الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
صباح كنجي
2024 / 3 / 24 - 20:13
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
الشيوعيون وضرورة التغيير والتجديد
90
اعداد
صبـاح كنجـي
90
1934ـ آذار 2024
إهداء..
الى الذكرى الـ 90 لميلاد
الحزب الشيوعي العراقي
الى المكافحين من أجل غد أفضل
الى الحالمين بعراق ووطن أجمل
المحتوى
1ـ اهداء ص2
2ـ المحتوى والفهرس ص3ـ 4
3ـ المقدمة مع التوضيح ص5ـ 10
2ـ رسالة منظمة المانيا للحزب الشيوعي العراقي في الذكرى التسعين لميلاد الحزب. ص11
3ـ حلقات بعنوان.. هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العـراق؟ صباح كنجي ص 12ـ 63
4ـ رسالة خاصة الى الشيوعيين في العراق.. صباح كنجي 64ـ68
5ـ رسالة صباح كنجي المفتوحة الى حميد مجيد السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي ص69ـ 74
6ـ رسالة فيصل لعيبي الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ص75 ـ 83
7ـ رسائل تحسين المنذري الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي84 ـ 93
8ـ رسالة النصير الدكتور أبو ظفر الى اللجنة المركزية ص94 ـ 111
9ـ ـ رسالة ضياء حميو الى قيادة الحزب الشيوعي العراقي ص112 ـ 114
10ـ رسالة ضياء الشكرجي المفتوحة إلى أصدقائي الـشـيوعيـين ص115 ـ 118
11ـ رسالة ضياء الشكرجي إلى رائد فهمي والمكتب التنفيذي للحزب الشيوعي ص119 ـ 120
12ـ رسائل.. مازن الحسوني.. النصيرْ أبو حسنة ص121 ـ 145
13ـ رسالة رزكار عقراوي.. ملاحظات واقتراحات إلى رفيقاتي ورفاقي الأعزة ص146ـ 155
14ـ رعد عباس ديبس.. تداخل مع رسالة الاستاذ رزكار عقراوي لسكرتير الحزب الشيوعي العراقي ص156 ـ 157
15 ـ فالح مكطوف.. ملاحظات حول الرسالة المفتوحة للرفيق رزكار عقراوي الى حميد مجيد موسى ص158 ـ 160
16ـ حسين كركوش.. هل ثمت ضرورة للحزب الشيوعي العراقي؟ ص 161 ـ 164
17ـ حيدر المحسن.. بيتٌ جديدٌ للحزب الشيوعي العراقي ص165ـ 167
18ـ رسالة باقر إبراهيم ص 168 ـ177
19ـ صباح كنجي.. هلْ يحق للطالقاني التحدث باسم اليسار؟ ص 178 ـ 191
20ـ رسالة طارق سعيد الحلفي.. النصير أبو احسان.. ص192 ـ 193
21ـ رسالة غدير رشيد ص 194 ـ 204
20ـ الخاتمة ص 205
المقدمة مع التوضيح
وردتني هذه الرسالة.. من الأعزاء في منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا.. بداية آذار 2024 تقريباً.. وفيها طلب الإجابة على تساؤلات.. وضعت لتكون مدخلاً لتشخيص معالجات سياسية وفكرية وتنظيمية.. تتعدى حدود هموم الشيوعيين وانشغالهم بإيجاد حلول لما تواجههم من مهام.. الى حيث الملايين من العراقيين الذين يهمهم البحث عن حلول للمشاكل والمعضلات التي تواجه المجتمع العراقي في هذه المرحلة..
ولكون سبق وان ساهمت في طرح ما اعتقده صائباً.. كما يتضح من الرسائل والكتابات التي تناولت هذا الأمر.. بالإضافة الى غيرها من المساهمات الجادة لمن كتب بهذا الشأن من الشيوعيين واصدقائهم.. ارتأيت العودة لهذه الرسائل والكتابات.. ووجدت من المناسب جمعها في ملف.. يشكل قوام كتاب.. وضعت له عنوان (الشيوعيون وضرورة التغيير والتجديد) مع اهداء الى الذكرى التسعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي..
عسى ان يكون هذا الجهد مناسباً للحدث.. وملائماً لمطلب الأعزاء في منظمة المانيا.. واترك لهم حرية الخيار والاستفادة مما ورد في هذه الرسائل والكتابات.. ولا بد وان انوه بداية ليس بالضرورة.. ان أكون متفقاً مع جميع او كل ما ورد في هذه المعالجات.. فللحقيقة أوجه متعددة.. وزوايا مختلفة للرؤية.. قد أكون مصيباً او مخطئاً في المعالجة والتشخيص وفق رؤيتي وتجربتي في العمل مع الحزب.. التي اقتربت من نصف قرن من الزمن..
لذلك أقول..
رغم عدم قناعتي بأن العديد ممن يتبوؤون قيادة الحزب الآن.. لن يفرحوا بهذا الإهداء المستفز.. وسينزعجون مما احتواه هذا الملف من آراء وانتقادات جريئة ومهمة.. تشخص الكثير من العلل.. وتساهم في ايجاد الحلول..
وهي حلول لا تصب في طاحونتهم.. ومسعاهم للبقاء في مواقعهم.. ومحاولة ترتيب الأوضاع لصالح من يسير في فلكهم.. ممن اثبتوا عجزهم وفشلهم وانغمسوا في دوائر الفساد..
مع هذا أقول واؤمن.. بأن السكوت.. هو خطأ فادح.. لا يجوز الركون اليه من جهة.. ولقناعتي بأن معالجة جزء من المشاكل.. التي يعاني منها الحزب الشيوعي العراق.. يساهم بمعالجة الجزء الأكبر من مشاكل المجتمع العراقي.. ويفتح الطريق لتفعيل دور الشيوعيين في المجتمع..
ومن هذا المنطلق يمكن القول ان ما يواجه الشيوعيين.. يواجه الجميع.. فالكل قد فشل في الامتحان السياسي والاجتماعي.. على الأقل في العقدين الأخيرين.. بعد زوال الدكتاتورية البعثية المقيتة..
وفيما يتعلق بالشيوعيين والحزب الشيوعي العراقي..
أرى:
1ـ ان الأحزاب الشيوعية في العالم.. ومنها الحزب الشيوعي العراقي.. قد أدت رسالتها التاريخية.. ونجحت في التصدي للعنف والأنظمة الدكتاتورية والحروب العبثية.. وواجهت الظلم الاجتماعي.. وحققت مآثر لا يمكن نكرانها وتجاوزها.. ابتداء من بداية القرن العشرين.. الذي شهد حربين عالميتين مدمرتين.. حيث تصدى الشيوعيين لها بفاعلية وحققوا.. مآثر في مواجهة زحف النازية والفاشية.. وتمكنوا من قهر قوات هتلر ومن تحالف معه..
وهكذا الحال في العراق.. مع مآثر الشيوعيين.. في مواجهة سياسات العهد الملكي.. وقسوة وجرائم حزب البعث.. ونظامه الدكتاتوري القمعي.. وبقية الشرائح الرجعية في المجتمع العراقي.. التي كانت وما زالت تسعى لفرض القيم العشائرية المتخلفة..
والحديث عن هذه المآثر للشيوعيين في العراق.. لا تعد ولا تحصى.. سواء في السجون والمعتقلات.. ام في المظاهرات.. وقمم الجبال والاهوار.. وتواصل كفاحهم للدفاع عن حقوق الكادحين.. وبقية شرائح ومكونات المجتمع العراقي بلا استثناء.. ابتداء من المرأة والطلبة والمثقفين وبقية الفئات.. التي مازالت تتفاخر بهذا الدور التاريخي للشيوعيين في العراق وكردستان..
2ـ لقد أخفقت الأحزاب الشيوعية.. والأنظمة الاشتراكية في الدول التي قادها الشيوعيون.. وفي المقدمة منها الاتحاد السوفيتي.. رغم انجازاتهم الكبرى.. في تطبيق شعاراتهم في القضاء على الاستغلال الطبقي.. والاحتفاظ بالنجاحات المحققة.. بعد الحرب العالمية الثانية ولغاية عقد السبعينات..
حينما تحولت الدول الاشتراكية الى أنظمة رأسمالية الدولة البيروقراطية.. وقوضت الحريات الشخصية.. وانساقت وراء تسابق التسلح.. وتحولت الى أنظمة قمعية.. انفصلت فيها الأحزاب الشيوعية عن الجماهير.. واخذت تمارس سياسات معادية للشعوب..
كما هو الحال مع موقف الاتحاد السوفيتي.. وبقية الدول الاشتراكية.. من نظام المجرم صدام حسين وحروبه المتكررة.. وهكذا الحال مع بقية الأنظمة الدكتاتورية في العالم.. التي كانت تحظي بدعم الدول الرأسمالية.. والكتلة الشرقية معاً.. والامثلة على هذا كثيرة.. نذكّرْ بمصر وسوريا وليبيا فقط.. من باب التذكير ليس الاّ..
نفس الشيء ينطبق على الحزب الشيوعي العراقي.. مع نجاحاته في مقارعة الظلم والاستبداد والحروب.. فشل في تحقيق برامجه وأهدافه الاجتماعية.. ولم يحقق نتائج ملموسة مستقرة للشعب العراقي.. طيلة فترة كفاحه.. وبقي حزباً مطارداً من شرذمة عصابات تتحكم بالسلطة.. وتعبث بمصير البلاد.. بسبب سياساته الخاطئة.. وعدم حسمه للأمور واستمرار.. ووجود قيادات فاشلة.. تدير معارك خاسرة.. في قمة الهرم الحزبي (باستثناءات نادرة من تاريخه).. قيادات ارتكبت الأخطاء.. ومارست القمع الحزبي.. وتحولت الى فئة معرقلة ومدمرة لكيان الحزب.. ومنعته من الرؤية وإيجاد الحلول.. واستمرت هذه المهزلة لليوم..
وما هذه الرسالة.. التي عممتها منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا مشكورة الآن.. لطلب المساعدة في تشخيص الحلول.. الاّ جانباً من جوانب الازمة المستفحلة.. التي تواجه الحزب والمجتمع العراقي اليوم.. وهي تقر بمضمونها ومحتوى ما ورد فيها من تساؤلات بـ:
1ـ وجود ازمة.. لا بل ازمة مستفحلة في الحزب.. ازمة تحولت في بعض جوانبها الى ازمة بنيوية.. تكاد تكون مستعصية للبعض.. ممن قرروا الاستسلام للواقع البائس في الحزب والمجتمع وتبريره..
2ـ البحث عن الحلول المجدية.. يتطلب الخروج عن هيكلية وبودقة الحزب.. التي مازالت القيادة تحصر نفسها بها.. وطلب العون ممن لديهم الحرص والامكانية للمساعدة.. وهو أسلوب استثنائي وشرعي.. متبع عندما تصبح معالم الازمة مستعصية للبعض.. لكن البعض الآخر لا يفقد الأمل.. ويبحث عن حلول استثنائية ممكنة ولو في الوقت الضائع من اللعب.. وهذا بالضبط ما يواجهه الشيوعيون في العراق اليوم..
حلول استثنائية..
هل هذا ممكن؟
عن هذا السؤال.. الحلول الممكنة.. سنبحث لنؤشر.. الى ما يمكن أن يكون حلا.. وفقاً لتصوراتنا جميعاً.. لهذا اعددنا هذا الملف.. عسى ان يكون في ثناياه.. جزء من المعالجات الممكنة.. طالما كانت السياسة فن الممكن..
لنختصر القول ونؤكد:
1ـ أدت الأحزاب الشيوعية رسالتها التاريخية وحققت مآثر ونجاحات.. واخفقت في تطبيق أهدافها الاجتماعية ووعودها بخلق عالم أفضل خال من الاستغلال.. لنقل انها خسرت المعركة ولم تخسر الحرب.. ونعيد حساباتنا في العالم والعراق..
2ـ العالم تغير.. ومحتوى الصراع في الكثير من المجتمعات.. تجاوز الأطر التقليدية للصراع بين العمال والبرجوازية.. والتقدم العلمي ـ التكنولوجي.. حرر الانسان من الكثير من جوانب الاستغلال الطبقي التقليدية المتعلقة بالجور وساعات العمل.. لكنه فرض اشكالاً جديدة من الاستغلال البشعة.. غير المرئية للبعض.. ينبغي التوقف عندها وتشخيصها..
3ـ اشكال الاستغلال الجديدة.. تتطلب التوقف عندها.. ومواجهتها.. والتصدي لمخاطرها ابتداء من.. وضع السموم والكيماويات في الأغذية والاطعمة المقدمة للبشر.. التي تخلط مع الرز والبقوليات والبرغل.. كي لا تتعفن في المخازن.. ويتم تسويقها للبيع.. وهكذا الحال مع الفواكه كالتفاح التي تطلى بمادة شمعية براقة لا يمكن ازالتها حتى بالغسل.. تسبب السرطانات.. والخضراوات المشبعة بالكيماويات.. والأدوية التجارية الخالية من المفعول.. وزيت الزيتون المغشوش.. ناهيك عن مخاطر استخدام البلاستيك.. الذي بات يدخل في كل شيء.. من علب الماء وانتهاء بالملابس البلاستيكية بنسبة 100% بولستر.. وغيرها من الجوانب والحالات.. التي تترافق مع مظاهر الاستغلال الجديدة.. ومخاطر وارهاصات الثورة العلمية التكنولوجية.. وما تسببه من اشعاعات قاتلة.. ومتغيرات في البيئة.. التي تعاني من التلوث والتصحر والمتغيرات المناخية.. لا يجوز السكوت عليها واهمالها.. وغيرها من الظواهر التي أصبحت تستفحل في كل يوم..
4ـ تترافق التحولات العاصفة في العالم.. مع مظاهر نمو الفاشية الدينية.. واصبحت تتبلور هذه الفاشية.. بثلاث اشكال واضحة المعالم.. هي الفاشية الإسلامية في العديد من البلدان ومنها العراق.. الذي أصبح ساحة عبث لها.. قبل داعش.. التي شكلت ذروة هذه الفاشية لكنها لم تنتهي لليوم.. والفاشية اليهودية.. التي تتمثل بشكل صارخ في إسرائيل.. وتلاقي دعم عالمي لا محدود.. والفاشية المسيحية التي اخذت تتبلور في أمريكا وروسيا وعدد من البلدان الاوربية ـ أوكرانيا وألمانيا ـ نموذجين بين كتلة بلدان.. تدعي التحضر.. أصبحت مطوقة بأحزاب يمينية عنصرية فازت في انتخابات ثماني بلدان اوربية للآن ستولد المزيد من الفاشيات بحكم استفحال الازمة الرأسمالية الراهنة التي تعصف بالجميع.. والامر يتطلب ايلاءها المزيد من الجهد لهذه التحولات.. واستقراء توجهاتها.. التي تتمظهر بلا تردد بتسميات جديدة للنازية والفاشية وتشهر عن نفسها كبديل شعبوي لا يجوز الاستهانة به..
5ـ في العراق وبقية الدول الإسلامية.. كإيران مثلا.. يشكل الاستعباد الديني.. حالة أخطر من الاستغلال الطبقي.. ينبغي مواجهتها والتفكير بأبعادها.. كظاهرة واقعية ـ تاريخية ترتكز على أسس وقاعدة اجتماعية.. تجمع بين (السياسة ـ والدين ـ والتشكيلات العسكرية) وتمتد في محاور إقليمية.. تتعدى وتخترق حدود العديد من البلدان.. التي أصبحت تنافس الدولة.. وتقرر مصير المجتمعات.. وتتحكم بالحكومات والجيوش النظامية..
في العراق تحديداً افرزت أكثر من (120) فصيلاً عسكرياً مرتبطاً بأحزاب دينية وقوى إقليمية ودولية.. إيران في المقدمة منها..
وأصبحنا امام مظاهر الاستعباد الديني.. المدعوم بالقوة العسكرية.. والميلشيات المنفلتة.. لذلك فإن مواجهة هذه التشكيلات.. تتطلب جهداً استثنائياً.. وزمنا لن يكون بإمكان جيلنا.. او حتى الجيلين القادمين.. التخلص من تأثيراتها وتسلطها.. ولا يمكن بالوسائل الديمقراطية والانتخابات ازاحتها.. وستشكل معضلة في مجتمعاتنا.. لفترة قد تطول لخمسين سنة قادمة.. والامر يتطلب خططاً وتوجهاً معرفياً لمواجهة هذه الظاهرة.. ولا يجوز التهاون والاستهانة بمخاطرها.. وما تمتلكه من ارث تاريخي اجرامي.. يبيح ممارسة العنف.. ويبارك الفتك بالبشر.. تحت ستار وغطاء المقدسات الدينية.. والجهاد في سبيل الله ضد الكفار.. تكفير الآخر هذه التسمية.. التي تشمل فئات وقطاعات اجتماعية واسعة.. من أبناء شعبنا.. ضمن الدائرة الإسلامية ذاتها وخارجها في نطاق اوسع.. كما حصل مع جرائم داعش.. في العديد من مدن العراق.. وسهل نينوى وسنجار.. نماذج لهذا الطغيان الفاشي للدين في عصرنا..
بقي أن أقول:
حينما جمعت الرسائل والمواد.. التي ادرجتها في عداد هذه الصفحات.. كنت اضع نفسي اما تساؤل.. سبق وان طرحته.. في الحلقات التي كتبتها تحت عنوان مستفز (هل هناك ضرورة للحزب الشيوعي في العراق؟).. لاستخلص في النهاية..
إذا كان الاستغلال الطبقي في العراق.. رغم عدم تبلور البرجوازية والرأسمالية فيه قبل 90 عاماً.. قد افرز الحاجة والضرورة لنشوء الحزب الشيوعي العراقي.. فكم حزباً شيوعياً معاصراً.. نحتاج اليوم.. لمواجهة كل هذه المعضلات الراهنة.. وملابسات واقعنا المعقدة وافرازاته وامتداداته؟
ولكن أي حزب؟
اجل أي حزب يحتاجه العراقيون اليوم.. ليكون الشيوعيون فيه ومن خلاله.. قدوة وشعلة للتغيير.. والعطاء المنتج للاستقرار.. وتجاوز هذه المحن..
هل نمتلك تصوراً عن الحزب.. الذي بإمكانه ان يتصدى لكل هذه المهام؟
حزب يستنهض الهمم في العراق.. لبناء المجتمع الآمن والمستقر.. الذي يتشارك فيه الجميع ويتمتعون بخيراته.. بلد خال من العنف والصراعات الاجتماعية الهمجية.. تكون فيه المواطنة هي السائدة والحريات مصونة.. والعمل متاح.. والعلاج مضمون والخدمات متوفرة..
هذا الحلم الإنساني البسيط.. في معادلة الكفاح من أجل التغيير.. التي نطمح اليها.. الاّ يستحق منا.. بعد 90 عاماً.. من وقع اول خطوة في الطريق.. الذي ما زلنا نسير في متاهات انفاقه.. لنراجع نفسنا.. لكي نخرج من نفق الظلام نحو الضياء..
الا يستحق العراقيون.. بمن فيهم الشيوعيون العراقيون.. حزباً ومؤسسة سياسية جديدة تعبر عن الأمل الاجتماعي.. وتضعنا على الطريق المؤدية للخلاص من هذا الواقع البائس..
الكرة في ملعبكم أيها الشيوعيون.. فتدربوا.. لكي تفوزوا ومعكم يفوز.. شعب العراق التواق للحرية والحياة الأفضل..
لا تنسوا الفوز.. يحتاج لفريق وكيان جديد..
ـــــــــــــــــــــــــ
20 آذار 2024
رسالة الحزب الشيوعي.. منظمة المانيا..
الرفيق العزيز صباح كنجي
تحية الرفقة والنضال
نتوجه اليك يا رفيق الفكر والدرب المشترك بتحايا الكفاح، ونستذكر معك عهود الوفاء للشعب وكادحيه، وطريق الكفاح المعمد بأغلى التضحيات للوطن وأهله. إن حزبك يدعوك
ان تكون معه في المعركة الصعبة التي يخوضها من أجل تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية للوطن والشعب.
كما تعلمون أن حزبنا قد شارك في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة وخاضت تنظيماته في جميع مدن البلد عدا اقليم كردستان حملة انتخابية واسعة مع حلفائه من الديمقراطيين والمدنيين في تحالف) قيم المدني (وكانت النتائج مخيبة للأمال لم يحصل فيها الحزب على أي مقعد وحصول التحالف على ست مقاعد فقط في جميع المحافظات، الأمر الذي يتطلب وقفة جدية عند هذا الحدث لمعرفة الأسباب واستخلاص العبر ووضع المعالجات الممكنة لتجاوز هذا الإخفاق، لذا نود ان نستأنس برأيك يا رفيق ونطرح عليك الأسئلة التالية متمنين أن ترفدنا وبالسرعة الممكنة بأجوبتك ومقترحاتك الثمينة) على العنوان الإلكتروني للمنظمة المذكور أدناه (والتي ستكون موضع اهتمامنا البالغ كمساهمة منك في تطوير وترصين عمل حزبنا السياسي والجماهيري لتجاوز هذه الكبوة ..
1ـ ماهي الأسباب.. حسب رأيك.. التي دعت المواطن العراقي الى عدم التصويت للشيوعيين وحلفائهم؟ هل كانت الأسباب الموضوعية التي أحاطت بالانتخابات) القانون الانتخابي، مفوضية الانتخابات، استخدام المال السياسي وموارد الدولة، المليشيات والسالح المنفلت.. الخ (هي السبب الوحيد لهذا الإخفاق أم هناك عوامل أخرى ذاتية تتعلق بالحزب وعمله القيادي وشعاراته وخطابه السياسي.. الخ.
2ـ هل تتفق مع المواقف السياسية للحزب وشعاراته وتحالفاته منذ مشاركته في العملية السياسية بعد سقوط النظام خلال الاحتلال الأمريكي للبالد ولغاية الوقت الحاضر.
3ـ ماهي الأفكار والمقترحات التي ترتئيها كمساهمة منك رفيقنا العزيز في تعزيز وتحسين عملنا الحزبي بكافة مفاصله سواء على صعيد منظمتنا أو الحزب بشكل عام.
ننتظر آرائك الناقدة ومقترحاتك الهادفة لتطوير عمل الحزب في كافة مفاصله واسترجاع هيبته بين فقراء العراق، تقبل خالص اعتزازنا الرفاقي.
منظمة الحزب الشيوعي العراقي / لجنة المانيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاثنين المصادف 5 شباط 2024
هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العـراق؟!(1)
تواجه الشيوعيون في العراق اليوم.. مجموعة تحديات فكرية وسياسية كبيرة تتطلب منهم مناقشتها بعمق وجدية، وتستحق أن تكرس لها الندوات والمؤتمرات، لتشخيص طبيعة المرحلة.. وتفعيل السبل المنسجمة معها والمتفقة مع مصالح الشعب والوطن وجمهرة الشيوعيين المكافحين.. من أجل أهداف ومهمات محددة.. من المنضوين في الصفوف التنظيمية للتشكيلات السياسية للشيوعيين في مختلف المجالات.
فهل يستجيبُ حزب الشيوعيون في العراق لطبيعة هذه التحديات؟
وهل ثمة أملٍ في معالجة جدية ممكنة.. تسقرء وتستشرف أفقاً وسبيلا ً تفعلُ دور الشيوعيين.. وتعيد لهم جزء مما افتقدوه.. من ذلك التاريخ والفاعلية السياسية.. التي اتسم بها الشيوعيون في العراق.. منذ العقد الأول من تاريخ الدولة العراقية الحديثة.
هذه المداخلة تسعى لمساعدة.. من يهمهُ الأمر.. من قادة وقواعد الحزب الشيوعي للانتقال إلى الحالة الأفضل في العمل.. وهي تنسجم مع طموحات التوجه لتوحيد قوى اليسار.. وتجميع طاقاتهم.. وتطوير قدراتهم.. ليمارسوا دورهم تحت الشمس.. بفعالية حقيقة.. لخدمة الكادحين.. من خلال برامج وشعارات واقعية.. تحقق نجاحات يوماً بعد آخر..
أنها مسعى جدي في مواجهة.. تاريخ من الهزائم والأخطاء السياسية القاتلة والخطط الفاشلة.. التي ساهمت في هذا العطاء المتراكم.. من الخراب والدمار الذي أحاق بالوطن والشعب والمجتمع..
كان في مقدمة ضحاياه القرابين المستمرة.. من قوافل الشيوعيين.. على امتداد ثمانية (قل الآن تسعة) عقود من تاريخ الحزب الذي يتفاخر البعضُ بسذاجة بتسميته بحزب الشهداء..
كأننا قد خلقنا للموت والتضحية فقط.. في الوقت الذي تبنى وتشكل الأحزاب والمنظمات لتكون.. وسيلة الناس لتغيير واقعهم البائس.. والكفاح من أجل خلق وتحقيق الحالة الأفضل.. كما يجسدها شعاره وطن حر وشعب سعيد..
هذه هي (الغاية ـ الهدف) من تشكيل الحزب، كما تبين مقومات وأسس عمله النظرية، قدْ قلبَتْ في التطبيق والممارسة السياسية اليومية على امتداد التاريخ المنصرم.. لتصبح معاكسة ومغايرة لمنطق الفعل التاريخي.. الذي يسعى لتغيير الواقع البائس للطبقات والشعوب.. وجعلت من الشيوعيين مجموعات متواصلة من القرابين.. بحجة أن الشيوعيون هم أول المضحين وآخر المستفيدين.. ومن خلال هذا المفهوم الأجوف.. تم شطب وإلغاء الشيوعيين من قائمة الاحتياجات الإنسانية المشروعة.. وتأجيل مستحقاتهم.. لما بعد نجاح ثورة البروليتاريا وتحقيق الاشتراكية والشيوعية.. وبالتالي غير مهم.. إنْ تعذب أو طورد الشيوعي أو فقد فرصته في العمل والتوظيف.. ولا يهم إنْ لم يكن له داراً أو مسكناً.. والمطلوب منه الاستعداد الكامل لدخول السجون.. وتحمل التعذيب.. وعدم كشف أسرار الحزب.. والدفاع عن قيادته، وعليه حسب بنود النظام الداخلي للحزب الحديدي ومفاهيم الديمقراطية المركزية المتشددة.. أن ينفذ ومن ثم يناقش.. وقد يكون هذا التنفيذ مؤدياً لطريق الموت.. وما على العضو في الحزب إلا أن يبعث بمناقشته المسموح بها من جنات الخلد للشهداء..
في استعارة تشبيهيه لمحتوى الفكر الديني الغيبي الذي يوعد المؤمنين بجنات الخلد في السماء..
هذه المعادلة اللا إنسانية المناقضة للفكر والمحتوى الماركسي.. الذي يدعو لتغيير المجتمع والارتقاء بالواقع الإنساني.. تتطلب التغيير الفوري في صفوف الحزب.. قبل الانتقال لتغيير المجتمع.. وهي المهمة الأكبر والأصعب.. بعد أن تحول الحزب في مجرى كفاحه.. إلى مؤسسة فاشلة.. تفرز نمطين من المتواجدين في صفوفه..
ـ الصنف الأول هم المضحين من غالبية قواعده..
ـ والثاني قيادته البيروقراطية وشبكة الكادر المشوهة - يستثنى منهم أقلية - المستفيدون والمستغِلونَ لمواقعهم ممن سخروا قدرات وإمكانيات الحزب لمصالحهم الشخصية الدنيئة.. على حساب مصلحة الحزب وأهدافه.. وباتوا يشكلون العقبة الحقيقية في مواجهة كل محاولة جدية لمعالجة أوضاعه وتسديد خطاه أو تطوير سياساته..
هؤلاء- القادة الفاشلون الذين يديرون معارك خاسرة- هم العقبة الأولى التي ابتلى بها الشيوعيون.. وتتطلب الإزاحة والإزالة.. ومن دون معالجة هذا الخلل في أوضاع الحزب.. لا يمكن الحديث عن أية إمكانية لمتغيرات حقيقية في أوضاعه حتى لو كانت شكلية...
هلْ هناك من ضرورة لبقاءِ حزب للشيوعيين في العراق؟!..2
أثارت الحلقة الأولى من هذه المداخلة العديد من الأسئلة وردود الفعل لدى متابعي الحوار المتمدن وكانت حصيلتها (27) تعقيباً وتعليقاً من بين أكثر من (1500) قارئ وقارئة مَروا عليها... بغض النظر عن فحوى ومضمون التعليقات الواردة.. اعتبر أن جميعها ينطلق من الحرص.. وهي بداية طيبة وناجحة.. تتطلب التواصل فيما يتبعها.. في الحلقات القادمة من آراء وملاحظات، سأتناول فيها بعض جوانب العمل التي اعتقد أنها مهمة تتطلب المزيد من النقاش الفكري.. برؤية نقدية لا مفر منها..
هذا هو جوهر الفكر الماركسي الجدلي.. الذي نحتاجه اليوم لمراجعة مسيرة الحزب الشيوعي العراقي.. ومحطات مهمة من تاريخه وعمله وكفاحه.. لهذا سوف أناقش واجادل ما وردَ في التعليقات بذهن مفتوح.. وقبل أن أباشر ردودي السريعة أود أن أؤكد على المسائل الجوهرية التالية:
1ـ إن تاريخ أي حزب لا يمكن شطبه.. أو إلغاؤه من لدن أية جهة كانت.. فكيف بتاريخ حزب عريق كالحزب الشيوعي العراقي.. الذي تواصل كفاحه لما يقرب الثمانية (أصبحت تسعة) عقود من الزمن.. ولكن هل هذا يعفي أو يلغي من يهمه مستقبل الحزب من التدقيق في جوانب القصور والإخفاقات التي انتابت هذه المسيرة.. وحجم الأخطاء والكوارث المرافقة لها؟!.. أليس من الأجدى البحث عن الأفضل؟.
2ـ انه سجال فكري يتحمل العديد من وجهات النظر، هذه واحدة منها.. اطرحها من خلال حلقات ستتناول جوانب من مسيرة الحزب الشيوعي وطبيعة وسلوك قيادته خلفَ الكواليس في مراحل مختلفة من نضاله وكفاحه.. بما فيها قيادته الحالية ومدى أهليتها لأشغال هذه المهمة.. برؤية لا تمس الجوانب الشخصية.. التي ليس لديها اعتبار عندي.. فالمعروف لدى الكل أن علاقاتي الشخصية جيدة مع الجميع.
لكن هل يمكن أن نجامل على حساب مصلحة الكادحين ومستقبل كفاحهم؟ ونحن نرى ونلمس طبيعة الأزمة البنيوية.. التي يعاني منها الحزب الشيوعي، وما يترشح منها من خواء وبؤس فكري.. وتدهور تنظيمي مريع.. وتخبط سياسي.. فاقد الاتجاه في الحزب الشيوعي العراقي/ الكردستاني.. الذي يؤشر بشكل يومي على تراجع متواصل في دور الشيوعيين لصالح الفئات والعناصر.. التي تمارس الانحطاط السياسي في المجتمع.. من التيارات الدينية والقومية اليمينية.. التي تتاجر بالشعارات الطائفية والإثنية.. وأخذت توظف الدين والعشيرة في العمل السياسي.. لتؤسس لمرحلة لا يحمدُ عقباها.. تهدد مكونات المجتمع العراقي بالزوال.. وتحبط أي توجه حتى لو كان جنينياً نحو الديمقراطية والتقدم الاجتماعي.. لا بل قد تشكل مدخلاً أعمق في دهاليز الردة الاجتماعية.. التي تعصف بالعديد من مجتمعات الشرق بما فيها المجتمع العراقي..
3ـ ان كفاح الطبقة العاملة والطبقات الكادحة وبقية شغيلة الفكر.. لا يتوقف عند إطار محدد.. وشهد تطورات نابعة من المرحلة التاريخية.. ففي الوقت الذي كانت الاممية الاولى تضم في صفوفها العديد من التيارات والمنظمات الفكرية.. مِنْ مَا قبل الماركسية شهدت المؤتمرات اللاحقة انضمام احزاب ماركسية واتجاهات فكرية اشتراكية ديمقراطية أخرى.. كانت المقدمة لتكوين الاحزاب الشيوعية البلشفية.. من الطراز الجديد.. التي اقتصرت على الماركسيين اللينينين فيما بعد.. ومنها انطلقت فكرة تكوين وتأسيس الاحزاب الشيوعية "المستقلة" في عهد الكومنتيرن.. لتكون ذراعاً للحزب الشيوعي السوفييتي.. والتي جرى حلها في عهد ستالين.. في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والماركسيون يدركون.. قبل غيرهم.. ان شروط تشكيل الأحزاب.. باعتبارها الوسيلة للوصول الى الهدف.. تخضع لطبيعة المرحلة التاريخية.. التي تفرز موازين القوى الطبقية فيها.. طبيعة وشكل الحزب الذي ينسجم مع مهمات انجاز التقدم الاجتماعي..
لهذا يجب عدم التوقف عند ماركس.. بل الانطلاق منه.. كما يقول المفكر سمير امين عند تحليل الظاهرة الاجتماعية وطبيعة الصراع في عصر العولمة، وأعدْ القراء بالعودة الى هذا الموضوع في حلقة مستقلة.. قدر المستطاع.. للمزيد من البحث.. حول اشكال او شكل التنظيم المناسب للمرحلة الراهنة..
في نهاية الحلقات سأطرح تصوري كإجابة على عنوان المداخلة بخصوص.. هل هناك ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العراق؟! مع البديل المقترح..
من المؤكد أننا بحاجة إلى المزيد من النقاشات.. وأعود لأؤكد.. أن حجم المناقشات التي جرى في الحلقة الأولى يبشر بالكثير.. لكننا يجب أن نبتعد عن أسلوب التخوين والتجريح وتوجيه الاتهامات الرخيصة.. التي لا تليق بالماركسيين.. وقراء الحوار المتمدن.. وطبيعة الموضوع.. الذي نحن بصدد مناقشته.. أنا مع حرية التعبير.. مع نشر كافة التعليقات.. لكن للحرية قيمة.. يجب تقديرها.. وأنْ لا ننحدر بمستوى السجال ونتشبه بالمتحاورين في برنامج الاتجاه المعاكس.. لابد من التوضيح ايضاً أن هذه المادة بحلقاتها القادمة.. هي حصيلة جهد ومبادرة شخصية مني.. بالتشاور مع عدد من الأصدقاء.. بمن فيهم كوادر ما زالوا يعملون في صفوف الحزب الشيوعي العراقي/ الكردستاني.. حيث كنت قد اتفقت مع عدد من الأصدقاء على البدء بفتح حوارات مع حلول شهر أيلول.. وقد تزامن قرار نشري بالصدفة مع دعوة الحوار للمشاركة في مناقشة الدكتور كاظم حبيب.. وطارق حجي.. حول اليسار والعلمانية.. التي وجهت للعديد من كتاب الموقع.. وأرجو أن يكون هذا التوضيح كافياً على استفسار الأخ فلاح علي صاحب التعليقات العديدة.. وبقية أسئلته ستكون موضع نقاش في الحلقات القادمة..
الأستاذ فؤاد النمري وضع يدهُ على الجرح.. وأكد إنني ابسط المادة والحقيقة.. إنني حينما اكتب في الشأن السياسي.. أحاول أن أراعي جيل الشيوعيين الجدد في العراق.. ممن لم تتوفر لهم الفرصة لمتابعة الشؤون السياسية والفكرية بحرية.. في اجواء القمع.. بحكم العقود التي مرت.. ولا داع لذكرها، لكن المصيبة يا أستاذ فؤاد ليست في اللذين عاشوا في ظل الفاشية.. وحرموا من متابعة الأعمال والكتابات النظرية.. أنها ببساطة أوضح.. محنة الشيوعيين الذين تخلفوا وباتوا لا يستوعبون أو يتقبلون حتى هذه المادة على بساطتها.. اثنان من أصدقائي.. ممن اعرفهم عن قرب.. شاركوا في الحوار هم الدكتور قاسم الجلبي الذي اتهمني بالرجعية واعتبرها (رده فكريه.. وطرح غير مسئول سيؤدي بك وأنت لا تدري إلى صفوف الرجعيين) والدكتور كسر الذي اعتبرها مزحة (الأخ صباح من الصعب جدا فهم مقالتك هذه.. وأنا منهم، فكيف الحال لمن لا يعرفك؟! لا يمكن أن نعتبرها إلا مزحة من مزحاتك التي جاءت هذه المرة ثقيلة بعض الشيء، لذا لا يمكن الأخذ بمحتوى المقالة على محمل الجد، لأنها دعوة لا تليق بك وتسئ إلى تاريخك المشرف)..
في الوقت الذي اعتبرها السيد حميد خنجي ضرباً من فنون الجنون.. (مهلاً.. مهلاً.!. غريبٌ أمركم ودعوتكم الجنونية ـ اللاعقلانية؟.. إنك ببساطة وجرة قلم تدعو هذا الحزب العريق أن ينتحر!).. في الوقت الذي صنفها عبد الكريم البدري ضمن (الحملة التي تطال الحزب في هذه الأيام؟).. وفي ذات السياق استفسر كريم الزكي (لماذا هذه الردة.. علينا أن ننتقد ونبني لا أن نهدم. ونصبح مطرقة بيد أعدائنا).. واتفق أزاد بدر مع كريم الزكي واضاف اليها.. (هذه المواضيع لا تخدم سوى أعداء الشيوعية ولا تندرج في مصب النقد).
إن هذه الآراء تعكس عدم استعداد للدخول في مناقشات جدية.. وتشكل جزء من طبيعة الأزمة.. التي يمر بها الشيوعيون.. بحكم حالة الخمول الفكرية المرافقة لأسلوب التلقين.. الذي ساد في العمل السياسي والتنظيمي السابق بين الشيوعيين ينبغي ان نتخلص منها.. والمطلوب منهم التوجه الجاد لخوض نقاشات معمقة.. في شتى مجالات العمل والمعرفة.. بدلاً من استخدام الوصفات غير الدقيقة.. وتوجيه الاتهامات.. لمن يبادر لتحريك الاجواء ويؤشر للتوجه نحو الطريق المؤدية للخروج من النفق.. وحتماً كما جاء في تعليق طلال السوري.. (حاولت فتح نافذة العقل، فدخل قليل من اشعة الشمس فأصيبوا بالدوار) لأننا وللأسف الشديد لم نتعود على الصراحة والمناقشات الجدية والعيش في اجواء حرية التعبير..
لقد مارسنا القمع.. وعودنا الناس على الخنوع.. وحولنا المكافحين والمناضلين المنخرطين في صفوف الحركة الى ببغاوات.. يرددون ما يلقنون به.. من لدن العاملين في المواقع القيادية.. طيلة العقود التي مرت. في حالة تماهي مع ثقافة القمع والاستبداد.. التي ترسخت في مؤسسات المجتمع.. ابتداء من العائلة والمدرسة والعشيرة.. وانتهاء بتشكيلات وتنظيمات الأحزاب.. بما فيها الحزب الشيوعي.. الذي لم يكن يختلف في مواصفات بناءه الداخلية.. عن هذه المؤثرات القمعية.. التي تسربت وتداخلت في بنيانه.. فكان العديد من قادة الحزب وكوادره رؤساء عشار في سلوكهم.. مع فارق الزمان والمكان والموقع..
اجل كانوا بحق.. رؤساء عشائر.. في مؤسسة ماركسية شيوعية.. حولت القبائل.. الى لجان وتسميات جديدة.. لكي تتناسب مع مواصفات الحزب.. من الطراز الجديد.. الذي ُشكِلَ في لحظة ميلاد ثورية لكنه سقط في محراب العشائرية مع الزمن..
فيما يخص موضوع حزب الشهداء.. واطلاقها وترديدها من قبل الشيوعيين.. كتسمية محببة يتفاخرون بها.. انا لا انتقص من قيم المضحين بحياتهم.. عندما اعترضت على التسمية واعتبرتها سذاجة سياسية.. وسوف اعترض لأنها لا تنسجم مع طبيعة الاحزاب الشيوعية.. التي تتبنى الماركسية كمنهج للعمل.. مهمتها تغيير المجتمع.. وتحقيق التقدم الاجتماعي.. يجسدها شعار وطن حر وشعب سعيد..
المطلوب ان يكون حزباً للحياة والمستقبل.. لا حزباً للموت والفناء..
كذلك الشيوعي باعتباره أثمن رأسمال بين البشر.. لا يجوز ان نتقبل الافراط والتضحية به بسهولة.. ان الامر لا يحتاج الى العواطف.. حينما نناقش هكذا امور.. لقد تسربت هذه التسمية الينا بحكم التأثيرات العميقة لميثولوجيا الدين.. وحفرها في بنية العقل العراقي، بما فيه العقل الشيوعي، من خلال مورثات البيئة والتاريخ.. وثقافة الأسطورة.. وهي تتعارض مع جوهر الفكر الماركسي الجدلي، استسهل الشيوعيون استخدامها وترديدها في العراق.. بحكم الدمار الذي لحق بهم.. طيلة عقود من الزمن المرير.. الذي هدرت فيه دماء كثيرة منهم.. ومعهم أصدقائهم ومؤيديهم ومن اقترب منهم بالصدفة احياناً..
من جهة ثانية.. لا توجد فكرة في الكون تستحق ان يقدم المرء نفسه قرباناً من اجلها.. بما فيها الأفكار الماركسية، هناك فرق بين ان يضحي المرء بنفسه من اجل فكرة معينة.. أو الدفاع عن منظومة قيم.. ترفع من شأن الأنسان وتنقذه.. كالموقف من الظلم والاستبداد ورفض القمع والدكتاتورية.. هذه قيم انسانية يشترك بها الشيوعي والمستقل وغيرهم.. تفرضُ على حامليها في لحظات الصراع الموت.. ليسجلوا موقفاً ضد الطغيان.. لا تدرج في باب التضحية من أجل الفكرة.. ولو امنا بذلك لبررنا عادة تقديم القرابين الى الآلهة باعتبارها عطاء من الارض السفلى الى السماء الاعلى..
هذا ما عانى منه الشيوعيون في العراق.. حينما جعلوا التضحيات البشرية من اجل مبادئ الحزب بهذه التسمية جزء من ثقافتهم "الماركسية" وحولوها الى ايقونة ركنت في وجدانهم.. لتصبح مطلباً مرافقاً لسجايا المكافح المنتمي للحزب.. مطلوب منه استرخاص الروح في سبيل القضية/ الفكرة..
لقد قلبوا الماركسية رأساً على عقب.. وحولوها من وسيلة لتغيير المجتمع.. لصالح الكادحين الى معادلة لا إنسانية.. من خلال دعوة الشيوعيين واعضاء الحزب للاستشهاد دفاعاً عنها (الماركسية) كي ترتفع رايات الشيوعية.!
بينما المطلوب ان تكون الماركسية منهجاً للكادحين.. من اجل تغيير حياتهم نحو الافضل.. أي انها منهج حياة.. وليس دعوة للموت.. لذلك يجب ان يكون الحزب الشيوعي حزباً للأحياء والتفاؤل بالمستقبل وليس حزباً للشهداء والالم والتضحية بالدم.!
لا اتفق مع ما ذهبت اليه السيدة ازهار محمد علي في قولها (إلا أن الحزب شجره مثمرة حتى لو سقطت الأوراق والأغصان وحتى الجذور لو قلعوها فهو باق في الأعماق..) لأن في هذا الرأي الكثير من العاطفة التي لا تفي بالغرض ومعالجة ما نحن بصدد معالجته..
المطلوب ان نسقي الجذور بالمزيد من الفكر المتقد.. ونبحث بلا كلل عن البدائل المطلوبة والملحة كي لا تيبسْ الاغصان وتسقط الاوراق.. حينها فقط يمكن ان تثمر الشجرة.. بما فيها شجرة الحزب الذي تنشدين..
اما كريم الزكي الذي يقول:
(فاجئني بطرحه المبهم غير واضح، ماذا يريد صباح هل يريد نهاية للحزب بمجرد مقالة بائسة! لم يفهم منها سوى أنه رفع يافطة باسم اليسار وأي يسار لا نعرف، نحن كشيوعيين لا نميز بين اليسار واليمين أنهم يصبون بمستنقع واحد، كونهم بالنتيجة يخدمون أعدائهم الطبقيين وقوى الظلام..) ويضيف (خمسون عاماَ وأكثر نحن نعطي ولا نأخذ خمسون عاماَ من التضحيات. هذا طريق الشيوعيين).
يقيناً هو ليس النموذج الوحيد بين الشيوعيين ممن يحملون هذه المفاهيم الخاطئة التي ينبغي التخلص منها وتتنافى مع الماركسية وتتعارض مع الواقع.. لقد اختصر الطريق والمسافة عليّ.. بمداخلته سهل علينا مهمة النقاش. كي أعود واثبت ما ذهبت اليه من ان الكثير من الاوهام والفهم الخاطئ الذي لا يمت بصلة الى الواقع قد ادى بالشيوعيين الى هذه النتائج الوخيمة.. كيف لا يوجد يسار ويمين؟ وهل حقاً انهم يصبون في مستنقع واحد؟! يا عزيزي اخرج قليلا من إطار الفكر المتزمت المنغلق وافتح عينيك لترى الواقع كما هو بتياراته المختلفة المتنوعة.. سترى العشرات من الاتجاهات الفكرية والاجتماعية ليس بين اليسار واليمين بل بين يسار اليسار ويمين اليمين ولا اخالك ان تنسى وانت تتوقف عند يسار الوسط او اليمين الوسط وان كانت الامور قد تشربكتْ عليك قليلا فانظر الى المكونات الاجتماعية التي تتصارع فلكل منها اتجاهاتها ومفاهيمها.. لقد انتهت المرحلة التي كان لا يعترف الشيوعيون بقوى اليسار..
هذا جزء من العلة التي ورثناها حينما خوّنَ الشيوعيون كافة الاتجاهات الماركسية والعلمانية.. ما عدا التيار الماركسي اللينيني. الذي اثبتت الوقائع انه لم ينتج الا تلك الاحزاب البيروقراطية.. التي اثمرت عن انظمة حكم ديكتاتورية في العديد من البلدان الاشتراكية السابقة.. التي تهاوت الواحدة بعد الاخرى مع اول صرخة غضب جماهيرية في تلك البلدان.. اين انت من كل هذه المعطيات؟!!
هل ما زلت مقتنعاً إنك مطالب بخمسين سنة اخرى لتواصل ذات النهج الخاطئ وتعتبر فيها الشيوعيون حطباً ووقوداً يضحى بهم وان هذا هو طريقهم؟!!
من قال هذا؟!!
وكيف يجوز ان ننزل بالماركسية التي اعتبرت الإنسان أثمن رأسمال وننحدر بها الى هذا المستوى المتدني الذي لا يقيمُ للبشر اعتباراً وللزمن قيمة وتجعله طريقاً للشيوعيين؟!!
