بوب أفاكيان : لا وجود لشيء إسمه - الكليانيّة - / - الشموليّة - – - الكليانيّة - - نظريّة - غير علميّة تماما – أو حقّا معادية للعلم – طبخها و روّج لها مثقّفون مدّاحون للنظام الرأسمالي - الإمبريالي


شادي الشماوي
2024 / 7 / 15 - 17:46     

بوب أفاكيان : لا وجود لشيء إسمه " الكليانيّة " / " الشموليّة " – " الكليانيّة " " نظريّة " غير علميّة تماما – أو حقّا معادية للعلم – طبخها و روّج لها مثقّفون مدّاحون للنظام الرأسمالي - الإمبريالي
www.revcom.us بوب أفاكيان ، 20 ماي 2024 ؛
في رسالتى عدد 37 على وسائل التواصل الاجتماعي (@BobAvakian Official) ، أحلت على مقالى " إستفزاز آخر مغالطة " الكليانيّة " " لكنّه حقيقة بسيطة و أساسية حول الشيوعيّة "، الذى يُستهلّ بالموقف الصريح التالى :
" من الشائع جدّا سماع التنديد بالشيوعيّة على أنّها " كليانيّة " بيد أنّ في الواقع لا وجود لشيء إسمه الكليانيّة . "
و يمضى ذلك المقال ليشير إلى :
" لم يوجد أبدا مجتمع – في روسيا و الصين أو أيّ مكان آخر – ينسحب عليه مع ما تؤكّده هانا آراندت في " جذور الكليانيّة " وهو عملها الأساسي و " إنجيل " " المناهضين للكليانيّة ". "
و مثلما شرحت بإسهاب ، " الكليانيّة " " نظريّة " غير علميّة تماما – أو في الواقع ، هي معادية للعلم – طبخها و روّج لها مثقّفون مدّاحو هذا النظام( النظام الرأسمالي – الإمبريالي ) من الفظائع الأبديّة وهي تخدم صرف الإنتباه و تبرير الجرائم الكبرى التي ما إنفكّ يقترفها هذا النظام ضد الإنسانيّة و الحثّ على المعارضة اللاعقلانيّة للثورة و بوجه خاص الثورة الشيوعيّة . و كون من الممكن أن يأخذ أيّ إمرء هذه " النظريّة " مأخذ الجدّ و أن يتمّ التعاطى على نطاق واسع مع هذه " النظريّة " كنوع من " الحكمة المقدّسة " – شاهد مرير على الرغبة المبيّتة من قبل الكثير و الكثير من الناس بمن فيهم الذين يعلنون أنّهم " ليبراليّون " ، ليأقلموا أنفسهم مع هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، الذى يقوم على الإستغلال بلا رحمة لمليارات الناس حول العالم منهم مئات ملايين الأطفال ، وهو يُفرض من خلال القمع الوحشيّ و العنف المدمّر الكثيف.
و تسعى " نظريّة " " الكليانيّة " إلى المماثلة بين الشيوعيّة و الفاشيّة على أنّهما نظامان في منتهى القمع يشتركان في واقع أنّ الحكم من خلال إنكار الحقوق الأساسيّة للناس و إبقاء الجماهير الشعبيّة في حالة من الرعب المستمرّ . و في الواقع، ، الشيوعيّة و الفاشيّة revcom.us كما أوضحت ذلك ، في مقالات و أعمال أخرى متوفّرة على موقع أنترنت متعارضان تمام التعارض و هما جوهريّا في تناقض عدائيّ . و تمثّل الشيوعيّة و تجسّد النضال من أجل القضاء النهائي على كافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد في صفوف البشر ، بينما تبحث الفاشيّة عن فرض التعبيرات الأكثر تطرّفا و تشويها لهذه العلاقات . و تقوم الشيوعيّة على منهج و مقاربة علميّين و تعتمد على أرقى طموحات الناس إلى عالم حيث يمكن حقّا للبشر أن يزدهروا ، دون هذه الإنقسامات و التناقضات العدائيّة التي تفرزها . و الفاشيّة جوهريّا معادية للعلم و تعوّل على الترويج للجهل و التطيّر و التشويهات الفجّة للواقع ، و تعبئة جماهير الناس الذين لا يفكّرون و هم متطرّفون في تعصّبهم و دوافعهم النزعات و الأفكار المسبّقة الأكثر فسادا ، و كره مقيت لكافة الذين ليسوا جزءا من " عرق السادة " الذكور .
و مثلما سأحيل على ذلك لاحقا في هذا المقال ، هناك نقد حقيقي ينبغي إجراؤه و دروس هامة ينبغي إستخلاصها ، من الطرق التي إشتملت على مشاكل و أخطاء هامة في تجربة المجتمعات الإشتراكيّة بقيادة الشيوعيّين ، أوّلا في الإتّحاد السوفياتي ( من 1917 إلى 1956 ) وتاليا في الصين ( من 1949 إلى 1976 ) ، و من ذلك الطرق التي إنحرفوا بها عن المبادئ الأساسيّة للشيوعيّة . لكن ، بهذا الصدد ، عديد النقاط الحيويّة تحتاج إلى أن نشدّد عليها .
