|
القطاع الخاص والخصخصة في الصناعة النفطية 4من6
حمزة الجواهري
الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:36
المحور:
الادارة و الاقتصاد
2006-12-18 أمثلة حسية على أهمية القطاع الخدمي الخاص: قبل أن أنتقل للنقطة القادمة علي أن أعطي مثال عملي لما يجري في كوردستان مثلا، إحدى الشركات الخدمية الإماراتية كانت قد تعاقدت مع الشركات التي تقوم بالتنقيب عن النفط في كوردستان، وبسبب التهويل الإعلامي العربي لما يجري في العراق، فإن الشركة اضطرت أن تعطي وتمنح العاملين أرقاما فلكية لإغرائهم على العمل في العراق، في حين أن كوردستان أكثر أمنا من أي دولة مجاورة، فقد وصل أجر العامل الفني إلى 800 دولار يوميا للقيام بخدمة غاية بالبساطة، لا يتقاضى عليا أحرا في أماكن أخرى في المنطقة أكثر من50دولار يوميا. وشركة هاليبرتون التي عملت مع الأمريكان على صيانة آبار الجنوب، كانت قد قدمت إغراءات مالية ضخمة لتشجيعهم على العمل في العراق، وهذا ما جعل من الكلف النهائية أن تكون خرافية بمقاييس الصناعة الخدمية في المنطقة، بحيث وصلت إلى مليون دولار للخدمة الواحدة، في حين يجب أن لا تتجاوز المئة ألف دولار مهما كبرت الخدمة، وقرأت في الصحف عن عقد مع شركة خدمية أجنبية في كوردستان لحفر ثلاثة آبار فقط بمبلغ مئة مليون دولار!! في حين يمكن حفرها بأقل من10ملايين دولار، كل هذا بسبب عدم توفر البيئة الخدمية التي تدعم الصناعة النفطية في جميع مراحلها. قانون الاستثمار في الصناعة الهايدروكربونية : هنا يأتي دور قانون الاستثمار حيث هو الذي يحدد الإطار القانوني الذي تعمل على أساس منه هذه الشركات الوطنية للقطاع العام أو الخاص أو المشترك، سواء بشراكة أجنبية أم لا، لذا يمكن اعتبار مسألة عدم صدور قانون الاستثمار لحد الآن يعتبر معوق للقيام بعمليات التطوير، أو هو المسؤول عن ارتفاع أسعار التطوير لتصل إلى أرقام فلكية غير مقبولة في أي مكان آخر في العالم، حيث أن بعض الشركات التي تقوم بالتطوير على أساس من المشاركة بالإنتاج، وبالرغم من عدم شرعية ومقبولية هذا النوع من التعاقد، إلا أن الشركات قد طلبت أرقاما فاقت حدود التصور، حيث أن نسبة المشاركة التي لا يجب أن تتعدى الثلاثة % ، قيل من خلال وسائل الإعلام أنها وصلت في عقود كوردستان إلى40% ، لو صحت هذه الأرقام ، فإن هذا التعاقد مجحف إلى حد بعيد بالنسبة للعراقي أينما كان، وليس في كوردستان فقط . إن عدم وجود قانون للاستثمار في الصناعات الهيدروكربونية يعيق عمليات التطوير التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة في الصناعة النفطية، لكن وكما أسلفنا، فإن الصناعة الاستخراجية لا تحتاج إلى رؤوس أموال أجنبية بالإضافة إلى أن القانون العراقي لا يسمح بذلك، حيث أن الدستور يعتبر النفط ملك للشعب العراقي ولا يمكن التفريط بهذا المنجز الكبير، لأن حين يدخل الاستثمار الأجنبي في صناعة الاستخراج، وكما هو مطروح هذه الأيام، من خلال عقود المشاركة بالإنتاج، فإن هذه العقود تعتبر نوعا من التحايل والالتفاف على ما نص عليه الدستور في هذا المجال. لذا فإن الخصخصة يجب أن تكون بعيدة تماما عن المشاركة بأي شكل بالإنتاج. نعم الصناعة التي تسمى بالداون ستريم هي التي بحاجة إلى استثمارات أجنبية، وهي الصناعة التي تقوم بتصنيع النفط أو الغاز، فهي صناعة واسعة جدا يمكن للشركات العالمية الاستثمار فيها، لأنها لا تتجاوز على ملكية النفط أولا، وثانيا تحتاج إلى رؤوس أموال لا طاقة للعراق عليها، وكذلك تحتاج إلى خبرات في جميع مراحلها يفتقر لها العراق بالكامل في الوقت الحالي. لذا يجب حصر الاستثمار الأجنبي للشركات الكبرى