أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - بين سرقة العلم وسرقة المعرفة















المزيد.....

بين سرقة العلم وسرقة المعرفة


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 8051 - 2024 / 7 / 27 - 02:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بين سرقة العِلْم وسرقة المعرفة
Between Plagiarism of Science and Plagiarism of Knowledge
بقلم الكاهن خضر إبراهيم خضر الحَفتاويّ (1923-1992)
ترجمة ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي

בנימים צדקה (כתב וערך), אוצר הסיפורים העממיים של הישראלים השומרונים. מכון א. ב. ללימודי השומרונות, הרגרזים–חולון, 2021, כרך א’ עמ’ 300-302.

منتِجون و”منتِجون“

يوجد ”سارقو“ عِلم ويوجد ”سارقو“ معرفة. ثمّة فرق كبير بين هذيْن التعريفيْن. منِ اِستعمل مؤلَّفًا، مقالًا، قصيدة أو قصيدة دينيّة، آراءَ أو أفكارًا عُبّّر عنها في أعمال مَن سبقوه، على الرغم من أنّه ليس بنفس الكلمات بالضبط، ولكن بأسلوب مختلف، أو بجمل مختلفة، فهو في خانة ”سارق/منتحِل العِلْم“ وهذه ”السرقة“ مسموح بها قطعًا، لأنّه أحيانًا يفوق التقليدُ المصدرَ، وقد نتمتّع أكثر بزيّ القصيدة الجديدِ من صيغتها الأصليّة.

ها مثلًا عثرنا في قصيدة ”صباح“ بقلم الكاهن الأكبر عِمران سلامة، ”عبيدك الباقون“، أسطرًا مأخوذة من أشعار طويلة بقلم الربّان ناجي خضر، ولكن الكاهن الأكبر عمران سلامة قد دمجها بشكل جميل جدًّا وألبسها حلّة جديدة يستسيغه الفكر والأذن لدرجة أنّ ”سرقة العِلم“ هذه، التي ”سرقها“ ليست مغفورةً له فحسب ولكنّها مرغوب فيها، وقد أُنجِزت بموهبة كبيرة لحدّ بعيد، كما أجاد فعله الكاهن الأكبر عِمران سلامة.

إنّ معظمَ مؤلِّفينا في كلّ العصور، إن لم يكونوا جميعهم، قدِ استعملوا أشعار أكبر علماء السامريّين، مرقِه عمران سيرد، ابن القرن الرابع للميلاد، كأنّها لهم ومزجوا بأشعارهم اقتباساتٍ كثيرةً، منهم من فعل ذلك باقتدار كبير ومنهم بنحو غير مصقول، ولكن لا أحدَ تباهى وادّعى أنّ هذه الاقتباساتِ هي من انتاجه وخياله هو. ولا يمكن تضليل أبناء الطائفة السامريّة بما كتبه الثلاثيّ المشهور من العلماء - عِمران وابنه مرقِه وحفيدة نِنّه - أو ما سطّره أبو الحسن الصوريّ، إذ أنّهم متمكّنون جيّدًا ويعرفون كلّهم تقريبًا عن ظهر قلب كلّ مؤلّفاتهم.

هنالك مؤلّفون أخذوا تفاسير موسّعة/مِدراشيم كاملةً من مرقه وبنَوا عليها أشعارَهم. وقد حلّل أكثرُ من مؤلِّف وفسّر آياتٍ من ”نشيد انصتوا“ بحسب شرح مرقِه بدون أيّة إضافة من عنده تقريبًا، إلّا أنّهم فعلوا ذلك بجمال رائع وهو يصبّ في خانة ”سرقة العِلم“ وهي جائزة لكلّ مؤلّف.

الوضع يختلف ممّا يمكن تعريفُه بـ ”سرقة معرفة“؛ حينما يأخذ شخص ما منَ الآخرين بدون تغيير تقريبًا ويعرضه كتأليفه هو. نصادف هذه الظاهرة في كل حدب وصوْب تقريبا. وجدت أمثلةً كهذه على صفحات أ. ب. أخبار السامريّين، ومن الأفضل ألّا أُفصِح عن الأسماء، بالرغم من أنّ هذه الظاهرة، يجب أن نذكر، قدِ اختفت منذ سنوات.

