السوداني والاقتصاد العراقي الفاسد وخطاب الإصلاح التضليلي
محمد رضا كاظم الموسوي
2024 / 8 / 5 - 22:57
لم يشاهد الاقتصاد العراقي منذ سقوط النظام عام/ 2003 خطة عملية واقعية إصلاحية بينما تعامل السياسيون العراقيون الذين جاؤوا إلى العراق بدبابات الاحتلال الأمريكي ونصبوا أنفسهم حكام على العراق حيث تعاملوا مع الاقتصاد العراقي بعشوائية كبيرة وحولوا الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد ريعي واعتمدوا على واردات النفط لتدبير حاجات الشعب العراقي على ما يستورد من الدول الأجنبية وجعلوا من العراق سوقاً للسلع والبضائع المستوردة من دول الجوار وكانت تختزن لدى السياسيين العراقيين نيات سيئة وغايات مبيته للإثراء على الفساد الإداري وسببوا الخراب والتدمير للعراق على مدى عشرون عاماً من الحكم الطائفي المحاصصي وامتازت خطابات وإجراءات السياسيين العراقيين المتحاصصين على مسك السلطة بالغموض والتناقض وأغرقوا مؤسسات القطاع العام بالموظفين الجهلة وحملة الشهادات المزورة وأصبحوا يمثلون سلطة الحكم وأصبحوا فائضين عن الحاجة ومن دون فتح مشاريع جديدة وأدى ذلك إلى تخمة هائلة في مؤسسات الدولة وانتشار ظاهرة البطالة المقنعة والفضائيين وقد رافق ذلك تعطيل أغلب مشاريع الدولة الإنتاجية الموروثة من العهود السابقة وتدمير الزراعة وتصحر الأراضي بسبب قطع رقاب الأنهر التي تنبع من تركيا وإيران وفي مقابل ذلك بقيت فكرة دعم القطاع الخاص أسيرة المصالح الاقتصادية الضيقة بيد القابضين على سلطة القرار في الدولة مما فرض على المستثمرين كلفاً إضافية للمشاريع تدفع على شكل ولاءات أو رشاوي وهدايا وحصص بنسب متفق عليها سلفاً تقدم إلى من بيدهم قرار منح هذه المشاريع وأسباب أخرى جعلت الفاسدين في الدولة يتفقون مع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال على الاكتفاء بالمشاريع الصغيرة ذات دورة رأس المال الصغيرة لتنفيذها أما المشاريع الاستثمارية الكبيرة والنفط فقد هربت الشركات الأجنبية الكبيرة من العراق بسبب الابتزاز والرشوة التي كانت تفرض عليهم والفساد الإداري وانفلات السلاح وعدم الأمن والاستقرار والآن أصبحت الشركات الصينية هي المسيطرة والعمل في العراق من خلال تقديم الرشاوي والهدايا لأصحاب القرار من العراقيين وأصبح العراق الآن بدون صناعة ولا زراعة لأنها تتطلب إلى الاستقرار أمنياً وإدارياً وقانونياً غير متوفر في عراق ما بعد/ 2003 وأصبح العراق دولة واقتصاد ريعي بيد سلطة المحاصصة والفساد الإداري.
إن العراق أصبح بلد العجائب والغرائب ومثال ذلك مجلس النواب العراقي على مدى جميع دوراته التشريعية لم يفلح في سرعة اتخاذ القرارات ولا سرعة الموافقات على مشاريع القوانين وأصبحت مكدسة على رفوف مجلس النواب وإنما كان سابقاً دوماً ومن دون عرقلة أو سجالات في إقرار العديد من القوانين التي منح بموجبها النواب العراقيون أنفسهم قروضاً ومنح ورواتب وجوازات سفر دبلوماسية ورواتب تقاعدية بنسبة ثمانين بالمئة من الراتب الخرافي الذي يتقاضونه وأصبح البعض منهم يفتح مكاتب للواسطة مقابل أجور في حين أنهم وقفوا عاجزين أمام انصاف سائر الشرائح الاجتماعية وسلم رواتب الموظفين والمتقاعدين.
