خونة الثورة الإسبانية. الانقلاب التروتسكي في برشلونة في مايو 1937
دلير زنكنة
2024 / 4 / 30 - 08:21
مدونة بوليتستورم PolitSturm
منظمة و اعلام ماركسي لينيني
ترجمة دلير زنگنة
واحدة من أكثر الأحداث التي تعرضت الى بروباغندا مكثفة، و أكثر حدث أسيء فهمه في التاريخ الحديث ، خارج الاتحاد السوفيتي ، حدث داخل المعسكر اليساري للقوى الديمقراطية في الحرب الأهلية الإسبانية ، التي عارضت الانقلاب الفاشي للجنرال فرانكو. انتفاضة مايو 1937 تلك ، التي حرض فيها حزب العمال للوحدة الماركسية P.O.U.M التروتسكي وحلفاؤه الليبرتاريين (التحرريين) و الاناركيين(اللاسلطويين) على العنف ،واستولوا على برشلونة من الحكومة الكاتالونية المناهضة للفاشية ، يسمى الآن من قبلهم أيام مايو ، عنوان ينبذ روح الطبقة العاملة في عيد العمال.
إن النظرة السياسية لهذه اللحظة التاريخية المهمة من "الاقتتال الداخلي اليساري" قد هيمن عليه أقلية من الأناركيين والتروتسكيين الذين يتعاطفون بشكل وثيق مع هذه الأعمال ويدعمونها. تصادف أنهم يتوافقون مع موقف دولهم الحاكمة - مع خط جرى تصويره في دعاية سفر جورج أورويل الكلاسيكي" حنين إلى كاتالونيا" . لقد رسخت هذه الأصوات و ناشريها البرجوازيين في ذهن الشخص العادي ، صورة تاريخية زائفة، مما يعكس ويؤدي إلى تفاقم الجهل بالأحداث. كان تأثير هذه الحملة الإعلامية المضللة هو الاحتفال ببرنامج عمل غير مبدئي ، وإحياء عداء قديم بين الفصائل اليسارية ، وخدمة الغاية الأكبر من معاداة الشيوعية بسرد تبسيطي مبني على ذرائع كاذبة.
الحبة السامة القاتلة التي لا تستطيع الاطراف الانتهازية ابتلاعها هي حقيقة أن "غالبية الأناركيين ، وبالطبع الغالبية العظمى ممن قاتلوا في الحرب الأهلية الإسبانية ، عارضوا العنف الأجوف في أيام مايو", الذي حرضت عليه الجماعات المسلحة الهامشية سياسيًا خلال لحظة حرجة من الحرب ضد فرانكو. في الواقع ، كانت الكونفدرالية الوطنية للعمل CNT والكونفدرالية الايبيرية الاناركية FAI، اللتان مثلتا أكبر كتلة من النقابيين و الاناركيين على التوالي ، قد انضمتا إلى الحكومة الكاتالونية في 28 سبتمبر 1936 وشاركتا مركزيًا في قمع المحاولة. في حين أن بعض الأناركيين يسعدون بكونهم "أناركيين أكثر من الأناركية" ، فإن مثل هذه الحقائق لا تزال تبدو وكأنها لا يمكن ضمها الى السرد التاريخي الذي يعتمد عليه العديد من المجادلين اليساريين ، وبالتالي نادرًا ما تنعكس في تصوير وسائل الإعلام البرجوازية لهذه الأيام المهمة والفهم الأوسع للدور الذي لعبه الاناركيون. والبرجوازية ليست الوحيدة التي لا تستطيع استيعاب الوضع التاريخي.
لقد اقتطع التروتسكيون مكانتهم من الحركة الشيوعية من خلال إدانة ستالين باعتباره الخائن الاكبر للثورة ، وبالتالي هم قلقون للغاية بشأن نظرة الجمهور لأفعالهم في برشلونة. إن صورتهم المثالية الأخلاقية العالية من شأنها أن تستبدل بصورة حقيقية لمخربين ضد الجمهورية الإسبانية ، وبالتالي ضد النضال المعادي للفاشية في أهم حقبة من التاريخ.
وقف التروتسكيون في إسبانيا ، أي حزب العمال للوحدة الماركسية P.O.U.M ، إلى جانب الخط التروتسكي ضد الجبهة الشعبية التي تأسست في الجمهورية. لقد تشكل هذا الحزب من اندماج التروتسكيين واليمينيين ، حلفاء بوخارين ، مع هيمنة فصيل ماورين اليميني. وبينما رفضوا من قبل تروتسكي و قاموا بدورهم بطرد التروتسكيين من بينهم، عكست مواقفهم برنامجًا حقيقيًا للاشتقاق التروتسكي من الماركسية اللينينية ؛ حيث اوضح تروتسكي في الثورة الدائمةأن موقفه من قضية النضال الديمقراطي "كان مختلفًا حقًا عن موقف لينين". وكذلك كانت "ثورة" 1937 للإطاحة بالكتلة الجمهورية برنامجًا تروتسكيًا ، كما قال هو نفسه "لا يمكن القيام بالثورة الاجتماعية في إطار الديمقراطية". ولن يقفوا مع القوى الديمقراطية ضد الفاشية العالمية التي سعت لإلغاء الديمقراطية والبرلمانية و قوة نقابات العمال.