مَن يفعلُ أمرًا كهذا، عليه أن يُدرك أنّه يُخطىء بتضليل الناس، ويزدان بجمال غيره. باستطاعته أن يفعلَ ذلك مرّةً أو مرّتيْن، ولكن عندما يقبِض عليه متلبّسًا بفِعلته سامريٌّ ذو باع في الموضوع، يكون العار كبيرا، ولن يقدر على تصليح الانطباع الذي تركه عبر ”سرقة المعرفة“ أبدا.

تقع عند كتّاب شباب في بداية مشوارهم الإبداعيّ، أخطاءٌ من هذا القبيل، إلّا أنّ الأمر غير مغفور لدى كتّاب بالغين ولا سيّما عندما يكون ذلك جليًّا كالشمس. هنالك مبدعون، نعتبرهم كلّنا اليوم من المرتبة الأولى بين السامريّين، لكنّهم لم يقرفوا/يتأفّفوا في بداية مِشوارهم من هذه الأخطاء أيضا. لكن عندما وُجد الأشخاص الذين بيّنوا لهم فداحةَ أعمالهم، خجِلوا ولم يُكرّروا فعلتَهم. أضِف إلى ذلك، تعلّموا من الغلط وحاولوا تصحيحَ طريقهم وتوسيعَ معرفتهم، إلى أن بلغوا بمؤلّفاتهم درجة عاليةً منذ شبابهم، وأستطيع أن أُحصيهم على أقلَّ من أصابع اليد الواحدة. أترغب في التفصيل؟ تفضّل، أحبّهمُ القرّاء وأدرجت أعمالُهم في دورة الصلاة السنويّة.

غلطة إبراهيمَ الصباحيّ

ها، على سبيل المثال، إبراهيم مفرج صدقة الصباحيّ الذي يُعدّ من خيرة العلماء السامريّين في كلّ العصور. من لا يعرف ما جرى له في شبابه، عندما تاق أن ينظُم شعرًا دينيًّا ما، لكي يحظى بإعجاب أصدقائه. آونتَها لم تبرز موهبتُه بعد، لذلك اختار الطريقة السهلة، إذ أنّه في قصيدته الأولى، أدرج قِطعًا كاملة من قصيدة نظمها العالِم إبراهيم يعقوب الدنفيّ المكنّى بالعيه. كان ذلك في أواخر ستّينيّات القرن التاسع عشر.

علينا أن نتذكّر أنّه آنذاك لم يكن في متناول أيدي السامريّين كُتُب صلوات بالستنسل، كما هي الحال اليوم، بل مخطوطات نسخها السامريّون بأنفسهم وأحضروها معهم إلى الكنيس عند كلّ صلاة. وهذا بالطبع، قد أثّر في حقيقة وجود قلائل جدًّا متمكّنين من المادّة التي ألّفها السامريّون. في ذلك الوقت جرت العادة، أنّ كلّ من كتب عملًا جديدًا، كان يستغلّ حدثًا أو فرحًا لإلقائه أمامَ المتجمّعين. هذا كان أمرًا هامًّا للمؤلّف الجديد، إذ أنّه كان يتلقّى تعقيباتٍ مشجّعة لمتابعة التأليف من أجل تقدّم الأدب السامريّ.

نعم، كانت مناسبة فرح كهذه، وكعادة السمرة، جلس في صدر المكان الكاهن الأكبر، عمران سلامة، وعلى يمينه وشَماله جلس ابنا أخويه الكاهنان يعقوب هارون وصهره الكاهن خضر إسحق الذي كان قد بدأ يبرز ككاتب موهوب جدّا.

