الماركسية والشيوعية العمالية ...مرة اخرى


عواد احمد صالح
2024 / 7 / 30 - 03:56     

عواد احمد

سبق ان كتبت في مكان اخر قبل سنوات قليلة انه ليست هناك شيوعية عمالية واخرى غير عمالية بحسب فهمي ... الشيوعية واحدة هي الشيوعية التي أرسى قواعدها ماركس وانجلز في البيان الشيوعي والايديولوجيا الالمانية وانتي دوهرنع ومبادى الشيوعية لانجلز وغير هذه المؤلفات ..هذه الشيوعية هي التي تقوم وترتكز على موقع الطبقة العاملة في المجتمع الحديث واستغلال قوة عملها من قبل الرأسمال وكونها لا تحوز على اية ملكية فهي بالتالي من واجبها ومصلحتها انهاء الملكية الخاصة في النظام الرأسمالي القائم على الاستغلال والحروب والاضطهاد واستبداله بمجتمع اشتراكي بدون ملكية خاصة برجوازية وبدون طبقات وامتيازات وتمايز واستغلال واضطهاد.
موقع الطبقة العاملة في عملية الانتاج الاجتماعي هو الذي يؤهلها ويدفعها للنضال في البداية من اجل تحسين مستواها الاقتصادي ورفع الاجور وتحسين ظروف العمل وتقليل ساعات العمل ثم لاحقا النضال عن طريق الاحزاب الماركسية والعمالية لتوحيد نفسها في طبقة لها موقع وموقف سياسي من النظام القائم وسبل تغييره .
وقد توَّضح ذلك كله في الماركسية لا بوصفها أيديولوجيا تصوراتية فوق الواقع بل بصفتها نظرية تستقرئ ما يدور في الواقع وتعاين الحركة التاريخية الواقعية للمجتمع والصراع بين الطبقات خلافا لتلك التصورات المثالية والاصلاحية والافكار المدفوعة بخواطر انسانية لكبار المصلحين والمفكرين الطوباويين .
وبهذا المعنى سميت الشيوعية عند التيار الذي أنشأه منصور حكمت (بالشيوعية العمالية) ولا ضرر او خطأ في ذلك كونها تؤكد ان الشيوعية تستند الى الطبقة العاملة وتحمل مهام قضيتها ودورها التاريخي . بخلاف العديد من الشيوعيات التي اشار اليها البيان الشيوعي لماركس وانجلز . او الشيوعيات المعاصرة الاصلاحية والبرلمانية والديمقراطية التي تسعى وراء مطالب اصلاحية مرحلية فقط .
ان صفة العمالية حسب فهمي هي تأكيد على طبقية الشيوعية وارتكازها على الطبقة العاملة جاءت كنتيجة ورد فعل لاختلاط المفاهيم والتصورات وتناقضها لدى كثير من الحركات والاحزاب والقوى اليسارية والقومية والديمقراطية بعد انهيار تجربة الاتحاد السوفييتي عام ١٩٩١
ان تحرر العمال يجب ان يكون من صنع العمال انفسهم .
والشيوعية العمالية ليست متأتية من فهم آخر يعني [ ان الشيوعية العمالية هي الماركسية وما عداها ليس كذلك] هذا غير صحيح .ان الشيوعية العمالية هي فرقة او تيار من التيارات العديدة التي تنتمي للماركسية وشيوعية ماركس وانجلز ولينين . وفي المحصلة فإن النضال وحدة وفقا ل ( برنامج وتنظيم ) هو الذي يعطي المصداقية والشرعية لأي حزب او تنظيم يدعي الانتماء الى ماركسية ماركس وانجلز ولينين وتروتسكي وروزا لوكسمبورغ وغيرهم والى الطبقة العاملة ..
ويوضح البرنامج والتنظيم ايضا مدى الجدية والثورية في العمل السياسي لقلب النظام الرأسمالي من خلال الممارسة النضالية العملية في الميدان .
السلطة السياسية
في عالمنا اليوم كل التيارات التي تنتمي للماركسية وعلى اختلاف تصوراتها النظرية غير قادرة على استلام السلطة السياسية وكبح جماح وحشية النظام الرأسمالي وسيكون القدح المعلى لأول منظمة اممية ترسي دعائم الثورة الاشتراكية وستصبح مثالا تحتذي به باقي التيارات والأحزاب ...اقصد بهذا المعنى الأحزاب والتيارات بمختلف عناوينها وانتماءاتها التي تعمل وتناضل لإنهاء النظام الرأسمالي بجدية ومصداقية .وليست الاحزاب الاصلاحية.
اما الفكرة القائلة بوجود [ ميل او دافع عفوي ] في صفوف العمال نحو الاشتراكية فهي فكرة خاطئة وواهمة وغير صحيحة ولا تنتمي الى المنطق الجدلي التاريخي ...فالعامل يفكر باطار ضيق بمصلحته الشخصية المعاشية وبأجوره ومدة عمله وهو خاضع لشتى منوعات الوعي الاجتماعي القومي العرقي الديني الطائفي العشائري المناطقي ...الخ وتسيطر الطبقة السائدة بأيديولوجيتها المخادعة على اذهان العمال و جميع افراد المجتمع وتوجههم وفق سياساتها التي تخدم مصالحها الطبقية الخاصة .
الوعي الاشتراكي
[ ايديولوجية الطبقة السائدة هي ايديولوجية جميع الطبقات ] هكذا قالت الماركسية لذلك فان الوعي الاشتراكي يأتي من خارج الطبقة العاملة ويدخل الى العمال ويقتنع به الاذكياء والنشطاء من العمال الذين هم قلة قليلة ليصبحوا طليعة ونموذج للعمال الاخرين ذلكم هو مفهوم الطليعة العمالية اي الاقسام الاكثر وعيا ونضالية في صفوف الطبقة العاملة .
وفي غياب الروح النضالية والوعي الطبقي اليوم فأن الطبقة العاملة في ارقى البلدان تقدما وتطورا مستلبة وخاضعة للايديولوجية البرجوازية السائدة وتسير في معظم الحالات وراء النضال الاقتصادي عن طريق النقابات والاتحادات العمالية لتحسين ظروف العمل والمعيشة بعيدا عن المواجهة الطبقية الحقيقية مع مجمل قوة النظام الرأسمالي وادوات القهر والاستلاب التي يمتلكها.
واخيرا ...
الماركسية ليست دينا او عقيدة جامدة ولا ايديولوجيا بالمفهوم البرجوازي وليست حكرا على جهة سياسية ولا ملكا لاحد ... بل هي نظرية ثورية جدلية قائمة على نقد النظام الرأسمالي وتوضيح آليات اشتغاله وسيرورته وحتمية انهياره بصفته المرحلة الاخيرة في مراحل تطور المجتمع البشري منذ بذء التاريخ ..
ان تبني الماركسية الثورية من قبل الثوريين والعمال وسائر شرائح المجتمع كدليل عمل سياسي ينبغي ان يقترن بالنقد الثوري لاي نظام سياسي قائم وفي اي بلد وفضح ممارساته القائمة على الاستغلال والجشع والمناهضة لحرية البشر ومساواتهم. انها سلاح فكري وعملي لفهم الواقع ولسبل تغييره . وليست ترفا فكريا ومعتقدا مثاليا يسمو فوق الواقع الاجتماعي .
ان الفلاسفة قاموا بتفسير العالم والواجب اليوم هو تغييره .
عواد احمد
29/7/24