داخل النقابة ، ثم ما معنى أن يكون الحزب حزبا للطبقة العاملة ؟
من الناحية النظرية يعني ذلك أن الحزب مؤمن بنظرية الطبقة العاملة ويعمل على تطبيقها تطبيقا علميا صحيحا وخلاقا ، ومن الناحية العملية أن الحزب يضم أنشط عناصر النضال في سبيل تحقيق أهداف الطبقة العاملة القريبة منها والبعيدة . كما يعني مفهوم القيادة أن الحزب يعمل على اجتذاب الطبقة وسائر الشغالين كي تمنحه ثقتها وتنضوي تحت قيادته بمحض إرادتها وإختيارها الطوعي وليس القسري . إن قيادة الطبقة العاملة تعني أن يكون الحزب في طليعة النضال الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والثقافي بحيث يكتسب ثقة طبقته التي تجد فيه قائدها الحكيم الموجه لنضالاتها التوجيه الصحيح . ولكن مع الأسف وجدت وتوجد باستمرار تشويهات وانحرافات لمفهوم القيادة بمعنى أن الحزب يعتبر الطبقة العاملة ملكا له ، وأنه نظرا لكونه الحزب الشيوعي فإن الطبقة العاملة مقتصرة عليه ولا يحق لأي حزب آخر أن يدعي أو يناضل في سبيل قيادتها وهذا التشويه يعني في النهاية إغتصاب القيادة أي إحتكارها وتدميرها وليس نيلها عن طريق النضال المباشر .
2) جدلية النقابي والسياسي في الإتحاد العام التونسي للشغل :
لايختلف إثنان حول أهمية الدور التاريخي الذي لعبه – ولا يزال - الإتحاد العام التونسي للشغل ، سواء في فترة الحركة الوطنية مع الزعيم فرحات حشاد أو في فترة بناء الدولة الحديثة وصولا الى إندلاع ثورة 14 جانفي 2011 وما تلاها من احداث وتطورات المرحلة الإنتقالية للجمهورية الثانية .
وتتأتى أهمية هذا الدور لا من التاريخ العريق الذي تتمتع به المنظمة النقابية وفرادة تجربتها وطنيا وعربيا وإفريقيا فحسب ،بل أيضا من طبيعة الأدوار المناطة بعهدتها في كل مرحلة من مراحل الصراع الذي يتخذ فيه النضال النقابي صبغة خاصة ، إذ هو علاوة على عن طابعه الطبقي المباشر هو أيضا ذو طابع وطني معادي للإستعمار والإمبريالية ويشكل جزءا لا يتجزأ من مهام مرحلة التحرر الوطني والإنعتاق الإجتماعي .
ومنظور إليه من هذه الزاوية ، تطرح الأسئلة دائما - وخصوصا في المنعطفات التاريخية الهامة - حول علاقة النقابي بالسياسي : أليست النقابة – والإتحاد العام التونسي للشغل تحديدا – منظمة ينتمي إليها نظراؤها على قاعدة المهنة تعمل على الدفاع على حقوق جميع الفئات والشرائح الإجتماعية التي تمثلها ؟ أليس من المفروض أن تكون النقابات والمنظمات الإجتماعية منظمات غير سياسية ؟ لماذا "تقحم " نفسها في المشاركة في الإنتخابات البرلمانية في شكل جبهات مع الأحزاب والإئتلافات الحزبية ؟ لماذا تشارك في الحكومات بصفة مباشرة أو غير مباشرة حينا ، و تعمل على إسقاطها أحيانا ؟ أين ينتهي الدور النقابي وأين يبدأ السياسي ؟ متى كانت العلاقة بين النقابي والسياسي سليمة ومتى كانت غير سليمة ولماذا ؟
أسئلة كثيرة متشابكة ومتقاطعة تطرح نفسها بإلحاح وباستمرار ويفرضها واقع الجدل العام على الحركة النقابية والحركة السياسية اليوم بالذات ، سوف نحاول الإجابة عنها وتوضيحها وتبديد الغموض الذي يلف البعض منها في تجربة الإتحاد .