وقف الفتى إبراهيم مفرج الصباحيّ، أمامَ الكهنة وسائر شيوخ الطائفة، وعيون مجايليه محدّقة به بغَيْرة جليّة، وقرأ عملَه الأوّل. ثمّ سمِع إبراهيم شاكرًا ثَناء الحاضرين. عندما ساد الهدوء صدح صوتُ الكاهن خضر إسحق: كلّ الاحترام والتقدير لإبراهيم يعقوب الدنفيّ العيه - قال الكاهن خضر إسحق، ولم يُضِف شيئا. فهم الجميع على الفور أنّ إبراهيم لم يأتِ بما عنده بل ممّا خطّه غيرُه. سُرعان ما انقلبت كلمات التشجيع لكلمات سخريّة، فهرب إيراهيم الصباحيّ من المكان بالخِزي والعار.

شخصٌ آخرُ قد لا يحاول الكتابة أبدًا، ولكن ليس إبراهيم الصباحيّ. هذه الحادثة التي فيها خجّله جدّي خضر أمامَ الجميع، كانت له عبرة جيّدة بألّا يكرّر فِعلته، وهو أخذ يبذُل أفضل حكمته، قوّته وموهبته في انتاج ثمرة روحه، إلى أن قرض أكثرَ من ألف قصيدة دينيّة بمستوًى رفيع.

إذا أمعنّا النظرَ في كلّ الأعمال التي كُتِبت حتّى الآن، لوجدنا أنّ كثيرين قد سبقوا في فعل ذلك. وجدنا في مخطوطات كثيرة مؤلّفين دمجوا أعمال آخرين في المخطوطات التي نسخوها وادّعوا في عنوان الشعر أنّه من نظمهم. يجب أن نُثني على الذين نشروا كتبَ الصلاة والشعر السامريّين في العقود الأخيرة، وقفوا على هذه الظاهرة، ووضعوا الأمور في نِصابها.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزن يعقوب على موسى
- هرون بن مَنير في دمشق
- مَريم - قصّة حبّ
- طائر السحر و-المطران السامريّ-
- مكتبة أودي المركزيّة في وسط هلسنكي
- حمامات استبدِلت بجرذان
- هذا تاريخ حنوك
- نوح ونمرود،أحيدان والقدس
- لابان/لبن بن ناحور في التوراة وفي التقليد
- وفاة آدم الأوّل
- حياة آدم الأوّل
- الكاهن الأكبر يعقوب شفيق/عزّي
- الحنين إلى الوطن
- ملاحظات موجزة على -حتى تبقى لغتنا العربيّة حيّة-
- شجرة المبلاد وعاكسات الضوء
- إنّي أتوسّل: لا تدخلوا رفح
- مستشارٌ كبيرٌ لبايدن: أخطأنا في الردّ على السابع من تشرين ثا ...
- احتلال وسلام: إسرائيل دمّرت كلَّ الجامعات الفلسطينيّة في قطا ...
- أصل الكلمة -حنفيّة-
- حول مكانة وسمات بعض اللغات


المزيد.....




- تظاهرات ضد حكومة نتنياهو بمدن عدة
- مصر.. رفض بقاء إسرائيل بالمعبر والمحور
- -فيفا- يؤجل البت في طلب استبعاد إسرائيل من المنافسات الدولية ...
- إعلان عراقي يخص استثمارات أميركية في مجال الغاز
- إيطاليا تدرس فرض ضرائب سياحية جديدة مع تنامي الاحتجاجات المن ...
- بعرض عسكري مهيب في بوتراجايا.. ماليزيا تحتفل بالذكرى الـ67 ل ...
- ما سبب رفض أوروبا قصف كييف لعمق روسيا؟
- حزب فرنسا الأبية يدعو المجموعات البرلمانية إلى عزل الرئيس إي ...
- هاريس تدعو ترامب لمناظرة مع تشغيل الميكروفون طوال الوقت
- صحف عالمية: وقف الحرب ضرورة لبقاء إسرائيل ونتنياهو مستبد وغي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - بين سرقة العلم وسرقة المعرفة