أحزاب اليسار تـرفض التـنسيـق
عبد الرحمان النوضة
2024 / 7 / 19 - 18:14
العُنوان الطويل لهذا المقال : أَحْزَاب اليَسَار تُمَارِس التَجَاهَلُ الـمُتَبَادَل
خُــلَاصَــة هذا المقال :
[ على خِلاف ما هو مَألوف، أَضَعُ الخُلاصة في بداية المقال لِتَحْسِيـس الـقارئ بِأَهَمِّيَة المَوْضُوع الحالي ]. هل يُعْـقَل في أَيّ بَلد كان في العالم، أَنْ تَتَجَاهَل أحزاب "اليسار" بَعضها بعضًا، وَأَنْ تَحْتَـقِر بعضها بعضًا، وَأَنْ تُـقَاطِع بعضها بعضًا، إلى درجة أنه لا تُوجد فيما بين هذه الأحزاب، لَا قَنَوَات لِلتَّوَاصُل الدَّوْرِي، وَلَا جُسُور مَرِنَة لِلتَّشَاوُر، وَلَا صِلَات لِلتَّنْسِيـق. والمُستـفيد الوحيد مِن اِنْعِدَام التَشَاوُر والتَنْسِيـق فيما بين قـوى "اليسار" هو النظام السياسي الاستبدادي القائم. أَلَا تَحتاج قِيّادات أحزاب "اليسار" إلى التَشَاوُر فيما بينها حول الْأَوْضَاع الـقائمة في البلاد ؟ أَلَا تحتاج قِوَى "اليسار" إلى تَبَادُل الاقتـراحات، أو الانتقادات ؟
لَا، هذا «التَجَاهُل المُتَبَادَل والمُزْمِن»، المَوْجَود فيما بين أحزاب "اليسار"، لَا يُمْكِن تَبْرِيره بِأَيّ مُبَرِّر. وَيَفْضَح هذا «التَجَاهُل المُتَبَادَل والمُزْمِن»، وُجُودَ اِحْتِـقَار مُتَبَادل، أو كَرَاهِيَة مُتَبَادَلة، أو عَدَاوَة مُتَبَادَلَة، فيما بين قِوَى "اليَسَار" بالمغرب. بَل هُو سُلُوك مُتَخَلِّف، وَمَرْفُوض، وَمُنَافٍ لِلْمَنْطِق، وَلِلْمَبَادِئ النِضالية، أو التَقَدُّمِيَة، أو الثورية، أو الاشتراكية.
ونحن، كَمُواطنين يَطْمَحُون إلى تَحْقِيـق تَغْيِيرَات مُجتمعية ثورية، لَا نَـقْبَل بِأَنْ تَبـقى قِوَى "اليسار" مُشَتَّتَة، وَمُتَـفَرِّقَة، وَمُنْعَزِلَة، وَمُتَشَرْذِمَة، وَمُتَخَاصِمَة، وَضَعِيـفَة، وَمُعَادِيَة لِبَعضا البعض. بَل نُريد مِن كلّ الـقِوَى السيّاسية التَقَدُّمِيَة، أو "اليسارية"، أن تَلْتَزِم بِالنِّضالات الجماهيرية المُشتركة. وَكُلَّمَا اِعْتَبَرْنَا أنّ أحزاب "اليسار"، هي أحزاب «تَقَدُّمِيَة»، أو «دِيموقراطية»، أو «اِشْتِرَاكِيَة»، أو «يَسارية»، فإنّنا نَفتـرض أنها تَطمح كُلّها إلى إنجاز أهداف مُشتركة. وهذه الأهداف المُشتـركة هي : المُساهمة في إصلاح المُجتمع، وَتَـقْوِيمِه، وَتَـعْدِيلِه، وَتَثْوِيرِه، وَتَحَرُّرِه. وَمِن البَدِيهِي أنّه يَسْتَحِيل تَغْيِير المُجتمـع، بِدُون حَدٍّ أَدْنَى من التَشَاوُر، والتَنْسِيـق، والتَعَاوُن، والتَكَامُل، وَخَوْض النِضَالات الجماهيرية المُشْتَرَكة، فِيمَا بَيْن مُجمل الـقِوَى التَقَدُّمِيَّة. لِذَا نَدْعُو كلّ المُناضلين الصَّادِقِين، إلى المُشاركة في مُحاولة إِقْنَاع كلّ قِيَّادات قِوَى "اليسار"، بِضَرُورة الخُرُوج من حالة الْاِنْتِظَارِيَة السياسية، والتَحَلَّي بِالتَوَاضُع، وَالاسْتِماع إلى أَمَانِي جماهير الشّعب، وَالْاِنْـفِـتَاح بِصِدْق على كلّ المُواطنين، وعلى كلّ المناضلين، وعلى الـقِوَى التَـقَدُّمِيَة، وَمُمَارَسَة التَعَاوُن، وَالتَـكَامُل، مع أكثر ما يُمكن مِن بين قِوَى اليسار. «»
حَيْثِيَّات وأسباب هذا الجَدَل السياسي :
في مدينة الدّار البيضاء بالمغرب، وفي يوم 7 يوليوز 2024، نَظّم حزب "فِيدِيرَالِيَة اليسار الدِّيمُوقراطي"، نَدوة مَفتوحة حول مَوْضُوع "الحركات الاحتجاجية الاجتماعية". وقدّم ثلاثة أساتـذة جامعيّين عُروضًا أَكَادِيميّة مُفيدة. وَبَعْدَ اِنـتهاء عُرُوض النَّدْوَة، فُتِحَ نِقَاش مَفْتُوح لِتَبَادُل المُلاحظات. وأثناء هذا الحِوار، عَبَّرْتُ عن نَقْد سيّاسي جُزْئِي، وَدَقِيـق، ضِدَّ ظَاهِرَة «التَجَاهُل المُتَبَادَل» الذي تُمارسه قِوَى "اليسار" فيما بينها. وهذا النَّـقد الجزئي، ليس مُوَجَّهًا فقط إلى "حزب فيديرالية اليسار الدّيموقراطي"، وَإنّما هو مُوَجَّه، وفي نـفس الوقت، إلى مُجمل أحزاب "اليسار" الموجودة في المغرب.
وبعد اِنْتِهَاء هذه النَّدوة، نشرتُ تَدْوِينَة على "الـفيسبوك". وَكَتَبْتُ فيها نَفْس النّقد (الذي عَبّرتُ عنه داخل النّدوة). والمَضمون الدَّقِيق لِهذا النَّقْد هو التَّالِي : «مِنْ غَيْر المَعْقُول أنْ لَا تُوجد قَنَوَات، أو جُسُور، لِمُمَارَسَة حَدٍّ أَدْنَى مِن التَوَاصُل، أو التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق، فيما بين مُجْمَل قِوَى "اليسار" في المغرب». وَأَكَّدْتُ على أنه، «مَا دَامَ "حزب الـفِيديرالية"، أو قِوَى "اليسار" الأخرى، تَرفض المُشاركة في أيّ تَنسيق، أو أيّ تَشاور، مع مُجمل قِوَى "اليسار" الأخرى المُخالـفة لها، فإنها لَنْ تَـقدر على إنجاز أيّ شيء ذي أهمّية».
