شكري شيخاني
الحوار المتمدن-العدد: 8113 - 2024 / 9 / 27 - 03:40
المحور:
الادب والفن
لست رومانسيا الى درجه كبيره, ولكنني كنت استمع الى اغنيه الاوله في الغرام, للست ام كلثوم. لا اعرف لماذا توقفت كثيرا" عند المقطع الذي كررته اكثر من 20 مرة وهو تكرار رائع لانه كان في كل مرة يخرج معها بنكهة موسيقة وصوتية رائعة .هذا المقطع كانت تقول فيه ((اسعفيني يا عين وبالدمعي جودي يا عين)) طبعا الفتره الزمنيه التي اخذت تكرار هذا المقطع ,كانت كافيه لان استعرض شريط ذكريات ليست ببعيدة جدا" مع انها فتره طويله من فترات سوريا .وانا المواطن السوري الذي اذوب عشقا بسوريا.... سوريا كلها من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال الغربي والشرقي. ومن الساحل الى نهايه الداخل وعمق الصحراء. نعم شريط الذكريات هذا منذ عام 2000 ,والى هذه الساعات التي اكتب فيها هذه الكلمات .24 سنه مضت , انقلبت فيها الموازين في سوريا كامله اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وفكريا وثقافيا وبشريا ,بشكل لا يصدق بشكل غير معقول, انا لا اصدق الى الان .بل أحيانا" اظن نفسي انني ارى فيلما سينمائيا, فالذي حصل في خلال 24 سنه كان مذهلا للغايه من عام 2000 ولغايه عام 2011... مع أنني قد شاهدت مجسما" عن تلك الاحداث خلال وجودي في سجن صيدنايا 2008 خلال استعصاء السجناء .. أعود الى 2011 وأقول .. أن السلطه لم تأخذ بعين الاعتبار..مايجري في المحيط الاقليمي والعربي .. والثورات التي اجتاحت مصر وليبيا وتونس ...لم تقرأ السلطة المشهد بشكل جيد او بالاحرى (( طنشت ) .ولم تفكر السلطة في سوريا ,بانه لابد من تغيير, لابد من اتباع اساليب جديده في الإصلاح في التطوير الاداري ومحاربة الفساد .. إعطاء هامش للحرية من اجل حمايه المجتمع وحفظ كرامته حفظ كرامه الناس حفظ هيبتهم حفظ هيبه الدوله امام العالم الاخر.. ولكن السلطة على العكس استنفرت كل القوى العسكرية والأمنية والمخابراتية والبعثية.. وعملت على تجييش الشعب ضد الشعب .. وعملت على إيقاظ الفتنة العرقية والمذهبية والسياسية..وكانت السلطة هي من بدأت باستعمال القوة المفرطة بحق الشعب, بدون رحمة, او شفقة ,وكان ثأر الانتقام وشهوة الكرسي أقرب بكثير من محبة واحترام الشعب ..كان من المفروض ان تكون النظره اكثر ابويه واكثر شفافية واكثر صدقا تجاه شعب تحمل ولايزال يتحمل الكثير والكثير ولكن للاسف ولكن للاسف مره ثانيه, لم ياخذ ذلك بالحسبان بل ازدادت الضغوطات على الشعب ,وزادت عمليات تقييد الحريات اكثر فاكثر. لذلك كان من الطبيعي ومن جراء هذه التراكمات الاضطهادية والعنفية الكثيره في النواحي السياسيه والاقتصاديه, ان تولد انفجارا كان بدايته في الخامس عشر من اذار , 15 أذار لم تكن المطالب بدايه باسقاط النظام بل كانت بتغيير اسلوب التعامل مع المواطنين ,كانت البدايات تطلب ان يكون هناك اهتمام اكثر بالمواطن بحياته بامنه يمسكنه بماكله ومشربه, كان المطلوب الاهتمام اكثر باحتياجات ذلك المواطن , في مقابل ذلك ازدادت الحمله الامنيه شراسه وانفجرت الاوضاع اكثر وتحول الصراع السلمي المدني الى صراع مسلح بين الطرفين وهنا لابد ان تتدخل الاصابع الخفيه اقليمية ودولية في هذا الموضوع