من أجل تشريع ضامن وفعال للحقوق والحريات النقابية في العراق
عدنان الصفار
2024 / 10 / 24 - 00:14
من أجل تشريع ضامن وفعال
للحقوق والحريات النقابية في العراق
أن وجود إطار قانوني يوفر الحماية والضمانات الضرورية للحقوق والحريات النقابية ومؤسسات تسهل المفاوضة الجماعية وتعالج النزاعات المحتملة وإدارة فعالة للعمل ومنظمات للعمال ولأصحاب العمل تتمتع بالمتانة والفعالية، تشكل عناصر أساسية لبيئة محفزة وتمكينيه مؤاتيه للحرية النقابية والمفاوضات الجماعية. ويتسم دور الحكومات بأهمية قصوى في توفير بيئة محفزة ضامنة للحقوق والحريات النقابية .
ما نصت عليه المادة ( 22 ــ ثانياً وثالثاً ) والمادة ( 37 أولاً ) من الدستور العراقي لعام 2005 . والمواد ( 2 و 3 و 4 و 5 و8 / 2) من الاتفاقية الدولية رقم 87 لسنة 1948 ( اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم ) المصادق عليها بموجب القانون رقم 87 لسنة 2017 . والمواد ( 1 و2 ) من الاتفاقية الدولية رقم 98 لسنة 1949 ( اتفاقية تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية ) المصادق عليها بموجب القانون رقم 59 لسنة 1962 . والمواد ( 1 و3 و 4 و 5 و 6 و 8 و 9 و 10 ) من اتفاقية منظمة العمل العربية رقم 8 لعام 1977 بشأن الحريات والحقوق النقابية ،المصادق عليها بموجب القانون رقم ( 8 ) لسنة 1979 . وتوصيات بعثة الاتصال المباشر لمنظمة العمل الدولية بشأن تطبيق اتفاقية حق التنظيم المفاوضة الجماعية نتيجة زيارتها للعراق ولقاءها بلجنة العمل البرلمانية للفترة 2 ــ 4 أيار 2023 . والزيارة التدريبية لممثلي الشركاء الاجتماعيين بمشاركة نواب لجنة العمل البرلمانية ومؤسسات حكومية مهمة الى مقر منظمة العمل الدولية في جنيف للفترة 3 ــ 5 ايلول 2024 عملت على تضمين ملاحظات منظمة العمل الدولية كان ابرزها ضمان توسيع النطاق للحرية النقابية، وهيكل النقابات العمالية، وحق النقابات في وضع قواعدها وتنظيم إدارتها وانشطتها.
ان ما ذكر اعلاه يعتبر مرجعية أساسية لأي تشريع يتعلق بالتنظيم النقابي في بلادنا، حيث تؤكد على حرية العمال وأصحاب العمل في تكوين النقابات والانضمام إليها دون تدخل. ولا بد ، لا بل من الضرورة الالتزام الحقيقي بهذه المرجعية الوطنية والعربية والدولية لتكون خطوة بالاتجاه الصحيح ستتيح حق التنظيم النقابي في القطاع العام وقطاعات الإنتاج كافة . وجاء الان دور النقابات العمالية للتمسك بهذه الحقوق ومطالبة الحكومة العراقية الإسراع في تنفيذ ما نصت عليه الاتفاقيات ووضعها موضع التنفيذ من خلال لجنة مشتركة تقوم بإعداد مسودة جديدة بمشاركة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وممثلي الاتحادات والنقابات العمالية واتحاد الصناعات العراقي تعمل مع لجنة العمل النيابية من اجل تشريع قانون التنظيم النقابي كونه يعد ركيزة اساسية لتنظيم العمل النقابي، وان الدستور العراقي، نص على حماية حقوق العمال في التنظيم النقابي والمشاركة في أنشطة جماعية تهدف إلى تحسين ظروف العمل. في العراق، هذه الحقوق قد تم التأكيد عليها في الدستور العراقي لعام 2005 الذي يكفل حرية التنظيم.
وضمن هذا الإتجاه العام، توجد قضايا جسيمة ورئيسية تنتظر حركتنا النقابية وعمالنا والعاملين في القطاع العام والمختلط والخاص تشمل التهديد بتسريح واسع للعمال و للنقابيين نتيجة فرض سياسات الخصخصة غير الممنهجة ولسياسة الحكومة الاقتصادية التي يبدو انها لا تمتلك رؤية واضحة لمجمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية. سيما وان هناك تحديات جديدة مع بروز اشكال جديدة من العمل وأنماط جديدة من علاقات العمل تقسم القوى العاملة بين عمال دائميين (موظفين) وعمال عقود وأجور يومية داخل نفس القطاع او المؤسسة الإنتاجية، بالاضافة الى العاملين في القطاع غير المنظم لما يمثله من ثقل عمالي كبير .
أن التغيرات الهيكلية في العمالة، ولا سيما تلك الناجمة عن الخصخصة والتكنولوجيات الجديدة، إلى جانب انماط جديدة من علاقات الاستخدام، تؤثر في ممارسة مبادىء وحقوق الحرية النقابية والمفاوضات الجماعية. حيث إن النقابات لعبت وستلعب دوراً إيجابيا في رفع مستويات الأجور وتحسين ظروف العمل، وكان لها دور فاعل ومؤثر في صياغة التشريعات العمالية والنقابية، وان من ينظر عكس ذلك يرى أنها تشكل خطرًا على مصالحه .
إن دور النقابات يجب أن يتعزز أكثر، وعلى النقابيين مهمات باتت اليوم أصعب لأنها لم تعد شريكا لإصحاب القرار، وما يتوجب ان لا يكون قراراً حكومياً يصدر من دون مراعاة النقابات، سواء فيما يخص قطاعات الاقتصاد الوطني أو فيما يخص التحركات والشؤون العمالية، وحماية الطبقة العاملة، خاصة بعد الدور الكبير الذي من المؤمل ان يضطلع به القطاع الخاص وتوسعه في مختلف المجالات والقطاعات. وفي هذا المجال لم تعد النقابات وإلى حد كبير وفي العديد من الشؤون في الخندق ذاته إلى جانب الحكومة، لذلك عليها أن ترسم من جديد معالم هذه العلاقة واتجاهاتها وكيفية تأدية الدور المنوط بها اقتصاديا واجتماعيا.
لا يخفى أن النقابات في الدول الرأسمالية تؤدي دوراً مهماً لمصلحة الطبقة العاملة، ولمصلحة قضاياها الاجتماعية والصحية والمهنية وغيرها.
اضافة إلى الدور النقابي للاتحادات والنقابات العمالية، يجب أن يكون هناك دور سياسي لها ، جوهره دعم النظام السياسي وحمايته كي يعبر عن مصالح العمال والكادحين وبقية فئات الشعب الذي تمثله نقاباته ومنظماته الشعبية واتحاداته المهنية. وأيضاً من بعض المهمات التي يجب التأكيد عليها إضافة إلى المهمات المستجدة، حماية المكتسبات العمالية وتعزيزها كي لا تضيع، أو يتم التراجع عنها نتيجة ضغوط بعض أصحاب الرأسمال الخاص أو المؤسسات الدولية كالبنك والمصرف الدوليين، ومتابعة تحقيق الجانب الاجتماعي في اقتصاد السوق . لكي يكون وجود النقابات والاتحادات غير شكلي دون فعل، وإنما نريده ان يكون له دوراً ايجابي يخدم الوطن وقضاياه الاقتصادية والاجتماعية والوطنية.