الموقوفون مرآتنا..!!


حسن أحراث
2024 / 5 / 9 - 00:13     

كلُّ موقوفٍ مرآةٌ لنفسه أولا، ومرآة لنا ثانياً (أتحدث عن الأستاذات الموقوفات وعن الأساتذة الموقوفين في قطاع التربية والتكوين).
كل موقوف لابد أنه عاش محنة التوقيف كأبشع أشكال القمع وتألم لمعاناة التوقيف، في علاقة الأمر بذاته ومحيطه بما في ذلك عائلته من جهة؛ وارتباطا من جهة أخرى بباقي الموقوفين وغير الموقوفين وبالمناضلين، سواء النقابيين أو غير النقابيين. وإذا توضّحت الصورة، فإنها توضحت أكثر للمعنيين، أي الموقوفين؛ حيث الذي يده في النار ليس كالذي يده في الماء..
تأكد اليوم "المُتأكد" الذي لن تخفيه عيون الغربال، والمقصود هو عبث النظام القائم بمصير بنات وأبناء شعبنا وبمباركة حواريه من قوى سياسية وقيادات نقابية وجمعوية..
فهل عجزت كل الأحزاب، وخاصة منها التي تدعي الديمقراطية والتقدمية، عن فرض إرجاع الموقوفين الى عملهم وتسوية أوضاعهم الإدارية والمالية؟!!
هل عجزت كل القيادات النقابية المركزية منها والقطاعية، وخاصة منها الجاثمة على أنفاس الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، عن فرض إرجاع الموقوفين الى عملهم وتسوية أوضاعهم الإدارية والمالية؟!!
هل عجز الأساتذة بأعدادهم الهائلة وبمختلف انتماءاتهم السياسية والنقابية والجمعوية (وحتى بدون انتماء)، عن فرض إرجاع الموقوفين الى عملهم وتسوية أوضاعهم الإدارية والمالية؟!!
هل سقط الموقوفون من السماء؟!!
من يتنكّر لتضحيات الموقوفين؟!!
هل كانت نضالات الموقوفين بدون معنى؟!!
إن تفسير الواضحات من المُفضحات..
فالنظام القائم يسعى بخبث وحقد، وانسجاماً مع طبيعته كنظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي، الى تمريغ أنف وكبرياء الموقوفين في التراب/الوحل، وبالتالي تقديمهم كنموذج "مهزوم" لمن سوّلت له نفسه في المستقبل النضال ضد مخططاته الطبقية المُمْلاة من طرف الامبريالية ومؤسساتها المالية، خاصة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.
ويسعى أيضا الى تسويق المُبرّرات الانتهازية، مثل "لن ينفعك الشعب ولا الرفاق"، أي "ادخل سوق راسك"...!!
وإذا كان هذا مسعى النظام القائم، وذلك ديدنه، أين الأحزاب السياسية التي تُشنِّف أسماعنا بالشعارات المُنمّقة؟!!
أين النقابات "فخر الانتماء"؟!!
أين الانتصارات الوهمية إثر "الحوارات" المغشوشة؟!!
إن التساؤل الذي يطرحه الجميع هو:
ماذا منع أو يمنع المحاورين باسم النقابات "ذات التمثيلية" من وضع شرط إرجاع الموقوفين الى عملهم وتسوية أوضاعهم الإدارية والمالية قبل انطلاق أي حوار؟!! أما "التّحجّج" بغير "منطقية" وضع مصلحة حوالي مئتي (203) موقوف أمام مصالح أكثر من مئتي ألف أستاذ/ة، فمن باب التهرب من المسؤولية. لأن أكثر من مئتي ألف أستاذ/ة المعنيين/ات مع إرجاع الموقوفين الى عملهم وتسوية أوضاعهم الإدارية والمالية، ببساطة لأن الموقوفين (203) قدموا أنفسهم "قربانا" من أجل أكثر من مئتي ألف أستاذ/ة..
وماذا منع أو يمنع الأساتذة من وضع شرط إرجاع الموقوفين الى عملهم وتسوية أوضاعهم الإدارية والمالية قبل العودة الى الأقسام، انسجاما عمليا وشعار "كلنا موقوفون"؟!!
من باب الاعتراف، كل التحية لتضامن الشغيلة التعليمية والمناضلين، المعنوي والمادي، مع الموقوفين. لكن الأمر أكبر من ذلك، فهنا نعني الجوانب السياسية، أي الحل الجذري..
سابقا، كان الموقوفون لأسباب سياسية ونقابية؛ أي لم يكونوا جميعا موقوفين لأسباب نقابية مباشرة كما هو الحال الآن. ورغم ذلك فرضنا تسوية أوضاعنا إداريا وماليا، وبدون مجالس "تأديبية". عُدنا الى العمل من موقع قوة وبرأس مرفوعة ولم نتخلَّ عن مواقفنا السياسية (أتحدث عن نفسي). كان التوقيف وقبله الاعتقال وسام شرف لنا وليس تهمةً أو إدانة، وهنا دور الذاكرة التي يعمل النظام وحواريه على قتلها.
والآن والموقوفون لأسباب نقابية مباشرة، وإثر معارك نضالية مشهودة وموثّقة، لماذا تمديد عمر مآسيهم غير الإمعان في إذلالهم؟!!
إن مجرد قبول مهزلة "المجالس التأديبية" إهانةٌ للموقوفين وللنقابيين وللمناضلين..
إن مجرد قبول مهزلة "المجالس التأديبية" طعنٌ في ظهر "الفرح" بانتزاع الحقوق والمكتسبات (الفُتات).
إن مجرد قبول مهزلة "المجالس التأديبية" اعترافٌ بجريمة مصطنعة في مُخيّلة النظام وحواريه (والموقوفون يعرفون ذلك)..
أي فرح والموقوفون في "قرح"؟!!
وصراحة، فهمت؛ بمعنى تأكد؛ انسجام مشاركة ممثلي ما يسمى ب"اللجن الثنائية" في المسرحية المُفبركة المُسماة "المجالس التأديبية" و"الطريق السيار" وجهة مجلس المستشارين (البرلمان)!!
لا يتعلق الأمر بالدفاع عن الموقوفين، إنهم أقدر على الدفاع عن أنفسهم وعن قضيتهم العادلة؛ الأمر هنا يهم المبدأ..
ونرى أن المطلوب بالنسبة للنقابات ما يلي:
- إرجاع الموقوفين الى عملهم وتسوية أوضاعهم الإدارية والمالية بدون شرط أو قيد؛
- الرفض المُطلق لما سُمّي ب"المجالس التأديبية"؛
- رفض أي حوار أو أي شكل من أشكال العمل الى جانب وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قبل إرجاع الموقوفين الى عملهم وتسوية أوضاعهم الإدارية والمالية؛
كل التضامن مع الموقوفات والموقوفين والنصر لمعاركهم/هن النضالية..