تصاعد دور ونمو الحزب الشيوعي النمساوي.


حازم كويي
2024 / 6 / 30 - 14:21     

ترجمة:حازم كويي

كيف يحدث ذلك؟ لاتوجد وصفة براءة أختراع،لكن هناك تجربة.
غيورغ كورتس*، وسارة بانسي* يشرحان تجربتهما ومساهمتهما الحزبية وعما يقومان به،ويشرحان مايمكن أن التعلم منهما من خلال النقاط العشر التالية:

أولاً. لا تنخرط في السياسة المهنية.
والمفتاح هنا والموازي للسياسة المهنية، البقاء مع الناس. الحزب الشيوعي النمساوي KPÖ يملك هياكل صلبة لهذا الغرض. عضو الحزب سيحتفظ بحد أقصى من صافي راتب العامل الماهر وهو 2500 يورو. أما الباقي فيتم إرجاعه إلى السكان بطريقة غير بيروقراطية. وهذه لها قيمة في حد ذاتها، ولكنها تساعد أعضاء البرلمان أيضاً، فهم يكتشفون أين تكمن المشكلة – من وضع الإسكان الاجتماعي وإلى ارتفاع فواتير الغاز. تُظهر ضريبة الرواتب للعالم الخارجي أننا لا نتحدث فقط، ولكن من المهم أيضاً أن يستمر النواب في المشاركة في الحياة الحزبية اليومية، وفي جمع المعلومات والتواقيع، وفي المناقشات مع الناس من خلال دق الأبواب، ليس فقط قبل الانتخابات،فهي ليست هي الشئ الرئيسي، بل هي بمثابة إختبار لمدى نجاح العمل.
ثانيا. تعزيز العمل السياسي.
إننا نريد مُجتمعاً أكثر اعتماداً على التضامن ــ وقد بدأنا في تنظيمه. من المفترض أن الأنشطة غير السياسية مثل الأسواق للسلع المستعملة، ومهرجانات الشوارع، وأجتماعات المُستأجرين، ومساعدة تدريس الطلبة، وجمع القمامة، والطبخ المشترك في الأحياء، ونوادي الكتب، ومقاهٍ دورات لتعلم اللغة الألمانية وأصلاح الأجهزة،فهي كلها تُخرج الناس من العزلة وتجعل المصالح المجتمعية المشتركة ملموسة. هذه هي الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة في النزاعات الكبيرة. وهو أمريتعلق بخلق الوعي الطبقي. المظاهرات الحاشدة والإضرابات دخلت التاريخ. ومع ذلك، كانت سنوات تنمية العمل السابق للسياسة على الدوام شرطاً أساسياً لتحقيق ذلك.
ثالثا. ضع الأغلبية في الاعتبار.
إن فعاليتنا تأتي إلى حد كبير من حقيقة أننا نتصور بشكل مشروع، أننا نمثل الأغلبية من خلال أفعالنا. وهذا يُعطينا الحزم خارج قاعدتنا. نحن وفي كل شئ لا نهدف إلى ما يفرقنا، ولا إلى التناقضات بين المجموعات المختلفة، بل إلى المصالح المشتركة لـ99%. ونحن لا نعطي الأولوية للمصالح الخاصة للأقليات، لأن السياسة الاجتماعية الجيدة للجميع غالباً ما تكون أفضل سياسة للفئات المحرومة بشكل خاص ــ ومن الممكن أن نأمل في الحصول على الدعم من الأغلبية. لذلك، نحن لسنا جاهزين لحروب ثقافية مثيرة للانقسام، وحروب هوية وسياسات رمزية. إن الحزب اليساري القوي ليس حزباً لليسار فقط، بل حزباً لجميع العاملين بأجر. لا ينبغي للسياسة الطبقية أن تتناول فقط الجزء الذي يتغير من الطبقة. مجموعتنا المستهدفة ليست المشهد اليساري. ولكن كل من هو غير راضٍ عن الأوضاع السائدة، عائلات عادية تماماً، مُستبعدين، مُحبطين، نذهب على وجه التحديد إلى الأشخاص الذين تم نسيانهم منذ فترة طويلة، إلى الأحياء التي لا يصوت فيها الناس على الإطلاق أو يصوتون لليمين. وهذا هو العمل على إرساء الديمقراطية في مجال من أبتعد عن السياسة للأحزاب التقليدية. إن دعمنا المتزايد هناك أمر أساسي لتغيير النظام الذي نسعى لتحقيقه.
