ملاحظات حول رد سمير نوري على مقال لمؤيد احمد
جلال الصباغ
2024 / 6 / 12 - 13:40
ان القارئ لرد سمير نوري على مقال مؤيد احمد المعنون ( الرأسمالية النيو ليبرالية وبيع "مكان الصلاة" في اقليم كوردستان ) يجد خطا سياسيا آخر، ويلمس منه ان العراق خارج حركة رأس المال العالمي والإقليمي، وكأن الاحزاب والقوى الاسلامية والقومية في العراق والمنطقة منعزلة عن هذه الحركة وليست جزءا منها، او انها بالأساس ليست احدى اهم ادوات الرأسمالية العالمية "العلمانية" في تنفيذ مخططاتها للسيطرة على المنطقة.
كما ان اعتبار الرأسمالية شيئا واحدا وغير متطور، يعبر عن عجز في ادراك وتفسير الانتقالات الحاصلة داخل نمط الإنتاج الرأسمالي، وهذا الأمر لا يرتبط بالليبرالية الجديدة لوحدها، انما لينين نفسه أكد ان عصره هو عصر الرأسمالية الاحتكارية التي تختلف عن الرأسمالية في عهد ماركس، وما محاولة جعل نمط الإنتاج الرأسمالي شيئا ثابتا وواحدا انما هو عكس المنطق الجدلي وعلى العكس من الماركسية من الأساس.
اما حول عدم وجود نيوليبرالية في العراق، فهذه الأخرى مغالطة كبيرة، لا تنظر إلى عمق الظاهرة بل إلى سطحها فقط، اذ ان الشكل الاقتصادي للدولة غير مهم، وان التفسير الوحيد والنهائي لوضع العراق الاقتصادي سببه السرقة والنهب، ولو ان اية حومة من حكومات ما بعد 2003 حاربت الفساد والنهب لتحققت العدالة! بحسب رؤية وتصور سمير نوري.
يبدو ان سمير نوري لم يطلع على الورقة البيضاء التي أصدرت في عام ٢٠٢٠ من قبل حكومة مصطفى الكاظمي، كما أنه غير مطلع على ما تقوم به الدولة من مشاريع خصخصة وإعادة هيكلة للمصانع والمعامل وكذلك السعي والعمل على خصخصة قطاعات الصحة والتعليم والكهرباء والنقل وغيرها، كما أن شروط البنك الدولي وصندوق النقد في رفع الدعم عن المنتجات النفطية على سبيل المثال مثل البنزين وغيرها من الإجراءات المرتبطة بإيقاف التعيينات في القطاع الحكومي وفسح المجال أمام رأس المال العالمي والاقليمي والمحلي للاستثمار في مختلف القطاعات، وغيرها من الإجراءات يبدو أنه لا يريد الاطلاع عليها.
ان حصر تحقيق الاشتراكية بالعلمانية هو مطلب اي حزب برجوازي علماني، وليس مطلب الماركسيين. صحيح أن فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم هي إحدى مطالب الماركسيين لكنها ليست كل شيء، انما التركيز بالدرجة الأساس هو على النضال بالضد نمط الإنتاج الرأسمالي والعلاقات القائمة على اساسه، سواء أكانت السلطة إسلامية او قومية او علمانية او تحت اي مسمى اخر رغم الاختلافات النوعية بين نظام حكم وآخر.
ان مهمة الشيوعيين ليست القيام بالثورة على مراحل كأن نتحول من الحكم الإسلامي او المسيحي إلى العلماني او من العسكري إلى المدني ومن ثم خوض نضالات جديدة من أجل تحقيق الاشتراكية. بل ان النضال من أجل الشيوعية يكون بالضد من الأنظمة البرجوازية مهما كان شكلها سواء أكانت إسلامية او قومية او عسكرية او مدنية أو علمانية.
إن نظرية المراحل كانت سائدة إبان ما كان يسمى بحركات التحرر الوطني منذ اربعينيات القرن الماضي، والتي كانت تقول ان الخلاص من الاستعمار هو الهدف في حينها وليس تحقيق الاشتراكية وكان الاتحاد السوفيتي يدعم هذا التوجه، وسمير نوري يريد العلمانية والمجتمع المدني في هذه المرحلة بعيدا عن الحديث حول النيوليبرالية والسياسة الاقتصادية للدولة في العراق فهو ضرب من الرفاهية والانفصال عن الواقع!!
أخيرا يبدو أن سمير نوري غير مطلع بشكل جيد على أدبيات منظمة البديل فهي تنقد وتفضح النظام البرجوازي الإسلامي القومي الناهب لثروات المجتمع ولا تدخر اي جهد في سبيل ذلك، لكنها تنطلق في نقدها من الاساس والمنهج الاقتصادي الذي يمثله ويطبقه هذا النظام.