أوّلا ، حلّلت عددا من الأعمال ، وهي متوفّرة على موقع أنترنت revcom.us ، هذه الأخطاء قد إقترفت في إطار غير مسبوق من التحدّيات الصعبة ، لا سيما في شكل ضغط لا يتوقّف و حتّى هجمات مدمّرة كُبرى من قبل قوى إمبرياليّة و غيرها من القوى المصمّمة على القضاء على هذه المجتمعات الإشتراكيّة .
ثانيا ، الأخطاء التي إرتُكبت لا تميّز بل تمثّل نزعة مناهضة ثانويّا لما هو رئيسيّا و حتّى بشكل طاغي تغييرات تحريريّة تمّ التوصّل إليها في الفترة التاريخيّة القصيرة من وجود هذه البلدان الإشتراكيّة .
ثالثا ، ما من مشكل من هذه المشاكل و الأخطاء تشرحه " نظريّة " " الكليانيّة " و محاولتها أن تماثل بين الشيوعيّة و الفاشيّة – و هذا كما سأبيّن ، يمثّل تشويها فجّا لطبيعة هذه المجتمعات الإشتراكيّة و للشيوعيّة و للواقع بصفة أشمل .
و ختاما ، من خلال العمل الذى أنجزته ، مستندا إلى تجربة الثورات الشيوعيّة السابقة ، و مروحة عريضة من التجارب الإنسانيّة ، جدّ تطوير الشيوعيّة الجديدة وهي تمثّل مواصلة و كذلك قفزة نوعيّة إلى أبعد من و ببعض الطرق الهامة قطيعة مع النظريّة الشيوعيّة كما جرى تطويرها سابقا . و كتعبير أساسي لهذه الشيوعيّة الجديدة ، هناك " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته وهو يتضمّن نظرة شاملة و مخطّط ملموس لمجتمع جديد راديكاليّا و تحريريّ ، يهدف إلى تحرير الإنسانيّة ككلّ من جميع علاقات الإستغلال و الإضطهاد ، من خلال بلوغ الشيوعيّة عبر العالم . و مثلما قد قُلت بصدد هذا الدستور :
" إنّه لأمر واقع أنّه في لا مكان آخر ، عمليّا لا وجود في أيّة وثيقة تأسيسيّة مقترحة أو مرشدة لأيّة حكومة ، لأيّ شيء يُشبه ليس حماية فحسب بل تموين المعارضة و النقاش الفكريّ و الثقافي مثلما هو متجسّد في هذا الدستور ، بينما لهذا كلبّ صلب له ، أرضيّة في التغيير الاجتماعي للإقتصاد ، بهدف القضاء على كافة الإستغلال و ما يتناسب معه من تغيير للعلاقات الإجتماعيّة و المؤسّسات السياسيّة ، لإجتثاث كافة الإضطهاد و الترزيج عبر النظام التعليمي و في المجتمع ككلّ لمقاربة س" تسمح للناس بالبخث عن الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح التفكر النقدي و الفضوليّة العلميّة ، و على هذا النحو التعرّف بإستمرار على العالم و التمكّن بشكل أفضل من المساهمة في تغييره وفقا للمصالح الجوهريّة للإنسانيّة ."
و بهذا أعلاه في الذهن ، بوسعنا الآن العودة إلى التحليل الأشمل ل " نظريّة " " الكليانيّة " و الطريقة التي تشوّهه بها بصورة ثابتة – و تؤدّى إلى إبعاد الناس عن الفهم العلمي ل – الواقع لا سيما التجربة التاريخيّة الحيويّة للثورة الشيوعيّة و المجتمع الإشتراكي .
و " التحليل المستفيض " الذى أشرت إليه في بداية المقال هنا متضمّن في كتابي " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " أين أبيّن الإفلاس التام لهذه " النظريّة " " الكليانيّة ". و هذا الكتاب جرى تأليفه قبل أربعين سنة ، لكن حتّى الآن هناك أجزاء منه لم تعد لها الفائدة ذاتها ( مثلا ، يتضمّن تحليلا لطبيعة و دور الإتّحاد السوفياتي الذى لم يعد موجودا ) ، و هناك بعض الأشياء الخاصة قد أصوغها بشكل مختلف نوعا ما ( بمرور السنوات و مواصلتى التعلّم ) ، التحليل الأساسي في الكتاب بما فيه " نظريّة " " الكليانيّة " ، يبقى نهائيّا صالحا و هاما للغاية . و وفقا لذلك ، سأضمّن هذا المقال بعض الفقرات المهمّة من نقد الكتاب ل " الكليانيّة " ، إلى جانب بعض التعليقات الإضافيّة لتوفير المزيد من الإطار و الشرح . [ هذه المقتطفات من قسم " النظريّة الكليانيّة و دورها السياسي " ، صفحات 167-190).