رابعاً. تجنب متاعب الشجار الحزبي.
إننا نضع أنفسنا بشكل واعٍ،أن اسم "شيوعي" يساعدنا ــ خارج إجماع المؤسسات.نحن أولا وقبل كل شئ، نعمل مع نصف سكان مدينة سالزبورغ الذين لم يعودوا يصوتون. ولهذا السبب لا ننافس الأحزاب الأخرى ولا ندخل في المشاحنات المعتادة مع المطالبة بالاستقالة والاتهامات المتبادلة. نحن لا نصطاد بوعي في بركة الأحزاب التقدمية. نحن لا نريد أن نكون أكثر خضرة من حزب الخضر أو من (الحزب الديمقراطي الأجتماعي، SPÖ )الأكثر يسارية. إمكاناتهم محدودة على أية حال. وإذا أردنا الأغلبية، فيتعين علينا أن نتواصل على نطاق أوسع،مع أولئك الذين لم تخاطبهم الأحزاب الأخرى لفترة طويلة. وبهذه الطريقة، نقوم ببناء أتباعٍ سيبقون مع حزبنا على المدى الطويل، ولن يغيروا تكتيكاته في كل إنتخابات. كلما أجتمعت الأحزاب القائمة للتنديد بنا، كلما أكدت رسالتنا بأننا “مختلفون عن الآخرين”. إذا تم تحذيرنا باستمرار، كما حدث قبل انتخابات المجلس البلدي لسالزبورغ في عام 2024 ، إذا كانت ملصقات المطرقة والمنجل تهدف إلى تخويف الناس من "التحول إلى اليسار"، فيجب أن تكون قادراً على تحمُل ذلك. إنه يساعدنا عندما يُعرّف الآخرون أنفسهم بما يتعلق بنا، وبالتالي يمنحوننا ويمنحون موضوعاتنا نطاقاً أكبر مما يمكننا تحقيقه بمفردنا.
رابعاً. عدم المطالبة بالكثير في آن واحد.
ومن أجل الإقناع بحجتنا، يجب أن تكون مُحددة بوضوح. يحتاج الناس إلى تجربة من أنَ جهودنا تعمل بالفعل على تحسين حياتهم. لا يمكنك أن تفعل ذلك إذا كنت تناضل من أجل كل قضايا اليسار في نفس الوقت. لهذا السبب علينا أن نتغلب على ردة الفعل المتمثلة في الرغبة في الوقوف إلى جانب كل شئ جيد وضد كل شئ سئ في هذاالعالم وفي نفس الوقت، إذا أردنا بالفعل تغيير شئ ما. وإلا فسوف ينتهي بنا الأمر إلى صفحة بيضاء من الناحية الأخلاقية، ولكن الظروف سوف تملي علينا خلاف ذلك. قررنا بدلاً من ذلك أن نفعل ما يجعلنا حزباً ناجحاً، تركيز كل طاقتنا على قضية مركزية.
سادساً. لا للعمل لصالح اليمين.
حقيقة أن التحذيرات المستمرة بشأن اليمين لم تلحق ضرراً بحزب الحرية النمساوي على مدار العقود الماضية أكثر مما ألحقته بنا الحملات المناهضة للشيوعية الآن. ولذلك، فإننا لا نحشد "ضد اليمين" بكتابة ذلك كشعارالملصقات. نحن لا نقدم معروفاً لحزب الحرية. وبالتأكيد لا نحسدها على حديثها المستمر عن موضوعهم المُفضل، وهو الهجرة.