إن الدولة العراقية تعاني من فوضى اقتصادية والتخطيط والموازنات السنوية وغياب الحسابات الختامية التي سمحت وفسحت المجال لحيتان الفساد الإداري لنهب خزينة الدولة وسيادة سلطة الفساد الإداري والمصالح الخاصة على حساب المصالح الوطنية .. ومن المفارقات المثيرة للاستغراب أن معظم القوى السياسية والاقتصادية لم يكن كلها تتفق في خطاباتها الإعلامية على أثر نهج المحاصصة السلبي على الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد وقد أصبحت العلاقة جدلية ومترابطة ومتلازمة في السياسة العراقية بعد عام/ 2003 بين المحاصصة والفساد الإداري وإن هذه الظاهرة أصبحت حتمية لوجود النظام وحامية لأساطينه كما أثبت الواقع وأكدته التجارب ومن الأمثلة على ذلك السكوت المتقابل للكتل السياسية عن الحيتان الكبار للفساد الإداري وعدم تفعيل اجراءات المحاسبة ضدها كما حدث مع (نور زهير) المتهم بسرقة القرن ومن النتائج الكارثية للمحاصصة جعل الوزارات في الدولة ومؤسساتها المختلفة اقطاعيات حزبية لهذا الحزب أو ذاك يفعل بها ما يشاء ويسخرها لخدمة أغراضه السياسية والانتخابية حتى بالغت العديد من الأحزاب المتنفذة في ذلك حيث جعلت ضمن هيكلها التنظيمي ما أسمته بـ (اللجنة الاقتصادية) التي تعني بإدارة العقود في الوزارات التابعة لأحزابها ... وتحكم مفاهيم النهب والإثراء السريع في ذهنية العديد من السياسيين والمستثمرين وموظفي الدولة العراقية مع ضعف واضح في الروح الوطنية في ظل غياب إرادة إصلاحية تفعل قوانين المحاسبة لمثل هذه الحالات.
إن أي متتبع ومراقب يستطيع تشخيص العديد من الملامح والخصائص (للفوضى في الدولة وفشلها في معالجة الفساد الإداري والمخدرات وانفلات السلاح والفقر والجوع والبطالة مما دفع الكثير من أبناء الشعب إلى بيع أبنائهم وأعضائهم والإدمان على المخدرات والانتحار وفشل التربية والتعليم والصحة والخدمات الأخرى وأصبحت الدولة عاجزة عن الإصلاح في الصناعة والزراعة والسياحة وبقيت تعيش في إطار التضليل وفي هذه حالة لفترة حكم استمر عشرون عاماً لم يبق سوى حل واحد هو ترك سلطة الحكم لقوى سياسية عراقية أخرى لكي تستطيع إصلاح ما خرب ودمر في فترة حكم استمر عشرون عاماً .. إن الإطار التنسيقي الذي مسك بقبضته على الدولة العراقية من رئيس الجمهورية.
ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب وكالة بعد الانقلاب الأسود بعد تنازل مقتدى الصدر واستقالة نوابه من البرلمان أصابته يقظة وإحساس وشعور فجاء بالسوداني الابن البار لحزب الدعوة يحمل شهادة حسن السلوك للشعب العراقي وأصبح مدبراً عاماً لكتلة الإطار التنسيقي فعزز ورسخ سياسة الإطار التنسيقي في تعزيز وترسيخ مصالح إيران فدعم ورسخ الحشد الشعبي (الحرس الثوري العراقي) وجمد وأقال ضباط الجيش الوطنيين واستبدلهم بضباط لهم علاقات وانحيازات مع الحشد الشعبي والفصائل المسلحة واستجاب لطلبهم في إنهاء دور القوى الدولية والولايات المتحدة الأمريكية من أجل السماح لقوات الحرس الثوري الإيراني مكانهم وجعل العراق سوقاً للسلع والبضائع الإيرانية وجعله ساحة صراع بين أمريكا وإيران مما يعرض العراق وشعبه إلى الصراع مع المجتمع الدولي وتعرضه للعقوبات والحصار الدولي والمادة السابعة لأنه يصبح دولة راعية للإرهاب.