ميتاترون وخرافة الملأ الأعلى – ص


طلعت خيري
2024 / 10 / 24 - 09:57     

مكعب ميتاترون هو عباره عن الشكل الهندسي الذي ينتج من التقاء المراكز ل 13 دائره مرتبه بطريقه معينه. ويدخل هذا المكعب في تكوين كثير من الاشكال ليؤدي فيما بعد الى ما يسمى ب "الهندسه المقدسه" وهي مجموعه من الاشكال الهندسيه تحكي قصة خلق الكون و تستعملها الجماعات السريه كاساس لجميع ما يقومون به من بناء و عمران. فمثلا استعملت النسب و القياسات الناتجه من مكعب ميتيترون في بناء العاصمه الامريكيه واشنطن. تعتقد الجماعات السريه ان كل ما على الارض من انسان وحيوان ونبات وغير ذلك خلق بطريقة مبنيه على نسب هندسيه معينه ولذلك فهم يستخدمون نفس هذه النسب والمقاييس حين يصممون محافلهم ومراكز تجمعهم. انهم محقون في وجود نسب رياضيه دقيقه بين اجزاء الكون وحتى في داخل اجسامنا و اجسام كل الكائنات العضويه, فالله هو خالق هذا الكون وحاشاه ان يخلق شيئا يخلو من الدقه والابداع, ولكن الطريقه التي حصل بها هؤلاء النخبه او الجماعات السريه على تلك المعلومات هي ما يدعو الى الشك, فقد قلنا ان ميتاترون بحسب قولهم قام بنقل اسرار الملأ الاعلى الى الملأ الاسفل وظلت تلك الاسرار لدى اليهود المتنفذين جيلا بعد جيل.

في كتاب انوخ الذي اكتشف مؤخرا واصبح من الكتب المعترف بها لدى طوائف من اليهوديه وأن لم يذكروه ككتاب سماوي منزل. ففي كتاب انوخ يكشف ميتاترون بعض الاسرار الالهيه لموسى عليه السلام وبدوره يطلع النبي موسى النبي يوشع على هذه الاسرار ومن يوشع تنتقل هذه الاسرار الى رؤساء المعابد اليهوديه. هذا الامر يغضب الملأ الاعلى ويبدأون بلوم ميتاترون قائلين "كيف تكشف الاسرار التي بموجبها تم خلق السموات والارض والجنه والنار والمعرفه والحكمه الى مخلوق من لحم ودم؟" لدى الفراعنه القدماء يتخذ "تحوت" الدور الموازي لدور ميتاترون حيث انه قلب "رع" ولسانه وهو الذي ينقل اراده الالهه للبشر ولقب فيما بعد بهيرميز لانه رسول الالهه مثل هيرميز لدى اليونان. كما انه يمتلك قدرات سحريه عظيمه حيث ان لديه كتابا من يقرؤه يصبح ساحرا عظيما وكذلك ميتاترون يعرف ب "ساحر وخيميائي الممالك العلويه" .