نحن نتحدث عن الإسكان، ونعمل باستمرار على قضيةالإسكان، ونقوم بحملات مستمرة من أجله، ونفرض موضوعنا على الآخرين - وبذلك نتجاهل ببساطة تحريض "خروج الأجانب". ورغم أن حزب الحرية النمساوي بدى وكأنه لا يُقهر على الصعيد الوطني لفترة طويلة، فقد كانت توقعاته أقل بكثيرفي مدن سالزبورغ وإنسبروغ، كما هو الحال في مدينة غراتس. التعبئة النهائية لحزب الحرية النمساوي لانتخابات المجلس البلدي في سالزبورغ عام 2024 جعلت هذا الأمر واضحاً: فاللافتات الكارتونية بالحجم الطبيعي لمرشحهم الأول لم تقول "من أجل المزيد من عمليات الترحيل" أو التحريض المماثل، ولكن "أقف هنا من أجل الإيجارات الرخيصة". لقد رسمنا الحق في أراضينا ليراها الجميع. ومن السهل التغلب عليهم هناك لأنه ليس لديهم الكثير ليقدموه مقابل الإيجارات الرخيصة.
سابعاً. البحث عن موضوع أساسي.
إن السكن هو قضيتنا الأساسية ،هنا يجتمع عاملان، إنه النقص الصارخ في الحياة اليومية، والذي يوجد فيه وعي عام واسع - حيث من المفهوم للجميع أن منطق الربح والحاجات الإنسانية يتناقضان مع بعضهما البعض. هناك إجماع بين الأغلبية على أنه لا ينبغي ترك الإسكان للسوق.
ثامناً. أبق مثابراً.
على الورق، الجميع يؤيدون الإسكان الميسور التكلفة. ولكن إذا لم يكن هناك توقع بأن حزب ما سوف يحدث فرقاً فعلياً بشأن قضية ما بعد الانتخابات، فلا يهمه موقفه منها - ولا يوجد سبب للتصويت لصالحه. ومن أجل إحداث تغيير في منطقة خسرت فيها كل المعارك لعقود من الزمن، فإن الأمر يتطلب تجميعاً لا هوادة للقوى. مجرد المطالبة بالتحسينات أمر بسيط ولكنه غير فعال. وتنفيذه فعلياً يتطلب جميع الموارد المتاحة.
بدأ صعود الحزب الشيوعي النمساوي في مدينة غراتس في التسعينيات باقتراح من مستشاره المحلي، إرنست كالتينيغر، بأن لا يزيد إيجار الشقق المملوكة للمدينة عن ثلث الدخل. وأعقب رفض جميع الأحزاب الأخرى بحملة طويلة ومستمرة جمعت 17 ألف توقيع وضغط شعبي كبير، وبعد ذلك تم تمرير نفس الاقتراح بالإجماع. وهذا يوضح الجهد الذي تتطلبه حتى النجاحات الصغيرة - ولكن يوضح أيضاً سبب تركيز عملنا على المنطقة وليس في البرلمان.
تاسعاً. بناء شخصيات محبوبة.
الحزب هو بناء مجرد. يستغرق الأمر وقتاً حتى يثق الناس به. إن الفرد الذي يجسد قيمنا بشكل واضح يقدم تأثير الاعتراف ويتلقى السمات التي نعمل من أجلها بسرعة أكبر بكثير. بناءالشعبية والتوقعات التي عاشها كاي ميشائيل دانكل في سالزبورغ أو ماقامت به إلكه كار في غراتس وبشكل منهجي ومن خلال العمل الجاد. وهذا يتطلب سنوات من الثبات. الهدف بالطبع هو أن يثق الناس أيضاً بمنظمةالحزب الشيوعي. ونحن نشهد تقدما كبيراً في هذه العملية. ومع ذلك، فإن تركيز الدعاية الإعلامية على الأفراد هو شرط إنطلاق ضروري.
عاشراً. إبتسم دائماً.
كما أن الترويج للخوف من قبل الأحزاب الأخرى كان غير فعال على الإطلاق لأن الحزب الشيوعي النمساوي خالف كل توقعات من أطلق عن الشيوعيين الأشرار. نبدو ودودين وبنائين بشكل ملحوظ. نحن نبتسم طوال الوقت لأننا نُحب الناس ونريد دعوتهم للانضمام إلينا. نحن متواجدون معهم دوماً وبشكل مباشر. تُظهر ملصقاتنا أشخاصاً لطيفين وزخارف جميلة. إذا أردنا بناء الثقة، فعلينا أيضاُ أن نبدو جديرين بالثقة.

*سارة بانسي: هي المتحدثة الفيدرالية باسم الحزب KPÖالشيوعي النمساوي، وعضوة في برلمان ولاية سالزبورغ.

*جورج كورتس:ساعد في تنظيم الحملة الانتخابية هناك ويعمل الآن ضمن فريق التجديد في الحزب.