أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شروق أحمد - زمن القهوة والموسيقى والعلوم














المزيد.....

زمن القهوة والموسيقى والعلوم


شروق أحمد
فنانة و كاتبة

(Shorok)


الحوار المتمدن-العدد: 7987 - 2024 / 5 / 24 - 16:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في صباح أو عصر كل يوم وفي ظهرية هادئة لا يوجد فيها لا ضوضاء ولا أصوات ازدحام أو حتى أصوات الأذان التي تعلوا من مئات المآذن وكأن مأذنة واحدة لا تكفي، وفي عصرية جميلة يتربع على عرشها طقس جميل وهواء قليل البرودة وكأنه نسمة حب تتغلغل في قلبي ومع رائحة القهوة التي ترسو في ميناء طاولة صغيرة عليها كتاب وفي خلفية ذلك المشهد موسيقى لفيروز وهي تقول "في أمل ايه في أمل وأوقات بتطلع من ملل" وفي الأفق سماء تتلون بلون البنفسج الجميلة وكأنها لوحة لبيكاسو، ومع أول رشفة من القهوة المرة المخملية تنتعش الروح ومعها القلب يدق وكأنه في انتظار موعد عمياني، العزلة في تلك اللحظة تصبح جنة بعيداً عن الضوضاء والثرثرة والقيل والقال، بعيداً عن الرسميات والمجاملات وبعيداً الوجوه التي ترتدي في كل لحظه قناع من أجل إرضاء المجتمع، هنا تصبح العزلة الجنة التي يتحدثون عنها.

لأننا في هذا الزمن فقدنا البوصلة ليس فقط مع الحياة لا بل فقدنا البوصلة مع العقل والمنطق والإنسانية ولم يبق شيء وقد حرم، الموسيقى أصبحت مؤامرة أو موسيقى العدو يجب ألا نسمعها، أصبحت القهوة سياسية وحتى العِلم سياسة، بل حتى اختلاء الزوج بزوجته طقس ديني وكأنه مشهد من العصور الوسطى، العقل ترك هذا العالم وغادر لأنه اصبح بلا معنى أو فائدة، أصبحت الأمة العربية خصوصاً أمة تقاد مثل الحملان ما أن يدس أحد خبر مفبرك وغير حقيقي حتى تقوم الملايين في الوطن العربي بنشره وتصديقه وحتى الغضب الغير مسبوق لخبر أصلاً غير حقيقي ومفبرك، القهوة أصبحت تشرب لنشر الشائعات ونشر الشر وحبك المؤامرات والفوضى، والموسيقى أصبحت تسمع على مزاج السلطان، وأصبحت الأغاني محرمة بالنسبة للفنان نفسه ولكنه يمتهنها إلى حين تكوين الثروة وبعدها التوبة للرب لأنها مهنة كما يلقبونها الفنانين نفسهم "مهنة محرمة والتوبة ستكون في وقتها" إذا كان الفنان مقتنع أن فنه حرام فماذا نقول عن رجل الدين الذي يحرم حتى الهواء.

