الحزب الشيوعي العراقي نشأته وتأسيسه
فلاح أمين الرهيمي
2024 / 8 / 28 - 20:11
نتيجة للتأثير الأممي العميق الذي أحدثته ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى ... فقد بدأ الوعي الاشتراكي والأفكار الماركسية تتغلغل بين صفوف المثقفين الثوريين وشكلوا عدد من الحلقات الماركسية في العشرينات من القرن الماضي وقد حاول جماعة من الماركسيين العراقيين الأوائل عهد ذات تأسيس أول منظمة شيوعية ولكن المحاولة لم تنجح لأنه لم تنضج الظروف الموضوعية لنشوء حركة سياسية عمالية منظمة فانفرط عقد الجماعة وكان بين أعضائها المثقفون الثوريون الذين كانوا من رواد الدعوة الشيوعية في العراقي (حسين الرحال وعوني بكر صدقي ومحمود أحمد السيد وعبد الله جدوع ومصطفى علي وفاضل محمد) وفي الجنوب برز اسم المناضل الشيوعي الكبير يوسف سلمان يوسف (فهد) في وقت مبكر سواء كأحد قادة الحزب الوطني (فرع الناصرية) وفي حركة النقابة والعمال في مدينة البصرة ... لقد اهتدى الرفيق فهد إلى النظرية الماركسية – اللينينية في طريق بحثه عن العلاج الناجح لمشاكل الشعب الاقتصادية والاجتماعية واعتنقها سنة / 1929 بعد أن وجد فيها السلاح الوحيد الذي يستطيع فيه الشعب العرافي وكافة الشعوب المستعمرة وجميع المظلومين في العالم من أجل التحرر من الاستعمار والاستغلال والعبودية وإقامة مجتمع لا مكان فيه للآلام والمآسي وبدأ العمل الثوري المنظم بين صفوف العمال والوطنيين الثوريين في الناصرية والبصرة حيث قام بتشكيل الحلقات الحزبية وطور عملها فتحولت إلى منظمات جماهيرية تعمل لربط النظرية بالتطبيق وتصدر البيانات والنشرات في المناسبات المختلفة ... وبالنظر لبروز دور هذه الحلقات في النضال والنشاط وقيادة الأعمال الجماهيرية اعتقل عدد من أعضائها واعدم أحد رفاق الحزب من أصدقاء الرفيق فهد الشهيد العامل (حسين عباس) وتمكن الرفيق فهد من الإفلات والاختفاء وكان أول من وقف أمام المحكمة يدافع عن المبدأ الشيوعي بعد أن ألقي القبض عليه سنة / 1932 فقد أصر وأخذ يدافع عن مبدئه وامتنع من التراجع عن موقفه هذا على الرغم من إلحاح حاكم التحقيق وحاكم الجزاء من أجل إطلاق سراحه فلم يوافق الذي أراد له أن لا يدافع عن الشيوعية ولم يكن أحد قبله يدعي اعتناق هذا المبدأ والدفاع عنه وارتعبت الحكومة العميلة من هذا العناد الثوري واضطرب رجالها بما فيهم فيصل الملك المأجور والمستشارين الانكليز ووقف الزعيم الوطني جعفر أبو التمن إلى جانبه واستطاع في اطلاق سراحه ... وكان الرفيق فهد يتصل بزملائه في بغداد والمدن الأخرى وكانت الخلايا الشيوعية التي أسسها الرفيق فهد هي التي كانت الباكورة الأولى لتنظيم الحزب الشيوعي العراقي حيث استطاعت أن تنازع البقاء وأن تكون أقوى دعائم الحزب الشيوعي لدى تأسيسه لأنها امتزجت منذ تكوينها بحركة الطبقة العاملة والجماهير الواسعة.
في 31/ آذار/ 1934 انعقد في بغداد اجتماع تأسيسي للشيوعيين العراقيين الذين جاءوا من مختلف أنحاء العراق وقرر المجتمعون توحيد متطلباتهم في تنظيم واحد مركزي باسم (لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار) وانتخبوا اللجنة المركزية كما أصدروا بياناً لخصت فيه الأهداف السياسية ونظام الحزب ووزعوه على جماهير الشعب العراقي في كافة المحافظات العراقية وكان الدور الفعال والرئيسي في تأسيس المنظمات الحزبية منذ أوائل الثلاثينيات في عملية تأسيس مركز الحزب وبالتالي بناء الحزب وتدريبه وتربيته وفق القواعد اللينينية والضبط الحزبي البروليتاري من نصيب القائد الشيوعي البارز يوسف سلمان يوسف (فهد) الذي هو بحق المؤسس الرئيسي للحزب الشيوعي ويأتي كيانه وهو الذي رسخ وعزز فيه روحاً ثورية نضالية وفق التنظيم اللينيني الذي جعل الحزب الشيوعي يمتاز بأوسع الجماهير ويتصدى وينتصر على جميع الهزات والكوارث التي تعرض إليها واستمد ديمومته واستمراريته ويعزز وحدته وقوته وعلاقته المتينة بأوسع جماهير الشعب العراقي وقد كرس الرفيق الخالد فهد كل حياته من أجل قضية الطبقة العاملة والكادحين والشعب والوطن واتخذ شعار له (وطن حر وشعب سعيد) وبقي مخلصاً ومتفانياً للحزب الشيوعي حتى استشهاده على أعواد المشانق وهو يهتف (الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعمدة المشانق) في 14/ شباط/ 1949 عند بوابة المتحف العراقي في بغداد ... وفي أواخر تموز عام/ 1935 صدرت أول جريدة مركزية للحزب الشيوعية العراقي باسم (كفاح الشعب لسان حال الحزب الشيوعي العراقي بعد أن اتخذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي قراراً بإعلان (الحزب الشيوعي العراقي) بدلاً من (لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار).
لقد كانت جريدة (كفاح الشعب) أول جريدة طبعت سراً في تاريخ الحركة الثورية في العراق وكان على صدرها رمز الشيوعيين (المطرقة والمنجل) رمز العمال والفلاحين وشعار ماركس (يا عمال العالم اتحدوا) ومقتطف من البيان الشيوعي (فلترتعش الطبقات الحاكمة من شبح الثورة الشيوعية فليس للبروليتاريا ما تفقده سوى أغلالها وتربح عالماً بأكمله) وكان على صدر الجريدة شعار الحزب الشيوعي العراقي (يا عمال العراق اتحدوا).
وهكذا ظهر الحزب الشيوعي العراقي إلى الوجود وظهرت القيادة الجديدة لتجسد النضال والعمل الذي لا يعرف المهادنة والمساومة على حساب حركتنا الوطنية وتتصف بالإخلاص بلا حدود لقضية شعبنا العادلة. وفي عام/ 1943 صدر أول عدد (لجريدة القاعدة) لسان حال الحزب الشيوعي عوضاً عن جريدة (كفاح الشعب) لتصبح سلاحاً بتاراً بيد قيادة الحزب الماركسية – اللينينية ضد جميع فصائل الانتهازية.
في السنة الأولى من تأسيس الحزب الشيوعي العراقي (1934 – 1935) ثار نضال وحوار داخل قيادة الحزب عما إذا كان يجب زج الحزب اليافع وكان لا يزال يحمل اسم (لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار) في مضمار النضال الجماهيري دوراً نضالياً فوراً أم التريث حتى يتم تثقف أعضائه وكادره بحد أدنى من النظرية الماركسية – اللينينية وقد انتصر الاتجاه الأول الذي يدعو إلى زج رفاق الحزب بالنضال الجماهيري والتعلم في غمرة النضال الجماهيري فساهم الحزب الشيوعي في الدعاية والتحرك والمشاركة في انتفاضة عام/ 1935 الفلاحية في الفراتين الأوسط والأسفل ولم يمر ذلك بدون تضحيات فقد اعتقل بعض أعضاء الحزب الشيوعي وحكم عليهم بالسجن.
وتعتبر الفترة بين 1934 و 1945 فترة تكوين وتوطيد الحزب الشيوعي العراقي عبر نضال جماهيري عنيد ونضال متواصل ضد مختلف أشكال الانتهازية معززاً وحدته الفكرية والتنظيمية ضد العديد من الكتل والتيارات ومربياً كادراً نضالياً يمتلك تجربة غنية في النظري الماركسية – اللينينية والصراع الطبقي والأيديولوجي حتى تمكن في عام / 1944 من عقد المؤتمر الحزبي الأول الذي حدد فيه على ضوء التطبيق الحي والواقعي للنظرية الماركسية – اللينينية على الظروف الخصوصية للعراق وطن وشعب من حيث احترام تقاليده وعاداته الملموسة تكتيكياً واستراتيجياً من خلال مرحلة التحرر الوطني حيث كان العراق شبه اقطاعي وشبه استعماري تتحكم في سياسته الداخلية والخارجية شركات النفط الاستعمارية واستطاع أن يكسب إلى صفوفه أوسع الجماهير من مختلف الطبقات الاجتماعية بمختلف أطيافها الدينية والقومية وفي عام/ 1945 عقد المؤتمر الأول للحزب الشيوعي العراقي الذي وضع فيه نظامه الداخلي الذي حدد فيه الأسس التنظيمية والمبادئ الأممية والعلمانية للحزب الشيوعي متمسكاً بالتنظيم اللينيني الذي يقوم على الضبط في التنظيم والالتزام والنزاهة والأخلاق والنقد والنقد الذاتي والمركزية الديمقراطية والتثقيف والتثقيف الذاتي وبناء العلاقة الحميمة والراسخة مع جماهير الشعب الذي يعتبر الرصيد المتين للحزب الشيوعي وبما أن الحزب الشيوعي العراقي يمول ذاتياً من خلال دفع اشتراكات من رفاق الحزب والتبرعات من أصدقاء ومحبي ومؤازري الحزب الشيوعي وسوف تنشر هذه الفقرات تباعاً من قبل كاتب السطور لأن هذه الفقرات والأسس تتوطد فيها وتتجلى في التضامن المطلق مع حزب لينين كما تتجلى في تبني القضية العادلة للشعب العراقي وطابعه الطبقي البروليتاري والتضامن مع الشعب الكردي وضمان الحقوق القومية والدينية لجميع أبناء الشعب العراقي وترسيخ الحقوق الديمقراطية والحريات التابعة لها والنضال العنيد من أجل رفاهية الشعب وسعادته والعدالة الاجتماعية والاهتمام بالتربية والتعليم والصحة والخدمات الأخرى وتوفيرها مجاناً لجميع أبناء الشعب بمختلف طوائفه وأجندته وقد اختار شعار للحزب الشيوعي العراقي (وطن حر وشعب سعيد).
وبذلك رسخ الحزب التقاليد الثورية والأسس التنظيمية التي كانت سلاحاً بيد المناضلين من رفاق وأعضاء الحزب الشيوعي وأنصاره وبعد أن أصبح الحزب الشيوعي قوة سياسية كبرى تهدد مصالح الاستعمار والحكم الملكي العميل انطلق الحزب بعد استكمال كل مقوماته التنظيمية والأيديولوجية إلى العمل والنضال الجماهيري الثوري بأوسع نطاق فكان العمل الثوري الجماهيري (وثبة كانون عام 1948) التي عصفت بمعاهدة بورتسموث واستقالة وهروب رئيس الوزراء صالح جبر وعزلت الحكم الرجعي المتحالف مع الاستعمار وقد سار الحزب في درب النضال ضد المشاريع الانكلو – أمريكية ومن أجل انتخابات ديمقراطية في تشرين الثاني عام/ 1952 وقام من أجل ذلك في وثبة تشرين عام/ 1952 وقد ناضل الحزب الشيوعي العراقي من أجل إقامة الجبهة الوطنية منذ عام/ 1943 متمسكاً بسياسة المحالفات اللينينية كما نجح الحزب في إقامة الجبهة الوطنية الموحدة مع الأحزاب الوطنية الأخرى عام/ 1946 في معركة الجلاء والجبهة اليسارية في كانون الثاني عام/ 1948 التي فجرت وثبة عام/ 1948 وتشكلت جبهة وطنية من الأحزاب الوطنية في الانتخابات العامة في ربيع عام/ 1954 وقد فازت فيها كتلة الجبهة الوطنية الموحدة بإحدى عشر مقعد في مجلس النواب ونتيجة لتعاون القوى الوطنية التي خاضت انتفاضة الشعب العراقي لنصرة الشقيقة مصر ضد العدوان الثلاثي عام/ 1956 وعلى أثرها انفجرت ثورة الشعب المسلحة في مدينة الحي الباسلة جنوب العراق التي استمرت أكثر من أسبوع قمعت بالطائرات والدبابات والتشكيلات الحربية الأخرى التي كانت امتحان للشعب وتحضيراً لثورة الرابع عشر من تموز.
لقد تمكن الحزب الشيوعي العراقي بنشاطه ونضاله الخاص ضمن الجبهة الوطنية الموحدة وبقوة المثل الثورية التي عززها وعمقها لدى جماهير الشعب العراقي من عمال وفلاحين وغيرهم وفق مبادئ التنظيم اللينيني من مساعدتها على تبني سياسة ثورية وتدريسهم على مختلف أساليب الكفاح وفعلاً مارس فلاحو الفرات الأوسط التمرد المسلح الذي بلغ ذروته في ثورة تموز عام/ 1958 فكانت الجماهير على عموم القطر في أعلى مزاج ثوري صبيحة 14/ تموز/ 1958 بحيث أمكن تحقيق الانتصار التاريخي على الاستعمار والقضاء على النظام الملكي العميل خلال سويعات.
منذ تأسيس الحزب الشيوعي العراقي واستمراره في النضال من أجل حرية وطنه وسعادة شعبه ناضل ضد البيروقراطية الفاسدة ضد الحكم الملكي العميل احتجاجاً على المعاهدات الاسترقاقية وأحابيل الاستعمار الجديد وأحلافه العدوانية وسالت دماء الشعب في شوارع المدن العراقية والنضال في اضراباتها وانتفاضاتها ضد النهب الاستعماري والظلم الإقطاعي وشركات النفط الاحتكارية وقد حصدت الرشاشات نخبة من المناضلين واحتوت المعتقلات والسجون عشرات الألوف من المناضلين الشيوعيين بيد أنه لا السجون ولا المعتقلات ولا التعذيب ولا الحديد والنار كان بمقدورها قهر الروح الوطنية الثورية للشعب العراقي الباسل الذي قوض أركان الإقطاع والاستعمار والرجعية في أربعين سنة من النضال البطولي المستميت ... إنها ملحمة الشعب العراقي الباسل أما أبطالها فهم جماهيره الثائرة وألوف الشهداء من الشيوعيين الأبطال جميع ذلك حدث من خلال تلاحم وانصهار الشيوعيين مع جماهير الشعب الواسعة وذلك من خلال نشاط ونضال الشيوعيين ووحدة الحزب ومتانته وقوة تنظيمه وثقافته ووعيه الفكري.
