الكريبكائية المكية بين البراغماتية والإلحاد السياسي
طلعت خيري
2024 / 8 / 11 - 17:33
أنواع الإلحاد
1- الإلحاد الديني فكر سياسي يؤمن باله مادي صنعه شياطين الميثولوجيا والدين السياسي كبديل عن الله لإنكار وجوده الغيبي وغيبية البعث والنشور
2- الإلحاد الوجودي فكر ظني أعطي للطبيعة وجودا تلقائيا بان الخلق قادر على إنتاج نفسه بنفسه دون تدخل الله فيه لإنكار وجوده الغيبي وغيبية البعث والنشور
3- الإلحاد العلمي هو فكر سياسي يستخدم النظريات الفيزيائية للمادة سواء كانت أرضية أو سماوية لإنكار غيبية الله والبعث والنشور
4- الإلحاد الإلهي فكر عقائدي سياسي يطلق بعض أسماء الله الحسنى وصفاته العليا على اله أخر لبلورة التشابه بين الله وبين شركائه لصناعة الأنداد للزيغ العقائدي لإنكار غيبية الله والبعث والنشور
5- الإلحاد للغوي فكر شيطاني ينقل النصوص الدينية من معاجم الكتب المحرقة للطعن السياسي بالكتب المنزلة لإنكار غيبية الله والبعث والنشور
6- الإلحاد الفلسفي فكر يهتم بفلسفة مادية آلهة الحضارات القديمة التي ظهر في أوربا كند سياسي للعقائد المسيحية التي تؤمن بالمسيح هو الله
7- الإلحاد البراغماتي فكر لا يؤمن بغيبية النصوص الدينية ويعتمد على النتائج النظرية والعملية على ارض الواقع
الإلحاد البراغماتي فكر بلورته الكريبكائية المكية والميثولوجيا ، لإنكار وجود الله وغيبية البعث والنشور الأخروي ، دخل التنزيل في حوار مع البراغماتية عبر بعض المسخرات المادية الدنيوية، التي تصب في نشاط الإنسان المعيشي ، وأمنه الغذائي ، لعلها تخرج من قوقعة الكريبكائية ، وتعدد الإلهة ، لافتا انتباهها الى مصادر رزقها وعملها ، ومصدر دخلها ووسائل نقلها ، كأدلة مادية لها نتائج نظرية وعملية على ارض الواقع ، قائلا الم يروا، يروا رؤية نظرية مادية أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما، فهم لها مالكون ، مالكون جزء من الممتلكات المادية التي سخرها الله للبشرية ، وذللناها لهم أخضعنها تحت تصرفهم ، فمنها ركوبهم كوسائل للنقال ، ومنها يأكلون كاللحوم الحيوانية ، ولهم فيها منافع ، منافع مالية للمتاجرة بها ، أو بيع منتجاتها كالألبان، ومنتجات أخرى تدخل في صناعة الملابس، كالصوف والوبر والجلود، ومشارب كالحليب واللبن أفلا يشكرون
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ{71} وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ{72} وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ{73}
من الاعتقادات التي تؤمن بها البراغماتية ، والتي تتناقض مع النتائج النظرية والعملية ،اعتقاديه النصر في الحروب ، حيث صنع شياطينها آلهة للحروب والملاحم ، قال الله وتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون ،ينصرون في الحرب ، ولكي يكشف الله مدى الازدواجية العقلية للبراغماتية المتناقضة مع النتائج العملية ، قال لا يستطيعون نصرهم ،أي الآلهة غير قادرة على نصرهم ، وكيف تنصرهم ، وهم ، أي الآلهة ، لهم ، للبراغماتية جند محضرون ، جند محضرون مقيدون لا يتحركون ولا يقاتلون ولا يسمعون ولا يبصرون ، عكس الاستعدادات العسكرية التي لها وجود مادي على الأرض
وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ{74} لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ{75}