انت حر في السير به وحدك.. لكن قل لي من سيتبعك في هذا العصر؟!!... ماذا ستكون نتيجك بعد خمسين اخرى من السنين؟!!... لماذا لا نأخد؟ اليس الشيوعيون ببشر؟!... (خمسون عاماَ وأكثر نحن نعطي ولا نأخذ خمسون عاماَ من التضحيات. هذا طريق الشيوعيين)..
نعم يا سيدة نسرين السامرائي.. لم ولن اتحامل على أحد ولم أصاب كما زعم الدكتور قاسم الجلبي (بردة فكرية).. لا ينبغي أن نجزع أو نستشيط لمجرد أن يخرج من بين صفوف الحركة الشيوعية من يشير بأصبع الى مكامن الأخطاء والكبوات القاتلة في مسيرة حزب الشيوعيين العراقيين على امتداد عقود من النضال المرير..
ليس هناك من يجرؤ على النيل من تضحيات هذا الحزب، لكن ينبغي وعلى الدوام أن يظهر من بين الصفوف من يقلق ويخاف ويؤشر ويقولها صريحة: إن المسيرة على غير مايرام.. واتساءل معكِ..
مَن سيصحح الموقف.. انْ لم نبادر نحن ونكتشف علاتنا ومطباتنا؟
من سيسهل لنا طريق الخلاص.. غير شحذ الهمم واتقاد الفكر ودقة التشخيص؟
وانت يا عزيزي مراد الداغستاني تقول.. (لا تأبه لهؤلاء المعلقين).. كيف لا أأبه بهؤلاء وهم وسيلتنا للتغيير؟!!.
كيف لا أأبه وأنا ارى (قيادة وضعت حزباً عريقاً على هامش الحياة السياسية في العراق) كما تقول انتَ.. سنعمل على (ازالة المعوقات من مسيرتهم) هذه مسؤوليتنا الاخلاقية كما اراها انا معززة بوضوح رؤيا ويقين لا حدود له من موقع فكري مستقر يعرف عمق البحر.. لست بحاجة لمن يقف معي لينقذني من السقوط كما تصور البعض.. بل لمن يسير في الطريق الصحيحة المؤدية للانعتاق.. والوصول الى المبتغى في تحقيق طموح الملايين من الحالمين بعالم خال من العسف والاستغلال.. كافة اشكال الاستغلال.
وارجو ان تتحقق رغبة وامنية عبد الرحمن كريم كاظم، الذي ابعدته قسوة رفاقه عن صفوف حزبه الذي ما زال يتمسك به، رغم الجراح والالم، ويرفض ان يستسلم لمن أطلق عليهم (للذئاب والثعالب) الذين يتمنى كنسهم في المستقبل القريب في إطار الاوضاع المستجدة التي تحتاج هي الاخرى الى كيان جديد نبحثُ ونستقصي من خلاله عن الافضل بهذه المساهمة التي كشفت اقل ما يمكن ان يقال هذه النماذج الحية من الذين تناقشوا وأبدوا وجهات النظر في شأن يهم الجميع.. عبر مواصلة الجهود وتكثيفها.. كما طلب عبد الرزاق حرج.. (أتمنى أن تعمل دراسة مكثفه عن حفريات تاريخ التنظيم في الحزب).. واعد الجميع بمواصلة النقاش في حلقات قادمة..
هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العـراق؟!(3)
لماذا اعتبرتُ الشرط الأول لأية مسعى جاد أو أية محاولة للتغيير تتطلب تغيراً في الوضع القيادي للحزب الشيوعي في العراق ويشمل هذا كردستان ايضاً؟.
إنّ الإجابة على هذا السؤال.. تتطلب الرجوع إلى تاريخ الحزب الشيوعي العراقي.. الذي امتاز بقدرات جماهيرية واسعة.. تمثلت في وجود شعبية له بين مختلف مكونات المجتمع العراقي.. من العرب والكرد والتركمان والأرمن والشبك والصابئة والإيزيديين واليهود.. بمختلف شرائحهم.. من العمال والفلاحين والنساء والمثقفين والطلبة والشبيبة وأجيال من المعلمين والمثقفين والمهندسين.. لا بل حتى شرائح العسكريين والمؤمنين..
لقد ارتبطت به غالبية الأسماء اللامعة في مجال الأدب والثقافة.. من شعراء وأدباء ومسرحيين وفنانين.. وكان بحق أكبر وأوسع حزب سياسي في الشرق الأوسط.. تجاوز عدد منتسبيه 120 ألف عضو ومؤازر فعّال.. كانوا مستعدين لتلبية نداءهِ في كل لحظة.. من منتصف الأربعينات، بهذا الامتداد الجماهيري أصبح من الأحزاب المؤثرة.. التي يحسب لها الحساب.. من سلطات العهد الملكي والقوى الإقليمية.. ومؤسسات الدوائر الغربية ذات الشأن..
وللأسف إنّ هذه الإمكانيات الخلاقة النادرة.. لم يجري تسخيرها للاستفادة منها بشكل صحيح في مجرى النضال والكفاح والتغيير.. وبدلاً من خلق انعطافه في واقع المجتمع العراقي لصالح الكادحين.. بحكم ما في العراق من إمكانيات وقدرات اقتصادية وطنية هائلة..
تمّ زج الحزب في أتون معارك هامشية مدمرة.. في العقد الأخير من العهد الملكي.. وفي خضم صراعات دموية.. مع القوى القومية المنفلتة.. في العهد الجمهوري.. التي أسيء تقدير قدراتها التخريبية.. ولم يحسب الحساب الجدي لاحتمالات إيقاف ما كان يعرف بالمد الثوري..
وهذا ما حدث.. حيث تمت تصفية الآلاف من الشيوعيين.. في الاغتيالات أولاً.. واستكملت بسلسلة الجرائم في مرحلة ما بعد الثامن شباط 1963.. والتاريخ اللاحق للأحداث الدموية في العهد الثاني للبعث (رغم عمق الجراح الكبيرة التي كانت تنزف دماء وتنز آلاماً).. حينما انزلقت قيادة الحزب الشيوعي العراقي.. إلى ما يسمى بمشروع الجبهة مع ذات الكيان- حزب البعث- الذي كان قد رفع شعار تصفية الشيوعيين في شباط 1963، بفارق صوت واحد فقط في تصويت غير متكافئ لأعضاء اللجنة المركزية.. الذين منحوا أنفسهم.. حق زج الحزب في هذا المنعطف الخطر.. وتقرير مصيره.. من خلال جلسة بائسة للجنة المركزية.. أسفرت عن إعلان تحالف هش غير متكافئ مع حزب البعث في تموز 1973، تحالف مازالت بعض أسراره.. تتطلب الكشف.. وسوف أشير إلى ثلاث مسائل جوهرية.. تتطلب الإجابة عليها من لدن المطلعين.. وأدعو فيها السكرتير العام السابق للحزب عزيز محمد، أو من هو مطلع، لقول كلمة الفصل فيها كشهادة للتاريخ..
ـ أولها.. ما سرب من خلال عدد من كوادر الحزب.. من الذين كانوا مطلعين على خفايا الأمور.. في ذلك الوقت.. بخصوص استلام قيادة الحزب الشيوعي العراقي.. بشخص عزيز محمد لمبلغ (30) مليون دولار قبل التوقيع على ما سمي بميثاق الجبهة، وبه - المبلغ المذكور- شيدت دار الرواد.. التي صدرت منها الفكر الجديد وطريق الشعب العلنيتين، في ذات الوقت الذي تمت فيه تصفية عدد من المناهضين والمعارضين للعمل الجبهوي مع البعث.. وفي المقدمة منهم ستار خضير.. شاكر محمود.. محمد الخضري.. والعشرات من الكوادر في مختلف المحافظات.. في عمليات اغتيال مدبرة ومخططة.. تعكس استعداد حكومة البعث لتوسيع ممارساتها للإرهاب السياسي.. والعودة لنهج مجازر شباط..
ـ الثاني.. فيما يخص بالتوقيع السري.. على بند.. يضمن اتفاقاً.. غير معلناً.. ينص على استثناء واستبعاد أعضاء اللجنة المركزية في حالة حدوث خلاف مع حزب البعث والسلطة من الاعتقال، الأمر الذي يفسر قدرة أعضاء اللجنة المركزية وسهولة مغادرتهم للعراق.. تحت أنظار دوائر الأمن.. في المطارات الرسمية للدولة.. وعدم تصفية من وقع منهم في قبضة أجهزة المخابرات والأمن.. وإطلاق سراحهم لاحقاً.. رغم تصفية العشرات والمئات من الكوادر في أقبية التعذيب والموت في ذات الفترة (1978) من قبل نفس الأجهزة..
ـ الأمر الثالث.. يتعلق بما ورد في الجزء الثاني من كتاب الراحل زكي خيري.. الذي يؤكد: ورود رسالة من صدام إلى قيادة الحزب.. قبيل المؤتمر الثالث.. في بغداد.. يطلب فيها صدام.. انتخاب عزيز محمد سكرتيراً للحزب.. وقد ذكر ذلك مرتين من باب التأكيد.. في مذكراته المنشورة.. اقتطف منها الفقرة التالية وانقلها للقراء.. كما وردت بالنص في الصفحة 76 من صدى السنين.. في كتابات شيوعي عراقي مخضرم.. وهو عنوان مذكرات زكي خيري..
(رغم كل التنازلات المبدئية التي احتوتها وثائق المؤتمر الوطني الثالث.. اشترط صدام حسين على المؤتمر الوطني الثالث.. اعادة انتخاب عزيز محمد سكرتيراً للحزب.!)..
وكان قد سبق وان ذكر في الصفحة68 من مذكراته ذاتها..
(فقد سرب صدام حسين شرطه هذا من خلال مناصريه في اللجنة المركزية لحزبنا قائلا:" اننا تحالفنا مع افراد وليس مع الحزب"!!.
بدوري طلبتُ عدة مرات خلال هذه السنوات، عبر لقاءات مباشرة مع قياديين، أو من خلال كوادر يشاركوني الهم لمعرفة الحقيقة.. ما زالوا يعملون في منظمات الخارج للحزب الشيوعي العراقي.. المطالبة بتكذيب هذه المعلومات إنْ كانت غير دقيقة.. أو تصحيحها.. ان كان فيها التباس، لكنهم لم يردوا.!!!!
ارجو واتمنى ان لا يكون موقفهم وردهم هذه المرة الصمت.. ادعوهم بحرص من باب تسجيل الحقائق للتاريخ.. لقول الحقيقة.. من جديد.. عبر هذه المداخلة وأتطلع لمن لديه أية معلومة تخص هذه المسائل.. للرد والتوضيح.. وأتمنى صادقاً أنْ لا تكون هذه المعلومات صحيحة..
يؤسفني أن أرى مناقشات.. بعضها في قنوات فضائية.. كما حدث مع صبحي الجميلي- أبو بفرين- عضو اللجنة المركزية.. ووكيل وزارة الزراعة الحالي في قناة ANN من قبل شخص ادعى حينها انه.. أبو خالد.. كان مشرفاً على أرشيف الحزب الشيوعي العراقي سابقاً.. ويمتلك صورة من الوصل المالي المذكور.. وقد تحدى الجميلي.. الذي تلعثم ولم يتمكن من الرد.. أو دحض ما وردَ من المتصل ابو خالد..
هذه السلوكية الغريبة.. عن القيم والأخلاق.. تتنافى وتتعارض مع صفات ومتطلبات العمل القيادي الثوري للشيوعيين.. الذين لا يخفون اهدافهم ويطرحوها في برامج معلنة للجماهير.. بغية توجيهها لتحقيق انتصارات يومية تستنهض المزيد من المنخرطين في عملية صناعة التاريخ.. والحدث لا تجيز لمن اؤتمن على قيادة العمل في الحزب الشيوعي العراقي.. ممارستها أو قبولها.. ولا تبيح لهم عقد صفقات واتفاقيات مشبوهة مخفية عن قاعدة الحزب وجمهوره.. لصالح من يشغل موقعاً قيادياً فقط!!. وتندرج في باب ممارسة الغش والخداع الاجتماعي.. لا يمكن أن يقبل بها.. إلا من تجرد من قيمه الانسانية ومبادئه.. قبل أن يرتضي لنفسه أن يكون مشاركاً وضيعاً فيها.
بهذه الصفقات المشبوهة، إن لمْ يكن في الأمر التباس، لا يمكن ان يدرج موقعوها مهما كانت صفاتهم وتسمياتهم.. الا في خانة المافيات والميليشيات الاجرامية.. التي تتطاحن في النهار امام انظار الناس.. وفي الليل تتقاسم الأرباح خلف الكواليس..
ناهيك عن الذين يتبوؤون قيادة تنظيمات ثورية ماركسية.. الهدف منها معروف تؤمن بأن شرف الغاية هو من شرف الوسيلة.
التنظيم الذي يقوده رجال من هذا النمط لا يمكن ان يحقق اهدافه وتطلعات اعضائه.. يكون من المشكوك في قدرته على البقاء والديمومة كمحرك ثوري للكادحين.. وبهذا المنحى يصبح الكيان السياسي.. مهما كانت تسميته.. فاقداً لشروط الانتساب.. للوصف الشيوعي من الناحية العملية.. ويصبح منتسبيه المبتلين بقيادات تخدعهم.. مجرد ارقام يجري التضحية بهم.. لصالح مشاريع سياسية وهمية.. من لدن قيادات تجيد فن العبث بمقدرات الناس.. وتضرب مصالحهم عرض الحائط.. في اول مواجهة مفبركة.. رغم نقاوة وصلابة المنخرطين في صفوف الحزب.. واستعدادهم العالي للكفاح من أجل التغيير..
هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العـراق ؟!..4
المبررات الفكرية والاسس الفلسفية لتشكيل الاحزاب الشيوعية.. حسب المفهوم الماركسي.. تتجلى بالرسالة التاريخية للطبقة العاملة.. في تحقيق التغيير الثوري للمجتمع.. عبر ثورة اجتماعية تقودها الطبقة العاملة.. ضمن سياق الحتمية التاريخية.. في تحول المجتمع البشري من مرحلة الرأسمالية الى الاشتراكية والشيوعية.. وهناك من كان موقناً بهذا التحول كالحزب الشيوعي العراقي.. الذي ذهب الى امكانية سير مجتمعات ما قبل الرأسمالية.. عبر طريق طور لا رأسمالي.. نحو الاشتراكية والشيوعية..
وهذا ما دفع بالسكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي.. عزيز محمد.. في منتصف السبعينات.. للتأكيد على امكانية تحقيق هذا الهدف المشترك بين الشيوعيين وحزب البعث.. والخلاف بين الطرفين.. لا يتعدى الوسائل والطرق فقط!..
بهذه العقلية" الماركسية" انتهج قادة الحزب الشيوعي الطبقي.. سياسة التحالف.. وحاولوا اقناع جمهورهم بإمكانية تحقيق الثورة الاجتماعية.. في العراق.. بعد انتهاء مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية..
لقد انساقت قيادات الحزب الشيوعي.. على طول الخط.. لتبني سياسات جبهوية.. ذات افق عدمي.. لا تمت لمصلحة الطبقات الكادحة بصلة.. وارغمت جموع المنتسبين للحزب.. والمطلعين للتغيير.. على المراوحة والانتظار.. غير المجدي.. ولجأت الى كم الافواه.. وقمع الحريات.. واعتبرت من ينتقد سياسة الحزب معادياً لنهج الجبهة والتطور.. وذهب البعض من قادة الحزب الشيوعي العراقي.. الذين وضعوا البيض كاملاً في سلة حزب البعث والسلطة الجائرة المستبدة.. الى الاكثر من هذا.. وتزلفوا لرموز الدكتاتورية من خلال اتلاف 5000 نسخة من البرنامج.. الذي اقره المؤتمر الثاني للحزب.. الذي كان يحلل بعمق نهج السلطة الدكتاتورية.. وقد أشرف على عملية الحرق اعضاء في اللجنة المركزية.. من المندفعين للتعاون مع البعث.. والمشاركة في السلطة ويمكن الرجوع الى كتاب زكي خيري.. وبقية قادة الحزب.. الذي فصلوا في هذه الواقعة.. وذكروها في اكثر من مرة.. راجع مثلا ص12-13 من كتاب خيري.. (5000 نسخة احرقتها سلم - أي سكرتارية اللجنة المركزية.. ص. ك - في مقر اللجنة المركزية في ساحة عقبة بن نافع على يد جاسم الحلوائي) ص15..
لا بل هناك حسبما يؤكد وينوه زكي خيري ايضاً.. الى وجود حالة في القيادة، - من المؤكد انها ليست الوحيدة - تماهت في اندفاعها الطوعي بشكل سافر ورفعت حدود التعامل السياسي مع البعث لتشكو لها اوضاع الحزب الداخلية بما فيه الوضع القيادي (وقد تمكنتْ من الاستفادة من طموحات بعض اعضاء اللجنة المركزية في معرفة ما يدور من نقاشات في داخلها وخاصة في مجال الموقف من التحالف مع حزب البعث فقد شكا أحدهم لقادة حزب البعث معاناته قائلا: بان في قيادة الحزب عناصر قلبها من حجر ورأسها من صخر!!) نفس المصدر ص15..
والمطلع على مذكرات بعض العاملين في قيادة الحزب الشيوعي العراقي سابقاً يلتمس حجم المهاترات والاتهامات.. التي ذهبت الى حد الوشاية.. وابلاغ السلطات واجهزة قمعها.. من اجل التخلص منهم.. كما ورد في مذكرات بهاء الدين نوري.. واتهاماته المعروفة.. لمن كان يقود الحزب في حينها..
وتعكس هذه السلوكية.. حالة من التردي في الوضع القيادي.. لا تنسجم مع مهام قيادة.. تعتبر طليعة لطبقات كادحة.. وجمهور ثوري.. ينوي تغيير المجتمع.. عكست نفسها على الاوضاع الداخلية للحزب الشيوعي العراقي.. وتجسدت في تشجيع البطانات.. وشيوع روح الانتهازية.. والتملق.. وتدني مستوى الكادر وعجزه..
الامر الذي أسفر.. وأدى بدوره.. الى انغماس الشيوعيين.. في صراعات داخلية كانت تفتقد للبوصلة والمغزى والهدف.. وبدلاً من التوجه لحل المعضلات الفكرية والسياسية.. التي كانت تواجههم.. انساقوا في حملات تشهير وطعن.. وافتعال ازمات بديلة.. تنحو نحو شخصنة الصراعات.. وخلق الكتل والبطانات مما عمق من اطر الازمة.. وأفقد التنظيم محتواه الثوري الصلب وفاعليته.. وحوله الى تنظيم هش.. لا يحمل من الثورية غير الاسم.. وسادت اجواء الخمول الفكري.. وعدم الاكتراث.. والميوعة.. لا بل شهدنا تحولا خطيراً في السلوك الاجتماعي داخل الحزب.. تمثلت في تكوين فئتين تتناقض مصالحهم واهدافهم ولا يجمعهم الا إطار مهلهل فضفاض لا ينطبق اسمه على محتواه..
ـ الفئة الأولى.. تتكون من بعض القياديين.. الذين استغلوا وسخروا اوضاع الحزب وامكانياته لمصالحهم الذاتية.. وتحولت الى طبقة بيروقراطية.. همها الأول والأخير الاستفادة القصوى من الزمالات والعلاج في الدول الاشتراكية السابقة.. وحضور المهرجانات العالمية.. طبقة تعيش وتعتاش على ما وفرته قدرات الحزب المالية.. برخاء ونعيم "ثوري" وفق مواصفات برجوازية.. نسجت حولها شبكة علاقات خاصة.. تختار مريديها وفق سياقات انتهازية وعشائرية.. والمتبع لتفاصيل ممارساتها يدرك حجم الفساد الاجتماعي والمالي الذي حاط بها، لست مطالبا بتقديم جرد عنها.. بقدر ما يهمني سلوكها داخل الحزب.. وميلها لقمع كافة الآراء والمحاولات الجادة والجريئة.. التي كانت تسعى لمعالجة حالة الخلل في وضع الحزب.. بما فيها مسألة السرقات المالية وتداعياتها الخطيرة.. والمشاريع الاقتصادية الوهمية.. وبيع الزمالات التي طرحت في المؤتمر الخامس..
أجل ما يهمني هنا.. وانا اسعى لاستقراء ذلك التاريخ وملابساته.. من اجل التغيير وليس التشهير.. الممارسات القمعية لتلك الفئة.. التي خنقت الحريات.. وقضت على كل محاولة للتغيير.. من خلال هيمنتها على مقاليد الحزب.. وتمسكها بكل شاردة وواردة فيه.. ومن لا يطيعها.. او يقف منها بالمرصاد.. كان يواجه بما يعرف بالمصير المجهول.. على طريقة المافيات بشتى الطرق.. فمن كان في الخارج.. يوجه بقرار الزامي للذهاب الى كردستان.. ومن يكون في كردستان يقرر ارساله للداخل.. وفي حالات اخرى تم التخلص من المعارضين بقرارات الطرد التعسفية.. ناهيك عن حياكة قصص واتهامات.. لا اول لها ولا آخر.. ابتداء من الطعن خلف الظهر.. وتسويق والصاق صفات الخوف والجبن.. وانتهاء بالعمالة والتعامل مع اجهزة المخابرات والامن..
لم نسمع بهذا فقط.. بل شهدنا وعايشنا تفاصيل العشرات من الحالات.. التي مازال من تعرض لها ينبض بالحياة.. ممن كانوا ضحية "رفاقهم".. في قيادة الحزب.. الذين تحولوا الى طبقة اجتماعية مستبدة.. مستعدة للفتك بهم..
هكذا نمت وظهرت داخل الحزب.. لأول مرة.. امتدادات للصراع الطبقي في المجتمع.. امتد ونمى لينتقل لأحشائه.. وتحول لصراع داخلي كرس له مع الزمن المزيد من الجهد والامكانيات.. وفرز المزيد من الحقد والكراهية بين اعضاء الحزب واتباعهم..
ـ الفئة الثانية.. المشكلة من غالبية اعضاء ومؤازري الحزب.. بمن فيهم عدد من قادته المخلصين.. وجلهم من الكادحين والمثقفين.. ممن كانوا مندفعين بحكم قناعاتهم لتنفيذ ما يكلفون به.. ايماناً منهم بعدالة مشروعهم في التغيير.. ممن كانوا يعتقدون بإمكانية التخلص من العقبات والممارسات الخاطئة للقيادة والكادر الانتهازي الملتف حولها، يحذوهم الأمل بإمكانية فرز المسيئين ومحاسبتهم.. لكنهم مع الزمن اكتشفوا بطلان وعدم دقة تصوراتهم.. وباتوا امام خيارين لا ثالث بينها.. اما التوقف او البحث عن بديل.. هذا ما دفع بالعشرات منهم الى الانزواء او التوجه لتشكيل منضمات او حركات واحزاب جديدة، ولأول مرة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي يكون عدد منتسبيه خارج التنظيم.. أكبر حجماً وأكثر عدداً من المنخرطين في صفوفه!! وأصبح الشيوعيون في المجتمع مشتتين.. بلا حزب شيوعي يوحد قواهم ويجمع طاقاتهم.. والحزب الحامل للشيوعية اسماً بلا جدوى.. تديره قيادة خاملة.. وينتسب اليه بدل المناضلين الموظفون المكلفون بالحماية والحراسة فقط.. ممن يتقاضون الاجور والرواتب من جراء "كفاحهم الثوري" هذا..
لقد غيروا الحزب بدلاً من تغيير المجتمع.. هذه هي الحقيقة المؤلمة.. التي وصل اليها الحال في التنظيم المشوه الحامل لأسم الحزب الشيوعي العراقي اليوم في بغداد وكردستان ايضاً.
اتفق مع التعليق الذي كتبه الاستاذ فؤاد النمري في الحلقة الثانية بخصوص.. (يشكل الشيوعيون الحقيقيون عصب الحياة للإنسانية وما أطرحه أنا هو الحفاظ على الشيوعيين من التلاشي كما يحدث اليوم في أحزابهم إذ يتحولون إلى لا شيوعيين).
واؤكد ان هذا التشخيص الدقيق والصائب لا ينطبق على وضع الحزب الشيوعي العراقي وحده.. ويطال بقية الاحزاب الشيوعية ايضاً.. ولا استغرب من النتائج المؤلمة التي حصل عليها الحزب الشيوعي بشقيه العراقي والكردستاني في الانتخابات.. وشهدت بنفسي عشرات الحالات من عوائل وابناء شهداء للحزب واعضائه يؤكدون.. مسبقاً.. انهم لن ينتخبوا قائمة الحزب.. لأنه خذلهم.. ولمن يرغب في التدقيق في هذا الموضوع أستطيع ان اعطيه عشرات الاسماء للاستفسار منهم عن سبب عدم تصويتهم لقائمة حزبهمْ!!!
انّ فقدان الحزب الشيوعي لرصيده الجماهيري.. وعدم فوزه في الانتخابات يعكس جانباً من طبيعة الأزمة البنيوية الحادة.. التي يمر بها التنظيم المشوه للشيوعيين.. ينبغي أنْ لا يدفعنا لليأس والقنوط.. ولا ينطبق مع حجم ووزن الشيوعيين الحقيقي في المجتمع..
والحل في البحث والتقصي عن الاسباب الفكرية والتنظيمية والنهج السياسي الخاطئ.. الذي يشكل جوهر العلة.. برؤية نقدية ماركسية.. لا تهاب من النقاش والجدال العلني.. وليس هناك ما يمكن ان نخفيه عن جمهور الكادحين.. الذين نكافح لتحقيق التغيير من أجلهم.. ومن لا يقر هذه الحقيقة ويلجأ للنفي والتسفيه والتبرير.. لا يمكن ان يكون في عداد الماركسيين الذين يحملون لواء التغيير..
هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العـراق ؟!..5
سأناقش في هذه الحلقة الآراء والتعقيبات التي وردت في الحلقات السابقة، سأبدأ بمداخلة وتعقيبات (عمار علي) حول حرية الفكر وضرورة التجديد، الذي وصم الممتعضين من النقد بـ (تعبر عن فكر تقليدي راكد لا يرى في النقد الا نقيصة). واعتبره مناقضاً للفكر الماركسي. (الفكر الشيوعي اسس على قاعدة النقد والتحليل والتغيير).. يؤدي بهم الى (ارهاب واستبداد.. يبدوا اننا في زمن التكفير الشيوعي).. وقبلها كان قد استخدم تعبير.. (انه في زمن التكفير الايديولوجي).. ويدعو للدخول في حوار جدي حول (تجديد الحزب واعادة التفكير في أساليبه وخطابه وتجاوز الماضي التي استند عليه الحزب).
وهي مساهمة جادة تستحق التوقف عندها ومناقشتها بعمق.. سأثير اسئلة تتعلق بجوهر الموضوع لتكون مدخلا للحوار:
ـ هل مارس الشيوعيون في العراق.. خلال تاريخهم.. الذي يمتد لثمانية عقود (قلنا أصبحت تسعة) حرية فكر داخل حزبهم؟!
ـ هل وفر الحزب الشيوعي العراقي أية فرصة لأعضائه لممارسة حرية التعبير قبل حرية التفكير؟!
ـ هل كانت الديمقراطية مطبقة ويستطيع العضو الحزبي من الإجهار عن موقفه داخل الحزب؟!
ـ هل مارس الشيوعيون طيلة العقود الماضية.. أي نقد جدي.. يخص سياساتهم وطبيعة واساليب عملهم.. ناهيك عن الافكار والمعتقدات.. التي اهتدوا بها.. ومدى ملائمتها ومطابقتها أو انسجامها مع الواقع الذي يسعون لتغيّره؟
ـ هل مارست قيادة الحزب الشيوعي فيما بينها.. أي شكل من اشكال الديمقراطية.. التي تبيح ابداء الرأي وحرية التفكير وفق المواصفات الماركسية؟!
ـ الا تشكل هذه القضية المهمة والحيوية.. جانباً مهماً.. من جوانب الخلل في عمل الشيوعيين.. وتستدعي التوقف ازاءها.. وتشخيص دورها.. في النتيجة التي آل اليها الوضع في الحزب الشيوعي العراقي اليوم؟
ـ الا تشكل الحياة الداخلية للشيوعيين وطبيعة ممارستهم للنقد والموقف من الاخطاء والنواقص قضية جوهرية في الفكر الماركسي؟
ـ هل مسيرة الشيوعيين طيلة هذه العقود خالية من الاخطاء والاخفاقات؟ أم انها سارت بوتائر ايجابية متصاعدة تجتر المآثر والبطولات المتتالية يوماً بعد آخر وخالية من المطبات والكوارث؟
ـ الا تشكل اخطاء الشيوعيين جزء من المعاناة الكبيرة للشعب العراقي وطبقاته الكادحة ممن اكتووا بنار الاستبداد والدكتاتورية والحروب العبثية والصراعات السياسية الدموية وتحالفاتها واسطفافاتها الخاطئة؟
بهذا الخصوص فيما يتعلق بمسيرة الحزب الشيوعي العراقي والاخطاء السياسية الفادحة سأختصر في التعبير دون الخوض في التفاصيل الى تشخيص المحطات والمواقف التالية:
1ـ التقييم الخاطئ لحكومة عبد الكريم قاسم وعدم حسم مواقف الحزب الشيوعي منها طيلة الفترة من 14 تموز ولغاية الـ 8 من شباط.. لا تعكس تطابقاً وانسجاماً مع النهج الماركسي ولا تنسجم مع مصالح الكادحين، وشكل هذا الموقف نقطة الضعف في تجربة تموز التي تمكن البعثيون من الاجهاض عليها.
2ـ يشكل الموقف من حزب البعث.. في سياسات الحزب الشيوعي العراقي.. على طول الخط محوراً للنقد لا يصمد أمام أي موقف ماركسي.. سواء كان حزب البعث في السلطة أم خارجها.. وكان موقف قيادة الحزب الشيوعي في الدخول في تحالف مع دكتاتورية البعث عام 1973 نقطة تحول خطيرة بالضد من مصالح جمهور الحزب الشيوعي وعموم الكادحين يتعدى خطوط الاخطاء السياسية.. ويرتقي الى مصاف المشاركة في الجريمة التي طالت..
3ـ ابناء كردستان والمشاركة في تخريب وتدمير القرى والمدن الآمنة فيها.. التي نفذها الجيش العراقي الفاشي بحجة التصدي للمواقف المعادية للجناح اليميني للحركة الكردية.. وهذا يدفعني للمقارنة بين ما فعله الاتحاد الوطني الكردستاني عام 1983 قبيل أحداث بشتاشان وما فعلته قيادة الحزب الشيوعي العراقي في اجواء التحالف ومشاركة الجيش في مواجهة الحركة الكردية..
4ـ أن معرفة قيادة الحزب الشيوعي العراقي المسبقة بأمر انقلاب 17 تموز.. والموقف الذي اتخذته حسبما ورد في رسالة اللجنة المركزية الجوابية لقادة البعث - التي نشرت طريق الشعب نصها- يشكل موقفاً مناقضاً للفكر الماركسي.. ولا يعبر عن أية مسؤولية أخلاقية ازاء ما كان يخطط له حزب البعث للعودة الى السلطة من جديد.. ويشكل هذا التصرف تجاوزاً للصلاحيات المخولة لها.. ومصادرة لحقوق الشيوعيين وجمهور الكادحين الذي أصبح ضحية لممارسات حزب البعث الاجرامية اللاحقة من جديد للمرة الثانية..
5ـ شكلت الانفال وما لحق بها من خسائر محطة اخرى في سياسة قادة الحزب الشيوعي العراقي.. الذين ساهموا بممارساتهم السياسية الخاطئة في دفع المزيد من الابرياء لمحرقة الموت.. وكان لموقفهم اللا انساني من العوائل والأطفال.. وعدم التفكير بنقلهم الى مواقع آمنة.. السبب الرئيسي في وقوع العشرات من عوائل وكوادر الشيوعيين في قبضة السلطة.. لا بل ان المسؤول الأول لقاعدة بهدينان آنذاك.. قد اجبر العديد من البيشمركة من حاملي السلاح مع العوائل والاطفال للتسليم للسلطة والجيش الفاشي.. وهكذا ذهب ضحية هذا القرار" الماركسي" أكثر من 200 طفل وامرأة من الشيوعيين!!!
6ـ لم يكن موقف الحزب الشيوعي سليماً ازاء المجازر التي ارتكبها النظام الدكتاتوري القمعي في فترة الجبهة ازاء المشاركين في اعمال احتجاجية ضد سياساته اتسمت بطابع تحركات شعبية دينية ذهب ضحيتها المئات من الابرياء والكادحين عام 1977 وما اعقبها من اعدامات وتصفيات واغتيالات واسعة النطاق.
7ـ حل المنظمات الجماهيرية وتجميد نشاطاتها وتصفية العمل في المؤسسات العسكرية بأمر من قادة الحزب الشيوعي والرضوخ لمطالب حزب البعث في تسليم السلاح الخاص للشيوعيين الى السلطة من الاخطاء الفادحة.. لا يعكس بعد نظر سياسي.. واستهانة خطيرة بمستقبل ومصير الحزب وجمهوره..
نعود لحرية الفكر والتعبير عن الرأي.. ومدى ضرورة ممارسة الشيوعيين لها.. وتطبيقاتها في الواقع.. وتأثيرات غيابها.. ونتائج قمعها.. وما تسببه من كوارث ومخاطر.. لا حدود لها.. كما حدث في العراق.. من جراء تغييب الرأي الآخر، إذ احاقت السياسات الخاطئة للشيوعيين المخاطر بالمجتمع العراقي.. من جراء تقييمات غير دقيقة لطبيعة حزب البعث العنصرية واستبداده ومعاداته للديمقراطية.. رغم بشاعة صورته في الأوساط السياسية والشعبية.. محلياً وعالمياً.. يقول كاظم حبيب بصدد هذه المسألة:( غياب الحرية الفكرية في الحزب الشيوعي والتركيز في الماضي على الأربعة ثم الثلاثة العظام، وفهد في العراق، واتهام الكثير من الشيوعيين والماركسيين بالتحريفية والانتهازية...الخ ساهمت بعدم تطور الفكر الماركسي في أغلب الأحزاب الشيوعية ومنها الحزب الشيوعي العراقي والتثقيف الفكري الوحيد الجانب، وإلى نشوء الإيمانية المطلقة بالنظرية الماركسية ـ اللينينية، وإلى تحويلها إلى دين جديد لا غير، له أنبياء هم ماركس وانجلز ولينين ومعه بعض الأولياء الصالحين هم قادة الأحزاب الشيوعية القائمة).. ويضيف:
(كانت الحرية الفكرية والاستقلالية الفكرية غير واردة في الحزب الشيوعي بشكل عام، وغالباً ما كان يمنع الفكر والرأي الآخر من النشر. وقد تسبب هذا في إضعاف القدرات الفكرية وتطور الإمكانيات لدى أعضاء الحزب. وهذه الظاهرة ما تزال موجودة في حياة الحزب الإعلامية وإزاء كتابات الشيوعيين. وغالباً ما ألتقي بشيوعيين يشكون من عدم نشر كتاباتهم لا لأنها ضعيفة، بل لأنها مخالفة لوجهة نظر القيادة، أو معارضة لما يطلق عليه بوجهة نظر الحزب الرسمية خطأً!) وعن الديمقراطية وتطبيقاتها يقول..
(أن الحزب ورغم دعوته السابقة للديمقراطية، كان في بنيته الإيديولوجية حزباً شمولياً لا ديمقراطياً على غرار الأحزاب الشيوعية في الدول الاشتراكية أو في غيرها من البلدان. ولو كان الحزب قد وصل إلى السلطة في العراق لمارس، دون أدنى ريب، نفس النهج وذات السياسات المستبدة وغير الديمقراطية التي مورست في الدول الاشتراكية ولكان قد انفرد بالسلطة أو فرض الخيمة الفكرية الماركسية اللينينية على المجتمع وما تنشأ عن تلك الهيمنة من سياسات وإجراءات قمعية أخرى في مجال مصادرة الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات عملياً. ولنا شواهد على ذلك في البلدان الاشتراكية السابقة).. وفي ذات الشأن يؤكد جاسم الحلوائي أيضاً (أما الخطأ الأعظم وأقصد الطبيعة غير الديمقراطية للأحزاب الشيوعية السابقة فتتحمل جميع الأحزاب مسؤوليته)..
لقد ذكرتُ ما حل بوثائق المؤتمر الثاني للحزب وحرقها من قبل سكرتارية اللجنة المركزية في اجواء ادخال الحزب الى دهاليز التحالف واعترض ـ فلاح علي ـ محتجاً على هذا الاستشهاد قائلا: ان سعاد خيري هي التي كتبت هذه النصوص وليس زكي خيري.. حسنا لنقل ان سعاد خيري هي التي قالتها ونقلتها..
الا تعتبر شهادة سعاد مقبولة؟
هل تشك بشهادتها؟
الم تكن وما زالت شيوعية منذ ما يقرب السبعة عقود من عمرها النضالي؟
الم تكن زوجة ورفيقة لزكي خيري الذي كان الشخص الثاني في الحزب في الكثير من الاوقات؟
والأهم من هذا سواء كان مصدرها سعاد ام زكي خيري ام أي مصدر آخر.. المْ تجري عملية حرق وثائق المؤتمر الثاني ام انها من نسج خيال سعاد وزكي وغيرهم؟
السيد الحلوائي ما زال حياً وكتب الكثير عن تاريخ الحزب.. وهو من الكتاب النشطين في مجال الانترنيت.. وسأبحث ان كان قد تطرق الى هذا الأمر حتى لو جاء من باب التبرير او اية دوافع اخرى يعتبرها هو او غيره من القياديين آنذاك مقبولة؟!
والاّ فانه مطالب بالتعليق وقول كلمة الفصل في هذا الشأن الخطير.. الذي يتنافى مع ابسط قيم العمل السياسي والفكري.. ناهيك عن موضوعة حرية الفكر والممارسات الديمقراطية، وحق الفرد او الاقلية في التعبير عن الرأي ازاء الموقف من نظام دكتاتوري همجي مارس الاستبداد والقمع والاغتيال السياسي للشيوعيين وغيرهم.. في ذلك الوقت بالذات.. عندما التقت في اجواء بغداد سحب الدخان المندلعة من وثائق المؤتمر الثاني للحزب.. مع البخار المتصاعد من جسد عليّ البرزنجي.. ورفاقه المغيبين في احواض التيزاب.. لتكون هذه الجريمة عنواناً للدخول في منعطف التحالف مع البعث.. وأوهام تطبيقاته الديمقراطية ومنحاه التقدمي الاشتراكي المزعوم...
لقد توافقت في هذه الصفقة ارادتان لا تمتان بصلة الى الديمقراطية بشيء.. قيادة الحزب الشيوعي التي تماهت مع تطلعات حزب البعث.. في لحظة مصادرة للقرار الحزبي.. من جمهور الشيوعيين.. بعد انْ نابت عنهم باسم الديمقراطية المركزية.. وخولت نفسها حق الدخول في دهليز التحالف المعتم.. معتبرة هذا الفعل حقاً من حقوقها.. وفق سياقات الديمقراطية المزعومة.. التي يؤكد كاظم حبيب في دراسة مهمة له.. على عدم وجودها حينما قال لاحقاً:
(إن الحزب في بنيته الداخلية ونشاطه الداخلي وإزاء رفاقه لم يكن ديمقراطياً بأي حال أيضاً وساهم عملياً، بفعل ممارسته الصارمة لقواعد "وحدة الإرادة والعمل" و"الطاعة الواعية" و"الضبط الحديدي" و"التنفيذ ثم الاستفسار"، إلى خلق ازدواجية في شخصية المناضل وفي سلوكه اليومي، قَبِلَ الحزب بهذه الحقيقة أم رفض).. ودعا في ذات الوقت الى التخلي عنها وعن بقية القواعد المخلة بفكر واستقلالية الإنسان والمقيدة للحرية.
في كردستان في زمن الكفاح المسلح والانصار تكررت الحالة وعادت نفس العقلية البيروقراطية المستبدة المتحكمة في شؤون الحزب لتمارس من جديد عملية حرق الفكر لإفناء الرأي الآخر حينما أمر عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراق عبد الرزاق الصافي بحرق كراس فكري أعده كاظم حبيب يشخص طبيعة السلطة الاستبدادية ويصفها بالفاشية ومنع من المجاهرة برأيه وتم احراق بحثه الفكري الذي حمل عنوان (الفاشية التابعة في العراق) ولمن يرغب في التأكد من المعلومة احيله الى ما كتبه الدكتور كاظم حبيب من تفاصيل حول الموضوع..
(بعد خروجي، كما عرفت في العام 2006، أن عضو المكتب السياسي في حينها الرفيق عبد الرزاق الصافي قد قام بحرق جميع نسخ هذا الكتاب والبالغ عددها 450 نسخة تقريباً، فيما عدا بعض النسخ التي استطاع البعض ممن استهواه الكتاب تهريبها.. استفسرت من الرفيق عبد الرزاق الصافي عن هذه الفاجعة الثقافية التي لا يمارسها الشيوعيون من حيث المبدأ، فأشار في البداية إلى أنه لم يتذكر الحادثة، ثم أردف بعد أن ذكرته بأن حرق كتاب مسألة لا تنسى بأي حال، قال بامتعاض: "تعرف يا دكتور كيف كانت تتخذ القرارات في المكتب السياسي حينذاك"!).. وفي فقرة لاحقة..
(في أربيل أثناء انعقاد أسبوع المدى الثقافي في الفترة الواقعة بين 29/4/-5/5/2007 استفسرت منه عن حقيقة الأمر فأشار بما يلي: في أواخر عام 1984 قرر المكتب السياسي عدم توزيع الكتاب لأن الكاتب لم يأخذ موافقة المكتب السياسي على طبعه وتوزيعه. وأبلغ الرفيق عبد الرزاق بذلك، علماً بأنه ضمن من اتخذ القرار باعتباره عضواً في المكتب السياسي. وحين تقرر رحيلنا كان أمام الرفيق الصافي أحد أمرين، كما قال، إما دفن الكتاب أو حرقه، إذ أن نقله يستوجب بعض البغال ولم يكن ممكناً. فقرر الرفيق الصافي حرقه، وأحرقت الكمية كلها فعلاً. والسؤال المهم هو: لماذا لم يترك الكتاب في الغرف ذاتها دون عناء النقل ما لم يكن هناك موقفاً من مضمون الكتاب ولكيلا يطلع عليه أحد ويعرف مضامينه الأساسية إزاء حكم البعث والموقف من التعاون معه حينذاك؟ ثم السؤال الأهم هو: لماذا أحرق الكتاب؟ يصعب التكهن بالإجابة عن هذا السؤال. ولكن سأبدي بعض الأفكار بهذا الصدد بروح موضوعية مهمومة على هذا الأسلوب غير المعتاد في التعامل مع الرأي الآخر ومع كتاب فكري ووجهة نظر شخصية إزاء فترة معينة وإزاء حكم دكتاتوري فاشي سافل حكم العراق طيلة عقود: إن حرق الكتاب لم يكن عملاً سليماً، بل فيه الكثير من الإساءة للفكر الحر والرأي الآخر ولي شخصياً وللحزب أيضاً، ولكن هكذا كانت مدرستنا الفكرية حينذاك في موقفها من حرية الرأي داخل الحزب أو في نشر الفكر الآخر للشيوعيين على نطاق أوسع من الخلية أو الهيئة التي يعمل فيها الشيوعي.)..
حدث هذا مع عضو في المكتب السياسي.. فكيف هو الحال في بقية الحلقات واللجان.. كيف لو تجرأ عضو في القاعدة من انتقاد قيادة الحزب الشيوعي وتخطئة نهجها السياسي؟!!
الحديث هنا يطول لكن سأختصر واقول الويل لمن تجرأ وأعلن موقفه المناهض لهؤلاء "الماركسيين" وسياستهم "الشيوعية" ستوجه له أبشع وأشنع التهم.. تحريفي.. انتهازي.. ليبرالي.. معادي.. مخرب.. جبان.. الخ من القائمة التي تكرر استخدامها اليوم في العديد من الردود التي تسعى لوضعك في خانة المتمرد الجاهل او المطيع العاقل.. وتعتبر ذكر المهتوك حراماً.. وتشنيع الخطأ والنواقص منكراً.. في حالة من تغييب الوعي الماركسي ما زالت مستمرة.. رغم خراب البصرة..
وقد دفع الشيوعيون ثمن تلك الاخطاء والنواقص غاليا.ً. قبل غيرهم.. وفي هذا الصدد يقول الراحل توما توماس.. عن الآراء التي تناولت تقييم سلطة البعث.. وموقف الحزب الشيوعي منها:
(في الحقيقة فإن أراء لجنة الاقليم لم تكن الا انعكاساً عن مشاعر جماهير كردستان وقواعد الحزب فيها، وهي حصيلة لتلك الاراء المطروحة في الهيئات الحزبية. ولو كانت قيادة الحزب قد اصغت للبعض منها على اقل تقدير، لكانت خسائرنا اقل بكثير مما فقدناه، في حقيقة الامر كان نضالنا يصب في صالح البعث وسلطته وممارساته).
لقد جاء في مقدمة النظام الداخلي الراهن، وهي نفس المقدمة التي أقرت في "مؤتمر الديمقراطية والتجديد" ما يلي (الحزب الشيوعي العراقي حزب ديمقراطي، من حيث جوهره واهدافه وبنيته وتنظيمه ونشاطه، ومن حيث علاقاته بالقوى الاجتماعية والسياسية الأخرى. وهو إذ يرفض كل شكل من أشكال الحكم الاستبدادي والتسلط السياسي ومصادرة حقوق الإنسان، يناضل من أجل إقامة نظام سياسي ديمقراطي، وتأمين العدالة الاجتماعية)..
ختاماً لهذه الحلقة اقول.. أن الشيوعيين ليسوا بحاجة الى حزب أو تنظيم مشوه يقمع حريتهم، ويمنعهم من ابداء الرأي والتفكير، يجمد طاقاتهم ويشتت امكانياتهم، يقوده البيروقراطيون الذين ينفر منهم الشيوعيون.. قبل غيرهم من المواطنين، مهما كان عنوانه او اسمه وشعاراته وتاريخه.. انهم بحاجة اليوم وفي المستقبل الى اسس عمل جديدة ومتجددة، تكفل حرية التفكير والتعبير عن الرأي.. وتضمن حق المناقشة والجدل.. إطار يجمع الطاقات وينميها، يطور القدرات ويوسع المدارك، ويفرز قادة ميادين يمتلكون الشعبية والاحترام.. يلتف حولهم الجمهور ويساندهم، ليس مهماً ان كان.. حزباً/ حركة/ اتحاد/ جمعية /رابطة او اية تسمية اخرى بقدر ما همْ بحاجة للتفكير الجدي.. والى تنظيم يفجر الطاقات الخلاقة للماركسيين.. الذين يستمدون العزيمة من ثقتهم بمستقبل خيارهم ودقة استقرائهم للواقع المتغير.. وديناميكية فكرهم الحي ومنطلقاته المسخرة لخدمة الكادحين.. المتطلعين لعالم وحياة أفضل وغد مشرق.
هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العـراق ؟!..6
أعود ثانية لمناقشة الآراء التي طرحها المعقبون في مداخلاتهم من قراء الحلقات السابقة.. في الوقت الذي أحيي فيه من قيّمها واعتبرها ضرورية.. أود أن أشير الى حق الآخرين في النقد والاعتراض والرد.. وحتى رفض كل ما وردَ من آراء فيها.. وما سيردُ لاحقاً في المقبل منها..
لكن اود ان أؤكد أيضاً.. لمن حاول أن يسير على طريقة الاتجاه المعاكس وفضل استخدام الشتائم ولجأ للتبرير والانكار والتسفيه.. حينما قررت طرح هذه الآراء.. كنت قد وضعت في توقعي ما اقرأه اليوم.. من احتمال لورود هكذا ردود فعل مستفزة.. تسعى لصرف النقاش عن مجراه وأهدافه..
لهؤلاء المناضلين الذين تحركهم العواطف أقول.. من الأفضل لكم أن تبحثوا عن الأسباب الحقيقية لحالة التردي والتراجع في وضع الحزب الشيوعي وقوى اليسار.. بدلاً من اللجوء الى هكذا اساليب لا تقدم ولا تؤخر..
لو كانت المشكلة ـ الأزمة التي تحيط بكم - تُحَلْ بتوجيه الشتائم لكاتب هذه الحلقات.. لكنتُ ساعدتكم قبل الآن وطلبت منكم ممارستها.. كي تسرع من اخراجكم من المأزق الذي أنتم فيه.. وتضعكم في الطريق المؤدي للوصول الى الاهداف التي تدعو الى محو استغلال الانسان للإنسان في كل زمان ومكان..
لماذا نخاف من النقد؟!
لماذا لا نرى فيه إلاّ وسيلة للهدم والتخريب؟!
لماذا يخشى الشيوعيون من النقد ويتجنبون ممارسته في حياتهم الداخلية؟!
أين تكمن العلة في الموقف اللا ماركسي من النقد في الوسط الشيوعي؟
إن الماركسية مبنية على ارضية النقد.. نقد المجتمع والنظريات التفسيرية له وهي تدعو للتغيير.. لا بدَّ وإنها تلجأ للنقد.. وقد مارس ماركس وبقية المفكرين كافة اشكال النقد.. بما فيه النقد اللاذع والساخر.. وذهب لينين في أكثر من موقف وحالة الى "تطوير" نقده وتخطاه الى استخدام السخرية والعبارات النابية ليس اقلها ما وصف به البرجوازيون حينما شبَههم بالعاهرات.. ناهيك عن استخدام مصطلحات مهينة كحثالة البروليتاريا.. في الأدب الماركسي.. لوصف العديد من المشتغلين في مهن يضطرُّ لمزاولتها البشر..
إن الخوف من النقد يتأتى من حالتين..
ـ الاولى..
عندما يعتبر الشيوعيون أنفسهم حاملين للحقيقة.. كل الحقيقة ويحتكرون اكتشافهم المطلق لها.. ويجعلون ذلك في مصاف المقدسات لا تحتمل النقد، لأن نبي القرن العشرين، كما أطلقوا على لينين، قال هذا في كتاب أو خطاب ما، أو أن ماركس قد أشار له في مؤلفاته.. ومن بعدهم أصبح ستالين وعندنا في العراق فهد.. ومن بعده كافة الرهط القيادي لاحقاً من المعصومين..
أن هذا التعامل اللا ماركسي مع الواقع واجترار مقولات.. قد تجاوزها الزمن.. وتقديسها هو اساس البلية.. التي مرت بها التجارب السابقة.. ومنها تجربة الحزب الشيوعي العراقي.. وهكذا الحال في روسيا والاتحاد السوفييتي.. وسوريا وكوريا والصين وكوبا.. التي افرزت زعامات مؤلهه.. جعلت من جمهرة الشيوعيين عبيداً يرددون ما يلقنون به من تحليلات ومواقف سياسية يجترها الزعيم أو المكتب السياسي.. الذي أصبح جهازاً فوقياً اعلى من اللجنة المركزية.. يفكرُ ويقررُ بالنيابة عن جمهرة المناضلين.. والمكافحين المنضوين في صفوف الحزب.. ومع الزمن اصبحت مهمة هؤلاء خدمة المكتب السياسي والدفاع عن سياساته في الحق والباطل، مما ادى لحالة شيزوفرينيا تنظيمية حولت الشيوعيين من مكافحين يسترشدون بالفكر الماركسي الحي.. الذي يمنحهم الصلابة الثورية.. والقدرة على التحليل والتشخيص الفعلي لميزان القوى.. واستنباط أساليب فاعلة ومجدية لتغيير المجتمع.. الى اتباع مهانون يُسَّخرون لخدمة الجهاز البيروقراطي في الحزب.. وسلطة القيادة والدولة.. اتباع يرددون الشعارات والمقولات.. التي تجاوزها الزمن.. لا تنسجم مع الواقع.. اتباع أصبح مستقبلهم ماضيهم.. يجترون مآثره.. وبطولاته وتاريخه.. لتبرير واقع بائس.. مبتذل.. ليس اقل بؤساً منه ما حلّ بالحزب الشيوعي العراقي ذاته.. من حالة تراجع في كافة الميادين.. بسب الأزمة البنيوية التي تعصف به..
ـ الثانية..
التردد والخوف من كشف الحقائق.. وفك بعض طلاسم وملابسات التاريخ المخزي.. لمن كان في الموقع القيادي للحزب.. وساهم في تغييب الوعي وتضليل المناضلين وجمهور الحزب.. وانحرف عن النهج الماركسي.. في التعامل مع الاحداث والوقائع.. وتبنى النقيض لها في الممارسة العملية وبالتالي أصبح في خانة المعرقل للتقدم الاجتماعي.. وساهم في خلق وشيوع حالة الركود والتحجر.. التي قوّضت الفرص.. ومنعت نشوء ونمو البديل الفكري.. الاساس الجوهري للنشاط السياسي والاجتماعي..
هذا ما ادى الى تراكم العقد.. والمخلفات الصعبة.. التي تواجه جيل الماركسيين المعاصرين.. الذين ينشغلون بجدية في معالجة القضايا الملحة.. التي تواجه المجتمع العراقي.. في زمن التحولات الخطيرة.. في المرحلة الانتقالية الحالية التي تفرز المزيد من الانقسامات والاصطفافات المعادية لمصلحة الكادحين والمستقبل الديمقراطي..
للأسف مع كل هذا الكم الهائل من الخراب والتراجع المستمر.. نصطدم ونرى بيننا من لا يتقبل النقد..
هل هناك وسيلة غير النقد تساعد على تجاوز المحنة والانتقال الى البديل الافضل المطلوب؟
هل ننتظر حلولاً من السماء؟
هل للحزب الشيوعي - قيادته وتنظيماته الحالية - القدرة على معالجة اوضاعه وتجاوزها؟
هل بإمكانهم تشخيص الحلول؟
هل يفرز الصراع الداخلي للحزب اية مؤشرات فعلية يمكن التعويل عليها لتحقيق التغيير؟
هل هناك ما يُنبأ بما يمكن التعويل عليه لاحقاً للخلاص من الوضع المبتذل والبائس للشيوعيين اليوم؟؟؟
هل يمكن ان يحدث التغيير في ظل قيادة الحزب الحالية؟!!!!
الى اين يسير الشيوعيون وحزبهم؟
ماهي آفاق عملهم اللاحق؟
هل يمكن ان يفرز الصراع الداخلي في الحزب حلولاً؟
هل هناك صراع داخلي يؤهل الشيوعيين ويمنحهم القدرة على معالجة اوضاعهم الصعبة؟
هل هناك افكار متبلورة تطرح للمناقشة؟
هل ان قيادة الحزب الشيوعي مستعدة وجاهزة للاستقبال الاراء المطروحة؟
اسئلة باتت تطرح في الوسط الجماهيري اليوم.. في الشارع والاعلام والفضائيات لا يمكن ان يكون اللا موقف والصمت الرسمي للقيادة الحالية العاجزة هو الموقف الصحيح المنتظر..
في ذات الوقت يمكن أن نطرح ونظيف..
ماذا ستكون نتائج السكوت وعدم ممارسة النقد؟
هل ستنقذ الشيوعيين وتطور اوضاعهم ومواقفهم؟
هل يمكن الاستمرار في معالجة الموقف بالصمت؟!
مع تقديري العالي لأهمية ما طرحه (عمار علي) في تعقيبه من ضرورة لطرح مفاهيم وحلول معرفية ترتقي بالحوار وتنقل المشاركين به الى حالة أرقى وافضلْ في تشخيص البدائل المطلوبة للعمل.. أجد نفسي مرغماً للتأكيد من جديد إن الهروب للأمام وعدم التوقف عند المشكلات والمعضلات الفكرية والسياسية والتنظيمية.. التي تواجه الشيوعيين بصورة جديه.. او القفز عليها.. تخطيها.. اهمالها.. إنكارها.. حجبها بدلَ الاعتراف بها لا يلغيها..
ومن يتوهم.. ويسعى لأيهام الآخرين معه.. بالتقليل من حجمها.. ومخاطرها.. من العاجزين المتحجرة عقولهم.. الذين يفضلون الخواء الفكري.. وتلميع الصورة الداكنة.. بالمزيد من المهاترات.. وتوجيه التهم للمعترضين والمنتقدين للوضع المرفوض.. الذي ينحو للأسوء..
لهؤلاء وغيرهم اقول بوضوح رؤية وموقف ثابت.. ينطلق من الهدف البناء للحوار.. وليس الهدم والتخريب.. كما يستنج البعض.. بسبب قصور او حالة التباس ناجمة من عدم استيعاب اهمية النقد..
سوف لن تفلحوا في جرّي الى هكذا منزلق مهما فعلتم.. وان مسعاكم لتكميم الافواه لن يجدي نفعاً.. اقولها بصوت عال لمن يسعى للشوشرة.. على الهدف والغاية من هذا الجهد..
سأواصل الكتابة..
لن اتوقف..
سأكمل ما أود طرحه في حلقات لاحقة.. سأدع من حاول او يرغب في الاساءة خلف خط الشروع.. يلهثُ كما يشاء ويرغب.. غير مبالياً بما حوله من متغيرات.. إذ مازالَ يعتقدُ ان مستقبله "الماركسي" يكمنُ في الخلف.. مُعللا ذلك بالخطوتين الى الوراء.. دون الحاجة لخطوة الى الأمام..
بالعودة الى تعقيبات القراء ومداخلاتهم التي تشخص طبيعة تفكريهم ومواقفهم المتباينة في الحوار يمكننا أن نحدد الاتجاهات التالية:
الاتجاه الأول...
الذي يعتقد ان الحزب الشيوعي يواصل عطاؤه بفعالية وهو جدير بأن تنحني له الهامات، ويعتبر كل شيء على ما يرام، وان نهج الحزب ووضعه وسياساته ومجل نشاطه صحيح وملائم للمرحلة الراهنة يعكس تجاوباً مع مصالح الكادحين.. يرفض النقد ويشجب ممارسته ويدعو لتنظيم الموقف في مواجهة أي مسعى للنقاش والتمسك بالماضي معللاً سبب النواقص والاخطاء بالأوضاع القاهرة الصعبة.. التي مرت على الشيوعيين.. ويعتبر ان ما وردَ يصب في خانة معاداة الشيوعية.. وتقف خلفهُ جهات مشبوهة معادية حاقدة.. تنظم حملات التشهير بالحزب الشيوعي العراقي.. وتستهدفه يتطلب صدّها ومعارضتها وتفنيدها، وأن مهمتهم الثورية الملحة اليوم، تتجسد بالتصدي لما يسمى بطروحات اليسار المزيفة التي لا يعترفون بها..
الاتجاه الثاني...
الذي يعترف بالأخطاء والنواقص والحالة المزرية ويقرها.. لكنه لا يتفق مع النقد العلني.. وتوقيته.. ويعتبر ذلك مسيئاً.. ويصب في خانة الأعداء.. جسدتها مداخلات الكاتب المتابع لشؤون الحزب الشيوعي وتاريخه محمد علي محي الدين والدكتور يوسف شيت ومحمد ناجي وسامي الدجيلي وآخرين والدكتور كسر وآخرين..
الاتجاه الثالث...
الذي حسم قناعاته وموقفه.. ولا يرى ضرورة لمواصلة العمل في صفوف الحزب الشيوعي ويعتبره من الماضي.. كما جاء في تعقيب سلام بغدادي ومحسن الجيلاوي وسلام عليّ ويوسف عليّ وسهاد بابان ورعد الحافظ ورامي حنا ومالك سعيد وطلال السوري وعبد الكريم البدري..
وطبعا هناك قراء ومتابعون يحملون نفس الهم يراقبون الحوار من الشيوعيين والماركسيين المعروفين.. ممن يحملون رؤى وتطلعات غير معادية للشيوعية حريصون على المستقبل الديمقراطي.. شاركوا في الحوار.. عبر مداخلات رصينة هادئة كالدكتور صادق أطيمش وفؤاد النمري والسيدة نسرين السامرائي نحتاج تدخلهم الضروري.. لتطوير النقاش وتوجيهه.. كما فعلوا في الحلقات الماضية.. ادعوهم لمواصلة دورهم المراقب و"المحايد" بقدر ما يسمح لهم الوقت..
ونعد بالمزيد من الحوار والتواصل..
هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العـراق ؟!..7
التعليقات والمداخلات التي سجلت من قبل القراء في الحلقات السابقة تعكس رؤى ومواقف واتجاهات فكرية داخل الحزب الشيوعي وفي المجتمع، هي حصيلة تفاعل تجارب شخصية من العمل السياسي المباشر في الحزب الشيوعي او نتيجة استقراء عن قرب لجمهور متابع للشأن السياسي اجتهد في ابداء رأيه يمكن فرزها وتصنيفها الى:
الاتجاه الاول الذي ما زالَ يعتقدُ ان الحزب الشيوعي يواصل كفاحه بفعالية وهو جدير بأن تنحني له الهامات، ويعتبر كل شيء على ما يرام، وان نهج الحزب ووضعه وسياساته ومجل نشاطه صحيح وملائم للمرحلة الراهنة يعكسُ تجاوباً مع مصالح الكادحين.. كما جاء في مداخلة حميد خنجي الذي يعتقد أن (الحزب الشيوعي العراقي ما يزال مدرسة في الوطنية والاممية.. مثل السنديانة الشامخة، التي تهزأ بالرياح المغبرّة، من اية جهة هبت!)، وعزيز الملا الذي يوصي:
(انزل الى الشارع العراقي اسأل حتى الذين ينتمون للأحزاب اليمينية والرجعية سيجيبونك على الفور بلا مبالغة انهم اصحاب الايادي البيضاء والاوفياء لوطنهم.. الحزب الشيوعي العراقي لا يمكن ابدا ان يغير من مساره الصحيح ولا يمكن ان يهادن او يتنازل عن مبادئ الرفيق الخالد فهد.. ليس من المعقول ان تتسأل عن هكذا ضرورة!!! الضرورة تقول ان يكون للحزب الشيوعي العراقي دوراً فاعلا في الساحة العراقية حتى لو لم يكن فائزاً في الانتخابات..
وعدنان الصفار: (الجبل الشامخ.. الحزب الشيوعي العراقي بكل تاريخه المجيد). ومثنى حميد (الحزب الشيوعي مدرسة عريقة راسخة ومتجددة وتأثيره موجود في كل بيت عراقي..)..
اتجاه يرفضُ النقد ويدعو لتنظيم الموقف في مواجهة أي مسعى للنقاش كما جاء في تعقيب السيدة أمل جواد وآزاد بدر الذي اعترض بشدة على ما وردَ فيها من افكار وآراء وذهبَ في خياله الى ابعد ما يمكن في وصف المنتقدين ليستنتج.. (خطورتهم اشد من الارهابيين الذين يستهدفونا)..
اما السيدة ازهار محمد فقد وضعتني في خانة (اعداء التقدم والانسانية.. الذين سخروا كتاباتهم لعداء الشيوعية.. هؤلاء الراكضون وراء الامتيازات والعطاءات من الدول التي يقطنوها مقابل عدائهم للشيوعية) واعتبرت ان لغتي في نقد قادة الحزب الشيوعي (غير مهذبة) وتطالب من المشرفين على موقع الحوار المتمدن (دعونا نرد عليهم بأعنف من ادعاءاتهم الرخيصة.. دعونا ننسلخ لو قليلا من يساريتنا واخلاقنا وننحدر لمستوياتهم.. ودعونا نرد عليهم بأعنف مما يكتبون).. وهي (مقتنعة تماماً بأن هناك حمله شبه منظمة وعدائية ضد الحزب الشيوعي العراقي.. تشكل محوراً يجب الوقوف ضده وايقاف المروجين والكتبة.. لمقالات وكتابات ركيكة ومفبركة، من انصاف الرجال الذين لا يريدون خيراً للبلد وهم خدم للطائفيين والرجعيين والجهلة، عند حدودهم وتعليمهم كيفية التفريق بين النقد والتشهير والتأليب)..
الدكتور حسن نظام يرى..
(أفضل أسلوب لمخاطبة المفلسين والمرتدين أمثال صباح الإهمال والتجاهل) ...
كريم الزكي يتساءل..
(لماذا هذا الحقد على الحزب الشيوعي؟ أن دعواتكم لا تجد من يسمعها، الظاهر عيونكم ما تشوف.. لا زالت الامبريالية تغذي بنشاط كل من يريد أن يهدم ويوقف نشاط الحزب الشيوعي.. سر بقاء الحزب الشيوعي هو نظريته الماركسية والشباب المتجدد المؤمن بحزبه وشيوعيته..
تعرف يا أخي صباح حملنا حمل لوري هينو وثائق تخص الخونة !!!!!!!!!!!! ونحن نعرف كل شئ.. هناك شيوعية ماركسية لينينية مبنية عل الاساس الطبقي.
أما اليسارية ويا ما أكثرها في عراق الخراب والدمار وحسب علمي يتوفر لهم الدعم والتمويل على المكشوف من جهاة عدوة للشيوعية والطبقة العاملة.. أمامنا حل واحد وهو الوقوف بوجه قوى الظلام وتقوية حزبنا والنهوض به بمستوى الوضع الراهن وأعلى من ذلك..
أن هذا الرجل يكيل الاتهامات جزافاً بدافع عدائي تقف وراه قوى مجهولة عدوة للحزب الشيوعي والشيوعية..
الدكتور قاسم الجلبي يتساءل بامتعاض
(من المستفيد من مقالاتك.. في هذا الوقت العصيب التي تمر به كافة القوى الخيرة في البلد.. الا ترى انها تخدم القوى المعادية للحزب الشيوعي العراقي واليسار).
ازاد بدر احتار ولجأ للاحتمالات المتناقضة
(الحزب الشيوعي العراقي صاحب مسيرة ناصعة.. هذه اتهامات خطيرة.. مطبعة الرواد هي هدية من المانيا الديمقراطيه.. الكلام حول مبالغ وفلوس غير صحيح..)..
فلاح علي..
(افتراضات حولتها إلى وقائع.. كأنها تهم موجه ضد عزيز محمد هذه التهم لا تصمد أمام النقد وأمام الوقائع التأريخية..
رعد محمد الشيباني
(بحث في كل ما يعتقد بأنها ثغرات الحزب الشيوعي ولم يشر من باب التوازن إلى جوانب إيجابية في الحزب الذي يعترف القاصي والداني منهم حنا بطاطو بدوره الايجابي في العراق.. لو كان الكاتب محرراً في جريدة الصياد التي أصدرها البعث خصيصاً لتزوير تاريخ الشيوعيين العراقيين، لكان ذلك مفهوماً. لكن أن يصدر من قبل من عاش في احضان الحزب كل هذه السنين ولم يفطن على ـ عيوب ـ الحزب فهو أمر يثير الأسئلة.
ايار العراقي
( امرك عجيب خمس مقالات مطولة مليئة بأنصاف وارباع الحقائق وكم هائل من التناقضات .. لايحق لك وانت تكتب مقال نقدي لحزب عريق يتمسك به آلاف الاتباع وانت الفرد الذي لا تمتلك اية مرجعية ان تخاطبهم بهذه اللهجة(يجب) اي رسالة تريد ان ترسلها بادعائك هذا؟ مجاملة للشتامين ممن تم كشف ارتباطهم بأجهزة البعث بعد انهيارهم وهنا لدينا وثائق حول هذا الامر وانكشف الكثير مما كان مستوراً بعد السقوط) ..
سامي البطناوي
(بودي ان اتفهم الاسباب التي تدفع مناضل مشهود له ان يتحول الى جسر لأراجيف واكاذيب واشاعات الاعداء. وكيف تنطلي عليه. وبهذا ما الذي أبقى للأعداء؟
بالنسبة لموضع ال 30 مليون دولار لم تكن هذه التهمة جديدة لأجل أن تعيد تكرارها اليوم في عام 1976 قد شاعت في الشارع العراقي هذه التهمة وعرف بها الكثير وكل الذين عرفوا بها وكنت واحداَ منهم وسألنا وحصلنا على الجواب.. تعصف بك الاشاعات كيف عبرت على نباهتك وفطنتك وخبرتك قضية أبو خالد..؟ إن أبو خالد صحيح هو مشرفاَ على أرشيف (ملف) الحزب ولكن في مديرية الامن العامة إنه مسؤول ومكلف بتصفية الحزب إذا أقنعك هذا الرجل فهذه مصيبة.. التغيير والتطوير مطلوب وضروري وينشد له الشيوعيين لكن ليس بالطريقة التي طرحت مقدمتها المليئة بالتناقضات البحث الماركسي لا يلتقي مع المقالتين أولاَ وثانياَ لسبب بسيط يفتقدان للمنهجية والبحث العلمي والمقالتين بلا هدف وخاليتين من الاستنتاجات الفكرية فكيف ستصوغ بديلك.. من حقك أن تخرج من الحزب الشيوعي وأن تطرح رؤية وبديل آخر ولكن قبل أن تخوض في هذه التجربة عليك بالإعداد الذاتي الفكري والنظري وأن تتسلح بالأدوات والوسائل اللازمة والتي تؤهلك لطرح البديل أولاَ مع البراهين العلمية والعملية والموضوعية ثانياَ وعليك أن تبتعد عن الاتهام المجافي للحقيقة لأنه ليس أسلوب علمي في البحث بقدر ما هو توظيف ذاتي قصير المدى عديم الفائدة)
مثنى حميد مجيد..
(لماذا تحث الناس على معاداة حزب كنت تعمل فيه وتدعو الان لإنهاء وجوده. ألا يوجد طريق اخر لانتقاد الحزب غير هذه الدعوة لتصفيته؟) ..
هذه الردود، التي اختصرتها قدر المستطاع، تعكس جزءً من طبيعة الازمة الفكرية والتنظيمية والسياسية التي يمر بها الحزب الشيوعي العراقي اليوم، تؤشر وتفضحُ حالة القلق والتوتر المرتبطة بالإحباط والفشل دفع بأصحابها لاستعارة تعابير متشنجة ومقولات بالية تجاوزها الزمن لدحض ما وردَ من آراء وافكار اولية حاولت الدخول الى ثنايا العقل الشيوعي الجامد والخامل فاستفزته وحركتهُ كالمصعوق الذي أيقظه كابوس حلم مزعج.. وبات لا يعرف.. هل يعود ليواصل النوم.. ام ينهض ليبقى يقضاً في مواجهة مخاطر ذلك الكابوس المرعب..
اتمنى ان لا يعود هؤلاء الى النوم من جديد.. انّ ما شاهدوه لم يكن حلماً.. بل هو بالفعل واقع خطر يتربص بهم وبمستقبل البلاد.. إن المحنة التي يمر بها الشيوعيون في العراق.. هي جزء من محنة البلد.. الذي ما زالت تحدق به مخاطر جدية حقيقية.. ناشئة من استفحال مظاهر الردة الاجتماعية الخانقة.. التي تعبد الطريق لنشوء وتأسيس الدولة الدينية الاستبدادية.. المتناغمة مع اليمين العروبي.. ومخلفات النظام الدكتاتوري السابق.. بالتنسيق مع القوى الإقليمية والدولية.. التي تدعم خيارات الاستبداد.. تحت غطاء من الممارسات الديمقراطية المزيفة.. وما رافقها من انتخابات صورية.. حددت نتائجها ونسبها صفقات الاتفاقات السرية.. في ظل المرحلة الانتقالية المعقدة.. وهو امر ينبغي ان يُعطى اهمية قصوى لدى الشيوعيين.. ويتطلب الدراسة والتمحيص.. برؤيا منفتحة.. تؤهلهم لممارسة دورهم بالشكل الذي يستجيب في الممارسة اليومية الى مصلحة الكادحين..
الاتجاه الثاني..
الذي يعترف بالأخطاء والنواقص والحالة المزرية.. لكنه لا يتفق مع النقد العلني وتوقيته ويعتبر ذلك مسيئاً ويصب في خانة الأعداء.. جسدتها مداخلات الكاتب المتابع لشؤون الحزب الشيوعي وتاريخه محمد علي محي الدين والدكتور يوسف شيت ومحمد ناجي وسامي الدجيلي وآخرين..
طالعت مقالك بأجزائه وتمعنت بما جاء فيه قد أختلف معك أو اتفق في بعض الأمور لكن..
هل بهذه الطريقة يعالج الخلل وتحل المشاكل؟ لقد كنت ضمن مسيرة الحزب لعقود وسرت في طريقه مؤمنا عاملا نشطا دؤوبا ثم تحولت عنه فهل كنت في الأولى مخطئاً وفي الثانية مصيبا أو العكس؟ علينا مراجعة النفس ودراسة الأخطاء وهل كنا مساهمين فيها وجزء منها.. لايمكن لأحدنا أن يبرأ نفسه من خطأ شارك فيه أو أسهم في حدوثه وأنت لست بمنجى من اللوم عما حدث أن كان خطأ فقد كنت جزءا منه ومشاركاً فيه بالتالي عليك نقد نفسك أولا قبل نقد الآخرين..
الأمر الآخر هل تخدم هذه الأطروحات الحزب أو الشعب أو الوطن وأنت تحمل معول الهدم للأمل في أن يحدث الإصلاح يوماً وهل تختلف أطروحاتك عن أطروحات الأعداء التقليديين للشيوعية والحزب؟.
إذا كنت قادراً على أحداث التغيير لماذا لم تعمل ولماذا السكوت كل هذه السنين هل كان السيف مسلطاً على رقبتك واليوم استطعت الخلاص منه؟
اعتقد أن النقد مطلوب في كل زمان ومكان وتغييب النقد أوصلنا لما نحن عليه لذلك علينا مراجعة أنفسنا وحل الأمور بالتي هي أحسن بدلاً من نشر الغسيل والوقوف بموقف العدو فهذا يقدم خدمة لأعداء العراق وما أنت منهم.
إن التشهير والسباب والانفعال دليل الإفلاس والفشل وعلينا للجوء للطريق الأسلم في تصحيح الأخطاء لأن فيما يجري خدمة مجانية لأعداء العراق.
وأنت تعزو فشل الحزب في الانتخابات دليلا لسياسته السابقة ناسياً أن طبيعة الوعي والمرحلة غيبت الفكر الوطني بمجمله عن الساحة العراقية وأفردت للفكر الغيبي الديني مكانه في العقل الشعبي وغياب الوعي له أثره فيما يحدث لذلك علينا العمل لإعادة الوعي للمواطن وهذا يحتاج لوقت وجهد كان عليك استغلال طاقتك للتبصير به والعمل من أجله بدلاً من الهجوم على الحزب وقيادته وبذلك أسهمت إلى حد كبير بأن تكون جزءا من منظومة تغييب الوعي والساعين لإبقاء الأمور على ما هي عليه وبدلا من الإسهام في المعركة بشكل ايجابي تكون السلبية رائدك في هذا السبيل)
محمد ناجي
(يحق كما لغيره، أن يناقش أية قضية تتعلق بالحزب الشيوعي العراقي، وغيره أيضا، في نشأته وتاريخه ودوره في الحياة السياسية وبرنامجه ويحلل وضعه الحالي، من موقع التجربة السابقة، أو المتابعة والبحث والعمل الصحفي.. وأبسطها كمواطن عراقي له رأي فيما يدور حوله، لكن إذا نظرنا إلى عنوان المقال (هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العراق؟!) فأنه هنا يتعدى حقوقه ليتجاوز على حقوق ناس آخرين، هم أعضاء الحزب، ولهم نظام داخلي ينظم شؤون حياتهم الحزبية، وبالتالي فهم وحدهم، ومن خلال آلية محددة، يقررون بقاء الحزب أو حلّه أو تغيير اسمه أو ترشيح أعضاءه لهذا المنصب أو ذاك. والانتماء السابق، كما هو الحال معي والالاف غيري، الى الحزب او ما يسمى بالتيار اليساري الديمقراطي.. لا يمنحنا، مثل هذا الحق وليس مبرراً كافياً، إلا في حالتين: أن يكون الحزب نفسه قد كلّف الاستاذ صباح أو غيره بوضع دراسة عن وضع الحزب ومشاريعه وضرورة وجوده. أو إنه مكلّف من أحد مراكز الدراسات بوضع مثل هذه الدراسة.)
عمار علي
(لازلت اتابع كتابات السيد كنجي وكنت انتظر ان يقدم مقولته النقدية التي ستقف في مخالفة. السائد في حياة الحزب، لان النقد هو انتاج معرفة بديلة او على الاقل يكون رافعة للفكر الادلة التي سماها مسائل جوهرية هي للأسف لا تعتمد على وجود وثيقة لان مثل هذه الاشياء لا يمكن الوثوق بها بمجرد الكلام وهي ستكون ضعيفة بلا شك، وهي ايضا لا علاقة لها بالنقد. اتمنى من السيد كنجي ان يتوغل في تحليل بنية الحزب الفكرية والتنظيمية والعودة الى الاصول، الاخطاء تكمن بالأصول لان التجديد في العموميات لن ينقذ الفكرة. إننا بحاجة جمعيا حزبين وغير حزبيين ان نعيد قراءة تاريخ الحزب ونعيد اليات تفكيره وتنظيمه واقتراح اساليب عمل تتلاءم مع الظرف التاريخي الراهن.. لم يجيب صباح لحد الان عن سؤاله الاشكالي الكبير.. انا شخصيا ارى ان وجود وبقاء الحزب الشيوعي ضرورة تاريخية في ظل هذا الانفلات الطائفي والعرقي والتهديد المستمر لوحدة ونسيج المجتمع العراقي، وطالما هناك فقير عراقي فوجود حزب شيوعي ضرورة ملحة ولكن حزب شيوعي جريء مبادر فعال شفاف ولا يتردد في اعلان مواقفه. الموضوع اشكالي وبحاجة الى بحث جماعي لأنه املنا المتبقي فوق ارض العراق.) ..
سامي محمد الدجيلي
يقول طلال السوري (11) ما ملخصه ـ هذا الحزب الذي لم يقدم للعراق غير الخراب والدمار.. منذ عام ١٩٣٤ حتى انتهى بنا الحال وطن محتل وشعب تعيس، والى الامام...عاش نضال حزب الضحايا ـ المطلوب من طلال وصباح الكنجي، الذي شجع طلال لمثل هذه الأقوال، أن يفسرا لنا علمياً كيف تمكن الحزب الشيوعي العراقي أن يواصل الحياة والنضال لأكثر من ثلاثة أرباع القرن وهو لم يقدم للشعب العراقي سوى ما ادعوه؟)
الاتجاه الثالث
الذي حسم قناعاته وموقفه ولا يرى ضرورة لمواصلة العمل في صفوف الحزب الشيوعي ويعتبره من الماضي.. كما جاء في تعقيب سلام بغدادي (الحزب الشيوعي العراقي ينتمي الى فترة تاريخية ماضية وهي فترة الحرب الباردة وبما ان هذه الفترة قد انتهت تاريخياً فالحزب الشيوعي انتهى ايضا كواقع حال مهما حاولنا ان نغض الطرف عن هذا الامر وكل ما يحتاجه الحزب حالياً هو اصدار شهادة وفاة له.. ليس وفاته بل اصدار شهادة وفاة لمتوفي)..
وانيس الامير
(مع تقديرنا العالي لدور الحزب الشيوعي العراقي في اشاعة الثقافة الديمقراطية في بلادنا.. الاّ اني ارى ان البلاد في الظروف الحالية تحتاج الى تيار مدني واسع يكون الشيوعيين ويشكلون فيه العمود الفقري للتيار المدني الواسع.. أكثر من حاجته الى حزب شيوعي لا يستطيع ان يفعل شيء)..
سلام علي
(لم يقل كنجي الا الحقيقة لكن هكذا احزاب اصبحت مجهرية كونها لم تقم وتشيخ الا على تقزيم كل مخالف لهذا طردت كل اعضائها ولم يتبقى سوى من توقف عقله عن رؤية ان العالم تغير)
ويوسف علي
(احيك على شجاعتك لهذا المقال الجريء ويجب ان تتوقع ردود فعل من العجائز والديناصورات المتحجرة التي لها دور رجعي ومتخلف ومتحجر بمقاومتها للتجديد والتحديث والاصلاح والانطلاق نحو فضاء الحرية والتحرر من البرمجة العقائدية والأيديولوجيا الشمولية التي كنا ضحاياها. كنا مثلهم اصنام لا تتنفس ولا تتحرك ونردد كالببغاوات ما يقول لنا الاصنام الكبار.
دعونا نكون صريحين وبعيداً عن العاطفة والأدلجة والهيمنة العقائدية ان اكثر المبادئ الشيوعية التي بشر بها الرفيق كارل ماركس ولينين لم تزكيها الحياة وبالتالي شاهدنا كيف انهار الاتحاد السوفيتي العظيم وبقية ما كانت تسمى بالمنظومة الاشتراكية واصبحت الشيوعية شتيمة في بلدان ما كانت تسمى بالمنظومة الاشتراكية واتمنى ان يجرب مشايخنا بالذهاب الى بولندا او هنغاريا ويسألون العمال قبل غيرهم عن رأيهم بالشيوعية. انا واثق سيشبعون شتماً ومسبات.
المبادئ الشيوعية مبادئ رومانسية وطوباوية استحال ويستحيل تطبيقها على ارض الواقع وهذا ليس من صنع خيالي وانما انا رايته بأم عيني في اوربا الشرقية وشاهدت كيف انتفض العمال والفلاحين والفقراء والنخبة المثقفة واسقطت الانظمة الشمولية)..
لا تدير بال لهذولة المشايخ. هذولة كانوا ولازالوا كارثة على اليسار ويجب عليهم ان يتقاعدوا لان دورهم انتهى ولم يقدموا شيئا يذكر للحركة اليسارية وهم لا يختلفون عن مشايخ الاسلام. ديناصورات محنطة لا تهش ولا تنش وهم مبرمجون عقائدياً. كل النخبة المثقفة من الأكاديميين والادباء والفنانين والمفكرين والكتاب والصحفيين غادرت الحزب بسبب هؤلاء وبقوا هم وحدهم في الحزب ويريدون ان يموت الحزب عند موتهم. يجب على كل مناضل وشريف ان يناضل لإخراج الحزب من محنته وبناء حزب من طراز جديد حزب يساري ديمقراطي بعيدا عن الأدلجة الشمولية.. لم يعد العراق بحاجة الى حزب شيوعي وانما الى حزب ديمقراطي اشتراكي بعيداً عن الشعارات الديماغوجية والرنانة والخيالية والتي دفعنا ثمناً باهضاً من اجلها. يجب مواجهتهم واقناعهم ان دورهم انتهى ولم يعد لهم اي دور بعد اليوم ويجب ان لا نتهاون معهم ولا نسمح لهم ان يتطاولوا علينا نحن الاصلاحين ولن نقبل شهادات حسن السلوك بالوطنية لكي يمنحوها لنا. .
هؤلاء مبرمجون وكما قال بابلو بيكاسو: الناس المبرمجون لا فائدة منهم)
الاتجاه الرابع..
محسن الجيلاوي (الأخ صباح رغم كونك لازلت تعول على احياء جسد ميت نهشته الأيام والأخطاء، جسد كان يوماً ما فتياً ومعافى لكن للحياة والزمن حقوق وأشرعة ومراسي وتقلبات اجتماعية كانت تحتاج فكراً سريعاً ومتفاعلا مع الأحداث لإدارة حبال المسيرة كما كنا نتحدث دوما، لكن للأسف فضل البعض وكما قلتها أنت بحق أن يعيش على الماركة دون أن يعرف أن أفضل الماركات تصبح عتيقة وكيف الحال بسرقتها وتقديمها برداء كسول ومتهرئ وبعيد عن وهج التاريخ وهذا ما نشاهده اليوم في حالة انطفاء يسار عراقي حقيقي يلتحف الحياة العراقية ويتفاعل معها بصدق وشرف ووعي خلاق، أقول رغم كل حرصك الشديد في ان لا يأخذ النقد مدياته المطلوبة سينهشك البعض من مخدري الايدلوجيا ويتهموك بأبشع الاتهامات لأنك مسست مقدسهم، هؤلاء يريدون أن يتصوروا ان وجودنا الفيزيائي الشريف خارج الوطن سبة لكي لا نفتح وعي وعقل الأجيال القادمة على ما ارتكبناه جميعاً من اخطاء ومنزلقات خطرة جعلت وساهمت في مشهد العراق الحالي، أنا اشعر بحرصك ووطنيتك وهامتك النضالية التي أعرفها جيداً والتي ابداً لن ينال منها أحد من الذين حكمت عليهم شبيبتنا الطالعة توا نحو المعرفة والعلم والحداثة بما يستحق... دمت)
كما جاء في تعقيب سهاد بابان
(اشد على يدك ونحن معك في تهيئة الاجواء الايجابية لإيجاد مراجعة تأريخية لمسيرة الحزب الشيوعي العراقي والانفتاح على كل الافكار الثورية النقدية التي ستقوم المسيرة الطبقية لكادحي العراق والذي لم يفلح الحزب بتمثيلها وقيادتها والى الامام لخلق البديل الثوري الذي تنتظره الجماهير الفقيرة في العراق الفدرالي. النصر للثورين الحقيقيين والخزي للانتهازية اليمينية التي ما برحت تخون الحزب باسم الشيوعية و الشيوعية براء منها) ..
ويوسف علي يساهم في طرح الجديد
هم مع التغير. الشيوعين خارج الحزب اضعاف مضاعفة مما تبقى في الحزب وجلهم من المناضلين الحقيقين الذين دفعوا ثمنا غاليا وليس جماعات الصف الوطني من الذين تراهم في مقرات الحزب وفي الانتخابات يصوتون مع عوائلهم للأحزاب الاسلامية. نحن خارج الحزب ولكننا صوتنا للحزب في الانتخابات.
اكثرنا مع التغير ومع قيام حزب ديمقراطي يساري. امام الحزب طريقين لا ثالث لهم اما التغير الجذري واقصد تغير الحزب الى حزب ديمقراطي يساري والتخلي عن الأيديولوجية الشمولية.. واما سيكون مكانه في المتحف التاريخي.
اقولها والايام والسنين ستشهد على ما اقول. الشيوعية اصبحت من الماضي وما تبقى هنا وهناك من بقايا هياكل لبعض الاحزاب الشيوعية ماهي الا بقايا من تبقى من الحرب الباردة وفي طريقها للانقراض والواقع يؤكد ذلك وليس من بناة خيالي. لازال هناك وقت وفرصة لكي ننتشل هذا الحزب العريق ونعيده الى مكانه الطبيعي بين ابناء الشعب في الدفاع عن مصالح الفقراء والمضطهدين والا سينتهي الحزب. وتقع على عاتق كل مناضل مسؤولية ازاحة الديناصورات وبناء الحزب على اسس جديدة تتوافق مع متغيرات التحية للرفيق صباح فالأكثرية تدعم طروحاتك واتمنى انلا تنجر للمشايخ)
رعد الحافظ
الى الأساتذة المتذمرين من سرد بعض الوقائع (حتى لو كانت مشكوك في صحتها) من الأستاذ صباح كنجي، أوّد أن أنقل رأيي بشأن هكذا حالات..
كل كشف لمعلومة (سيتّم التأكد منها خلال النقاش والأدلّة المقدمة)، يفيد تلك الجهة ولا يضرها كما أعرب الأستاذ عزيز الملا مثلاً القضية ليست، اليوم عيد ولا ينفع فتح الدفاتر القديمة (لا أقصد الحزب الشيوعي فقط) لكن عموم قضايانا العامة ومشاكلنا
الكتابة أصلاً / هي فتح لجرحٍ قديم، حسب كافكا النقد والنقاش العقلاني ـ يقود للتطوّر وليس للتخلف والجمود لماذا الخشية من النقد والطرح الموضوعي لأي عنوان؟ حتى لو كان الله نفسه؟
لا داعي في ظنّي للقلق في هذا الشأن من جهة ثانية لستُ مع تصيّد المُعادين للحزب الشيوعي، وتطبيلهم وتهريجهم لحزب البعث الفاشي وقيادتهِ ألعن بما لا يقبل النقاش والجدل الأحزاب الدينية والقومية ألعن ألف مرّة أتمنى تقليل الحساسية والتحسس من غالبية الشيوعيين ودعكم خشية فتح الملفات ومتى تفتح، تحياتي للجميع)..
يوسف علي
(يجيبون على الاسئلة لكنهم لا يعرفون كيف يطرحونها. كون على ثقة معرفتهم بالماركسية لا تتجاوز حفضهم للنصوص كما يحفظ الملة الامي القران ولا يعرف ماذا يحفظ. لقد ابتلى اليسار بهذه العينات.. التغير ليس عيباً وكما كتب المفكر والكاتب العفيف الأخضر الذي اعتبر الحجر وحده هو الذي لا يتغير وتاريخ الافكار يشهد على مدى تغير الأفكار وتطورها وان الانسان الذي يتغير هو إنسان ديناميكي، يحاول ان يتكيف مع العالم المتغير وكذلك علمنا الراحل الدكتور علي الوردي عندما كتب الافكار تتبدل بتبدل الايام، والذي يريد أن يبقى على آرائه العتيقة هو كمن يريد ان يحارب الرشاش بسلاح عنترة. ولذلك فالنقد هو السلاح الذي يجري بواسطته تصحيح المسار وغياب النقد يعني وصاية وحجر على العقل.. نحن ننقد لأجل انقاذ الحزب من محنته وكبوته وركوده وليس كما يصورنا هؤلاء المشايخ بأننا ضد الحزب. اقولها وبملا فمي هم سبب مأساة الحزب حالياً.. لذلك يجب ان: اما انْ يتقاعدوا.. واما ان يخرجوا منه.. لنضعه على السكة الصحيحة. شبعنا من تخريفاتهم. هنا اتحدث مع مشايخ حزبنا وليس مع مشايخ الشيوعين العرب.
الاخ صباح امضي في مشروعك وكن على ثقة ان النخبة المثقفة من الشيوعين والمناضلين معك) ...
ايار العراقي
(اولا وقبل كل شئ أحب ان أحيي شجاعة السيد الكاتب واقدامه للتصدي لمثل هكذا مسألة حساسة وحرجة.. والتوقيت عندي غير مهم لان الوضع في العراق متأزم على طول الخط) ويضيف..
(ثم إنك اثناء ردودك على بعض المعلقين تؤكد ضرورة رفد الحزب بالأفكار الجديدة وانا اضيف لكلامك ضرورة منح المبادرة للشباب حقيقة انا لا أعرف ان كنت حضرتك ضمن صفوف الحزب ام خارجه.. لان مسألة التجديد والتغيير جارية على قدم وساق.. ولكن العلة في البدائل.. العلة يا أخي العزيز في واقعنا العراقي المؤسف.. الذي لو اطلعت عليه عن قرب لوليت منه فراراً وهو ليست استهانه بشعبنا قدر ماهي توصيف للواقع بلا رتوش
فكل شئ في العراق اليوم (اقولها اسفاً) أصبح يخضع لمنطق القوة والاكراه والمال والنفوذ فبأي اليات يمكنك خدمة الجماهير.. الحزب والمناضلين فيه يسعون خياطة ما استطاعوا ولكن صدقني الرتق كبير.. ثم انك يا سيدي تبحث عن ازالة حزب.. هو أكبر ممثل للكادحين والمتنورين اليوم فما هو بديلك؟
اتمنى ان تتحلى بنفس الشجاعة.. وتكتب مقالا محدداً وتسميه بالاسم حول رأيك بالبديل بصراحة وعلنية فهل تعتقد (مثلا) ان اليسار المنشود عند علاوي ام عند قوى الاشتراكية العربية؟ ام عند الديمقراطيين؟ ام عند الحزب الشيوعي العمالي العراق؟ ام عند الصدريين ربما ارجو وأامل الا يكون كلامك هلامياً وبمسميات غير محددة وتقول لقوى الشعب المخلصة لأننا وباختصار جربنا الكثير وللكلام بقية لاحق) ...
وشامل عبد العزيز..( تحياتي للجميع ـ بغض النظر عن بعض الشعارات التي وردت في قسم من التعليقات .. وسوف أبدا من حيث انتهى الأخ رعد . لا أحد فوق النقد بالعيد أو قبل العيد او بعد العيد.. يقول غوته:
النقد يكتبه فقط ذلك الذي يشعر بأهمية الحاضر.
والسيد صباح يشعر بأهمية الحاضر وليس هناك أي مانع في ان يكتب وفي أي وقت. الحوار المتمدن لو اقتصر على نوع محدد من الأفكار لما كان الحوار الحالي ولأصبح موقعاً مغموراً.. وهذا اكيد فالحياة لا تقبل النوع الواحد بل التنوع اما البكاء على الأطلال فلم يعد يجدي نفعاً. نحن امة تعودت على ان تكتب تاريخ ما يحدث.. ولم تتعود على ان تضع على الهامش نقداً.. ولو قليلاً.. الغالبية تُريد تسجيل الحدث كما يريد صانع الحدث والحقيقة هي ليتنا نسجل ما يحدث كما حدث. سوف اختم بما قاله سارتر.. لا يليق بالمثقف إلا أن يكون ناقداً.. استمر عزيزي صباح مع التحية)..
الدكتور صادق أطيمش
(الأستاذ صباح كنجي ينطلق من مبدأ الحرص على الحزب وليس العداء له. إلا أنني أرغب ان يربط الأخ صباح هذا الحرص بالفكر وليس بأشخاص مهما كبرت اسماؤهم والذين نحيي فيهم نضالهم وتضحياتهم في سبيل الفكر التقدمي. لا ننكر دور الأشخاص في التاريخ، إلا أن دور الجماهير هو الذي يجب أن يُعوَل عليه. فازدهار العمل النضالي يتبلور في تحقيق العلاقة الجدلية الصحيحة بين القادة والجماهير ويختل باختلالها. والحزب الشيوعي العراقي كتاريخ ونضال ومعارك فكرية هو ملك الجماهير التي صنعت كل ذلك ولم يكن القادة إلا مساهمين به حسب دور كل منهم سلباً كان أم إيجاباً. لذلك فإنني أرى أن ننظر إلى هذا الحزب العتيد المناضل من منظار العمل معه أو مساعدته حتى خارج العمل التنظيمي على توسيع وتطوير العمل المبدأي ذو الأساس المرتبط بالجماهير أكثر من ارتباطه بالأشخاص، مع مودتي) ..