وفي زمن أصبح العِلم محرم لأن السؤال عن المجهول هو كفر في منظور البعض وكيف لعالم أن يكون متدين وكيف يلتقي الأول بالأخير، وأصبحت مقولة" العلم عند الله" أقصر إجابة للوقف عن البحث والتقصي وفهم الكون الذي نحن جزء أصغر من حبة التراب فيه، وهناك من يسأل شيخ دين عن إذا كان حلال أو حرام أخذ اللقاحات أو شحذ العلم من جامعات أجنبية أو حتى دخول دورة المياه، أصبح العلم كفر والقراءة في كتب قديمة تتحدث عن نشأة الكون وبحوث عن أصل الإنسان كفر، حرق الكتب لأنها تغضب الرب، صبحت صفحات كتبها دارون أو يوفال هراري حرام قرأتها لأنه الأول محرف وكافر والثاني صهيوني عدو، يا إلهي ما لذي وصلنا له، ولماذا نذهب بعيداً هناك من حرم وحرق رواية قواعد العشق الأربعين للروائية إليف شفق وكأننا نعود إلى زمن حرق الساحرات، ماذا حدث لهذا العالم وخصوصاً الجيل الشاب الذي من المفترض أنه على علم بكل ما يحدث من حقائق ومعلومات في هذا الفضاء المفتوح، هل يعقل أن في زمن فيه الهاتف الذكي والكمبيوتر المحمول والموسوعات العلمية الموجودة في كل زاوية من هذا الفضاء وسهولة الوصول إلى أنواع البحوث والمعرفة أصبحت متوفرة بشكل مجاني إلا يجب أن يكون هذا الجيل هو جيل التنوير وجيل الحقائق وجيل السلام مع الآخر، هل من المعقول أن يكون جيل الخمسينات و السبعينات أكثر تنويراً من هذا الجيل على الرغم من عدم قدرتهم على السفر بحرية كما الآن أو قدرتهم على الوصل للمعلومات كانت شحيحة وغير مقبولة من السلطات، لم يكن مسموح بقراءة أغلب الكتب في ذلك الزمن والسفر كان شيء صعب بسبب أمور أمنية وإجراءات تعسفية، ولكن اليوم الحرية في قراءة الكتب و البحث عنها في مجاني بين أيدينا والمستغرب أن معظم هذا الجيل أصبح متدين ومتطرف بأفكاره الدينية والمعتقدات القديمة وذهب زمن القهوة التي ترتبط معها الجلسات الفكرية والأحاديث المستنيرة وارتباطها بحبيبين يتبدلان الحديث الحميم ونظرات الحب، وذهب زمن الموسيقى التي خرجت من رحمها آينشتاين وغابرييل غارسيا ماركيز وطه حسين وأغلب الكتاب والعلماء الذين اعطونا كل ما هو جميل سعيد وحتى الحياة نفسها واختراعاتهم التي أخرجت لنا كل شيء نعيش بسببه اليوم ومعها بالطبع ذهب العلم والعقل وكل ما هو عاقل ومتحضر، لأن تحضر الشعوب ليس بقيمة الحذاء والحقيبة وثمن السيارة أو الطائرات الخاصة بل تحضر الشعوب بحديثها الراقي عن لآخرين و التسامح مع الأديان الأخرى ويرتبط تحضر المجتمعات بالفن الذي يفتح العقل ويرقص معها المحب والعٌالم وحتى المقهور وغير ذلك هو مضيعة للوقت الحاضر والمستقبل.



#شروق_أحمد (هاشتاغ)       Shorok#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل حان وقت الرحيل؟
- لماذا ليس السودان؟!
- القراءة تخرجك من النار
- نوال السعداوي
- شعب ماكوندوا العربي
- الإنسانية لا دين لها
- قطار الإسلام السياسي و الأنظمة
- احتفال عربي إسلامي!!
- المسكوت عنه في الدورة الشهرية


المزيد.....




- “سنّو عم يطلع??” استقبل تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد ...
- “سليهم ودلعهم” خلي أطفالك يتمتعوا بكل أغاني وأناشيد قناة طيو ...
- حرس الثورة الإسلامية: حزب الله سيخرج منتصرًا ويحبط مخططات ال ...
- هجوم إلكتروني في محطة القطارات بالمملكة المتحدة يعوق شبكة -و ...
- قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء حسين سلامي: سيخرج حزب الله ...
- مصر.. فتوى حول فيديوهات يتربح منها عدد كبير من الأشخاص
- -رباعية البردة-.. ملحمة شعرية غنائية مغربية تستذكر أشهر القص ...
- “ثبتها الآن”.. ضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 للأطفال ...
- أمر قضائي لمؤسسة إسبانية بحذف تعريف لكلمة -يهودي-
- فرنسا: اتهام شخص ثالث في قضية مخطط إيراني لاغتيال يهود


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شروق أحمد - زمن القهوة والموسيقى والعلوم