والجَدِير بِالمُلاحظة، أنّ هذا النَّقْد، لَا يَنْطَبِق فقط على قِوَى "اليسار" في المغرب، ولكنه يَنْطَبِق أيضًا على مُجمل قِوَى "اليسار" في مُوريطانيا، والجزائر، وتونس، وليبيا، ومصر، والسودان، وسوريا، والعراق، الخ. ومعنى هذه المُلاحظة، هو أنّ هذه الظّاهرة، هي ظاهرة مُجتمعية عامّة، وليست ظاهرة خَاصَّة بِبَلَد واحد.
وَأُنَبِّه الـقارئ المُحتـرم إلى أنّ غِيّاب أيّ شَكْل من أشكال التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق، فيما بين قِوَى "اليسار"، لَمْ يُولَد فجأةً اليومَ في سنة 2024. ولكنه سُلُوك قَدِيم، وَمُزْمِن. حيثُ يُوجد منذ سَنَوَات، بَلْ مُنذ عُقُود ! المَسْأَلَة هي إذن أكثر جِدِّيَة، وأكثر عُمْقًا، وأكثر خُطورةً، مِمَّا يُمكن أن نَتَصَوّر عند الْلَّحْظَة الأولى.
وَشَرَحْتُ (في نَقْدِي السّابق) أنه : «مِن المُسْتَحْسَن أن يكون هذا التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق (فيما بين مُجمل قِوَى اليسار)، مَرِنًا، وَدَوْرِيًّا، وَغَيْر رَسْمي، وَغَيْر عَلَنِي (أَو شِبْه سِرِّي)، وَغَيْر مُقَرِّر، وغير مُلْزِم لِأَحَد، وأَنْ يَكُون مَفْتُوحًا على أكثر ما يُمكن مِن قِوَى "اليسار"».
وَكَيْف يَجب أن يَكون شَكْل هذا التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق؟ الأمر مَتْرُوك لِقِوَى "اليسار" لِكَي تَختار، هي نَفْسُها، وَبِحُرِّيَة، شَكْلَ التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق، الذي يُلَائِمُها. وَيُمكن أن يَكون هذا التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق، جَامِعًا، وَشَامِلًا، وَدَفْعَة وَاحدة، لِمُجمل قِوَى "اليسار". كما يُمكن أن يَكون هذا التَشَاوُر أو التَنْسِيـق مُجَزَّءًا، أو ثُنَائِيًّا، أو ثُلَاثِيًّا، أو رُبَاعِيًّا، أو على شكل مَجموعات مَحدُودة. والمُهِمّ، هو ضَرورة وُجُود جُسُور لِلتَّشَاوُر، أو قَنَوات لِلتَّنْسِيـق، مع كُلِّ واحدة من بين قِوَى اليسار. طبعًا مع ما يَكْفِي مِن الاحتيّاطات الأمنية لِتَلَافِي المُخبرين، والمَشْكُوك فيهم، والعُمَلَاء. «»
وَالأمر الْأَكِيد هو أنّه، مَا دَامت قِوَى "اليسار" تَرْفُض المُشَاركة في أَيَّ شَكْل مِن أَشْكال التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق، فيما بَيْنَها، فإنها سَتُؤَكِّد أنها تُمَارِس، وَلَوْ بِدُون وَعْي، «التَجَاهُل المُتَبَادَل»، أو «المُقَاطَعَة المُتَبَادَلة»، فيما بَين قِوَى "اليسار" المُتَخَالِـفَة، أو المُتَنَافِسَة.
وَفي ظاهر الأُمُور، هذه النَّدْوَة (المذكورة سابقًا) هي حَدَث ثَقافي صغير. لكن عندما نَتَأَمَّل في مَعَانِي بعض تَـفَاصِيلِها السياسية، نَكْتَشِف أنّ هذا الحدث الصّغير يَخْفِي تَنَاقُضَات هامّة جِدًّا. وَمِن المُفيد أن نَنْتَبِه إلى كَيْفِيَة تَعامل أحزاب "اليسار" مع النَّـقْد السياسي المُوَجَّه إليها. ومن عادة قـيّادات قِوَى "اليسار" بالمغرب أنها تُعامل بَعضها بَعْضًا بِسُلُوك «مُتَـعَالٍ»، أو بِـ «غُرُور». وَلَا تُبَالِي بِالنَّـقْد السياسي المُوَجَّه إليها.
وَكَيْف كانت الرُّدُود على تَدْوِينَتِي النَّاقِدَة السّابِقة ؟ كانـت كثيرة، وَبعضها غَرِيب. [وَعلى تَدْوِينَتِي المَنْشُورة على صفحتي الشّخصية على تَطبيق "فَايْسْبُوك"، بَلغ عَدد الإعجابات 182، والتَعَالِيق 63، والْاِقْتِسَامَات 13]. وَمِن بَيْنِ هذه الرُّدُود، يُوجد مَن سَانَدَ هذا النَّقْد السَّالِف الذِّكْر، وَيُوجد مَنْ عَارَضَه. ومن المُفيد أن نستـعرض، فيما يَلِي، بعض النَمَاذِج المُعَبِّرَة (مِن بَيْن هذه الرُّدُود) على ذلك النَّقْد السياسي.
1) عَدَدٌ من المُناضلين فَهِمُوا (خَطَأً) مِن هذا النّـقد أنّني دَعَوْتُ إلى «تَوْحِيد قِوَى "اليسار"، في إِطَار تَحَالُف، أو جَبْهَة، أو فِيدِيرَالِية». وَطَرَحُوا رُدُودًا مُعَقَّدة، وَخَارجة عن الموضوع. بَيْنَما أنا لَمْ أَدْعُو إلى أَيِّ «تَوْحِيد». لأنني أُدْرِكُ جَيِّدًا أنّ إِقَامَة «تَحَالُف»، أو «جَبْهَة»، أو «فِيدِيرَالِيَة»، فيما بين قِوَى "اليسار" بالمغرب، هي هدف مُسْتَحِيل الْإِنْجَاز في الـفَتْرة الحاليّة. وأسباب هذه الْاِسْتِحَالَة كثيرة جدًّا [ومَوضوع «أسباب اِستحالة وحدة قِوَى "اليسار"» مُخالـف لِمَوضوعنا الحالي، والذي هو «ضرورة التَشاور والتـنسيق فيما بين قِوَى "اليسار"». وقد سبق لي أن تَناولتُ إِشْكَالَات «الوحدة»، أو «التحالـف»، أو «الجبهة»، في عدّة مقالات أُخرى. ويُمكن العُثُور على عناوينها في الُلْحَق المَوجود في آخر هذا المقال]. وما هو مُمكن اليوم، بَل ضَرُورِي، هو إِقَامَة حَدٍّ أَدْنَى من التَوَاصُل، أو التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق، فيما بين مُجْمَل قِوَى "اليسار"، وذلك بَدَلًا مِن الاستمرار في سُلُوك «التَجَاهُل المُتَبَادَل»، المُمَارَس حاليًّا (مِن طَرف مُجمل قِوَى "اليسار"). «»
