فوبيا الميثولوجيا أولياء الله وشفعائه


طلعت خيري
2024 / 4 / 16 - 11:01     

قطعت الدعوة الشفهية شوطا طويلا مع قصار السور، في دعوة الفكر الوثني الشركي لأهل مكة ، ثم اتبعتها مرحلة تنزيل الآيات ، ثم اتبعتها مرحلة آيات الكتاب ، ففي سورة السجدة استوي القران على المرحلة النهائية ككتاب ، الم حروف مقطعة تشير الى السور التي نزلت في مكة بشكل كامل ، ما بعد سورة السجدة ، لن تشير السور الى الآيات ولا الى التنزيل ، إنما الى الكتاب ، تنزيل الكتاب ، بمعنى اخذ الكتاب منزلة نهائية ، مشابهة لكتابي التوراة والإنجيل ، لا ريب فيه لا يقبل الشك من رب العالمين ، مقدمة السورة ترد على ما طرحه المشركين من أهل مكة ، بخصوص منزلة الكتاب النهائية ، مفادها ان محمد افترى الكتاب من عنده ، رد الله عليهم، أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك ، لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك ، لعلهم يهتدون


الم{1} تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{2} أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ{3}

أضاف الفكر الوثني الشركي لأهل مكة ، رهبانية أولياء الله ، وشفعاء الله ، الى ميثولوجيا الملائكة بنات الله ، للهيمنة الاقتصادية على مقدرات الإنسان المعيشية ، موزعا إياها على مفصلين ، الأول أولياء الله ، رهبانية الإنفاق على الآلهة كالنذور والقربان والهدايا ، على ان يخصص كل فرد جزء من كسبه المعيشي للآلهة ، ثانيا شفعاء الله ، رهبانية الجانب الأمني على اعتقاد ان بنات الله يشفعن في المحن والابتلاءات ، ويحافظن على المصالح الاقتصادية والتجارية من الانهيار ، ونتيجة لتغلل الأولياء والشفعاء بالمصالح الدنيوية ، اختفى اسم الله كخالق للسماوات والأرض ، الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم استوى على العرش ، فرض سيطرته على المخلوقات والمسخرات ، هو الولي وهو الشفيع ، ما لكم أيها الناس ، من دون الله ، من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون


اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ{4}

الأصنام على الأرض ، هي تمثيل روحي للملائكة بنات الله في السماء ، وهذه الحركة الروحية ما بين السماء والأرض ، حسب اعتقادهم ، لها دور في تدبير أمور الناس ، كالرزق والسعادة والتجارة والزواج ، لم يتدخل الله في تدبير الأمر مباشرة ، إلا في مجال الرسالات ، لإحداث تغير مناخي أو جغرافي مفاجئ لصالح الرسالة بتسخير جنوده لنصرة الرسل والذين امنوا معهم ، أما تدبير الأمر على الأرض ينطلق من مسخرات السماء ، كنزول المطر واختلاف المناخ ، اللذان يساهمان في تنوع الإنتاج الزراعي والتكاثر الحيواني، وعلى الأرض أيضا مسخرات مادية تساهم بشكل كبير في بروز أنشطة معيشية واسعة ، كالعمل والوظيفة والتجارة والصناعة ، طمس الفكر الوثني الشركي لأهل مكة مسخرات السماء والأرض وعول تدبير الأمر على أوليائه وشفعائه الملائكة بنات الله ، صحح الله الاعتقاد ، قائلا ، يدبر الأمر من السماء الى الأرض ، ثم يعرج إليه ، يعرج إليه ، لا تعني يصعد إليه أي الى السماء ، إنما ارجع الله سبب تعرج الأمر أو تلكئه إليه ، وقد يستغرق التعرج أو التلكؤ وقتا لانفراجه ، وان ثقل اليوم على الإنسان المتعرج أو المتلكئ في أمره ، كألف سنة مما تعدون ، ولكي يبطل الله دور أوليائه وشفعائه الغيبي في تدبير الأمر، أكد على علمه الغيبي للحاضر والمستقبل ، فقال ، ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم

يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ{5} ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{6}

يحتاج عالم الغيب والشهادة ، الى أدلة مادية تؤكد على علمه الشامل ، وعلى تدبيره للأمور المتحققة والمتلكئة ، فقدم للوثنيين بعض المزايا الكمالية للأشياء ، التي هيئها الله للإنسان قبل خلقه ، كالمسخرات المادية ، فالإنسان يعتبر مرحلة متقدمة على جميع الخلائق ، وبدا خلق الإنسان من طين ، والطين مزيج من التراب والماء ، ومنهما خلق ادم وزوجه ، ليخلق منهما مادة متجددة ، فقال ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ،

الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ{7} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ{8}

من المزايا التي فضلت الإنسان على بقية الخلق ، استوائه على الشكل الذي يليق به ، وتكميله بالحواس والأفئدة ليشكر الله على فضله ، لا ليكفر به

ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ{9}