فلاح علي (الاخ العزيز صباح كنجي)
لا يوجد من لا يطمح إلى التغيير على صعيد الافراد سواء في المعيشة والعمل وغيرها كيف إذاَ بالحزب السياسي الذي له أهداف وبرامج وسياسات وهذا يتطلب نتاج فكري لوضع دراسة أو تقييم للظرف أو الواقع الاجتماعي المعاش يبين فيه الحاجات ومتطلبات النضال والمهام ومزاج الناس والاهداف المرحلية ثم توضع وسائل وآليات وخطط في الجانب السياسي والتنظيمي للسير في عملية التغيير أين هي رؤياك التي ترغب في طرحها من أجل أن تحدث تغير في وضع الحزب الشيوعي نحو الاحسن هذه الحلقة الثانية والقارئ لا يزال لا يعرف ما ذا تريد من عنوان مقالاتك بدأت لنا في هذه المقالة بالجانب التأريخي وقلنا سنتلمس الرؤية التي يريد طرحها صباح ويبدو قد أدخلت نفسك في دهليز مظلم ولن تستطيع الخروج منه في بحثك التأريخي هذا خرجت لنا يا صباح برؤية لا ترتكن إلى الوقائع والاحداث التي تحدثت عنها قبل عام 1963 وحسب ما أشرت بعبارة وتم زج الحزب في أتون معارك جانبية لا أعرف أين أنت من الشعار الذي رفع آنذاك يا أعداء الشيوعية اتحدوا مؤامرة الشواف ومن يقف ورائها وتدخل دول إقليمية وشركة نفط عين زالة واغتيال 600 شيوعي في الموصل هل الحزب الخ)
يوسف علي (تحية للرفيق صباح
في البداية اتوجه لبعض الرفاق ومنهم ازهار ان يتحلوا بروح نقدية عالية وليس التطير والتشنج. هذا نقاش نريد ان نستفيد منه ونصل الى نتيجة وليس التجريح والاساءة ثم أتساءل معك هل انت وصية على الماركسية وعلى الحزب الشيوعي وهل انت احرص من عندنا على الحزب وهل الحزب هو ملك طابوا لك ولبعض الشيوخ المحنطين. هذا حزب ملك لكل المناضلين وكل الشرفاء الذين يريدون الخير للحزب وللعراق الجريح. هناك آلاف الرفاق خارج الحزب ولهم موقفهم وجلهم مناضلين محترمين وقضوا زهرة شبابهم في صفوف الحزب. وبعدين لماذا هذا التطاول على كل من يريد ان يطرح رايه ونقده لأخطاء الحزب وتنعتيه بالمعادي للحزب واريد ان اعرف من خولك يا رفيقة. ثم انا لم اسمع باسمك سابقا واليوم توزيعين تزكيات حزبية شوية على مهلك رفيقة الله يخليك الجبهة كانت صفقة بين عجائز الكرملين وعلى رأسهم اليكسي كوسجين عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي وبين حزب البعث بقيادة صدام والبكر وبدفع من قيادة الشيوعين الالمان الشرقين والحزب الشيوعي البلغاري والرفيق عزيز محمد مجرد نفذ هذا القرار وهذا المعلومات كانت تتداولها قاعدة الحزب ابان السبعينات)
يوسف علي
(وكانت اكثر قاعدة الحزب ضد الجبهة ولكنها فرضت فرضا من قبل قيادة الحزب على القاعدة وانا كنت شخصيا ومعي اكثر الرفاق في الهيئة الحزبية التي كنت اعمل بها ضد الجبهة لأنها كانت خيانة بحق شهداء الحزب الذي سقطوا ولازالوا آنذاك برصاص الغدر من قبل عصابات البعث وللأسف كانت قيادات حزبنا العوبة بيد قيادات الحزب الشيوعي السوفيتي بعد استشهاد رفيقنا سلام عادل ولنكون صريحين مع انفسنا ومع جماهير شعبنا. اما اذا كانت هناك بنود سرية للجبهة فاعتقد لا صحة لها مطلقاً ولا استطيع ان اصدقها هذه مجرد شائعات اما ما ورد في كتيب زكي خيري والذي اطلعت عليه قبل عدة سنوات فالمعروف عن زكي خيري عنده مبدأ خالف تعرف وله قابلية على الفبركة الله يرحمه فهو يشترك بالحدث ومن ثم يتنصل منه وله مواقف معروفة منها قيادته لتكتل الاربعة في المكتب السياسي ضد الرفيق الخالد سلام عادل ومن ثم ابعاده في وقتها الى موسكو وهذه موثقة في ارشيف ووثائق الحزب وفي كتاب صدر للرفيقة ثمينة سلام عادل الله يعطيها العمر الطويل
مرة اخرى أخرى اتمنى من الجميع التحلي بالروح النقدية العالية لأنه لا يمكن ان يكون هناك اصلاح بدون نقد قد نتفق او لا نتفق مع طروحات الرفيق) (سواء اتفقنا مع الرفيق صباح او لم نتفق ولكن يجب الحوار بهدوء وبرؤية وبعيداً عن التشهير والخطب الرنانة. اريد ان اقول ترى احنه ولد الجرية واحد يعرف الآخر وكل واحد من عندنا على الاقل عنده 30سنة خدمة بالحزب. انا اعتقد يجب على قيادة الحزب وبعد فشلها في الانتخابات ومن ثم ضمور واختفاء الحزب من الساحة السياسية العراقية واقتصاره على الحزبين وكثير منهم منتفعين وعالة عليه والاكثرية الساحقة من خيرة كوادره الحزبية والمهنية والاكاديمية والمناضلين الحقيقين هم خارج الحزب وينتظرون ذلك اليوم الذي يقوم الحزب بثورة اصلاحية ويحذوا حذوا الاحزاب الشيوعية التي كانت تحكم في الدول الاشتراكية السابقة والتي تخلصت من ارثها الأيديولوجي الشمولي وعادت للساحة السياسية بقوة. هذه الاحزاب هي التي علمتنا المبادئ الشيوعية وكل كوادر الحزب درست في جامعاتهم واكاديميتهم وعندما وصلوا الى قناعة باستحالة تطبيق هذه المبادئ الرومانسية والطوباوية تخلت عنها وانطلقت الى الامام واعادت رصيدها الشعبي ولها وزنها في الحياة السياسية وتحولت الى احزاب اشتراكية ديمقراطية وحتى ليبرالية. قد يقول البعض من المنظرين الطوباويين ان قادة الاحزاب الشيوعية التي كانت حاكمة في اوربا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق ومنظريهم وعلمائهم وأكاديميهم المتخصصون بالفلسفة والاقتصاد وعلم الاجتماع والتاريخ وغيرها لم يكونوا قد درسوا وفهموا بشكل صحيح الفلسفة الماركسية اللينينية فأعتقد من يقرأ هكذا ترهات من بعض المحنطين سيضحك على نفسه ويظهر لي كأنما شخص امي يقول لعالم بمجال معين انت غبي ولا تفهم شئ. هل يصدق العقل السوي ان علماء ومفكري هذه الدول كلهم اغبياء وبضعة من الملالي المحنطين هم من يفقه بالفلسفة والاقتصاد ووووافضل منهم؟؟؟ هذه الصين وقوتها الاقتصادية الجبارة تخطوا اليوم خطوات مدروسة للانتقال نحو الرأسمالية وتتبنى افكار الاشتراكية الدولية وبقاء الحزب الشيوعي الصيني في هذه الفترة مجرد حامي وضامن عملية التغير المرتقبة فالسؤال هو هل نحن اذكى من الصينين؟ اتمنى ان نتنازل عن كبريائنا الفارغ وان ننظر للإحداث كماهي وليس كما تحلو لنا رغباتنا وأمزجتنا وبرمجتنا الأيديولوجية. ولذ اتمنى ان تقوم اللجنة المركزية للحزب باجتماع استثنائي وتعلن فيه برنامج اصلاحي حقيقي ويضمن تغيرات راديكالية في مرجعية الحزب الفكرية وتغيرات تنظيمية تتواقق مع المتغيرات الداخلية والدولية والتخلي عن الفكر الشمولي والتهيؤ لعقد مؤتمر وطني خلال فترة لا تتجاوز سنة ونصف.. ودعوة كل التنظيمات والفصائل السياسية التي خرجت من تحت عباءة الحزب للعودة للحزب والمشاركة في المؤتمر (طبعا الفصائل التي تتفق مع النهج الجديد للحزب) والقيام بحملة اعلامية بتثقيف اعضاء الحزب لحين عقد المؤتمر لأجل إنضاج البرنامج المقترح وتفهم اعضاء الحزب واقناعهم بالنهج والتوجه والتغيير الذي يرتئيه الحزب. انا اعتقد وكثير من الرفاق الموجودين خارج الحزب وقسم غير قليل من هم داخل الحزب يرغبون بعملية التغير وارى انا شخصيا إذا بقي الحزب على وضعيته الحالية فان الحزب شيئاً فشيئاً سيختفي وينقرض من الساحة السياسية في العراق ويصبح من الماضي وانا شخصيا وآلاف من المناضلين الشرفاء سيصابون بخيبة أمل. يجب علينا ان نكون شجعان وجريئين ونتخلى عن العواطف والرغبات وننشد التغير والانطلاق نحو الامام.. تحياتي للكاتب ولكل المعلقين)
رامي حنا
(مناقشة الأمر بهذا الشكل يشكل تحدّياً من نوع آخر لاسيما في زمن حرية الفكر والتعبير، ونقدك الحالي يستند الى تجربة على ما أتصوّر، لكني أختلف معك في تحويل موضوع فشل الحزب في الوصول الى السلطة في تاريخ العراق الماضي الى محاكمة لأشخاص..
باختصار مهما قال البعثيون من أنهم وصلوا بقطار أمريكي فذلك كان استيعاباً وتمويهاً للغرب، صدام والبكر والبعث وصلوا بقطار سوفيتي بحت كما وصل الخميني الى السلطة في إيران، والحزب الشيوعي كانت مشكلتهُ في أن قادتهِ لم يكونوا على مستوى من فهم ما يحدث بين البعث والسوفييت.)
ورامي حنا أيضا (من يتحمّل وصول الحزب الى ما وصل إليهِ هو القادة السوفييت لأنهم كانوا يفكروا بعقلية المصالح لا بعقلية أممية، كانوا يتصوّروا أنفسهم في صراع مع الغرب على النفوذ وهو غباء لا يمكن تقدير حجمهِ.. البعث في سوريا ساهم في إقناع السوفييت بأن بعث العراق أفضل من الشيوعي في تلك المرحلة بحجة سيادة العشائرية والتخلف في العراق ولعبت قوى إقليمية كثيرة دوراً في تحجيم الحزب الشيوعي وتدميره، لو قدرّنا ما مرّ به الحزب لكان نقدنا يأخذ منحى مختلف ومن الأفضل محاكمة تلك الشلة الفلاحية التي سيطرت على بلد عملاق كالاتحاد السوفيتي)..
عبد الكريم البدري
(ارجو ملاحظة ان الأستاذ العزيز صباح هو ماركسي مستقل لا علاقة تربطه تنظيميا بالحزب الشيوعي العراقي. يعمل في المانيا منذ فترة طويلة. وعلى ما يبدو تأثر بحزب اليسارالألماني.
لذا هو يطرح ما يراه صحيحاً وفق وجهة نظره والتي بدأت تتأثر باليسار الألماني وهو يعتقدها اضمن لكل القوى اليسارية والتقدمية وهذا ما استطعت ان افهم من هذه المقالات. فلا خوف من المتابعة والنقد الموضوعي الهادف بما يخدم الحزب نفسه..)..
يوسف شيت
(هناك فرق بين النقد والتهجم، وهناك نقد لاذع ونقد هادئ. أعرفك ومنذ عام1980 لست من أنصار النقد الهادئ بل من أنصار النقد اللاذع، وهذا ليس غريباً عن الشيوعيين العراقيين. إلاّ أنّ الغريب، وما لم أتوقعه، إنك تخليت عن أسلوب النقد الى أسلوب الهجوم، هذا الهجوم الذي يمارسه دائما أعداء الشيوعية، لأنك في مقالاتك هذه لم تترك، ولو حاشية، لأعداء الحزب كي يواصلوا كتاباتهم ضدّه، لأنك بأسلوبك هذا حمّلت الحزب أخطاء وجرائم كلّ الأنظمة السابقة، بما فيها فترتي نظام البعث. وأنا أعرف وكما يعرف الكثير بأنّ هناك من يصفّق لك وهم من ألّد أعداء الحزب ومن مختلف الميول الفكرية، باستثناء الميول الماركسية، مع العلم بأنّي أعرفك جيدا بأنك لم تكن يوما ولن تكون من أعداء الحزب. ومما أرجوه منك أن تلتفت الى أسلوب كتاباتك حول ما تعتبره نقداً وتغييره الى أسلوب النقد المبدئي كي يستطيع القارئ أن يتفاعل مع الكتابة ويتشوّق الى الرّد المبدئي بالمقابل، لا الى الرّد ب ـ لا ـ أو ـ نعم ـ)
رامي حنا (الرفيق العزيز صباح)
ما تكتبه حقائق تزعج الكثيرين من الذين لايزالون مقنعون بأن الفيل يطير ما حصدهُ الحزب في الانتخابات الأخيرة يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن أغلب قواعد الحزب باتت مقتنعة بأن العقلية القديمة و اسطوانة القادة التاريخيين للحزب لم تعد مُجدية بإمكان الحزب تعيين شاب لا يتجاوز العشرين من عمرهِ وثق أن المجتمع العراقي سينتخبه ويحصل على كم مقعد في البرلمان فقط لأن المجتمع العراقي بدأ يدرك ان العجائز غير قادرين على صنع شئ لقد انتخبوا عمار الحكيم ومقتدى وغيرهم من الشباب وهم من مواليد السبعينات ورغم قناعة الاغلبية ان أحزابهم قد لا تخدم المجتمع بشكل كامل مع ذلك تم التغيير وحصدوا نتائج حتى جلال الطالباني اقنع أنصاره بأنه أصبح عجوزاً وغير قادر على تقديم شئ جديد لا للأكراد ولا للعراق)
طلال السوري
(الا تعتقد إنك محظوظ لتجد مثل الاستاذ صباح كنجي من خاضوا التجربة بكل ابعادها ليقدم لك نصيحة على طبق بدل ان تضيع وقتك وعمرك مع هذا الحزب الذي لم يقدم للعراق غير الخراب والدمار خلال صراعه الدموي وتحالفه مع نسخته المعربة ـ البعث.
لنترك المهاترات والمزايدات والجدلية الشيوعية غير المجدية وننظر الى ارض الواقع ـ العراق ـ هل ترى انجازات؟ هل ترى بناء الانسان؟ صراع منذ عام ١٩٣٤ حتى انتهى بنا الحال وطن محتل وشعب تعيس، والى الامام...عاش نضال حزب الضحايا) (خاطبك.. المخاطب مفرد ذكر وهو المطلوب منه ان يقول سلاماً عندما يخاطبه الجاهلون، اما قولك ـ قولوا.. سلاما ـ فالمخاطب فيه جمع وليس مفرد. مالك وهذا القول الديني الاسلامي ارى ان أكثر من يمكنهم الاستفادة من القول هو الاستاذ صباح كنجي)..
مالك سعيد (الرفيق العزيز)
هل تعتقد بأن الحزب بتفاعلهِ وتحالفهِ مع البعث الفاشي يمكن ان يتعلم شئ من الديمقراطية المركزية؟
آن الأوان لكي يشرع جميع اعضاء الحزب وممن خاضوا تجربة النضال المسلح في الكشف عن كل الخفايا التي أدت الى تراجع الحزب وتحوّلهِ من أكبر حزب سياسي في تاريخ العراق الى حزيب صغير لا يحصل حتى على مقعد يتيم منحه اياه المشؤوم بريمر اثناء فترة مجلس الحكم سيء الصيت!
الحزب الشيوعي والماركسيون في العراق بحاجة ماسّة الى الشفافية ونشر الحقائق للوقوف على أرض صلبة تخدم قضية الشعب العراقي برمته.. عاشت جهودك وشكراً من القلب)...
في رأي ان المناقشة قد كشفت عن امكانية التحاور مع هذه الاتجاهات رغم حدة النقاش ويمكن ان نستخلص منها ما يمكن ان يكون مقبولاً وملائماً للعمل وفق صيغ سنطرحها للمناقشة في المقبل من الحلقات ان لم ينزعج البعض من اطالة الحديث والنقاش حولها..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتطف من اوراق توما توماس
توما توماس..
في الحقيقة فإن أراء لجنة الاقليم لم تكن الا انعكاسا عن مشاعر جماهير كردستان وقواعد الحزب فيها، وهي حصيلة لتلك الاراء المطروحة في الهيئات الحزبية. ولو كانت قيادة الحزب قد اصغت للبعض منها على اقل تقدير، لكانت خسائرنا اقل بكثير مما فقدناه .... في حقيقة الامر كان نضالنا يصب في صالح البعث وسلطته وممارساته...
تقرير المؤتمر الثالث.. فقد ورد في التقرير ما يلي:" ان الشيوعيين العراقيين لا ينظرون الى امكانيات تطور علاقتهم مع حزب البعث العربي الاشتراكي باعتبارها محصورة بحدود العلاقة التحالفية الحالية ومهمة انجاز الميثاق الوطني على عظم هذه المهمة، بل انهم يؤمنون بأن هذه العلاقة يمكن ان تتطور وتتعمق وتصل بالبعثيين والشيوعيين، بحزبينا المتحالفين في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية سوية الى بناء الاشتراكية!!".. وفي مكان اخر يشير التقرير الى طبيعة الجبهة قائلاً:" كونها جبهة بناء وتتبنى برنامجا ثوريا يغطي بالأساس اهداف مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وتملك افقا استراتيجيا لمواصلة التحالف حتى بناء الاشتراكية !!".... كانت هذه المقولات معزولة تماما عن الظرف التاريخي الملموس، وغير دقيقة في تحديد طبيعة البعث الطبقية والايديولوجية وممارساته السياسية، وساعدت على خلق المزيد من الاوهام ....
هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العراق؟ الحلقة الأخيرة
الحلقة الأخيرة مهداة للصديق سمير طبلة
بتاريخ 2/9/210 بدأت بنشر اول حلقة تحت هذا العنوان المستفز.. تبعها حلقات توقفتْ عند السادسة منها بتاريخ 3/10/2010.. بعد ان تحولتْ بعض التعليقات الى شتائم رخيصة ممن يعتقدون انهم حريصون على الحزب الشيوعي ومستقبله ولجأوا لهذا الاسلوب بدلاً من المناقشة المفتوحة لمضمون ومحتوى ما كنت انوي وأرغب في طرحه عبر هذه الحوارات فيما يتعلق بدور الشيوعيين في هذه المرحلة.. مدققاً باستفحال مظاهر الازمة التي تعصف به وتهدد مصيره ومستقبله.. وما يشهده من تراجع ملحوظ في دوره ومدى الحاجة للتمسك بالشكليات بما فيها التسمية قياساً لجوهر نشاطات الشيوعيين وكفاحهم من اجل التغيير مقارنة بحجم التحولات الطبقية التي حدثت في العراق واجتاحت العالم.. في هذا العصر الذي تتسارع فيه المتغيرات متجاوزة في الكثير من جوانبها الصراعات الطبقية بحكم التطور العاصف للثورة العلمية التكنولوجية التي ازاحت الكثير مما يتعلق بتفاصيل الصراعات الطبقية التقليدية وباتت تتطلب التفكير بجدوى التمسك بالهياكل والتسميات الأيديولوجية التي تجاوزها الزمن وتحتاج للبحث عن الجديد في فن الممارسة السياسية في نطاق تعريفها بـ فن الممكنات..
اردت عبر تلك الحلقات التي كنت انوي الاستمرار بها جر جمهور الشيوعيين لمناقشة مسألتين جوهريتين تتعلقان بالأوضاع المعقدة الراهنة وما تفرزه من نتائج تطغي وتتجاوز الكثير من جوانب الصراعات الطبقية وضرورة وأهمية التوقف الجدي عند ظاهرة الاستعباد الديني في هذه المرحلة وفقاً للمفهوم الماركسي.. كنت انوي ان أصل معهم الى التدقيق في الكثير من تفاصيل الكفاح والنضال البطولي الذي اقترن بمآثر كبيرة من أجل تحريرهم من الاستغلال الطبقي في العراق..
هذا الاستغلال الذي كان في حدود المرحلة الانتقالية للمجتمع العراقي ولم يتعداه في التطور الى المرحلة الرأسمالية كما تفيد وثائق الحزب نفسه الذي تبنى بعد اربعة عقود من تأسيسه مفهوم التطور اللا رأسمالي في حينها.. وقدم الحزب عبر مسيرته الطويلة الى اليوم الكثير من التضحيات لأجل هذا الهدف.. هدف التخلص من الاستغلال الطبقي..
السؤال الذي يتبادر للذهن في هذه المرحلة التي يتهيأ فيها الشيوعيون لعقد مؤتمرهم العاشر في ظل اوضاع معقدة ومتشابكة تشهد تفاقماً للصراعات الاجتماعية في العراق.. وتبرز للوجود مظاهر ليسَ الاستغلال الطبقي الذي كرس الشيوعيون في العراق أكثر من ثمانية عقود (اقرأها الآن تسعة) من تاريخهم وجهودهم لمكافحته.. وتصدوا للمستغلين وهم على حق لا يختلف على صحة اختيارهم.. الاّ من يقف في الصف المُستغِل لعرق وجهود الكادحين من عمال العراق على قلة وصغر تواجدهم وحداثة ظهورهم.. تبعاً لطبيعة المرحلة الانتقالية وتحولات طور ما قبل الرأسمالية.. التي لم تفرز في الواقع طبقة برجوازية كبيرة ومؤثرة.. ولم تشهد وتترافق بمظاهر التطور الصناعي المنتج للطبقة البرجوازية البشعة بحكم هيمنة الدولة على المؤسسات الصناعية المسُخرة للأهداف العسكرية بالدرجة الاولى.. وكانت النتيجة القضاء على الطبقة البرجوازية الوليدة ووأدها وازاحتها من قبل الفئات الطفيلية التي نشأت في الدهاليز المعتمة لاقتصاد الدولة.. دولة العشيرة.. دولة القبيلة.. دولة الحزب.. دولة الدكتاتور.. دولة أية تسمية ممكنة.. الا أن توصف بالدولة البرجوازية وفقاً لقياسات التطور الرأسمالي كما تحدث عنها وحللها ماركس وغيره من المفكرين الاقتصاديين المهتمين بمراحل التطور وعلاقات الانتاج والقوى المالكة لوسائله والقوى المرتبطة به وطبيعة الصراع بينهما..
اقول إذا كان هذا الحجم المحدود من الاستغلال الطبقي يكفل ظهور حزب.. كالحزب الشيوعي العراقي الذي كافح لأكثر من ثمان (أصبحت تسعة) عقود مضت ضد استغلال الانسان لأخيه وتحمل ما تحمل من تضحيات جسيمة يشهد لها الاعداء قبل الأصدقاء..
فما بالنا ازاء الاستعباد الديني الذي هو الشكل الأقبح والأفظع والأخطر الذي ما زال يتفاقم ويدفع بالصراعات الاجتماعية للدرك الأسفل من الحَيوَنة ويعود بالعباد الى مراحل ما قبل الأنسنة باسم الرب والدين.. وبات طاغياً يغطي بجرائمه كافة ارجاء الوطن.. يستهدف المجموعات السكانية العريقة فيه ويشكل خطورة وتهديداً يؤدي بها للانقراض والزوال..
ناهيك عن حجم الخراب والدمار والحيف الذي لحق بالجميع وتجاوزت اطره كافة اشكال الاستغلال الطبقي وطبيعة الصراعات البشرية وبالذات ما يتعلق بوجه الصراع بين العمال والبرجوازية في المرحلة الرأسمالية..
هذا الاستغلال الذي تجاوزت اطره التقليدية الثورة العلمية التكنولوجية وخففت من معالمه وآلامه.. لا بل حررت العمال وغيرهم من بشاعة الاستغلال ونتائجه بحكم التطور المتسارع الذي حرر في ذات الوقت العمال من تبعات الرأسمالي وبشاعة رأس المال لحد ما.. بعد ان كفلت الدساتير والقوانين في الأنظمة التي توصم بـ "الديمقراطية" الكثير من شرور وعيوب ومظالم البرجوازية.. دون ان نبرر وجودها التاريخي بحكم قناعتنا انها.. أي الرأسمالية ليست النموذج الآهل لتحديد الحلم الانساني لتصبح مستقبل المجتمع الكوني مهما بلغت من تطور طالما كان ممكنا القضاء على الاستغلال.. وطالما بقي هناك من يحلم بيننا بمجتمع أفضل خال من الاستغلال الطبقي وكافة أشكال العبودية..
نعود للاستعباد الديني.. حجمه البشع في العراق.. صوره الاجرامية.. مع حالة التحلل في بناء الدولة.. العودة للعشيرة.. واحياء سلطة القبيلة.. وهذا النمط المبتذل من لصوص السياسة وحرامية الحكومة المترافق مع شيوع وتفشي مظاهر الفاشية الدينية والفساد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.. لنقارن هذا مع ما كان من استغلال طبقي في ذلك اليوم (31/آذار/1934) الذي أعلن فيه عن ميلاد حزب من طراز جديد في العراق ونتساءل ..
ان كان هذا الاستغلال.. الاستغلال الطبقي.. يستحق أنْ يتشكل كضرورة الحزب الشيوعي العراقي لمكافحته ويقدم التضحيات التي تحدثنا عنها في سياق تاريخه المعروف. إذا كان هذا يتطلب حزباً شيوعياً في ذلك العهد..
فكم حزباً شيوعياً يستلزم الآن لمواجهة كل هذا الخراب الناجم من الاستعباد الديني وتفشي الفاشية الدينية؟!!.
كم حزباً شيوعياً يستلزم الآن لمواجهة الجهل والتجهيل والتصدي لقوى الظلام..
لن أتساءل..
كم حزباً شيوعياً نحن بحاجه لها كضرورة ملحة الآن.. لمواجهة مهام بناء الدولة الحديثة.. دولة المواطنة..
وكمْ.. كمْ حزباً شيوعياً نحتاج لتوفير الخدمات والكهرباء واشاعة التعليم وبقية استحقاقات المرضى والأيتام والمعوقين وغيرها من مستلزمات الحياة في هذا العصر..
كم حزباً شيوعياً نحتاج لمكافحة آثار الحروب المدمرة ومخلفاتها.. وآثار الاسلحة التدميرية المحرمة دولياً التي ألقيت الاطنان منها في العراق.. وبدأت اشعاعاتها تفتك بالعراقيين وتزيد من اعداد المصابين بالأمراض السرطانية والولادات المشوهة وغيرها من المظاهر التي لا يمكن غض النظر عنها لحدٍ باتت فيه اجزاء من الوطن غير صالحة للسكن والاقامة بحكم تلوثها بالإشعاعات القاتلة وفقاً للتقارير العلمية..
لكن..
اي حزب شيوعي؟ ..
حزب طبقي يحصر نفسه في حدود صراع العمال والبرجوازية؟.. البرجوازية التي نحن بحاجة ماسة لها اليوم لإعادة الإعمار وبناء الوطن واحياء دورة الاقتصاد وتطوير الانتاج لتوفير فرص العمل لجيش العاطلين وتقليل حجم البطالة وسد رمق الجوعى ..
أم حزب ايديولوجي.. يكرس جهده لحلم مستقبلي وأهداف بعيدة هي ليست مهمة هذا الجيل المسحوق الذي عاش الحروب وويلاتها.. ولن تكون مهمة الجيل الذي يليه.. بل من مهام الأجيال القادمة في العقود المقبلة.. وذلك متروك للزمن وقدرة الاجيال القادمة في تحويل الاحلام الى واقع وفقاً للتطور الذي لا حدود له.. هذا التطور المنتج لوسائل تغييره أن كانت النظرية التي يؤمن بها الشيوعيون قابلة للتطبيق..
بينما المطلوب الآن.. الآن.. في هذه المرحلة العصيبة.. حزباً "شيوعياً" من طراز معاصر.. يعبر عن الأمل الاجتماعي.. ينقذ العراقيين.. كل العراقيين من المحنة التي يمرون فيها.. يحررهم من الاستعباد الديني.. سطوة رجال القبيلة.. فساد الاحزاب التي تمارس الخديعة..
اللصوصية.. تبجل ممارسة العنف وتتفاخر بالاقتتال والاحترابْ.. تتنازع على السلطة وتستحوذ على الأموال.. حزباً يكون قادراً على صنع التاريخ والمساهمة في بناء وتحديث الدولة.. دولة المواطنة الكفيلة بتحقيق اولويات استحقاقات الحياة المعاصرة للجميع..
هذا ما أنتم مطالبون بالبحث عنه.. من خلال مؤتمركم القادم.. ايها الشيوعيون الحالمون بالغد والمستقبل الأفضل.. ليس للعمال وحدهم بل لكل الناس.. حزب يقود الجموع نحو الخلاص.. خطوة بعد خطوة يقودنا للتغيير.. تغيير المجتمع وانقاذ الناس من العبودية والذل..
حزباً للتغيير.. يسابق الزمن.. يتخطى المحن.. لا يهادن.. لا يستكين في الورش والمكاتب البيروقراطية.. حزباً يتولى المسؤولية فيه قادة ميدانيون من الشباب الثوري المتحمس.. لا من يبحثون عن الرواتب والقصور والرخاء من الذين تغيروا.. وأصبحوا كنبلاء القرون الوسطى يحيط بهم حراس وانتهازيون ينتظرون استلام الرواتب في نهاية الشهر..
منعاً للالتباس.. لستُ ضد استحقاقاتهم الانسانية المشروعة في العيش بكرامة تليق بالبشر في هذا العصر المتقدم .
لكن هل يجوز الدمج بين النضال والعمل؟
هل يجوز ان يتحول المناضل الى موظف؟
هل يجوز أن نستوفي اجوراً لقاء مهمات نضالية؟
ما الفرق بين المناضلين والمرتزقة؟..
هل يجوز للأمين العام او غيره من الكوادر المنسبين للعمل في البرلمان وبقية مؤسسات الدولة باسم الحزب ان يتقاضوا اجوراً خيالية من دولة اللصوص والحرامية من جراء عملهم ولا يدفعون منها الا 10% للحزب*؟.
هؤلاء الذين تغيرَوْا بدلاً من أنْ يُغيّروا..!!!!
هل يمكن التعويل عليهم في احداث تغيير في مسيرة الحزب.. تمهيداً لإحياء وتفعيل دوره تؤهله لولوج ابواب التغيير في المجتمع.. ليعود حزباً معبراً عن الأمل الاجتماعي في هذه المرحلة؟!!!…
ختاماً نقول:
إنّ الحاجة للتغيير ملحة.. ضرورة التغيير لا جدال فيها..
فأين موقع الشيوعيون من هذا التغيير الضروري؟ وكيف يمكنهم من التعبير عن الأمل الاجتماعي المنشود وتجسيد طموح الناس للخلاص من المحن والويلات المزلزلة لوجودهم في هذه المرحلة؟
من يقودنا لسُبل التغيير والانعتاق؟
تلك هي اسئلة جوهرية تواجه المندوبين في المؤتمر القادم للشيوعيين
ـــــــــــــــــــــــ
صباح كنجي
هامبورغ /منتصف نيسان2016
ـ في تجارب مماثلة للأحزاب الشيوعية.. منها تجربة الحزب الشيوعي الالماني الحالي.. الذي يمنح أعضاء البرلمان 12 ألف يورو شهرياً يستبقي منها الشيوعيون الاعضاء في البرلمان لأنفسهم منها 2500 يورو ويسلمون الباقي لمالية الحزب.. كذلك الحال بالنسبة لرئيس جهورية قبرص الشيوعي الذي لا يستلم الا راتباً عادياً كأي مواطن.. وهناك تجارب اخرى من المؤكد ان قادة الحزب الشيوعي العراقي و"امينهم العام" مطلعون عليها بالتفاصيل كان ينبغي التماثل بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ رابط رسالة سابقة موجهة الى الامين العام للحزب الشيوعي العراقي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=271776
ـ رابط الحلقة الأولى
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=227825
ـ رابط الحلقة الثانية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=228378
ـ رابط الحلقة الثالثة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=228728
ـ رابط الحلقة الرابعة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=229192
ـ رابط الحلقة الخامسة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=230120
ـ رابط الحلقة السادسة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=230821
رسالة خاصة الى الشيوعيين في العراق..
ا
للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ـ بغداد
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني ـ أربيل
مندوبي المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي
مندوبي المؤتمر السابع للحزب الشيوعي الكردستاني
بقية التنظيمات الشيوعية في العراق
بناء على طلب والحاح مجموعة من رفاق وأصدقاء الحزب الشيوعي العراقي.. ممن عملوا وكافحوا تحت رايته لسنوات طويلة سابقاً.. وبعضهم ما زال يواصل كفاحه في صفوفه.. تم أعداد هذه الرسالة الموجهة الى قيادة الحزب ومندوبي المؤتمرات القادمة..
يحدونا الأمل ان تلقى هذه الرسالة اهتمامكم.. وأنتم تتوجهون لعقد مؤتمرات الحزب في العراق وكردستان خلال الأيام او الأشهر القادمة..
ونتطلع من خلالها بثقة الى ما نصبو اليه من متغيرات.. يلعب فيها الشيوعيون دورهم الفاعل فيه من خلال استقراء الوقائع.. وتشخيص المتغيرات الهائلة في الأوضاع العالمية والإقليمية.. وما له خصوصية بأوضاع العراق المحلية.. والحاجة لتطوير وتجديد وتفعيل وسيلة التغيير المطلوبة والملائمة للعمل في هذه المرحلة المعقدة والمتشابكة.. برؤية تستند لقراءة واعية لطبيعة الصراعات في العالم.. التي تشهد تحولات سريعة وعاصفة.. بفعل التقدم العلمي والتطور التكنولوجي وزيادة وسائل السيطرة على الطبيعة.. التي عكست تأثيراتها على موازين القوى وطبيعة الصراعات الاجتماعية ومحتواها.. وأدت الى تخلخل في وضع الطبقات وتمركز رأس المال المعولم.. وانتجت علاقات متشابكة مع منظومة الفساد في العالم.. وأصبحت تتحكم في أوضاع الكثير من البدان.. من ضمنها العراق الذي يشهد:
1 ـ مظاهر انهيار الدولة.
2ـ تراجع دور الأحزاب السياسية المحلية.
3ـ تفكك وتصدع بنية المجتمع.
4ـ انحلال وسقوط منظومة القيم الأخلاقية.
5ـ تدخلات إقليمية ودولية سافرة في شؤونه تخطط لمستقبله بالضد من مصلحة الشعب العراقي.
وبعد تحول العديد من الأحزاب السياسية.. الى مافيات مملوكة لعائلات وكتل معرقلة للتطور.. تتقاسم خيرات البلد.. وتتحكم بالسلطة من خلال علاقاتها الإقليمية والدولية.. وشبكة أجهزتها المخابراتية وأذرعها المسلحة..
ناهيكم عن انعدام الخدمات.. من كهرباء وماء وخدمات صحية وبلدية وتعليمية تليق بالبشر في كافة المجالات.. وضعف الاهتمام بالزراعة وتحديثها.. وهكذا الحال بالنسبة للصناعة.. مع استفحال مظاهر العنف بكافة اشكاله.. من عنف الدولة الى عنف الأحزاب والميلشيات.. والعنف الموجه ضد المرأة.. ناهيك عن العنف الديني المنفلت..
وبالرغم من تواصل الاحتجاجات الثورية.. التي يلعب فيها الجيل الجديد ـ جيل الالفية.. الدور الحاسم في ديمومتها.. وتتطلب الدعم والمساندة والمشاركة الجدية من قبل الشيوعيين..
الا اننا لا نلتمس هذا التوجه الجاد في سياسة الحزب الراهنة.. ونرى في تحالفاته المعيبة.. ومشاركاته الخجولة في مؤسسات السلطة.. بما فيها المؤسسات التشريعية التي لم تشهد دوراً فاعلا ومؤثراً يعكس جوهر موقف الشيوعيين الداعي للتغيير وخلق البديل الأفضل.. لأسباب كثيرة في المقدمة منها:
1ـ التراجع في وضع الحزب في كافة الميادين ـ السياسية والفكرية والاجتماعية والتنظيمية والإعلامية وفي المختصات المهنية وغيرها من مجالات العمل والكفاح. ولهذا التراجع أسبابه المعروفة.. ويتطلب إعادة تفعيل دور الحزب.. الى مراجعة شاملة وجدية..
ولا بدّ ان تكون ـ المؤتمرات القادمة ـ محطات تغيير تستند الى قراءة واعية لطبيعة المرحلة.. وتشخيص وسيلة التغيير المناسبة.. وهذا يتطلب العمل على خلق أرضية وأسس تحول الحزب الشيوعي في العراق وكردستان.. الى مؤسسة حيوية فاعلة تعبر عن الأمل الاجتماعي ومتطلبات المرحلة بجرأة ثورية.. تستوعب طبيعة المتغيرات الكونية والمحلية.. والحاجة الضرورية لوسيلة التغيير الملائمة لمتطلبات هذه المرحلة في هذا العصر..
2ـ نفض اليد عن السياسات الخاطئة التي انتهجها الحزب في مجال التحالفات. التي لم تجلب الا الكوارث والمحن للشيوعيين والشعب العراقي.. واضاعت الكثير من فرص التغيير الممكنة. وانتهاج سياسة تستند على تجميع القوى الحيّة في المجتمع.. وفقاً لمعايير المرحلة.. وقيم الحرية.. والعدالة الاجتماعية وكل ما له علاقة وصلة بنبذ العنف.. وتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي.. وإعادة بناء الدولة.. وفقاً لمفاهيم المواطنة.. والتصدي لمظاهر الاستعباد الديني ومخلفات الصراعات الطائفية والقبلية..
سياسة تستند لرؤية استراتيجية.. تشخص ولادة الجديد وترعاه.. ابتداء من التحولات التي يشهدها العالم من استفحال مظاهر الأزمة العامة.. التي تعصف بالمؤسسات الاقتصادية والصناعية والمالية وتحولها الى ازمة بنيوية.. لا حلول لها مع تواصل المجمعات العسكرية المنتجة للذخيرة والسلاح.. التي تشعل الحروب والنزاعات بين الدول.. وباتت لا تكتفي بالصراعات الطبقية.. واستغلال الطبقة العاملة وبقية الفئات الكادحة في المصانع والمعامل..
واستبدلتها بالتوجه الوحشي لتفكيك العديد من الدول.. بتفتيتها وابتلاعها.. وتدمير بنيتها التحتية ـ بالضد من مصالح شعوبها.. التي شملت فيما شملت.. القضاء على الطبقة البرجوازية وتحجيم دورها ـ والهائها بنزعات محلية.. كما هو الحال مع ظاهرة داعش ونمو التطرف الديني في العراق وبقية بلدان الشرق الأوسط..
لكي يسهل لهم أمر التحكم بأوضاع هذه البلدان.. ووضع حثالات من اللصوص والفساد في واجهة السلطة.. ودعم وتشجيع ظاهرة تحول الأحزاب السياسية الى مافيات ومؤسسات استبدادية.. تجمع بين الدولة والسلطة والحكومة ومؤسسة العشيرة والعائلة والاقتصاد وحركة رأس المال والتجارة..
ولهذا فإن الشيوعيين مطالبون اليوم بالتوجه الجاد لنفض غبار هذه المرحلة عن أنفسهم وكيانهم السياسي.. الذي تشوه وغادر ساحة النضال الحقيقية.. واكتفى بإصدار بيانات الشجب والاستنكار والتصريحات الإعلامية غير المجدية.. بسبب التحولات ومظاهر الفساد والتكلس التي شملته.. وجعلت قيادته الحالية تسير في ركاب معتوه فاسد ومبرمج لخدمة سلطة الاستعباد والاستبداد الديني..
وهذا لا يبتعد عن تفشي وشيوع مظاهر الفساد في جسد ومفاصل الحزب.. بالأخص بين الأستاف القيادي المشجع لهذا النهج الخطر والعدمي في السياسة.. الذي لا يمكن قبوله وتبريره.. ويتنافى مع ابسط المفاهيم الماركسية.. ويستحق الإدانة من قبل المؤتمرين.. ومحاسبة من شجع على السير في هذا الطريق وابعادهم من مواقعهم القيادية..
كما يتطلب من المندوبين في المؤتمرات القادمة وضع أسس ومعايير للترشيح.. تعتمد النزاهة وتمنع من اغتنى ودمج بين ميله لاكتناز الأموال ويتفاخر بالعيش في القصور.. مِنْ تبوأ أي دور قيادي يتجاوز عضوية لجنة محلية في محافظة..
3ـ عدم مواكبة التطورات التي يشهدها العالم والابتعاد عن تحليل مظاهر الأزمة ومتابعة المستجدات في المجالات الفكرية والعلمية بالرغم من ثورة المعلومات. وهذا يعود لظاهرة الكسل الفكري وانعدام المتابعة الجدية للإعلام التقليدي ـ الورقي وما ينشر على شبكة الأعلام الكتروني من خلال الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي..
والحالة البائسة لما وصله اعلام الحزب.. الذي كان يشهد له بالبنان.. تتمثل في تراجع اصدار مجلة الثقافة الجديدة شهرياً وضعف محتواها، وكذلك الحال مع صحيفة طريق الشعب والمطبوع البائس والمخجل الذي صدر عن شهداء الحزب في ثلاثة أجزاء لحد الآن.. وحجم المغالطات والاخطاء.. وفقر المعلومات.. الذي تتحمل مسؤوليته قيادة الحزب والمكتب السياسي والهيئة التي أشرفت على اجزاءه الثلاثة..
ولا نريد ان نضرب امثلة أخرى عن تراجع دور الاعلام في هذه المرحلة.. التي تشهد ثورة عالمية في مجال المعلومات وباتت شبكة الانترنيت توفر الإمكانيات الهائلة للنشر والاعلام غير المكلفة.. بما فيها المحطات الفضائية التي اخذت تكاليفها تقل..
لكن قيادة الحزب الشيوعي العراقي والكردستاني.. ما زالت غافلة عن أهمية دور الاعلام.. ولا نعتقد انهم يفكرون بتطويره وتحويلة الى مؤسسة مستقلة.. يديرها المئات من المبدعين والمثقفين الذي يتواجدون في صفوف الحزب.. او القريبين منه.. ولا يحتاج الأمر الاّ تخصيص مبالغ زهيدة لهذه المؤسسة.. وفك ارتباطها المزدوج بالتنظيم والقيادة بالصيغة الراهنة المعيقة للعمل.. ومنحها صلاحيات العمل المستقل..
4ـ يتطلب من قيادة الحزب الشيوعي العراقي المقبلة. ان تولي للأوضاع الدولية والإقليمية اهتماماً أكبر.. وتعزز وتفعل ـ من خلال علاقاتها ـ دور الشيوعيين في الشرق الأوسط والعالم.. والمبادرة لعقد لقاءات دورية للأحزاب الشيوعية وقوى التغيير يعقبها مؤتمر تهيئ له كافة فرص النجاح والديمومة..
كما يتطلب الموقف قراءة واعية لدور الصين في المجال العالمي.. بحكم النجاحات الاقتصادية.. والدور الذي تحزره واستغلال هذه النجاحات لتطوير دور الشيوعيين في هذه المرحلة التاريخية من حياة الشعوب.. والحاجة الضرورية لمؤسسات دولية جديدة.. ووضع أسس الكفاح على الصعيد العالمي التي تستند الى:
ـ رفض العنف واستخدام القوة في العلاقات الدولية ونبذ الحروب بين الشعوب
ـ اعادة النظر في المؤسسات العالمية بما فيها هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتحويلها الى المؤسسات تمثل الشعوب.. وعدم اقتصار تمثيلها على الحكومات.. وتطبيق نفس المبدأ على مؤسسة الجامعة العربية.. التي اثبتت فشلها.. ويتطلب تغييرها لصالح الشعوب العربية..
ـ اعتماد معايير دولية وقانونية جديدة في تمثيل الحكومات ودولها لعضوية هذه المؤسسات.. تستبعد أية دولة وطرف تمارس العنف والإرهاب.. وتشجع على القتل والاغتيالات.. وتمارس الاستبداد ومظاهر الدكتاتورية.. التي تتنافى مع التطلعات الإنسانية.. وإيقاف مد هذه الأنظمة والحكومات بالسلاح والذخيرة تحت أي غطاء كان..
وعلى الصعيد المحلي..
يكون التوجه لتحديث وإعادة بناء دولة المواطنة ومؤسساتها الفاعلة.. وإرساء قواعد السلم والاستقرار في المجتمع.. ونبذ العنف.. من أولى مهام الشيوعيين في هذه المرحلة.. منع تسخير واردات الدولة ـ والنفط في مقدمتها ـ لصالح الفئات التي تتبنى وجهة عسكرة البلاد والمجتمع.. وتحديد نسبة لا تتجاوز 10% لمهمات الدفاع والجيش.. وتكريس الواردات العائدة من النفط لتطوير وبناء الاقتصاد وتحديث الزراعة وخلق المنشآت القادرة على تقديم الخدمات التي تليق بالمواطنين في هذا العصر.. وتطوير التعليم.. وضمان حق العلاج والسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية.
هناك الكثير مما نقوله ونتطلع اليه.. فيما يخص انتشال الحزب.. واحياء دورة المطلوب.. ووضعه في الاتجاه الصحيح المؤهل لتحقيق الأهداف التي يصبو اليها ويكافح من أجلها.. وضرورة إعادة بنائه وتجديده ليصبح وسيلة فاعلة من وسائل التغيير في هذا العصر..
الذي يشهد تطورات عاصفة لا يجوز للشيوعيين ان ينظروا اليها من بعيد.. ويكتفون بدور المشاهد لأحداثها فقط.. كما نراه ونلتمسه اليوم..
ونختمها بالقول:
يحذونا الأمل ان يجري الاهتمام بما ورد في هذه الرسالة والتفاعل مع الآراء والمقترحات الممكنة للتطبيق.. في توجهكم وكفاحكم اللاحق المنسجم مع طموح وآمال العراقيين ومسعاهم لصنع التغيير وخلق البديل الأفضل..
ـــــــــــــــ
صباح كنجي
31آذار 2021
رسالة مفتوحة إلى السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي..