ميتاترون هو اسم ملاك في اليهوديه وفي بعض فروع المسيحيه. يظهر ميتاترون في قطع صغيره في التلمود ولكنه غير مذكور في الكتاب المقدس (في العهدين القديم والجديد) وفي التعاليم الحاخاميه هو اعلى الملائكه قاطبة. يحكي التلمود ان "اليشع بن ابويا" وهو حاخام وعالم ديني مرموق ولد قبل سنة 70 قبل الميلاد. (سنة 70 قبل الميلاد سنه مهمه وتستعمل لتأريخ الكثير من الاحداث. لانه كان فيها تدمير المعبد الثاني لسليمان, هذا المعبد الذي ينتظر اليهود بناءه للمره الثالثه حين يظهر المخلص.) المهم فان هذا الحاخام دخل الجنه ورأى ميتاترون جالسا وهذا الفعل لا يجوز في الجنه الا لله وحده, فقال اليشع "حقا هناك اثنين من الارباب." ولكن ميتاترون كان يستطيع الجلوس في الجنه فقط لانه كان كاتبا الهيا. ويذكر التلمود ان ميتاترون تلقى 60 ضربه بعصي من نار لكي يرى اليشع انه ليس الها ولكن مجرد واحد من الملائكه ويمكن ان يعاقب. هناك في العبريه كما في العربيه نظام تعيين ارقام للحروف, ففي العربيه نقول ابجد هوز حطي.... الخ ورقم 1 يعطى للحرف أ ورقم 2 يعطى للحرف ب وهكذا الى ان نصل الى رقم 10 الذي يعطى لحرف ي. ثم 20 ثم 30 الى ان نصل الى 100 وبعدها 200..الخ. وفي العبريه نجد نفس الشئ واحرف كلمة ميتاترون لها نفس القيمه العدديه لاحد اسماء الرب في اليهوديه وهو "ايل شداي". معنى ايل هو الرب ومعنى شداي مختلف عليه. فمنهم من يقول ان ايل شداي تعني رب الجبل اشاره الى الجبل الذي تجتمع فيه الالهه في حضارة بابل القديمه لان الاسم هو اسم لاحد الالهه لدى البابليين القدماء. وشداي هو اسم لاحدى مدن الاموريين في العصر البرونزي وتقع على ضفاف الفرات والآن يوجد تل في مكانها يعرف بنفس الاسم. ولذا يعتقد ان هذا الاسم جاء من تلك المدينه. وميتاترون يعرف باسم "يهوه الاصغر" ويعتقد بان سبب هذه التسميه ربما كان سطر من سفر الخروج حيث يقول يهوه عن احد الملائكه "ان اسمي (يهوه) فيه" . وميتاترون مذكور مرتان في التلمود البابلي حيث يذكر ان المنصب "امير العالم انتقل من ميكائيل الى ميتاترون اثناء الفتره الاموريه.وفي سفر انوخ الثالث هنالك ذكر لميتاترون حيث يذكر ان انوخ (والذي هو عندنا النبي ادريس) تحول الى الملاك ميتاترون. وهنا يظهر لقب "يهوه الاصغر" مره اخرى حيث يقول ميتاترون "هو (اي الرب) قال عني يهوه الاصغر بحضور كل العائله السماويه....اسمي فيه." في سفر التكوين "انوخ مشى مع الرب ثم اختفى لأن الرب اخذه بعيدا." وفي الكتاب المستخلص من كتاب انوخ الثالث "تحول لحم انوخ الى لهب وعروقه الى نار واهدابه الى ومضات من البريق وعينيه الى شعلتين من اللهب ووضعه الرب على عرش بجانب عرش الجلاله ثم اتخذ الاسم ميتاترون بعد تحوله." في الكابالا هناك ميتاترون مع فارق بسيط بينهما في التهجئه. الاول يكتب بستة احرف والثاني بسبعه. الاول هو انوخ بعد التحول, امير الطلعه "countenance” في البلاط السماوي المقدس والثاني هو احد الملائكه الاوليين الاساسيين وهو الانبثاق العاشر من الذات المقدسه وهو الحضور المقدس على الارض. كتاب الزهار, اهم كتب الكابالا يدعو ميتاترون بالغلام او الشاب وفي كتاب انوخ هذه الكلمه تعني خادم ويعرفه بانه الملاك الذي قاد شعب اسرائيل بعد خروجهم من مصر. وايضا يصف الزهار ميتاترون بانه كاهن سماوي. ميتاترون يعرف ايضا بانه الاخ التوأم للملاك "ساندالفون" الذي يقال بانه النبي اليسع)ايليا). ميتاترون يعمل كوسيط بين الرب والانبياء وهو الذي منع ابراهيم من التضحيه باسحاق(اسماعيل). هناك احتمالات كثيره لاصل اسم ميتاترون. البعض يعتقد انه يأتي من (mattara) اي المراقب او الفعل (mmtr) اي الحامي بالعبريه. حيث انه في كتاب انوخ الثالث يشاهد انوخ وهو يرتدي الشمس ويحمي الارواح الصاعده الى السماء. ويعتقد البعض انه مشتق من الكلمه الفارسيه "ميثراس" وهو اله الديانه الميثرانيه القديمه التي انتشرت من بلاد فارس الى روما حيث هناك العديد من اوجه الشبه بين ميثراس وميتاترون من حيث الموقع في السماء والواجبات. ويعتقد آخرون انه يأتي من الكلمتين الاغريقيتين "ميتا-ثرونوس" اي الذي يقوم بالخدمه من وراء العرش او الذي عرشه بجانب العرش. ويعتقد آخرون انه يأتي من كلمتين اغريقيتين تعنيان "يتغير ويموت" اشاره الى ان انوخ تحول الى ملاك ورحل عن العالم.