1) فترات التطابق بين النقابي والسياسي :
إن المتمعن في التركيبة الطبقية للإتحاد عند التأسيس ثم في فترة انتشار النقابات حتى مطلع الخمسينات يلاحظ دون عناء أنها كانت متكونة أساسا من العمال والعمال الفلاحيين الذين لعبوا دورا هاما في تكوين النقابات المستقلة ، ولكن أيضا قطاعات الموظفين والحرفيين والأعمال الحرة من البرجوازية الصغيرة والمثقفين الناشطين في حزب الدستور الذين شكلوا قوة أساسية في "الجامعة العامة للموظفين التونسيين " . وبالتالي انطلق الإتحاد كتجمع طبقي لخليط من الفئات الإجتماعية المضطهدة التي خاضت الإضرابات المتتالية في عديد المدن وتجذرت في صراعها ضد الإستعمار الذي بلغ حد الكفاح المسلح في الأرياف ( الفلاقة) .هذا الإئتلاف الطبقي للبرجوازية الصغيرة دفعته ضراوة الكفاح الوطني والإجتماعي في العشرية الأولى من تاريخ الإتحاد وواقع الصراع الطبقي بالبلاد الى الوقوف في صف الثورة ، خصوصا وانها وجدت في زعمائها الأوائل الخصائص السياسية والإجتماعية القيادية التي تبحث عنها وجسدها الزعيم فرحات حشاد وصالح بن يوسف أحسن تجسيد ، فوضعت الحركة النقابية نفسها في قلب حركة التحرر الوطني بل محورت حولها هذه الأخيرة بضربها لتردد وارتباك بعض قيادات حزب الدستور الذي كان يمثل القيادة السياسية لحركة التحرر .
إن انصهار الحركة النقابية بقيادة حشاد في النضال ضد الإستعمار والتقاؤها سياسيا وميدانيا مع القيادات الوطنية لحزب الدستور الجديد وتداخل النشاطات النقابية بالسياسية مكنها من حل إشكالية النقابي والسياسي حلا سليما بمعنى تطوير الصراع الطبقي والوطني، ذلك أنه في المواقف الحاسمة الشديدة الأهمية في حياة المجتمعات يصبح من الضروري اشتراك جميع المنظمات النقابية والإجتماعية والسياسية في الحركة السياسية اشتراكا فاعلا بصرف النظر عن أهداف هذه المنظمات ، وبالتالي فإن كون هذه المنظمات هي منظمات غير سياسية لا يعني عدم اشتراك هذه الأخيرة في الحياة السياسية . تقول روزا لكسمبورغ في هذا المجال : " في العمل الجماهيري الثوري الواسع يصبح النضالان السياسي والإقتصادي كلا واحدا ويتحطم الفاصل المصطنع بينهما "، وهو ما تم نسبيا في التجربة الأولى لجامعة عموم العملة التونسيين في 1924 ثم لأول مرة في العشرية الأولى للإتحاد العام التونسي للشغل وبأكثر وضوح في انتفاضتي 26 جانفي 78 و3 جانفي 84 حيث برز التطابق بين النقابي والسياسي في فترات احتدام الصراع الطبقي أو الوطني تقريبا بنفس الخصائص ،وهو ما أعطى للإتحاد صيتا وإشعاعا واسعا لا داخل الحركة النقابية فقط بل في عموم الشعب وبرهن على أنه ليس فقط قوة اجتماعية بل وسياسية تدافع لا على المطالب المهنية الخصوصية فحسب بل على قضايا الإستقلال والتحرر الوطني و قضايا الديمقراطية والحريات العامة والفردية وعديد القضايا المتعلقة بنظام الحكم وإدارة شؤون البلاد ، ولا مجال إذن لإنكار هذا الدور السياسي الهام والقفز عليه كما لا مجال لإستصغاره والإستخفاف به ، وبالتالي لم يجرؤ أي كان على طرح السؤال الذي يطرح اليوم حول الدور السياسي للمنظمة النقابية .
أما في ثورة 14 جانفي 2011 - وتحت الضغط اليساري العام - فتحت دور الإتحاد العام في وجه المتظاهرين المطالبين بإسقاط الطاغية بن علي واحتضنت الإجتماعات التحضيرية للمسيرات الإحتجاجية ،والجميع لا ينكر أن الإضرابات العامة القطاعية والجهوية ومسيرات صفاقس وتونس هي التي أعطت لثورة الكرامة في كل الجهات طيلة أيام الثورة ، دفعا لتجذر وانتشار وتوسع نضال الشعب ضد القمع وإسقاط رأس النظام ، لم يكن موضوع جدل أو نقد من أي كان بل لاقى هوى في صدور المنتفضين . في الحالة العكسية من حيث النتيجة ، كان إلتحاق الإتحاد بالمجلس الأعلى لحماية الثورة ثم الدخول في هيئة بن عاشور قد أعطى لمسار الإنتقال الديمقراطي في بلادنا منعرجا سلبيا حاسما بتدشين أول خطوة في مسار الإلتفاف على الثورة ، ونفس الشيء يقال على مبادرة الإتحاد بفتح حوار وطني للخروج بالبلاد من الأزمة في 2013 كان هو ايضا محل ترحاب من الجميع بمن فيهم من كانوا يحكمون أنذاك . وبقطع النظر عن النتيجة كان هو أيضا عملا سياسيا بامتياز.