بتصنيع النفط والغاز، كإقامة مصافي منتجاتها للتصدير، أو أن تقوم بإنشاء مصانع بتروكيماوية، وهكذا، هذه الصناعة تحتاج إلى مبالغ طائلة جدا لا طاقة للعراق بها على مدى العقدين أو الثلاثة القادمة، وليس لدينا ذلك الكادر المتطور الذي يستطيع النهوض بهذه الصناعات العالية التطور. قانون الاستثمار لا يكفي : ثم أن قانون الاستثمار لا يكفي، لأن يجب أن يكون هناك قوانين أخرى لحماية البيئة من التلوث وأخرى للصحة والسلامة العامة والسلامة الصناعية للعاملين بهذه الصناعة لأن الصناعة النفطية تعتبر من أكبر الملوثات للبيئة وفيها مخاطر كبيرة على السلامة العامة، مثل هذه القوانين تكون أساس في جميع التعاقدات ومن أي نوع، وعلى جميع الشركات احترامها سواء كانت وطنية أم أجنبية. هذا إضافة ما تقدم من أسس اتبعتها دول الخليج بخلق قاعدة خدمية واسعة تستطيع اليوم أن تقوم بأعباء التطوير وتدعم الإنتاج وتقدم خدماتها لجميع مراحل الصناعة النفطية وباقي القطاعات الإنتاجية في البلد. هناك أسس أيضا سوف نتطرق لها في الأخيرة، أي الحلقة السادسة، تكون المعيار بقبول الاستثمار الأجنبي للعمل في العراق، ربما تجدون بعض النقاط معادة، ولكن تكتسي بأهمية خاصة وهي أنها تعتبر معيار حقيقي لقبول الاستثمار، بالتجاوز عليها يكون العراق بلا سيادة، بمعنى أنها تعتبر نقاط لها علاقة مباشرة بالسيادة الوطنية أيضا، ونحن لا نبحث عن تطوير يخل بالسيادة الوطنية. دور الدولة بخلق القطاع الخاص: يتوجب على الحكومة خلق البيئة الخدمية التي تحدثنا عنها بإسهاب، فلم تؤسس الحكومة لحد الآن مكتب خاص لتشجيع القطاع الوطني الخاص للعمل في هذه الصناعة المربحة جدا، ولم تقدم لها الدعم الكافي من رأسمال أو قروض ميسرة أو أن تكون المشاريع معفاة من الضرائب، ولم تقدم لها الأراضي التي تقيم عليها مكاتبها وساحات عملها، ولم تجد هذه الشركات أي دعم من قطاعها الوطني الخاص الذي يعمل في مجالات أخرى، إذ لا توجد شركة متخصصة للتأمين على ممتلكاتها من الأخطار المحتملة، ولم تجد من يمنحها العقود المضمونة للعمل، بل ولا توجد بيئة وثقافة خدمية متطورة تعمل بها، فالعقد الذي تعمل عليه الشركة يجب أن يتوفر قبل شراء المعدات، والمقاول يجب أن يتوفر له عقد خدمة مع الشركة التي تطور الحقول أو التي تدير عمليات إنتاج النفط ، تكون العقود بقيمة معينة خلال فترة تمتد لعدة سنوات، خلال هذه الفترة تستطيع الشركة إن تسترد رأس المال الموظف لمثل هذا النوع من الاستثمار. بوجود عقد مع الشركة الخدمية الخاصة أو العامة، يمكن لها أن تقيم شراكة مع الشركات العالمية التي تدخل كشريك أو كمقاول ثانوي، لأن هذه الشركات يجب أن تدرس أولا البيئة التي ستعمل بها، وأول سؤال يأتيك منها، هل يوجد عقد يغطي رأس المال وكلف التشغيل خلال فترة العقد؟ وهل توجد شركات تأمين لها مصداقية عالية؟ وهل توجد أيدي عاملة متخصصة في هذا المجال؟ وهل يوجد قانون للاستثمار يحمي المستثمر الأجنبي؟ وهل توجد بيئة آمنة للعمل؟ وهل توجد ثقافة العمل الخدمي الخاص؟ هذه وغيرها من مفردات البيئة التي تعمل بها الشركات يجب أن تكون متوفرة قبل الإقدام على أي عملية تطوير للحقول العراقية، لأن الدخول بدون هذه المقدمات التي يدخل بها القطاع الوطني الخاص يمكن أن يعتبر مغامرة محفوفة بالمخاطر القاتلة. لذا يجب العمل من الآن على خلق هذه البيئة الخدمية، لأنه أمر لا مفر منه وهو الأساس قبل الدخول بأي تحدي آخر، أما الخطوات العملية لخلق هذه البيئة فهي كالتالي: • من الواجب أن يتم إنشاء مكتب في الوزارة وأخرى في الشركات المنتجة للنفط والغاز تساهم بها وزارة التجارة والغرف التجارية والصناعية في