- تعليق

الملأ الأعلى مفهوم اعتقادي تعتمد عليه الطائفة الداوودية في قراءة التنبؤات المستقبلية، وخاصة منها المهددة للكيان الوجودي ، يُنظم للتنبؤات كتاب ديني مقدس يحتوي على تصورات ميثولوجية تعكس ماهية الملأ الأعلى كالملائكة وإبليس والله ، وأسرار السماوات كالجنة والنار، وبعض من أرباب الطائفة مثل يهوه وأيل ، وأنبيائها كإدريس وإيليا وحضارات قديمة يعتقد أنها كانت تعود للطائفة ، يتعامل كتاب التنبؤات مع الأحداث تعامل سياسي حسب الوضع فان كان مهددا للطائفة ، يضطر الكاهن أو الحاخام الى الاستعانة بكتاب التنبؤات للإشارة الى رمز التهديد ألاعتقادي كالأعور الدجال أو المسيح الدجال أو هرمجدون ، لتحديد جيوثقافية التهديد ، وذلك وفقا لنوع الصراع إما طبقي رأسمالي ، وإما سياسي طائفي ، فالشعوب المتدينة تضع للتنبؤات قدسية دينية اعتقاديه لأن مصدرها الملأ الأعلى

خلق الله الكون أولا ، ثم خلق الملائكة والجن ثانيا ،لأنهما مخلوقات سماوية، بعدها أمر الله الكون بالاشتغال الطوعي، لتأخذ الظواهر الطبيعية والمناخية دورها في تكوين الماء على سطح الأرض ، فالنباتات أول الكائنات الحية عليها ، لأنها تشكل مصدر غذاء للإنسان والحيوان ، والدليل قول الله ولا تقربا هذه الشجرة ، يعتبر خلق ادم مرحلة متقدمة على كافة الخلائق ، ولما كان الملأ الأعلى مصدر اعتقادي تعتمد عليه للطائفة الداوودية في القضايا الاعتقادية والمستقبلية ، طرح التنزيل عليها مراحل الخلق الأولى ، الإبعاد العقائدية من طرح حوار الله مع الملائكة وإبليس على الطائفة الداوودية لكشف الوجه الحقيقي للأديان السياسية التي حرفت الحوار لمصالحها السياسية بما يسمى الملأ الأعلى ، اذ قال ربك للملائكة ، فالملائكة قبل خلق ادم إني خالق بشرا من طين ، طين تدل على ان الظواهر الطبيعية والمناخية أخذت دورها الوظيفي في تكوين الماء على الأرض ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين، فسجد الملائكة كلهم أجمعون ، إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين

إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ{72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ{73} إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ{74}

حاور الله إبليس لمعرفة أسباب عدم السجود لأدم ، قال يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي، اهو استكبار على أمر السجود، أم وضعت لنفسك مقاما عاليا فضلك على ما خلقت بيدي ، أم كنت من العالين، قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، قال فاخرج منها فانك رجيم ، وان عليك لعنتي الى يوم الدين ، قال رب فأنظرني الى يوم يبعثون ، قال فانك من المنظرين، الى يوم الوقت المعلوم

قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ{75} قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{76} قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ{77} وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ{78} قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{79} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ{80} إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ{81}

قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين، قال فالحق والحق أقول لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين، ثم انتقل التنزيل الى الطائفة الداوودية، قل لهم يا محمد ما أسألكم عليه من اجر، اجر مبلغ مالي مقابل الإيمان وما أنا من المتكلفين ،متكلفين جاءت من الكلفة بمعنى إيماننا لم يحملنا أي أعباء مالية ،ان هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نباه بعد حين ، يوم القيامة

قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{83} قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ{84} لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ{85} قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ{86} إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ{87} وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ{88}

المصدر
- منتدى الدعوة المهداوية
- مكعب ميتاترون