مرة أخرى ، عكس حزب العمال للوحدة الماركسية P.O.U.M انتهازية تروتسكي بشكل جيد عندما انقلب على مبادئه الخاصة من أجل الحصول على مقعد على طاولة التحالف الإسباني الذي كانوا قد شجبوه في السابق باعتباره توفيقيًا . لكنهم فعلوا ذلك ليناسبوا أولاً مصالحهم الخاصة ، وليس للانضمام إلى النضال ضد الفاشية بحسن نية ، وسرعان ما طُردوا من الجبهة الشعبية في ديسمبر 1936 بعد أنشطتهم السياسية التخريبية وحيلهم المكشوفة .
قادت جبهة الاقلية المعارضة ضد التحالف الجمهوري الموسع المشكلة من احداث جرت في عام 1936 ، أصدقاء دوروتي Durutti، التي تأسست عندما تخلى بضع مئات من اناركيي FAI من وحدة دوروتي عن الجبهة في أراغون في مارس ، قبل شهرين من التمرد ، وجلبوا بنادقهم لاستخدامها في برشلونة. وانضم إليهم مجموعة الشباب التحرري FIJL، و تنظيم تروتسكي رسمي باسم البلاشفة اللينينيون ، وموقفهم الهامشي وضعهم على خلاف مع المشاركة الاناركية الأوسع ، من الكونفدرالية الوطنية للعمل CNT والكونفدرالية الايبيرية الاناركية FAI ، في حكومة الجمهورية المناهضة للفاشية. كانت هذه الجهات السياسية الهامشية أقل اهتمامًا بحالة الحرب الخطيرة والتحالف الضعيف ضد الفاشية ، وأكثر اهتمامًا بمكاسبها السياسية.
سعى عدد قليل من الاناركيين والتروتسكيين إلى خلق موقع أفضل لأنفسهم في السياسة الإسبانية من خلال الاستفادة من الانقسامات التي تكمن دائمًا في أسس الجبهة الشعبية. يزعم التحريفيون والمحرضون في ذلك الوقت بلؤم أن هذا التمرد الرجعي كان الثورة الحقيقية . الجمهورية الإسبانية الوحيدة التي يمكن الحصول عليها، حسب أطروحة أورويل ، ستكون "نوعًا من الفاشية".
كان اتجاه إسبانيا بعد الحرب قطعًا نوعًا من الفاشية ، لكن القوى الديمقراطية لم تكن مسؤولة على الإطلاق عن تأسيسها. تكشف أطروحة أورويل الحقيقة القبيحة وراء "اليساريين المبدئيين" من اشباهه - الفاشية الحقيقية في ظل نظام فرانكو العنيف والإجرامي هي مرادفة بالضبط للحكومة الائتلافية من الشيوعيين و الاناركيين والليبراليين. القوى الانتهازية التي روجت وحرّضت على التمرد كانت في الواقع أكثر الخونة حقارة ، الذين لن يساهموا إيجابيًا في بناء قدرة القوى الثورية داخل الكتلة المناهضة للفاشية ، ولكن على العكس من ذلك، لربما كان حريًا بهم تجاوز خطوط الجبهة و الانضمام إلى فرانكو ، بسبب العمل الذي قاموا به لتخريب الحركة التقدمية من الداخل سعيا وراء مصالحهم الذاتية. و هذا ما فعلوه في بعض الحالات.
الخلفية
في الأسابيع التي سبقت فوضى برشلونة في 2 مايو - 8 مايو ، كانت التناقضات داخل المعسكر الجمهوري تتصاعد إلى حد المواجهة العنيفة المستمرة ، بسبب وضع استحالة التفاوض. كان الوضع مريعاً للغاية ، ليس فقط للقوى الديمقراطية على الجبهة العسكرية ضد فرانكو - التطويق الفعال ضد الجمهوريين الشماليين والهجمات الفاشلة من جانبهم ، ولكن في تلك المرحلة حتى بالنسبة لأساسيات الحصول على الغذاء وتوزيعه.
أدى ذلك إلى تأجيج التناقض بين القوى المسلحة المحلية ، حيث يؤمن كل منها مخزونه من المواد الغذائية والأسلحة. وقد أصبح هذا مزمنا بشكل خاص بسبب التركيبة السياسية للجمهورية الإسبانية التي كانت عبارة عن كونفدرالية فضفاضة من الحكومات الإقليمية ، مثل مجلس كتالونيا العام Generalitat de Catalunya ، واللجان الحاكمة البلدية ، لكل منها مصالحها المادية الخاصة ورجالها الأقوياء المحليون للتفاوض معهم .