2) اِسْتَنْكَر بعض المناضلين القِيَّادِيِّين هذا الاقتـراح، أو النـقد السياسي السّابق، (المُتَـعَلِّق بِالتَشَاوُر، أو التَنْسِيـق فيما بين قِوَى "اليسار"). وقالوا : «هذا النَّـقْد هُو جَلْدٌ لِلذَّات» ! وَمَا مَعْنَى هذا التَـعْبِير ؟ مَعناه أنّهم يُزِيلُون من ذِهْنِك فِكْرَة النَّقد السياسي السَّابق، وَيُدْخِلُون في عَقْلِك صُورَة مَشْهَد مُثِير، فيه شَخص النَّاقِد وَهُو يَضْرِبُ نَفسه ! وَيُسَمَّى هذا التَكْتِيك في "علم النّفس" بِـ «مُنَاوَرَة لِلتَّمْوِيه». وهدف هذا التَكْتِيك هو تَحْوِيل الأنظار مِن مُشكل حقـيقـي إلى مُشْكِل مُصْطَنَع، وَمُثِير، وَسَخِيف. وَتُصَوِّر هذه المُناورة الشّخص النَّاقِد كَـ «أَحْمَق يَضرب نَفسه». والغاية من هذه المُناورة الكَلامية، هي إِخْفَاء الحَقَائِق، وَطَمْس مَضْمُون النَّـقْد السياسي المُحْرِج. وَتُظْهِر هذه «المُناورة الكلامية» الشّخص النَّاقِد كَـ «مُعْتَدٍ يَهْجُم على الطَّرَف المُنْتَـقَد (أي على "حزب الـفِيديرالية")، وَيَعْتَدِي عليه بِالضَّرْب». إنها «مُناورة كَلَامِيَّة» ذَكِيَة في ظَاهِرِها، لكنها اِنْتِهَازِيَة في مَضْمُوِنِها. ولماذا ؟ لأنها تَرْفُض الاعتـراف بالمُشكل المُنْتَقَد، وَلَا تَقْبَل مُعالجة هذا المُشكل، وإنّما تُحَاوِل إِخْفَاءَه. «»
3) كَتَب السيّد المُحتـرم مُنْعِم أُوحَتِّي تَـعليـقا غَامِضًا حول نَـقْدِي السَّابِق. وَشَكَّـكَ في أنْ يَكون نَـقْدِي «نَقْدًا بَنَّاءً». وَوَصَف (هو أيضًا) نَقْدِي بِكَوْنه «جَلْدًا لِلذَّات». وهل مَا قُلتُه في نَقْدِي هو حَقًّا «جَلْدٌ لِلذَّات» ؟ قُلْتُ بِوُضُوح أن قِوَى "اليسار" في المغرب تُمارس «التَجَاهُل المُتَبَادَل»، وَتُمارس «المُقَاطَعَة المُتبادلة»، وَتَـغْرَقُ في «التَـعَالِي»، وفي «الغُرُور»، وَتَرفض إقامة حَدٍّ أَدْنَى مِن الجُسُور، أو الـقَنَوَات، لِلتَّشَاوُر، أو لِلتَّنْسِيـق، فيما بينها. فَهَلْ نَـقْدِي هذا هو حَقًّا «جَلْدٌ لِلذَّات» ؟ وَهَل حَـقًّا دَعْوَة "حزب فِيدِيرَالِيَة اليسار" إلى التَنْسِيـق مع بَاقِي أحزاب "اليسار" هي «جَلْدٌ لِلذَّات» ؟ وَهَل سَبَق لِأَيّ حزب مِن بَيْن أحزاب "اليسار" أن عَمِل، وَأَلَحَّ، مِن أجل إِقَامَة جُسُور لِلتَّشَاوُر، أو قَنَوَات لِلتَّنْسِيـق، فيما بَيْن مُجمل قِوَى "اليَسار" ؟ هذا العَمل لم يَحدث (بما فيه الكفاية). وَلَوْ حَدَث لَعَلِمَ به الجَميع. إِذَنْ، نَـقْدِي سَليم. فَأَقُول لِلسيّد مُنـعم أُوحتّي : يُمكنك أَنْ تُخْفِيَ الحَقَائق، وَيُمكنك أنْ تَطْمَس النَّـقْد السياسي حتّى تَشْبَع، لكنك مُجبر في النِهَايَة على الرُّجُوع إلى التَنْسِيـق المُتَوَاضِع مع باقـي أحزاب "اليسار". «»
4) ما هُو السِرُّ الذي يُفَسِّر تَهَرُّب قِوَى "اليسار" بالمغرب من أيّ شَكْل مِن بَيْن أشكال التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق، فيما بينها ؟ جواب: هذا السِرُّ فيه جَانِبَان. الجَانِب الأوّل هو أنّ قِوَى "اليسار"، في سُلُوكها (وليس في أقـوالها العَلَنِيَة) لَا تَعْتَرِف بِبَعْضِهَا بَعْضًا. بَلْ تَتَجَاهَل بعضها بعضًا. وَتَحْتَـقِرُ بعضها بعضًا. أو تُعَادِي بَعضها بَعضًا. والجَانِب الثَّانِي في هذا السِرّ، هو أنّ قِوَى "اليسار" بالمغرب تَرْفُض مُسْبَـقًا خَوْضَ أيّ «نَضَال جَماهيريّ مُشترك» (فيما بين قِوَى "اليسار"). وَمِن المَفْهُوم أنّ أيّ حِزْب سيّاسي يَتَهَرَّب مِن خَوْضِ أيّ «نِضال جَماهيري مُشتـرك»، سَيَتَهَرَّب بِالضَّرُورَة مِن أَيّ شَكل مِن بَيْن أشكال «التَشَاوُر»، أو «التَنْسِيق». لأنّ هدف التَشَاوُر، أو التَنْسِيـق، هو بِالضَّبْط تَهْيِيء، وَخَوْض، وإنجاح، «النِضَالات الجَماهيرية المُشتركة».
5) ولماذا أنا أُطَالِب أحزاب "اليسار" بِأنْ تَقـوم بِالتَشاور والتَنسيـق فيما بينها ؟ هل يجب أنْ أُوَضِّح أنّني لَا أُطالب بذلك لِكَيْ أَسْتَفِيد شخصيًّا ؟ وإنما أطالب به، لأنّ التَشَاوُر والتَنْسِيـق (فيما بين قِوَى "اليسار") هو المَدْخَل الضّروري لِأًيّ نِضال جماهيري مُشترك. ولأنّ أحزاب "اليسار" لم تُخْلَـق إِلَّا لِتَهْيِيء، وَلِخَوْض، وَلِإِنْجاح، النضالات الجماهيرية المُشتـركة ! وَإِنْ لَمْ تَخُض أحزاب "اليسار" النضالات الجماهيرية المُشتـركة، تُصبح كأنها غَيْر مَوجودة. أو يُصبح وُجودها غَيْر مُبَرَّر، أو غَير مُفيد. هذه هي الخَلْفِيَة المُفَسِّرة لِلنَّـقْد الذي وَجَّهْتُه إلى أحزاب "اليسار" بالمَغْرب.
