أحمد رباص
كاتب
(Ahmed Rabass)
الحوار المتمدن-العدد: 7934 - 2024 / 4 / 1 - 13:23
المحور:
الادب والفن
هذا السؤال ذو بعد فلسفي. الجواب عنه يتخذ أشكالا متعددة بتعدد إمكانات التفكير ووجهات النظر ويتوقف على ما إذا كان عقل المجيب مقيدا ومعاقا أو منحررا من جميع القيود والإكراهات التي هي من طبيعة فكرية، لأن الوظيفة الأساسية للعقل هي التفكير وإنتاج الأفكار.
وإذ أرحب بكل من لمس في عقله القدرة على التفكير للإدلاء بدلوه، أبادر إلى صياغة جوابي وفق ما ظهر لي بوضوح أريد ألا أضحي به لصالح غموض ولبس في التعبير. لهذا اقول إن "نعم" مؤقتة بينما "لا" دائمة.
من جهة أولى، إذا سلمنا بأن "نعم" مرادفة للحياة والعافية والسعادة والمعرفة، تكون "لا" مرادفة للموت والمرض والشقاء والجهل. ومن خلال تجربة الحياة، يدرك الإنسان أن "نعم" بمثابة رافد صغير يصب في محيط "لا" كدالة ومؤشرة على الموت والعدم. البقاء في "نعم" مستحيل، لكن البقاء في "لا" دائم إلى درجة الخلود.
من جهة أخرى، قد يرى أحد متلقي هذه الكلمات أن "لا" تستعمل في مواقف ثورية أو حربية او رفضية، لكنها تؤدي أدوارها تلك في ظل الحياة الزائلة المنظور إليها ك،"نعم"ة لا بد من أن تكون عابرة.
ومن كون "لا" دائمة و"نعم" زائلة، نستخلص أن الأولى أقوى بكثير من الثانية، وبالتالي فالبقاء للعدم..
في الظل المؤقت ل"نعم"، صادفت سياقا قرأت فيه أن معرفة كيفية قول "لا" تعني تأكيد قوة شخصية القائل. إن الـ "لا" مغرية، فقد حظيت دائما بالتفضيلات الفكرية التي تمتعت بها أوروبا. تسمح بالنقاش والتنافس واسلط الضوء على التفكير النقدي. لكن هذه الكلمة خطيرة: إذا تم دفعها إلى أقصى حدودها، فقد تصبح عدمية أو إنكارية.
من ناحية أخرى، تبدو الإجابة ب"نعم" أقل أهمية بكثير. إنها كلمة اتفاق، إجماع، موافقة سعيدة إلى حد ما. وقد وصم الأدب هذا الموقف بنعم في للزواج، والنهاية السعيدة المتوقعة في الكوميديا. وبالتالي فإن الإجابة ب"نعم" لن تكون أكثر من مجرد تأكيد للرفض، أو نوع من جواب موجز من محاور ساذج إلى حد ما تم استدعاؤه للرد؟
وذلك دون الأخذ في الاعتبار صدمات التاريخ وصدمات الحرب العالمية الثانية التي أعادت توزيع أوراق "نعم" و"لا"، ونسبية قوة إحديهما لافتراض الضرورة الحيوية للأخرى.
بين نعم ولا، يجد القارئ نفسه بين نارين أدبيتين. وهكذا أصبح مستقبل الأدب برمته موضع تساؤل.
هل التحرر من القوالب النمطية اللغوية والأعراف الاجتماعية، والتأكيدات المريحة والرفض القاطع، والابتعاد عن اللا، على افتراض خفة النعم وحساسيتها، سيسمح لنا بالتخلص من السلبية والتشاؤم؟؟ هذا هو التحدي في هذا الاختبار. ولكن عندما تقول الطبيعة، كمكان وزمان، "لا" كبيرة، تموت "نعم" وتدفن في مقبرة الصمت والنسيان.
#أحمد_رباص (هاشتاغ)
Ahmed_Rabass#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