لقد وطد الحزب الشيوعي بناءه في غمرة الكفاح ضد التيارات الغربية والدخيلة وكان نضال الشيوعيون على أساس القواعد اللينينية في حياة الحزب الداخلية ومبادئ الضبط والالتزام والمركزية الديمقراطية ووحدة الإرادة والعمل والتقييد بالضبط اللينيني وكانت جريدة الحزب منبراً لتعرية الأفكار المتحللة والانتهازية وتثبيت الماركسية – اللينينية.
إن النظرية الماركسية – اللينينية وجدت كحفارة قبر النظام الرأسمالي وقد وجدت وفق الخصوصية الوطنية لكل وطن وشعب وشملت جميع مراحل تطور النظام الرأسمالي في كل مكان وزمان فليس من المعقول أن تفنى وتنتهي النظرية الماركسية والنظام الرأسمالي بجميع امتداداته العولمة والليبرالية لا زالت موجودة.
أول مظاهرة حاشدة للحزب الشيوعي العراقي عام / 1946
خرج الحزب الشيوعي العراقي بتظاهرة حاشدة في قلب العاصمة العراقية بغداد عام/ 1946 شارك فيها أكثر من ثلاثة آلاف متظاهر من أعضاء الحزب وأنصاره دفاعاً عن الحريات الديمقراطية في العراق واحتجاجاً على الأعمال الإجرامية في فلسطين وتأييداً للشعب المصري من أجل الجلاء وتصدت لها الشرطة العراقية فاستشهد فيها خمسة متظاهرين كان أحدهم عضواً في الحزب الشيوعي ... ومع تصاعد ظهور حركات التحرر العالمية بعد انتصار الحلفاء وهزيمة النازية والفاشية اشتد نشاط الحزب الشيوعي العراقي وكان نشاطاً متميزاً أرعب البلاط والسلطة الحاكمة حتى أن بهجت العطية مدير الأمن العام آنذاك كتب تقريراً عام/ 1949 وقدمه إلى حكومة نوري السعيد ذكر فيه أن العقيدة الشيوعية انتشرت انتشاراً واسعاً في المدن الكبيرة العراقية إلى درجة أن الحزب الشيوعي العراقي اجتذب إليه وتعاطف معه ما يقارب من 50% من الشباب من كافة طبقات المجتمع العراقي ووجدت الأفكار الشيوعية طريقها كذلك إلى السجون فحولتها إلى مؤسسات ومنابر ومؤتمرات شيوعية.
وفي السادس من كانون الثاني/ 1949 أصبح نوري السعيد المعروف بعدائه للشيوعية رئيساً للوزراء في العراق وأعلن في كلمة له في البرلمان أن هدف حكومته أن تصفي الحساب مع الشيوعيين وتكافح الشيوعية حتى نفسها الأخير في البلاد.
وفي عام/ 1947 قامت الحكومة العراقية بملاحقة التنظيمات اليسارية وعلى رأسها الحزب الشيوعي العراقي فزج بالكثير من أعضاء الحزب الشيوعي في السجون ومنهم سكرتير اللجنة المركزية للحزب (فهد) الذي ألقى القبض عليه وأحيل إلى المحكمة التي حكمت عليه بتاريخ 26/ حزيران/ 1947 بالإعدام شنقاً حتى الموت ونتيجة للاحتجاجات الدولية والمحلية اضطرت حكومة صالح جبر بتاريخ 13/ تموز/ 1947 بتخفيف حكم الإعدام إلى السجن المؤبد لكن فهد استمر في قيادة الحزب وإرسال الرسائل إلى أعضاء الحزب الشيوعي من السجن إضافة إلى كريس نشاطه لتثقيف السجناء في كل السجون العراقية التي نقل إليها بمعنى الشيوعية وأهدافها.
في السادس من كانون الثاني/ 1949 أصبح نوري السعيد المعروف بعدائه للشيوعية رئيساً للوزراء في العراق والذي أعلن في كلمته في البرلمان العراقي أن هدف حكومته أن تصفي الحساب مع الشيوعيين وتكافح الشيوعية حتى نفسها الأخير في البلاد وعلى هذا الأساس أمر نوري السعيد بإعادة محاكمة (فهد) ورفاقه وأصدرت حكمها بإعدام (فهد) وبعضاً من رفاقه بتهم الاتصال بالأجنبي والتحريض على قلب النظام والدعوة للتظاهرات والأحزاب والتمرد وتم نفيذ حكم الإعدام على عجل وبسرية يوم 14/ شباط/ 1949.
لقد تصورت حكومة نوري السعيد أنها بإعدام سكرتير الحزب الشيوعي مع أعضاء المكتب السياسي بالإضافة إلى اعتقال وسجن المئات من كوادر الحزب والإجهاز على مقاره ومطابعه أنها أنهت وبشكل دائم أية فرصة لإعادة تنظيم الحزب الشيوعي وإن الشيوعية في العراق قد تم استئصالها من العراق بشكل نهائي ... إلا أن الحزب الشيوعي العراقي عاد نشاطه بعد أقل من سنة وإن كان عمله تنظيمياً وبشكل سري وبنطاق حركة مراقب ومحدود بسبب متابعة الأجهزة الأمنية لكل حركة تفضي لعدم نشاط الحزب الشيوعي إلى واجهات الحياة السياسية في العراق.
بعد إعدام (فهد) تولى قيادة الحزب الشيوعي بهاء الدين نوري الذي رفع شعار إسقاط نظام الحكم وموضوع حق أكراد العراق في الانفصال وهذان الأمران لم يكونا موجودين في ميثاق الحزب الشيوعي العراقي عام/ 1945 فأبدت بعض القيادات في الحزب والأعضاء المسجونين من الشيوعيين رأياً مخالفاً لهذه الأفكار فأصدرت قيادة الحزب بقيادة بهاء الدين نوري قراراً بطرد كل من أبدى ملاحظاته من الحزب وتم التشهير بهم ومحاولة إسقاطهم سياسياً عبر صفحات من جريدة (القاعدة) الناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي وقد كانت ردة فعل الذين طردوا من الحزب هي تشكيل تنظيم مواز باسم (راية الشغيلة وأصدروا جريدة حملت اسم (راية الشغيلة) واعتبروا قيادة بهاء الدين نوري منحرفة عن خط الحزب الشيوعي مما سبب تصدعاً عميقاً في صفوف الحزب الشيوعي العراقي وبدأت حرب التخوين عبر صحيفة كل تنظيم القاعدة وراية الشغيلة التي كانت أكثر رواجاً بسبب وجود قيادات معروفة للحزب الشيوعي العراقي وكان التيار يمتلك مطبعة تطبع فيها منشورات الحزب التي كانت توزع بشكل سري على بيوت العراقيين.
وبعد أن اعتقل سكرتير الحزب (بهاء الدين نوري) عام/ 1953 ومن ثم اختيار الرفيق الشهيد البطل سلام عادل سكرتيراً عاماً للحزب الشيوعي العراقي عام/ 1955 اتصل بقيادة راية الشغيلة ممثلة بالرفيق جمال الحيدري وطلب منه ضرورة وضع حد للاتجاه الانشقاقي وإيقاف السجال بين الطرفين وأيد هذا المسعى الرفيق خالد بكداش سكرتير الحزب الشيوعي السوري ثم حصل الاندماج في صفوف الحزب الشيوعي العراقي وتوحيده من جديد في عام/ 1956.
كان الرفيق الشهيد البطل سلام عادل مناضلاً شيوعياً ونشيطاً وسياسته وقيادته شبيهة ومطابقة لسياسة وقيادة الرفيق فهد حيث أعاد النضال والعمل والضبط للحزب الشيوعي العراقي واستطاع أن يجدد التنظيم في صفوف الجنود وضباط الجيش العراقي وأن يكون التنظيم داخل الجيش ويصدر جريدة تنطق باسم صفوف الجنود وضباط الجيش العراقي اسمها (حرية الوطن) وله الفعل والدور الكبير في تنظيم وتشكيل منظمة الضباط الأحرار وتشكيل الجبهة الوطنية الموحدة بين الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الكردستاني وقسم من المستقلين ويقيم اتفاق واتصال مع كافة الضباط الأحرار وتقوية الروابط بينهم وبين الجبهة الوطنية الموحدة التي فجرت ثورة 14/ تموز/ 1958 الخالدة.
الحزب الشيوعي ودوره في النضال من أجل سعادة الشعب وحرية وطنه
إن الحزب الشيوعي يعتبر ضرورة مرحلية لأن المرحلة التي نعيشها الآن متذبذبة مما يتطلب ضرورة الحزب الشيوعي وتواجده يتمتع بالمعرفة الاشتراكية العلمية وبالمركزية الديمقراطية وبأيديولوجية الكادحين ... والاشتراكية العلمية التي يناضل من أجلها الحزب وسيلة وهدف في استيعاب الفلسفة الاشتراكية العلمية بالإضافة إلى استيعاب قوانين المادية الجدلية والمادية التاريخية من أجل التمكن من التحليل الملموس للواقع الملموس وصولاً إلى إدراك القوانين التي يجب تفعيلها من أجل وعي الواقع وتغييره عن طريق تحقيق التحرير وتحرير الإنسان وتحقيق الديمقراطية الشعبية التي يحرص الشعب العراقي على تحقيقها الديمقراطية بمضامينها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والديمقراطية الصحيحة التي يحرص الشعب على تحقيقها وليست الديمقراطية المزيفة وتحقيق العدالة الاجتماعية بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية والمعنوية في أفق الاشتراكية والنضال في ربط جدلي دقيق يهدف إلى جعل النضال من أجل تحقيق التحرر والعمل من أجل تحقيق الديمقراطية الصحيحة والعمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وهو ربط جدلي دقيق يهدف إلى جعل النضال من أجل تحرير الإنسان مقترناً ومتفاعلاً مع النضال من أجل الديمقراطية وكلاهما يقترن ويتفاعل مع النضال من أجل تحقيق الاشتراكية والنضال من أجل الديمقراطية الصحيحة يقترن ويتفاعل مع النضال من أجل تحقيق الاشتراكية والنضال من أجل تحقيق الاشتراكية ليستفيد بذلك من الفكر الاشتراكي العلمي من أجل إيجاد مجتمع اشتراكي متقدم ومتطور وفاعل ومتفاعل مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي الذي يصبح محكوماً بالتحرير وبالديمقراطية وبالاشتراكية وساعياً إلى سيادة الفكر الاشتراكي العلمي والمنهج الاشتراكي العلمي الذي يعمل على إنتاج الفكر العلمي والممارسة العلمية مما يجعل المجتمع معرفاً تقدماً وتطوراً وفكراً وممارسة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية سعياً إلى تحقيق الإنسان المتقدم والمتطور الذي يسعى إلى التقدم والتطور كما ينشده الاشتراكيون والذي لا حدود له على جميع المستويات والنضال من أجل التحرير ومن أجل الديمقراطية ومن أجل الاشتراكية حيث يقتضي ويصبح متسلحاً بالفكر الاشتراكي العلمي الذي نستطيع من خلاله أن نصل إلى التحرير وإلى الديمقراطية وإلى الاشتراكية لأنه بدون الفكر الاشتراكي العلمي لا نستطيع أن نمتلك ونعرف ماذا نريد ؟... كما أننا لا نستطيع أن نمتلك الوعي بالذات وبالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولا يمتلك الوعي الطبقي ولا أن نصارع بالوعي الطبقي الذي نمتلكه ولا أن نسعى إلى تحقيق تحرير الذات الإنسانية والديمقراطية والاشتراكية في إطار مجتمع متقدم ومتطور ومتحرر وديمقراطي واشتراكي حتى يأتي بالإنسان في المجتمع المتحرر الديمقراطي الاشتراكي وأن يدوس الاستغلال بأشكاله المختلفة وأن يتخلص من التواجد البورجوازي والاقطاعي المتخلف وأن يضع حداً لتطلعات البورجوازية الصغرى ليصير كل شيء في المجتمع قائماً على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية بين الناس جميعاً على أساس المساواة فيما بينهم اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً أملاً في التحرير وفي الديمقراطية وفي الاشتراكية المستدامة والمتطورة بتطور الإنسان والهادفة إلى تحقيق النقلة النوعية في اتجاه المرحلة الأرقى والأكثر تطوراً حتى يمكن لكل فرد من أفراد المجتمع أن يكون إنساناً والإنسان لا يستطيع أن يبدع إلا في إطار تحقيق العدالة الإنسانية والاجتماعية التي تناسب مع التحرير والديمقراطية والاشتراكية ولا يستطيع أبداً أن يكون مناضلاً في إطار النظام الرأسمالي الذي بلغ فيه استغلال الإنسان وكل الأجراء وسائر الكادحين مداه وأصبحت فيه المعيشة إلى حد يصعب معها الاستمرار في الحياة مهما كان هؤلاء الرأسماليين الذين لا يجدون ذواته إلا بالسماح للرأسمالية بتعميق الاستغلال إلى درجة تمييع المجتمع وجعله مجتمعاً غير قادر على الاستمرار حتى يتأتى له أن يفضل الموت على الاستمرار في الحياة نظراً لعمق الاستغلال الممارس على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وهو ما يجعل النضال من أجل التحرر ومن أجل الديمقراطية ومن أجل الاشتراكية أكثر قرباً من وجدان الإنسان وأن يسعى هؤلاء جميعاً إلى إشهار نضالاتهم على المستوى الوطني ويستطيع الجماهير الشعبية الكادحة انتزاع مكاسب مادية لصالح الجماهير وانتزاع مكاسب مادية ومعنوية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية لصالح العمال والكادحين وأن يسعى بالنضال انتزاع مكاسب مادية ومعنوية من خلال نضالاتهم على المستوى الوطني حتى يتفاعلوا مع ما يجري وطنياً وقومياً وعالمياً وتتفاعل معهم كل الحركات الجماهيرية والحقوقية والسياسية وخاصة القوى الشيوعية والوطنية والقومية والعالمية.