الحوار المتمدن-العدد: 3459 - 2011 / 8 / 17 - 14:23
ليس في هذه الرسالة أية أمور شخصية، ومَا يردُ فيها من آراء وملاحظات، لنْ ولا يتعدى حدود التصورات السياسية والفكرية والتنظيمية التي تخصُ الحزب الشيوعي العراقي في عهد السكرتير العام للحزب.. مدى نجاحه في قيادة العمل ودورهِ كقائد للحزب في حقبة عقدين من الزمن.. وما عداها.. ثمة علاقة طيبة تجمعني به ترتكنُ لقناعة ومعرفة به عن قربٍ. دماثة خلق وتواضع وطيبة تنضحُ منه كأي شيوعي حقيقي يكافحُ ويسعى للتغيير، لكنه يعاني من قصور في الرؤيا، ويخطأ في التشخيص عند استقراء الواقع، ويخفقُ في خلق الأداة والوسيلة المطلوبة للعمل، من جراء تكلس الفكر وانعدام المبادرة، وعدم التمكن من إدراك معطيات الأوضاع المعقدة والمتشابكة، بسبب الافتقاد لآلية مواكبة المستجدات الفلسفية والفكرية وعدم الاستجابة والتفاعل مع أسس وشروط ومتطلبات التجديد والتغيير..
عزيزي أبو داود..
اكتبُ لك هذه الرسالة المفتوحة عبر الانترنيت مباشرة، وأنت تتوجه مع بقية المندوبين لعقد المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي بعد أيام، أأملُ وأتمنى أن يكونَ محطة عملية للتطوير والتغيير..
لا شكَّ انكَ فرحٌ كغيرك من الشيوعيين والثوريين العراقيين وأصدقائهم بهذه الأجواء الثورية التي تعمُ منطقتنا التي تدعو للتفاؤل والأمل..
الأمل الواعد بالتخلص من أنظمة الاستبداد والقهر.. من خلال دعاة التغيير في ساحات التحرير، الذين تجاوزوا كافة الصعوبات وأزاحوا في زمن قياسي بقدراتهم الخلاقة صروح الدكتاتورية والأنظمة القبلية المتخلفة، وهم يجترون المآثر، يقودهم شباب أفرزتهم ميادين المواجهة اليومية المباشرة مع أعتى أجهزة قمع، يُحددونَ متطلبات العمل بدقة، ويخلقون وسائل المواجهة والتعبئة والتحشيد بإبداع قلّ نظيرهُ، وهم يتقدمون خطوة بعد أخرى نحو تحقيق المزيد من الانتصارات التي أذهلت العالم وغيرته، بعد أن قلبت المعادلات والتصورات.
فتحقق التغيير.. أو لنقل بداية التغيير..
هذا التغيير يجعلني وأنا أتابع خطواتكم بعد التهيؤ والاستعداد لعقد المؤتمر التاسع للشيوعيين في العراق، أن أتوجه إليكم ومن خلالكم إلى مندوبي المؤتمر وجمهور الشيوعيين المكافحين بجملة تساؤلات مشروعة نابعة من الحرص على:
مستقبل أجدُ أبوابه مُشرعة.. لكنكم لا تدخلوها!!!
وماضي، هو جزء من التاريخ، أصبحَ معرقلا ً ومعيقاً لا تنفكون منه وتتشبثون به..
وحاضر هو الأسوء في العطاء والأداء والنتائج، بكل المقاييس، عبر هذا التاريخ على امتداد ثمانية عقود مضت، بالرغم من توفر أجواء غير قمعية وحرة، قياساً بالماضي، وممارستكم للعمل والنشاط العلني.. فكانت حيرتي بينَ اللجوء للصمت وعدم التدخل والاكتفاء بمراقبة الأحداث، عسى أن تبادر أنتَ ومَن معكَ لطرح معالجات أولية في هذا الشأن، لكنّ أملي قد خاب..
وجدتُ من المناسب أن اطرح جملة التساؤلات في هذه الرسالة المفتوحة آملا أن تكون حافزاً للبحث عن حلول عملية مطلوبة لا تقبل التأجيل في هذا الزمن المتغير، عبر ساحات وميادين التحرير التي قلبت المعادلات وموازين القوى لتشكل ملامح عصر جدي:
هذا العصر الذي يطرح معضلاته الملحة مقترنة باستفهام واضح الدلالة يؤشر نحوكم ويتساءلُ:.
وانتم في الحزب الشيوعي العراقي..
ـ ألا تجدون ضرورة للتغيير؟.
ـ ألا تحتاجون التغيير؟..
ـ ماذا ستغيرون؟..
ـ بأي شيء ستبدؤون؟..
ـ من سيقود ويبادر للتغيير؟...
ـ هل انتم مؤهلون لهذا التغيير؟..
والأهم .. الأهم
ـ هل لديكم بديلاً غير التغيير؟.
ـ هل يمكن أن تواصلوا الدرب دون أحداث التغيير؟..
ـ ماذا تنتظرون؟!!...
أعرف وأفهمُ أن التغيير ليس مطلباً شخصياً.. وإن كنتُ أدركُ وأقر بضرورته وأدعو له.. لكنني أدرك أن للأشخاص والقادة دوراً في هذه الصيرورة وهذا التحول.. وأنّ الزمن يَمرُ والفرصة لنْ تتكرر، وأن التغيير يبدأ بالعمل ولا يتحقق بالشعارات والوعود المثبتة على الورق، أو بالأماني والأحلام الدفينة في الصدور والعقول..
والمعطيات تقول أنكم.. منذ أن استلمتم قيادة الحزب في المؤتمر الخامس، مؤتمر الديمقراطية والتجديد، عام 1993، الذي عقد في أجواء كردستان المحررة في حينها.. قد تعهدتم أمام المندوبين.. أنكم ستتابعون التجديد بكل ما تملكون من إمكانيات، وممارسة الديمقراطية والعمل على تجديد الحزب وتطوير أوضاعه في شتى المجالات، وكان من بين أسس العمل الجديد ودستور الحزب ونظامه الداخلي الذي تمّ إقراره في ذلك المؤتمر، عدم جواز التمسك في الموقع القيادي لأكثر من دورتين..
ها هو الزمن يمضي وتمّ عقد المؤتمر السادس ومن ثم السابع والثامن والآن تتوجهون لعقد المؤتمر التاسع..
ـ ماذا تحقق من تلك الوعود؟...
ـ وكيف يمكن تقييم العمل في تلك الفترة؟..
ـ وهل حقق الحزب الشيوعي النجاحات الموعودة؟..
ـ ما هي هذه النجاحات؟.. وأين؟..
ـ هل تقدم الحزب الشيوعي في ظل قيادتكم ونهجكم؟.. أم انه تراجع وضعف؟..
أستطيع أن افصل في الإجابة على هذه التساؤلات بحكم متابعتي للكثير من تفاصيل العمل ومراقبتي لسياسة ونشاطات الحزب الشيوعي العراقي خلال العقدين المنصرمين رغم ابتعادي التنظيمي عن العمل..
لكنني لن الجأ للتفاصيل والإطالة لأنني مقتنع بأنكم تدركونها.. لذلك سأميل للاختصار والتكثيف عبر لغة تسعى للتشخيص والتدقيق والتصويب، لا تلجأ للتلفيق.. ولا تتقبل التبرير والتوفيق والمجاملة الانتهازية.
كنتُ أتمنى صادقاً أن أكون في موقع يؤهلني للتباهي بنجاحاتكم وتعداد انجازاتكم السياسية والفكرية والتنظيمية، أي في موقع التقييم الايجابي لهذا العمل من خلال المنجز الحقيقي لنتائج عملكم وكفاحكم، لكنني للأسف أجد نفسي في الطرف الآخر من معادلة التقييم.
إذ لا أجدُ في حصيلة جهودكم ثمة انجاز أو عطاء يمكن تعداده للتفاخر ووضعه في سلة التقييم ليعتبر دليلاً على نجاحكم في قيادة الحزب خلال العقدين الماضين، لا بل لم تستطيعوا المحافظة على المكانة والمستوى السابق الفاعل والمؤثر للشيوعيين في المجتمع، الذي كان يشهدُ له ويقره الأعداء من المستبدين قبل غيرهم، وباتَ مؤشر التدهور والتراجع في أوضاع الحزب ومسيرته ينحدر يوماً بعد آخر من سيء لأسوء، ومازال ينحو للمزيد من التدهور بحكم انعدام المعالجات، وعدم المبادرة لوضع حد لهذا التدهور الذي بات يستفحلُ يوماً بعد آخر، ليتحول إلى أزمة بنيوية معقده تطال أوضاعه القيادية والتنظيمية، وسبل وآليات عمله، ونهجه السياسي وفكره وفلسفته ومدى انسجامها وتعبيرها عن الأمل الاجتماعي للكادحين والقوى التواقة للتغيير في المجتمع ..
لأول مرة يجد الشيوعيون أنفسهم أمام قيادة ضعيفة تفتقدُ المؤهلات المطلوبة في المجالات التنظيمية والفكرية، قيادة تلجأ لإدارة العمل من خلال المكاتب والمقرات بأسلوب بيروقراطي، في الوقت الذي يتطلبُ العمل قيادة ميدانية تواكبُ نبض الشارع وتسير معهُ، كي تدفع بجموع الشيوعيين لتفعيل دور الجماهير للمطالبة بتحقيق وانجاز التغيير الذي ينسجم مع طموحها ومصالحها في الخلاص من الأوضاع المبتذلة التي لا تليق بالبشر في هذا العصر.
وانعكس هذا الخلل في الوضع القيادي على الأوضاع الداخلية والتنظيمية للحزب، الذي مازال يفتقدُ الحيوية في ممارسة الديمقراطية وحرية التعبير والنقد، واللا أبالية إزاء ما يطرح من آراء مطالبة بالتغيير، وتسخيفها بدلاً من فتح وتطوير أبواب الحوار، بسبب الخمول الفكري وانعدام المبادرة والمؤهلات لدى من يعمل في الهيئة القيادية، والمشرفين على الإعلام الذي يشهدُ هو الآخر حالة تراجع، لا تتناسب مع حجم المهام التي يتصدى لها الشيوعيون في عصر الثورة الإعلامية وتكنولوجيا الاتصالات والانترنيت، التي تطرحُ في كل لحظة مفاهيم جديدة تتبلور للتعبير عن مصالح الفئات التي تنخرط في مجرى القوى المحركة للأحداث والداعية للتغيير..
في الوقت الذي مازالت قيادة الحزب الشيوعي تميلُ لاعتبار المنتج الفكري السابق، المتكلس والقديم، أهم من العطاء السياسي لفعل الحركة الثورية، التي مهمتها مواكبة متغيرات الواقع، وإدراك طبيعة ووجهة التطورات الراهنة واستكشاف ملامح العصر الجديد، ووجهة التاريخ كما فعلت في السابق الثورة الفرنسية وثورة أكتوبر، إنْ لم تكن معطيات الأحداث الجديدة أكثر أهمية منها في المستقبل القادم من الأيام.
وكذلك علاقات الحزب وتحالفاته غير المتوازنة والمخجلة، وفقدانه لمكانته في المجتمع وتراجع حجم المؤيدين له بمن فيهم الشيوعيون وأبناؤهم، الذين لم يصوتوا لقائمة حزبهم في الانتخابات العامة ومجالس البلدية، لا لسبب إلا لاعتقاد هؤلاء بعدم جدوى التصويت للحزب، بسبب فقدانه للتأثير السياسي وعدم تجسيده لتطلعات جمهوره وتحوله إلى تنظيم مشوه لا يستفيد منه إلا المتربعين على عرش القيادة ومن يلتف حولهم من موظفين وممثلين للحزب في المواقع الرسمية للدولة من برلمان ووزارات وبقية الزوايا التي يتعكز فيها البيروقراطيون والانتهازيون على مكاسب شخصية بصيغة تمثيل سياسي واجتماعي للحزب لا تقدم خدمة ومنفعة إلا لفئة بيروقراطية انفصلت عن الجمهور العريض للكادحين وفي المقدمة من هذا الجمهور الحزبي من أعضاء ومؤازري الحزب ...
إنّ المرحلة التي يمر بها المجتمع بشتى تكويناته في العراق الراهن، تتطلب منا بذل الكثير كي ندرك طبيعة تعقيداتها وتشابكاتها، وعلى عاتق الشيوعيين وبقية القوى الديمقراطية تقع اليوم مسؤولية الخلاص من الأوضاع الخطيرة التي تتربص بالمستقبل من جراء الاستبداد الديني المتفشي عبر أحزاب تمارس السلطة السياسة تشكل عائقاً للتطور والتقدم وحاضنة تولد الاستبداد وتنميه يوماً بعد آخر في سياق اطر وتجمعات تسيّس الدين وتوظفه لخدمة مصالحها. إلى جانب الاصطفافات القومية اليمينية المتخلفة التي لا تختلف في الجوهر عن نهج حزب البعث المقبور التي تجتمع في سياق تجمعات طائفية تسعى للحصول على مواقع في الدولة والمجتمع تتماهى مع المد الديني وتتداخل معه في الجوهر على حساب مصلحة الشعب العراقي وتطلعاته لبناء دولة سيادة القانون المدنية التي ينتظر من الشيوعيين ومؤتمرهم الكثير مما يمكن التعويل عليه لتحقيقها ليكونوا جزء من عملية التغيير الديمقراطي وفي المقدمة من القوى الفاعلة عبر انجاز مهمتين رئيسيتين لا تقبلان التأجيل في هذا المؤتمر تتجسد في ..
1ـ التوجه لتحويل الحزب الشيوعي العراقي إلى حزب يعبر عن الأمل الاجتماعي يلعب فيه الشيوعيون الدور الفاعل بحكم حاجة المجتمع والمرحلة إلى حزب علماني/ ديمقراطي/ شعبي /جماهيري/ منفتح يحرك القوى ويجمعها في إطار عمل منظم وفاعل لتحقيق التحولات المطلوبة دون التقوقع عند حدود الممارسات الإيديولوجية والمحتوى الطبقي التي لا تنسجم مع طبيعة المرحلة وباتت متغيراتها شأناً خارج حدود النقاش من مكونات الماضي والتاريخ.. وفي هذا الإطار أرى من الضروري أن تبادر أنتَ ومن معك في قيادة الحزب إلى العمل الجاد لتسهيل عملية التحول والانتقال المطلوبة، ويشكل عدم بقاؤكم في الموقع القيادي صفحة من صفحاتها العملية، أي أنكم أمام مسؤولية تسليم الراية وعدم التشبث في الموقع كما يفعل المستبدون في الدولة والمجتمع، ومن هنا نقول أنكم تتحملون المسؤولية الأخلاقية والأدبية إزاء تعهداتكم في المؤتمر الخامس بعدم البقاء في الموقع القيادي لأكثر من دورتين وعليكم المبادرة لوضع أسس التحول المطلوبة لإنجاز هذه المهمة، هذا ما نتطلع إليه في المؤتمر القادم الذي نأمل أن يكون منعطفاً لمرحلة التغيير اللاحقة على صعيد المجتمع طالما كان الحزب وسيلة وأداة للتغيير وليس هدفاً بحد ذاته..
2ـ يكون من أولى المهمات للحزب الناشئ الجديد، العمل الجاد والدؤوب على تشكيل أوسع تجمع ممكن للتكوينات السياسية والمنظمات والشخصيات الوطنية المستقلة في إطار وحدة عمل مشتركة تجمع العلمانيين والديمقراطيين واللبراليين واليساريين من شتى اتجاهاتهم للدفاع عن مصالح الناس بغض النظر عن ميولهم وانتماءاتهم الإثنية والعرقية لتحقيق انجازات فعلية في كافة المجالات ابتداء بتوفير خدمات الماء والكهرباء وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية مواجهة الفساد والمفسدين والقضاء على الفقر والجوع والبطالة ورعاية المرضى والمحتاجين والمعوقين في ظل ترسيخ قيم الديمقراطية وتحقيق الحريات ونبذ العنف والتطرف وتحقيق العدالة الاجتماعية وفسح المجال لعطاء المرأة ومساهمتها في مؤسسات الدولة والمجتمع في كافة المجالات دون تمييز أو اضطهاد ..
ومن أجل التقدم خطوة في الطريق نحو تحقيق هذه الأهداف.. أرى من الضروري أن يكون مؤتمركم القادم مؤتمراً غير عادياً بدعوة اكبر عدد ممكن من الكوادر والأعضاء والمختصين، يرافقها دعوات شرف لممثلي بقية الأطراف الماركسية والشيوعية واليسارية والديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان التي لا تتقاطع أهدافها في المجرى والمضمون العام مع سياسة ونهج الشيوعيين وتطلعات القوى الديمقراطية في المجتمع وفسح المجال أمامها لتقديم وجهات نظرها وإقرار حق الاختلاف في أبداء الرأي دون أن يتعارض مع توحيد الموقف وجمع الجهود في نطاق وحدة عمل مشتركة تسعى لتثبيت الدور الفاعل للقوى والتيارات العلمانية الديمقراطية في بناء عراق المستقبل ومواجهة مخاطر التحول إلى دولة الاستبداد الديني أو القومي العنصري من جديد..
في الختام..
أود أن تؤكد لكم ومن خلال مؤتمركم لكافة الشيوعيين في العراق.. ليس أمامكم خيارات.. أنتم أمام خيَار وحيد يفضي ويؤدي للدخول في عملية تحول تاريخي من حزب مهمش وضعيف يتعكز على الايدولوجيا والمشروع الطبقي المغلق إلى حزب جماهيري ديمقراطي منفتح يستقطب القوى والتجمعات التي لها مصلحة في عملية التغيير في العصر الجديد الذي باتت معالمه تتشكل في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي ومجموعة الدول التي كانت تدور في فلك ما كان يعرف بالمنظومة الاشتراكية واليوم يتطلع العالم كل العالم إلى الجديد من الأحزاب الجديدة في العصر الجديد..
لنكن جزء فاعلاً من التكوين الجديد للعالم ومستقبله..
ليكن العراق الجديد بلد الديمقراطية الحقيقية ترفرف فيه رايات السلام والأخوة والأمان..
لنكون جزء من القوى التي تحقق الانجازات الفعلية الواقعية على الأرض بدلاً من الوعود بالأماني والأحلام الطوباوية في عالم لن ولن يأتي..
لنكن جزء من البديل الديمقراطي..
التحول يفضي للديمقراطية والسلام.. والتقوقع والتخندق يرسخ الاستبداد والقمع..
لنستثمر الزمن ونطلق من خلال المؤتمر التاسع القادم نداء التغيير والتحول والعمل..
المجد كل المجد لكل من يؤشر نحو بوابة منعطف تؤدي لفضاء حر تفضي للخلاص..
المجد لكل من يرى.. رغم البعد شعاع الضياء..
ــــــــــــــــــــــ
صباح كنجي
منتصف/ آب/2011
رسالة فيصل لعيبي..
الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
الرفاق الأعزاء
تحية عراقية صادقة.
تَردَدتُ كثيراً في كتابة هذه الرسالة اليكم ، لغرضِ نشرها في صحافتنا العلنية، لأني سبق وان أرسلت رسالة قريبة من هذه تحدثتُ فيها عن تجربتي الشخصية في الحزب، الى الثقافة الجديدة، لكن رئيس تحريرها رائد فهمي رفيقكم في اللجنة المركزية حالياً ًرفضَ نشرها بحجج واهية، وكان الحال لا يختلف مع طريق الشعب، حيث أرسلتُ مادةً بيد أحد الرفاق النقابيين ، الذي حضر الى لندن قبل أكثر من سنتين، مع رسالة خاصة وبطل كونياك راقي (بخشيش) الى إبراهيم الحريري شخصياً، وهي عبارة عن أسئلة تراودني، وربما تراود العديد من أعضاء الحزب، فلم تنشرها حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه المادة، حدث معي نفس الشيء مع موقع الحزب على الأنترنيت، إذ رفض نشر مادة لي متذرعاً "بحجج وكلام "، وهي مادة تصب أيضاً فيما يشغلنا جميعاً، لهذا كله ولمعرفتي بعقلية العديد من الذين يديرون دفة الحزب وإعلامه حالياً، لا أظنكم ستنشرون هذه الرسالة في صحافتنا العلنية، التي يجب أن تكون مفتوحة للجميع وليس لعكس وجهات النظر المطابقة لوجهات نظركم فقط، مع الإشارة الى أني قد َسّلمتُ رسالة الى عزت صادق عضو اللجنة المركزية حالياً لنشرها في نشرة قضايا فكرية أو في مناضل الحزب وأمام أبو داود أثناء الإعداد لمأوية الرفيق فهد قبل سنوات، لكنه رماها على أكثر الاحتمالات، في سلة مهملاته المليئة بآراء "الروافض" من أعضاء الحزب الذين لم تعجبهم طريقة صعوده " الديموقراطية " الى اللجنة المركزية للحزب، وكان هناك اتفاق أيضا لنشر كل ما يتم إنجازه حول هذه المئوية بكتاب، يحمل اسم المناسبة ويقدم وجهات النظر المختلفة حول فهد وتاريخ الحزب في فترة قيادته وآثارها على مستقبل الحزب نفسه، لكن الذي جرى هو ملف عادي وبسيط جداً ولا يليق بقامة فهد وأهمية الحدث، استثنى وجهات النظر غير التقليدية التي نشرتها الثقافة الجديدة في وقتها بينما أهملت العديد من المداخلات والمواد التي أعدت لهذا الغرض ونٌسِيَ الهدف الأصلي لمثل هذه المناسبة الاحتفالية والتقييمية معاً، أي إعادة النظر والمراجعة الموضوعية .
أعلمُ أيضاً أن ظروفكم ليست سهلة، وهذا ما شجعني على الكتابة إليكم، لشعوري بالمسؤولية تجاه مصير الحزب وحياة رفاقه، ودرجة صحة وسلامة خطه السياسي والفكري المطلوب في هذه الفترة بالذات. وكونكم الجهة الأكثر مسؤولية من غيرها في مثل هذه الأمور، لكن للأسباب السابقة، وخوفي من إهمال هذه الرسالة كسابقاتها، لم أجد غير النشر في الأماكن التي يمكن لها نشر مثل هذه الرسالة، مع أسفي الشديد لعدم تحملكم آراء رفاق لكم في نفس الحزب، قد تبدو مختلفة عن فهمكم للأمور، لكنها لا تقل حرصاً عن حرصكم للقضية التي نعمل من أجلها جميعا، إذا أخلصنا النيّة حقاً.
بداية، عليّ أن أشير إلى أن عملنا منذ المؤتمر الخامس حتى هذه اللحظة، لم يختلف في الأسلوب عما كان متبعاً سابقا، ولم تكن قضية الانتخابات، التي بدأ الحزب بممارستها ، إلا شكلية بحتة، لأن الحماس للعمل لايزال دون المستوى، بسبب من عدم التطابق بين القول والفعل، نحن نعمل بناء على ردود الفعل وليس لدينا محفزات غيره، ولم يظهر تأثير الحزب على الأحداث ولم يجند طاقاته بشكل منظم ومدروس ـ قَدمتٌ في حدود عام 1995 ورقة عمل، لغرض دراسة قوى الحزب وطاقاته، ودرجة استعداد أعضائه، لتكون تحت تصرف قيادته، واستخدامها في حالة حدوث مفاجئات غير متوقعة، وكذلك لوضع الرفيق المناسب في المكان المناسب، إلا أنها اعُتِبَرت من قبلِ بعض الرفاق كاستمارة استجواب أمني، بسبب من بارانويا متأصلة في سلوكهم العام، وُطوَيت القضية وكأنها من المحرمات، بينما اعتبرها شخصياً من أصول العمل الجدي السليم والعلمي الرصين، لكل مؤسسة تريد النجاح في خطواتها القادمة، فما بالكم بحزب يتعرض رفاقه الى تصفيات وإفناء مدروس من قبل النظام والحلفاء على حدٍ سواء والشي بالشيء يذكر، فإن الحزب منذ انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963 وحتى هذه اللحظة، لم ينجز عملاً نضالياً يشار اليه، كما يشار مثلاً الى وثبة كانون أو انتفاضة تشرين، مع أن العراق والمنطقة كلها قد مرت بتقلبات وتطورات لامثيل لها، إذا ما استثنينا، فترة الكفاح المسلح في كردستان، والذي فسره العديد من قادتنا آنذاك، كونه ردة فعلٍ على دموية السلطة، وليس على أساس انعطاف جديد في سياسة الحزب التقليدية.
مع رفع شعار علنية الفكر والسياسة في المؤتمر الخامس، إلا أننا لم نقرأ رأياً مخالفاً لرأي السياسة العامة للحزب، ولم نلحظ عضواً قيادياً نشر رأيه المخالف لتوجهات الحزب في هذه القضية أو تلك - باستثناء الرفيق حسان عاكف الذي طالب صدام بالتنحي عن السلطة - فهل أن الكل متفقٌ على هذه الشعارات؟ وهل هناك رأي واحد مثلا لا يتفق مع سياسة الحزب الحالية؟ ولماذا لا نراه على صفحات ادبياتنا؟ أين الأقلية والأكثرية في الحزب، وما هي حصتها في الإعلام الحزبي؟
إن خطاب الرأي الواحد هو السائد مع الأسف الشديد، ولهذا لا يمكن فهم الديموقراطية على أساس الانتخابات فقط.
ماذا بعد؟
قبل سقوط النظام، رَفعَ الحزبُ شعار: " لا للحرب.. لا للدكتاتورية " والواقع إن هذا الشعار يكرس الدكتاتورية ويدعو الى بقائها، لسبب بسيط جدا، هو أننا غير قادرين على إزاحتها، لأننا رفعنا شعار إسقاطها منذ أكثر من ربع قرنٍ، ولم نتقدم خطوة للأمام، فإذا لم تسقطه حرب خارجية ـ لا سمح الله ـ فلن نجد أنفسنا إلا وحلا بنت الريّس ماسكةً برقاب الناس، فكان المفروض أن يكون الشعار هو: ( نعم لسقوط الفاشية .. لا للاحتلال)، ومع أن شعارنا ذاك يوحي بموقف صلب من القوات الأجنبية القادمة ويرفض مشروعها السياسي، لكن الواقع أثبت أننا أول من يطوي شعاراته خلف ظهره، فدخلنا مجلس الحكم الموقر يقودنا بريمر (الجبار)، وتحت ذريعة نصائح الحلفاء من الكرد والعرب وإلحاح المحبين!، بينما الأولى بنا هو البقاء خارج هذه التركيبة الهجينة، من تجار السياسة والمقاولين، وكل الذين جاءوا محمولين على دبابة الأجنبي، وغيرهم من المرتبطين بجهات خارجية عديدة، لا تخفى على النبيه معرفة خيوطها العربية وغير العربية.
فماذا كسبنا؟
مقرات وصحيفة وكرسي وزارة هزاز؟ كان يمكن الحصول على معظمها، بدون هذه التنازلات، لأن هناك العديد من القوى التي ظلت خارج مجلس الحكم، وهي تعمل بحرية ولها صحفها ومقراتها، وتملك جرأة لا نملكها حتى ونحن ضمن مجلس الحكم، ثم جاءت حكومة علاوي العتيدة ودخلنا في وزارتها الميمونة، المليئة بتجار الشنط السياسية ولاعبي البوكر المحترفين، أين هي طيبة قلب سكرتيرنا الرفيق حميد مجيد موسى وبساطة وزيرنا مفيد الجزائري وصدقهما، من أحابيل وحيل أولئك وما يوحى إليهم من خلف الستارة والكواليس، التي أثبتنا فيها فشلاً ذريعاً، فلم يكن في مقدور رفيقنا الوزير، صرف ثمن، حتى بطاقة سفر لمدعوين لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، لمؤتمر المثقفين، الذي عقد قبل قليل من انتهاء مهامه الثقافية، ولم يجري في عهده الميمون أي اهتمام بالمثقفين ولا بالنتاج الثقافي، ماعدا بعض النشاطات التي يمكن أن تقوم بها جمعية بسيطة، مثل تكريم هذا وذاك من الرواد، أو التي لا تخص وزارته مثل كنس وتنظيف نصب الحرية، الذي هو من اختصاص أمانة العاصمة أو مديرية السياحة والمصايف.
أين الاهتمام بنتاج الفنانين؟؟ الذين حُرِموا طوال فترة نظام صدام البغيض، من عرض أعمالهم الى الجمهور العراقي، خاصة مثقفو الخارج، الذين كانوا يجمعون النقود بصعوبة لطبع كتاب لهم أو إقامة معرض أو مسرحية، ناهيك عن الفرق الموسيقية وإنتاج الأفلام السينمائية، التي تحتاج الى مالية مرتفعة نسبياً، هل قامت الوزارة بجرد لنتاجاتهم، التي ضاقت بها شققهم الصغيرة جداً، هل طبعت لهم مجاميع؟ أو أقيمت لهم عروض؟ هل درست الوزارة وضعهم القانوني، وقدمت مطالعة لمجلس النواب بهذا الشأن؟ أسئلة تطول واجوبة مفقودة.!!. لقد كان ضاراً حقاً بسمعة الحزب، كل هذا الخلط والارتباك بين كثرة الشعارات مع عدم امكانيات تطبيقها، ولم نجنِ من اشتراكنا في هذا المجلس الكارتوني غير انفضاض الناس عنا، والتوجه الى غيرنا، ما دام الأمر يعتمد على إنتهاز الفرص لا غير، فجاءت الانتخابات كمقياس لشعبية حزبنا، التي توهم البعض منا على ارتفاعها، حتى وصل الأمر ببعضنا الادعاء بنسب مئوية تعتمد على خياله العلمي، فكانت النتيجة صدمة حقيقية للذين تحمسوا للانتخابات، أكثر مما كانت للذين لم يشاركوا قيادة الحزب توقعاتها.
لم يكن علاوي من جنسنا ولا نحن من جنسه، والعمل معه هو لصالحهِ وليس لصالحنا، فمن غير السهل أن ينقلب علاوي على عقبيه، مثلما كان انقلاب صدام حسين نحو الاشتراكية العلمية مستحيلاً، كما عول العديد منا أيام المرحومة جبهتنا الوطنية، وهو شخص مرتبط بقوى خارجية، ولا يمكن الركون اليه هكذا بمجرد حصولنا على وعد منه، لإشغال مقعد وزاري أو برنامج زاهي الألوان، سرعان ما تتبخر مواده ومضامينه، بحكم زحمة وتراكم عقود البزنس على مكاتب وزرائه، فينسى عهوده، كما نَسِيَ جميع من تحالفنا معهم عهودهم ومواثيقهم معنا.
هكذا فرطنا بالاحتياطي الذي كان يمكن أن يقف معنا، لو تمسكنا بشعار يطالب بجدولة خروج الاحتلال وإقامة النظام الديموقراطي، والذي يمكن تطويره شيئاً فشيئاً نحو مواقع أكثر تماساً مع تطلعات الناس، لقد دخلنا السوق، بعد ترتيب كامل المشهد تحت سقيفته، فكان حالنا مثل حال الإمام علي بن أبي طالب بعد وفاة النبي محمد مباشرة، إذ انتزعت منه حتى قرية فدك، التي أقتطعها النبي لابنته فاطمة وزوجة عليّ نفسه.
كان كرسي الوزارة هو الطعم الذي أٌصطيد به الحزب، بينما حصل البعض عليها حتى بدون جهد ُيذكَر، ولم يكن معتمداً على جماهير أو تاريخ مشرف، بل هو أقرب الى النكرة بالنسبة لشعبنا، ولا يملك في البنك الوطني للنضال في العراق، حساب بمستوى حسابنا الجاري، والمعمد بالشهداء والتضحيات الجسام! والبعض من هؤلاء، لا يتعدى تاريخه ونضاله، اللطم وأكل الهريسة والقيمة الحسينية، مع كتابة الحروز والعوذ والسحر والبصاق في وجوه المخدرين والمرضى والمجانين، بغية طرد الشيطان، الذي تلبسهم مقابل مبالغ معتبرة. ولا أدري لماذا لا يقف العلماء الأجلاء لهذه الطائفة، ضد الممارسات الوحشية في مناسبة إحياء واقعة كربلاء الأليمة، وألاعيب وخزعبلات المشعوذين وحيلهم المضّرة بطائفتهم بالذات؟!!.
أكررُ، كان علينا أن ننتظر ما تنجلي عنه الغبرة، ليتبين لنا المشهد على حقيقته التي أمامنا حاليا، ولا داعي لتذكير القيادة الطليعية(!) بضرورة استخدام قدرتها على التوقع والتنبؤ في مثل هذه الظروف، وإلا فما نفعها إذن؟ فلو كنا معارضة خارج مجلس الحكم، وننشر مواقفنا الصريحة والجدية للرأي العام العراقي، لزاد رصيدنا الجماهيري، ولكسبنا حتى بعض الذين لا يتفقون معنا في كثير من الأمور، خاصة أولئك الذين يرون في الاحتلال ثلماً لسيادة البلد، أو الذين تضررت مصالحهم بمجيء القوات الأجنبية، دون أن يكونوا أعضاءً في حزب البعث، أو من الذين أجبروا على الانتماء إليه بالقوة، إضافة الى مجاميع مختلفة، من الذين يمقتون الطائفية والنعرات الشوفينية وضيق الافق القومي، ممن أرعبهم الظهور المفاجئ لرجال دين ورؤساء عشائر وإقطاعيين، كقادة سياسيين، لبلد له تاريخ متميز علمانياً، ولكانت نتائج الانتخابات الأولى والثانية مختلفة تماماً - مع أني ضد مشاركة الحزب فيها أساساً - هكذا أخذنا نبتعد عن شعارنا الخاطئ أصلاً، لكن بخطأ أفدح من خطأ الشعار نفسه.
تصورت قيادتنا بعد سقوط النظام، أن الدنيا (كمرة وربيع)، ففتحت المقرات ورفعت الأعلام الحمر وكأننا في أيام 59، وهي أيام دفعَ الحزبُ بعدها ثمناً باهضاً، بسبب غفلة القيادة آنذاك وغرورها ونشوة النصر الأولى، التي لم نحسن تطويرها، مع أن العراق اليوم، قد أصبح أكبر مرتع لأجهزة المخابرات الدولية وعلى رأسها طبعا، المخابرات المركزية الأمريكية، وعِلمَنا أيضاً بالموقف السلبي لمعظم القوى السياسية المتحكمة بالوضع العراقي اليوم من الحزب، وفي جو ملبد بالطائفية والحقد على كل ما هو علماني - تقدمي وإنساني معاصر وحديث، وبممارسات إنتقامية وثأرية تلبست أساليب التصفيات الجسدية، للخصوم السياسيين والمعارضين للدولة الدينية والاحتلال معاً.
أين العقل والحكمة والذكاء والفطنة، ودروس الماضي والحذر واليقظة ؟؟؟.
كم رفيق شيوعي فقدنا خلال هذه الفترة؟
هل تستحق مشاركتنا مع مجموعة الذئاب هذه، هذا العدد من الشهداء؟؟
ألا تتطلب خسارتنا في الانتخابات وفقداننا لهذا العدد من الشهداء وتدهور الوضع، الى مستوى كارثة الحرب الأهلية من الحزب وقفة جادة؟
أين روح تحمل المسؤولية والاعتراف بالخطأ، وتحمل القيادة مسؤوليتها عنه، كمؤشر على النقد الذاتي والاعتراف بالقصور، في ظرف دقيق لا يتحمل محاولات تجريبية غير نافعة أساساً؟
ما هي حصيلة نجاحاتنا إن وجدت؟
هل حقاً أن أياد علاوي رجل المرحلة ورجل المستقبل، وهل يؤمن قادتنا بهذا الشعار؟
لماذا ننضوي تحت مثل هذا الشعار البايخ جداً؟ هل من أجل كرسي وزاري آخر كذلك؟
تتحجج قيادتنا عادةً، بكونها استشارت الكوادر والمنظمات في ذلك، بينما الأمر يحتاج الى لقاء موسع، تدرس فيه كل الاحتمالات، خاصة ونحن نملك خبرة غنية في موضوعة الجبهات، سواء السياسية منها أو الانتخابية وعلى مدى عقود، لقد وشوش لي مسؤولي الحزبي، ليسألني عن رأيي في مشاركة الحزب في الوزارة مع علاوي ورهطه، ونحن في ندوة عن الطائفية، عقدت في كاليري الكوفة، وعندما سألته التأني والانتظار حتى تنتهي الندوة، رد علي بأن القضية مستعجلة وعلي أن أقول: لا أو نعم، فالجماعة ينتظرون على نار على التليفون.
هل يمكن مناقشة قضية من هذا النوع بهذه الطريقة وهذا الأسلوب؟ أم أن الأمر يحتاج الى أعداد جيد ومدروس مع وثائق وجداول وأرقام ومعلومات وإحصائيات إذا توخينا الدقة، وهذا ما تفعله أبسط شركة، تريد النجاح في عملها، وليس حزباً يقود نضالاً ضارياً على جميع الجبهات، في ظروف معقدة جداً مثل التي نمر بها الآن، إذ لم تعد العواطف والشعارات كافية لرسم سياسة صحيحة وتجميع الناس حولنا، أن كل هذا يعكس اللاجدية وعدم احترام عقول الناس، أو لفلفة الأمر باتجاه كلمة (النعم)، التي يتحمس لها من يريد الحصول على موقع قدم في وزارة معروفة توجهاتها مسبقاً، خاصة وأن علاوي قد سبق ونال قسطه من الحكم، فلم يفعل غير زيادة تعقيد الأمور ودفعها نحو التدهور و الانحطاط.
أما قضية كركوك، التي تورط بها الحزب، بسبب طيبة أكثر من اللازم أو شيء آخر، فهي ثالثة الأثافي، مع أن الجميع يعرف، أن قضية كركوك لا يقدر على حلها حتى رب العالمين نفسه! كيف تسنى للحزب قبول هذه المهمة ـ المعضلة؟ ولماذا تتبرع قيادة حزبنا، مشكورةً في توريطنا بمثل هذه المطبات؟ وكأننا ليس لدينا ما يكفي من المشاكل! وها هو سكرتيرنا حائر بين الرفاق، مثل أم العروس لا هو فاضي ولا مشغول، ولم تبت الحكومة الجعفرية الموقرة حول المسألة حتى الآن، والرفيق لا يعرف عدد العاملين معه وما خصص لها من ميزانية، ولا نريد أن نقول أطرش بالزفة..
ما هو مقدار فائدة الحزب؟ فيما لو أظهرت النتائج النهائية، لهذه المسألة العويصة حلولا لا توافق بعض الطوائف عليها، أو ظلماً وإجحافاً لبعضها الآخر! ألا تكفينا مشاكلنا، مع القوى السياسية الحالية، كي نزيد عليها ما لا طاقة لنا به؟
والآن، ونحن على أعتاب المؤتمر الثامن لحزبنا، كيف ستجري الأمور على المستوى السياسي والفكري وحتى التنظيمي؟
شخصيا، لا علم لي بالتبدلات التي جرت للحزب في الداخل، لكني أعرف أن أساليب العمل السابقة والنظرة للمختلف مع سياسة الحزب أو خطه العام هنا في الخارج، لاتزال على ما هي عليه " أيام المزَبَن "، على الأقل في المنظمات التي عملت فيها.
1- أعتقد من الأجدر التفكير بطريقة جديدة للعمل، تبتعد عن التجارب السيئة، التي مورست بحق العديد من أعضاء الحزب، الذين أصبحوا بسببها خارج الحزب مع الأسف، والتحلي بالشجاعة المبدئية أيضاً للاعتراف بالخطأ وتصحيحه، حتى لو كان المطلوب إرسال رسائل شخصية لهؤلاء، مع الاعتذار لهم باسمنا جميعاً على ما لحقهم سابقاً من حيف، خاصة وأن فيهم من الطاقات والمواهب، التي يفتخر ويعتز بها مجتمعنا العراقي.
2- أن يقوم الحزب بجرد وإحصاء رفاقه وقدراتهم وما يمتلكون من مؤهلات علمية ومهنية وتجارب في الميادين المختلفة، لتوجيهها الوجه الصحيحة، التي تفيد الرفيق والحزب معا، وأن لا تغمط حقوق العضو بحجة مصلحة الحزب، فالحزب جهاز تنفيذي، وليس كعبة تُعَبد، ومصلحة الإنسان هدفه، ولا يمكن للجهاز أو الأداة أو الآلة، أن تعمل إذا لم يكن تنظيم عملها مبني على الامكانيات المتوفرة، وبناءً على خطة عمل واضحة ومحددة والمطلوب اليوم الاعتماد على البيانات وجداول الإحصاء والمعلومات والثقافة الحديثة، لرسم خطة وسياسة وبرنامج واقعي ملموس وقابل للتنفيذ.
3ـ من الضروري التخلي عن تمثيل الحزب بالسكرتير الأول فقط، في المقابلات واللقاءات، حتى لو كان الصحفي أو الجهة المعنية قد حددت ذلك، لأن تكريس هذا التقليد، يضعف من حيوية المشاركة الجماعية ويغمط حق أصحاب الاختصاصات في هذه المسألة أو تلك، فليس من المعقول أن يكون أبو داود عليم بالطماطم والبطيخ وعلم الفلك والجاذبية وقوانين الفيزياء والنفط والكباب بنفس الدرجة.
لنتخلص من صورة القائد العبقري، الذي لا تخفيه خافية، كما كان الحال عند جوزيف ستالين وغيره من قادة الحركة الشيوعية وغير الشيوعية، وكأنهم آيات الله المنتشرين حالياً في أوساط الجماهير الجاهلة والمنزوعة الإرادة والمنومة مغناطيسياً.
4- على الحزب أن يتصرف في الوقت الحالي، بطريقة حكومة الظل، أي أن يكون له ناطق عن السياسة الخارجية للحزب وناطق عن قضايا النفط وآخر للزراعة وغيره للصحة وخامس للتربية الخ، وأنْ لا يكتفي بالطريقة القديمة في العمل، أو الاعتماد على جبهات وكتل سياسية وتحالفات جانبية، تجعله بعيداً عن توصيل رأيه الخاص في هذه القضية أو تلك.
5ـ التخلص من هيمنة اللجنة المركزية على المواقع الحيوية، خاصة في قضايا الإعلام والثقافة والمعرفة عموما، ليأخذ أصحاب الكفاءات من أعضاء الحزب، فرصهم وبناءً على الجرد الذي تكلمنا عنه سابقا، ولتتنوع التجارب والخبرات، ولا تحصر بيد قلة أثبتت التجارب، على سوء تصرفها في العديد من المواقف والمنعطفات الخطرة في حياة الحزب.
6- يجب أن يكون دور اللجنة المركزية في هذا الظرف الجديد من عصرنا الحالي، تنسيقياً بين الاختصاصات وتنظيم سيرها بشفافية ومرونة عالية، ليتم التطور الداخلي والخارجي بانسجام مع مصالح قوى المجتمع العراقي الحية، وكذلك لصالح الحزب كقوة تقدمية وديموقراطية ومستقبلية أيضاً، والتخلص من هيبتها المفتعلة وعلمويتها المبالغ فيها، مع الاحتفاظ بحقها الطبيعي، الذي يكفله النظام الداخلي، الذي يجب تخليصه من المواد التي لها علاقة بالنضال السري جداً.
7- جعل صحافة الحزب ملك لجميع أعضاء الحزب، لهم الحق في الكتابة فيها، وعدم منع المواد التي لا تتماشى مع الخط العام بحجج مضحكة لم تعد تقنع أحد، وضرورة نشر الأفكار المُختَلَف عليها أيضاً، ليطلع عليها بقية أعضاء الحزب، وبهذا يستطيعون تشخيص الرفيق، الذي يمكن أن يمثلهم في المواقع الحزبية المختلفة بيسر وشفافية، ومن أجل إغناء الحوار والنقاش الحر والمسؤول في مختلف القضايا.
8- نحن حزب علماني، ويعتمد الفكر المادي بمعناه الفلسفي، وليس بالمعنى الدارج العامي للمادية ولهذا فإن من مهام الحزب الفكرية الجادة والمطروحة حالياً بشكل ملح، هو الموقف من الأحزاب الدينية، فهي احزاب ليست سياسية، وإنما قوى فاشية، تريد إعادة التاريخ الى أربعة عشر قرنا للخلف، وهي لا تستخدم وقائع الحياة المعاصرة وحقائقها، بل نصوصاً مقدسة لديها ولا يمكن الجدل حولها، مع أن إمامهم وولي الله وحجته عندهم الإمام علي بن أبي طالب، كان من أشد المعارضين، لاستخدام القرآن في الصراع السياسي، حيث نبه ممثله أبا موسى الأشعري قائلاً : " لا تجادلهم بالقرآن فالقرآن حمّال أوجه" عندما توجه الى أصحاب معاوية، لحسم الصراع في صفين بالتي هي أحسن، وهنا تجدر الإشارة الى أن المقصود هنا، ليس العامة من أتباع هذا المذهب أو ذاك، وإنما القادة الحزبيين لمثل هذه الحركات، من الذين يريدون جر الشعب العراقي الى حربٍ أهلية طاحنة، فنحن لم نختلف مع أبناء الطوائف المختلفة ولا مع مكونات الشعب العراقي المتنوعة، بل العكس هو الصحيح، إذ يضم الحزب كل الطوائف والمكونات العرقية والمذهبية والدينية لشعبنا، ومن هنا يكتسب الحزب أهمية فائقة ويتميز عن غيره بمزايا إنسانية فريدة، لكنه ملزم بتنبيه مخاطر التعصب الديني والطائفي والعرقي، الذي لم ينفع دعاته ودهاقنته، وأمامنا تجارب الأديان والأقوام الأخرى في هذا الخصوص.
9- لقد اقترفت قيادة الحزب في المؤتمر الخامس خطأً كبيراً في تقسيم الشيوعيين الى أكراد وعراقيين، وكأن الأكراد لسو بعراقيين؟ وخضعت لميول انتهازية داخل حزبنا، وغذّتها نوايا خبيثة من قبل القوى المعادية للشيوعية في العراق، من العرب والكرد على السواء، لتشق الحزب وتجعله غير قادر على لعب دوره المطلوب، ولهذا فأنا أرى ضرورة عودة الأكراد الى أحضان الحزب الشيوعي، ومن يرغب في البقاء في الحزب الشيوعي الكردستاني، فهذا شأنه، لأننا حزب أممي بالدرجة الأولى، ونحن مع حق تقرير المصير لكافة الشعوب صغيرها وكبيرها، لكن علينا أن نعالج كل قضية بظرفها الملموس، وليس على أهواء ونَزَعات بعيدة عن الواقع، ومفيد هنا أن نتذكر أن حدك وأوك قد طالبا في أكثر من مناسبة وزاودوا علينا، في هذا الشأن، لكن الواقع وتوازن القوى، لم يسمح لهما بتحقيق مغامراتهما، التي ستدفع الشعب الكردي الى جحيم صراعاتهما الخاصة والضيقة، والتي لم تنتهي حتى هذه اللحظة، وانقسام كردستان العراق الى شطرين، دليل على نتائج مثل هذه المغامرات في الوقت الحاضر.