في نوفمبر من عام 1936 ، قمعت الحكومة الكاتالونية ، بدعم كامل من اناركيي الكونفدرالية الوطنية للعمل CNT ، تمرد قومي أصغر في منطقة بيلفر. بعد القيام بذلك ، اصبحوا يعلمون بشكل أفضل بالأنشطة الكاملة التي كانت تجري في منطقة سيردانيا التي تشارك حدودها مع فرنسا. للسيطرة على تدفق المواد من وإلى فرنسا الرأسمالية ، تمركزت دورية شرطة من حرس الحدود caribineers في المدينة.
وهدد وجودهم بالكشف عن أنشطة التهريب المربحة للقوات المتمركزة في منطقة بويغسيردا Puigcerdá المجاورة - والتي جلبت الأسلحة إلى العناصر المحلية من الكونفدرالية الايبيرية الاناركية FAI من فرنسا - ليس من أجل تسليح القوات العسكرية على الجبهة ضد فرانكو ، ولكن من أجل تعزيز قواتهم الحزبية الخاصة. زادت قوتهم المسلحة من قدرتهم على تفعيل برنامجهم ، الذي تضمن ابتزازًا ممنهجًا للهاربين من الجيش والسرقة لإثراء أنفسهم. والواقع أن النشاط الإجرامي ، مثل تزوير جوازات السفر ، كان ممركزاً سراً في بويغسيردا.
كان زعيم هذه الحلقة هو عمدة بلدية بويغسيردا ، أنطونيو مارتن إسكوديرو ، وهو وسيط بين النقابات المنتسبة إلى FAI وأرباب العمل ، والذي دعم جمعنة الماشية ،فقط من اجل السيطرة عليها لاستخدامه الخاص ، وفرض ضريبة مكروهة في المدن الصغيرة في لا سيردانيا. إن نظام الحكم الأناركي في تلك المنطقة ، والذي كان محل تركيز لقوى الجريمة المنظمة ، والمصالح البرجوازية الفرنسية ، و تسلل قوات فرانكو المتمركزة عبر الحدود في مدينة بيرينان الفرنسية ، قد مكّن من ظهور علاقات استغلالية خاصة جديدة.
فجأة و في الأول من مارس 1937، قام هذا الرجل القوي ، بالتنسيق مع ميليشيات حزب العمال للوحدة الماركسية P.O.U.M المتحصنة في مكان قريب ، بالاعتداء على ثكنات الدوريات الجمهورية ، واحتجز الجنود كرهائن. ولم يتم تقديم أي سبب شرعي للهجوم ، فقط " مخاوف " لجنة بويغسيردا الحاكمة - التي هددت بإعدام هؤلاء الجنود الجمهوريين ما لم تجتمع كونفدرالية CNT والحكومة للقبول شروطهم. وبدلاً من ذلك ، قُتل عمدة البلدية هذا وبعض رجاله على أيدي القوات المسلحة التابعة لاناركيي CNT في القتال من أجل السيطرة على المركز الحدودي.
وهكذا ، كان الاناركيون في الحكومة هم من اضطلعوا بواجب سفك دماء أعداء الثورة الذين يختبئون تحت راية سياسية في مناوشات هامشية ترتبط لاحقًا بانفجار التوترات في أيام مايو القادمة. ذكرت هذه الأحداث بشكل عابر من قبل أورويل ، الذي سعى إلى خلق الأساطير التي لا تزال قائمة حتى اليوم ، بما في ذلك لوم كل منعطف في الصراع على الشيوعيين ، ورسم صورة الرجل القوي لبويغسيردا على أنه "اناركي معروف" قُتل في مؤامرة ضد العمال. يتم التشبث بهذه الروايات من قبل الانتهازيين الأناركيين المعاصرين .
بالإضافة إلى التبشير بها ، تجسد هذه المعارك في سيردانيا الطبيعة العامة لأيام مايو الأكثر خطورة. كانت العلاقة التنظيمية بين القوى الأصغر ، التي يمكن أن تدعي أي سياسة ستكسبها اوضاعا احسن، والقوى الجماهيرية التي تقود الحرب ضد الفاشية ، تمزق شقوق الجمهورية الإسبانية.
وهكذا يمكن أن يرى عدد قليل من الاناركيين التطورات الضرورية ، مثل الاستيلاء على نقطة الحدود من بويغسيردا من المجرمين ، كهجوم على ثورتهم. لقد كانوا أحرارًا ، أحرارا من أي روابط تضامن أو نشاط مشترك ، من اجل التركيز على مخاطر الدولة الجمهورية ، بينما يديرون ظهورهم للتهديد الحقيقي للديكتاتورية الفاشية.