6) اِعْتَبَرَت المُحترمة ربيعة عبد العاطي أنّ مُطالبتي بِإِقَامَة صِلَات لِلتَشَاوُر، وللتـنسيق، فيما بين مُجمل قِوَى "اليسار" غَير مُبرّرة. وكتبت ربيعة عبد العاطي : «تُوجد عدّة أشكال من التـنسيق، مثل "الجبهة الاجتماعية المغربية"». وهذا الزَّعْم خاطئ. لأن هذه «الجبهة الاجتماعية المغربية» (التي تَظُمُّ نَظَرِيًّا أكثر مِن 40 حزبًا وَجَمْعِيَّة) لا تـعمل منذ سنوات. وأنها مُجرد وِعَاء شَكْلِي فَارغ. ولا يَحضر قادة الأحزاب "اليسارية" في اجتماعات هذه «الجبهة الاجتماعية». ولا يُوجد داخل هذه "الجبهة" المُعَطَّلة، لا جِدِّيَة، ولا احتـرام مُتبادل، ولا تَشاور حَقِيقِي، ولا تَـنسيـق فِعْلِي، ولا عَمل مُشتـرك، ولا نِضال مُشترك. فهل يَجوز أن نَزْعَم أنّ أَوْضاع "الجبهة الاجتماعية المغربية" بِخَيْر ؟ أَلَنْ يَكون هذا الزَّعْم صِنْفًا مِن المُغَالَطَة، مُغالطة لأنـفسنا، وَمُغالطة للمناضلين، وَمُغالطة للجماهير ؟ الحَقِيـقَة المُرَّة هي أنّ «الجبهة الاجتماعية المغربية» عُلبة فارغة، أو مَيِّتَة. لأن قِيَّادَات الهَيْئَات السيّاسية، المَوْجُودة نَظَرِيًّا داخل هذه «الجبهة الاجتماعية المغربية»، تَرْفُضُ مُسْبَـقًا أَيَّ شَكل مِن أَشْكال «النِضَال الجَماهيري المُشترك». وفي هذه الحالة، لَا تَحتاج قِيّادات قِوَى "اليسار" إلى أيّ تَشَاوُر، وَلَا لِأَيِّ تَنْسِيـق، وَلَا لِأَيِّ عَمل جَبْهَوِي. «»
7) في إِطَار دِفَاعِهَا عن حزبها، كَتَبَت المُحتـرمة ربيعة عبد العاطي: «الـفيديرالية هي نِتَاج لِلتَّنْسِيـق، والتّوحيد، وهي مُستمرة فيه». وأضاف المُحتـرم عبد الصّمد الأَقَّانِي : «ذَهبت الـفِيديرالية إلى أبعد الحُدود في التَنْسيـق، والتَّحالـف، وَتَوَّجَتْهُ بالْاِنْدِمَاج» في حزب سيّاسي جديد، هو "حزب فيديرالية اليسار الديموقراطي". وهذا الطَّرْح هو مُجَرَّد مُزَايَدَة كَلَامِيَة، أو تَصْعِيد في الْاِدِّعَاءَات الذَّاتِيَة، في مَجال الدِّفَاع عن "حزب الفيديرالية". ولكن السُؤَال الذي لَا مَفَرّ من طَرْحِه، هو التَّالِي : لماذا لا تُوجد حاليًّا (في الواقع المَلْمُوس) أَيَّةُ قَنَوَات لِلتَّوَاصُل، وَلَا أَيَّة جُسُور لِلتَشَاوُر، وَلَا أَيَّ عَلاقات لِلتَّنْسِيـق، فيما بين "حزب الفيديرالية" وباقـي أحزاب "اليسار" بالمغرب، مثل "الحزب الاشتـراكي المُوَحَّد"، و"حزب النّهج العُمّالي"، و"حزب الطَّلِيعَة" المُعارض، والتِيَارَات السياسية "اليسارية" الأخرى ؟ لِمَاذا تَتَهَرَّبُون من التَوَاصُل مع باقـي أحزاب "اليسار" المُخْتَلِفَة معكم، أو المُنَافِسَة لكم ؟ ولماذا لا تَعْتَرِفُون بِوُجود أحزاب أخرى "يسارية" مُخالـفة لكم إِلَّا حِينَمَا يَحُلُّ مَوْسِم الانـتخابات العامّة (البرلمانية والمحلِّيَة) ؟ هل تُفَضِّلُون أَنْ نَسْتَمِرَّ في مُغالطة أَنْفُسَنَا، وفي مُغَالِطة جماهير الشّعب ؟ «»
8) رَدَّ عَليَّ السيّد المُحتـرم محمد السَّلْحَامِي، فَكَتَب : «كان عليك أنْ تُوجِّه مُلْتَمَسَك إلى الأجهزة التَنظيمية لِحِزب الْفِيدِيرَالِيَة»، بَدَلًا من طَرْحِهَا في نَدْوَة عُمُومِيَة. وَهَل يَجهل السيّد محمد السَّلْحَامِي أنه سَبَق لِي أن طَرَحْتُ هذا النَّـقْد، وكذلك انتـقادات أخرى كثيرة، في كتابي (الذي يَحمل عُنوان) "نَقْد أحزاب اليسار بالمغرب"، منذ سنة 2012. [https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/]. لكن بِتَعَالِيهَا المَأْلُوف، لَمْ تَهْتَمّ قِيَّادات قِوَى اليسار بهذا الكتاب.
زِيَّادَة على ذلك، هل التَعْلِيـق السّابق للسيد محمد السلحامي يَعني أنّه مَمْنُوع أن نَنْـتَـقِـد "حزب الفِيدِيرالية" في نَدْوَة جَماهيرية مَفْتُوحَة ؟ وهل التـعبير عن نـقد سياسي "للفيديرالية" مَشروط بِأَنْ نُوَجِّهَ هذا النَّـقد كِتَابِيًّا، وَحَصْرِيًّا، إلى قِيَّادة "حزب الفيديرالية" ؟ وهل النَّـقْـد العَلَنِي، المُوَجَّه إلى أحزاب "اليسار"، مَمْنُوع ؟ أنا لَا أُوَّافِق على تلك التَصوّرات.
9) كَتب السيّد محمّد السّلحامي المُحتـرم : «كان مَوضُوع النَّدْوَة [التي نَظّمها "حِزب الفيديرالية"] هو الحَركات الاحتجاجية الاجتماعية، وليس إِشْكَالِيَة وَحْدَة اليسار». وَيَقْصِد محمد السّلحامي أن نَـقْدِي كان خارجًا عن المَوضُوع. فَأَسْأَل السيّد محمد السّلحامي: حَسَب المَنْطِق، وَحَسَب العَقْل، هَلْ إِشْكَالِيَة الحركات الاحتجاجية الاجتماعية لَا تُثِيرُ فَوْرًا إِشْكَالِيَة التَشَاوُر، والتَنْسِيـق، فيما بين قِوَى اليسار ؟ وَهَل حَقِيـقَةً أنّ مَوضوع «التشاور والتـنسيق فيما بين قِوَى اليسار» خارج عن مَوضوع «الحركات الاحتجاجية الاجتماعية» ؟ وَأَسْئَل السيد محمد السّلحامي: إذا لم يُوجد تَشَاوُر، أو تَنْسِيـق، فيما بين مُجمل قِوَى اليسار، هل يُمكن أن تُوجد، أو أنْ تَتَطَوَّر، أو أنْ تَنْجَح، الحركات الاحتجاجية الاجتماعية ؟ أَتْرُك لك وَاسِعَ النَظَر في جوابك. «»
10) كَتَب السيّد المُحترم ابراهيم حمي : «لا يُمكن لِليسار أن تَكون له أيّة خُطوة من هذا الـقَبِيل [يَقصد التَشَاوُر، أو التَنْسِيق] دُون الحَسْم في المَسْأَلَة التَنْظِيمِيّة أَوَّلًا… فَلَا نِضال، ولا تَحالـفات، وَلَا إِطَارات، دُون قِيَّادَة مُنظّمة، لها حِنْكَة، وَدِرَايَة» ! وَأَسْأَل السيد ابراهيم حمي: هَل قِيّادات أحزاب "اليسار" بالمغرب، والتي لَمْ تُنْجِز شيئًا ذِي أَهَمِّيَة خلال العِشرين أو الأربعين سنة الأخيرة، في مَيدان النضالات الجَماهيرية المُشتركة، هل لها حَقًّا «حِنْكَة» وَ«دِرَايَة»؟ وَهَلْ كُلَّمَا عَبَّر مُواطن عن اِقْتِرَاح، أو عَن نَـقْد، مُوَجّه إلى "حزب الـفِيديرالية"، سَتُجِيبُه بِقَوْلك: «يجب عليك أوّلًا أن تَقْبَل بِالخُضُوع التَامّ إلى قِيَّادة حزبـنا التي لها حِنْـكَة، وَدِرَايَة» ؟ وَإِنْ كُنْتَ أنْتَ مُقْتَنِع بِأَنّ قِيّادة "حزب الفِيدِيرالية" «لها حِنْكَة، وَدِرَايَة»، هَل تَظُنّ أنّ وَاجب كلّ المُواطنين هو أن يَـقْـبَـلُوا مُسْبَـقًا بهذا الرَّأْي ؟ أَرْجُو مِنك قَلِيلًا مِن التَوَاضُع. والمُواطنون لَا يَتَحَمَّلُون مثل هذا «التَعَالِي»، أو «الغُرُور».