لقد كشف كارل ماركس من خلال قراءته للتاريخ البشري الحقيقة القائلة بأن التاريخ من الألف إلى الياء هو صراع بين تشكيلات اجتماعية اقتصادية بدأت بمجتمع الرق – الإقطاع – البورجوازية قائم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وإن ديالكتيك التطور يكمن في تطور القوى المنتجة ودخولها مرحلة التناقض مع علاقات الإنتاج التي لا يمكن حلها إلا بزوال الطبقة القديمة وهنا يبرز الدور التاريخي للطبقة العاملة التي ولدت من رحم النظام الرأسمالي باعتبارها الطبقة الأكثر تقدمية وثورية والمنتجة للخيرات المادية والقادرة ذاتياً وموضوعياً على تحرير نفسها من عبودية العمل المأجور وبالتالي تحرير المجتمع بأسره ... تلك هي إذن الرسالة التاريخية للطبقة العاملة في دفن الرأسمالية إلى الأبد وفرض مبدأ العدالة في التوزيع .. إن الصراع الطبقي هو صراع موضوعي خارج إرادة وتحكيم البشر والمفكرين وإن قراءة العملية تشير إلى أن الطبقة العاملة هي من سيختم التاريخ الإنساني البربري الذي سطره مجرى الصراع الطبقي الذي وصل اليوم إلى ذروته في النظام الرأسمالي العالمي وإن ما يشهده العالم في هذه الأيام من اضرابات واعتصامات واحتجاجات عالمية ما هو إلا تعبير استمرار ظاهرة الصراع الطبقي الناتج عن الاستغلال إضافة لتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية في العالم وإفرازاتها المرعبة هي في التحليل النهائي التي تشكل إحدى صوره تلك الأزمة وانعكاساتها السيئة على مستقبل شعوبنا العربية في سوريا واليمن وليبيا ومصر والعراق والمناطق العربية الأخرى.
الرفيق فهد يعالج الأفكار الغريبة والانحرافات في الحزب الشيوعي العراقي
بعد تأسيس الحزب الشيوعي العراقي ظهرت وبرزت أفكار غريبة وانحرافات وانشقاقات وكتل انتهازية في الحزب وقد لخص تجربة الحزب الثمينة لهذه الفترة الرفيق فهد في كراسه (حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية) موضحاً فيه الأساس الموضوعي لظهور الانشقاقات والتيارات الانتهازية في الأحزاب الشيوعية فكتب : إني ذكرت لكم أشخاصاً جاءوا بانحرافات وقاموا بتخريبات، ولكن أحذركم من الظن بأن ذلك لم يكن يحدث لولا أولئك الأشخاص المعنيين، أحذركم من الظن بأن ذلك ما كان يحدث في الحزب مجرد أعمال شخصية لا تيارات وإن لم تتبلور شكلها النهائي بعد لأسباب متصلة بحركتنا وإن كانت غريبة أيديولوجياً ... إني لا أنكر دور الأشخاص في هذه الانحرافات ولكنهم ليس مصدرها، إنهم نبتات جذورها الراسخة في تربة قطرنا ... إن العدو ليضحك من عقولنا ويفرح إن نحن حاربنا أوراق الشجرة وأغصانها وتركنا جذورها سالمة ... علينا أن لا نكون أغبياء إلى حد اعتبار الأخطاء التي نشأت وتنشأ في وسطنا متأتية من أولئك الأشخاص فنحاربهم دون محاربة التيارات الانحرافية وتنظيف حركتنا منها.
واستطرد الرفيق (فهد) في كراسه (حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية) في تحليل الظروف الذاتية والموضوعية التي أدت إلى ظهور هذه التيارات الغريبة قائلاً: لم يكن من الغريب أن تظهر انعكاسات هذه التيارات في حزبنا بشكل انحرافات يمينية ويسارية عن الخطة الثورية اللينينية، ولم يكن من الغريب أن تظهر بشكل عنيف جارف وفي الوقت نفسه مبهم ومشوش وما سبب ذلك إلا ظروفنا الموضوعية والذاتية ... ظروف قطرنا السياسية والاجتماعية .. هذا القطر الصغير المتأخر والجامع في الوقت نفسه لحزمة من متناقضات الامبريالزم .. ظروف طبقتنا العاملة الفتية التي لم يمضي وقت طويل على خروجنا من طبقة الفلاحين والحرفيين وصناعهم وممن انحدروا من مراتب البورجوازية الصغيرة ولا يزال تفكيرهم أقرب إلى البورجوازية الصغيرة من البروليتاريا ... يضاف إلى ذلك قلة اختبارهم بأساليب الانتهازية وقلة الكادر الحزبي المتقن للنظرية الثورية وتطبيقها يضاف إلى ذلك انعدام الأحزاب العلنية والنقابات في القطر مما يدفع كثيراً من العناصر غير البروليتاريا من أعداء الاستعمار وأعداء الوضع بصورة عامة والموظفين والطلاب غير المسموح لها بالاشتغال بالسياسة وأقسام من العمال الذين يعملون من أجل تحسين أحوالهم المعاشية مما يدفع جميع هؤلاء التهافت على الحزب الشيوعي للعمل والنضال فيه ... ولخص الرفيق فهد تجربة الحزب في مكافحة التيارات المنحرفة والانتهازية قائلاً : علينا قبل كل شيء أن نجرد أفكارنا من الجزئيات والأمور الشخصية وما أشبه لكننا نستطيع من حل مسألة الانحرافات.
1) إن الانحراف اليميني في الأحزاب الشيوعية في ظروف الرأسمالية ميل وانعطاف هو ميل من قبل قسم من الشيوعيين للابتعاد عن الخطة الماركسية – اللينينية الثورية إلى اتجاه الاشتراكية الديمقراطية التي هي دعامة للطبقات المستثمرة في حركة الطبقة العاملة.
2) وإن الحزب الشيوعي ضد الانحرافات ويجب أن لا يقتصر على تنحية الانتهازيين والمنحرفين وتطهير الحزب منهم بل أن نحارب الانحرافات والنضال بشكل جداً ضد جذوره في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في القطر، أي نحارب الأفكار التي تنبعث منها الانتهازية والانحراف.
3) أن لا ينشغل الثوريون عن محاربة الانحرافات باعتبارها خطراً على الحزب بأعمالهم الحزبية الاعتيادية الآنية دون التفكير بمستقبل الحركة وأهدافها وبدون الانتباه إلى أن انتصار الانحرافات داخل الحزب معناه ضياع الأمل بتطور الحركة الشيوعية.
4) إن وجوب تطهير الأحزاب الشيوعية من المنحرفين باعتبارهم أداة النفوذ البورجوازي المعادي داخل البروليتاريا وأن يشن الحرب على الانتهازيين المفضوحين فحسب بل كذلك على الموفقين لأنه عندما تعلن الحرب على الانحراف اليميني يختفي الانحرافيون اليمينيون عادة بزي الموفقين ويحملون الحزب ويجعلونه بموقف حرج ولكي نمنع مناورة متحرفي اليمين هذه يجب علينا أن نلح بإثارة حرب صادقة ضد الميل التوفيقي.
5) أن يفرض ضبط حديدي على الأعضاء وخضوع لا شرطي لهذا الضبط وبهذا فقط يمكن تحطيم تكتلات المنحرفين داخل الحزب من خلال الوقوف ضد هجماتهم لتنفيذ شعار تطهير الحزب الشيوعي من الانتهازيين حيث في الوقت الذي يكون فيه شعار تطهير الأحزاب الشيوعية من العناصر الانتهازية نافذ الفصول، يعهد المنحرفون اليمينيون التكتيلة علينا أن نشدد في الضبط الحديدي في الحزب وعلى خضوع لا شرطي من قبل أعضاء الحزب الشيوعي لهذا الضبط كما عالج الرفيق فهد مشكلة التيار الانتهازي اليساري في كراسه قائلاً : وقد حصلت حوادث عديدة من هذا القبيل في أكثر الأقطار عند أو تأليف الأحزاب الشيوعية وعندما كانت في دور تكوينها انطغى المرض اليساري الذي حمله الشيوعيون الجدد الذين لم يكونوا قد تعودوا على الخضوع للضبط الحزبي وعلى استغلال جميع الامكانيات في العمل العلني وعلى تحمل دكتاتورية الزعماء ودكتاتورية الحزب في حين كانوا يريدون هم أو بالأحرى يتصورون دكتاتورية الجماهير لا دكتاتورية الحزب وزعمائه فقد قال لينين (من الخير لهؤلاء اليساريين أن ينفصلوا ويؤلفوا حزبهم من أن يشوشوا على الحزب ويعوقونه عن القيام بأشغاله العملية والتثقيفية السياسية وليجربوا هؤلاء الذين يريدون حزباً بدون أن يكون شديد المركزية وبدون ضبط حديدي ... كيف يستطيعون أن يهيئوا لدكتاتورية البروليتاريا ولتحقيقها ولابد أن الحياة في الواقع سيعيد إليهم صوابهم).
ودفاعاً عن مبادئ الحزب الأساسية كتب الرفيق فهد : إن الهدف النهائي للحزب البولشفي كما سجلته مناهجهم هو إسقاط البورجوازية وإقامة دكتاتورية البرلوتساريا ولم يقف حزب شيوعي في العالم إلا على هذا الأساس ... كما أن ذلك شرط من شروط الأممية الشيوعية ... إن الأحزاب الانتهازية تنكر دكتاتورية البروليتاريا وتتجنب ذكرها في منهجها وكتب الرفيق فهد عن النواحي التنظيمية للحزب الشيوعي التي تعزز مناعته ضد التيارات الانتهازية الغريبة وتؤهله للقيام بواجبه التاريخي قائلاً : لكي تستطيع الأحزاب الشيوعية في العالم من القيام بتأدية واجباتها في هذه المرحلة (مرحلة الامبريالزم) تحتم عليها أن تكون حزباً مجاهداً، أحزاباً جماهيرية لها قواعد عامة ثابتة (بالنسبة للدور الذي هي فيه من أدوار نضال الطبقة العاملة) كأن يكون الحزب مركزياً غير مفكك لكي يستطيع مقارعة العدو الموحد الرأسمالية الاحتكارية .. أن يكون الحزب حراً من تأثيرات النفوذ الأجنبي نفوذ الطبقات المعادية التي تستخدم الانتهازيين مطايا لها داخل الحزب ... وهكذا يحافظ الحزب على وحدته .. أن يطهر الحزب نفسه لا من العناصر الخائنة فقط بل من العناصر الثرثارة الخاملة لمبادئه وتعاليمه .. يقول لينين : (عندما تكون البروليتاريا في معارك فاصلة مع البورجوازية من أجل السلطة فمن الضروري ليس اقصاء المنشفيك والإصلاحيين والثورانيين (منشفيك إيطاليا) فحسب بل قد يكون من المفيد أيضاً إقصاء بعض الشيوعيين المتذبذبين الذين يكشفون عن ميل وتعاطف نحو الوحدة مع الاصلاحيين ويجب إقصاء هؤلاء عن جميع المراكز ذات المسؤولية في الحزب ... أن يتبع أشكال التنظيم التي تمكنه من استغلال جميع الامكانيات في العمل وأن يدرب قادته وكوادره تدريباً يجعلهم أهلاً لقيادة الحزب ومفروض عليه أن يقوم بدور الطليعة وأن يسير على قاعدة المركزية الديمقراطية وأن يتقيد بقواعد عمومية تقررها الأممية الشيوعية وأن لا شيء يثني تنظيمه الحاضر فقط دون الاحتياط للطوارئ).
كما أورد الرفيق فهد في كراسه أسباب لجوء الحزب الشيوعي إلى النضال السري قائلاً : (ليست الأحزاب الشيوعي كتلك الجمعيات السرية ذات المبادئ والغايات التي لا تتفق ومصلحة الجماهير ولا تستسيغ آدابها وأسلوبها وتفكيرها والتي تلجأ إلى العمل السري وتفني نشاطها على المؤامرات والإرهاب وتعلمه ما لا ينبغي ... فالأحزاب الشيوعية العلنية منها والسرية لا تخجل ولا تحجم عن نشر مبادئها ونواياها ولا تخاف تبيان مواقفها من الحوادث التي لها صلة بطبيعتها وبلادها وبمصير الإنسانية وما يعود لها من حضارة .. الخ فإن ما يُلجئ بعض الأحزاب الشيوعية إلى التكتم والتخفي هو منعها من قبل الطبقة الحاكمة وحكوماتها من نشر مبادئها وآرائها ومن تأليف منظماتها بصورة علنية ومن إمكانية قيام أعضائها بنشاطهم وملاحقة الأعضاء باعتبارهم أناس خارجين على القوانين (قوانين الحكومة المستبدة) فالحزب الشيوعي يختفي إذن ويصبح حزباً سرياً يقصد نشر مبادئه وآرائه وتبيان مواقفه من الحوادث والمحافظة على استمرارها وتنظيمها إلى آخر ما هنالك من الواجبات ... فالشيوعيون ليسوا من يرتاحون إلى تعريض بيوتهم إلى عادات الشرطة وإرهاب من فيها وأحياناً أخذهم رهائن وليسوا ممن يحبون رؤية وجه الجاسوس الذي يتتبعهم كظلهم يتحملون كل هذا وأكثر منه برغم أنف العدو الذي يحاول تهزيمهم من الميدان عن طيب خاطر يحلونه فوق ذواتهم وفوق بيوتهم ... إنهم يعيشون مثلاً أعلى هو حبهم لوطنهم وشعبهم ولطبقتهم وللبشرية أجمع إنهم يكرهون من الأعماق أذاء طبقتهم وشعبهم والواقفين في سبيل تقدم الإنسانية ... لقد خرج الحزب الشيوعي من هذه المعارك الأيديولوجية والسياسة والتنظيمية التي حفلت بها هذه الفترة التاريخية متراص الصفوف ذات خبرة نضالية جبارة وتقاليد ثورية ضد التيارات الانتهازية والحركات الانفصالية والتصفوية مما وطد كيانه وعمق جذوره في ضمير الشعب العراقي وفي هذا يكمن سر بقائه جماهيرياً قوياً رغم كل محاولات أعدائه المتعددة للقضاء عليه.