هذا بحد ذاته يرمز إلى أخطاء التنظيم اللاسلطوي: بسبب هياكله الأساسية ، لا يستطيع الاناركيون ببصيرة أو إستراتيجية ،التعامل بشكل صحيح مع المواقف التي هم فيها. على سبيل المثال ، يتفق المؤرخون البرجوازيون المعاصرون عادة على أنه في حين تم تنظيم إرهاب الإعدامات الفاشية بشكل مؤسسي، مما أسفر عن مقتل حوالي 200000 شخص ، كانت عمليات الإعدام الجمهورية في الغالب نتيجة لانهيار الانضباط واستقلال القادة المحليين. وكانت لهذه الانهيارات عواقب وخيمة ، مع دمار شامل وحالات قتل أدت إلى نفور جماهير الريف. كان لا بد من توطيد الدولة الديمقراطية للسيطرة على الوضع الفوضوي وحشد الدفاع عن المؤخرة. الجبهة الشعبية ، التي شجعتها انتخابها عام 1936 والتقارب مع كتلة الأناركيين ، لديها الان السلطة و التفويض لهذا الامر.
في أوائل مارس 1937 ، حلت الحكومة الكاتالونية لجنة الدفاع لتأسيس قيادة على العديد من لجان الشرطة والميليشيات المحلية في المنطقة. تم إنشاء قوة شرطة كاتالونية واحدة من الصفر بعد أن تخلت الشرطة عن مواقعها في أزمات عام 1936. لم يُسمح لهذه القوة بأن تشمل عضوية أي حزب سياسي أو نقابة عمالية. بعد عشرة أيام ، أمرت الحكومة المركزية الجمهورية جميع المنظمات العمالية واللجان والدوريات والعاملين بتسليم أسلحتهم. الاناركيون ، دوريات السيطرة ، و قوات الحماية التي رفضت الخضوع للعملية الديمقراطية ، تُركت بدون قيادة جماعية ، لكنهم استمروا في العمل بشكل غير رسمي ، مما أسفر عن مقتل أكثر من 500 مدني في برشلونة فقط.
مايو
في جهد مشترك للحفاظ على السلام ، اتفقت كل من النقابات الشيوعية والأناركية ، الاتحاد العام للعمال UGT و كونفدرالية CNT، على عدم إقامة المسيرات في عيد العمال. عرفت كلتا القوتين العواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب على الصراع الفوضوي وغير المنسق، على آمالهما المشتركة في التطور التقدمي في إسبانيا.
في الثاني من مايو ، قطع المشغلون في مكتب التلغراف في برشلونة الاتصال بين وزير الجمهورية للقوات البحرية والجوية مع حكومة كاتالونيا. عندما قطعت مكالمة ثانية ، بين رئيس الجمهورية الإسبانية ، مانويل أزانيا ، و رئيس كاتالونيا لويس كومبنيس ، أصبح الواقع السياسي واضحًا.
هذه جرائم خطيرة في حد ذاتها ، إن لم تكن أعمال تخريب مباشرة ، حتى لو كانت تبدو وكأنها مقالب - والنتيجة هي التأثير على مسار الحرب بساعة ، بيوم. لكن التهديد كان في الأساس ، فكرة أن افرادا عاملين في مكتب التلغراف يمكن أن يتخذوا القرارات التي يجب اتخاذها بشكل جماعي. وبدلاً من ذلك ، تُركت الهيئات الحاكمة تتساءل عن دوافع مشغلي التلغراف. كان هناك خطر حقيقي من التسلل الفاشي ، الطابور الخامس لفرانكو ، وتسلل المصالح الشخصية كما رأينا في [حالة عمدة بويغسيردا] أنطونيو مارتن إسكوديرو. كان مكتب التلغراف في برشلونة حلقة اتصال حيوية ، وربط كاتالونيا بقيادة الجمهورية ومراكز التنسيق العسكري في عاصمة فالنسيا ، إلى الجبهة الشرقية من الخطوط الأمامية. ومهما كان التفسير الذي يمكن تقديمه، فإن هذه المحاولة للسيطرة على جهاز الاتصالات في الثاني من مايو كانت بمثابة رسالة واضحة عن نيتهم اخراج برشلونة من جانب واحد من المجهود الحربي.
بناء على أوامر من رئيس الحكومة الإقليمية ، دخلت الشرطة محطة التلغراف المركزية في برشلونة واحتلتها. إن ادعاءات أورويل الانتهازية حول "برجوازية " السيطرة على الأذرع العاملة للصناعة تبرز على حقيقتها من خلال الوضع الحقيقي الذي واجهته الجمهورية. ان الثورة الاجتماعية عام 1936 كانت تعني هجرًا كاملاً لقوات الشرطة الجمهورية ، ولذا كان لا بد من بنائها مرة أخرى بالضرورة، وبمساعدة ميليشيات مشكوك في موثوقيتها . كان نزع سلاح هذه الميليشيات واستبدالها بقوات الشرطة التي أنشأتها الحكومة المنتخبة في فبراير 1936 خطوة ضرورية للحفاظ على الأمن في العمق.