مثلما كتبت في بداية نقدى ل " الكليانيّة " ، ليست نظريّة علميّة ( على الأقلّ ليست نظريّة علميّة صحيحة ) بل تشويه للواقع خدمة لمصالح طبقيّة محدّدة و أهداف سياسيّة محدّدة " .
و " المصالح الطبقيّة المحدّدة " هي مصالح الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، لا سيما الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة ( و " حلفاؤها الإمبرياليّون الغربيّون " ) .و " الأهداف السياسيّة المحدّدة " تتشكّل بواقع أنّ هذا الكتاب لآرندت ( " جذور الكليانيّة " ) وُضع في الفترة بُعيد نهاية الحرب العالميّة الثانية ، عندما كانت تندلع " الحرب الباردة " مع الإتّحاد السوفياتيى الإشتراكي حينها . و كان هدف و كانت غاية ذلك الكتاب ( كما أشرت إلى ذلك في نقدي ) قبل كلّ شيء " إستهداف الإتّحاد السوفىاتي " على أنّه " محور الشرّ في العالم " ( كما وضع ذلك لاحقا رونالد ريغن ) و خدمة لمدح عديد الأنظمة اللاديمقراطيّة التي تشكّل الجزء الأكبر من " العالم الحرّ " و على رأسه الولايات المتّحدة و أيضا " تجميل صورة " و صرف الإنتباه عن الطبيعة الإجراميّة للديمقراطيّات الإمبرياليّة الغربيّة ذاتها .
و في الوقت نفسه ، أشرت كذلك إلأى أن تحليل آرندت " يفتقد إلى الإنسجام الداخلي و المنطقي حتّى " . و يبرز هذا ، على سبيل المثال ، فى واقع أنّه رغم كونه يبدو في البداية أنّ آرندت تحلّل " الكليانيّة " بكلا الشكلين الفاشي و الشيوعي ، فإنّ هدفها الفعلي هو الشيوعيّة . و كتابها حقّا مجرّد قطعة مُتقنة و متباهية لكن فقيرة فكريّا و مخادعة من " دعاية الحرب الباردة ". و ضمن أشياء أخرى ، يمكن رؤية هذا ، من ناحية ، في واقع أنّ آرندت كتبت أنّ " متحدّثين عمليّا ، سيكون هناك فرق صغير سواء كانت الحركات الكليانيّة تتبنّى نموذج النازيّة أو البلشفيّة " [ الشيوعيّة ] – لكنّها لاحقا تحاجج أنّه أثناء فترة ثلاثينات القرن العشرين إلى الحرب العالميّة الثانية ( التي بدأت سنة 1939 و إنتهت سنة 1945 ) لم يكن " كليانيّا " تماما سوى الإتّحاد السوفياتي ، بينما إيطاليا الفاشيّة ( و على رأسها موسيليني ) لم تكن "كليانيّة " ، و حتّى ألمانيا النازيّة ، في ظلّ هتلر ، " لم تتحوّل بعدُ تماما إلى كليانيّة " و " فقط إن كسبت ألمانيا الحرب كانت [ هكذا ! ] ستتحوّل إلى حكم كلياني تام التطوّر ".
و يؤدّى هذا بآرندت إلى سلوك طريق التشويه المتكرّر للواقع خدمة لحملتها المناهضة للشيوعيّة و المخاضة باسم معارضة " الكليانيّة " . و مثلما أشرت إلى ذلك في نقدى لهذا ، آرندت ( و أشباهها من " المناهضين للكليانيّة " ) متعصّبون تماما في تصويرهم ل " الكليانيّة " بقدر ما يفعلون مع " الكليانيّين " الذين يخترعونهم . و هنا إليكم بعض الأمثلة :
- تقدّم آرندت زعما سخيفا بأنّه مع الكليانيّة " نحن فعلا مع نهاية العصر البرجوازي للأرباح و السلطة ، و كذلك نهاية الإمبرياليّة و التوسّع " ! هل عليّ أن أتحدّث عن مدى فقدان ذلك الزعم للصلة مع الواقع – و كان كذلك فاقدا لهذه الصلة زمن كتابة آرندت لتلك الأسطر ؟! ( المزيد لاحقا بصدد مساعى آرندت إلى " تجميل " الإمبرياليّة ).
- و توافق آرندت على ما يمكن إعتباره فقط موقفا مختلاّ عقليّا لبوريس سوفارين " الإشتراكي " الفرنسي المعادي للشيوعيّة و الذى قال عمليّا بشأن ستالين ( الذى قاد الإتّحاد السوفياتي لعدّة عقود ، بداية من عشرينات القرن العشرين ) بأنّ ستالين كان يقول دائما عكس ما يفعله ، و يفعل عكس ما يقول . ( إستخدم سوفارين تماما " دائما "- و وافقت آرندت على ذلك !). و هذا سخيف و جنوني ظاهريّا – كما كان أيّ شخص يفكّر تفكيرا عقلانيّا أن يقرّ بذلك في الحال . و كما أشرت في الردّ على ذلك : " هل بوسع لايّ كان حقّا تصوّر شخص ، ناهيك عن مجتمع بأسره ، يسير عمليّا بينما يحكمه مبدأ القول الدائم لعكس ما يفعله و فعل عكس ما يقوله ؟ " إنّ مواقفا من هذا القبيل صادرة عن سوفارين و وافقت عليها آرندت ، تمثّل حقّا أبعادا جنونيّة حقيقيّة يبلغها " المناهضون للكليانيّة " في مسعى منهم للتعبير عن تعصبّهم " المناهض للكليانيّة ".