برنامج الحزب الشيوعي العراقي
1) نناضل من أجل سيادتنا الوطنية لنجعل استقلال قطرنا حقيقة وليس لفظاً.
2) نناضل من أجل إيجاد حكومة تعمل لمصلحة الشعب وجهاز حكومي ديمقراطي لائق ونظام ديمقراطي صحيح في نظام حكومتنا ... برلمان ومجالس إدارة وبلدية ينتخبها الشعب وتمثله حقاً .. إعادة الدستور العراقي أي تطبيق بنوده المحبوسة المتعلقة بحقوق الشعب الديمقراطية وإزالة القوانين والمراسيم والتعديلات التي لا تتفق وروح الدستور الذي كسبه الشعب العراقي نتيجة ثورته عام/ 1920 – 1921.
3) نناضل من أجل حل مشكلة التموين، بالضرب على أيدي المضاربين بقوت الشعب والمحتكرين بتوفير المواد الضرورية إلى الشعب وتمكينه من شرائها بأثمان تتناسب مع دخله.
4) نناضل من أجل تنمية اقتصادنا الوطني ومن أجل تطور بلادنا الصناعي ومن أجل استثمار ثرواتنا الطبيعية لهذا الغرض ولغرض سعادة ورفاه شعبنا ... ونناضل من أجل تخليص شعبنا من شركات الاحتكار الأجنبية ضد سيطرتها الاحتكارية لحبوبنا وتمورنا وإنتاجنا الزراعي وترقية الزراعة ومحاربة العوامل التي تؤخر تطورها ... ونناضل من أجل تخليص شعبنا من الشركات الاحتكارية الأجنبية ضد سيطرتها لتمورنا وشعيرنا وإنتاجنا الزراعي بصورة عامة ضد الأثمان الاحتكارية المفروضة على منتوجاتنا الزراعية من قبل الشركات الأجنبية المصدرة في سبيل إيجاد أسواق حرة ووسائط نقل حرة لتصريف منتوجاتنا.
5) نناضل من أجل إيقاف نهب أراضي الفلاحين والملاكين الصغار والمحافظة على ملكيات الشعب وإيقاف إعطاء اللزمات الكثيرة (المقاطعات) إلى الشيوخ المتنفذين وتوزيع هذه الأراضي بقطع صغيرة على الفلاحين مباشرة وبدون بدل من أجل مساعدة الفلاحين وتخليصهم من نهب السراكيل والمرابين ومنحهم القروض الحكومية (نقدية وبدون فوائد) ورفع الضرائب والرسوم (الخاوات) والإيجارات غير العادلة واللاقانونية عنهم تلك التي يفرضها عليهم الشيوخ والسراكيل من أجل تخليص الفلاح من سرقات التجار له وذلك بإنشاء جمعيات تعاونية له.
6) نناضل من أجل الدفاع عن مصالح العمال السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية في سبيل تنظيم نقاباتهم ومن أجل سن القوانين التي تحمي مصالحهم ومن أجل احترام تنفيذ قانون العمل رقم (72) المعدل وذيوله وفي سبيل توسيع هذه الحقوق ومن أجل ضمان اجتماعي يقيهم عوز البطالة والشيخوخة ونناضل ضد تصرفات إصحاب الأعمال الكيفية واستبداد السلطات بهم.
7) نناضل من أجل نظام ضرائب يعفي ذوي الدخل الصغير من أعبائها وتخفيف الضرائب غير المباشرة عن كاهل الشعب واعفاء الحرفيين وأصحاب الحوانيت من رسوم البلدية.
8) توسيع نطاق التعليم لأبناء الشعب من كلا الجنسين وبدون تمييز في القومية والدين والمركز الاجتماعي ونناضل من أجل رقية الحياة الاجتماعية والرياضية عند الشعب عن طريق النوادي والجمعيات العلمية والرياضية ... الخ.
9) نناضل عن حقوق المرأة كمواطنة ومساواتها بالرجل في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
10) نناضل في سبيل إيجاد مساواة حقيقية في الحقوق القومية الكردية مع مراعاة حقوق الجماعات القومية والجنسية الصغيرة كالتركمان والأرمن واليزيدية والشبك والمسيحيين والفئات الأخرى.
11) نناضل من أجل الاعتناء بالجندي العراقي المكلف بصحته وتغذيته وتثقيفه وتربيته التربية الديمقراطية ومن أجل إلغاء الأساليب غير الإنسانية المتبعة في الجيش وتنظيف الجيش من الرتل الخامس والجواسيس والعناصر الرجعية ونناضل في سبيل جيش يخدم مصالح الشعب ويدافع عن سيادته واستقلاله الوطني.
12) نناضل من أجل الصداقة والتعاون السياسي والاقتصادي والثقافي مع الشعوب الديمقراطية وتأسيس علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي.
13) نناضل في سبيل التقارب والتعارف السياسي بين الشعوب العربية وبين أحزابها وجماعاتها السياسية والديمقراطية من أجل الاستقلال والسيادة الوطنية لفلسطين والأقطار العربية المستعمرة والمحمية من أجل استكمال الاستقلال للعراق وسوريا ولبنان ومصر ضد الصهيونية وضد الدول المستعمرة مباشرة أو عن طريق المعاهدات والانتداب والحماية للبلاد العربية وضد محاولات واعتداءات استعمارية جديدة وضد تثبيت النفوذ الأجنبي بأي شكل في البلاد العربية ونناضل من أجل إيجاد حلف شريف وأداة تنفيذ لهذه الغايات.
14) نناضل في سبيل التعاون الاجتماعي بين شعوب البلاد العربية بين منظمات العمال والمثقفين والطلاب في البلاد العربية من أجل تقوية التنظيمات الشعبية وتوحيد جهودها من أجل رفع مستوى الشعور الوطني ومن أجل ممارسة الحريات الديمقراطية كافة ومن أجل رفع مستوى الشعب الاجتماعي والاقتصادي والصحي والثقافي وضد التيارات والمفاهيم الاستعمارية المغرضة وضد أساليب الحكم الاستبدادية اللاديمقراطية.
15) نناضل في سبيل التعاون الاقتصادي بين الأقطار العربية من أجل المحافظة على ثروات بلادنا وتنميتها واستخدامها لرفع مستوى البلاد العربية الصناعي والزراعي لغرض سعادة ورفاه الشعوب العربية من أجل رفع الحواجز الجمركية وتسهيل وسائط النقل والتبادل التجاري ضد الشركات الاحتكارية الأجنبية ومصارفها وضد الهجوم الصهيوني الاقتصادي.
وبعد أن وضع الحزب الشيوعي العراقي برنامجه الوطني نشطت منظماته في سبيل تحقيقها ونشرها بين الجماهير الشعبية فازداد التفافها حول الحزب الشيوعي بعد أن تعرفت على أهدافه الوطنية الحقّة وجوهرها الإنساني التقدمي ... وكان البرنامج بمثابة الدم الحار الجديد الذي ضاعف نشاط رفاق الحزب على جميع الجبهات وبعد أن أفلست جميع الكتل الانتهازية وتوطد بناء الحزب التنظيمي على أساس الماركسية – اللينينية وجدت قيادة الحزب بأن الظروف الذاتية الموضوعية تتطلب تثبيت الأسس التي يبني عليها الحزب الشيوعي بعد أن تكدست لدى الحزب الخبرة العملية الكافية وأغنت كوادره المناضلة بقسط كبير من التجربة والمعرفة النظرية الماركسية – اللينينية مما يؤهلها لأن تضطلع بمهمة وضع نظام داخلي يستند عليه الحزب في حياته الداخلية فيتوقف على تطبيقها تثبيت كيان الحزب التنظيمي اللينيني وقوته وتوسيع منظماته وتوحيد صفوفه ونشاطه فعقد الحزب الشيوعي العراقي مؤتمره الوطني الأول تحت شعار : (قووا تنظيم حزبكم، وقووا تنظيم الحركة الوطنية) في شهر نيسان عام/ 1945.
النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي
لقد جاء النظام الداخلي تتويجاً لنضال شاق طويل، فقد وضع الأسس المبدأية لكيان الحزب الشيوعي العراقي التنظيمي وفق الأسس الماركسية – اللينينية فكانت ثمرته تطور التنظيم الحزبي في كيان حي تسوده وحدة الإرادة والعمل ونظام الضبط والطاعة الواعية الشرط الأول لإرادة الجماهير والأساس النضال الطبقي للحزب فقد جاء في المادة الأولى من النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي :- (إن الحزب الشيوعي العراقي حزب الطبقة العاملة التي تجد حركتها النضالية تعبيراً لها في حزبها الشيوعي العراقي الذي إليها يرجع قيامه ولمصلحتها وضعت وتوضع نظرياته وخططه لغرض سلامتها وتقويتها وتوجيهها وتركيبه ويسن نظامه الداخلي).
المادة الثانية :-
(إن الحزب الشيوعي العراقي حزب الطبقة العاملة التي يحتم عليها تنظيم نفسها في تنظيم سياسي ذي ضبط حديدي وتحمي الطبقة العاملة نفسها في ظروف دقيقة صعبة ومعقدة أمام أعداء أقوياء منظمين يملكون جميع الوسائل لقهرها وتحطيم حركتها إن هي أغفلت تحصين كيانها وتسليح نفسها بأشكال من التنظيم تتلائم وظروفها وتناضل ضد مفاهيمها والطابور الخامس الذي لم يقض عليه وتجابه الاستعمار العالمي الذي يكبل حرية وطنها وتناضل ضده وضد شركاته الاحتكارية التي تسيطر على الثروة وتنهب بلادنا وثمرات جهود شعبنا الكادح وتناضل ضد العملاء وأعوانه العاملين على تثبيت نفوذه بين ظهرانينا تناضل لصد هجمات الرجعية المحلية التي يعميها تعصبها الأعمى لمصالحها فينسيها واجبها الوطني تجابه جحافل الانتهازيين الذين يريدون السيطرة على الحركة الوطنية لتوجيهها توجيهاً لا ثورياً ولا وطنياً، تجابه أوضاعاً اجتماعية متردية تكتنف جماهر شعبنا فتناضل ضد الجهل والفقر تلك الآفات التي تسهل وقوع شعبنا فريسة لليأس والخوف ... وأخيراً تجدد الطبقة العاملة العراقية نفسها في وطن مستقل بالاسم فقط يدير دفة الحكم فيه حفنة من البيروقراطيين المحترمين الموالين للاستعمار يعملون بوحي من سفرائه وموظفيه المتغلغلين والمتنفذين في إدارات الدولة الرئيسية في ميادين القطر الاقتصادية كافة وحتى الاجتماعية .. تجد نفسها في وطن يحكم بأسلوب غير ديمقراطي فحرياته الدستورية الشحيحة مقيدة بقوانين تبطل وتعيق ممارساتها ومكبلة بسلطات إدارية تحكمه يمارسها رجال الإدارة والشرطة فحق التنظيم محبوس إذ لا أحزاب ولا جمعيات سوى تكتلات رجال الحكم وكذلك حق الاجتماع وحرية التعبير عن الرأي والحريات الشخصية غير معمول بها وتجد الطبقة العاملة نفسها بالإضافة إلى ما تقدم ... حيال قوانين نازية استبدادية من مخلفات العهد المونيخي البائد تمنع حركتها السياسية وتمنع الشيوعية ... الخ وبعد أن أكد على ضرورة الحتمية لوجود الحزب الشيوعي حدد المبادئ الأساسية للحزب وشرح ظروف فرضت على الحزب النضال السري حيث نصت المادة الثالثة من النظام الداخلي على : أن الحقائق المارة الذكر في المادتين الأولى والثانية حتمت على الشيوعيين بناء حزبهم بشكل يستطيع معه مقاومة الظروف وصيانة الحركة بالمحافظة على طليعتها بشكل يسهل عليهم تنمية حزبهم وتقويته ومن فرض وجوده كحزب علني في المستقبل بشكل يمكنهم من جر وجذب الجماهير الشعبية وتعبئتها للنضال في سبيل تحقيق شعار حزبنا (وطن حر وشعب سعيد) الحزب الشيوعي العراقي حزب سري مجاهد ذو ضبط حديدي يسري مفعوله على جميع هيئاته وأفراده دون استثناء يدين بالأسس التنظيمية التي وضع أسسها الراسخة القائد الفذ (لينين) في بناء تنظيمي في الحزب الشيوعي الروسي الذي تحول اسمه من الحزب البلشفي (الحزب الاجتماعي الديمقراطي) فأصبح اسمه (الحزب الشيوعي الروسي) في المؤتمر الذي عقد في آذار/ 1918 بعد انتصار ثورة اكتوبر العظمى عام / 1917 بقيادة لينين وجعل منه حزباً مناضلاً من خلال تحالف العمال والفلاحين وأصبح التنظيم اللينيني نبراساً ومرشداً لجميع الأحزاب الشيوعية في العالم ... لقد كان التنظيم اللينيني يخلق الإرادة ووحدة العمل والضبط والالتزام ويحقق الأهداف التي يناضل من أجلها الحزب الشيوعي ... لقد بلور القائد الفذ لينين أفكار التنظيم بحيث تعبر عن الانضباط والالتزام تسود في التنظيم وصفوف الحزب عن طريق الاصطفاف في التنظيم لأعضاء الحزب في تنظيمات منضبطة تسودها وحدة الإرادة والإصرار والتضحية التي لا يمكن للحزب أن يحقق أهدافه وطموحه بدون هذه التنظيمات المنضبطة والملتزمة ... وهذه الضوابط والفقرات هي :
1) الضبط والالتزام.
2) النقد والنقد الذاتي.
3) التثقيف والتثقيف الذاتي.
4) المركزية الديمقراطية.
5) فترة الترشيح ونيل عضوية الحزب.
6) دفع الاشتراك وجمع التبرعات من أنصار والمتعاطفين مع الحزب الشيوعي لأن الحزب الشيوعي يقوم على التمويل الذاتي.