الوضع الاجتماعي والعسكري العنيف ، الذي مزق دوام التحالف من الداخل والخارج ، هو السياق التاريخي المباشر الذي كتب المدافعون المعاصرون عن حزب العمال للوحدة الماركسية P.O.U.M وأيام مايو عددًا لا يحصى من الصفحات لدفنه . إذا علم الناس أن مثل هذه الأعمال تم تنفيذها من قبل عدد قليل من الاناركيين دون أي تنسيق أو تعاون على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد ، فإن قلة من الناس سيقولون إنها تمثل! دفعًا للثورة الى امام .
في كل يوم من القتال ، دعت اللجنة الإقليمية لـ CNT-FAI ، واتحاد النقابيين (CNT) و اناركيو (FAI) ، إلى عودة السلام إلى شوارع برشلونة.
في اجتماع لمجلس الوزراء الجمهوري في عاصمة فالنسيا ، وافق اللاسلطويان فيديريكا مونتسيني وخوان بييرو على الذهاب إلى المقر الرئيسي لـ CNT-FAI في برشلونة لإنهاء الصراع. تم الاتفاق على أن كلاً من CNT الاناركية و UGT ذو الميول الشيوعية سيطالبان في البث الإذاعي الرسمي مقاتليهما في الشوارع بوقف إطلاق النار.
أرسلت CNTو FAI ممثليهما من فالنسيا كمفاوضين سلام: عندما وصلوا ، اطلق النار عليهم. أثناء مفاوضاتهم مع مجلس كتالونيا العام Generalitat ، طالبوا بإقالة قائد الشرطة الذي أُمر بالاستيلاء على مبنى التلغراف، قاموا ببث طلب لأعضائهم لوقف هجماتهم. لكن الدعوة الفعالة من أجل السلام شلت بسبب الرسائل المتناقضة ، التي تساءلت عن سبب انتهاك الشرطة لحقها في السيطرة على التلغراف . ضمنيًا ، كان هذا ادعاءً بالاضطهاد في آذان رجال FAI و CNT الذين كانوا ينتظرون بشكل عاجل أخبار وضعهم السياسي.
في البداية ، كان الاناركيين لا يستعملون القوة القاتلة في استيلائهم على المدينة ، لكن هذا لم يكن وضعًا يمكن أن يستمر. في الليلة التي دخلت فيها الشرطة مكتب التلغراف ، اندلعت معركة بالأسلحة النارية بين القوميين الكاتالونيين وبعض انصار FAI ، مما أسفر عن مقتل أحد الاناركيين . أدى هذا إلى تضخيم الإحساس بالعدائية في برشلونة ، والإيمان بإيذاء الاناركيين من قبل مجموعات في الحكومة. كان هذا بالضبط ما كان المحرضون يعتزمون الاستفادة منه. الجوع ، أكثر من الإيديولوجيا ، هو الذي قاد الاضطرابات العنيفة في برشلونة في عام 1937 ، وتلك الأقلية من القوى التي كانت حقًا محفزة أيديولوجيًا استخدمت فوضى العمال لشن حملتها العنيفة.
في الأيام القليلة التالية ، أدى إطلاق النار بين الجماعات المسلحة المختلفة ، بين الأحياء المتناحرة ، إلى إغلاق الشوارع. ناشد التروتسكيون الاناركيين أن يتجاهلوا تصريحات CNT-FAI ، مرددين شعارات "الثورة الاجتماعية" لـعام 1936. نشرت صحيفة حزب العمال للوحدة الماركسية، La Batalla ، بيان أصدقاء دوروتي على صفحتها الأولى.
في الرابع من مايو ، انتهى القتال ، حيث أقيمت ممرات من التنقل الآمن بين الأحياء ، لكن هذه المحاولات لاستئناف وضع شبه سلمي يمكن أن يكسرها أي طرف اختار اغتنام الفرصة للسيطرة في هجوم مباغت.
في الماضي ، كانت هذه مجرد مناوشات ، والآن كثافة القوات ، وعدد لا يحصى من الجماعات المسلحة المتنافسة ، خلقت حالة حرب. لكن بدون أي دعم حقيقي ، انتهى التمرد لحظة وصول تعزيزات من القوات المسلحة.
في الأيام الأخيرة من القتال ، قصفت الجسور والطرق والسكك الحديدية لإعاقة القوة على طريقه من مدريد إلى كاتالونيا. إن إلقاء نظرة بسيطة على خريطة إسبانيا ستكشف عن تأثير هذا التخريب على قدرة مناهضي الفاشية على نشر القوات والمواد في خط الجبهة .