10- هذا يجعلنا نطرح سؤال النضال القومي العربي، بعد فشل التجربة الناصرية وتجربة البعث بشطريه العراقي والسوري، أعتقد أن دراسة هذه القضية من قبل الشيوعيين العراقيين وغيرهم من الشيوعيين في البلدان العربية، جديرة بالبحث وتبني برنامج تقدمي ديموقراطي، لتنشيط التعاون المثمر ومن خلال منظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات والجمعيات الأهلية وغيرها، إذ سيعود بالنفع على هذه الحركة وتسترجع من خلال ذلك دورها القومي - الوطني، في سبيل مصالح الشعوب العربية والدفاع عنها، فلا تزال أجندة هذا النضال مليئة بالمطاليب والاستحقاقات الملحة.
11- بقيت قضية اسم الحزب! الذي يدور حوله همس ولمز ونقاش يرتفع تارة وينخفض أخرى، أنا شخصيًا مع بقاء الاسم، الذي تعمد بالدم والتضحيات وذاد عنه خيرة أبناء شعبنا، والشيوعية بعد ذلك هي حلم كل البشر من مؤمنين وغير مؤمنين، وما الجنّة؟ غير عصر الحرية والتمتع بما لذ وطاب من نِعَم الطبيعة والحياة! وكحزب له رؤية مستقبلية، يجب الاستعداد للعولمة المقبلة علينا، لتهدم الأشكال القديمة والنظم المتخلفة للعلاقات بين البشر، وإقامة العلاقات الحديثة والمتطورة، مع ما يصحب ذلك من دمار ومآسي وربما حروب، لأن الولادة الجديدة لا تتم بدون آلام، وهذه هي سُنّة الطبيعة و التاريخ والحضارات في كل زمان ومكان، وما يجري الآن في العراق، هو ثمن التحول الجذري والانقلاب النوعي نحو العصر الحديث، ومن الطبيعي جداً أن تتم مقاومته بحجج مختلفة وبسبب المصالح المتناقضة، أضافة الى أنه يتم تحت حراب المحتل والقوات الأجنبية، مع الأسف الشديد.
رفيقكم فيصل لعيبي
14/3/2006
رسائل تحسين المنذري
ـ رسالة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
(موقع الناس)
وبعد أيتها السيدات أيها السادة، لعلي لا أجيد طرح الفكرة بكلام منمق ولا أتبع طريقة "إياكِ أعني وأسمعي يا جارة" فأنا مباشر في قول ما أريد ولا بأس من ذلك ما دمت أبتغي مصلحة الحزب، هذا الكيان الذي ترعرعنا في صفوفه ووفاءً لكل ما تعلمته منه ومن عملت معهم، شهداءً وأحياء، فإني سأبدأ معكم من الاخر ... وآخر ما حدث هي الانتكاسة المخجلة في انتخابات مجالس المحافظات، فرغم إن مشاركتكم لم تكن مرحبا بها من قبل أغلب جماهيركم وأنا منهم، لكن لا بأس في تقييم سريع لدوركم وبدءاً باختيار المرشحين، وهذه من مشكلاتكم المزمنة ، حيث إنكم تعتمدون معايير تقييم الرفيق حزبيا وليس معايير عمله وأدواره مع الجماهير والامثلة كثيرة، وعذرا للسيدة بشرى أبو العيس أن أسوق تجربتها مثلا، فهي ليست وجها جماهيريا معروفا لكثير من الناس، هي فقط موظفة في وزارة الثقافة وبحكم موقعها هذا فهي معروفة لنخبة قليلة من رواد المسارح أو المهتمين بالشأن الثقافي، لكنكم وقع اختياركم عليها فقط لأنها عضوة في اللجنة المركزية، وكأن عضويتها تلك كارت مرور جماهيري، وهذه النقطة تحتاج الى مراجعة معمقة، ولأكتفي بهذا القدر دون الذهاب بعيدا .... أما الحملات الانتخابية فللأسف الشديد بدأت في قاعات فخمة، كما تسنى لي الاطلاع على صور لبعضها مثل بغداد والناصرية والعمارة ، وبالتأكيد مثل هذه القاعات لا يرتادها المهمشين والعمال والكسبة والفلاحين وغيرهم من أصحاب المصلحة الحقيقية للتغيير، في حين إن المطلوب من الشيوعيين، تاريخيا وبحكم تمثيلهم الطبقي، أن تبدأ الحملات في أماكن مكشوفة وأحياء فقيرة مثل شارع الشيخ عمر في بغداد أو مدينتي الشعلة أو الثورة أو في ساحة الحبوبي في الناصرية أو في محلة الجمهورية في البصرة، أو بأي فسحة في الاحياء الفقيرة في المحافظات .
التحالف الانتخابي الاخير ... دأب الحزب على الدخول في تحالفات انتخابية قدر الامكان في كل انتخاباته جرت تقريبا منذ 2003، لكن كل تلك التحالفات كانت بائسة ومشاركة الحزب فيها لم تكن ناجحة ولنا في "سائرون" مثال صارخ، أما التحالف الاخير، فرغم كل الحملة الاعلامية التي رافقت خطوات تشكيله وتصريحات أعضاء ل . م، إلا إنه جاء مع تنظيمات غير جماهيرية وليس لها امتدادات تاريخية أو إنها تفتقر لعمق نضالي يشار اليه بالعمل بين الناس أو بتحقيق مطلبا ولو بسيطا، والأنكى من ذلك إن أحد مرشحي إحدى هذه التنظيمات يطلق تصريحا في حملته الانتخابية يمتدح فيه "الحشد الشعبي" يفتقر التصريح الى أدنى مستلزمات الخلق والآداب الاجتماعية العامة! فهل هذا المرشح يعتبر بمقاييسكم (مدنيا)؟ أو إنكم كنتم تعولون عليه في الحصول على مزيدٍ من الاصوات؟ أنتظر الاجابة وأنا واثق إنها لن تأتي.
لكني أعتقد إن إصراركم على الذهاب الى تحالفات مهما كان شكلها، إن هو إلا محاولة للتغطية على عواهن عمل حزبية، تنظيمية وجماهيرية، يعاني منها الحزب منذ 2003 والى الان، وللأسف إنها بازدياد وبدون معالجة. ولعل في مقدمة العواهن تلك هو برنامج الحزب، فبالإضافة الى اعتماده مصادر فكرية متعددة، متناقضة فيما بينها، أضاعت بوصلة التحليل ورسم التكتيكات الآنية، فإنه برنامج طويل، تفصيلي، ممل قراءةً، ومثل هكذا برنامج لا يصلح بالتأكيد للتحشيد الجماهيري حوله وتجربة العشرين سنة التي مضت خير دليل، فلم يستطع الحزب تحشيد الجماهير حوله وتوالت الانتكاسات بأحد أسبابها الهامة وهو البرنامج، ويبدو إنكم مصرين على طرحه للمناقشة قبل كل مؤتمر، ولا تطرأ عليه سوى تعديلات شكلية لا تمس جوهره، ونتيجة لهذا البرنامج يجيئ خطابكم السياسي أو الاعلامي المحيّر! فهل أنتم حزب سلطة؟ أم إنكم حزب معارض؟ فعدم الوضوح هذا من مثالب العمل بين الجماهير، بحيث لا يثق الناس بموقف معارض يطرحه الحزب، لأنهم يخشون أن يأتي بعده موقف مساند لإجراء ما للسلطة الحكومية، كما حدث بعد مقاطعة انتخابات 2021، فقد كتب السيد سكرتير اللجنة المركزية في صفحته بالفيسبوك في نفس ساعة انتهاء التصويت وقبل فرز الاصوات مثنيا على دور مفوضية الانتخابات والاجهزة الامنية في تأمين انتخابات نزيهة!!! مما جعل الكثيرين يتساءلون لماذا قاطعتم إذاً؟ إن الحزب بحاجة الى برنامج تحريضي، قصير يمكن قراءته في أي محفل عام، وعباراته ومطاليبه تصلح أن تكون شعارات تجذب الجماهير حولها وسأكتفي بهذا الان رغم ما في الروح من الالم والورم، لكني سأختم بتساؤلات مقلقة: فما هو مشروعكم السياسي؟ وماذا تريدون أن تصلوا بالحزب بعد كل هذا التدهور في جماهيريته؟ وهل ستراجعون سياستكم ومواقفكم؟ أم إنكم ستكتفون بتقييمات تضع اللوم على عاتق العوامل الموضوعية من محاصصة ومفوضية واستخدام للمال العام في الحملات الانتخابية وغير ذلك مما اعتدنا سماعه بعد كل انتكاسة انتخابية؟
متأكد تماما إن هذه الرسالة ستصلكم مثلما إنا واثق تماما إنكم سوف لن تجيبوا عليها حالها حال المئات من المناشدات والاسئلة والرسائل التي سبقتها من عديد من الناس أعضاءَ في الحزب أو من جماهيره، وذلك من عوامل العزلة.
ملاحظات اولية على رسالة ثانية موجه الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي من قبل الاخ تحسين المنذري
وجهة نظر
الدكتور نجم الدليمي
ان الرسالتين الموجه لقيادة الحزب الشيوعي العراقي جيدة وهذه الرسائل تعكس جزء من مأساة حزب فهد ـ سلام اليوم ولكن هذه الرسائل تخلوا من النقد البناء والصريح لنهج القيادة المتنفذة في الحزب الشيوعي العراقي من اجل تبيان الصورة لجميع الرفاق والاصدقاء في الحزب وكما يتطلب ايضاً الجرأة والصراحة والإرادة الواضحة والصادقة وبدون تردد لان الهدف الرئيس من كل ذلك وغيره هو العمل على انقاذ الحزب الشيوعي العراقي من ازمته الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والايديولوجية منذ المؤتمر الوطني الثالث ولغاية اليوم، كما يتطلب ايضاً وضع مقترحات ملموسة كوجهة نظر للخروج من الأزمة التي يعيشها حزب فهد ـ سلام وليس تشخيص الاخطاء رغم اهمية وضرورة ذلك.
بعض اهم الحقائق التي تواجه القيادة المتنفذة في الحزب الشيوعي العراقي وهي الآتي : الحقيقة الموضوعية الاولى: لا توجد ديمقراطية حقيقية داخل الحزب الشيوعي العراقي نظرياً نعم الواقع الموضوعي لا نقول ذلك من خلال تجربة موضوعية وملموسة لنا من اواسط الستينيات من القرن الماضي ولغاية اليوم ومن خلال معرفتي للقيادة المتنفذة في الحزب ومتابعتي لدور هذه القيادة وعملها في الحزب، ونقول وبصراحة ان هذه القيادة هي المتنفذة في الحزب الشيوعي العراقي منذ المؤتمر الوطني الرابع ولغاية اليوم هي قيادة ليبرالية-اصلاحية وليس لها علاقة بالنظرية الماركسية اللينينية ولا بفكر ماركس، ولا بفكر انجلس و لينين وستالين العظيمين ولا حتى بفكر ونهج الرفيق الخالد فهد ورفاقه الابطال والرفيق الشهيد البطل سلام عادل ورفاقه الابطال. ومن ينكر ذلك علية ان يقدم الدليل والبرهان.
ان من مأساة الحزب الشيوعي العراقي ومنذ السبعينيات من القرن الماضي ولغاية اليوم لم يتم ممارسة الديمقراطية بشكل ناجح وان القيادة المتنفذة في الحزب تطبق المركزية الديمقراطية وفق حاجتها ومصالحها ورؤيتها الخاصة ويتم استخدام هذا المبدأ السليم بشكل خاطئ بل يتم كبح جميع الاراء التي يطرحها الرفاق في الحزب حول مختلف القضايا، بدليل حول ما يسمى بالجبحة اللاوطنية عام 1973، الغالبية العظمى من الرفاق والكادر والقيادين في الحزب رفضوا شروط تلك الجبحة اللاوطنية ولكن بشيطنة تم كسب احد الاصوات في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وهو مقرب من عزيز وفازت جبهة عزيز محمد وفريقه باقلية قليلة جداً، و تم كبح جميع الاراء التي طرحها الرفاق حول الممارسات اللاشرعية من قبل حزب هدام حسين ضد الحزب ومن يطرح ذلك يواجه بجواب جاهز (( الرفيق يحتاج إلى تثقيف بالجبهة)) او يتم ابعاده من مسؤولياته الحزبية وتحت ذرائع عديدة وهذا ما فعله باقر ابراهيم عندما فكك منطقة بغداد والوسط والجنوب لان غالبية اعضاء المناطق الحزبية رافضين لشروط هدام حسين والاغتيالات لقادة الحزب معروفة قبل التحالف وبعده، وهم الرفاق الخضري، شاكر محمود ستار خضير كاظم الجاسم البرزنجي وعبد الامير سعيد وغيرهم من الرفاق الاخرين وكما يلاحظ ان التحالف مع سائرون لعب احد القياديين في الحزب دوراً كبيراً في ذلك ولم يتم الاخذ برأي الرفاق عملياً والشيطنة اللاشرعية حول ما يسمى بالاستفتاء الداخلي هي عملية مفبركة وغير مبدئية، اي قشمرة الرفاق وهو تحالف بائس وفاشل مقدما فهو من قال (ان اميركا امر حتمي في العراق، وان الشيوعية لم تعد ايديولوجية…) او عندما يتم طرح موضوع بشت اشان في الاجتماعات الحزبية للكوادر.. يؤكد السيد ابو داود (يكفي رفاق طرح هذا الموضوع لا تكررون القضية…) ناهيك عن العشرة المبشرين والعشرة المعصومين وما حدث في المؤتمر الحادي عشر، اما المؤتمر الوطني الرابع، فهو مؤتمر البيرسترويكا الذي لعب فيه فخري كريم وعزيز محمد والمحيطين بهم. ان الحقيقة الموضوعية والمرة تؤكد من المؤتمر الثالث حتى الان لا توجد ديمقراطية حقيقية داخل الحزب مما ادى ذلك الى الحال الذي يعيشه حزب فهد ـ سلام اليوم؟
الحقيقة الموضوعية الثانية: بسبب غياب الديمقراطية الحقيقية داخل الحزب وظهور قيادة متنفذة تقود الحزب مع غياب القيادة الجماعية الحقيقية… كل ذلك ادى ان القيادة المتنفذة في الحزب الشيوعي العراقي منذ المؤتمر الثالث ولغاية الان لم تحضى بثقة الرفاق وبشكل مقنع اصلاً، بين الدروشة، وبين التردد، وبين المصالح الشخصية مما ادى ذلك الى ضعف ثقة القاعدة الحزبية وغالبية الكوادر بهذه القيادة المتنفذة واثر ذلك على ثقة الجماهير من العمال والفلاحين والمثقفين الوطنيين بالقيادة المتنفذة لان نهج هذه القيادة يتعارض مع الثوابت الوطنية والمبدئية لفكر فهد ـ سلام، نهجاً خاطئا بدليل ما حدث بعد الاحتلال الامريكي للعراق ومشاركة قيادة الحزب في مجلس بريمر الفاشل والمشاركة بالعملية السياسية الفاشلة بامتياز والمدعومة اقليميا ودولياً ومن هنا ينبع عزوف الغالبية العظمى من الاصدقاء والرفاق والكوادر.. الابتعاد عن القيادة المتنفذة في الحزب، اي عن الحزب. ناهيك عن ازدواجية الجنسية للغالبية العظمى من قيادة وكوادر الحزب وظهور الاغنياء، مليونيرية… في الحزب؟!
الحقيقة الموضوعية الثالثة،: ان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في العراق منذ زمن هدام حسين ولغاية اليوم هي لعبة برجوازية خبيثة وشيطانية، فمن وجهة البرجوازية الحاكمة التي تملك السلطة والمال والاعلام وتشريع القوانين لصالحها هذا هو جوهر الصراع الطبقي والايدولوجي في المجتمع الطبقي اما ان يتم التعويل 100 بالمئة على الانتخابات البرلمانية في السلطة البرجوازية فهو خطأ كبير لأي حزب شيوعي يعول على ذلك فقط ،ان القيادة المتنفذة في الحزب وضعت وسلمت كل امورها وأقرت بالواقع بالاستسلام لهذه اللعبة السياسية من قبل البرجوازية وتم تبرير ذلك وفق مبررات واهية وعديدة ولا يستبعد من ان هذه القيادة المتنفذة قد وقعت تحت ثاثير قوى محلية واقليمية ودولية بالقبول بهذا الوضع علماً ان القيادة المتنفذة تدرك جيداً ان النتائج محسومة مسبقاً لصالح المكونات الطائفية الثلاثة بشكل عام والشيعة بشكل خاص هذه الانتخابات تعكس مصالح النخبة الاوليغارشية الحاكمة في العراق بالدرجة الأولى وليس مصالح الشعب العراقي و تكريس لنهج المحاصصة المقيت وهذه هي الحقيقة الموضوعية التي لا تريد أن تعترف بها القيادة المتنفذة في الحزب وعدم الوصول الى استنتاجات علمية وموضوعية من اجل اتخاذ موقف مبدئي واضح وان مسك العصا من الوسط او الركض وراء السراب هو رهان خاسر بامتياز. ان التركيز على العوامل الموضوعية رغم اهميتها لا يكفي، بل العامل الداخلي، العامل الذاتي للحزب مهم يتم التهرب منه، وبسبب ذلك فقد الغالبية العظمى من الرفاق والكوادر المتقدمة في الحزب الثقة بهذه القيادة الليبرالية الاصلاحية وهي قيادة قد فشلت في قيادة الحزب وهم يدركون الان ان قوة الحزب الشيوعي العراقي اليوم هي خارج الحزب ولأسباب عديدة ويقول احد القياديين في الحزب (…) (دعهم يخرجون من الحزب نخلص منهم) هل هذا معقول؟ .
الحقيقة الموضوعية الرابعة: ما هو البديل؟ والخروج من المأزق والأزمة التي تواجه الحزب؟
نعتقد، ان الحل الوحيد والجذري للخروج من المأزق والأزمة التي تواجه حزب فهد ـ سلام منذ الاحتلال الامريكي للعراق او قبل ذلك تكمن في الاتي:
* يتم تشكيل لجنة حزبية من خيرة الرفاق من داخل وخارج الحزب من اجل اعداد ورقة عمل جديدة اخذين بنظر الاعتبار جميع الانتكاسات التي واجهت الحزب الشيوعي العراقي منذ المؤتمر الوطني الثالث ولغاية اليوم واستخلاص الدروس والعبر لصالح تعزيز دور ومكانة الحزب في المجتمع العراقي وكما يتطلب عدم زج اي قيادي من الحزب قد ساهم سواء كان ذلك بشكل مباشر او غير مباشر في هذه اللجنة وان الرفاق خارج الحزب الذين ابعدو او تركوا العمل السياسي بسبب النهج الليبرالي الاصلاحي للقيادة المتنفذة معروفون ويمكن الاتصال بهم واشراكهم في عمل اللجنة لوضع التقرير السياسي ومسودة النظام الداخلي وبرنامج الحزب من اجل عقد مؤتمر جديد للحزب ويتم محاسبة القياديين سواء كان اموات او الاحياء منهم وفق الشرعية والديمقراطية في المؤتمر الجديد.
## ان هذه الملاحظات هي مجرد وجهة نظر من خلال العمل السياسي الحزبي سابقاً والمتابعة المستمرة لعمل هذه القيادة المتنفذة التي دفعت الحزب الشيوعي العراقي، حزب فهد ـ سلام الى ما هو عليه الآن الحزب مريض ويحتاج إلى عملية جراحية كبرى وهذا الحل الوحيد والجذري لقضية حزب فهد ـ سلام، ومن يرفض ذلك وغيرة نذكره ما قاله قائد البروليتاريا لينين العظيم (( ان الخيانة سواء كانت بجهل او بغباء، او بشكل واعي ومخطط لها فهي خيانة عظمى)) والحر تكفيه الاشارة.
سؤال مشروع؟ هل سيدرك دراويش السياسة من الاعضاء والكوادر المتقدمة وبعض القياديين وبعض المخلصين منهم سواء كانوا داخل الحزب او خارجه الخطر الداهم والمحدق الذي واجهه ويواجهه حزب فهد ـ سلام اليوم؟ ان الصحوة والمبدئية والاخلاص والإرادة القوية ووضع مصلحة الحزب فوق المصالح الشخصية المادية او غيرها يعد ذلك شيء هام اليوم. ان الصحوة المبدئية والوطنية مطلوبة من المخلصين من اعضاء الحزب اليوم وليس غداً او بعد غد، المستقبل القريب سيكشف لنا مفاجآت كثيرة حول ذلك؟
ـــــــــــــــــــ
شباط 2024
الرسالة الثالثة
الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
تحسين المنذري
(موقع الناس)
كما وعدت في الرسالة السابقة ها إني أكتب لكم مرة اخرى، رغم إن أغلبكم لا يقرأ ولا يريد أن يسمع من الاخر ملاحظة سلبية حتى لو صغيرة، وبالتأكيد أنا لست نكديا أو متصيدا في الماء العكر، لكن قضية الحزب تشغل بال الكثيرين وأنا منهم، فالتدهور المريع في أعداد المصوتين يستدعي الوقوف مليّا على ما جرى. صحيح إننا تعودنا معكم على الخسائر والنتائج الضعيفة مع كل انتخابات منذ 2003، إلا إن النتائج الاخيرة كانت صدمة حقيقية، فهذا الحزب العريق ذو النضالات والبطولات التي غيرت مسار الكثير من الاحداث العراقية لم يحصل كل مرشحيه سوى على (7702) صوتا من مجموع الاربعين مليون عراقيا أي بنسبة أقل من إثنين الى كل مائة ألف عراقيا، وهي بالتأكيد نسبة متدنية جدا، تفرض على المرء العودة الى ما مضى، ليس حبا بالماضي، وإنما الدروس المستخلصة منه تبقى منارا للحاضر وللقادم من الايام. فحزب تشكل في بلد لم تكتمل ملامح تطوره، تسود في مدنه قيم عشائرية ـ دينية مختلطة تحارب كل جديد، وريف تسوده علاقات شبه إقطاعية ـ عشائرية ـ أبوية، ونظام سياسي تابع للدولة الاستعمارية الاكبر آنذاك مع انتداب مباشر على كل مفاصل عمل الدولة، وأيضا فالطبقة العاملة كانت ناشئة للتو في قطاعات وأماكن محدودة ، وقبل هذا وذاك كانت المس بيل قد فرضت تشريع قانون مكافحة الشيوعية مع بدايات تشكيل الدولة العراقية أي قبل ظهور اي شكل من أشكال التنظيم الشيوعي، ورغم كل ذلك تصدى فتية آمنوا بالوطن واعتنفوا المبادئ الشيوعية سبيلا للتحرر الوطني فانتظموا بحلقات فكرية تطور عملهم لتشكيل أهم وأخطر تنظيم يهدد مصالح الغرب الرأسمالي ألا وهو الحزب الشيوعي العراقي .. ليسطروا مع من التحق بهم ملاحما بطولية شاهدة على التاريخ وفنارات لمن يريد العمل ويسلك التحدي سبيلا الى تحقيق الاهداف السامية، وكان لنضالهم ذاك ثمرات.
* في عام 1943 حيث الحرب العالمية الثانية وتضييق الحريات في العراق وبعد فشل انقلاب العقداء الاربعة بفترة قصيرة، وعودة القوات البريطانية كقوات احتلال علنية، مع تلك الظروف كانت عضوية الحزب تتراوح بين (3000 الى 4000) عضوا (1) فإذا علمنا إن نفوس العراق آنذاك تتراوح بين ثلاثة الى أربعة ملايين نسمة فستكون نسبة الشيوعيين واحد بالألف الى سكان العراق، ولو اعتمدناها كمعيار فيفترض أن تكون عضوية الحزب الان بما لا يقل عن أربعين ألف عضوا، فهل هي كذلك؟
* في عامي 1947 و1948 حيث خيانة مالك سيف واعتقال قادة الحزب والحملات البوليسية العنيفة التي كانت تشنها الاجهزة الامنية والتي أدت في بعض المدن الى الاجهاز على الهيئات القيادية فيها، بلغت أعداد توزيع جريدة القاعدة "3000" نسخة من كل عدد (2)، فإذا علمنا إن النسخة الواحدة لا تعني قارئا واحد بل خلية بأكملها ربما من أربع الى خمس أعضاء مع الاصدقاء المرتبطين بهم، فربما يكون المعدل عشرة قراء للنسخة الواحدة أي بما مجموع ثلاثين ألف قاري لكل عدد!! فكم هي أعداد طريق الشعب الورقية الان؟ وكم أعداد زوار موقع الحزب الالكتروني يوميا أو حتى أسبوعيا؟
* بعد إعدام قادة الحزب وسلسلة الانكسارات التي رافقت وتلت ذلك والتبدلات المتعددة التي حصلت في قيادات الحزب، لم يمنع كل ذاك من تصدر الشيوعيين المشهد في انتفاضة تشرين / 1952 والتي أدت الى اهتزاز النظام السياسي واللجوء لتشكيل حكومة طوارئ عسكرية برئاسة "نور الدين محمود" والذي كان رئيسا لأركان الجيش قبلها، وحملة الاعتقالات العنيفة والتي طالت بعض قادة الاحزاب الوطنية الاخرى بما فيهم كامل الجادرجي والذي تساءل في المعتقل من بعض الشيوعيين عن اعتقال باسم فقيل له لا لم يعتقل عندها قال : إذاً سوف لن يطول اعتقالنا (3) وباسم هو الاسم الحزبي للرفيق بهاء الدين نوري سكرتير الحزب آنذاك .
* بعد تبدلات مجتمعية عميقة وتغييرات داخل الحزب وتسلم الرفيق سلام عادل المسؤولية الاولى في قيادة الحزب، عادت الانشطة الجماهيرية الكبيرة الى العلن وما حدث في إنتفاضة 1956 شاهدا على ذلك، ففي تقرير المكتب السياسي للحزب المقدم الى إجتماع اللجنة المركزية في شباط 1957 (خرجت الجماهير بحوالي 200 مظاهرة في ثلاثين من المدن العراقية) (4) وهنا لابد من الاشارة لحقيقة هي إن الاحزاب الوطنية الاخرى واحزاب قومية شاركت في تلك المظاهرات أي لم تكن الجموع كلها شيوعية أو مناصرة للشيوعيين، لكن الحملة التي شنتها أجهزة القمع الملكية على الشيوعيين وإعدام قادة إنتفاضة الحي، يدلل على ريادة الشيوعيين لتلك المظاهرات.
* أما بعد ثورة تموز1958 فإن الحزب لم يستكن ولم يتخلى عن تبنيه مطاليب الكادحين والسعي لتحقيق نظام ديمقراطي مكتمل الاهلية، لذلك (نشطت منظمات الحزب الشيوعي لتنظيم المظاهرات الاحتجاجية وزجت قيادة منظمة بغداد كل كوادرها في هذا النشاط وكان قادتها يشاركون في المظاهرات ويقودونها بأنفسهم) (5)
* (منذ منتصف تموز 1959 شنَّ عبد الكريم قاسم حملته للتضييق على الحقوق الديمقراطية التي إنتزعتها الجماهير بنضالاتها الواسعة) (6) . وقد عبر الشهيد سلام عادل عن شراسة تلك الحملة في رسالة وجهها للحزب الشيوعي السوري في 21/ نيسان/ 1961 حيث قال (بلغ مجموع من زجته حكومة قاسم في المواقف والسجون عام 1960 بتهم سياسية واحدا وعشرين الف مواطن غالبيتهم الساحقة من القوى الديمقراطية) (7) . إلا إن تلك الانتكاسة في مسيرة ثورة تموز وتراجع قاسم عن الوعود الديمقراطية لم تمنع الحزب من رص صفوفه ووقوفه الى جانب الجماهير في أحلك الظروف بل ودفاعه عن الاهداف السامية للثورة ومصالح الكادحين فكانت وقفته البطولية في مواجهة إنقلابيي شباط الاسود / 1963، وما أظهرته الارقام المتوفرة عن قوة الحزب أذهلت الجميع فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن البصرة تلك المدينة العمالية الباسلة كانت إحدى قلاع الشيوعيين ففي قطاعين فقط من القطاعات العمالية في البصرة هما قطاع الميناء وقطاع النفط بلغت أعداد الشيوعيين المنتظمين في القطاع الاول (7000) شيوعي ملتزم وفي الثاني (4000) ملتزم (8) أي بما مجموعه أحد عشر الف شيوعيا في قطاعين فقط هذا عدا بقية القطاعات العمالية وفئات المجتمع البصري الاخرى من كادحين وكسبة ومثقفين ومتعلمين وطلبة وغيرهم، وأظن إن التساؤل هنا مشروعا هل يتناسب ذاك مع ما حصل عليه مرشح الحزب في البصرة في الانتخابات الاخيرة حيث لم ينل غير (635) صوتا فقط ستمائة وخمسة وثلاثون صوتا لا غير !!!
* بعد تلك الضربات الموجعة من قبل إنقلابيي شباط الاسود وما أدت من خسائر فادحة في صفوف الحزب من شهداء ومغيبين ومعتقلين فإن همم الرفاق لم تنتكس وواصلوا العمل النضالي الدؤوب وما إنتفاضة حسن سريع إلا نموذجا فهي لم تأتِ من فراغ ، فقواعد الحزب قد تماسكت مرة أخرى وتقول دراسة يتبناها موقع "رؤى سويسرية" الالكتروني وهو موقع مستقل وشبه رسمي (في ستينات القرن العشرين كان عدد اعضاء الحزب الشيوعي نحو "15" الف عضو، وكان وازنا في كل المنعطفات التاريخية التي مرت على البلاد) أي في تلك الظروف الحرجة بلغت فقط عضوية الحزب ضعف عدد الاصوات التي نالها مرشحو الحزب في الانتخابات الاخيرة.
* أما في سبعينيات القرن المنصرم فلا زال الكثيرون من شهود تلك الحقبة أحياء ويتذكرون ما قدمه مناضلو الحزب من إستبسال وتحدٍ لسلطة القمع البعثية وعلى مختلف الاصعدة ويكفي أن أشير الى عمل ونشاط المحلية الطلابية بقيادة الشهيد الباسل (علي حجي حسن "أبو حيدر") والدور الذي لعبه مناضلوها في توعية الطلبة ونشر الفكر التقدمي، وحسب بعض الرفاق ممن كانوا في تلك المنظمة فإن أعضاء الحزب واصدقائهم وجماهيرهم في تلك المنظمة البطلة يفوق بعدة أضعاف ما ناله كل مرشحي الحزب في الانتخابات الاخيرة.
* تلك هي بعض من شذرات نضالات الشيوعيين ومن حقب مختلفة تثبت قدرة المناضلين الشيوعيين على التكيف مع مختلف الظروف وأختيار أساليب العمل الملائمة ورفع الشعارات المناسبة لكل مرحلة، مما يفرض طرح بعض التساؤلات على اعضاء اللجنة المركزية والشيوخ منهم خاصة: هل مررتم على تلك المعلومات سابقا؟ وهل قرأتم شيئا من تلك الارقام؟ أ لم تستفزكم؟ أ لم تعيد فيكم شيئا من عزيمة ونخوة الشيوعيين الرواد والسابقين؟
(1) حنا بطاطو: العراق ج2
(2) نفس المصدر السابق
(3) بهاء الدين نوري: المذكرات
(4) عزيز سباهي: عقود من تاريخ الحزب ج2
(5) صالح دكَلة: من الذاكرة
(6) عزيز سباهي: عقود ج2
(7) نفس المصدر السابق
(8) حنا بطاطو: العراق ج3 الجداول
رسالة النصير الدكتور أبو ظفر
عثرت بين الملفات التي احتفظ بها.. على هذه الرسالة الموجهة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بخط يد الدكتور أبو ظفر.. ويمكن اعتبارها وثيقة أنصارية تعكس في مضمونها جانباً من العمل السياسي والفكري.. الذي ساد في فترة حرجة.. شهدت صراعات معقدة.. تمحورت الآراء والانتقادات فيها بشكل واضح.. لتحدد مسيرة الحركة وسبل النهوض بها.. وما رافقها من تحديات لتجاوز المعوقات في مرحلة تداخل الحرب العراقية ـ الإيرانية وما سببته جريمة بشتاشان 1983 من خسائر فادحة وحالة تراجع انعكست بشكل مباشر على العلاقة بين الأطراف المعارضة للدكتاتورية..
وهي من جانب آخر وثيقة دقيقة لفترة مهمة من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي.. سبقت انهيار الاتحاد السوفيتي وتأثيرات ذلك الانهيار لاحقاً على الأحزاب الشيوعية.. منها الحزب الشيوعي العراقي وبالأخص ما يتعلق بشؤونه التنظيمية.. وأهمية الانتقادات الموجهة للسياسات الخاطئة.. والحاجة الضرورية لتصحيحها وتشخيص البدائل الممكنة لها.. وفقاً لتصورات تلك الأيام.. في أجواء الكفاح المسلح..
أثبتها كدليل توثيقي على ما كان يوجه من انتقادات لقيادة الحزب.. وليست هذه الرسالة للفقيد الدكتور أبو ظفر.. الذي ما زلنا نبحث عن رفاته لليوم.. الصوت الوحيد.. الذي كان ينتقد ويصرخ محاولاً تجاوز الصعوبات وتصحيح المسار.. بحكم اطلاعي على ما كان يدور من نقاشات حيّة.. لم تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل الجهاز البيروقراطي القيادي.. الرافض للتغيير والقامع للانتقادات..
اقترح ضمه الى كتاب الدكتورة بلقيس الربيعي.. ام ظفر.. الذي أعدته قبل سنوات.. في طبعة جديدة.. وسأحول الأوراق بخط يده لها.. لتحتفظ بها..
ــــــــــــــــــ
صباح كنجي
1/12/2023
خطوة الى اليسار، خطوتان الى اليمين
الرفاق في اللجنة المركزية.
تحية رفاقية
ابتداءً أود أن انوه الى ان الدوافع التي أملت عليّ بإلحاح كتابة هذه الرسالة التي عنونتها بـ: “خطوة الى اليسار، خطوتان الى اليمين” والموجهة اليكم، هي:
1ـ ما تطرقت اليه “مناضل الحزب” في عددها الأخير الصادر في آذار 1984، من ذكرها للمظاهر السلبية التي شاعت في التنظيم مع دعوتها الى وقفة جدية لتطهير الحزب منها وتخليصه من آثارها الخطيرة، وتوعدها بإجراءات معينة ستتخذ في هذا المجال.
2ـ ما يشاع هنا وهناك عن توجه قيادة الحزب لعقد المؤتمر الرابع للحزب لمناقشة ومعالجة أوضاع الحزب الداخلية بشكل خاص.
وقبل الدخول في صلب الرسالة، أرجو الانتباه الى أن جوانب محددة من هذه الرسالة كنت قد تناولتها في رسائل أخرى وجهتها الى المكتب السياسي في مناسبات مختلفة خلال أعوام 1981،1982،1983، مع تأكيدي بأن هدفي من هذه الرسالة هو لفت الانتباه الى أن التيار الانتهازي اليميني الذي برز الى سطح الحياة السياسية للحزب خلال السنوات الأولى من تأسيس الحزب، والذي تمت تصفيته بجهد استثنائي من قبل الرفيق الخالد فهد، عاد الى الظهور من جديد بعد إعدام الرفيق فهد وقادة الحزب عام 1949 على أيدي السلطات الاستعمارية والرجعية، ولم تتم مكافحته كفاية، فكان أن تبلور على شكل تيار واضح المعالم والرموز، ساهمت استمراريته وتأثيره الضربات التي وجهها العدو الطبقي الى عناصر التيار الثوري في الحزب، بالإضافة الى تنوع أساليب التخريب التي مارسها العدو بحق الحزب ورفاقه وجماهيره.
إن وتيرة التأثير المعرقل لمسيرة الحزب والتي يمارسها هذا التيار تتراوح في قوتها وضعفها حسب الظروف والعوامل الموضوعية التي تحيط بالحزب، كما أن أشكال وألوان ظهور هذا التيار اختلفت باختلاف تلك الظروف، وهي في أوضاعنا الراهنة تتخذ أشكالاً جديدة في الفكر والممارسة، حاولتُ بتواضع الكشف عنها. كما ان الملاحظة التي لفتت انتباهي من خلال اطلاعي على تأريخ الحزب تمثلت بأن كل خطوة يخطوها التيار الثوري في الحزب، يحاصرها التيار الانتهازي اليميني بخطوتين. لقد كان محور الصراع بين هذين التيارين في الإطار التاريخي لهذا الصراع يتركز حول المسائل التالية:
1ـ الموقف من السلطة
2ـ الموقف من البرجوازية بكل شرائحها واحزابها
3ـ الموقف من أساليب النضال
" خطوة الى اليسار، خطوتان الى اليمين"
إن أول ظهور منظم لليمين الانتهازي، بعد إعدام قيادة الحزب عام 1949، قد تحقق في الكونفرس الثاني للحزب عام 1956 من خلال الفكرة التي تمحورت حولها أعمال الكونفرس والتي تقول بأن طابع الصراع الطبقي في العراق آنذاك هو “سلمي على الغالب” فتحدد على ضوء ذلك، الشعارات التكتيكية وأساليب النضال وشكل التنظيم، حيث أرجعت الى الوراء مسألة الاستيلاء على السلطة بالأسلوب الثوري، وتم التأكيد على أشكال النضال السلمية الإصلاحية اللا ثورية. بينما كل الشواهد التاريخية تثبت بأن طابع الصراع الطبقي في العراق هو عنفي على الغالب.
وتأتي انتفاضة الشعب العراقي في تشرين الأول 1956 ضد الحكم الملكي، على أثر العدوان الثلاثي على مصر، والتي تميزت بعنفها وشمولها لعدد من المدن العراقية، تأتي هذه الانتفاضة لتثبت خطل الخط السياسي للكونفرس الثاني.
فبادر التيار الثوري بقيادة الرفيق سلام عادل الى التخلي عن ذلك الخط، حيث أصدر المكتب السياسي للحزب في مايس 1957 كراساً بعنوان (انتفاضة 1956 ومهامنا في الوقت الراهن) حدد فيه بأن أسباب انتهاج ذلك الخط السياسي الخاطئ تعود الى ان قيادة الحزب لم تستطع وقتذاك أن تقدر (… إن القوى الرجعية الحاكمة في الداخل ستلجأ الى هذا التشبث الجنوني بمواقفها وبالدفاع عن مصالح الاستعمار)، وقد يكون لطروحات المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي كما يذكر الكراس تأثير كبير على صياغة هذا الخط السياسي، إلا أن أبعاد هذه السياسة وممارستها على ارض الواقع يعود بالأساس الى أوضاع الحزب الذاتية المتمثلة بضعف المستوى الفكري لقيادة الحزب وتغلب النزعات الانتهازية اليمينية فيه. وفي نفس العام أصدر الحزب كراساً للرفيق سلام عادل بعنوان (رد على مفاهيم برجوازية قومية وتصفوية)، مثل خطوة الى الامام بتأكيده على أن” مسألة الحكم هي المسألة الأساسية في ثورتنا وكل ثورة” 2.
وعلى ضوء تصحيح الخط السياسي الذي انتهجه الحزب في كونفرسه الثاني، صححت الشعارات والأساليب النضالية والتكتيكات السياسية، فتمكن الحزب من أن يساهم بفعالية أساسية في التحضير وإنجاز ثورة 14تموز 1958. وفي جو من النشوة والانتصارات الثورية المتلاحقة التي أعقبت الثورة، تفشت نزعات الغرور والرضا عن النفس وخمدت اليقظة الثورية، فلم تجر تصفية فكرية وتثقيف واسع بأخطار الاتجاهات اليمينية على خط الحزب.
فعاد اليمين الى الساحة بخطوتين واسعتين. ففي أيلول 1958 يدعو الاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب الى ” فكرة القيادة المشتركة ” للثورة من قبل البرجوازية والطبقة العاملة على أساس إنه “في هذه الفترة (1958ـ 1959) حصل نوع من التمازج ” بين قيادة الطبقة العاملة وقيادة البرجوازية. ففي الوقت الذي كانت فيه البرجوازية منهمكة في توطيد سلطتها وتقوية ركائزها في أجهزة الدولة، كان الحزب يعزز نفوذه في الحركة الجماهيرية” مما يعكس عدم الادراك الواضح لدى قيادة الحزب لقضية السلطة وأهميتها المركزية للثورة.
وبسبب هذا الخط السياسي الانتهازي اليميني، أصبحت السلطة بعيدة عن متناول الحزب، ودُفع الثمن غالياً من دماء وسعادة ومستقبل الحزب والشعب والحركة الوطنية. وكان انقلاب شباط الأسود عام 1963 هو العقوبة القاسية للحزب على نهجه اليميني.
وهكذا تم اثبات المقولة اللينينية ” الانتهازية في الفكرة تقود الى الانتهازية في التكتيك والتنظيم” وبأن “طابع الحزب يتحدد الى جانب العوامل الأخرى، من مسألة من يقف على رأس الحزب وأية سياسة ينتهج” فلم يستطع الحزب استلام السلطة في الوقت الذي اعتبر فيه بأنه أكثر الأحزاب الشيوعية جماهيرية خارج المنظومة الاشتراكية، فعدد أعضاء منظماته الجماهيرية حوالي مليون عضو، وعدد أعضاء تنظيمه العسكري خمسة الاف عضو من مختلف الرتب والتشكيلات العسكرية، والسبب في ذلك هو سيادة النهج اليميني في قيادة الحزب في نظرتها الى مسألة السلطة، وبسبب الحرص الذي ابداه التيار الثوري في قيادة الحزب على “السلم في داخل الحزب” والذي كانت نتيجته سيطرة الانتهازية اليمينية على الحزب.
وفي أواسط 1963، تحققت بفعل ظروف موضوعية وذاتية خطوة ثورية خجولة على يد الرفيقين الشهيدين جمال الحيدري ومحمد صالح العبلّي، وذلك بالتحضير لانتفاضة مسلحة، لكن العدو الطبقي أجهز على البقية المتبقية من رموز ذلك التيار الثوري باعتقال واعدام الرفيقين الحيدري و لعبلّي، وهكذا أصبحت الجادة أكثر اتساعاً أمام مسيرة النهج اليميني برموزه المعروفة، فكان خط آب التصفوي في عام 1964 وما أعقبه من ممارسات على مستوى التكتيك والتنظيم، خلقت أرضية لأضعاف الانضباط الحزبي وتحلل المنظمات الحزبية الذي قاد الى انشقاق أيلول 1967 الذي شطر الحزب شطرين فكان أن قادت العناصر الانتهازية من أمثال عزيز الحاج الموجة الثورية آنذاك فخربت الحزب وأضاعت مستقبل المئات من خيرة الكوادر والرفاق وضيعت على الحزب فرصاً جدية للتطور وتعزيز مواقعه باتجاه استلام السلطة في ظروف موضوعية مواتية. لقد أعطى الانشقاق وفشله بعد شهور من قيامه، الضوء الأخضر أمام الرفاق القياديين اليمينيين وتابعهم من الكوادر المتقدمة، لإشاعة جو من الإرهاب الفكري بحق الرفاق الثوريين داخل الحزب، فأضعفوا من ممارسة حق النقد والنقد الذاتي وأخلوا بتطبيق مبدأ المركزية الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية، وبالرغم من ذلك استطاع التيار الثوري في الحزب أن يحقق خطوة ثورية في صياغة نهج الحزب من خلال وثائق الكونفرنس الثالث 1967، والى حد ما في المؤتمر الثاني للحزب في 1970، الذي تم التأكيد فيه على ان فترة ما بعد 14 تموز قد برهنت ” على مدى عجز البرجوازية من قيادة الثورة الديمقراطية حتى نهايتها. بل وعجز حتى إقامة نظام برلماني يثبت سلطتها ويؤمن السير لها في طريق التطور الرأسمالي الحر” وبأن” تجربة 14 تموز وتجربة الانتكاسة والاخفاقات قد برهنت على أن قيادات البرجوازية الصغيرة هي أيضا عاجزة عن قيادة الثورة حتى نهايتها” الا ان العدو الطبقي كان بالمرصاد لهذا التيار الثوري فوجه ضربات قوية لرموزه فاغتال بعضه وأسقط سياسياً البعض الآخر ومن تبقى منه لم يستطع أن يوقف اليمين الانتهازي في نهجه الجديد القديم المتشبث بأذيال البرجوازية الصغيرة وممثلها في السلطة حزب البعث العربي الاشتراكي، فكانت الجبهة الوطنية والقومية التقدمية (المأساة ـ المهزلة، حسب قول للرفيق كريم أحمد في مجلة الحرية اللبنانية عام 1980).
لقد خرج الحزب من تجربة التحالف مع البعث بهزيمة كبرى على المستوى الفكري والسياسي والتنظيمي. فعلى المستوى الفكري أخفق الحزب في تقييمه المبالغ فيه لحزب البعث العربي الاشتراكي وهو الحزب القومي البرجوازي الصغير الذي تحكمت في أيديولوجيته ونشاطه فكرة معاداة الشيوعية والحزب الشيوعي، وبأن مجيئه الى السلطة ما هو الا نتيجة ” لأزمة البرجوازية بعد تصاعد المد الثوري في العراق وفي العالم العربي على اثر نكسة حزيران 1967، وحاجة البرجوازية الى حزب بمواصفات حزب البعث لقطع الطريق على الحركة الثورية وطليعتها الحزب الشيوعي العراقي واجهاض مبادراتها لاستلام السلطة سيما وأن لحزب البعث تأريخ عريق في الفكر والممارسة الفاشية المعادية لكل ما هو تقدمي، فكان أن “عاد حزب البعث العفلقي بقيادة صدام ـ البكر الى دست الحكم بوجه جديد، بقناع تقدمي”(عن مقدمة مجلة الثقافة الجديدة ـ العدد 152)
لقد تمت المبالغة بإمكانيات هذا الحزب القومي البرجوازي الصغير الى الحد الذي دفع باللجنة المركزية في تقريرها المقدم الى المؤتمر الثالث للتأكيد بأن” الشيوعيين يؤمنون بأن هذه العلاقة (أي علاقة التحالف مع البعث) يمكن أن تتطور وتتعمق وأن تصل بالبعثيين والشيوعيين، بحزبينا المتحالفين في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية، سوية الى بناء الاشتراكية” وثائق المؤتمر الوطني الثالث للحزب الشيوعي العراقي 1976 بغداد ص 42 ـ 43)،
وبذلك تكون اللجنة المركزية للحزب قد تجاهلت الشروط التي يمكن أن تؤمن مسيرة كهذه، والتي لا يمكن القول بتوفرها آنذاك، وأهم تلك الشروط هو تطور البعثيين الذي تم تشخيصهم خطأ على انهم ديمقراطيون ثوريون الى مواقع الاشتراكية العلمية الذي يستلزم الأمور التالية:
1ـ إقرار الديمقراطية الثورية بحتمية الاشتراكية كنتيجة موضوعية للتطور الاجتماعي وبالتالي الإقرار بالرسالة التاريخية للطبقة العاملة وبأهمية دورها في قيادة العملية الثورية.