- و مثلما أشرت في نقدى لآرندت ( و قد كتبت عن المسألة بإسهاب أكبر في أعمال أخرى ) ، عقب وفاة قائد الثورة الروسيّة ف.إ. لينين سنة 1924 ، لمّا واجه الإتّحاد السوفياتي وضعة كونه الثورة الإشتراكيّة المظفّرة الوحيدة في العالم ( مع سحق عنيف لمحاولات أخرى للثورة مثلا في ألمانيا ) ، وُجد صراع في صفوف القادة السوفيات حول مسألة ما إذا كان من الممكن لنظام إشتراكي أن يُبنى في بلد واحد – و إن كان ذلك ممكنا ، كيف المضيّ فيه . و كان ذلك مشكلا حادا بوجه خاص في الإتّحاد السوفياتي حينها ، في حين كان معظم السكّان يعيشون في ظروف متخلّفة صعبة في الريف الممتدّ الأطراف ، و كانت هذه الجمهوريّة السوفياتيّة الجديدة محاصرة من طرف قوى إمبرياليّة عدوانيّة ، و العديد منها ( بما في ذلك الولايات المتّحدة ) قد وقفت إلى جانب محاولة غير ناجحة للمعادين للثورة لسحق الجمهوريّة السوفياتيّة و إلحاق الهزيمة بها بواسطة حرب أهليّة تلت ثورة 1917 الروسيّة ( و بعض هذه البلدان الإمبرياليّة عمليّا غزت تراب الجمهوريّة السوفياتيّة الجديدة أثناء تلك الحرب الأهليّة ).
لكنّ آرندت ترفض الإعتراف بأيّ شيء من هذا : بالنسبة إليها ، هذه التحدّيات الحقيقيّة جدّا ، و هذا الصراع الذى تطوّر في صفوف القيادة السوفياتيّة في هذا الوضع الحرج – كلّ هذا لم يكن حقيقيّا – كان مجرّد إختراع من ستالين ، خدعة إستخدمها ستالين كدزء من سعيه الكلياني من أجل السلطة المطلقة . و هذا مثال بارز آخر لكيفيّة تجاهل لما يسمّون ب " الأكاديميّين " من " المناهضين للكليانيّة " للواقع الفعلي ، أو تشويهه بفضافة خدمة ب" نظريّتهم " المعادية للعلم .
- تحاول آرندت أن تقول إنّ الماركسيّة – أو في الوقاع تشويهها للنظرة و الأهداف العلميّة و التحريريّة التي صاغها أوّل من صاغها ماركس – هي أساسا نفس الشيء و تعصّب النازيّين الإبادي الجماعي و المعادي للعلم . و كتبت آرندت التالي:
" ما يقف وراء إعتقاد النازيّين في القوانين العرقيّة كتعبير عن قانون الطبيعة في الإنسان ، هو فكرة داروين عن الإنسان كنتاج للتطوّر الطبيعي ، و هذا لا يتوقّف بالضرورة مع أنواع الكائنات البشريّة الحاليّة ، بالضبط مثلما هو الحال في ظلّ عقيدة البلاشفة [ أتباع لينين ] في الصراع الطبقي كتعبير عن قانون التاريخ الذى يعرض فهم ماركس للمجتمع على أنّه نتاج حركة تاريخيّة عملاقة تسير وفق قانون حركتها الخاصة نحو نهاية زمن التاريخ عندما ستقضى على نفسها .
لاحظوا أنّ آرندت هنا تشوّه بفجاجة نظريّة التطوّر التي طوّرها شارل داروين – مصوّ{ة هذه النظريّة الراسخة علميّا على أنّها مصدر قوانين عرقيّة إباديّة جماعيّة نازيّة ! و تاليا تمضى آرندت إلى تشويه فجّ لنظريّة ماركس . و القسم اتلأخير من ما يعتبر تشخيصا لآرندت للماركسيّة هنا ينطوى على تشابه أكبر مع فلسفة فريديريك هيغل الذى كان لديه تأثير في البداية على ماركس لكن ماركس تجاوزه ، عمليّا " قالبا على رأسها " أجزاء مفاتيح من " المنهج الجدليّ " لهيغل . و هذا يتجاوز ما يمكن أن أتناوله في هذا المقال غير أنّ النقطة المفيدة هنا هي أنّ ماركس لم يعتبر بلوغ الشيوعيّة على أنّه " نهاية زمن التاريخ " ، بل بالأحرى بداية عصر جديد من تاريخ الإنسانية ، بإلغاء علاقات الإستغلال و الإضطهاد في صفوف البشر .