تمتاز الأحزاب الشيوعية بسعة جماهيرها وليس بعدد أعضاءه وأصبح الحزب الشيوعي يمتاز أي عضو فيه بوعي فكري وثقافة عالية ونضج سياسي واسع وعلاقة حميمة بجماهير الشعب وينصهر معها في بوتقة واحدة ويجب على الشيوعي أن يمتلك جميع الصفات الحميدة والأخلاق العالية ويصبح نموذج للمجتمع الذي يناضل من أجله ولذلك استطاع الحزب الشيوعي العراقي أن يفجر الاضرابات والوثبات والانتفاضات من خلال علاقاته وتأثيراته على جماهير الشعب.
إن الشيوعي هو ذلك الإنسان الذي أدرك وعي الواقع الذي يعيشه الشعب فانخرط في غمرة النضال في صفوف الحزب الشيوعي من أجل تغيير ذلك الواقع المؤلم والمزري وبناء عوضاً عنه مجتمع يرفل بالسعادة والأمن والاطمئنان ... ويجب على الشيوعي أن يمتاز بالإرادة والصمود والضبط والالتزام وتنمية ثقافته والوعي الفكري الخلاق التي تعتبر شرطاً ذاتياً نشيطاً وفعالاً من أجل تحقيق الهدف الإنساني النبيل الذي يناضل من أجله (وطن حر وشعب سعيد). إن هذه الصفات التي يمتاز بها الإنسان الشيوعي ويناضل من أجلها تجعله نموذجاً في السلوك والأخلاق والالتزام والوفاء وتجعل منه الصمود والإرادة والشجاعة والجرأة والتضحية يستطيع أن يتجاوز جميع العوائق والمطبات والحفر والخوف والجبن والتردد وهذه الصفات لا يمكن الوصول إليها إلاّ من خلال الثقافة والوعي الفكري والمعرفة بالمبادئ والأهداف الشيوعية التي تنمي خصاله الشخصية والفردية التي يكتسبها من خلال ثقافته وقدراته الذهنية وتكوين قناعته وتطلعاته التي تعتبر ذات أهمية كبرى في عمله الجماهيري مع أبناء الشعب ولما كان الإنسان الشيوعي يمتاز بتلك الصفات يصبح نموذجاً وقائداً وثقة كبيرة يشار إليه بالبنان ويصبح ذات تأثير كبير وجذب لجماهير الشعب ويترك ويعمق أثره المبدئي والعقائدي على وعيهم ومداركهم ومسيرتهم النضالية ولا يتم ذلك إلا من خلال الاحتكاك والانصهار مع جماهير الشعب ... يقول الرفيق الخالد (فهد) هل يستطيع الإنسان أن يعيش بدون رئة يتنفس من خلالها الهواء ... الجواب كلا .. فإن رئة الحزب الشيوعي هم جماهير الشعب ؛ لأن الشيوعي بدون جماهير الشعب ونشر ثقافته ووعيه عن مبادئ الفكر الشيوعي بين جماهير الشعب كيف يستطيع أن يكسبهم ويجذبهم إلى الحزب الشيوعي ويترجم النضال من أجل بناء مجتمع العدالة الاجتماعية والشيوعية.
إن نشاط الإنسان في الحياة يتركز ويحدده بصورة مباشرة البحث عن السعادة والأمن والاستقرار وهذه الغاية والهدف يأتي من خلال نشاط وعمل الإنسان ولذلك تعتبر تصرفاته وسلوكه ونشاطه جزء من النشاط الذي يحقق تلك الأهداف والبعض من جماهير الشعب لا تملك وعياً يستطيع به الوصول إلى موقع السعادة والأمن والاطمئنان لأن الإنسان لا يملك وعياً وحتى إذا كان يملك وعياً فإن هذا الوعي ليس خالصاً ونقياً وإنما تثقله وتسيطر عليه رغبات الروح التي تبدو في صورة طبقات مضطربة من الأهواء والصور والأفكار لأن الوعي بادئ الأمر مجرد وعي البيئة الحسية المضطربة الأقرب للإنسان وحينما ينمو هذا الوعي من خلال المشاهدات والارتباطات الأخرى الواقعة خارج بيئة الإنسان ووجوده فتنتصب أمامه وعي الطبيعة التي تعتبر قوة غريبة كلياً وفائقة القدرة وتامة المتعة فينصرف أمامها بطريقة مضطربة ويرتهب منها مما يفرض عليه نمو عقله وتطور مداركه وضرورة الارتباط مع الآخرين من حوله وفي مجتمعه الذي يعتبر بداية وعيه الاجتماعي ومن هنا يظهر دور الإنسان الشيوعي ووعيه وثقافته عند الاحتكاك والانصهار مع هكذا إنسان يبحث على منفذ في الحياة وعن مستقبل وسعادة التي تتجسد وتعبر وتنسجم مع الفكر الشيوعي وفي هذه الحالة يصبح من واجب الشيوعي ومهامه ومبادئه وأهدافه الاتصال والاحتضان والانصهار مع جميع أبناء الشعب ومن خلال وعيه وثقافته يستطيع توصيل وإقناع والتفاهم من جماهير الشعب وكسبهم وجذبهم وتعاطفهم مع الحزب الشيوعي الذي يصبح يمتلك قاعدة واسعة من جماهير الشعب أن الخامل والجاهل والهامل واللامبالي والجبان والمتردد لا يمكن أن يكون شيوعياً يمتلك الوعي الفكري والثقافة التي يستطيع من خلالها واعياً ومثقفاً ومناضلاً يستطيع أن يقنع الآخرين من خلال الحوار والنقاش ولذلك من أولى صفات الشيوعي الثقافة والوعي الفكري والجرأة والشجاعة والأخلاق والتواضع.
أهمية الوعي الفكري والثقافي والعلاقة الحميمة مع جماهير الشعب
في ظروف معينة تفرض أحكام الضرورة أن لا تكون هنالك صراع ومعارك بين فئة وأخرى مما تفرض الظروف وضرورتها أن تتحول تلك الصراعات والمعارك إلى حرب مواقع فتصبح ذات طابع ثقافي من خلال الحوار والنقاش أو عن طريق الصحف والمجلات ووسائل الإعلام ويصبح الوعي الفكري الخلاق والكلمة سيد الموقف من خلال الفكرة الراجحة والحاسمة للميدان الرئيسي في الصراع.
من خلال معايشة جماهير الشعب والانصهار معهم في بوتقة واحدة نستطيع أن نتعرف وندرس الظاهرة التي تجسد مفرداتها وآلامها وحاجياتها والكابوس من الفقر والجوع والبطالة التي تجثم بكابوسها على صدورهم ومن خلال تلك العلاقة والانصهار نستنبط منها المعرفة والشعارات التي تجذب وتحشد جماهير الشعب وتوطد وترسخ العلاقة بينهم وبين الحزب الشيوعي كما نستطيع صياغتها وشعاراتها إلى مطاليب جماهيرية في سلوك وكفاح ونضال جماهير الشعب ... وإن القوى التي تكون بعيدة عن جماهير الشعب لا تستطيع أن تترجم الظروف والحياة التي تعيشها جماهير الشعب بينما الحزب الشيوعي يقاس بجماهيريته وليس بعدد أعضائه لأن الابتعاد عن جماهير الشعب ومعاناتها تكون علاقاتها وقيادتها خارج منهجية أسلوب النضال والكفاح الجماهيري وخارج إطار الظروف التاريخية الفعلية لسياسة ومبادئ وعقيدة الحزب الشيوعي ... إن الظروف الحالية للشعب العراقي سيئة جداً ويعج فيها (المجتمع) بالنقاشات والتعليقات والمتابعات السياسية ولذلك تعتبر فرصة لتنمية العمل الفكري بالمفردات التي تحدثنا عنها ومع هذا الموج علينا أن نعرف أن ما يجري هو عمل ومطلب سياسي وهو يعتبر أيضاً نشاط مطلبي سياسي لجماهير الشعب.
ماذا يعني النشاط المطلبي ؟ يعني عمل الحزب من أجل القضاء على الفقر والجوع والبطالة عمل من أجل خدمات أفضل ... العمل من أجل تحويل الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي من خلال الصناعة والزراعة والسياحة ... من أجل معالجة أضخم جهاز وظيفي تتفشى فيه البطالة المقنعة والفضائيين من أجل القضاء على المحاصصة والطائفية والمحسوبية والمنسوبية ... من أجل استيعاب الخريجين من الكليات وليس تخرج المئات من الطلبة وترميهم في مستنقع البطالة ... إن جميع هذه المآسي والسلبيات تعتبر عوامل أساسية ومحرك رئيسي لجماهير الشعب في الوعي والإدراك نحو التغيير ولكن الخلل والتقصير في القوى الحية والمدركة والواعية من أجل القيام بجميع هذه المهمات من نشاط وحيوية وترصين وتقوية ديناميكية وهيكلة منظماتنا وتعزيز أواصر الصلة والانصهار مع جماهير الشعب والتفاعل معهم من أجل خلق مناخ سياسي أفضل يجعل جميع جماهير الشعب تناضل وتعمل وتمارس السياسة والمطالبة بحقوقها ... إن الأيام تترى وتستعرض الأجيال أمام منصة التاريخ لأن للزمن قيمة فالمفروض الاستفادة من الوقت والزمن بالجدارة والمعرفة الكافية لأن الواجب على كل من يعمل من أجل التغيير أن يستثمر كل لحظة من الوقت ومن يتأخر أو يهمل هذه الفرصة تضيع عليه مسؤولية تاريخية أمام الأجيال القادمة لأنه من الواجب أن نتعامل مع الأحداث برجاحة العقل ووضوح الفكر ونتحمل مسؤولية قيادة الجماهير وتنظيمها والمبادرة لتحريكها ونضالها من أجل التغيير لأن الوعي الفكري والمسؤولية تتطلب منا أن ندرك ونعرف كيف نضبط ونربط نضالنا ووعينا من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية طبيعية ونتجنب الفشل والثغرات من السعي والوصول إلى التغيير نحو نظام مدني ديمقراطي وعدالة اجتماعية من خلال صندوق الانتخابات والصعود السلمي للسلطة عند ذلك نستطيع من بناء عراق ديمقراطي تقدمي مدني ونساهم بشكل فعال وواقعي في القضاء على الفساد الإداري ومكافحة المتراكمات السلبية ونعالج العلاقة السيئة بين المواطن وسلطة الحكم ... إننا كشيوعيين أدركنا الواقع المؤلم والحقيقة المرة التي تجثم بكابوسها على صدور الشعب العراقي فانخرطنا في غمرة النضال من أجل مشروع سياسي وطني ديمقراطي وحرية الوطن وسعادة الشعب وتغيير ذلك الواقع المؤلم والمزري.
علينا كشيوعيين عدم أخذ الأمور متجزأة وإنما بتداخلاتها ووضوحها من خلال الاستجابة لمصلحة الشعب العراقي وعلينا أن ندرك ونعرف في العديد من المناسبات أهمية الصعود للبرلمان من خلال جماهير الشعب وإذا لم نتمكن من ذلك فالشارع موجود وذلك يعتمد على علاقتنا ونضالنا مع جماهير الشعب من خلال الوعي الفكري والانصهار معهم في بوتقة واحدة والذي نقوله الآن كان واضحاً وصحيحاً من خلال انتخابات (مجالس الشعب والمحافظات) ... نحن نناضل من أجل عدم إعادة العراق وطن وشعب القهقهرى إلى زمان الدكتاتورية وكم الأفواه وسنوات القهر والاستغلال وهذا يتطلب منا عدم التردد والتراجع ... إننا نسعى ونناضل من أجل حضور سياسي فعال للقوى المدنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وسعادة الشعب وحرية الوطن في النضال من أجل الكادحين وعموم أبناء الشعب العراقي بمختلف طوائفه وأجندته الدينية والقومية ... ومن خلال نظرتنا ووعينا الموضوعية والواقعية وحرصنا وشعورنا بالمسؤولية العالية تجاه مصير شعبنا ووطننا أن نتابع الأحداث وتطوراتها بثقة ودقة وأن نتفاعل معها بثقة وموضوعية ونقف على الدوام مع جماهير شعبنا بمطاليبه وطموحاته المشروعة في الحرية والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة والعدالة الاجتماعية.
الثقافة والتثقيف الذاتي ودورها في الوعي الفكري والديمقراطية والعلاقة بجماهير الشعب
تعتبر الثقافة والتثقيف الذاتي الباب الواسعة التي يدخل من خلالها أعضاء الحزب الشيوعي إلى رحاب المعرفة والوعي الفكري والديمقراطية والقوة والإمكانيات الواسعة على فهم ذاته والآخرين وتطورها ومقدرته على التفاهم والحوار وإقناع وكسب الجماهير إلى صفوف الحزب الشيوعي وتوسيع قاعدته الجماهيرية ... حيث لا يمكن للشيوعيين أن يشعروا ويدركوا أنهم يناضلون ويعملون من أجل جماهير الشعب ومن أجل مجتمع تخيم عليه الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحياة الإنسانية وتجعلهم كقوة واعية تتصرف وفق المبادئ والعقيدة التي يؤمنون بها ويعتنقونها إذا لم يكن لديهم إمكانية المعرفة والثقافة والوعي الفكري العام والخاص بالمبادئ والعقيدة اللتان يناضلون من أجلها من أجل (وطن حر وشعب سعيد) من خلال النضالات اليومية بما يمتلك من ثقافة واسعة وعميقة ووعي فكري تجعل منه شخصية بارزة جماهيرية واجتماعية يستطيع من خلالها توعية جماهير الشعب بحقوقها العادلة وواقعها المؤلم من خلال وعيه وثقافته تأخذ دورها في النضال الجماهيري والتوعية وشحذ الهمم ويقظة الجماهير الواسعة وهذه المهمة هي من واجب الشيوعيين لأن الأحزاب الشيوعية تقاس بسعة جماهيرها وليس بعدد أعضاء الحزب الشيوعي ... إن الحزب الشيوعي العراقي تعرض إلى كوارث ونكبات كثيرة ولكن جماهيرية الحزب المساندة له من أبناء الشعب التي احتضنته وساعدته أن يبقى رافعاً راية النضال إلى الآن وذلك لأن الحزب الشيوعي العراقي استطاع أن يوطد ويرسخ علاقته ونضاله مع جماهير الشعب العراقي لأن الفكر الماركسي – اللينيني الذي يسترشد به يتعامل مع الأيديولوجية باعتبارها الأساس والمركز في الوعي الفكري والعلاقة العضوية بين البنية الفوقية كفكر سياسي واقتصادي واجتماعي مع البنية التحتية التي هي جماهير الشعب ومن خلال الاستنتاجات تعالج المشكلات الناجمة عن الواقع الموضوعي للنظرية الماركسية التي تعتبر بالرغم من عالميتها فإنها تمتاز بخصوصية وطنية أي النضال والعمل حسب البيئة والظروف والعادات والتقاليد للشعب الذي تناضل فيه ومن أجله ولذلك أصبح الحزب الشيوعي يرتبط بعلاقة متينة وقوية مع جماهير الشعب من خلال النشاط النظري وترجمته مع الواقع ومن خلال ذلك يؤدي إلى تغيير الميدان العملي لجماهير الشعب. يقول القائد الفذ (لينين) : (إن القوة لا يمكن مواجهتها إلا بقوة مثلها أو أفضل منها ولكن الحزب الشيوعي يمتلك النظرية الزاخرة بالفلسفة والمعرفة والثقافة المشحونة بقوة الكلمة المؤثرة بقوة الوعي الفكري والثقافة الواسعة التي تخلق الإرادة والإخلاص والإصرار والتصميم والعزم والثقة العالية عن طريق غرز الإيمان بالمبادئ التي ترسخ الثقة والعلاقة المتينة مع جماهير الشعب التي يناضل من أجلها الحزب الشيوعي).