11) كَتَب السيّد المُحتـرم عبد الواحد الغازي في تَعْلِيـقه (وهو يُخاطبني كَـنَاقِد) : «لماذا لم تَنْخَرِط في أيّ تَنْظِيم يَساري لِتُمَارس مَا تَتَبَنَّاه» ؟ وَعَرَضْتُ جَوَابي على السيد عبد الواحد الغازي [على مَوقع "الفيسبوك"] على شَكل لَائِحَة تَشْمَل رَوَابط عشرة (10) مَقالات أو كُتب سَبق لِي أن نَشَرْتُها. وهذه الوثائق تُجِيب على سُؤال السيد عبد الواحد الغازي. وَتَتَضَمَّن أيضًا هذه الوثائق اِنْتِقَادَات لأحزاب "اليسار" في مَجالات مُختلـفة. وَأَسْأَل عبد الواحد الغازي : أَلَيْسَت الأحزاب السياسية مؤسّـسات عُمُومِيَّة (publique) ؟ أَلَيْسَ مِن واجب كلّ مُؤسّـسة عُمُومِيَة الخُضُوع لِمُراقبة المُواطنين، وَلِمُحاسبتهم، وَلِنَـقْدِهِم ؟ وهل إقدام أيّ مُواطن على التَـعْبِير على اِقْتِرَاح، أو نَـقْد مُحَدّد، مُوَجَّه لِحِزْب مُعَيَّن، أصبح مَشْرُوطًا بِأَنْ يَكون هذا المُواطن النَّاقِد مُنَظَّمًا داخل هذا الحِزب السيّاسي ؟ أَلَا يَحِقّ لِلمُواطنين غير المُحَزَّبِين، أن يَنْتَقِدُوا الأحزاب السياسية ؟ «»
12) في تَعْلِيـقه على النَّقْد السياسي الوارد في تَدْوِينَتِي المذكورة سَابِـقًا، كَتب السيّد المُحتـرم مصطفى الشنّاوي : «تَدْوِينَة فارغة، وبدون معنى» ! وهذا نَوع آخر من «المُنَاوَرَة الكًلَامِيّة». فَكَأَنَّ مصطفى الشنّاوي يَقُول لِلْـقُرَّاء : «لَا تَقْرَأُوا تَدْوِينَة رحمان النُوضَة، وَلَا تُـفَـكِّرُوا في النَّـقْد الذي طَرحه، فَهُو نَقْد فَارِغ، وَبِدُون مَعْنَى». طَيِّب! ولكن، إذا كان حَقَّا نَقْد رحمان النُوضَة «فَارِغًا، وَبِدُون مَعْنَى»، فَلِمَاذا اِهْتَمَمْتَ به؟ ولماذا عَلَّقْتَ عليه؟ وَلِمَاذا حَرَصْتَ على دَعْوَة الـقُرَّاء إلى تَلَافِي الْاِهْتِمَام بهذا النَّقْد؟ ولماذا لَمْ يَثِـق مُصطفى الشنّاوي في ذَكَاء الـقُرَّاء؟ ولماذا لَمْ يَثِق مصطفى الشنّاوي في قُدرة الـقُرَّاء على أنْ يَكْتَشِفُوا، هُم بِأنـفسهم، «فَرَاغ» تَدْوِينَة رحمان النوضة؟ ولماذا أَحَسّ مصطفى الشنّاوي بِالحَاجَة المَاسَّة إلى تَحْذِير الـقُرَّاء مِن أنّ نَـقْد رحمان النُوضَة هو كَلَام «فَارِغ، وَبِدُون مَعْنَى» ؟ وهل التَنْدِيد بِغِيَّاب أيّ شَكل من أشكال التَشَاوُر أو التَّنْسِيـق فيما بين قِوَى "اليسار"، هَل هُو حَقًّا كَلَام «فارغ» مِن أيّ مَعْنَى ؟ وهل يَجُوز أنْ نَتْرُك كُلّ حزب من بين أحزاب "اليسار" يُوهِمُ نَفْسَه، ويُوهِم الشّعب، أنّه قَادِر بِوَحْدِه على إِنْجَاز كُلّ طُمُوحاته السياسية، دُون الحَاجَة إلى أَيّ تَشَاوُر، أو أيّ تَنْسِيـق، أو تَعاوُن، أو تَكَامُل، مع بَاقِي قِوَى "اليسار" ؟ هَل نَقْد هذا الوَهْم هو كَلَام «فَارِغ» ؟ أَلَيْسَت مُعضلة أحزاب "اليسار" هي أن كلّ حزب منها يَحْلُم بالـفَوْز بِوَحْدِه في الانـتخابات (البرلمانية والمَحَلِّيَة)، وَيَحْلُم بِإمكانيّة إِصْلَاح النظام السياسي الاستبدادي الـقائم مِن داخل مُؤسّـساته، وَفي نـفس الوقت، يَرفض كلّ حزب المُشاركة في أَيَّة حَرَكَة نِضَالية جَماهيرية مُشْتَرَكَة؟ وإن كان هذا النَّقد حَقًّا «فَارِغًا، وَبِدون مَعْنَى»، لماذا أَثَار أَعْدَادًا هَامَّة من التَعْلِيـقَات المُساندة، والرُّدُود المُعارضة ؟ الحَقـيقة الخَفيّة، هي أن نَقْد رحمان النوضة يُحْرِج، وَيُزْعِج، السيد مصطفى الشنّاوي وأمثاله في "حزب الفيديرالية"، إلى درجة أنه أَراد أنْ يَمْحُوَّ هذا النَّقْد مِن الوُجود.