و مرّة أخرى ، في محاولة يائسة للتسوية بين النازيّة / الفاشيّة – و كما بيّنت ، لإفراد الشيوعيّة بأنّها أسوأ الإثنين- و تجد آرندت نفسها مجبرة على حتّى المزيد من التشويهات الفجّة . و كما كتبت ردّا على هذا التشويه الخاص ، فقط لأنّ الناس أنصار نظرة عالميّة شاملة ، و تؤكّد أكثر على على أ،ّ هذه النظرة إلى العالم مناسبة مباشرة لتغيير العالم على النحو المرجوّ ، " هل يجعل ذلك نظراتهما إلى العالم نفسها في الأساس ، أو يجعلها تحوّل الإختلافات بينهما غير ذات جدوى ؟ " هناك إختلاف جوهريّ حقّا عالم من الإختلاف بين النظرة و المنهج العلميّين و التحريريّين للشيوعيّة ، كما طوّرها أوّلا ماركس، من جهة و النظرة و المنهج النازيّين ( و الفاشيّين عامة ) المعاديين للعلم و الإباديّين الجماعيّين – عالم من الإختلاف الواضح لأيّ شخص جدّي و يبحث بصدق في هذا ، و ليس أعمى ب " مناهضة الكليانيّة " غير العقلانيّة .
- و تمضى آرندت حتّى أبعد من ذلك لتشدّد على أنّه " على عكس بعض الأساطير ما بعد الحرب ، هتلر لم يحاول أبدا الدفاع عن " الغرب " ضد البلشفيّة بل ظلّ دائما على إستعداد للإلتحاق ب " الحُمر " [ الشيوعيّين ] من أجل تدمير الغرب ، حتّى في معمعان الصراع ضد الإتّحاد السوفياتي ". الكثير و الكثير من الواقع مختلط في هذا الموقف لآرندت ، إلى درجة أنّه من الصعب معرفة من أين نشرع في فضح الأكاذيب المعروضة هنا . و لننطلق مع واقع أنّ أحد المظاهر المحدّدة لنظرة هتلر ، إلى جانب روحه العدوانيّة الإبادية الجماعيّة ضد اليهود ، و كذلك الكره المتعصّب أيضا ضد الشيوعيّة و الشيوعيّين ( الذين كانوا من أوائل المستهدفين بالسجن و القتل ) . و إلى جانب هذا ، هناك واقع أنّ في الحرب العالميّة الثانية ، الغزو الكبير للاتحاد السوفياتي من قبل ألمانيا النازيّة الهتلريّة كلّف الشعب السوفياتي حياة حوالي عشرين إلى ثلاثين مليون نسمة . و في الختام ، ألحق الإتّحاد السوفياتي الهزيمة بهذا الغزو ما قصم فعلا ظهر آلة الحرب النازيّة و مثّل عاملا حيويّا في الهزيمة الشاملة لألمانيا النازيّة ، و مثّل منعرجا في الحرب ككلّ . و نقدى لآرندت يقتبس من كتاب " إنهيار أمريكا " [ لريموند لوتا – المترجم ] بشأن هذه النقطة الأساسيّة :
" التاريخ العسكري هنا غاية في الوضوح . حتّى ونستن تشرشل قد إعترف في مارس 1943 أنّه بالنسبة إلى الستّة أشهر القادمة ستكون بريطانيا العظمى و الولايات المتّحدة " تلعبان " مع نصف دزّينة من الفيالق الألمانيّة بينما [ الإتّحاد السوفياتي و على رأسه ] ستالين كان يواجه 185 فيلقا .
أمّا بالنسبة إلى واقع أنّه في سنة 1939 وقّع الإتّحاد السوفياتي حلف عدم إعتداء مع ألمانيا النازيّة : و مثلما يشير كذلك كتاب " إنهيار أمريكا " ، هذا الحلف وقّعه الإتّحاد السوفياتي نظرا لكونه يحتاج ربح الوقت للإعداد لما يرجّح جدّا أنّه سيكون هجوما ألمانيّا نازيّا على الإتّحاد السوفياتي . و ، كما أشرت إلى ذلك ، " الحلف بين الإتّحاد السوفياتي و ألمانيا سنة 1939 وافق عليه ستالين فقط بعد محاولاته المتكرّرة لجلب " الديمقراطيّات الغربيّة " إلى تحالف ضد ألمانيا التي وقع رفضها بصفة متكرّرة ".
و سنتان عقب إمضاء ألمانيا هذا الحلف " عدم الإعتداء " ، كسرت الإتّفاق وشنّت غزوا كبيرا للاتحاد السوفياتي ، بكلّ النتائج الفظيعة لذلك ( بما فيها الوفايات السوفياتيّة التي بلغت أكثر من 10 أضعاف وفايات المعارك التي تكبّدتها الولايات المتّحدة و بريطانيا و فرنسا مجموعين معا ، و بكلّ الدمار الكبير و الجوع و الرعب الشامل الذين تسبّب فيهم هذا الغزو ، و كان ذلك أيضا العامل المفتاح في هزيمة ألمانيا النازيّة في آخر المطاف .
