صفاء بوالجداد
الحوار المتمدن-العدد: 8113 - 2024 / 9 / 27 - 03:41
المحور:
الادب والفن
حجرة أعلى الجبل ..الجبل وسط الدوار والدوار في قلب وطن لا يكترث له. كل شيء في هذا المكان خراب ،إنه المغرب المنسي .. دوار ينتمي إلى رقعة مصنفة كأشياء مرمية في قبو منسي.
في كل يوم يلتحق الأطفال بالمدرسة الواقعة أعلى جبل ’’إمدونن’’ بعد رحلة على الأقدام قد تكون دامت لساعتين أو ثلاث ولا يثنيهم عن ذلك برد ولا حر فكل واحد منهم راغب في تغيير واقع هذه الرقعة الجغرافية.
أحس التلاميذ بالسقف القصديري لحجرة الدراسة وهو يصطك بينما كانت الريح في الخارج ساكنة، وأوراق شجرة الكاليتوس في ساحة المدرسة لا ترق لها ذؤابة .. بعد لحظة مالت جدران الحجرة وأحس التلاميذ بتقصف السقف القصديري وهو ينبعج ملتويا مع الهزات الارتدادية التي تخض قلب الجبل، لكن الأرضية ظلت على حالها من الثبات والرسوخ .. ورغم أنه لم يصدر عن السقف القصديري أي غبار أو تطاير شظايا فقد ملأ الرعب أفئدة الصغار وجحظت عيونهم متجهة إلى المعلم، لكنه اكتفى بالابتسام كعادته مؤكدا بصوته الهادئ ’’ إنه مجرد وهم’’.
حينما يعود التلاميذ إلى منازلهم ويحكون للأمهات والآباء عن تقصف سقف الحجرة الوحيدة في المدرسة وتمايد جدرانها وعن استهانة معلمهم بالأمر مكتفيا بقوله في رتابة مطمئنة أنه’’ الوهم’’. يبتسم الآباء بدورهم قائلين في اطمئنان ’’ واش نكذبو المعلم ونتيقوك نت؟’’.
في أيام العطلة لا يحس التلاميذ بارتجاج السقف القصديري لحجرة الدرس، لأن الوهم يظل بعيدا عنهم لكن المعلم الذي كان يتخذ من المدرسة مسكنا ومن القسم مطبخا كان أكثر خلق الله تأذيا من حركات الوهم.. سبق لهذا المسكين أن أخبر المقدم الذي أخبر القايد فكان الرد هو كلمة من ثلاثة حروف و.ه.م
هذه المرة سئم الوهم من حمل التهم فتزعزعت حجرة الدراسة بجبل ’’ إمدونن’’ حتى سمع سكان الدوار تفضفض سقفها القصديري وتيقنوا أن بناتهم وأبناءهم التلاميذ ما كانوا يكذبون.
خلد الوهم إلى صمت مطبق كما خلدت روح المعلم إلى النوم الأبدي، في اليوم الموالي دفن المعلم والخبر وأحلام الأطفال التي لم تعد لهم لا حجرة درس ولا معلم.
وصارت الحجرة ركاما ، الركام أعلى الجبل ،الجبل وسط الدوار والدوار في قلب وطن لا يكترث له.
#صفاء_بوالجداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