وقد تَقـول بعض قـيّادات قِوَى "اليسار" لِأَعْضَاء حزبها : «لَا تَهْتَمُّوا بِالأشخاص الذين يَنتـقدون حِزبـنا، وَلَا تَهْتَمُّوا بِمَقَالَاتهم، أو كُتبهم. فَهُم نَاقِدُون مُخَرِّبُون» ! فَتُمارس هذه الـقِيَّادات مَقُولَة: «كَمْ مِن قَضِيَّة قَضَيْنَاهَا بِتَرْكِهَا». ويظنّ أصحاب هذا المَنْهَج أنهم قَادِرُون على «مُعَالَجَة المَشَاكِل عَبْر تَجَاهُلِهَا»! فَلَا غَرَابَة أن تُمارس قِيَّادَات قِوَى "اليسار" مَنْهَجَ «التَجَاهُل المُتَبَادَل» فِيما بينها. وَتَجِدُ الرّاحة في «التَقَوْقُع على الذَّات»، وفي «الْاِنْعِزَالِيَة»، وَفي «الْاِنْتِظَارِيَة» السيّاسية.
وَحينما وَصَف السيد المُحترم مصطفى الشنّاوي نَـقْدي السياسي بِكَوْنه «فَارِغًا، وَبِدون مَعنى»، فَهُو لَم يُدْرِك أنّه يُمارس ضِدَّ مُعارضيه السِيّاسيّين نَوْعًا مِن «التَعَالِي»، وَمِن «الغُرُور»، ومن «الاحتـقار». فكأنّ مصطفى الشنّأوي يَقُول لِي : «أَنْتَ لَا شَيْء، وَأَنَا كلّ شَيء» ! وَلَم يَدْرِ مصطفى الشنّاوي أنه تَصَرَّف مثل الرَّئِيس الـفَرَنْسِي المُتَعَجْرِف إِمَانْوِيل مَاكْرُون (Emmanuel Macron)، الذي وَصَفَ عدّة مرّات مُنْتَـقِدِيه، أو مُعَارِضِيه، أمثال مُناضلي حَرَكَة "السَتْرَات الصَّفْرَاء"، وأمثال مُعارضي رفع سِنّ التَقَاعُد في فرنسا، وَصَفَهُم بِكَوْنِهِم «لَا شَيء» («des riens») ! و«التَعَالِي»، وكذلك «الغُرُور»، و«الاحتـقار»، هُم كلّهم يُشَكِّلُون مَدْخَلًا إلى الاستبداد السياسي. «»
13) بعض المُعَلِّقِين المُتَحَزِّبِين، وَالمُحتـرمين، عَبَّرُوا على مَا يَعْنِي أنهم لَا يَحْتَرِمُون بما فيه الكفاية المُناضلين الذين يَنْتَمُون إلى أحزاب يَسارية مُخالـفة لِحِزْبهم. كما عَبَّرُوا على مَا يَعني أنّهم أنهم لا يَحتـرمون الْمُناضِلِين الذين لَا يَنْتَمُون لِأَيِّ حِزْب. وإذا ما أَعْلَنَ مُواطن مُعَيَّن نَقدًا سياسيًا مُوَجّهًا إلى أحزاب هؤلاء المُعَلِّقِين، قالوا له (ما مَعناه) : «لَا يَحِقّ لك أن تَنْتَـقِد حزبنا… فَإِمَّا أن تَدْخُل في حزبـنا، وَإِمَّا أنك غير مَوْجُود، وكلامك مَرْفُوض، وَبِلَا قِيمَة»! وهذا السُّلُوك يَفْضَح أن هذه الأحزاب "اليسارية" لَا تَتَحَمَّل النَّـقْد السياسي. بَل تُحِسُّ هذه الأحزاب بِالنَّـقد كأنّه شَتْم، أو اِحْتِـقَار، أو هُجُوم عُدْوَانِيّ !
14) قَد قُلْتُ، وَكتبتُ، مِرارًا وَتِكْرَارًا، أنّني أحتـرم بِصِدْق كلّ قِوَى "اليسار"، وَأُقَدِّر مَجهوداتها، وَأُعَظِّمُ تَضحيّاتها، وَلَوْ اِخْتَلَفْتُ معها حول بعض الـقضايا الجزئية. والاختلاف في بعض الآراء لَا يَمنـع خَوْضَ النضال الجماهيري المُشترك. لكن الْاِحْتِرَام لَا يَعني، وَلَا يُبَرِّر، إِلْغَاء تَبَادُل النَّـقْد السيّاسي. على عكس ذلك، بِقَدْر ما أحتـرمُ فَاعِلًا سياسيًّا مُحَدَّدًا، بِقَدر مَا أَحْرُص على نَـقْد أخطاء، أو نَقَائِص، هذا الـفاعل السيّاسي، وذلك بِهَدَف أن يُصبح هذا الـفاعل السيّاسي أَحْسَن، وَأَقْوَى، مِمَّا كان في الماضي. [أنظر مقال: رحمان النوضة، "فَنُّ النَّـقْد السياسي"، نشر 2016، الصفحات 72، الصِّيغة 12. https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/].
15) قَدْ سَبق لِي أنْ أَوْضَحْتُ أنّه، مِن المَأْلُوف في الحَضَارة العَربية، أو الْإِسْلَامِيَة، أنّ الْأَفْرَاد، والجماعات، والمُؤَسَّـسَات، لَا يَتَحَمَّلُون سِوَى المَدْح، وَلَوْ كان مُنَافِقًا. وَيَعْتَبرون كلّ نَـقْد عَلَنِي مُوَجّه إليهم بِمَثَابَة هُجُوم عَدَائِي، يَنـبغي الردّ عليه بِهُجُوم أقـوى منه. وهذا المَنْهج يُؤدِّي إلى إلْغَاء النَّـقْد المُتَبَادَل، وَيَقضِي على إمكانيّات الحِوَار السياسي الهادئ، والبَنّاء. [أُنْظُر كتابي: رحمان النوضة، "نـقد أحزاب اليسار بالمغرب"، نشر 2012، الصفحات 314، الصِّيغَة رقم 60. ورابطه هو : https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/].