و مع كلّ هذا ، تريد آرندت من الناس أن يعتقدوا في أنّ هتلر " بقي دائما مستعدّا للإلتحاق ب " الحُمر " لتحطيم الغرب ، حتّى في معمعان الصراع ضد روسيا السوفياتيّة " ! أن تكون آرندت تمكّنت من كتابة هذا عمليّا دليل على الحكمة القديمة القائلة بأنّ " الورق سيظهر كلّ ما يُكتب عليه " – حتّى التشويهات الأفظع و الأكثر فجاجة للوقائع التاريخيّة خدمة لأهداف إيديولوجيّة ( و في هذه الحال ، معاداة آرندت للشيوعيّة بفظاظة باسم " معاداة الكليانيّة " ).
و مثلما أشرت في كتاب " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " – و مثلما تعمّقت في ذلك أكثر منذ الأربعين سنة الماضية – من منظور التغيير الثوريّ للعالم ، لتحقيق تحرير الجماهير الإنسانيّة ، و في نهاية المطاف الإنسانيّة ككلأّ ، من جميع أنظمة و علاقات الإستغلال و الإضطهاد ، من الصحيح الدفاع عن الدور العام لستالين في قيادة و الدفاع عنم أوّل دولة إشتراكيّة في العالم في وجه ظروف في منتهى الصعوبة - و كما رأينا ، هجمات كبرى مدمّرة . لكن ، في الوقت نفسه ، هناك نهائيّا نقد جدّي في حاجة إلى الإنجاز لدور ستالين في مجمل هذه السيرورة . و يشمل هذا دروسا حيويّة بمعنى التقدّم بالنضال الثوري من أجل الإشتراكيّة ، و في نهاية المطاف عالم شيوعي ، على أساس علمي أرسخ و تحريريّ حقّا . و بالفعل ثمّة أهمّية كبرى للتقييم النقدي لتاريخ التجربة الشيوعية ككلّ ، وهو ما إضطلعت به أيضا.
و هذه سيرورة بدأت فيها ، بطريقة مكثّفة ، في عملى " كسب العالم ..." [ متوفّر بالعربيّة بمكتبة الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي ] ضمن ذات الفترة الزمنيّة عموما و " الديمقراطية : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " و ما واصلت القيام به في حوالي الأربعين سنة مذّاك ، مع تطوير الشيوعيّة الجديدة . هناك عدّة أعمال ألّفتها وهي متوفّرة على موقع أنترنت revcom.us وهي تعمّقت شيئا ما في هذا . ( و هناك أعمال مهمّة لآخرين ، و بوجه خاص ريموند لوتا الذى يطبّق منهج الشيوعيّة الجديدة على هذا التلخيص التاريخي الهام ) . لكن هذا التلخيص الضروري ، النقدي ، على أساس علميّ ، مختلف كلّيا و جوهريّا عن عمل آرندت و " مناهضين للكليانيّة " آخرين – و هدفهم هو تشويه الشيوعيّة خدمة للهيمنة الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، و نهب و تدمير الشعوب و البيئة ، عبر العالم ، و منهجهم لتحقيق هذا الهدف ، هو التشويه المريع و الفجّ حقّا للواقع الحيويّ .
و كما هعو واضح مع آرندت ، ما يكشفه هذا هو خوف عميق متأصّل – و لا مبالغة في قول رعب – من أفق تغيير راديكالي ، حتّى ذلك من الصنف الأكثر تحريرا . مع آرندت ، يتبيّن هذا ليس في كرهها اللاعقلاني للشيوعيّة فحسب بل أيضا ، كما لاحظت ذلك ، في تشويهها و شعورها بالضيق العميق المتأصّل للداروينيّة التي تحيل عليها على أنّها " تطوّر إرتدى عمامة العلم " – كما لو أنّ نظريّة التطوّر كانت شيئا مؤذيا و مخادعا ( " إرتدى عمامة " العلم كما وضعت ذلك – بدلا من كونها واقع علمي راسخ رسوخا جيّدا ). و هناك وحدة في كره آرندت للتطوّر و كرهها للشيوعيّة . و مثلما كتبت في " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا أن ننجز أفضل من ذلك ؟ " :
" فهم أنّ النوع البشريّ قادر على مرونة كبيرة ، أنّه يملك مرونة كبيرة في ما يتّصل بتفاعله مع بقيّة الطبيعة ، و أنّه مع تغيّر ظروفهم – و فوق كلّ شيء نظامهم الاجتماعي – الناس قادرون على أن يغيّروا تغييرا كبيرا نظرتهم و معتقداتهم ... أجل ، حتّى مشاعرهم ... و كلّ هذا تحريريّ بقدر هائل بالنسبة إلى الذين ليست لديهم مصلحة شخصيّة في نظام الأشياء الحالي ... لكن بالنسبة إلى الناس أشبه آرندت مجرّد محاولة [ إحداث هذه التغييرات ] أمر في حدّ ذاته مُرعب . و من هنا نستمع [ من آرندت ] إلى التخمينات الوجوديّة السوداء التالية : " منذ اليونانيّين ، عرفنا أنّ الحياة السياسيّة العالية التطوّر تنطوى على شكوك عميقة الجذور في المجال الشخصي ، إستياء عميق ضد المعجزة الباعثة على أفضطراب المتضمّنة في واقع أنّ كلّ شخص منّا مصنوع كما هو – فريد ، لا مثيل له ، غير قابل للتغيّر " ( التشديد مضاف في مقتبسى الأصلي ، و التسطير مضاف هنا ).