يقول المفكر الشيوعي غرامشي : (إن الثقافة تلعب دوراً فعالاً حينما تتحول إلى أداة للفعل السياسي عن طريق الوعي الفكري بالاتكاء على جماهير الشعب والقوى الاجتماعية الصاعدة التي تتطلع إلى عالم جديد ومستقبل زاهر ... فالدعوة إلى الثقافة الجديدة معناها الدعوة إلى ممارسة ومبادرة من شأنها أن تخلق إنسان جديد ومجتمع جديد).
إن الإنسان الجاهل يعيش داخل نفسه أما الإنسان الواعي والمدرك يعيش دائماً خارج نفسه وينصهر مع جماهير الشعب التي تناضل من أجلها لأن الإنسان الواعي يعيش من مشاركته وانسجامه مع جماهير الشعب ويصبح كالمرآة يرى من خلالها نفسه والآخرين من جماهير الشعب فيصبح انعكاس متبادل بينه وبين جماهير الشعب.
إحدى ثوابت الديمقراطية في النظرية الماركسية – اللينينية المركزية الديمقراطية
إن المهمة الرئيسية للحزب الشيوعي هي أن نعرف ونتعلم كيف نبحث ونحدد بشكل صحيح المسار المحدد أو المنعطف الخاص للأحداث والواقع الذي يعيشه الشعب ويضع جماهير الشعب في مواجهة النضال من أجل تغيير الواقع.
تعتبر المركزية الديمقراطية قاعدة من السلوك والعمل التنظيمي الداخلي الذي يمارسه أعضاء الحزب الشيوعي ... وهذه القاعدة يختلف أسلوب تطبيقها حسب الظروف والمراحل التي يمر بها الحزب الشيوعي وبشكل خاص السياسية ... فحينما تتسع حرية العمل وانفتاح الديمقراطية تضيق مساحة المركزية وتتسع مساحة الديمقراطية على أن لا تصل إلى حد التنسيب واللامبالاة وعدم الالتزام والضبط إلا أن الحزب الشيوعي في كل الظروف يجب أن يحافظ على مركزية العمل في الحزب التنظيمي مع الانفتاح الديمقراطي ... والعمل الحزبي والضوابط والفقرات هي :-
1) الضبط والالتزام بالمنهج والقرارات الحزبية.
2) النقد والنقد الذاتي.
3) دفع الاشتراكات والتبرعات.
4) التثقيف والتثقيف الذاتي.
5) العلاقة الحميمة بجماهير الشعب.
6) المركزية الديمقراطية.
7) فترة الترشيح لعضوية الحزب.
إن الحزب الشيوعي في كل الظروف يجب أن يحافظ على مركزية العمل التنظيمية مع الانفتاح الديمقراطي لأن الحزب الشيوعي لا يعمل على أساس سياسة إنجاز المرحلة الطبقية لفترة محدودة تتعلق بتحقيق الهدف الاستراتيجي لمرحلة معينة وهو بالرغم من أنه يناضل ويعمل لإنجاز هدف يتعلق بمرحلة طبقية إلا أن هذا الهدف بعيد ويستوجب نضال مثابر من الالتزام والضبط والمركزية والتفاني والتضحية لأن الحزب الشيوعي هو الطليعة المناضلة لشغيلة اليد والفكر وكل الجماهير المسحوقة والفقيرة التي يجثم عليها كابوس الظلم والاستغلال والحرمان وهذا ينعكس على واقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والصحي فأصبح يخيم على هذه الشريحة الواسعة من أبناء الشعب الفقر والجهل والأمية والمرض والبطالة وبذلك أصبح نضال الحزب الشيوعي شاق وصعب وطويل لأنه يمثل إنجاز مرحلة من النضال الطبقي حتى يستطيع الوصول إلى تلك الشريحة الواسعة التي تمثل الطبقة السفلى والأخيرة من طبقات المجتمع ومن خلال ذلك يتبين لنا الأسباب والعوامل لصمود وديمومة واستمرارية الحزب الشيوعي إلى يومنا هذا متخندقاً في محراب النضال (تعلو يمينه شمساً أفقها رحب وباليد الأخرى ترفرف الراية الحمراء مطرزاً عليها وطن حر وشعب سعيد).
إحدى النوافذ الديمقراطية في الفكر الماركسي – اللينيني النقد والنقد الذاتي وضوابط الحوار الفكري
يعتبر النقد والنقد الذاتي في الفكر الماركسي عملية لمراجعة الذات ومحاسبتها ثم يجري إعادة بنائها على الأسس العلمية الواقعية الصحيحة التي تلائم مع مصلحة الحزب ومسيرته النضالية في خدمة الشعب والوطن وما ينسجم مع ظروفنا وتقاليدنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بحيث نستطيع أن نقوم أنفسنا بما ينسجم مع الواقع الموضوعي ومصلحة الحزب ونضاله الجماهيري من أجل أن نضطلع بالمهام والمسؤولية في مسيرة الحزب وسلوكه وتعامله في بناء وتوطيد العلاقة مع جماهير الشعب والوطن.
كما يعتبر النقد الذاتي فعل إنسان من أجل الوصول إلى الحقيقة والواقع ومن أجل إيجاد الحلول الناجحة والصائبة الصراعات والمتناقضات بين الظواهر المختلفة وما يجري على الواقع الموضوعي من خلافات بين الآراء والاجتهادات والتقديم والتأخير والخروج بنتيجة متقاربة بين الآراء المختلفة والمتناقضة بواسطة النقد والحوار الهادف والبناء يتم الوصول إلى معرفة الحقيقة وتجاوز الأخطاء ومدلولات ونشاط عمل الحزب وعلاقته بالنشاط الجماهيري.
إن قاعدة النقد والنقد الذاتي وضعها القائد العظيم (لينين) مدللاً بذلك على أن النظرية الماركسية العلمية ليست عقيدة حكمية وإن النقد والنقد الذاتي يجب أن يكونا عنصرين صميميين فيها من أجل التوصل إلى معرفة الحقيقة ... إن عنصر النقد يدخل في صلب كل فلسفة ولكن لم يسبق لفلسفة غير النظرية الماركسية العلمية إن دخلت في صلبها عنصر الانتقاد الذاتي وأصرت على احلاله عنصراً صميمياً فيها مما يدل على أنها الفلسفة الأكفأ بين كل الفلسفات التي سبقتها لاستطلاع الحقيقة والكشف عنها بل هو الدليل على أنها النظرية العلمية الوحيدة القابلة للتطور ومتابعة المتغيرات والتطورات مع تطور العلم والمعرفة والفلسفة وهي الوحيدة التي في وسعها حل مشاكل جميع الناس ولذلك اعتمدت الأحزاب الشيوعية على مبدأ النقد والنقد الذاتي باعتباره الطريق الناجح والصائب في تقييم نشاطه وتجاربه في نضاله الجماهيري وتسليط الضوء على الواقع وعلى الأمراض التي تعاني منها الأحزاب الشيوعية ومعالجتها وعلى الشيوعي المؤمن بمبادئه وعقيدته أن لا يتردد ويتخوف من كشف أخطائه وعلى الشيوعي حينما يستعمل النقد يجب أن لا يكتفي بالكشف وإبراز المثالب والسلبيات وإنما يجب عليه إيجاد الحلول الصائبة في سبيل القضاء على تلك الظاهرة المرضية ومن أجل التخلص منها ... كما يجب أن يكون النقد والنقد الذاتي هادفاً وبناءً بعيداً عن الأنانية والبغضاء والمصالح الذاتية وأن تكون الغاية والهدف منه مصلحة الحزب الشيوعي ورسم الطريق الصائب والصحيح الذي يعزز روابط وعلاقات الحزب الشيوعي بالجماهير الواسعة وحياتها الحرة الكريمة.
إن الحزب الشيوعي يؤمن بالقيادة الجماعية والديمقراطية وعندما يرسم خططه ويضع تكتيكه واستراتيجيته التي تصب في مصلحة الشعب يعتمد على الحوار والنقاش من أجل الوصول إلى أهدافه ... إذن ما هي ضوابط النقاش والحوار الفكري؟
1) يجب أن يسود الحوار جو رفاقي ديمقراطي من حيث الشفافية واحترام الرأي والرأي الآخر.
2) يجب أن يكون هنالك موضوع محدد يجري النقاش والحوار عليه.
3) يجب أن تكون قناعة لدى المتحاورين بأن أي واحد منهم لا يمتلك الحقيقة المطلقة.
4) يجب على كل واحد من المتحاورين أن يقتنع بأنه يمتلك رأي نسبي ومختلف قد يكون صائب أو خاطئ.
5) يجب على كل متحاور الانفتاح الذهني والابتعاد عن التشنج والعصبية والانصات للطرف الآخر وعدم مقاطعته حتى ينتهي من طرح رأيه ووجهة نظره.
6) من خلال الحوار والنقاش الهادف والبناء والشفاف يتم الوصول إلى الآراء المشتركة والاتفاق عليها.
إن هذه القاعدة تتم عندما تكون هدفها الأول هو الحزب وتحقيق أهدافه ومصالحه وتطبيق مبدأ النقد والنقد الذاتي ومبدأ المركزية الديمقراطية تطبيقاً حياً وملموساً وسليماً من أجل مصلحة الحزب وتعزيز دوره الحقيقي في المجتمع وتحقيق أهدافه التي حددها مؤتمر الحزب ... إن الحزب الشيوعي هو تنظيم سياسي يضم الفئات والعناصر النشيطة والكفوءة ويعبر عن مصالحها وأهدافها ويقود نضالها في سبيل تحقيق أهداف الحزب وترسيخها ... والتي تصب في مصلحة جماهير الشعب.
إن الأحزاب الشيوعية تسترشد وتتمسك بالنظرية الماركسية – اللينينية وتعتمد وتبدع من خلال المبدأ التنظيمي اللينيني في الحزب ولصالح الحزب والمجتمع بشكل منتظم بعيداً عن المصلحة الذاتية الأنانية ... لأن الاختلافات والمتناقضات في الحزب الشيوعي ثانوية وليست رئيسية يمكن معالجتها وحلحلتها والوصول إلى الاتفاق ووحدة الرأي والحقيقة عن طريق الحوار بين كافة الأطراف المختلفة.
أهمية الوعي الفكري
نحن العراقيون نعيش الآن في شبه وأضيق نظام ديمقراطي ولكن بالرغم من ذلك إن الشيوعيين يتمتعون في بعض الحرية وحينما نتكلم عن الوعي الفكري والثقافة التي يمتاز بها الشيوعيين العراقيين لأنها تمتاز بكثير من المجالات في الحوار الفكري والتفاهم مع الآخرين واجباً وضرورياً.
إن الوعي الفكري الخلاق المستلهم من التنظيم اللينيني والنظرية الماركسية العلمية يعتبر الحافز الذي يحرك جميع الإمكانات المتاحة ويدفعها للتفاعل مع الواقع الموضوعي والتفاصيل التي تحيط به برؤيا واضحة قوامها الحقيقة والتدبر الصادق للعلاقات السائدة في المجتمع.
يمتاز الوعي الفكري الخلاق بخصوصية ورؤيا واسعة لأنه يرتبط بعلاقة وطيدة وحميمة بجماهير الشعب الواسعة ... وعندما تفقد جماهير الشعب هذه المعايير والقيم تفقد وجودها المبدئي والعقائدي وتنعدم ثقتها بنفسها وبالحزب ويصبح سلوكها كسلوك المهزوم المتخاذل دون أن يدخل المعركة لأن مكونات الوعي الفكري الخلاق هي الثقافة الواسعة والمعرفة المتنوعة والإدراك الملهم ... كما أن ضعف الوعي الفكري وفقدان الثقافة المبدئية والعقائدية يؤدي إلى خلل وضعف واضطراب في المستوى الثقافي والإدراكي لدى الكادر الحزبي ويربك العلاقات الرفاقية في الحزب وإلى افتعال المشاكل والصراعات بسبب الاختلاف في الأمزجة والنزوات والحوارات مما يؤدي إلى ضعف المستوى الأيديولوجي وفقدان الروابط والوعي الرفاقي بين رفاق الحزب ويفرز البيروقراطية والأنانية وحب الذات وينمي المصلحة الشخصية ويخلق التكتلات والانحيازات بين رفاق الحزب والتجمع والتكتل حول الأشخاص ذوي النفوذ الواسع والمناصب الرفيعة في الحزب مما يؤدي إلى تفكك الحزب ويهدد وحدته ويؤدي بالنتيجة إلى انهياره .. كما أن هذه الصورة السيئة تؤدي إلى عزل الجماهير عن الحزب.
إن الإنسان المدرك والواعي الذي يتمتع بالمعرفة الواسعة وحقيقة واقعه الموضوعي ولكل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومركزه ووجوده الاجتماعي هو ذلك الإنسان الذي ينطلق بثقة عالية وتصميم وإصرار في سلوكه وتصرفاته من مصلحة الحزب والجماهير الواسعة مسلحاً بمبادئ الحزب وأهدافه التي تصب في مصلحة جماهير الشعب الواسعة ويسير وفق الخريطة الصحيحة في العمل الصحيح الذي يصب في مصالح الحزب ويخدم جماهير الشعب الواسعة.