2ـ تبني الاشتراكية العلمية كأساس فكري وحيد مع ما يعنيه ذلك من قطيعة مع كافة مذاهب الاشتراكية اللا ماركسية
3ـ إدراك أهمية التحالف مع بلدان المنظومة الاشتراكية
4ـ الابتعاد عن ضيق الأفق القومي والدعوة الى إقامة علاقات التضامن الاممي بين عمال جميع البلدان
وخلال سيرورة عملية تحوله، يدرك التنظيم الديمقراطي الثوري ضرورة وجود حزب سياسي طليعي مسترشد بالنظرية العلمية وقائم على أسس تنظيمية متينة ومرتبط بأوثق ارتباط بالطبقة العاملة وبجماهير الكادحين.
إن ضرورة تحول البعث، كديمقراطية ثورية، الى مواقع الاشتراكية العلمية، يعتبر شرطاً لازماً لتوجه العراق او لتصور إمكانية توجه العراق في تلك المرحلة، نحو الاشتراكية (بإمكان اعتباره بلد ذو توجه اشتراكي او كما كان يطلق عليه سابقاً بلد ذو توجه لا رأسمالي)، فمثل هذا التوجه يستلزم الشروط او العناصر الضرورية التالية:
1ـ سلطة شعبية ثورية
2ـ حزب طليعي ثوري يوحد كل القوى الثورية الديمقراطية المعادية لكافة أشكال الاستغلال والمؤمنة بالاشتراكية العلمية
3ـ التحالف والتعاون الشامل مع الدول الاشتراكية في النضال المشترك ضد الامبريالية وبناء المجتمع الجديد.
4ـ اجراء تحولات اقتصادية اجتماعية وثقافية للقضاء على التخلف والاقطاع ومنع بروز علاقات رأسمالية، ووضع أسس مادية تكنيكية لبناء المجتمع الاشتراكي، وذلك عن طريق جر الجماهير الكادحة ـ القوة الأساسية صاحبة المصلحة في التغيير، الى الاسهام العملي الفعال في هذه التحولات من خلال افساح أوسع مجال ديمقراطي لها لانتخاب أجهزة الدولة والمشاركة فيها أي تشكيل منظماتها الجماهيرية لتلعب الدور المناط بها.
فهل كانت هذه الشروط والعناصر متوفرة آنذاك حتى يمكن للمؤتمر الثالث للحزب أن يخرج بمقولة إمكانية تطور العلاقة بين الشيوعيين والبعثيين وتعميقها ومسيرتهما سوية الى بناء الاشتراكية؟
الجواب كلا طبعاً. فالذي حصل هو ان الحزب وتحت تأثير النهج الانتهازي اليميني الذي سيطر على قيادته انخدع بوهم إمكانية تطور العلاقة بين الشيوعيين والبعثيين رغم عدم توفر شروطها الموضوعية والذاتية، وذلك انطلاقا من النظرة الإصلاحية لهذا النهج التي تمتاز بالذيلية للفكر البرجوازي الذي يعول على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التدريجية أكثر من اعتماده على النظرة والأساليب الثورية لتغيير المجتمع رغم إن “أية إصلاحات اجتماعية لا يمكن لها أن تكون مهما بلغت سعتها وجذريتها، بديلا عن مطلب الشعب في الحريات الديمقراطية والنظام الديمقراطي، ويتعذر تحقيق سياسة وطنية معادية للاستعمار وسياسة تقدم اجتماعي حقيقي في ظل الإرهاب السياسي وكبت الحريات الديمقراطية للشعب وللأحزاب الوطنية”(وثائق المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العراقي أيلول 1970 ص 50).
ففي حقيقة الامر لم تكن عودة البعث الى دست الحكم من جديد في 17 تموز عام 1968 الا ” لتحقيق الثورة البرجوازية باتجاه إطلاق العنان للتطور الرأسمالي وتحديث الرأسمالية وكانت القضية المفتاحية في هذا السبيل التراكم الضروري للقضاء على التخلف الاقتصادي. ولم يكن بالإمكان انجاز ذلك بدون الاعتماد على قطاع الدولة لضعف القطاع الخاص. وكانت الامبريالية تهيمن على أهم مورد اقتصادي ـ النفط ـ فجرى تأميم الحقوق المستثمرة في عام 1972 وكان لا بد لتحقيق هذا المطلب الأساسي لجماهير الشعب واحزابها السياسية من الاعتماد على قوتين رئيسيتين المنظومة الاشتراكية ولا سيما الاتحاد السوفييتي والحزب الشيوعي العراقي. وبهذا يكمن تفسير المظاهر التي اكتست بها مواقف حزب البعث في السياستين الخارجية والداخلية آنئذ”(الثقافة الجديدة، العدد 152، ص 109).
إن الدور الطبيعي للبرجوازية الصغيرة في الحركة الثورية التحررية هو أن تكون سنداً للطبقة العاملة في صراعها الطبقي ضد البرجوازية الكبيرة من أجل السلطة السياسية كأداة لتحقيق سيطرتها الطبقية. فدورها الثوري في حركة التحرر يكمن إذن في كونها طبقة سنداً للطبقة العاملة. ومن غير الطبيعي، في منطق تطور الصراع الطبقي، أن تنعكس هذه العلاقة الطبقية بين الطبقة الثورية والطبقة السند. أن هذا الوضع غير الطبيعي في منطق تطور الصراع الطبقي هو الذي كان سائداً في العراق آنذاك، فالطبقة البرجوازية الصغيرة بشخص ممثلها حزب البعث العربي الاشتراكي أصبحت هي الطبقة المهيمنة، والطبقة العاملة بشخص طليعتها الحزب الشيوعي العراقي وفي منطق النهج الانتهازي اليميني، أصبحت هي الطبقة السند وبالتالي الذيل للبرجوازية الصغيرة. لقد كان ذلك مظهراً من مظاهر التحريفية والانتهازية اليمينية التي تمثلت بالإضافة الى جوانب ومظاهر أخرى بالاقتران بالمبالغة في دور البرجوازية الصغيرة وقيادتها في الدول النامية المستقلة حديثاً..”(وثائق المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العراقي أيلول 1970، ص17)
فانقلاب (17 ـ 30) تموز 1968 الذي أطلق عليه لاحقاً اسم ثورة!؟ ” لم يغير طابع الحكم البرجوازي بل نقل السلطة الى أيدي فئة من ممثلي البرجوازية الصغيرة والمتوسطة التي، رغم كل ما اتخذته من خطوات تقدمية، لم تشأ وضع حد لأسلوب الحكم العسكري الاستبدادي بل صبغته بصبغة حزبية (بعثية). فالحكم الحالي يستمد سلطاته من كونه يعتمد على سيطرته على القوات المسلحة بفضل ولاء بعض الضباط له وعلى أساليب القمع” (وثائق المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي العراقي، أيلول 1970 ص80)
فما الذي تغير بعد ذلك؟
أن كل التطورات التي حصلت في العراق بعد تسلم البعث لزمام السلطة أعطت الدليل بوضوح على أن النظام وحزبه الحاكم محكوم بضرورة داخلية تقوده الى ان يكون ممثلا لمصالح البرجوازية البيروقراطية والطفيلية في الداخل ولمصالح الاحتكارات الرأسمالية العالمية في الخارج كما تعززت بمرور الوقت نزعاته الرجعية ضد الشيوعية والشيوعيين وضد كل مظاهر التقدم والديمقراطية داخلياً وعربياً ودولياً.
إن ما حصل في 1978 ـ 1979 من تصعيد النظام البعثي لحملته الهستيرية المعادية للحزب الشيوعي العراقي وما رافقها من مظاهر إرهابية أخرى، ليست في الحقيقة ” ارتداد النظام” او هي ” تدهور لنهج النظام “، كما يطرحه اليمين الانتهازي في تقارير اللجنة المركزية، بل استمرار طبيعي لتطور البنية الداخلية لهذا النظام منذ البداية.
لقد قاد هذا الموقف الفكري اليميني للحزب بصدد طبيعة وامكانيات حزب البعث العربي الاشتراكي الى تكتيكات وممارسات سياسية يمينية تراجعية امام السياسة الرجعية لحزب البعث، على الأصعدة الداخلية والعربية والعالمية. وتميزت سياسة الحزب اتجاه السياسة الرجعية المغلفة بالتقدمية التي انتهجها حزب البعث، إما بالسكوت عن مناقشتها أو نقد بعض مظاهرها على استحياء، أو تداولها مع “الحلفاء” ولكن على المستوى القيادي فقط. دون التفكير أو ممارسة الضغط من القاعدة بأشكال مختلفة او الانجرار الى تأييد بعض المواقف التي أقدم عليها البعثيون والتي كانت تشكل في بعضها خطورة حقيقية على استقلال العراق. كما حصل من مباركة للاتفاقية العراقية ـ الإيرانية الجائرة المعقودة في الجزائر عام 1975 حول الحدود حيث رحب حزبنا وقتها “بالخطوات المتخذة نحو إقامة العلاقات الطبيعية بين الدولتين الجارتين العراق وإيران” وثائق المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي العراقي 1976 بغداد ص59.
أما على الصعيد التنظيمي فقد تجلت هزيمة الحزب بتخليه عن منظماته الديمقراطية وعن العمل في صفوف القوات المسلحة وتراجعه امام الإجراءات التي اتخذتها السلطة في مجال تبعيث التعليم ومؤسسات الدولة بشكل عام، وكشفه لخطوطه التنظيمية وكوادره وعدم اتخاذه الاحتياطات الاحترازية في مجال التنظيم مما سهل على العدو الطبقي الاندساس داخل صفوف التنظيم وسهل عليه أيضا توجيه ضريبته القاصمة في 1978 ـ 1979.. الخ فانحسر دور الحزب وتقلصت جماهيريته.
وبعد هزيمتنا على يد البعثيين في 1978 ـ 1979، اشتد الصراع في الحزب بين التيار الثوري مدعوماً بالقاعدة الحزبية وبعض الكوادر المتقدمة وبين التيار الانتهازي اليميني مدعوماً بغالبية الكوادر المتقدمة، لقد حاول الجناح اليميني في قيادة الحزب فرض تخريجاته لهزيمة الحزب من خلال ما طرحته قيادة الحزب في الداخل في “مناضل الحزب” في عددها الصادر أوائل عام 1979، وفي بيان المكتب السياسي الصادر في مايس 1979، حول شروط عودة التحالف مع البعث، وفي الشعار الخجول الذي رفعه الحزب في تقرير اجتماع اللجنة المركزية في تموز 1979 والداعي الى “انهاء الحكم الديكتاتوري ..” ومن خلال إصراره على تضمين الخط السياسي الجديد، نظريته اليمينية حول: الارتداد الشامل للنظام” عن “نهجه التقدمي” وذلك في محاولة للالتفاف حول اية عملية تقييم جدي لمرحلة التحالف الفاشلة مع البعث الفاشي قد يقوم بها الحزب، من اجل اعتبار ما حصل خلال مرحلة التحالف تلك، مجرد تقصيرات وأخطاء ارتكبتها قيادة الحزب وليس نهجاً يمينياً محدداً برموزه التأريخية. إلا ان التيار الثوري واصل هجومه واستطاع بفعل ظروف ذاتية وموضوعية مناسبة أن يحقق خطوته الثورية وذلك بانتهاج الحزب لشعار اسقاط النظام الدكتاتوري الفاشي وإقامة البديل الديمقراطي في العراق واعتبار الكفاح المسلح الأسلوب النضالي الأساسي لتحقيق هذا الشعار بالإضافة الى الأساليب الجماهيرية الأخرى والدعوة الى إعادة بناء التنظيم وتقويته على الأسس اللينينية الثورية ليكون نواة “وقائداً لتحالف وطني عريض من أجل انجاز المهام الكبيرة التي تطرحها المرحلة الراهنة أمام شعبنا وحركته الوطنية، ومن أجل تطور الثورة باتجاه إقامة ديكتاتورية البروليتارية، ولقد تبلور هذا الخط السياسي ورغم ما شابه من طروحات يمينية، في تقريري تشرين الثاني 1981 وأيلول 1982 الصادرين عن اجتماعي اللجنة المركزية للحزب في تلك الأعوام.
وأمام هذا المد الثوري الجديد، تظاهر اليمين الانتهازي بتراجعه الظاهري عن طروحاته مؤقتاً، ولكنه وبسبب الظروف الموضوعية والذاتية التي أحاطت بالحزب في السنوات الأخيرة، والتي تمثلت أساساً بالمستوى الفكري والممارسة النضالية المتقدمة للقاعدة الحزبية والتي استطاعت التعرف على رموز هذا التيار اليميني ومحاصرته، وخوفاً من ضياع المواقع والامتيازات، لجأ رموز هذا التيار اليميني الى أساليب وتلاوين جديدة لتحقيق أهدافه، ولقد تمثلت تلك الأساليب بشكل رئيسي بتمييع تطبيق الجوانب الثورية من الخط السياسي الجديد وأساسه الفكري من خلال افساد التنظيم بالضافة الى أساليب أخرى سأتطرق اليها لاحقاً.
إن تشخيصاً محدداً لليمين الانتهازي ورموزه وأساليبه في الحزب هو الذي سيساعدنا على الإمساك بالحلقة الرئيسية من أسباب تسرب “بعض التيارات والتسلكات الليبرالية والتكتلية البتي برجوازية” الى صفوف الحزب “في محاولة من حامليها اضعاف الضبط الحزبي والطاعة الواعية والمركزية الديمقراطية وشل الحزب من اداء دوره الطليعي في الثورة الوطنية الديمقراطية” ومن دون المعالجة التي يجب اتباعها على أساس هذا التشخيص والتي تقضي بتخليص الحزب من هذا التيار الانتهازي اليميني برموزه وركائزه التاريخية المعروفة ومن ثم تعزيز مواقع التيار البروليتاري الثوري، من دون ذلك لا يمكن أن نضمن “التفاف الشيوعيين المعهود حول حزبهم وقيادته” ولا يمكن لدعوة “اعضاء الحزب الى اليقظة الثورية والى تقوية الضبط الحزبي الحديدي وتعزيز سيادة المبادئ اللينينية في حياة الحزب الداخلية ومكافحة الليبرالية دون رحمة والعلاقات التكتلية بلا هوادة” ان تجد صدى ايجابياً كبيراً لدى جماهير الحزبيين.
إن أهمية وضرورة انضباط حزب البروليتاريا الثوري تتأتى من حجم المهام الملقاة على عاتق الحزب اتجاه طبقته وجماهير الكادحين وتزداد الحاجة الى انضباط صارم في الحزب وتقويته وتعزيزه والارتقاء به باستمرار بسبب:
ـ اولاً ازدياد أهمية الدور الطليعي للحزب البروليتاري في الحركة الثورية وفي المجتمع،
ـ وثانياً بسبب تنوع أساليب العدو الطبقي الخبيثة لتخريب الحزب الشيوعي واضعاف دوره القيادي للطبقة العاملة.
ولكن لانضباط حزب البروليتاريا الثوري شروطه، “التي يجري بها توطيده وتجريبه وتدعيمه وهذه الشروط كما يذكرها لينين هي “اولاً وعي الطليعة البروليتارية ووفائها للثورة وثباتها ورباطة جأشها وبطولتها وروح التضحية بالذات عندها، وثانياً، باستطاعتها الترابط والتقارب واذا شئتم الاندماج لحدما، مع أوسع جماهير الكادحين، وفي المقام الأول مع جماهير البروليتاريا وكذلك مع الجماهير الكادحة غير البروليتارية، وثالثاً، بصواب القيادة السياسية التي تقوم بها هذه الطليعة، وبصحة ستراتيجيتها وتكيتكها السياسيين، شرط ان تقتنع أوسع الجماهير الكادحة بهذه الصحة بتجربتها الخاصة.. “(لينين المختارات، المجلد 9 ص432)
وارتباطاً بهذه الشروط وتكملة لها فهناك جملة من الشروط الأخرى ذات الأهمية في تعزيز الانضباط البروليتاري الصارم وهي:
1ـ نضال الحزب الشيوعي الحازم ضد الأفكار الانتهازية اليمينية والـ “اليسارية”
2ـ تطهير الحزب لصفوفه من العناصر الخاملة والمخربة والثرثارة.. الخ فـ “الحزب يقوى بتطهير نفسه”
3ـ اختيار الكوادر ومتابعة التنفيذ.
ولخلق هذه الشروط مجتمعة، لا بد من وجود عقلية بروليتارية ثورية منسجمة تقود الحزب الشيوعي، وهذا ما لم يتم تحقيقه في حزبنا الشيوعي العراقي منذ استشهاد الرفيق الخالد فهد وحتى الآن وهو السبب الذي جعل من مظاهر ضعف الانضباط البروليتاري في الحزب تطفو بين فترة واخرى.
يؤكد الرفيق فهد في كراسه “حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية” على “ان الانتهازية قد سلكت طرقاً ملتوية في نشاطها لإخفاء حقيقة كونها انحرافاً عن الخطة اللينينية الثورية. لإخفاء كونها ميلاً (لا مؤامرات افراد) غريباً عن الشيوعية. كان الانتهازيون يصرخون بملء افواههم بأن سياسة الحزب وخططه كانت صحيحة، لكنهم عملياً كانوا يعكسون سياسته ويعرقلون خططه واستمروا على ادعائهم وعلى سلوكهم المعاكس” وهذا هو حال اليمين الانتهازي في حزبنا، فمعظم رموز هذا التيار، وكنتيجة لطبيعتهم المتذبذبة والملتوية واللامبدأية، قد رفعوا ـ عالياً جداً ـ راية “الثورة” وكيفوا أنفسهم للأوضاع الجديدة. ولكنهم في الواقع العملي، في الممارسة اليومية على عكس ذلك فهم يساهمون ومن مواقع مسؤولياتهم الحزبية في تخريب الخط السياسي وحرفه. أن الاشكال الجديدة التي يمارس بها هذا التيار الانتهازي اليميني لنهجه يتجلى في الأمور التالية:
1ـ إصراره على تضمين الخط السياسي الجديد للحزب، لمرحلة ما بعد فشل التحالف مع البعث الفاشي، نظرية حول “ارتداد النظام” عن نهجه “التقدمي” في محاولة للالتفاف على اية عملية تقييم جدي يقوم بها الحزب لمرحلة التحالف الفاشل.
2ـ كبحه للصراع الفكري الدائر في منظمات الحزب منذ هزيمتنا في 1978 ـ 1979، وصرفه من أن يتخذ وجهته الثورية، مما دفع بهذا الصراع الى أن يتنفس خارج التنظيم ليتحول الى ليبرالية وثرثرة، ورأي عام لجماهير القاعدة الحزبية يوازي في قوة تأثيره على أوضاع الحزب لقوة تأثير الشرعية الحزبية، ويبطل من مفعولها في كثير من الأحيان، ويغدو بالتالي مادة تتغذى عليها الكتل المعادية والمتطرفة، مما افقد التنظيم اسراره، وساد التحلل في المنظمات الحزبية الى الحد الذي أصبحت معه الحدود بين التنظيم واللا تنظيم واهية الى أبعد الحدود.
3ـ تلجيمه للكفاح الفكري ضد المفاهيم والافكار القومية البرجوازية الصغيرة بأشكالها الملموسة السائدة في مجتمعنا، او ضد تلك المفاهيم الانتهازية والتحريفية لبعض أطراف الحركة الشيوعية والعمالية، او ضد الحملة الفكرية المعادية للحزب التي يشنها العدو الطبقي من خلل بعض رموز قيادية خانت الحزب من أمثال عزيز الحاج، مالك سيف، وغيرهم. لقد أضعف ذلك من الحصانة الفكرية للرفاق، وساعد على تسرب تيارات وأفكار البتي برجوازية الى صفوف الحزب، مهدداً وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية.
4ـ يعتبر قادة التيار الانتهازي اليميني كل وقفة نقد ذاتي يقفها الحزب امام اخطائه، بمثابة جلد ذاتي، ناسين او متناسين ما يقوله لينين من ان ” موقف الحزب السياسي من اخطائه هو واحد من أهم وأصدق الأدلة على جدية الحزب وتنفيذه في الواقع واجباته إزاء طبقته والجماهير الكادحة.
كما يقول لينين أيضا “إن جميع الأحزاب التي احتضرت حتى الان انما احتضرت لكونها قد أصيبت بالغرور ولم تستطع ان ترى في أي شيء تكمن قوتها، وخافت الحديث عن نقاط ضعفها. اما نحن فإننا لن نموت، لأننا لا نخاف الحديث عن نقاط ضعفنا ونتعلم التغلب عليها”
ان الاعتراف جهاراً بالخطأ، والكشف عن علله، وتحليل الظرف الذي أدى الى ارتكابه والبحث باهتمام في وسائل اصلاح الخطأ انما هو علامة الحزب الجدي، إنما هو تنفيذه لواجباته، انما هو تربية وتعليم الطبقة ومن ثم الجماهير” (لينين المختارات، المجلد 9 ص477). وبحجة الخوف من ان يستغل العدو الطبقي هذا النقد الذاتي للتشهير، أخفوا تأريخ الحزب عن أعين القاعدة الحزبية والجماهير، بالرغم من قراراً بكتابته قد اتخذ في المؤتمر الثاني للحزب في عام 1970.
وتحت هذه الحجج أحجموا عن اصدار ورقة التقييم لمرحلة التحالف الفاشلة مع البعث لأعوام 1973 ـ 1978، وماطلوا في اصدار ورقة التقييم لأحداث بشت آشان المأساوية الأولى والثانية وعندما فرض عليهم إصدارها، تمت” لفلفتها” ببراعة يمينية يحسدون عليها.
إن اليمين بتخوفه من النقد والنقد الذاتي، يعرف انه هو بالذات المقصود بهذا النقد والنقد الذاتي، وفي حالة أن يكون هناك محاسبة جدية وثورية، لن يبقى لرموز هذا التيار مكان في الحزب اطلاقاً. إن محاولات اليمين في قيادة الحزب طمس الحقائق في تأريخ الحزب وخوفه من ممارسة النقد والنقد الذاتي، قدمت للعدو الطبقي مادة دسمة لكتابة تأريخ الحزب ونضاله بالطريقة التي خطط لها من أجل تخريب الحزب وحرفه عن مسيرته النضالية (أضواء على الحركة الشيوعية في العراق، مع الأعوام التاريخ لسان.. الخ) وبدلاً من ان يتعرف رفاق القاعدة الحزبية والجماهير على تاريخ الحزب ومواقفه من خلال الحزب، تعرفوا عليها من خلال العدو الطبقي، وذلك سبب مضاف لتغذية التكتلات والتيارات الانتهازية المعادية في صفوف الحزب وخارجه، والتي تتباكى اليوم” مناضل الحزب “من شيوعها في صفوف التنظيم وتدعوا الى اليقظة اتجاهها” ولكنها في تشخيص أسبابها، تدفن رأسها بالرمل، او كما يقول المثل العربي عن الذين يعرفون الأشياء بمظاهرها لا بجوهرها:
كأننا والماء من حولنا ـ قوم جلوس حولهم ماء
نحن نعرف جيداً من الذي يخطط ويصدر” مناضل الحزب” انه نفسه الذي قال في عددها 3 لعام 1983، انه لا يمكن عقد مؤتمر رابع للحزب في الظروف الراهنة ونظرا لذلك ما انزل الله من تنظير، وهو نفسه الذي يعود ليؤكد على الاعداد الى عقد المؤتمر الرابع على شرف الذكرى اليوبيليه للحزب، ويتهم ملا عليّ واعوانه بالمروق على الحزب لأنهم يعارضون عقد المؤتمر الرابع!!
أي تخبط هذا يا قيادة الحزب؟
انه التيار الانتهازي اليميني ذاته الذي يحاول من خلال مناضل الحزب خلط الأوراق والقاء مسؤولية أوضاع الحزب الداخلية المتردية على الشيوعيين من: ذوي الاكتاف الرخوة” ولكني أقول “لمناضل الحزب” انه إذا كانت هناك ضرورة لاتخاذ “الإجراءات الرادعة حيال العناصر الانتهازية المخربة وضرورة تطهير الحزب منها، ليكون سليماً معافى، يسري فيه الضبط والطاعة الواعية والتنفيذ اللا شرطي لقرارات الهيئات العليا واحترام القيادة.. الخ، حزب تسوده مبادئ المركزية الديمقراطية والقيادة الجماعية، تسوده وحدة الفكر ووحدة الإرادة والعمل.. على جميع المستويات”، إذا كانت هناك ضرورة، وهي قائمة بالتأكيد، لاتخاذ إجراءات رادعة بحق مثل هذه الظواهر، فإن على “مناضل الحزب” أن تعود الى قراءة متأنية للرفيق فهد في كراسه “حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية” حيث يقول:” إن العدو يضحك من عقولنا ويفرح ان نحن حاربنا أوراق الشجرة واعضائها وتركنا جذورها سالمة. علينا ان لا نكون اغبياء الى حد اعتبار الأخطاء التي نشأت وتنشأ في وسطنا متأتية عن أولئك الأشخاص فنحاربهم دون محاربة التيارات الانحرافية وتنظيف حركتنا منها ”
و (ان الحفاظ الصارم لقواعد النظام الداخلي هي ضمانة لتطبيق مبدأ المركزية الديمقراطية في الممارسة الحزبية وان تطوير مبدأ المركزية الديمقراطية يتم، بشكل رئيسي باتجاهين: عن طريق اغنائه بأشكال جديدة، وعن طريق إطلاق ظهور كل شكل من اشكال المركزية الديمقراطية الى حده الأقصى.
ان الوسيلة الرئيسية لبلوغ وحدة الفكر ووحدة الإرادة والعمل في الحزب هي إطلاق الديمقراطية الحزبية الداخلية وان العلاقة الديالكتيكية بين الديمقراطية والضبط في الحزب الشيوعي قد كشفها لينين ووضع أسسها في حين” ان وحدة العمل ـ حرية المناقشة والنقد، هذا هو فهمنا للضبط الحزبي”)
5ـ تعامله مع الكوادر على أسس غير لينينية في التقديم والتوزيع وفي التربية. واعتماد رموز التيار الانتهازي اليميني في هذا المجال على الولاءات العشائرية والمدينية والقومية والطائفية وعلى وصولية هذا الكادر وانتهازيته وذيليته للنهج الانتهازي اليميني بحيث أصبح القسم الأكبر من الكادر المتقدم (أعضاء لجان المناطق والمحليات) هم انتهازيون يمينيون، يمتازون بضعف مستوياتهم، الفكرية وجهاديتهم وحسهم الثوري والطبقي كما يمتازون بلا أخلاقياتهم وجمودهم وميكانيكيتهم في تطبيق القرارات وافتقادها روحها الثورية وفي نصب الدسائس والايقاع بالرفاق. كما ترافق نهج رموز اليمين الانتهازي بكبح العناصر الثورية ومحاربتها وتحجيم دورها ومبادراتها وقمعها ودفعها اما الى ترك الحزب او الى تقديم الولاء من خلال حجب تقديمها الى المواقع الحزبية والعسكرية التي تستحقها لكفاءاتها او بتوريطها في مسؤوليات حزبية وعسكرية أكبر من طاقتها وعدم متابعتها ورعايتها وبالتالي اثقالها بالممارسات الخاطئة لإتلافها وافقادها احترام القاعدة الحزبية لها، او افسادها لمحاولة استمالتها بمغازلتها من خلال نقاط ضعفها بالزمالات او الإجازات.. الخ، لإضعاف جهاديتها وتحويلها الى أداة طيعة لتنفيذ النهج اليميني. كما تمثل النهج اليميني أيضا وعلى مستوى الكوادر، بإضعاف دور العنصر العمالي في الهيئات الحزبية او في قيادتها وافسادها ومحاصرة الموجود منهم بالإضافة الى رعايته للكوادر التي أظهرت الجبن امام العدو الطبقي وتلك الكوادر الخائنة والمنهارة والتي أظهرت ضعف حرصها على شرفها الشيوعي في مواجهتها للعدو الطبقي.
ولخوف رموز التيار الانتهازي اليميني في قيادة الحزب من توجيه الاحتجاجات التي اخذت تتصاعد داخل صفوف الحزب وفي قاعدته، أخذت هذه الرموز تتبارى في بناء بطانتها من هذه الكوادر الهزيلة ضاربة عرض الحائط التقاليد الثورية، فعضو المكتب السياسي او عضو اللجنة المركزية من الفرات الأوسط مثلاً أصبح يسابق الزمن في عملية تقديم مثل هذه الكوادر او تسليمها المسؤوليات المختلفة، لاعتبارات ليست في مصلحة الحزب، بل لتكون سياجاً له في صراعه ضد الاخرين واستباقاً او تهيئة لاي مؤتمر او كونفرنس قادم، حتى يكونوا له قاعدة تساعده على الاحتفاظ بموقعه الحزبي وهكذا الامر بالنسبة لقيادي من المنطقة الجنوبية او الاقليم.. الخ. وهكذا أصبح لكل واحد من اعضاء المكتب السياسي او اللجنة المركزية او ل. “عشيرته” من الكوادر المتقدمة التي تسبح بحمده وتنتظر حسناته.
ومن المظاهر الأخرى للنهج الانتهازي اليميني اللا ثوري في التعامل مع الكوادر هو عدم اعتماد مبدأ التنحية الى جانب التقديم الى الصفات والمراكز الحزبية والعسكرية، فالذي يحصل على صفة أو مركز حزبي او عسكري، يصبح له كـ “الطابو” لا ينحى عنه حتى موته او تركه للحزب برغبته، وحتى لو اتى بالكبائر، ما دام محسوباً على رموز النهج الانتهازي اليميني.
ان فن القيادة كما يقول لينين هو اختيار الكادر ومتابعته وهذا ما أخفقت به قيادة الحزب الى حد كبير بسبب سيادة النهج الانتهازي اليميني في التنظيم مما أفسد الكادر، وخلق مراكز القوى داخل القيادة وصراعاتها اللا مبدأية مما قاد الى ظهور التكتلات المدينية والقومية والطائفية والعشائرية داخل الحزب مهددة وحدته الفكرية والتنظيمية وخالقة أرضية خصبة للانشقاقات والتشرذمات، وكان ذلك عاملا في اضعاف هيبة القيادة أمام جماهير الحزبيين وفي اضعاف الثقة بقدرتها على صنع النصر.
6ـ تمييع التيار الانتهازي اليميني للكفاح المسلح كأسلوب نضالي رئيسي للحزب في المرحلة الراهنة لإنجاز المهمات النضالية المطروحة في الخطة السياسية وذلك من خلال:
ـ عدم تثوير الاساليب التي اعتمدها الأنصار في نضالهم والتي نقلوها حرفياً من الحركة الكردية السابقة، وسيادة العقلية الفلاحية وليس العقلية الثورية في قيادة العمليات المسلحة. وما يتبع ذلك من تلكأ في نقل الكفاح المسلح الى المدن وخاصة بغداد ومدن وسط وجنوب العراق.
ـ ضعف وجود الخطط العسكرية المركزية والقّطاعية المبرمجة التي تنظم عمل الأنصار وترتقي به نتيجة عدم وجود استراتيجية واضحة ذات ابعاد زمنية لمسار تطور الكفاح المسلح. فلقد ترك العمل في غالبيته للعفوية ولمبادرات فردية من الرفاق.
ـ ارباك تعبئة الرفق فكرياً وسياسياً وتنظيمياً لتبني هذا الاسلوب النضالي من خلال المزايدة في التنفيذ من جهة، ومن جهة أخرى، إشاعة الأجواء التي تبعث على الحذر في نفوس الرفاق من خلال الايهام باحتمالات انقلاب عسكري يطيح بالنظام، او بالتقليل او التضخيم المبالغ فيه بإمكانياتنا وامكانيات عدونا، وبمرور الوقت أضعف هذا الارباك المتعمد الناشئ من موقف اليمين الانتهازي المعارض للكفاح المسلح، في تعبئة الرفاق وفي ثقتهم بقدرتهم على تحقيق الانتصار على عدوهم بنشاطهم العسكري، مما دفع بالكثير منهم الى اللامبالاة وفي أحيان كثيرة الى اليأس والتشاؤم او التطرف” اليساري ” فأصبحوا مادة لنشاط العدو الطبقي والتكتلات التخريبية.
ـ المماطلة في اصدار النظام الداخلي للأنصار لأكثر من أربع سنوات وتمييع عملية تطبيقه بعد اقراره، وكذلك المماطلة في اصدار نظام للحوافز والمكافآت للأنصار حتى الآن.
ـ عدم تشكيل جهاز استخبارات عسكرية لتشكيلات الأنصار والمجاميع المسلحة الأخرى.
ـ عدم تطوير المصادر الداخلية للسلاح والتموين منذ المراحل المبكرة للعمل المسلح، بحيث ظلت المصادر الخارجية هي الأساس حتى الان.
ـ ضعف الحزم الثوري ضد نشاطات العدو التخريبية داخل صفوف تشكيلاتنا من اندساس وتجسس.. الخ.
ـ تشكيل اللجنة العسكرية التي ترعى مستلزمات الكفاح المسلح والانصار في الخارج من كوادر لم تخض تجربة الكفاح المسلح، لذا فهي ليست بقادرة على تفهم متطلبات هذا الأسلوب النضالي ولا نفسيات القائمين به وعليه بالقدر المطلوب.
ـ عدم وجود نظام عمل سياسي وعسكري مع الملتحقين الجدد في صفوف تشكيلاتنا العسكرية مما دفع بالعديد منهم الى ترك الأنصار.
ـ عدم ممارسة الديمقراطية في انتخاب وتقديم الأنصار الى المراكز العسكرية القيادية في كافة التشكيلات، على أساس الكفاءة والشجاعة والاقدام والمبادرة واحترام وحب القاعدة الحزبية بل فرض اعداد كبيرة من هذه الكادرات لاعتبارات غير سليمة.
ـ ضعف الاطلاع على تجارب الحركات المسلحة في بلدان أخرى واستخلاص الدروس المفيدة منها بالإضافة الى اهمال الدراسات والاقتراحات لتطوير العمل المسلح والتي قدمها الأنصار في مناسبات مختلفة.
7ـ مماطلة اليمين الانتهازي في الأعداد والتحضير لعقد المؤتمر الرابع او على الأقل لكونفرنس وطني عام للحزب وذلك تحت حجج واهية لا تصمد للنقاش العلمي مع تلجيمه لعقد الكونفرنسات الحزبية او العسكرية الاختصاصية لمناقشة مسائل مثل التنظيم او تشكيلات الأنصار، او كيفية العمل مع الكادرات.. الخ بالإضافة الى شكلية عمله بمبدأ القيادة الجماعية، وسيدة روح الفردية واستجلاب الشهرة للذات في إدارة العمل الحزبي والعسكري مع كبحه لممارسة الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية وللنقد والنقد الذاتي وإشاعته للإرهاب الفكري وتشهيره بالرفاق الجيدين من ذوي الأفكار الثورية الجريئة. وعدم ابداءه للحزم الثوري المطلوب إزاء التسلكات والمظاهر السلبية في حياة الحزب كالليبرالية والممارسات اللاأخلاقية والفساد والتحلل. الخ وغير ذلك من مظاهر ضعف الانضباط الحزبي والخلق الشيوعي.
8ـ ضعف اعتماد النظرة العلمية في تحليل الأوضاع السياسية التي تتعقد يومياً والتي تحيط بالحزب داخلياً وعربياً مما أضعف بالتالي من فعالية التاكتيكات التي اتخذت لمواجهة تلك الأوضاع (مثال خطة الطوارئ التي اعتمدها م. س في 1982 وما رافقها من تحشيد خاطئ للكوادر)
9ـ الميل الى اعتماد المكتبية والبيروقراطية في العمل الحزبي
10ـ واذا كانت الفكرة القائلة بأن ” نعزب سوية ” مع البرجوازية، تتصف بطابع مؤقت فإنه من الواجب مراقبة “الحليف كعدو” عن كثب (يمكن العودة الى لينين المجلد 2 من المختارات ص 487 ـ 488) الا ان قيادة الحزب وبتأثير اليمين الانتهازي ونظرته التأريخية المبالغ فيها الى دور البرجوازية الصغيرة، اقحمت الحزب في تحالفات راعت فيها التكتيك السياسي اليومي البرغماتي على حساب الموقف الطبقي السليم، فكانت جوقد وجوع اللتان ولدتا ميتتان، وكانت جود التي صبت في طاحونة البارزانيين اكثر مما ساعدت على تقوية نفوذ الحزب، وكان التعامل مع الاتحاد الوطني الكردستاني وما قاد اليه من مآسي في بشت آشان وما بعدها وهكذا.
لقد كان التعامل مع مبدأ التحالفات يتم غالباً على أساس برجوازي صغير وليس على أساس لينيني ثوري مما أضعف من الحس الطبقي لدى جماهير الحزبيين ومن يقظتهم وحذرهم اتجاه الحلفاء وتقلباتهم.
11ـ لقد أضعف اليمين الانتهازي حاسة القيادة للظواهر الجديدة والتقدمية في حياة الحزب، كما أضعف من ظاهرة دراسة وتعميم التجارب الناجحة او الفاشلة في حياة الحزب خلال الفترة بالقدر الذي يساعد على تحصين الرفق ورفع مستواهم الفكري ومقدرتهم النضالية.
12ـ عدم اعتماد الأساليب الثورية في تعبئة الجماهير.
13ـ عدم وضعه للخطط التفصيلية على مستوى التنظيم بكل مفاصله لتغيير الخطة السياسية المقررة وعزل الأداة المنفذة الأساسية وهي القاعدة الحزبية وعدم اشراكها بفعالية في التخطيط لسياسة الحزب.
ومن خلال استعراضنا الموجز نلاحظ الخصائص التالية في تطور الحزب.
1ـ إن الضربات التي وجهها العدو الطبقي للحزب منذ تأسيسه وحتى الآن تركزت بشكل رئيسي على قياداته وكوادره الثورية بتصفيتها جسدياً او سياسياً مما أدى في المحصلة النهائية الى زيادة نسبية في حجم القيادات والكوادر ذات التاريخ والأفكار الانتهازية اليمينية على حساب القيادات والكوادر الثورية. وقاد بالتالي الى تقوية التيار اليميني على حساب التيار الثوري.
2ـ تميزت القاعدة الحزبية بثوريتها التي استطاعت وفي ظروف حرجة ان تلتف حول القيادات والكادرات الثورية وتصحيح سياسة الحزب التي حرفها اليمينيون أكثر من مرة.
3ـ طهور مراكز قوى واستقطاب داخل اللجنة المركزية والمكتب السياسي مع صراعات لا مبدئية بينها تهدد وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية.
4ـ سيادة المواقف التوفيقية في الخط السياسي في اغلب الأحيان بحجة الحفاظ على حالة “السلم داخل الحزب “
اقتراحات:
ومن أجل معالجة جذرية للظواهر التي تعبث بجسد حزبنا العظيم، ومن اجل ان يستعيد دوره الطليعي الحقيقي للطبقة العاملة وللحركة الثورية في العراق فإني أرى ضرورة انجاز المهام التالية:
1ـ الكشف عن الجذور الفكرية لليمين الانتهازي وتعرية ممارساته وشن الكفاح الفكري الحازم ضده مع تنحية او تجميد جميع العناصر التي رفعت لواء هذا الفكر منذ استشهاد الرفيق الخالد فهد وحتى الآن، سواء تلك التي ساهمت في ضياع ثورة 14 تموز1958، او صياغة خط آب 1964 التصفوي، أو تلك التي نظّرت لتجربة التحالف الفاشل مع البعث الفاشي، لو لتلك التي سببت كارثة بشت آشان. الخ.
2ـ وبعد تنفيذ الفقرة الأولى، فمن الضروري إعادة النظر في تركيب جميع اللجان والهيآت الحزبية والعسكرية وإعادة تركيبها من جديد بتطعيمها بكوادر ثورية جديدة.
3ـ تقليص عدد أعضاء اللجنة المركزية ومرشحيها ومكتبها السياسي الى الحد الضروري والفعال، حيث ان تشكيلتها كانت قد بنيت على أساس مهام مرحلية سابقة من نضال الحزب وهي مرحلة التحالف الفاشل مع البعثيين تختلف نوعياً عن مهام المرحلة الراهنة (ولكل مهمة رجالها) حيث نلاحظ ان متوسط اعمار أعضاء اللجنة المركزية الحالية حوالي 50 سنة، كما نلاحظ وجود بطالة مقنعة بين عدد من اعضاءها واعضائها المرشحين اما لكبر سنهم او لمعاناتهم من امراض مزمنة، او لضعف امكانياتهم النظرية او التنظيمية او القيادية بشكل عام.. الخ.
4ـ ولحين عقد المؤتمر الوطني او الكونفرنس الوطني العام فمن الضروري عقد الكونفرنسات المنطقية والمحلية لمناقشة جميع المشاكل التنظيمية والسياسية والفكرية التي تواجه الحزب. وانتخاب قيادات منطقية ومحلية وتنفيذ مقررات هذه الكونفرنسات.
5ـ العمل بجدية للتحضير لعقد المؤتمر الوطني الرابع او الكونفرنس الوطني العام خلال مدة لا تتجاوز عام 1985 م طرح مسودات البرامج والنظام الداخلي والتقييمات (التي يجب أن تتضمن بشكل أساس تقييم مرحلة التحالف الفاشل مع البعث الفاشي وتقيين مرحلة ما بعد التحاف حتى انعقاد المؤتمر او الكونفرس) للمناقشة في الكونفرنسات المنطقية والمحلية ثم طرحها على المؤتمر او الكونفرنس لإقرارها بصورة نهائية.
ــــــــــــــ
رفيقكم
د. أبو ظفر
رسالة ضياء حميو
رسالة إلى الرفاق في قيادة الحزب الشيوعي العراقي
الحوار المتمدن 2009 / 3 / 4
الرفاق الأعزاء....
تحية طيبة
اقدر لكم ضيق وقتكم، وانحني إجلالا لتضحياتكم في أصعب الظروف التي مر بها الوطن.
رسالتي هذه من رفيق لكم مازال عضوا في الحزب الشيوعي العراقي، اعذروني إن كانت بها شيئا من القسوة...
ولكنه الحرص و "حرگة الگلب" الذي دعاني إلى كتابة هذه الرسالة، وهي بخصوص أمور عديدة منها الإحباط والتذمر والغضب الذي أصاب ويصيب عدد كبير من رفاق حزبنا وأصدقاءه والمتعاطفين معه في داخل الوطن، وحتى خارجه، من نتائج الانتخابات..!!
لن ادخل بتفاصيل التزوير، وآليات التصويت، وغيرها، ولكن..!!
ماذا عن قبولنا المشاركة في ظل قانون انتخابات اقل مايقال عنه " مجرم" ..!!
نعم اعترض نائبانا في البرلمان علية وسجلوا اعتراضهم، ولكن لماذا لم يتم توضيح إجرامية قانون الانتخابات إلا بعد أن ظهرت النتائج ..!!
إن لم يكن للشعب وهو حق له علينا، فعلى الأقل لأصدقائكم ورفاقكم في الحزب
لماذا الآن يجب أن نقوم بحملة، كان المفترض أن نقوم بها بعد إصرار الأقوياء في مجلس النواب على فرض القانون الذي يلائمهم، ويكرس فوزهم وان خسروا..!!
رفاقي الأعزاء..
هل آن الأوان لنا أن نعترف بان جزء كبير من سياستنا فاشل، على مستوى التنظيم، والإعلام والتخطيط؟!
إعلامنا المتمثل بجريدة” طريق الشعب " وموقع " الطريق”، بائس، مع كل الاحترام والتقدير للرفاق القائمين عليه، والذنب ليس ذنبهم.
نتائجنا على مستوى العمل والتنظيم بين الجماهير أفرزت ماهيتها نتائج الانتخابات، وهي بائسة أيضا.
يتحدث بعض رفاق الداخل عن شرخ واغتراب بين القيادة وبينهم، وكأن الاثنين يرطنان بلغتين مختلفتين، يسمونها "سياسة الأذن الطرشة" من قبل القيادة اتجاه أفكارهم واعتراضاتهم.
لن أطيل عليكم بأشياء انتم تتلمسوها أكثر مني بحكم تواجدكم واحتكاككم المباشر معها، ولكن ضمن تقديري هنالك سبب واحد لا غيرة في كل ما ذكرته أعلاه وغيره الكثير وهو هويتنا الفكرية..!
ماذا تريدون حزبا شيوعيا بالاسم فقط، أم حزبا شيوعيا ماركسيا فكرا وممارسة، وتثقيفا...!؟
حين نحدد هويتنا الماركسية كحزب شيوعي، ستنتفي المليون خط احمر حول ما يجب أن يقال ومالا يقال في خطابنا الإعلامي والجماهيري، ولن نجامل أو نخاف في كشف حقيقة الآخر (القوي المزور، اللص، السارق، المجرم، المتخلف المتاجر بالدين، القومي الشوفيني)، ولن نكون بحاجة إلى تحالف سوى مع شعبنا أولا وأخيرا ، وحينها سيكون شعبنا معنا حين نمتلك الجرأة الماركسية ،في كشف وفضح حقيقة الآخر بدون انتظار أو تردد أو دجل سياسي..!
شؤون الحج والحجيج وطبخ " الهريسة " مع كل التفهم لها كطقوس دينية، ليست ميزة لنا كشيوعيين ماركسيين، هنالك من يجيد لعبتها ولا يملك غيرها ورغم كل ذلك يفشل مع كل خبرته المتوارثة..!
ميزتنا .... شيوعيين لدينا " طلابه " أزليه اسمها الصراع الطبقي.
رفاقي هل أذكركم إن الرفيق " لينين "والرفيق " تروتسكي" حولوا " البلاشفة " خلال ثمانية أشهر لاغير أبان الثورة البرجوازية التي سبقت ثورة " أكتوبر في نفس العام من حزب أقلية إلى أغلبية من خلال النقد الماركسي الصريح في فضح الآخر الكاذب، والعمل بتزامن مكنهم من السيطرة على اغلب المعامل من خلال ماسمي " مجالس السوفيتات" وبالتالي جموع الشعب من ورائهم.
كانت هويتهم الفكرية واضحة فكرا وممارسة للجميع من أكبر منظر الى ابسط رفيق أو صديق لحزبهم.
نحن بحاجة الآن إلى صحافة وإعلام جريء، تُرفع عنه الخطوط الحمر التي جعلته غير مقروء وغير فعال بأي شكل من الأشكال.
لقد تلمست خيرا أتمنى أن يستمر ويتصاعدا في افتتاحية طريق الشعب ليوم 2/3/2009 افتتاحية لم نقرأ مثلها منذ أيام " الرفيق أبو گاطع".
نحن بحاجة إلى مدارس فكرية تثقيفية للرفاق وللشباب خصوصا فهم قادة الحزب في المستقبل، هنالك اغتراب وجهل لدى الكثير من الأعضاء حول هويتنا كحزب ماركسي.
نحن بحاجة إلى إعادة النظر بمن حصلوا على عضوية الحزب، دون أن يؤهلهم تاريخهم وفعلهم السابق لميزة الشرف هذه..!