16) وَرَدَتْ في تَدْوِينَتِي السَّابِقَة عبارة تَنْتَـقِد : «تَعَالِيَ»، أو «غُرُورَ» قِيَّادة حزب "الفيديرالية". واعتبر المُعلّق المُحتـرم عبد الصّمَد الْأَفَّانِي كلامي هذا بِمَثَابَة «تَصَرُّف مُسْتَـفِز، وَبَعِيد عن الْلِّيَاقَة». لكن الكثيرين من المناضلين في المغرب يَعْرِفُون أنّه، في النِقَاشَات الدَّاخِلِيَة أو الحَمِيمِيَة، يَـقُول أفراد قِيَّادَات أحزاب "اليسار" في المغرب عن قِيَّادَات الأحزاب "اليسارية" الأخرى المُخالـفة لها، أنها «مُتَعَالِيَة»، أو «مَغْرُورَة». لكنهم في نَفس الوَقت، يَنْكُرُون أن يَكُونُوا هُم أَنْفُسُهُم «مُتَعَالِين»، أو «مَغْرُورِين». كأنّهم يَقولون: «نَعم، الآخرون سَيِّئُون، وَأَنَا وَحْدِي مُمْتَاز». وأنا أُوَّافِـقُ على وُجود ظَاهِرَة هذا «التَعَالِي»، أو «الغُرُور»، في مُجمل قِيّادات قِوَى اليسار بالمغرب. ومن حَقِّي أن أُعَبِّرَ عَلَنِيَّةً عن هذا الرّأي السياسي (وَلَوْ اِعْتَبَرَه الأشخاص المُنْتَقَدُون نَقْدًا خَاطِئًا). مع احتـرامي لكلّ قِوَى "اليسار"، ولكلّ مُناضلي "اليسار". ولا أُوَافِق على نُكْرَان، أو إِخْفَاء، هذا الواقع المُرُّ. أنا آسِف. وكل شخص لا يَقبل النَّـقْد السياسي، عليه أن يبتـعد عن ميدان السياسة. لأن السياسة تَسْتَوْجِب بالضّرورة مُمارسةَ النَّـقْد المُتَبَادَل، وَالنِّضَالَات المُشتركة، وَالصِّرَاعَات المُتَشَابِكَة وَالمُتناقضة. ويَدْخُل النَّقْد ضِمْن مَبْدَأ «رَبْط المَسْئُولِيَة بِالمُحاسبة». وَمُجمل قِوَى "اليسار" تُوَافِق (وَلَوْ كَلَامِيًّا) على هذا المبدأ. «»
17) سبق لِعَدَد من المُناضلين أن نَشَرُوا بَيانًا جماعيا (في شهر مايو 2021)، وطالبوا فيه بِتَجْدِيد قِيَّادات قِوَى "اليسار" بالمغرب. واعتبروا في هذا البيان أنّ قـيّادات أحزاب "اليسار" الحالية دُون المُستوى المَطلوب (https://livreschauds.wordpress.com/2021/05/27/دَعْوَة-لتجديد-قيّادات/)… وقد يَقـول قائل: «مَن أنـتَ لكي تَسْمَحَ لِنَفْسِك بأنْ تُصدر أحكام قِـيمة على قـيّادات قِوَى "اليسار"» ؟ وَقد يـقـول قائل آخر : «أنـتَ مُتَطَفِّل، وَمُتَعَال، ومَغْرُور، وَمُتَعَجْرِف» ؟ لِنَفْتَرض أنّ كلّ تلك الْاِتِّهَامات المُوَجَّهَة إليّ صحيحة ! وَلِنَفْتَرض أنني أنا، وكلّ مَن يَنْتَقِد قـيّادات قـوى "اليسار"، أََنَّـنَـا كُلّنا «لَا نُسَاوِي شَيْئًا». وَلِنَفْتَرِض أننا حُذِفْنَا مِن الوُجود. لكن، سَيَبْـقَى هذا المُشكل السَّابق مَطروحًا. وَهذا المُشكل هُو أنّ مُعظم قِيّادات قـوى اليسار بالمغرب ليست في المُستوى الذي نَطمح إليه. والدَّلِيل على ذلك هو أنّ هذه الـقـيّادات، بعد مُرُور سَنوات، أو عُقـود، مِن تَحَمُّل مَسْئُولِيَّاتها الحزبية، لَمْ تَقْدر على خَلْق دِينَامِيَة نِضَالِيَة ثورية في المُجتمع. وَلَا تُراهن قـيادات أحزاب "اليسار" (باستـثناء "حزب النهج"، و"حزب الطليعة") سوى على انـتخابات عامَّة (برلمانية ومحلّية). وَتُؤْمِنُ مُعظم هذه القـيّادات (باستـثناء "حزب النهج"، و"حزب الطليعة") بِوَهْم إمكانية تَغيِير النظام السياسي الاستبدادي الـقائم، عَبْر الانـتخابات العمّة، وَمِن داخل مُؤسّـساته «المُغْلَقَة» (verrouillées). وَفي النهاية، سَيَكُون مِن الأفضل أن نَبْحث، داخل هذه الأحزاب هي نفسها، عن قِيَّادات بَدِيلَة قد تَكون أَكْثَر كَفَاءَةً، أو أكثر ثوريّةً، أو أكثرَ إِبْدَاعًا، أو أكثر إِنْتَاجًا، أو أكثرَ فَعَالِيَّةْ، بالمُقارنة مع القـيّادات القديمة. وَإِنْ لم تَنجح هذه القـيّادات البَديلة، نـبحث عن قـيّادات أخرى، إلى أنْ نَحُلَّ المَشاكل المَطروحة.
18) زَعَم السيد مصطفى المانوزي أنّ : «القـيادة [الحزبية] تُحاسبها [فقط] القَواعد التي انتخبتها،... وَتَـغْيِير [القِيَّادة] شأن سيادي حزبي وتنظيمي داخلي». وبعبارة أخرى: مَمْنُوع على مُواطني الشّعب أن يَنْتَقِدُوا حِزْبًا أو قِيّادته. وَبِمَنْطِق مُشابه، يمكنك أن تَـقول: الوزراء يحاسبهم فقط مَن عَيّنهم؛ والبرلمانيّين يُحاسبهم فقط مَن صَوَّتَ عليهم، أو مَنْ يُؤَدِّي رَوَاتِبَهُم؛ وموظفي الدولة الكبار والمتوسطين يُحاسبهم فقط مَن عَيَّنَهُم؛ إلى آخره. فَكَيْف يُعقل أنْ تَنْتَـقِد أنتَ، وأنْ تُحاسب، المُواطنين، والدّولة، والمَسؤولين في الدّولة، والنِّظام السياسي، ورئيس الدّولة؛ لكن عندما يَتعلّق الأمر بِنَـقْدِك أنتَ شخصيًا، أو بِنَـقْـد حِزبك، أو نَـقابتك، أو عائلتك، تخترع الْأَغْذَار المُتنوّعة لإلغاء مَشْرُوعِيَّة هذا النـقد المُوَجَّه إليك. هذا سُلوك غير مبدئي. هذه انتهازية. أَلَا تَتَسَاوَى بِالضَّرُورَة «حرّية التَّـعْبِير»، مع «حُرّية النَّـقد»؟ وهل يُمكن أنْ تُوجد «حُرّية التَـعْبِير» إِنْ لَمْ تُوجد «حُرِّيَة النَّـقْد» ؟ وَكُلَّمَا مَنَـعْنَا النَّـقد، نَكُون قَد مَنَعْنَا حُرِّيَة التَعْبِير. وَكُلّ شَخْص، أو جَماعة، أو مُؤَسَّـسَة، لها حياة عُمومية (vie publique)، يُصبح نَـقدها من طرف المواطنين مُباحًا، وَمَشروعًا. وكلّ مَن يَرفض تَعَرُّضَه لِلنَّقْد السياسي العَلَنِي، يُرجى منه إِيـقَاف أَنْشِطَتِه السيّاسية، والانسحاب من ميدان السياسة.
19) أشار السيّد مصطفى المانوزي إلى أنّ «مَن هُو غَير عُضو في حزب، لَا يحقّ له أن ينتـقد قيادة هذا الحزب»! وأن «المطالبة بِتَجديد قيادات قوى اليسار هو اعتداء على سِيَّادة أحزاب اليسار»! وَأن نـقد قـيادات قِـوَى اليسار «يُجَسِّدُ مُحاولة لِفرض وِصَايَة على أحزاب اليسار»! وَيُشَكِّل «مُصَادَرَة لِلدِّيمقراطية الداخلية» لأحزاب اليسار ! كَأَنّ نَـقد أحزاب اليسار، أو نَـقد قـياداتها، شَأْنٌ ممنوع، أو مُحَرَّم، على كلّ مَن هُم غَير أعضاء في هذه الأحزاب. وَأَقُول داخل نَفسي: مَنْع النَّـقْد هو الْاِسْتِبْدَاد بِعَنَيْه ! وَأَتَسَاءَل: هل حقـيقةً المناضلون الآخرون، الذين هم أعضاء في أحزاب "اليسار"، هَل يَنْتَـقِدُون بشكل مُعْتَاد، ومألوف، كلّ مَا لا يُرضيهم داخل أحزابهم؟ لَا، هذا الزَّعْم خَاطِئ، وَمُضَلِّل. والحقـيقة المُرَّة، هي أنّ الأشخاص الذين يَمْنَعُون النَّـقْد الخارجي المُوَجَّه إلى أحزابهم، هم نـفس الأشخاص الذين يَمْنَعُون النَّـقْد المُعَبَّر عنه داخل أحزابهم !