ان الهجوم الصيفي المخطط له ضد الخطوط الفاشية في وسط إسبانيا كان غير قابلًا للنجاح، حيث فشل تمامًا في الاستفادة من حملة فرانكو الخاصة حول الجيب الساحلي الشمالي لأستورياس وكانتابريا. لذلك ، بينما حاصر الفاشيون هذا الجيب بشكل فعال وخنقوه حتى الموت ، و هم يتقدمون ببطء، لم يتمكن الجمهوريون من تحقيق نجاحات كبيرة ، مع الفشل في إعادة الاستيلاء على هويسكا في يونيو بسبب إعادة نشر أو فرار آلاف الجنود من الخدمة.
مشاركة المخابرات الأجنبية
بعد استعادة سيطرة الحكومة على المدينة ، واجه حزب العمال للوحدة الماركسية P.O.U.M تدقيقاً مكثفاً بشكل خاص حيث تم القبض على أعداد كبيرة من مليشياهم لدورهم في العنف. كشفت شبكات تجسس واسعة من قبل الشرطة الجمهورية ، والتي تم التغطية عليها منذ ذلك الحين في العالم الناطق بالإنجليزية. في عام 1933 ، قبل حزب P.O.U.M دعوة حزب العمال البريطاني المستقل (ILP) ، للانضمام إلى أحزابهم الاشتراكية الدولية المناهضة للسوفييت في أوروبا ، ومقرها لندن .
كان هذا المركز الدولي بقيادة حزب العمال المستقل ، والذي سيواصل إنتاج العديد من السياسيين لحزب الاشتراكية الديموقراطية ،حزب العمال - الذي لا يزال ملتفًا حول عنق اليسار البريطاني. أرسلت ILP قواتها إلى إسبانيا مع بدء الصراع ، وهي "قوة قوية" قوامها حوالي 25 فردًا!. لكن أرقامها صغيرة الحجم حجبت مساهمة مالية ضخمة. تبرع ILP بأكثر من 10،000 جنيه إسترليني ، حوالي 200،000 دولار اليوم ، وسيارة إسعاف وحمولة طائرة من الإمدادات إلى POUM.
لأغراض الدعاية ، كان حزب P.O.U.M مسرورا بشكل خاص لدعوة المؤلف الإنجليزي المعروف على نطاق واسع إريك بلير [الاسم الحقيقي لجورج أورويل]، بعد أن رفض من الكتائب الدولية الأكبر ,من قبل سكرتير الحزب الشيوعي هاري بوليت. لقد كانوا جزءًا لا يتجزأ من قيادة حزب P.O.U.M ، وهذه العلاقة الوثيقة جعلت أورويل يصعد إلى سطح مسرح البوليوراما المطل على مقر قيادة حزب P.O.U.M في برشلونة في ليالي مايو.
يزعم شهود عاصروا الاحداث أن حزب P.O.U.M تلقى أسلحة من الفاشيين ، في لا سيردانيا رأوا هناك رجالًا لديهم ميل وقدرة على القيام بذلك عن طريق تهريب البنادق عبر الحدود من فرنسا ، والتي كانت تضم قاعدة تجسس فاشية في أقرب مدينة ساحلية كبرى. بينما نأى تروتسكي نفسه بعمله عن المركز الدولي ، فإن هناك تشابهًا ، ليس فقط مع مؤامرات تروتسكي نفسه و معارضته التروتسكية داخل الاتحاد السوفيتي ، كما يتضح الآن في رسائله ، ولكن أيضًا "تعاون العمل مع الكتلة الفاشية في أوروبا".
لقد نوقش هذا على نطاق واسع ، ولكن اليوم تؤكد الحقائق أن المعارضة التروتسكية في الاتحاد السوفياتي سعت إلى كل صديق محتمل يمكن أن يكون لديها: حتى في المعسكر الفاشي. تضمن ذلك اتصالات عديدة مع الفاشيين الألمان واليابانيين ، كما ظهرت في رسائل سيدوف نجل تروتسكي ، وفي الاستخدام الفعال للدعاية المرسلة مباشرة من قلم تروتسكي إلى البث الإذاعي لغوبلز. في عام 1939 ، وافق تروتسكي نفسه على التحدث ضد الحزب الشيوعي في لجنة مكارثي للأنشطة غير الأمريكية التابعة لمجلس النواب .
في حين أنهم ما زالوا يصرون على أن جميع الأدلة هي تلفيق شيوعي كامل ، لم يكن هناك استجواب جاد للوثائق والأدلة كما تم نشره في [كتيب]التروتسكية في خدمة فرانكو . وثيقة واحدة ، تم إرسالها من أحد المحرضين من حزب P.O.U.M إلى قاعدة انصار فرانكو في بربينيان Perpignan ، توضح خطة للتلاعب بحالة الجوع في كاتالونيا
"تجري تحضيرات قوية للانتفاضة التي سيشارك فيها غالبية الأعضاء النشطين في حزب P.O.U.M. لقد استفدنا بشكل جيد من نقص الغذاء لتنظيم مظاهرة بين النساء. يجب أن يتحقق ذلك في غضون يومين ".