يقول عالم الاجتماع (جاك بيرك : إن الوعي الفكري الخلاق الذي يتسلح به الرفيق الحزبي ينطلق من الثقافة الاجتماعية الواسعة والسياسية والتجربة والإدراك الواعي التي هي مطلب خاص لمجتمع يبحث لنفسه عن دلالة وتغيير.
يقول فريدريك أنجلز : (في ظروف معينة تفرض أحكام الضرورة أن لا تكون هنالك صراع ومعارك بين فئة وأخرى أو طبيعة وأخرى مما تفرض للظروف ضروريتها أن تتحول تلك المعارك والصراعات إلى حرب مواقع فتصبح ذات طابع ثقافي وحوار ونقاشات عن طريق الندوات والصحف والمجلات والأدبيات مما يجعل الوعي الفكري الخلاق هو الفاصل والكلمة الراجحة وأن تصبح هي الفكرة الصائبة والمنطلق الحاسم للميدان الرئيسي في الصراع.
إن الوعي الفكري الخلاق حينما يتحول ويترجم إلى نضال عملي وواقعي ينطلق من الواقع الذي يعيشه جماهير الشعب وينطلق من قاعدة الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يؤدي إلى جذب الجماهير وانحيازها والتفافها حول الحزب ومناصرته ويخلق قاعدة متينة ورصينة راسخة تعتمد على أوسع الجماهير (إن الأحزاب الشيوعية لا تقاس بعدد أعضائها وإنما بسعة قاعدتها الجماهيرية) مما يمهد الطريق إلى ترسيخ العمل الواعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتترسخ وتنصهر معها في جميع مراحل وتطور النضال الجماهيري وتحقيق أهداف وتطلعات الحزب التي تصب في مصالح جماهير الشعب الواسعة حتى بزوغ وولادة الكيان والمجتمع الذي يناضل من أجله الحزب وبناء الوطن الحر والشعب السعيد إن الكسل والإهمال والتسيب واللامبالاة ظاهرة مرفوضة في الفكر الماركسي – اللينيني الذي يسببه ضعف الوعي الفكري ولم تخلق وتربى الإنسان الشيوعي الذي يسعى ويعمل من أجل حرية وطنه وسعادة شعبه وبالنتيجة تفرز الفقدان والاضطراب للوعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي مما يؤدي إلى الاغتراب والتهميش والفوضى وفقدان الثقة بالحزب الذي يعول عليه ويناضل من أجل تربية أعضائه والامتياز بسعة المعرفة والثقافة والمقدرة على قناعة الآخرين وتعزيز الثقة بمبادئ الحزب الشيوعي.
إن ابتعاد الجماهير عن الحزب يؤدي إلى فقدان القاعدة المتينة الواسعة وإضعاف الحزب الشيوعي لأن القاعدة المتينة والواسعة تعزز صمود الحزب وديمومته واستمراريته وإن عكس ذلك يؤدي إلى فقدان وضعف الثقة بالحزب وجماهيره الواسعة وضعف الثقة بالحزب والنظرية الماركسية – اللينينية التي يسترشد بها الحزب الشيوعي مما يجعل أعضاء الحزب بدون عقيدة ووعي فكري ومبادئ واجتهاد وطني صادق يحفز ويلهب نفوس جماهير الشعب وتعاطفها مع الشيوعيين ويدفعها للنضال والتضحية من أجل الوطن والشعب.
لماذا أصبح الحزب الشيوعي العراقي حزب أوسع الجماهير ؟
يمتاز الحزب الشيوعي بصفة تختلف عن الأحزاب المختلفة الأخرى حيث يعتبر الحزب الشيوعي بأن جماهيره الواسعة أكثر من أعضاء الحزب الشيوعي حيث كان يشارك ويستغل أي منصة أو احتفالية من أجل إيصال صوته ومبادئه إلى جماهير الشعب حيث كان يشارك في جميع المناسبات الدينية وغيرها لأن هنالك صفة تمتاز بها الأحزاب الشيوعية هي الخصوصية الوطنية التي تعني أن الحزب الشيوعي يناضل ويعمل حسب خصوصية وطبيعة وتقاليد وعادات الوطن الذي يعمل به الحزب الشيوعي ولذلك كان الشيوعيون يشاركون أبناء الشعب العراقي في جميع طقوسه الدينية والاجتماعية والدفاع عن حقوقه من أجل وطن حر وشعب سعيد ومن خلال ذلك كان الحزب الشيوعي يرتبط بأوسع العلاقات مع جماهير الشعب حتى أصبح يلقب بحزب أوسع الجماهير.
يقول الرفيق الخالد فهد : (هل يستطيع الإنسان أن يعيش بدون رئة يتنفس من خلالها الهواء ويعيش ... قال كلا .. لأن الإنسان إذا كان لا يتنفس الهواء يموت ثم يقول : (إن رئة الحزب الشيوعي جماهير الشعب الواسعة) ومن خلال هذا المفهوم أصبح الحزب الشيوعي يمد جسور متينة وعلاقة حميمة مع جميع جماهير الشعب لأن جماهير الشعب تعتبر رصيده وظهيره وإن ذلك يعتبر من أوليات المهمة والهدف الرئيسي للحزب الشيوعي هو خدمة الشعب والنضال والتضحية من أجل سعادته وحريته وكرامته ويؤكد ذلك الشهيد حسن عوينه حيث يقول : (على الشيوعي حينما يضع رأسه على الوسادة لكي ينام وقبل أن يغمض عينيه عليه أن يستعرض يومه ماذا قدم خدمة لشعبه) ونتيجة للعلاقة والرابطة المتينة بين الشيوعي والشعب أصبح المناضل الشيوعي عندما يتسلق سلم المجد والخلود (المشنقة) يهتف بحياة الشعب.
إن الحزب الشيوعي يؤمن بالأممية والعلمانية لا يفرق بين إنسان وآخر من حيث الطائفة والدين والقومية وعلى إبعاد الدين عن السياسة لأن الدين إذا تدخل بالسياسة يدمر الدين وكذلك تدمر السياسة وقد وجد الدين لله والحياة الآخرة والسياسة للحياة الدنيا والنظرية الماركسية – اللينينية تعتبر الإنسان أثمن رأس مال في الوجود ... ولولا هذه العلاقة الحميمة بين الحزب الشيوعي وجماهير الشعب الحميمة الواسعة لما بقي الحزب الشيوعي لحد الآن بعد تسعين عاماً من عمره المديد صامداً ومتخندقاً في محراب النضال بالرغم من الكوارث والهزات التي تعرض إليها ولكن استمد ديمومته واستمراريته من دعم ومساندة جماهير الشعب الواسعة تعلو يمينه شمساً أفقها رحب وباليد اليسرى ترفرف الراية الحمراء مطرزاً عليها وطن حر وشعب سعيد.
بعد هذه النبذة المختصرة نقتطف بعض الكلمات التي ذكرها الرفيق الخالد فهد في كراسه الموسوم (مستلزمات كفاحنا الوطني) التي تشتمل على توجيهات إلى الشيوعيين حيث انتقد ترك وإهمال الشعب وركز وأكد على التعلم من تجربتها الخاصة والتعايش والانصهار معهم في بوتقة واحدة والعناية والاهتمام بهم من أجل أن ترتفع إلى المستوى الذي يتطلبه النضال السياسي ثم يضيف ويقول أن النظرية الذاتية التي يقول بها القادة الوطنيين بخصوص ترك الجماهير تتعلم بدون تدخل العناصر التقدمية الواعية المنظمة يؤدي الأخذ بها إلى تجريد جماهير الشعب من سلاحه وتركه أعزل لا يستطيع الدفاع عن حقوقه العادلة ومطاليبه المشروعة ودفع الاعتداء عنه ولا يستطيع استرجاع ما فقده واسترجاع حريته وسيادته الوطنية وخيرات البلد لم يقول أن جماهير الشعب الواسعة لا تتدرب على النضال السياسي بدون إرشاد وتوجيه من القوى التقدمية المدركة والواعية وبدون كسب الخِبر والعبر والتجارب من ممارسة النضال الفعلي فالإنسان لا يتعلم السباحة دون النزول إلى الماء .. فمنع الجماهير من تعلم الكفاح السياسي بأشكاله المتنوعة بحجة وجود عناصر معادية وأفكار متعارضة وعناصر دس وشغب قد يؤدي التقرب إليها أو الاحتكاك معها إلى استفزازها وبحجج تافهة أخرى شبيه معناه الوقوف في وجه التدريب لشعبنا وجهاده الواسعة وعدم تهيئته للمعارك الحاسمة في تحقيق مطاليبه العادلة وحقوقه المستلبة وهنا معناه البقاء واقفين في مكاننا وهذا يعني تجريد جماهير الشعب من سلاح النضال ... ثم يقول الرفيق فهد ... إن نتائج ذلك تتحملها القوى التقدمية الواعية المنظمة وستكون مسؤولة أمام التاريخ ومسؤولة أمام جماهير الشعب من تعليم وتحفيز والهام تلك الجماهير أساليب النضال ومسؤوله عن الابتعاد عن جماهير الشعب ومسؤولة عن عدم السير أمام جماهير الشعب ومسؤولة عن جعل الجماهير تتجنب أخطائها من تجارها في النضال ومسؤولة عن خوض النضال وربح المعارك بأقل تضحية دون أن تخيفها التضحية التي لابد منها في الوصول إلى تحقيق مصالحها وإذا بقيت جماهير الشعب الواسعة مهملة ومهمشة وقيادة الحزب الشيوعي وأعضاءه في مكانهم قابعين في صالونهم على الرفوف العالية لا يتحركون ستنعدم الحدود بين الحزب الشيوعي وبين جماهير الشعب الواسعة وتسود الفوضى والتسيب واللامبالاة والبيروقراطية وتتسلل إلى الرفاق في الحزب الشيوعي مما يؤدي إلى اندحار للحزب الشيوعي وجماهير الشعب الواسعة وتفقد الحركة النضالية التي يقودها الحزب الشيوعي طابعها الجماهيري ويصبح حزب بورجوازي وحركة أشخاص تقودهم الأهواء والمصالح الشخصية الذاتية ويختتم الرفيق فهد كلامه محذراً الشيوعيين من التسيب وعدم الانضباط والضبط والتفاني وخدمة جماهير الشعب وتمتين العلاقة الحميمة معهم.
مشروع الديمقراطية والتجديد في الحزب الشيوعي العراقي
يعد إجهاض ثورة تموز / 1958 وتصفية مكتسباتها الوطنية وضرب الشيوعيين والقوى الديمقراطية في العراق وبيان رقم 13 سيء الصيت في 8 شباط الأسود وما تلاه من تصفيات جسدية وسجون ومعتقلات للشيوعيين العراقيين التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود بعد انقلاب 17 تموز/ 1968 البعثي فأدت هذه العملية المسعورة والجهنمية إلى تصفية الحزب الشيوعي بين التصفيات الجسدية في أقبية التعذيب والإعدامات والسجون والمعتقلات إلا قليل من الشيوعيين استطاعوا الإفلات من قبضة الحرس القومي البعثي ورجال الأمن والمخابرات فلجؤوا إلى الريف أو في البيوت وأصبحت العلاقة مقطوعة بين أعضاء الحزب ما عدا مبادرات شخصية من الشيوعيين في الريف الاتصال مع الآخرين من الشيوعيين وإنشاء علاقات فردية وقد هاجر قسم من الشيوعيين إلى خارج العراق وكردستان التي انفصلت واستقلت عن حكومة البعث في العراق بعد عام/ 1991 عندما شن صدام حسين حملة عسكرية على دولة الكويت وأدى فشلها إلى قيام الانتفاضة الشعبانية في عشرة مدن عراقية وانفصال إقليم كردستان عن حكم البعث في العراق وأصبحت كردستان تحت حماية دول التحالف التي حررت الكويت من جيش صدام حسين ... كما حدثت هزة كبرى بتفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار الدول الاشتراكية والأنظمة الاشتراكية ... وقد قَدِمَ بعض الرفاق الشيوعيين فمن كانوا في الدول الاشتراكية والدول الغربية إلى كردستان وقاموا بإحياء الحزب الشيوعي العراقي وتأليف قيادة جديدة للحزب الشيوعي العراقي ولجنة مركزية وانتخاب سكرتير لها الرفيق (حميد مجيد موسى) واستطاعت أن تقوم وتكون اتصالات مع الداخل العراقي في بغداد والوسط والجنوب من أجل إحياء ونشاط الحزب الشيوعي العراقي وفي عام / 1993 عقد الحزب الشيوعي العراقي مؤتمره الخامس وقام بصياغة مفهومين أساسيين فيه (الديمقراطية والتجديد) الذي أثر بشكل جدي على توجهات الحزب اللاحقة (لينين والتنظيم اللينيني في تنظيم الحزب) التي أثرت على مختلف الصعد التنظيمية والسياسية والفكرية وقد برر الحزب الشيوعي بقيادته الجديدة أسباب اتخاذ (الديمقراطية والتجديد) لمفهومين أساسيين في الحزب بما يلي (بعد أن توجه حزبنا لفحص المقولات والمفاهيم النظرية انطلاقاً من نبذ الاستنساخ والنقل الآلي للتجارب واستلهام المنهج الماركسي بمعاينة الواقع الموضوعي وتطوراته والواقع الملموس لنضال شعبنا ومشاكله وتقاليده وتراثه الثوري والاستفادة من التجربة العالمية ... كما ينتقد الحزب الشيوعي إلى الأداء في مجمل التحالفات التي كان الحزب يشارك بها واعتبر أن هذا الأداء ظل يعاني ضعفاً في ممارسة النقد تجاه حلفاء الحزب في التحالف وفي بعض الممارسات الخاطئة والاستجابة من الحزب إلى ضغوطات من قبل القوى المتحالفة معه وإلى ضعف الحيوية والديناميكية في التحرك المفروض بالحزب القيام بها بما يخدم ويعزز مواقع الحزب.