2) الإتحاد العام التونسي للشغل : نقابة بدورالحزب السياسي :
إن أوجه النقد التي توجه للإتحاد العام التونسي للشغل ليست التلازم والمراوحة بين النقابي والسياسي فهذه خاصية الحركة النقابية التونسية منذ انبعاثها مع المؤسس الأول محمد علي الحامي في 1924 ، وجامعة عموم العملة الثانية لبلقاسم القناوي في 1937 لقيت حتفها وفشلت فشلا ذريعا لأنها لم تنجح في الربط بين النقابي والسياسي ، كما أن التمرس على إدارة التفاوض والقدرة على الضغط والمناورة وسياسة التسخين والتبريد خاصية تفردت بها البيروقراطية النقابية التونسية بالذات، ولكن ما ينتقد عليه الإتحاد هو مضمون العلاقة بين النقابي والسياسي وفي خانة من يصب ولفائدة من يدير ذلك هذا الفاعل الإجتماعي الذي أضحى يتقمص دور الحزب السياسي أكثر فأكثر ثم ماهي التأثيرات السلبية للتجربة النقابية التونسية على مسألة الإنغراس؟
إن مضمون العلاقة بين النقابي والسياسي لدى الإتحاد العام هو مضمون إصلاحي رجعي متشبع بالوفاق الطبقي منذ حكم حزب الدستور بنسخه المتناسلة وإرسائه لنظام ديكتاتوري قمعي معادي لحرية العمل النقابي واستقلاليته وديمقراطيته وأكثر من ذلك معاداته للفكر الشيوعي منذ عهد فرحات حشاد ، وقد أوكل الدفاع عن هذا المضمون لكل نسخ البيروقراطية النقابية المتتالية الماسكة بزمام المنظمة : بيروقراطية متواطئة سوغته تارة باسم " الحفاظ على الوحدة القومية "والسلم الإجتماعية " وطورا باسم " النقابة المساهمة " وأخيرا وليس آخرا باسم " الوحدة الوطنية ". وهذا السلوك التابع ، عمقته علاقة الإتحاد الملتبسة مع الأطراف المتصارعىة على السلطة باستمرار و المحكومة بالتوازنات والمصالح المتبادلة مع هذا الشق أو ذاك حسب الفترات وحسب درجة احتدام الصراع الطبقي أثناء الأزمات التي اتضحت من خلالها رغبة قيس سعيد القوية في بسط سلطته و نفوذه على المنظمة النقابية والهيمنة عليها بل إخضاعها سواء بالإحتواء أو بالتدجين القسري أو بالمراوحة بين الأسلوبين معا وهو ما يترك معركة الإستقلالية مطروحة على جدول أعمال الحركة النقابية حتى بعد الثورة .
لقد نجحت القيادات البيروقراطية المتعاقبة للإتحاد العام التونسي للشغل في نشر ثقافة الوئام الطبقي داخل الحركة النقابية وتحويل أعرق منظمة نقابية في الوطن العربي وإفريقيا من منظمة راديكالية وثورية زمن الإستعمار الى نقابة مساهمة طيعة لسلطة رأس المال ، ترتكز على جهاز بيروقراطي ضخم يحكم سيطرتها على الطبقة العاملة ، لا يلعب أدوارا خطيرة في تلطيف الصراع الطبقي فقط ، بل يتدخل بصورة متزايدة في الحياة السياسية و يصر على أن يكون لا قوة ضغط اجتماعي بل لاعبا أساسيا وأحيانا محددا في الشأن السياسي، يتعاظم دوره من فترة لأخرى خصوصا بعد ثورة 14 جانفي ، و هذا الدور في حد ذاته يعيق التطور الطبيعي للأحزاب التقدمية والثورية ويساهم في تأجيل إنغراسها في صلب الطبقة العاملة و يخلط الأوراق في الحياة السياسية كما يساهم في تعطيل صراع الأحزاب الثورية مع السلطة وذلك بالتداخل بين العمل كمنظمة نقابية والعمل ك"حزب" سياسي . ولم يفهم الإتحاد حدود دوره كمنظمة نقابية، فحل السياسي محل النقابي، وراحت قيادة الاتحاد تبحث على حلول لحل أزمة النظام بالدعوة للحوار الوطني المزعوم الذي يفتر مرة ليعود من جديد وبنسخ مختلفة حسب الطلب ، ودعوة كل الاحزاب بدون إستثناء حتى المتورطة في الدمار والفساد والإرهاب للجلوس وايجاد حكومة توافق !!! يحدث هذا الخلط بشكل واضح وتلعب هذه الأدوار ، دون تشريك هياكله القاعدية ولا سلطات القرار ، ويؤدي بالتالي إلى قرارات مسقطة لا علاقة لها بمنظمة نقابية جماهيرية تحتضن مكونات نقابية وسياسية متنوعة ، وهذا ناتج مرة أخرى عن اللبس السائد في الساحة النقابية بين مفهوم العمل الديمقراطي الجماهيري الذي يستند الى أهداف ومبادئ تخدم فئة أو فئات اجتماعية معينة، ومفهوم العمل السياسي الذي يستند الى خط ايديولوجي وسياسي وتنظيمي له بعده الطبقي .