في رسالتى على وسائل التواصل الاجتماعي عدد 22، @BobAvakianOfficial تحدّثت عن واقع أنّ÷ لا وجود لشيء إسمه " الطبيعة الإنسانيّة " . و في هذه الرسالة سأمضى أكثر في كيف أنّ الثورة الشيوعيّة ستضع نهاية لكلّ الإستغلال و الإضطهاد – و ، إلى جانب ذلك ، ستجعل من الممكن إيجاد طريقة مختلفة راديكاليّا و مثيرة للحماس في علاقة الناس بعضهم ببعض .
ستستخدم الشيوعيّة التكنولوجيا و الموارد في العالم و معرفة و قدرات الناس في العالم ، من أجل المصلحة العامة . و هذا سيمكّن من خلق وفرة مشتركة لجميع الناس، ما يقضى على حاجة الأفراد إلى الصراع فقط من أجل البقاء على قيد الحياة، و إلغاء حاجة الناس إلى المنافسة مع بعضهم البعض للحصول على الحاجيات الأساسيّة للحياة . و على هذا الأساس ، سيصبح ممكنا إحداث تغيير جوهريّ في ما يفكّر الآن أنّه " طبيعة إنسانيّة " .

و مرّة أخرى ، واقع أنّ ( كما أشرت إلى ذلك في رسائل وسائل التواصل الاجتماعي ) الناس يمكن أن يتغيّروا و يتغيّرون فعلا كامل الوقت ، خاصة مع التغيّرات في ظروفهعم – و هناك إمكانيّة أن يتغيّر الناس على نحو يبعث الحماس و تحريري – و هذا أمر مشجّع و ملهم بالنسبة إلى كلّ الذين ليست لهم مصالح شخصيّة في هذا النظام الرأسمالي-الإمبريالي الوحشيّ.
لكن أولئك أمثال آرندت الذين لديهم مصالح شخصيّة في هذا النظام ، ليس بوسعهم سوى الإنكماش مرعوبين من أفق التغيير التحريري الواعي للظروف و الناس وهو أمر تمثّله الثورة الشيوعيّة و يمكن بلوغه بواسطتها .
و يُفضى هذا بشخص مثل آرندت ليس إلى الإنخراط في التشويه و الإفتراء السخيفين و الشنيعين للشيوعيّة ، إلاّ أنّه في الوقت نفسه يشوّه كذلك – و بالفعل يبرّر – أفظع جرائم بلدان " الغرب " و قواهم القياديّة الإستعماريّة و الإمبرياليّة ، بخاصة الولايات المتّحدة و بريطانيا . و هكذا ، تستهين آرندت بفظائع العبوديّة في الولايات المتّحدة و بوجه خاص بزعم بالي و مناقض للواقع بأنّ ملاّكى العبيد " كانوا يريدون إلغاء العبوديّة تدريجيّا " . و يتعارض هذا بعمق مع الوقائع " السيّئة الحظّ " – من مثل أنّ قائد من قادة ملاّكى العبيد ، توماس جيفرسن ، كان مسؤولا عن التوسيع الكبير لمناطق العبوديّة في الولايات المتّحدة من خلال إشتراء لويزيانا في بدايات القرن التاسع عشر . و " ملاّكى العبيد " الذين ، وفق آرندت ، كانوا يريدون إلغاء العبوديّة تدريجيّا ، شنّوا حربا أهليّة في ستّينات القرن التاسع عشر في محاولة فاشلة ليس لمجرّد الحفاظ على بل إن أمكن توسيع العبوديّة .
و في ذات مسعى إعادة كتابة التاريخ لأجل الدفاع عن بعض أسوأ فظائع " الديمقراطيّات ( الإمبرياليّة ) الغربيّة " ، حاججت آرندت أنّه في ظلّ حكم الإستعمار البريطاني ، في عشرينات القرن العشرين و ثلاثيناته ، بين الحربين العالميّتين الأولى و الثانية :
" رغم أنّ حكم الإمبرياليّة البريطانيّة غرق في بعض السوقيّة و الوحشيّة فقد نهض بدور أقلّ بين الحربين العالميّتين مقارنة بما سبق أبدا و قدر أدنى من حقوق الإنسان وقعت صيانته . هذا الإعتدال وسط جنون تام عبّد الطريق لما أسماه تشرشل " القضاء على إمبراطوريّة فخامة الملك " و في النهاية يمكن أن يغدو معناه تغيير الأمّة الأنجليزيّة إلى كومنولث أنجليز ".