البلد، وهي التي تضع الأسس الفاعلة لانطلاق هذا القطاع انطلاقة فاعلة وقوية مدعومة من قبل الدولة لكي يستطيع أن يقوم بدوره المنوط به ويساهم بتطوير هذه الصناعة التي سيتكالب عليها المستثمرون من كل حدب وصوب فيما لو توفرت حقا هذه البيئة. • كما وأن الحكومة يجب أن تعمل على وجود القطاع المشترك بين الدولة والقطاع الوطني الخاص الذي يعمل بهذه الصناعة، حيث هذا القطاع ضروري جدا لأن الكثير من هذه الخدمات تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة، والبنوك العراقية لا تستطيع توفير رأس المال ما لم يكون مع جهة مضمونة كالدولة. حيث أن وجود هذا القطاع المالي سوف يساهم بتشجيع القطاع الوطني الخاص على التوسع وتقديم أفضل الخدمات لما سيجده من تنافسية عالية من المنافس الأجنبي. • كما وأن إعادة الهيكلة تعني أن القطاع العام هو الآخر يجب أن يساهم بهذه البيئة الخدمية، وذلك من خلال فصل الخدمات عن الشركات المنتجة الأم حاليا، كما أسلفنا وتشكيل شركات خدمية بشراكة أجنبية متطورة تعمل على أساس المنافسة ومبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق الربحية المتوقعة منه. • وفي حال وجود قانون للاستثمار، يتشجع المستثمر الأجنبي للدخول كشريك مع المستثمر العراقي في القطاع الخاص، لان بغياب هذا القانون لا توجد ضمانات تحمي المستثمر الأجنبي من تعسف المستثمر المحلي في حال التحايل أو نشوب خلاف بين الطرفين. • البداية لأي شركة محلية، سواء كانت من القطاع خاص أو العام، يجب أن تكون مع الشريك الأجنبي ذو الخبرة الواسعة في مجال عمله، حيث أن المسألة لها أكثر من بعد كما أسلفنا، وهي ترتقي لمستوى الشرط الملزم في المرحلة الأولى. يمكن الرجوع للأجزاء الأخرى من الموضوع عبر الروابط التالية: http://www.rezgar.com/m.asp?i=118 http://www.sotaliraq.com/articles-iraq.php?id=42491
#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القطاع الخاص والخصخصة في الصناعة النفطية 3من6
-
القطاع الخاص والخصخصة في الصناعة النفطية -2من6
-
القطاع الخاص والخصخصة في الصناعة النفطية 1من6
-
خطوة للأمام وقفزتان نحو الهاوية
-
دلالات زيارتي المالكي والطالباني
-
بعض ملامح استراتيجية النصر
-
تفعيل دور القاعدة السياسية والاجتماعية للدولة المدنية
-
الرقص الهستيري بعد الانتخابات الأمريكية
-
أحذروا لعبة الأمن مقابل حياة صدام!؟
-
ماذا يحدث لو لم يحكم على صدام بالإعدام؟
-
أمريكا لن تنتصر على الإرهاب ما لم....
-
أما آن الأوان للتخلي عن الأحلام المريضة؟
-
اتفاق مكة كان فرصة لأداء العمرة فقط
-
655000
-
نريد نظام فدرالي وليس إمارات إسلاموية شمولية
-
الاتفاق الأخير حول الفدرالية ومهلة الحكومة
-
مازال الحديث عن الفدرالية مستمرا
-
حرب المشاريع السياسية
-
ليس علما للعراق
-
هل ستوقف مرجعية النجف دعمها لأحزاب الإسلام السياسي؟
المزيد.....
-
المغرب والصين يسعيان لعلاقات اقتصادية وتجارية متطورة
-
سعر الذهب صباح اليوم السبت 23 نوفمبر 2024
-
أكبر محنة منذ 87 عاما.. -فولكس فاغن- تتمسك بخطط إغلاق مصانعه
...
-
صادرات روسيا إلى الاتحاد الأوروبي تجاوز 3 مليارات يورو لشهر
...
-
ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة
-
عمل لدى جورج سوروس.. ترامب يكشف عن مرشحه لمنصب وزير الخزانة
...
-
وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع
...
-
موديز ترفع تصنيف السعودية وتحذر من -خطر-
-
ارتفاع جديد.. بتكوين تقترب من 100 ألف دولار
-
-سيتي بنك- يحصل على رخصة لتأسيس مكتب إقليمي له في السعودية
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|