إن الأحزاب الثورية في حاجة إلى اتحاد قوي يعاضدها ويقف سدا منيعا أمام الإستبداد وضد الإختيارات السياسية والإجتماعية اللاشعبية ، منحازا للحركة الديمقراطية والتقدمية ولقضايا العمال و الشعب ، لا أن يتحول إلى حزب سياسي في جبة نقابية ينقذ في كل مرة البرجوازية الكمبرادورية العميلة من السقوط الحتمي ، ويمد لها طوق النجاة بالإنصياع لإملاءات صندوق النقد الدولي حينا والإصطفاف مع أحزابها وشقوق أحزابها المتصارعة على السلطة أحيانا ( هيئة بن عاشور، الدور السلبي في اعتصام الرحيل ومخرجات الحوار الوطني ، وثيقة قرطاج ، الإمضاء على شروط الإقتراض المهين للبنك الدولي في حكومة نجلاء بودن ) ، كما أن من مصلحة الحزب القضاء على الوعي الزائف السائد حول حيادية النقابات والإقناع بدورالحزب الثوري الطليعي في عملية التغيير لا تسليم القيادة للنقابات البيروقراطية الصفراء مهما بدت راديكالية أحيانا .
والغريب في الأمر أنه عندما يتخذ الإتحاد بعض المواقف المنحازة أحيانا للطبقة العاملة وعموم منخرطيه أو متماهية ولو نادرا ونسبيا مع برامج الأحزاب التقدمية أو متقاطعة معها ، وقتها تشغل البرجوازية آلة الدعاية وتطالبه بالكف عن الدور السياسي ولزوم مربعه المهني المحدد له سلفا ، في حين عندما يدخل بيت الطاعة تشتغل ماكينة التنويه بدوره الوطني ، بل تسند له أدوار الحزب الحاكم ليخوض معارك بالوكالة بعيدة عن مصلحة الشعب وعلى حساب الملفات الإجتماعية المتراكمة .
هذا هو الدور المضموني الخطير في علاقة النقابي بالسياسي وهذا هو مربط الفرس في جوهر العلاقة غير السليمة والمشوهة بينهما ، علاقة ملتبسة تهدف من وراءها البرجوازية العميلة الى كبح جماح الحركة الثورية وحزبها الطليعي وتذيله للحركة العفوية لعمل النقابات ، بالعزف على وتر " الحزب العمالي" حينا ( الثمانينات) أو بتصعيد الدور السياسي للإتحاد في فترة ما بعد الثورة خصوصا وقد تشظى الحزب التاريخي للبرجوازية الكبيرة الى كتل وشقوق متصارعة ومتآكلة مهترئة الصورة وأكثر رداءة من حزب التجمع المنحل . تفعل البرجوازية كل ذلك لقطع الطريق أمام تطور الحركة الشعبية وانغراس أحزابها الثورية في صفوف الطبقة العاملة والشعب ، تدعمها اليوم بصورة مكشوفة الأحزاب الإنتهازية الوسطية وطيف واسع من الجمهور النقابوي الشعبوي المتمعش من " الماكينة" النقابية والذي ينخرط في نشر الوعي الزائف بترديده للشعار العفوي " عاش عاش الإتحاد أكبر قوة في البلاد" محيلا على المفهوم السنديكالي الفوضوي والدور " القيادي" لنقابات "س.ج.ت" في فرنسا ونقابة " تضامن" لاش فاليزا في بولونيا الثمانينات من القرن الماضي.
تونس 2020