إن الحزب الشيوعي العراقي في مؤتمره الخامس عندما اتخذ قرار (الديمقراطية والتجديد) أزاح التنظيم الداخلي للحزب الشيوعي (التنظيم اللينيني) الذي على ضوئه تعقد اجتماعات لجان الحزب وخلاياه وحلقاته وكان منهاج الاجتماعيات تقوم على نشاط وسياسة الحزب الداخلية مثل الضبط والالتزام والعلاقة الحميمة بجماهير الشعب والنقد والنقد الذاتي والمركزية الديمقراطية والتثقيف والتثقيف الذاتي ومالية الحزب والكسب الجماهيري) وهذه الفقرات كان الحزب يتبعها ويسير عليها منذ تأسيسه عام / 1934 إلى عام / 1963 في عمله التنظيمي الداخلي وهي التي استمد الحزب منها ديمومته واستمراريته إلى الآن وليس لها علاقة بتبريرات الحزب عندما أزاحها وعوض عنها (بالديمقراطية والتجديد) التي سببت الاضطراب والفوضى في صفوف الحزب الشيوعي. وقد برزت بشكل جدي في مؤتمر الحزب الثامن عام / 2007 الذي كان بمثابة حفلة عرس لرحيل النظرية الماركسية – اللينينية من خلال الهافات والخطابات والرقص والهوسات وقد سن فيه نظام داخلي جديد نص في إحدى فقراته فقرة تقول (أما أولئك الذي تركوا التنظيم ولا زالوا يؤيدون سياسة الحزب (الديمقراطية والتجديد) الاهتمام بهم مثل السينتمارات وغيرها) وقد تم تهميش الرفاق القدامى في الحزب وقد أدت هذه الفقرة إلى انشقاقات في الحزب وتهميش للرفاق وخاصة بعد أن تولى قيادات الأحزاب المحلية في المحافظات رفاق ممن كانوا يعيشون خارج العراق في الفترة من عام / 1963 حتى عام / 2003 سقوط نظام صدام الدكتاتوري الدموي والذين كانوا متأثرين بحياة وديمقراطية الدول الغربية ... كما أن تبريرات الحزب باتخاذ الديمقراطية والتجديد كمبدأ لسياسة الحزب تعبر عن سلبيات سياسة الحزب الشيوعي السابقة إلى التحالفات مع حزب البعث وغيرها وهي تشير إلى سياسة الحزب الخارجية وليست الداخلية التنظيمية التي كانت تعتمد طيلة فترة وجوده على التنظيم اللينيني.
إن النظرية الماركسية – اللينينية التي يسترشد بها الحزب الشيوعي تمتاز بالرغم من عالميتها بخصوصيتها الوطنية حسب تقاليد وعادات وطبيعة الشعب وقد أصبح الحزب الشيوعي العراقي في السنوات السابقة من خلالها حزب أوسع الجماهير بينما الآن بسبب سياسته الجديدة (الديمقراطية والتجديد) تسود الحزب عدم الضبط والالتزام والتسيب وضعف في علاقة الحزب مع جماهير الشعب إضافة إلى انشقاقات التي أدت إلى تفكك الحزب وتفتتت جماهيره عندما انشق عن الحزب الشيوعي العراقي (حزب اليسار الشيوعي وحزب العمال الشيوعي وحزب اليسار) وهذه الأحزاب أعضائها وكوادرها كانت في السابق أعضاء بالحزب الشيوعي العراقي مما أدى إلى فشل الحزب الشيوعي العراقي في انتخابات مجالس الحكم ولم يحصل وينال حتى على كرسي واحد بسبب تشتت وتفكك جماهيره.
إن المفروض بقيادة الحزب الشيوعي الحالية الاسترشاد والاستفادة من تجربة الرفيق الشهيد سلام عادل التي كانت امتداد لسياسة الرفيق الخالد (فهد) حيث قام بعد انتخابه في حزيران عام/ 1955 سكرتيراً عاماً للحزب حيث ساهم بنشاط وفعالية في القضاء وحلحلة الخط الانعزالي والانشقاقات في الحزب وإقامة التحالفات مع القوى الوطنية وطور سياسة الحزب على أساس القيادة الجماعية وأقام بإعادة التنظيم العسكري وأصدر لهم وباسمهم (جريدة حرية الوطن) وأن يكون تنظيم بين الضباط والجنود ويؤسس (الضباط الأحرار) وعقد الجبهة الوطنية مع الأحزاب الوطنية التي كان لها الدور الفعال في ثورة 14 / تموز / 1958 الخالدة وأصبح الحزب الشيوعي حزب أوسع الجماهير.
وختاماً أقترح عودة تنظيمات الحزب الشيوعي الداخلية على (لينين والتنظيم اللينيني) لأن المهمة الرئيسية للحزب الشيوعي هي أن نعرف ونتعلم كيف نبحث ونحدد بشكل صحيح المسار المحدد والمنعطف الخاص للأحداث والواقع الذي يعيشه الشعب ويضع الجماهير في مواجهة النضال من خلال فهم النظرية الماركسية التي تعتبر منهجية وطريقة للعمل والتفكير الذي يعني وعي الواقع وتغييره بالاعتماد على الجدل المادي الذي هو التناقض والتراكم الكمي وقانون نفي النفي الذي يؤدي إلى تغيير نوعي وجدل الفكر المنسجم مع قوانين حركة المجتمع ولذلك إن الضرورة تفرض من أجل بناء حزب شيوعي ماركسي – لينيني يعتمد التنظيم اللينيني الذي يعتبر تجربة صائبة وصحيحة وأصبح ركن أساسي في النظرية الماركسية التي هي منظومة من الآراء والأفكار العلمية المتطورة الفلسفية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية تأسست على يد ماركس وأنجلز في أواسط القرن التاسع عشر كحفارة لقبر النظام الرأسمالي الذي استطاع التمدد إلى الحداثة والليبرالية الجديدة ودولة الرفاه الاجتماعي والعولمة إلا أن خصائصها الذي يقوم على رأس المال الخاص وتراكم رأس المال وفائض القيمة واستغلال الإنسان ونهب ثروة الشعوب وتجويعها والاغتراب للإنسان، لا زالت هي الطابع الرئيسي للنظام الرأسمالي قال كارل ماركس بعد إنجاز النظرية الماركسية أن العلماء أنجزوا تفسير النظرية الماركسية، أما الآن فيجب التغيير للعالم.
لقد هبط لينين بالنظرية الماركسية من سماء العلوم الطبيعية والمعرفة المجردة والافتراضات الفلسفية الصرفة إلى أرض الواقع وأصبحت المعركة والصراع بين الطبقات المضطهدة والمحرومة والكادحة والمستغلة وبين الطبقات المستغلة التي تسلب حقوق المظلومين والمضطهدين والمحرومين ... ليس عراكاً وصراعاً فلسفياً وإنما تحولت الأفكار والقوانين العلمية من مجال الفلسفة إلى صراع ونزاع طبقي من خلال الظواهر والتطورات والفوارق الطبقية الاجتماعية وانتقلت النظرية الماركسية من أفقها النظري المجرد والنشاط الفكري العملي الذي كان يعكس أفكار ماركس وأنجلز عن سنوات مرحلة البورجوازية الديمقراطية إلى أرض الواقع والممارسة العملية الفعلية وتكونت دولة العمال والفلاحين في روسيا.
إن النظرية الماركسية – اللينينية نظرية متكاملة ومترابطة من جميع الأوجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية فهي لم تنتهي ولم يمض زمانها ويتساءل المفكر مارشال بيرمان (كيف يمكن للماركسية أن تنتهي والرأسمال ما يزال على قيد الحياة) ... كما يقول المفكر الفرنسي (غابريل ثوبونودر 1705 – 1785) أن النظام الشيوعي وجد منذ فجر التاريخ البشري وهذا المجتمع لم يعرف الشرور والأكاذيب إلا مع ظهور الملكية الخالصة.
ولذلك أية إضافات غريبة تدخل على النظرية سوف تشوهها وتحرفها ... لأن النظرية الماركسية – اللينينية منهجية / طريقة وإن انهيار النظام الاشتراكي أعاد لهذه الفكرة الجوهرية قيمتها ... فقد تفكك الاتحاد السوفيتي وانهارت الاشتراكية لكن منطق ماركس لا زال راسخاً ولقد سقطت الاشتراكية لأنها انحرفت ورفضت وعاندت منطق ماركس والذي يدرس منطق ستالين المحرف للنظرية الماركسية يلاحظ إلى أي مدى كسر ستالين منطق ماركس وكيف حول التناقض والنفي والتراكم الكمي إلى سكون وأعاد إنتاج قياس المنطق النصي باسم ماركس ولهذا سقوط الاشتراكية يعني سقوط المنطق ما قبل الماركسي وأعاد الروح الماركسية على أنها منهجية وطريقة – وقد انحرفت النظرية الماركسية على يد ستالين بعد وفاة لينين 1924 ومجيئ ستالين على سلطة الحكم في الاتحاد السوفيتي الذي استمر تسعة وعشرون عاماً شوه النظرية الماركسية وفرض السلطة الأبوية للحزب الشيوعي السوفيتي على الأحزاب الشيوعية في العالم واستغفل الطبيعة الخصوصية للأحزاب الشيوعية وتفشت في الحزب عبادة الشخصية والبيروقراطية وأشاع دكتاتورية دموية في الاتحاد السوفيتي حيث أعدم سبعة وثمانون ألف عالم ومفكر وقائد عسكري وكل معارض لسياسته وقد استمرت هذه الظاهرة بعد وفاته وسلطة بولفانين وخروتشجيف وكوسجين التي أدت هذه الانحرافات في نهج الماركسية – اللينينية إلى فشل السياسة في الاتحاد السوفيتي وانهياره والدول الاشتراكية انظر إلى كتاب (دفاعاً عن النظرية الماركسية الجزء الثاني لكاتب السطور).
عندما طرحت القيادة الجديدة للحزب الشيوعي العراقي مفهوم (الديمقراطية والتجديد) في المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي أزاحت التنظيم اللينيني الذي خطه الحزب الشيوعي العراقي واعتمد عليه في تنظيماته الداخلية منذ تأسيسه عام/ 1934 حتى عام 1993 وأصبحت (الديمقراطية والتجديد) كبديل لتنظيمات الحزب الشيوعي أدت الديمقراطية إلى التسيب والتجديد إلى انفلات ولا زال الحزب الشيوعي العراقي يعاني منها في تنظيماته من حيث الضبط والالتزام وجميع ضوابط ومفردات التنظيم اللينيني وأصبحت الاجتماعات الحزبية مجرد اجتماع صالونات وقضاء وقت الاجتماع بالحديث والحوار عن الوضع السياسي في البلد كما تطرحها برامج الفضائيات من خلال التلفزة أما نشاط الرفاق بين جماهير الشعب والضبط والتنظيم والتثقيف والتثقيف الذاتي والنقد والنقد الذاتي والمركزية الديمقراطية فقد أزيحت وأصبحت في خبر كان وأصبح الحزب الشيوعي كأي حزب بورجوازي وفقد صفة الرفيق الشيوعي ومبادئ النظرية الماركسية في وعي الواقع وتغييره والتراكم الكمي الذي يقضي إلى تغيير نوعي والتناقض ونفي النفي كما أن النظرية الماركسية علم أولاً وليست أيديولوجيا وهي علم للتاريخ ثانياً وبالتحديد فهي تدرس القوانين الموضوعية لحركة التاريخ مما أدى بالديمقراطية والتحديد إلى ضياع جوهر الماركسية وروحها الذي هو (التنظيم اللينيني) وتساوى المركزي والفرعي والافتراض والقانون النسبي والمطلق والخاص والعام والخطأ وأصبحت مثالية اكتسبت طابعاً لاهوتياً بسبب طرح وادخال مفهوم (الديمقراطية والتجديد) للحزب الشيوعي وإزاحة التنظيم اللينيني من الحزب الشيوعي العراقي ولولا لينين وتنظيمه لأصبحت النظرية الماركسية كالنظريات الأخرى تدرس فقط في الجامعات وأصبحت حروف في بطون الكتب يتساءل المفكر الشيوعي (غرامشي) في كرسة السجن : (إذا كان ماركس قد أبدع رؤية وتصور جديدين للعالم فماذا فعل لينين ؟ فيجب (في كون الماركسية (فلسفة الممارسة) علم التاريخ وعمل وفلسفة وسياسة وثقافة وحزب سياسي الانتقال من اليوتبيه (الأفكار الخيالية) إلى العلم التاريخ ومنه إلى الفعل وخلق طبقة حاكمة جديدة في تأسيس دولة من طراز جديد يعني خلق رؤية جديدة للعالم ... وهنا يتبلور دور لينين في خلق وبلورة هذه الرؤية الجديدة للعالم إلى جانب ماركس إضافة إلى ذلك فقد انشغل لينين بقراءة التيارات المضادة طورتها الرأسمالية تحت وقع أزماتها ونمو وتطور البروليتاريا وحركة وتطور نضال الشعوب في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة).
لقد بررت قيادة الحزب الشيوعي العراقي في المؤتمر الخامس عام/ 1993 عندما طرحت مفهوم (الديمقراطية والتجديد أن سبب طرح هذا المفهوم (الديمقراطية والتجديد) لأن قيادة الحزب في زمن البعث سكرتير الحزب الشيوعي عزيز محمد في عقد جبهة وطنية مع حزب البعث بقيادة أحمد حسن البكر عام / 1973 وكانت تبريرات الحزب الشيوعي العراقي عن تلك الفترة وليس السبب (التنظيم اللينيني ولينين) حتى يزاحون من تنظيم الحزب الشيوعي.
المصادر :
1) من تاريخ الحركة الثورية المعاصرة في العراق / سعاد خيري.
2) مواد محاضرات الدورات الفكرية المركزية / لجنة العمل الفكري المركزي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي.
3) مراجعات ماركسية / زكي خيري إعداد سعاد خيري.
4) الماركسية والماركسيون في عصرنا / طاولة مستديرة للحزب الشيوعي السوري.
5) مجموعة من المقالات المختلفة المنشورة على الانترنيت.
6) عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي / عزيز سباهي.
7) الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية / حنا بطاطو.
8) محطات مهمة من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي / جاسم حلوائي.
9) جريدة طريق الشعب (محمود أمين عالم / كريم مروة).
10) جريدة طريق الشعب (عبد العظيم أنيس / كريم مروة).