يبدو أن رجال ILP قد استعدوا أيضًا من قبل لأخذ إجازتهم من جبهة أراغون ، ثم السفر إلى هويسكا المحاصرة من الفاشيين بالقرب من كاتالونيا. في الواقع ، قاموا بسحب قواتهم بهدوء من الخطوط الأمامية ، مباشرة إلى ثكناتهم المجاورة لمقر POUM في برشلونة ، في الوقت المناسب تمامًا لترتيب أنفسهم قبل مايو. من الواضح أنهم كانوا يعتزمون أن يكونوا مستعدين في موقع الفعالية السياسية الحزبية ، بدلاً من مواقع الحاجة العسكرية الأكبر للقوى المناهضة للفاشية. بالنظر إلى الروابط الواسعة مع الفاشيين والأذرع الاشتراكية الديمقراطية الدولية للبرجوازية ، يجب أن ننظر إلى هذا العمل بأكبر قدر من الجدية.
هناك روابط أخرى تدعونا إلى إدراك النطاق الكامل للأهمية الدولية ، والتدخل الدولي ، لإثارة الاضطرابات بين مناهضي الفاشية من خلال وكلاء محليين مثل حزب POUM: تحقيق الرغبات الفعلية للإمبرياليين الغربيين وكذلك الفاشيين. الضابط الآمر لأورويل ، جورج كوب من الميليشيا الناطق بالإنجليزية من حزب POUM و التي ضمت قوة ILP ، اتهم في هذا الوقت بتلقي أوامر من هويسكا المحتلة من قبل الفاشية. فكرة أن هذا الاتهام "الشيوعي" كان خيالًا تامًا ، تعقدت بسبب مهنة كوب في وقت لاحق.
في مايو 1941 ، سافر جورج كوب بحرية إلى فرنسا التي احتلها النازيون ، على الرغم من دوره القيادي المعروف على نطاق واسع في حزب POUM. دعي من قبل الأميرالية الفرنسية ، التي كانت تنوي على ما يبدو تزويد الأسطول الفاشي الذي كان يديره حكومة فيشي في البحر الأبيض المتوسط نيابة عن المحور الفاشي ، بما في ذلك أنشطة مثل محاولة استخدام اثنتين من ناقلاتها البحرية لنقل النفط الروماني إلى ألمانيا بالالتفاف على الحصار. بينما يُزعم ، نقلاً عن مذكراته ، أن جورج كوب آمن بوعي أن عمله لن يساعد القضية الفاشية ، إلا أنه كان جليا تماما في تلك الأيام أن حكومة فيشي كانت حليفة ودمية للنازيين ، إن لم تكن عضوة رسمية في دول المحور. . تقول سيرته المنشورة عام 2013 بعنوان ، "قائد جورج أورويل في إسبانيا: لغز جورج كوب" ، عن دوافعه:
"كان حلم كوب هو إنتاج زيت صناعي بكميات كبيرة ومربحة، من أجل حل مشاكله المالية بشكل نهائي."
مع قرض 500000 فرنك من "بعض الأصدقاء" ، أنشأ كوب مختبرًا جديدًا في مرسيليا لإنتاج الزيت الاصطناعي من الفحم البني(الليغنيت) ، والذي كان متوفرًا بكثرة في الجزء الجنوبي من فرنسا الذي حكمت فيه فيشي. بعد عام ، بني المختبر الصناعي ، واستمر كوب في العمل مع شركة فيشي كمستشار في هذا المجال ، وبعد ذلك تم تجنيده من قبل المخابرات البريطانية ، التي أقامت علاقاتها الخاصة مع معارف كوب. بحلول عام 1943 ، سمحت تقنيات الإنتاج الجديدة لزيت الليغنيت الصناعي بإنتاجه بكميات كبيرة في المصانع الألمانية. على مدار الحرب العالمية الثانية بأكملها ، "جاء أكثر من 90٪ من كل وقود الطائرات الألماني ونصف احتياجاتها البترولية من معامل الوقود الاصطناعية عندهم".
في أعقاب القمع ، كتبت الكثير من المبالغة حول قمع حزب POUM. كما رأينا ، شارك حزب POUM بشكل خاص في تنفيذ الأسبوع التراجيدي للحرب غير الرفاقية في برشلونة . ولكن بينما يتم استخدام المؤامرة الستالينية لتجاهل تقارير شرطة برشلونة والاستخبارات الجمهورية حول عملاء التجسس والتخريب من داخل POUM ، فإن تاريخ المحاكمات الأسبانية ضدهم ، و التي أشادت بها أمثال إيما غولدمان لتبرئة قيادة POUM ، يظهر بوضوح أن الشيوعيين لم يكونوا في سيطرة حقيقية على الحكومة الإسبانية.