20) إِسْـــتِـــنْـــتَـــاج :
كُلّ حزب مِن بين أحزاب "اليسار" أَلِفَ العَيْشَ مُنْـغَلِقًا على نَفسه. كأنّه يَعيش في جَزيرة مَعزولة. وَيَظنّ أنّه هو وَحده الـقادر على إِنْجَاز كلّ شيء، دُون الحاجة إلى التَعَاوُن أو التَكَامُل مع مُجمل قِوَى "اليسار" الأخرى.
مَا العَمل إِذَنْ ؟ ماذا يجب فِـعْـلُه في مَجال تَقْوِيم، وتَثْوِير، قِوَى "اليسار" ؟ جواب: الخُطوة الأُولى المَطلوبة مِن كلّ فَرد مُناضل، وَمِن كلّ جماعة مُناضلة، ومن كلّ حزب "يَساري"، هي الخُروج مِن التَقَوْقُع على الذَّات. والمَنْهَج الأوّلي المَطلوب مِن قِوَى "اليسار"، هو الخَلَاص من الْاِنْـغِلَاق على النَّفْس، والْإِقْلَاع عن الرِّضَى عن النّـفس، والـقَطِيعَة النِهَائِيَّة مع الْاِنْتِظَارِيَة، ومع عَقْلِيَة التَمَرْكُز حول الذَّات [أنظر: رحمان النوضة، نظريّة الْأَنَا، نشر 2024، الصفحات 22، الصِّيغَة 7. https://livreschauds.wordpress.com/2024/06/09/نظرية-الأنا-والأنانية/ ].
والمَطلوب مِن مُجمل قِوَى "اليسار"، هو الـقَطِيعَة مع أَوْهَام إصلاح المُجتمع بواسطة الانـتخابات العامّة. والمَطلوب هو التَخَلُّص من الطُموحات الْأَنَانِيَة، ومن المُيُولَات الْاِنْتِهَازِيَة، والذَّهَاب نَحو الآخر المُخالـف، وَلَوْ أنّ هذا الآخر قَدْ يَأْتِي إلينا بِمَشاكل جَديدة مُحَيِّرَة، وَتَتَطَلَّب مُعَالَجَة مُتَأَنِّيَة. والمَطلوب هو الْاِسْتِمَاع إلى أقـوال الجماهير، والْاِنْـفِتَاح على اقتـراحات الأطراف الأخرى المُنْتَـقِدَة، والْاِنْـفِـتَاح بِتَوَاضُع على كلّ الْاِنْتِـقَادَات، والتَـقَـيُّـد بِالاحتـرام المُتبادل، وَخَوض الحِوار الجماعي العَلني والمُتـناقض، والتَحَلِّي بِمَنْهَج المُرُونَة والجَدَلِيَّة، وَتَشْجِيع كلّ اقتـراح يَدعو إلى النضال الجَماهيري المُشتـرك، وَدَعْم كلّ اقتـراح يُنادي بِالتَعاوُن والتَكامل، والاعتـراف العَلني أَنَّ إِنْجَاز حَاجِيَّات الشّعب تَـقْتَضِي بالضّرورة التَضامن المُجتمعي، وتـقتضي خَوض النضالات الجَماهيرية المُشتـركة، وَتَقْتَضِي الاجتهاد، والكفاح، والتضحية، والصُمُود، والمُثَابَرَة، حتّى النّصر. هذا هو الحَدُّ الأَدْنَى المَرْجُو مِنَّا أجمعين. وَكلّ مَن مِنَّا نَسِيَ هذا المَنْهَج، أو اِنْحَرَف عنه، وَجَب علينا جميعًا أن نُذَكِّرَه به، وَلَوْ لَمْ يُعْجِبْهُ هذا التَذْكِير.
21) خُــــــلَاصـــــة
[سَبَق عَرضها في مدخل هذا المقال ].
22) مُـــــلْـــــحَـــــق :
فيما يَلِي بعض كُتب ومَقالات رحمان النوضة، المُتـعلّقة بِمَوْضُوع قِوَى "اليسار" بالمغرب، والتي سبق له أنْ نَشرها على الإنتـرنيت (وَيُمكن تـنزيلها بالمجّان من الموقع التّالي : https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/) :
1- كتاب : رحمان النوضة، نـقد أحزاب اليسار بالمغرب، نشر 2012، الصفحات 314، الصيغة 60.
2- مقال : رحمان النوضة، نـقد الدّعوة إلى تأسيس حزب يساري جديد، نشر مارس 2020، الصفحات 19، الصيغة 7.
3- مقال : رحمان النوضة، نـقد الصراعات الحديثة في فيديرالية اليسار، نشر أبريل 2022، الصفحات 21، الصيغة 2.
4- محاضرة : رحمان النوضة، كيـف نُقـوّي أحزاب اليسار، نشر 2019، الصفحات 37، الصيغة 9.
5- رحمان النوضة، ما هي الدِّينامية الـقادرة على تَـقْوِيم وَتَـثْوِير قِـوَى اليسار، نشر 2016، الصفحات 28، الصيغة 7.
6- مقال: رحمان النوضة، نـقد تَعامل أحزاب اليسار مع الجبهة، نشر 2017، الصفحات 40، الصيغة 4.
7- مقال: رحمان النوضة، سِرُّ ضُعف "الجبهة الاجتماعية" بالمغرب، نشر 2022، الصفحات 9، الصيغة 4.
8- مقال: رحمان النوضة، الأوضاع المجتمعية وأدوار قـوى اليسار، نشر نونـبر 2021، الصفحات 12، الصيغة 3.
9- رحمان النوضة، نـقد سَقْف المَلَكِيَّة البَرلمانية، نشر 2019، الصفحات 16، الصيغة 6.
10- رحمان النوضة، كيـف نُقـوّي أحزاب اليسار، نشر 2019، الصفحات 37، الصيغة 9.
11- نداء جماعي لتجديد قـيّادات قـوى اليسار، نشر 2021، الصفحات 44، الصيغة 5.
12- رحمان النوضة، نـقد العَمَل بالتِيَارات السياسية داخل الحزب، نشر يوليوز 2021، الصفحات 17، الصّيغة 4.
13- رحمان النوضة، نَقد الزَّعِيم والزَّعَامِيَّة، نشر 1981، الصفحات 16، الصِّيغة 4.
14- كتاب : رحمان النوضة، نـقد تـعاون اليساريّين مع الإسلاميّين، نشر 2019، الصفحات 270، الصيغة 8.
15- رحمان النوضة، العلاقة بين الأخلاق والسياسة من خلال نـقد محمد سبيلا، نشر 2018، الصفحات 25، الصيغة 7.
16- رحمان النوضة، نـقد الحركات الأمازيغية، نشر 2019، الصفحات 27، الصيغة 5.
رحمان النوضة. (18 يوليوز 2024).