قلنا في المقالة السابقة واجهت الدعوة القرآنية في مكة ، كم هائل من التحديات والأفكار السياسية المعارضة للتنزيل ، منها تحدي العذاب ، وتبديل القران ، وإنزال الملائكة ، وتحديد زمن الحساب ، وأعجمية القران، اتهم خلالها محمد بالجنون ، والمس ووطأة الإلهة ، كلها كانت تهدف الى صرف النظر عن آيات الله ، وكان أخرها ادعائهم ، بان محمد شاعر تعلم الشعر من ربه ، انزله عليه في القران ، رد التنزيل قائلا ، وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، ينبغي له قول الشعر، ان هو إلا ذكر وقران مبين ، لينذر من كان حيا ، واعيا مستجيبا للتغير العقائدي، ويحق القول ، قول العذاب على الكافرين ، أثرت الاتهامات السياسية التي أطلقها المعارضون للدعوة القرآنية على النبي ، فأصابه الحزن ، خفف الله عنه ، قائلا فلا يحزنك قولهم، إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون
فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ{76}
اللأدرية من مساوئ الكريبكائية المكية ، حجمت العقل والوعي والإدراك الى درجة ،جعلت الفرد غير قادر على التفكر الى ابعد مما هو مطروح على الساحة الفكرية ،بل وجعلته عاجز عن استيعاب طبيعة خلقه ، طرح المعارض البراغماتي على القاعدة الجماهيرية المكية ، طرحا سياسيا مفاده استحالة البعث والنشور وجمع الرفات المتهالكة مرة أخرى، رد التنزيل عليه، لافتا انتباه المجتمع المكي،الى البداية البيولوجية لخلق الإنسان، قائلا أولم يرى الإنسان رؤية نظرية عملية ، أنا خلقناه من نطفة والنطفة هي أول واضعف مراحل الخلق، فإذا هو خصيم مبين ، خصيم صفة ، وتعني يخصم من عظمة خالقة، ليبرز جداله الواضح ، متناسيا النطفة التي خلق منها
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ{77}
لم يقتنع المعارض البراغماتي ببيولوجية خلقة ، طرحا تساؤلا سياسيا أخر في مثل، حول كيفية إنشاء العظام وهي رميم ، على ان يتم ذلك نظريا وعمليا أمامه ،لفت الله انتباهه الى نشأت خلقة،قائلا وضرب لنا مثلا ونسي خلقة ،قال من يحيي العظام وهي رميم ، قل له يا محمد، يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ{78} قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ{79}
لم يقتنع المعارض البراغماتي ببيولوجية خلقه، ولا بنشأت العظام، فخرج به التنزيل فكريا الى محيطه المادي، طارحا عليه مسخر أخر، له تأثير نظري وعملي،لعله يخرج من حالة الكريبكائية ،قائلا الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نار، ليس جميع الأشجار، إنما البعض منها وخاصة التي تحتوي أورقها على مادة كيميائية زيتية قابلة للاشتعال ،مفهوم الاية لا يعني ان الشجر الأخضر مصدر رئيس لوقد النار بالاحتكاك،إنما مادة تشتعل لوقد مواد قابلة للاشتعال ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا، فإذا انتم منه توقدون
الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ{80}
لم يقتنع المعارض البراغماتي ببيولوجية خلقه ، ولا بنشأت العظام ولا بمحيطه المادي، فخرج به التنزيل فكريا الى ما هو ابعد من ذلك،طارحا عليه خلق الكون كأدلة نظرية وعملية،قائلا أوليس الذي خلق السماوات والأرض،بقادر على ان يخلق مثلهم، بلى وهو الخلاق العليم،كان المعارض البراغماتي،يبحث عن نتائج نظرية وعملية، طالبا من الله إعادة الخلق أمامه من جديد،ليرى الكيفية التي تم بها خلق الإنسان والكون، وضح له التنزيل ، بان الله لم يستعين بقوته العضلية، ولا بشركائه الماديين لخلق الكون، إنما خلق ماديات متعددة الوظائف مطاوعة لإرادته الخلقية، ثم أمرها بالطاعة كل حسب وظيفته ، بما ان الإنسان مخلوق طوعي لإرادة الله الدنيوية، سيكون بعثه أيضا طوعي لإرادته الاخروية ، قائلا إنما أمره إذا أراد شيء ان يقول له كن فيكون، فسبحان ،سبحان تطلق على كل مخلوق يؤدي وظيفة طوعية سواء ان كانت سماوية أو أرضية تعمل بشكل منتظم وتحافظ على ديمومة الكائن الحي، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء والية ترجعون
أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ{81} إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ{82} فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{83}