حتى السمعة التي يستحقها التروتسكيون الإسبان عن استحقاق، لم تمنع البرجوازية من رفع شأنهم امام الراي العام العالمي . بدلاً من إدانتهم في وسائل الإعلام الدولية على أنهم محرضون متهورون، وعملاء مخربون، تم تعميدهم كشهداء لستالين. هذا هو المعدن الحقيقي الذي صنع منه أحزاب اليسار الغربي.
اليوم ، من المؤسف أنه سيتعين علينا أن نسأل هؤلاء "الحلفاء من اليسار عما إذا كانوا سيفخرون ببدء مثل هذا التمرد في خضم القوات في حالة حرب مع نظام عسكري ورجعي وخسيس مثل نظام فرانكو. تخيل لو كان على الرئيس ترامب ، في المستقبل الخيالي ، حشد دعم الجنرالات العسكريين الأمريكيين للإطاحة بالحكومة الأمريكية ، وقاومها تحالف بقيادة الليبراليين و الاناركيين والشيوعيين بشجاعة. هل ستفخر بالتمرد على هذا التحالف و اضعاف الخطوط الأمامية المواجهة للمجرمين الفاشيين؟
ما كان يومًا ما موقفًا لأقلية من غريبي الأطوار و معاديي الثورة قد تحول ، في أعقاب انتصار الفاشية ، الى نداء مساندة "معركة خاسرة " لليسار في إسبانيا ، وهي قصة تروج لها جحافل من التجار الأناركيين الذين يصطفون في شوارع برشلونة اليوم. تم تشويه دور القوات الشيوعية في قمع التمرد بواسطة مجاميع البروباغندا، الذين يهاجمون تحالف القوى في حكومة كاتالونيا والجمهورية الإسبانية في كل فرصة سانحة من أجل التغطية على الجهة التي يدعمونها .
يكشف الدراسة البسيطة للتاريخ أن أيام مايو لم تكن الانفجار العنيف الوحيد للتوترات داخل [معسكر قوى]الجمهورية ، ولم تكن الأولى. انطلاقا من المبادئ الماركسية اللينينية للتضامن واستراتيجية تحالف الجبهة الشعبية ضد الفاشية ، عمل الشيوعيون حقًا على دعم النضال من أجل التحرر ، بينما التروتسكيين والانتهازيين الآخرين لا يستخدمون موقعهم للانضمام إلى النضال إلا عندما يكون ذلك مناسبًا لأهدافهم الخاصة ، بالاستفادة من اي فوضى قد ينشا وحتى دفعه لجعله أسوأ.
عندما تعمل الدولة كأداة قمعية و لا يمكن أن تكون الا كذلك ، فإن المشاركة الشيوعية في تلك الدولة تحول كل فعل إلى مؤامرة ستالينية . مثل العديد من التشوهات الأخرى ، فإن قصة "القمع الشيوعي" تهدف إلى تهديد أي شخص يجرؤ على التحالف مع أولئك الأكثر التزامًا بنجاح النضال من أجل التحرر. المصدر الأساسي لمعرفة العديد من الشيوعيين قد تقلص إلى المواقع الإلكترونية التي تعمل بأجندة التروتسكيين ، حيث يتم اعادة نشر كم هائل من المقالات لمجاميع هامشية من الأرشيف لدعم هذا الخط القديم.
عمليًا، يقفون جميعًا مع نفس البرنامج التخريبي القديم لأورويل ، يلطخون سمعة النضال في إسبانيا بقذارة ليبرتارية رخيصة وغير مبدئية. عليهم أن يوجهوا اتهامات للجبهة الشعبية ، و الكذب بشأن هذا أو ذاك ، لكي يبدوا أنقياء أيديولوجياً. تنشر هذه الأسطورة كل الدوافع السيئة في الانتهازية اليسارية. معاداتها الشيوعية ، و معاداتها التضامن ، وافتقارها للتخطيط الحقيقي والقدرة على فهم الوضع حول نشاطها. فقط الماركسية اللينينية ، والتطبيق العلمي للتحليل المادي ، يمكنهما إنشاء تحالف ناجح ومنسق للقوى التقدمية وتجنب الفوضى الأسبانية .
المصادر:
https://books.google.ca/books?id=axe1Tf4Lu6gC&lpg=PA919&dq=The%20CNT%20and%20the%20FAI%20address%20you%20now%20to%20tell%20you%20that%20they%20do%20not%20want%20to%20shed%20the%20blood%20of%20fellow%20workers%20in%20the%20streets%20of%20Barcelona&pg=PA919#v=onepage&q=The%20CNT%20and%20the%20FAI%20address%20you%20now%20to%20tell%20you%20that%20they%20do%20not%20want%20to%20shed%20the%20blood%20of%20fellow%20workers%20in%20the%20streets%20of%20Barcelona&f=false
https://www.theguardian.com/books/2017/may/06/george-orwell-homage-to-catalonia-account-spanish-civil-war-wrong
https://www.energy.gov/fecm/early-days-coal-research