من كل الجهات, الاصابع الخفيه كانت تريد ان تذل سوريا وتذل شعبها ,الاصابع الخفيه كانت لا تريد لسوريا التقدم ولا التطور لسوريا ولشعب سوريا . وابتدات الرحله الطويله وتعاقبت الاشهر والسنون, حتى وصلنا الى مرحله نفسية سيئة للغاية ,بقينا نجلس وفي داخلنا بكاء .... نعم نبكي ,لنعترف اننا بكينا ولازلنا على ما اضعناه في سوريا. لكل مواطن في الداخل وفي الخارج له قصه كبيره جدا, قد يمكنه البوح, بها وقد لا يمكنه, الذين ذهبوا الى الخارج ليسوا خائنين وليس جبناء وانما دفعوا العنف عن انفسهم وعن اطفالهم وعن اولادهم ومن هرب باولاده الشباب ,كان لا يريد لهم ان تتلوث ايديهم بدماء اخوتهم السوريين ومن بقي في الداخل ليس جبانا وليس متخاذلا ولكن كان برايه التشبث بالارض والبقاء في الداخل لربما تنصلح الامور لاحقا" ولاحقا" هذه أخذتنا الى السنة الرابعة عشرة ... ومنهم اقصد من بقي بالداخل لعدم القدره او عدم الامكانيه على الهروب من ذلك الجحيم السوري ,نعم سوريا الان هي جحيم بالكامل.. وان لم يكن هناك رصاص او براميل متفجرة .. ولكن الحالة الامنية والاقتصادية هي الجحيم بعينه و بكل ما تعني الكلمه من معنى الجحيم... عندما تصل المرحله الى ان الشعب لا يجد ما ياكله؟؟ عندما لا يجد كهرباء؟؟ ولا ماء؟؟ ولا مازوت .. ولا مواصلات ؟؟ ولا تواصل اجتماعي مثل بقيه الدول هذا هو الجحيم ... الجحيم هو ان يطلب منك اولادك اشياء بسيطة جدا" ومع ذلك لا يمكنك أن تؤمنها لهم.....
هذا ما جنته ايدينا نحن كشعب, وايدي السلطة المركزيه كحكومه وكنظام يحكم سوريا...
وتنتهي اغنيه ام كلثوم الاولى في الغرام ولا ينتهي حزننا, ولا ينتهي بكاؤنا في داخلنا .... هناك نحيب, نحيب قوي قد يسمعه الاخرون لاننا كنا نعيش عيشه مختلفه تماما برغم كل الظروف لنعترف اننا كنا نعيش افضل من العيشة التي نعيشها الان ,ولكن اعود للقول كان المطلوب ان يكون للسلطه عين اكثر رافه واكثر رحمه واكثر حنيه على شعبها, النظام, او الحاكم هو الاب .ومفروض على الاب ان لا يكون قاسيا على اولاده. ولكن النظام كأب كان قاسيا على ابناء شعبه في سوريا ,فاستقوى بالاجانب الاعداء استقوى بالخارج ..مما دفع الابناء أن يفعلوا مثله واستقوى الابناء بالخارج وضاعت الطاسه, واصبحت سوريا ضيعه ضايعه.
نعم سوريا الان هي الضيعه الضايعه ...ننتظر ان يتكون الوعي واليقظة اكثر ونعود بسوريا جميلة حرة قوية وكنت اتمنى ان ارى سوريا جديده سوريه كما عرفتها بشوارعها بازقتها بميادينها بساحاتها ان امشي عند ساحه باب شوما له افضل بكثير لدي من ان امشي في ساحه باريس اقولها بصدق ولمن يصدق فليصدق ومن لا يصدق فهذه مشكلته كان كان اهون علي بكثير ان اخرج الى مصايف بلودان والزبداني, من ان اكون مشردا بين جبال لبنان او جبال تركيا او اليونان كان اهون علي كثيرا ان في شوارع بلدي في حاراتي بين اهلي السوريين على ان اكون غريبا مشتتا هنا وهنا وهنا وهناك وقد يكون الذي في الداخل السوري ايضا مقهور ومشتت ليس مشتت من ناحيه السكن بل مشتت فكره وعقله وقلبه على من فارق ان كانوا اصدقاء او كانوا اهل ان كانوا ابناء خوفا من المجهول وهروبا من الجحيم السوري
#شكري_شيخاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