كلّ هذا لا يعدو سوى تبييض الفظاعات الرهيبة التي ميّزت حكم الإستعمار البريطاني في الهند و في أنحاء أخرى من آسيا و أفريقيا و غيرهما – شيء ضمن أشياء أخرى موثّق تماما و على نطاق واسع في كتاب لكارولين ألكينس ، " إرث العنف: تاريخ الإمبرياطوريّة البريطانيّة " . أمّا بالنسبة إلى تشرشل – الذى يتمتّع تقريبا بالوقار الشبيه بذلك الذى يناله الإلاه من طرف ممثّلى الإمبرياليّة " الغربيّة " ، بما فيها أولئك في الولايات المتّحدة ، " الليبراليّ,ن " و " المحافظون " على حدّ سواء – إنّه لواقع راسخ جيّدا أنّه كان إستعماري و عنصريّ متعنّت ، مسؤول عن الجرائم الشنيعة ضد الإنسانيّة قبل الحرب العالميّة الثانية و أثناءها و بعدها ، و الذى لم يقبل بنهاية الإمبراطوريّة البريطانيّة إلاّ عندما إضطرّ إلى القيام بذلك ، عقب تحمّله مسؤولبيّة عن الأعمال الأكثر فجاجة في محاولة للحفاظ على الإمبراطوريّة .
و من المهمّ أن نبقي في أذهاننا أنّ ما بيّنته هنا بشأن آرندت ليس خاصا بها و إنّما على العكس ، أمر نموذجيّ بالنسبة إلى مدّاحى الإمبرياليّة " الغربيّة " ، الولايات المتّحدة ، و تشويههم الفجّ و الإرادي للواقع – و بوجه خاص تجربة الشيوعيّة – بإفلاس " نظريّتهم " " الكليانيّة " .
و ما هو صادم هو أنّ هذا يؤدّى حتّى بآرندت إلى درجة أن تحاجج بأنّ الحياة في العالم الشيوعي ستكون بسوء ( إن لم تكن أسوأ من ) تدمير نوويّ . و في علاقة بهذا ، تحيل آرندت إلى الكليانيّة على أنّها " نظام معسكرات إعتقال " ( و ، مرّة أخرى ، من المهمّ أن نبقي في أذهاننا زعم آراندت بأنّ فقط الإتّحاد السوفياتي ، و ليس حتّى ألمانيا النازيّة ، هو الذى صار " كليانيّا تماما " ). و ؤكّد آراندت على أنّ إنتصار " نظام معسكرات الإعتقال " هذا سيعنى " ذات الموت الحتمي للبشر شأنه في ذلك شأن إستخدام القنبلة الهدروجينيّة بالنسبة إلى البشر " . و يقترب هذا كثيرا من – إن لم يكن مماثلا في الواقع ل – الصرخة الجنونيّة المعادية للشيوعيّة : " الموت أفضل مكن الحُمر " . أو كما أشرت إلى ذلك في ردّى على هذا الموقف لآرندت : " إنّها تعبّر عن فكرة مشابهة جدّا لتلك التي يردّدها الناطقون الرسميّون باسم الإمبرياليّة الغربيّة اليوم و الذين يؤكّدون أنّه مهما كانت الحرب النوويّة فظيعة هناك شيء أسوأ منها ... و هذا الشيء هو إستعباد الكليانيّة ".
و من جميع ما تقدّم ما إقتبسته في البداية هنا ، من مقالى السابق حول " الكليانيّة " (1) يجب أن يتكشّف صحيحا بأكثر قوّة:
" مثلما شرحت بإسهاب ، " الكليانيّة " " نظريّة " غير علميّة تماما – أو في الواقع ، هي معادية للعلم – طبخها و روّج لها مثقّفون مدّاحو هذا النظام( النظام الرأسمالي – الإمبريالي ) من الفظائع الأبديّة وهي تخدم صرف الإنتباه و تبرير الجرائم الكبرى التي ما إنفكّ يقترفها هذا النظام ضد الإنسانيّة و الحثّ على المعارضة اللاعقلانيّة للثورة و بوجه خاص الثورة الشيوعيّة . و كون من الممكن أن يأخذ أيّ إمرء هذه " النظريّة " مأخذ الجدّ و أن يتمّ التعاطى على نطاق واسع مع هذه " النظريّة " كنوع من " الحكمة المقدّسة " – شاهد مرير على الرغبة المبيّتة من قبل الكثير و الكثير من الناس بمن فيهم الذين يعلنون أنّهم " ليبراليّون " ، ليأقلموا أنفسهم مع هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، الذى يقوم على الإستغلال بلا رحمة لمليارات الناس حول العالم منهم مئات ملايين الأطفال ، وهو يُفرض من خلال القمع الوحشيّ و العنف المدمّر الكثيف."
هامش المقال :
1. ANOTHER PROVOCATIVE BUT SIMPLE AND BASIC TRUTH ON COMMUNISM AND THE FALLACY OF “TOTALITARIANISM”