بحاجة إلى التفكير بجدوى وجود المقرات، وعبئها المادي على الحزب في المحافظات..!
بحاجة إلى النظر بجدية في سبب عزوف الكثير وفي مختلف المحافظات عن العمل الحزبي بسبب ممارسات أشخاص محددين في المحليات المختلفة.!.
بحاجة إلى سماع الآخر اليساري، والالتقاء معه على الحد الأدنى من المشتركات وتطوير الالتقاء هذا إلى تحالف يساري عريض، آن الأوان أن نسمع من يختلف معنا من يساريين عراقيين لديهم اختلافات فكرية وليست هجومات شخصية سطحية، سواء كانوا ضمن تنظيمات أو أفراد،لا نستطيع وحدنا من مواجهة قوى الظلام والتخلف والفساد..
ختاما رفاقي
كل الجهود يجب أن تتوجه إلى إعادة التنظيم في الداخل، وفق أسس ماركسية سليمة لالبس بها وتحالفنا الوحيد والقوي والدائم هو شعبنا لاغيره، جماهيركم تنتظر خطوة جريئة من قبلكم كقادة.
ــــــــــــــــــــ
رفيقكم
ضياء أبو لانا الدنمارك
رسالة مفتوحة إلى أصدقائي الشيوعيين
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن 2021 / 10 / 16
تحياتي للأصدقاء الأعزاء الرفاق الشيوعيين العراقيين.
قبل كل شيء عليّ أن أوضح إن رسالتي هذه لا علاقة لها بالتجمع العلماني العراقي، الذي بادرت إلى إطلاق مشروع تأسيسه منذ نهاية 2019، والذي اقترن باسمي إلى حد كبير، بل هي رسالة شخصية مني أنا صديقكم الناقد ضياء الشكرجي، بحكم صداقتي الحميمة لفترة طويلة مع الكثير منكم منذ مطلع التسعينات، وعمل مشترك أيام تأسيس التيار الديمقراطي، ولما للحزب الشيوعي من تاريخ طويل في النضال السياسي في العراق، ولقناعتي بوجوب وجود حزب يساري عراقي ديمقراطي متجدد، رغم أني لست يساريا، كتيار مهم من التيارات السياسية الديمقراطية العلمانية الأساسية، التي يجب أن تكون فاعلة في العراق، لاسيما بعد تحقيق التغيير، لكني أتضامن مع اليسار في جنبته الإنسانية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، وألتقي معه في علمانيته، ولو التي تتجنبون استخدامها كمفردة ومصطلح سياسي.
فضلت أن يكون توقيت إرسال رسالتي هذه بعد الانتخابات؛ هذه الرسالة التي لا أنطلق فيها من حساسية تجاه الحزب الشيوعي، كما الكثيرون الذي صعّدوا موقف النقد للحزب، كما إني لا أجامل ولا أحابي.
الحزب الشيوعي العراقي، ككل الأحزاب السياسية ارتكب أخطاءً عليه مراجعتها بكل شجاعة، وممارسة للنقد الذاتي بدون مكابرة، فنقده الذاتي هو الذي يجعله كبيرا، وليس مواصلة التبرير للأخطاء.
للحزب بكل تأكيد صفحاته الناصعة التي يكاد ينفرد بها، من حيث نضاله ضد النظام الملكي، الذي لم يكن بكل تأكيد أسوأ من الأنظمة التي تلته منذ 1958، وبالأخص فترتي حكم البعث في تجربة 1963 وتجربة 1968 لغاية 2003، لكن ربما كان من أهم الأسباب لتميّز الصراع بين الحزب والنظام الملكي في حدته هو الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي؛ الأول متمثلا فيما يتعلق الأمر بالعراق في تلك الفترة ببريطانيا الذي بقي النظام الملكي حتى بعد نهاية الانتداب قريبا من سياساتها، كما بقي يعتبر من مناطق نفوذها، والثاني متمثلا بالاتحاد السوڤييتي الذي كان - وربما ما زال - الحزب الشيوعي العراقي يتخذه مثلا أعلى له، رغم ديكتاتوريته، وبقي يقف موقف الولاء المطلق له. مع هذا لا بد من تسجيل النضال الذي لم يعرف الاستكانة للحزب الشيوعي في تلك المرحلة، وصمود كوادره أمام السجون ووسائل التعذيب وإعدام العديد من قياداته.
ثم تمتع الحزب الشيوعي بخاصية لم يتمتع بها مثله حزب آخر، وهو تنوع أعضائه قوميا ودينيا ومذهبيا، من حيث الخلفيات الاجتماعية، فكان فيه ذوو الخلفية الشيعية والسنية والمسيحية والمندائية والإيزيدية واليهودية، وكذلك كان فيه العرب والكرد وقوميات أخرى، ذلك كنتيجة حتمية لنهجه الأممي، وفلسفته المادية.
ومما يجعل المرء يقف أمام تاريخ الحزب موقف الإعجاب والإكبار والاحترام، أن أكثر المبدعين من ملحنين ومغنين ومغنيات، وممثلين وممثلات، وكتاب وأدباء وشعراء، سواء بالشعر القريض أو الحر، أو الشعر الشعبي، كانوا من الشيوعيين.
ثم كان موقف الحزب الشيوعي مشرفا من القضية الكردية، إذ وقف دائما مساندا وداعما لنضال الكرد، بل مشاركا فيه؛ ذلك النضال من أجل حقوقهم القومية ونضالهم ضد الأنظمة التي قمعتهم، ورفع مبكرا شعار «الديمقراطية للعراق والفيدرالية لكردستان».
لكن الذي يؤخذ على الحزب الشيوعي أنه لم يكن يعتمد الديمقراطية، حاله حال حزب البعث، وغيره من أكثر الأحزاب العراقية وأحزاب المنطقة، فنموذجه الذي كان يقتدي به، كما مرت الإشارة إليه، كان الاتحاد السوڤييتي وعموم دول المعسكر الاشتراكي القائمة أنظمتها على الديكتاتورية، وحاكمية الحزب الواحد، ومناوءة الدين، وبقي يتخذ من العهد الجمهوري الأول رمزا له، ومن الرابع عشر من تموز عيدا وطنيا، رغم إن 14 تموز لم تكن تجربة ديمقراطية، رغم أنها كانت تجربة وطنية وتقدمية، كما إن تموز كان يوما مصبوغا بالدماء، ومقترنا بالتمثيل بالجثث وتعليقها وسحلها، دون أن نسمع للحزب الشيوعي يوما نقدا لهذه الممارسات الدموية اللاإنسانية.
كما إن الحزب الشيوعي العراقي في الفترة من تموز 1958 لغاية شباط 1963 قد مارس العنف والتخويف بالحبال، التي ترمز إلى السحل، أو إلى المطالبة بالشنق، ضد خصومه، لاسيما البعثيين وخصوم الشيوعيين والتركمان وغيرهم، وقد شهد العراق في تلك الفترة عمليات السحل على يد قواعد الشيوعيين، وإحدى حوادث السحل كنت شخصيا شاهدا عليها في الكاظمية، حيث شارك كل شباب محلتنا من رفاق الحزب ومؤيديه في حفلة السحل تلك.
ومن أخطاء الحزب الشيوعي، ذلك الخطأ الذي جعلنا نحن عموم العلمانيين ندفع ثمنه خاصة بعد 2003، هو ترويج قواعده للإلحاد ومناوئة الدين وازدرائه، سواء كان ذلك بطلب غير معلن من القيادة، أو بتصرف من قواعد الأعضاء والمؤيدين، وسكوت القيادة عن ذلك، وهذا الذي جعلهم بعد 2003 يرفضون استخدام مفردة العلمانية، واستبدالها بالمصطلح المميع والفاقد للملامح، ألا هو (المدنية)، مما ساهم في تأخر التثقيف على حقيقة معنى العلمانية، كخيار لا بد منه للعراق، وتصحيح الشبهات التي تحوم حولها.
ناهيك عن خطأين قاتلين ارتكبهما الحزب ولم يعترف بهما، هما دخوله الجبهة مع حزب البعث عام 1058، ودخوله التحالف مع التيار الصدري في سائرون عام 2018. وكلا الخطأين خسّره أعدادا غير قليلة من رفاقه الذين قضوا عمرهم في النضال في صفوفه. وحتى قرار مقاطعة الانتخابات لم يكن صحيحا، رغم أني أحترم الآلية الديمقراطية التي اتبعت لاتخاذ القرار عبر استفتاء قواعد الحزب الشيوعي.
وأكبر أخطائه رفضه غير المفهوم على تجديد نفسه، بما في ذلك تغيير اسمه، مما أصبح ضروريا، لاسيما بعدما أدينت الأحزاب الشيوعية في أورپا الشرقية، كأحزاب ديكتاتورية قمعية، علاوة على ابتعاد قياداتها عن النهج الاشتراكي، في التحول إلى طبقة رأسمالية أرستقراطية مترفة، وترك شعوبها في وضع اقتصادي بائس.
فهل من المعقول أن حزبا في قرننا الحادي والعشرين يعتمد فكرة مَشاعَة الملكية التي يعبر عنها اسمه، وما زال يؤمن بديكتاتورية الپروليتاريا؟ ثم مواصلة جعل النضال من أجل الطبقة العاملة، رغم أن العراق للأسف ليس بلدا صناعيا، حتى يصح الكلام عن طبقة عاملة، وكان المفروض أن تعيدوا النظر في مصطلحاتكم، وتعبروا بتعبير آخر فيما يتعلق بالعدالة الاشتراكية، ذلك بالكلام عن عموم الفقراء والمحرومين أو الطبقات المسحوقة اقتصاديا في العراق.
يا ليت الحزب الشيوعي العراقي كان قد اتخذ من حزب اليسار الألماني قدوة يقتدي بها؛ والذي خطّ خطا فاصلا بينه وبين حزب الوحدة الاشتركية SEP Sozialistische Einheitspartei
(أو حزب الاتحاد الاشتراكي حسب اختلاف الترجمة)، وهو اسم الحزب الشيوعي الحاكم آنذاك في ألمانيا الشرقية (الجمهورية الألمانية الديمقراطية)، فأسس جيل جديد بقيادة السياسي الكبير گريگور گيزي حزب الاشتراكية الديمقراطية في البداية بعد سقوط الجدار وتوحيد الألمانيتين، ثم بعد التحاق أوسكار لافونتين من الحزب الديمقراطي الاجتماعي سابقا من ألمانيا الغربية، والذي كان قد استقال من الحزب بسبب دفع گيرهارد شرودر الحزب من اليسار إلى الوسط، واقترابه من اليمين، فأصبح للحزب الذي أسساه امتداده في غرب ألمانيا، مانحين إياه اسما جديدا، ألا هو (اليسار)، وأصبح مع الوقت من الأحزاب الديمقراطية المحترمة في ألمانيا الموحدة، بينما الحزب الشيوعي الألماني، فحاله حال أحزاب اليمين الرديكالي، أصبح يعد من الأحزاب غير الديمقراطية، بالرغم من أن كارل ماركس موضع احترام كفيلسوف من الفلاسفة الألمان الذي ترك بصمة مهمة في عالم الفكر والسياسة. وتراجع الأصوات لحزب اليسار في الانتخابات الأخيرة لا يقلل من قيمة هذا الحزب.
من هنا اسمحوا لي أن أقدم لكم من أجل العراق، ومن أجل اليسار الديمقراطي، الذي أحترمه ولا أنتمي إليه، أن أقدم لكم ما يتوقعه منكم أصدقاؤكم:
1. املكوا الشجاعة في نقد الذات.
2. املكوا الشجاعة في نقد تجربة الاتحاد السوڤييتي وعموم المعسكر الاشتراكي.
3. املكوا الشجاعة في نقد بل إدانة العنف الذي استخدمه الشيوعيون سابقا، دون البحث عن تبريرات.
4. املكوا شجاعة نقد تجربة 14 تموز، دون التخلي عن تسليط الأضواء على المفاصل المشرقة من التجربة والقوانين التقديمة التي شرعت فيها، وكذلك على الجوانب الإيجابية من شخصية المرحوم عبد الكريم قاسم في جوانبها الوطنية ونزاهتها، لكن مع نقد صفة التفرد بالحكم.
5. املكوا شجاعة نقد تحالفاتكم السابقة القديمة والحديثة، ولو بالنسبة لنقد تحالفكم الأخير، فبلا شك بلغة لا تعرضكم للخطر.
6. املكوا شجاعة إعادة دراسة تجربتكم مع قرار مقاطعة الانتخابات الأخيرة.
7. املكوا شجاعة إعادة النظر من تهربكم من استخدام مصطلح العلمانية والتثقيف عليه.
8. أعطوا الفرصة للدماء الشابة ذات الفكر المتجدد لتبوء المراكز القيادية.
9. املكوا الشجاعة في تغيير الاسم إلى «حزب اليسار الديمقراطي»، أو أي اسم يلائم المرحلة ويواكب حركة الزمن.
10. ليذهب وفد من قياديكم لاسيما من ذوي العقل التجديدي إلى ألمانيا ويلتقوا بحزب اليسار، والاستماع إليه وإلى تجربته الرائدة، والاستفادة من هذه التجربة، بما يلائم الوضع في العراق.
فإني أرى إن حزبكم يستحق منكم أن تملكوا الشجاعة للقيام بهذه الخطوة التاريخية، من أجل تجديد الحزب، وتأهيله لدور مؤثر في عملية التغيير، واعملوا على أن تحولوا دون موت الحزب أو انتقاله إلى متحف التاريخ السياسي، أقول هذا مع محبتي واحترامي، وإن كانت الحقيقة مرة أحيانا، وأعلم إن كثيرين من رفاقكم سيرون أنفسهم متفقين معي في الكثير مما طرحته، فالمشهد السياسي العراقي بعد التغيير تحتاج التعددية في إطار الوسط العلماني الديمقراطي فيه إلى يسار ديمقراطي متجدد، ولا أرى هناك فائدة أن يبادر غيركم يوما إلى تأسيس حزب يساري جديد.
إنها نصيحة صديق، وإن كان صديقا ناقدا، لكن نقده بعيد عن الحساسية، بل منطلق من الحرص على تاريخ حزبكم، وقبل ذلك والأهم من ذلك على المصلحة الوطنية للعراق.
وأختم بتحيات الصداقة الوطنية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
16/10/2021
رسالتي إلى رائد فهمي والمكتب التنفيذي للحزب الشيوعي
ضياء الشكرجي
يونيو 18/ 2019
تحياتي.
رسالتي التي أرسلتها إلى السكرتير الأول للحزب الشيوعي العراقي في الثامن من الشهر الجاري حزيران 2019 وعملت بنصيحة صديق عزيز بإرسال الرسالة أولا إلى السيد رائد فهمي، دون تعميمها، وفي حال عدم إجابته يمكنني أن أعممها ولكني لن أنشرها. وها قد مضت تسعة أيام دون وصول جواب على رسالتي، لذا أحببت أن أعممها على الأصدقاء للاطلاع.
ضياء
السيد السكرتير الأول للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي المحترم
السادة أعضاء المكتب التنفيذي للحزب الشيوعي العراقي المحترمين
تحية عراقية ديمقراطية.
لكوني – كما أعتبر نفسي – صديقا للحزب الشيوعي منذ مطلع التسعينات، ولمكانة الحزب الشيوعي العراقي التاريخية النضالية، ولكوني منذ عام 2006 من المروجين للعلمانية، كشرط لا يستغنى عنه، لإنجاح مشروع التحول الديمقراطي، أرجو منكم أن تتسع صدوركم لقراءة رسالتي هذه.
لا أريد مناقشة دخول الحزب في تحالف (سائرون) ومبررات الحزب له، وأسباب نقدي ومعارضتي لهذا التحالف ككثير من العلمانيين بل والشيوعيين. ولنسلم أن للحزب مبرراته للتحالف مع التيار الصدري، وهو حزب إسلامي شيعي تحت قيادة رجل دين، ينفرد بقراراته، ويطاع طاعة عمياء، هذا التحالف الذي كنت أتمنى ألا يكون، بل الاكتفاء بالتنسيق والتعاون الميدانيين، أو أحيانا حتى السياسيين، بمقدار ما تكون هناك مشتركات وطنية، وبمقدار الضرورة، دون الالتزام بتحالف أصبح وكأنه استراتيجي.
ليس هذا ما أريد مناقشته معكم، فبلا شك وصلتكم العديد من الملاحظات بهذا الشأن. لكني متعاطف مع الحزب، متمنيا له أن يجد طريقا للخروج من هذا المأزق الذي وقع فيه، خاصة بعدما أصبح زعيم التيار الصدري في الآونة الأخيرة، والذي لا تجرؤون على مخالفته لأسباب تعرفونها أفضل مني؛ أصبح يمارس خطابا يذكرنا بخطاب صدام حسين مع رفاق حزبه، فمقتدى هو الذي يحاسب، وهو الذي يعاقب من يشاء، كما أكد هو بنفسه بقول «أنا أعاقب»، وهو الذي يعفو عمن يشاء، وهو الذي يُلتَمَس منه العفو والصفح من هذا وذاك، ممن أصبحوا يخافون على حياتهم. ثم مارس مقتدى خطابا دينيا متشددا في أيام رمضان، مشخصا في كل يوم من أيام الشهر ذنبا من الذنوب حسب تقديره وإفتائه، ومن ذلك أشار إلى ما أسماه بذنب الحانات والملاهي، مما يؤشر على نيته التحريض على خنق الحريات العامة باسم الدين، علاوة على مطالبته بخروج الأمريكان، مما هو ليس شأن القوى الديمقراطية العلمانية، ليس حبا أو ثقة بأمريكا، بقدر ما تمثل هذه المطالبة أمنية أحزاب الإسلام السياسي الشيعية، بما في ذلك المتطرفة والموالية للنظام الإيراني، وإن كان مقتدى لم يعد يُحسَب على اللوبي الإيراني منذ سنوات، لكنه يشترك معهم في المناداة بإخراج الأمريكان. ثم يجب ألا ننسى مسؤولية مقتدى الصدر عن جرائم ارتكبت في العراق، كقتل عبد المجيد الخوئي، والقتل الطائفي اليومي في 2005 و2006 على يد جيش المهدي.
لست من يستطيع تقديم نصيحة لحزبكم المناضل العريق، في كيفية الخروج من هذا المأزق، الذي لا أشك أبدا أنكم تشعرون به، وربما ناقشتموه في المكتب السياسي أو المكتب التنفيذي، وفي اجتماعاتكم وحواراتكم داخل الحزب. لكني أقول لم يعد يليق بحزب مضى على تأسيسه ثمانية عقود ونصف، دخل مناضلوه السجون، ومورست أبشع وسائل التعذيب معهم، واعتلت كوادره أعواد المشانق، وخرّج العديد من المفكرين والكتّاب والأدباء والفنانين (ملحنين، ومغنين، وممثلين ومخرجين)، أن يضطر لتكون مواقفه السياسية وخطابه بما فيه مراعاة مواقف مقتدى الصدر وخطابه، أو أن يضطر ليسكت عن تجاوزاته على الدستور والقانون واستقلال القضاء والحريات.
فرفاقكم وأصدقاؤكم وعموم الوسط الديمقراطي العلماني أو المدني، يتطلع إلى موقف يعيد للحزب الشيوعي العراقي اعتباره ومكانته ودوره.
مع خالص تحياتي وتمنياتي.
ــــــــــــــــــــــــــــ
ضياء الشكرجي
هامبورغ 08/06/2019
رسائل مازن حسوني
الفصل من الحزب
مازن الحسوني
الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 01:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
تعتبر قضية فصل العضو الحزبي من أخطر القضايا التي تمارسها الهيئات واللجان في عملها لما فيها من أهمية وخطورة على مجمل العمل الحزبي ولهذا يجب التدقيق بها بشكل ممحص لأجل أنْ لا تكون سلاحاً بيد البعض يستخدم بطريقة مضرة للحزب.
قبل ايام جرى تبليغي بقرار الفصل من الحزب لأسباب لم تذكرها الهيئة التي تقود المدينة (ستوكهولم) سوى خرق النظام الداخلي. طلبت عقد اجتماع حزبي للهيئة التي أعمل فيها لتدارس القضية.
- السكرتير لم يجلب معه نصاً مكتوباً بالقرار وانما جرى تبليغه شفهيا بالقرار على اية فقرة بمواد النظام الداخلي أستند القرار لم يذكر (للأمانة سكرتير الهيئة كان ضد القرار).
ـ الهيئة التي أعمل فيها بالأجماع أكرر بالأجماع رفضت القرار (وهنا لابد من شكر هؤلاء الرفاق لشجاعتهم ولفهمهم كيفية تطبيق النظام الداخلي) واعتبرته غير قانوني لأنه لا يستند لأية شرعية تنظيمية ويخالف النظام الداخلي في المادة 7 الفقرة 2 (فصل العضو من الحزب هو أقصى أجراء انضباطي. ويعتبر هذا القرار نافذ المفعول بعد التصويت عليه من ثلثي أعضاء الهيئة التي ينتمي اليها، ومصادقة الهيئة التي تليها، ويعرض قرار فصل عضو اللجنة القيادية المنتخبة على الهيئة التمثيلية التي انتخبته).
- الهيئة التي أعمل فيها اعتبرت القرار غير نافذ المفعول بعد نتيجة التصويت بالاجتماع.
- لجنة مدينة ستوكهولم اعتبرت رأي الهيئة غير ملزم لها وبالتالي اعتبرت قرارها بالفصل هو الساري.
-عند السؤال عن الجهة التي أصدرت القرار في البدء اجابة لجنة ستوكهولم بأن هذا القرار صادر من لتم. هنا لدي هذا التساؤل؟
لا توجد أية مادة بالنظام الداخلي أسمها لتم (لجنة التنظيم المركزي) وانما هي لجنة اختصاص تشكلها اللجنة المركزية المادة 18 الفقرة 7 (تشكل ل. م سكرتارية أو لجاناً أو مكاتب اختصاص مركزية لمختلف جوانب نشاط الحزب، تكون مسؤولة عنها، وتحدد صلاحياتها). وبالتالي ليس من حقها اصدار أي قرار بفصل عضو من الحزب.
-أنا أعلم جيداً بان القرار صدر من لتم واللجان الوسطية نفذته دون أن تدرك أو تغافلت عن بنود النظام الداخلي واعتبرت قرار القيادة لا مجال للطعن أو الاختلاف حوله بالوقت الذي تناست هذه اللجان بأن الناخب في القاعدة والذي أنتخبها يجب أن تراعي حقوقه مثلما تطلب منه الواجبات بغض النظر عن رأي القيادة بهذه القضية أو تلك.
- قد يرجمني البعض من الرفاق بكلام غير مناسب اذا لم يكن بحجر ويقولون بأن هذه قضية داخلية ويجب معالجتها داخل التنظيم وأقول كلامكم صحيح لو ألتزمت الهيئات القيادية بمواد النظام الداخلي رغم أني أرسلت عبر التنظيم رسالة اعتراض على القرار الى لجنة الرقابة المركزية(نسخة من الرسالة مرفقة بهذا المقال لكي يتسنى لهم دراستها وابداء رأيهم) رغم مرارة تجربتي معهم (لرم)حيث وصلني بنفس الطريقة العام الماضي قرار انذار وبطريقة شفهية من الهيئة العليا وبدوري اعترضت عليه لدى لجنة الرقابة المركزية وجاء الرد بعد شهر برسالة لم تعطى لي باليد وانما جرى قرأتها على مسمعي باجتماع دون أن اراها أو أستلم نسخة منها .في الرسالة والتي كنت أتوقعها تصدر من ناس متمكنين بعملهم القانوني بمعنى ردهم سيكون بقبول أو رفض اعتراضي على ضوء بنود بمواد النظام الداخلي ولكن المفاجأة كانت هي سيل من التهم (قرأنا مقالاتك المنشورة بالفيسبوك والتي تتهجم فيها على قيادة الحزب والحزب ........... وأخيرا تسعى بعملك الى شق الحزب .....) والحقيقة بأنني لم أنتبه بشكل كبير لكل ما جاء بالرسالة لامتعاضي من عدم تسليمي باليد للجواب والذي هو من حقي على اعتباري مشتكي. وعندها سألت القارئ وكان سكرتير لجنة المدينة.
كيف أشق الحزب؟ هل وجدتم بيان أصدرته لوحدي أو مع أخرين يدعو لشق الحزب؟ هل حرضت رفاق على هذه القضية واشتكوا اليكم؟ كيف بنت هذه اللجنة رأيها هذا؟
- الرسالة كانت موقعة باسم لجنة الرقابة المركزية (لرم) حسب ما قرأها ولهذا تساؤلي لرفاق لرم هل حقاً أنتم من كتب الرسالة؟ هل بهذه الطريقة تجيبون على رسائل الرفاق؟ أقول وشكي يصل حد اليقين بأن من كتب الرسالة لم يكن من لرم.
*من كل ما ذكرت يا رفاق لجأت الى الطرح العلني للموضوع ليس لأجل التشهير بأحد بقدر ما أن المشكلة الأكبر هي مع الجهة التي تقود التنظيم (لتم) وبالتالي لا يمكن أن يكون الخصم هو الحكم بهذه القضية وهل ستصل اليكم رسالة الاعتراض أم سترمى بسلة المهملات؟.
*تبقى القضية الأهم من كل هذا لماذا هذا القرار ولمصلحة من وما الغاية منه؟ هذا ما يجب أن يسأل كل منا نفسه وكيف تجري هذه القضايا بعيدأ عن أعين الجميع رغم أننا نتبجح بكوننا حزبأ يتخذ من الديمقراطية مسارأ كبيرأ في حياته الداخلية.
سأنتظر الجواب قبل ذكر تفاصيل أكثر حول هذه القضية.
الرفاق في لجنة الرقابة المركزية
م/ اعتراض على قرار
تحية رفاقية حارة
-جرى تبليغي اليوم بقرار الفصل من الحزب عبر اجتماع حزبي وهنا أسجل اعتراضي على القرار للأسباب التالية.
1-القرار جاء من الهيئات العليا ولم يصدر من هيئتي الحزبية وهو بهذا يخالف النظام الداخلي في المادة 7 الفقرة (فصل العضو من الحزب هو أقصى اجراء انضباطي. ويعتبر هذا القرار نافذ المفعول بعد التصويت عليه من ثلثي أعضاء الهيئة التي ينتمي اليها، ومصادقة الهيئة التي تليها، ويعرض قرار فصل عضو اللجنة القيادية المنتخبة على الهيئة التمثيلية التي انتخبته.
2- لم تذكر الجهة التي أصدرت القرار أستنادها لأية فقرة أو فقرات بالنظام الداخلي عند اتخاذها هذا القرار وما هي المخالفات القانونية حسب مواد النظام الداخلي والتي تتيح لهذه الجهة اتخاذ هذا القرار.
3- الهيئة التي أعمل فيها رفضت القرار بعد التصويت عليه.
*أتمنى منكم دراسة رسالتي هذه والاجابة عليها ضمن المدة المحددة قانونياً بالنظام الداخلي كما جاء في المادة 1 الفقرة 3 النقطة د. خاصة وأنتم جهة رقابية مهمتها حسب ما جاء في النظام الداخلي والمادة 19الفقرة 1،3
تقبلوا تحياتي الرفاقية
*أطالب بأن يكون الرد كتابيا ويسلم لي باليد أو عبر بريدي الإليكتروني.
[email protected]
كيف تم اختزال الحزب بفرد أو إفراد؟
مازن الحسوني
ديسمبر 26, 2023
منذ عام 2003 والحزب الشيوعي العراقي يعيش حاله غير مسبوقة بحياته الطويلة التي تقارب التسعون عاماً.
هذه الحالة تمثلت بسيطرة سكرتير الحزب السابق قبل تقديم استقالته على مجمل قرارات الحزب وكيفية تسيير حياته الحزبية حتى بات لدينا حزب يمثله شخصا والكل يدين له بالولاء أن أرادوا خيرا لهم أو ستلحقهم اللعنات إن لم يسايروه بكل ما يرغب.
بعد دخول الحزب في مجلس الحكم على الاساس الطائفي والذي لم تستشر فيه لا قواعد الحزب ولا حتى كوادره بشكل صحيح وانما كان ذلك لرغبة السكرتير.
السكرتير في كل نشاطاته التي كان يقوم بها داخل هذا المجلس لم يقدم معلومات كافية لقيادة الحزب والتي كان من المفروض أن يقدم تقارير مفصلة عن تلك الاجتماعات والنشاطات ليتسنى للحزب بناء سياسته المناسبة. قيادة الحزب ارتأت أن يرافقه أحد الرفاق القياديين بهذه الاجتماعات.
ذهب هذا الرفيق مرة واحدة وطلب أعقاءه من هذه المهمة لأنه حسبما ذكر لرفاقه (هذا بازار مو مجلس حكم كل واحد يشتغل على شلون يحصل حصة أكثر من الباقين). اللجنة المركزية اختارت رفيق آخر (جاسم الحلفي) ليرافق السكرتير بهذه الاجتماعات وينقل تقاريره للجنة المركزية.
حضر هذا الرفيق هذه الاجتماعات ولم يقدم شيء وضاع الخيط على اللجنة المركزية من السكرتير وهذا الرفيق وعندها بدأنا نلاحظ التناغم الكبير بين هذين الرفيقين وأفعالهم بمجمل سياسة الحزب.
بدأنا نلاحظ بعدها الدخول بتحالفات سياسية مع أطراف لم يكن للجنة المركزية ولا رفاق الحزب الآخرين أي دور وإنما هي رغبات السكرتير ومن كان مواليا له (التحالف مع علاوي، التحالف المدني.)) وصولا لتحالف سائرين الذي سبب نكسة فكرية وتنظيمية كبيرة للحزب ستبقى أثارها
عالقة بضمير الحزب لسنوات طوال .هذا التحالف الذي ليس بسبب الاختلاف الفكري بين الحزب والتيار الصدري وإنما بطريقة دخوله ولعب جاسم الحلفي دورا مفصليا بكل نشاطاته حتى وصل بقيادة الحزب التي ترك العمل فيها عددا من الرفاق القياديين (ثلاث رفاق) اعتراضا على طريقة الدخول، بأن تكذب على عموم التنظيم وتصدر بيانا بأن الدخول بهذا التحالف جرى بعد الاستفتاء الداخلي وهي
الكذبة التي فضحتها رسالة السكرتير لرفاقه القادة وتوقيعه على الدخول قبل أربعة أيام من إجراء الاستفتاء. الوضع هذا لم يكن يحدث لو كان للسكرتير الجديد كاريزما قوية لأتقبل بهذا الدور الذي يقوم به السكرتير القديم ولكن لكونه لم يعش بداخل العراق قبل 2003 ولعدم درايته الجيدة بالعمل التنظيمي لأنه رجلا أكاديميا لا ناقة له بدرابين التنظيم الحزبي ولهذا جرى تحجيم دوره وجعله مشغولاً بأمور لأتمت لهذه القضية وغيرها من القضايا المهمة التي تهم حياة الحزب وخاصة الداخلية منها.
حتى أنه لم يكن شخصية مؤثرة في حضوره الإعلامي بسبب لغته الخطابية غير المناسبة للجمهور العراقي البسيط وهو ما استغله السكرتير السابق ومن جلبه ليكون ضمن الطاقم القيادي الذي يريده ويتولى فعلياً أدارة الحياة الحزبية..
ما أريد الوصول إليه من كل هذا السرد التاريخي هو الوصول إلى أن الحزب لم يعد حزب هيئات ولجان وقواعد تؤثر بالعمل الحزبي وقراراته وإنما اقتصرت هذه القضايا بيد
السكرتير ومن حواليه من القياديين وليس جميعهم ولهذا لاحظنا اختزال الحزب بفرد أو من معه..
عندما يحاول أي رفيق تقديم نقد على أي من هؤلاء القادة تجري الإشارة إلى هذا يمثل اساءة للحزب لأجل تأليه هؤلاء القادة وكذلك تخويف هذا الرفيق.
العديد من الرفاق رفضوا هذه الحالة وقدموا الكثير من الرسائل والاحتجاجات بالضد من هكذا تصرفات ولكن للأسف كل شكواهم هذه ذهبت أدراج الرياح.
خرج العديد من الرفاق المخلصين من التنظيم الحزبي وأبتعد الناس كذلك عن الحزب بعد أن تلمسوا بأن لا تجاوب مع ما يقدمونه من آراء ومقترحات وصل الأمر إلى أن الناس بدأت لا تتابع بيانات الحزب وتناقشها مثل السابق (كنت قد أشرت بمنشور سابق حول هذه الظاهرة وحذرت من مخاطرها على مستقبل الحزب)). دخل الحزب إلى الانتخابات المحلية الأخيرة وهو لم يقنع رفاقه قبل الناس الآخرين بجدوى هذا الدخول والتبرير الذي ساد هو:
. الانتخابات المحلية هي استحقاق دستوري لا بد من خوضه الانتخابات هي فرصة لتحريك الجسم الحزبي وتواصله مع الناس. من يسمع أن الانتخابات هي استحقاق دستوري يتصور أن العراق والحكومات الفاسدة وميليشياتها طبقت كل بنود الدستور بأحسن وجه ولم يبق لدينا غير هذا الاستحقاق لكي نمارسه.
أما قضية تحريك الجسم الحزبي فهي أيضا قضية لم تثبت الحقائق حصولها لأن العديد من الرفاق لم يصوتوا بالانتخابات ولا كذلك نشطوا لدعم مرشحي الحزب وإلا ماذا تسمي (بغداد فيها ثمان محليات وعدد غير قليل من المقرات ولم تستطع جمع صوت واحد لعضوة لجنة مركزية أو غيرها من الرفاق، ماذا تريدون أكثر من أمثلة؟ أين ذهبت المطالبة بتغيير القانون الانتخابي؟.).
أين ذهبت المطالبة بسحب السلاح من المليشيات والأحزاب التي تمثلها؟
أين ذهبت المطالبة بكشف قتلة شباب تشرين؟
أين ذهبت المطالبة بمحاسبة من يستخدم السلطة والمال في هذه الانتخابات؟
ألم تكن هذه الأسباب وغيرها هي السبب بعدم دخول الحزب بالانتخابات النيابية الأخيرة؟
ماذا تغير من الحال؟
قدم العديد من الناس ورفاق الحزب ملاحظاتهم حول عدم الجدوى من دخول هذه الانتخابات لأنها فصلت على مقاس أحزاب الفساد والطائفية والمليشيات التي تدعمها ودخول الحزب فيها هو تزكية للديمقراطية
الزائفة التي تتبجح بها هذه المنظومة السياسية الفاسدة ... النتيجة المؤلمة هي عدم فوز الحزب بأي مقعد وبأية محافظة هذا الحزب المجيد الذي يمتلك من الكوادر والتاريخ ما تعجز عنه كل المنظومة السياسية
بالعراق أن تصل إلى مستواه تكون نتيجته هكذا!!!!!! سكرتير الحزب (رائد فهمي) في تصريح له سابق يقول:
إن التحالف (قيم) لصيق بالناس والقطاعات الواسعة الشعبية .. لماذا لم تستمعوا لهذه القطاعات الواسعة التي رفضت الانتخابات وحذرتكم من دخولها؟ لماذا هذه القطاعات الشعبية الواسعة لم تصوت لكم؟ عضو المكتب السياسي (ياسر السالم):
أن تحالف قيم المدني… سيكون منافسا قويا للأحزاب التقليدية في الانتخابات المحلية المقبلة… أن أطراف التحالف تتوقع تحقيق عدد مقاعد غير مسبوق وفقا لتقديرات مبنية على الاهتمام الكبير الذي حظي به التحالف. وينه هذا العدد غير المسبوق؟ وينه هذا القبول والاهتمام الكبير (ستة مقاعد للتحالف بعموم العراق من أصل 400!!!!)
الاستنتاجات من نتائج هذه الانتخابات المحلية: فشل ذريع للحزب وقيادته في كيفية فهم الشارع العراقي
فشل ذريع في الاهتمام بأصوات رفاق الحزب وأصدقاءه المخلصين والرافضين الدخول بهذه الانتخابات
فشل ذريع في دراسة جدوى أو رفض الدخول بهذه الانتخابات على الصعيد الحزبي وإنما أقتصر الأمر على قرارات صادرة من القيادة لا تتقارب مع الواقع .. فشل ذريع في بناء
تحالفات مع أطراف لا دور جماهيري لها على مستوى
الشارع وإنما أغلبها تنظيمات مكتبية ..
* أن كان للحزب قيادة حقا تسهر على مصلحته لكانت قدمت استقالتها منذ إعلان نتائج الانتخابات ودعت لعقد مجلس حزبي لمناقشة تداعيات هذا الفشل
ما حصل هو بيانا بائساً. من اللجنة المركزية ألقى بكل اللوم كالعادة على الآخرين وعلى أمور سبق أن نبه عليها جميع من رفضوا الانتخابات.
كذلك كلمة لسكرتير الحزب لا تخرج من نفس السياق التبريري.
أين ذهبت روح النقد وتمحيص الأسباب الحقيقية للفشل؟
أين ذهب الصدق في كشف الخلل الداخلي الذي كان عامل مؤثر على هذه النتائج؟
* الغريب وهو ليس بغريب الآن بعد هذه السنين هو رمي الإخفاقات وأسبابها على الآخرين دون أن يفكروا بما هم يتحملونه من دور بهذا الإخفاق وهذا ما يشير بشكل واضح على أن هذه القيادة لا يهمها الإخفاق وأسبابه وإنما تجد دائما التبريرات لها رغم
أنها تدرك بأن تبريراتها غير مقنعة ولكن هذا لا يهمها كثيرا ما المطلوب الآن؟
* يتصور البعض ان ما يقدم من ملاحظات نقدية هو لأجل أذية الحزب وهو يمثل هجمة
منظمة لأيفاع الأذى بالحزب. هذا الرأي يتبناه من يسيطر على مجريات العمل الحزبي دون أن يلتفتوا للكوارث التي تحيق بالحزب وتراجع شعبيته لأدنى مستوى بحياته حتى في ظل أقوى السلطات الدكتاتورية سواء ايام الحكم الملكي أو ايام البعث. مجموعة الأربعة التي بيدها (السكرتير ونائب السكرتير وعضوي المكتب السياسي)
ومن خلفهم السكرتير السابق للحزب هم من يمثلون الحلقة التي بيدها كل زمام الأمور، أما بقية أعضاء القيادة فهم بين من موافق على هذه الحال أو يرفض ولكن دون أن يفعل شئ مخافة ضياع مركزه القيادي أو من يرفض ولكن صوته ضعيف وغير مؤثر.
الكرة الأن بيد الكوادر الوسطى لرفض هذا النهج والمطالبة بعقد مجلس حزبي يشارك فيه اعضاء القيادة الحالية والبعض من الرفاق المخلصين الذين يهمهم مستقبل الحزب سواء كانوا هؤلاء من المحليات أو حتى رفاق لا يمتلكون صفات قيادية.
مهمة المجلس هو اختيار قيادة مؤقتة جديدة تقود الحزب لفترة محددة لحين عقد مؤتمر جديد تدعى له كوادر الحزب لا على الآلية التي تتبعها اللجنة المركزية والتي تضمن مجئ فقط من ترغب بهم. كذلك مهمة المجلس رسم سياسة جديدة للحزب على ضوء تقييم كل ما جرى منذ عام
2003 وليومنا هذا نص جديد قد يعتقد البعض أن الكلام هذا هو بطر أو لا يمت بصلة للنظام الداخلي للحزب.
* لأجل مصلحة الحزب لا جدال من تعطيل أي شيء في سبيل هذه الغاية المهمة.
* إذا كان هنالك أي شيوعي يقبل بالواقع الحالي للحزب فهو أما منتفع من هذا الوضع أو
يخاف ركوب الصعاب.
* الحزب حجم دوره السكرتير السابق واختزله بشخصه وجاء من يخلفه ليكمل المسير ويلف حوله بعض من على شاكلته وكلهم انتفعوا من وجودهم بهذا المركز الحزبي ولهذا لا يهمهم مصير الحزب المتدهور طالما بقيت امتيازاتهم مستمرة. خوفي الكبير أن يكون هناك من خطط لكل هذه التداعيات بعمل الحزب ورسم هذا النهج بدراية ودقة ليصل الحال بالحزب لهكذا صورة دون أن يسمح بأن ينتفض ضد هذا النهج المئات من الرفاق من خلال طرق متعددة وإنما أقتصر الفعل على عدد قليل تركوا أو أجبروا على ترك العمل الحزبي.
ما تبقى من الرفاق وخاصة الكوادر الوسطى إذا كان هذا الحال يرضيكم فأنكم مشاركون بهذا الخراب الحاصل ومثلكم الكوادر الصغرى في الهيئات حيث لا عذر لمن يرى ما يجري ولا يجرؤ على فعل شيء.
القول بأن أي فعل سيؤذي الحزب هو شماعة بائسة يحاول من لا يريد أن يتغير شيء التعكز عليها، هل هنالك مأساة أكثر من هذه (صفر من المقاعد بانتخابات محلية)).
* هذا الحزب يستحق قيادة أفضل تفكر وتعمل لأجل الحزب والشعب. هذا الحزب يحتاج العمل الجماعي وليس قرارات فرد أو مجموعة صغيرة. هذا الحزب يحتاج سياسة ونهجا بالعمل الداخلي جديدا يتوازى مع ما يرغبه الرفاق، الناس والعديد من الرفاق عاقبوا القيادة وليس الحزب عندما لم يذهبوا
للتصويت لأنهم يعبرون عن عدم رضاهم بنهج القيادة الحالي ومواقفها وهذا ما يستطيعون فعله الأن.. هذا الحزب لا زال يمتلك الكثير من الناس المخلصة والمستعدة للعطاء والتضحية سواء
كانوا بداخل أو خارج الحزب.. هذا الحزب بحاجة لإلغاء دور المرشد الأعلى للحزب ومجموعة الأربعة ومن جلبوهم من الشباب القادة الذين يسيرون على نفس خطاهم. إذا أردتم أن يعود للحزب بريقه ومكانته بين الناس استمعوا أليهم أكثر من خلال الذهاب إلى أوساطهم وأنزلوا من عليائكم فهد كان عامل ثلج وهز بأعماله الحكومة ببيانات مؤثرة لأنها صادرة من واقع الناس الذي
يعيشه بينهم. معلم في قرية يؤثر بكل حياتها نتيجة عمله الصادق بينهم، والأمثلة كثيرة. أين أنتم من هذا؟ عودوا إلى تلك الأصول النضالية الحقيقة واتركوا المقرات التي ترب المتقاعسين والتي أثبتت أنها بلا فائدة.
احذروا النظام الداخلي الملغوم!!!!!
مازن الحسوني
الحوار المتمدن-العدد: 7085 - 2021 / 11 / 23 - 07:59
*قدم العشرات من الرفاق وأصدقاء الحزب ومنذ مدة غير قصيرة الكثير من الملاحظات والمقترحات الى مؤتمر الحزب الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي حول النظام الداخلي. هذه الملاحظات الكثيرة والتي نشرت بمواقع الأنترنيت وصحافة الحزب يبدو أنها ضلت طريقها في الوصول الى مؤتمر الحزب وذهبت الى سلة المهملات والدليل على ما أقول هو وثيقة التعديلات المقدمة للمؤتمر حول النظام الداخلي والتي خلت من معظم تلك الملاحظات وانتقت القيادة فقط ما يعجبها وخاصة ممن لا تؤثر على جوهر القضايا العقدية المطروحة للنقاش لأجل التغيّير، بل أضافت بعض الفقرات التي تكرس سيطرتها المطلقة على مجمل أمور الحزب.
*وثيقة التعديلات تبين بلا أدنى شك كون القيادة تريد التحكم بكل الأمور وتبتعد بمسافة كبيرة عن كل ما يضمن الديمقراطية الحقيقية. لكيْ لا أطيل بالحديث ابدأ بالتفاصيل:
*المادة 21 الأحكام الختامية.
هذه المادة لاقت رفضاً واسعاً وخاصة (1) التي تعطي صلاحية للجنة المركزية بقرار الدخول بتحالفات سياسية. القيادة لم تتعظ من كل التحالفات الفاشلة وخاصة سائرون التي قررتها وحدها. اليومْ تبقي على هذه المادة الخطرة دون تغيير مما يعني بأنها من الممكن أن تستغلها في المستقبل.
*التعديلات على هذه المادة كانت (4) بدل يعدل النظام الداخلي بأغلبية مطلقة تعدل الى الثلثين.
*المادة 19 الرقابة المركزية
- أربع تعديلات شكلية على عمل هذه اللجنة دون المساس بمشكلتها الكبيرة والمتمثلة:
-ضرورة الارتباط المباشر بين المحليات وهذه اللجنة دون العبور من خلال لتم (لأن لتم تستطيع أن تحجب ما تريد سواء عند ذهابه أو مجيئه من لجنة الرقابة لا بل في أحد المرات كتبت رسالة باسم لجنة الرقابة دون معرفة هذه اللجنة بها).
-ضرورة تقديم تقاريرها الدورية المباشرة لعموم الحزب وليس للجنة المركزية فقط.
-ضرورة أشرافها المباشر على كونفرانسات ومؤتمرات المحليات ومنظمات الخارج وحتى مؤتمر الحزب سواء بالحضور المباشر أو عبر الدائرة الإليكترونية.
*المادة (18) اللجنة المركزية.
- مهامها وصلاحياتها (11) الفقرة تشير الى أنها في اجتماعها الكامل تنتخب سكرتيراً ونائبا وتحدد أعضاء المكتب السياسي وتنتخبهم بالأغلبية المطلقة. التعديل جاء فقط كلمة الأول بعد اجتماعها الكامل.
-يعني هذه هي كانت المشكلة حول هذه الفقرة؟ أم أن العديد طالب بأن تكون صلاحية انتخاب السكرتير من داخل أروقة المؤتمر أسوة بكل الأحزاب الديمقراطية سواء اليمينية منها أو اليسارية. ومعروف أن الغاية هي أن السكرتير هو من يقود الحزب وليس اللجنة المركزية فقط وكل عمله يؤثر على عموم الحزب.
كذلك لمنع التخندقات المضرة داخل اروقة اللجنة المركزية مثلما حصل منذ سنين طويلة لكي يضمن السكرتير بقاءه لفترة طويلة كذلك يستطيع التحكم بمن يريده للصعود أو البقاء في اللجنة المركزية.
-سكرتير اللجنة المركزية (3) ينتخب لدورتين متتاليتين فقط. التعديل هو ألغاء هذه الفقرة بالكامل.
-يعني بعد كل الجهود التي بذلت لأجل تعزيز الديمقراطية ومنع عبادة الفرد وتسلطه على عموم الحزب وبعد التجارب المريرة لقيادة حميد مجيد لـ (23) سنة وما صاحبها من أخطاء.
يراد الآن أعادة القضية من جديد (ما تشوفون خالد بكداش شنو عمل بقيادته للحزب الشيوعي السوري لسنوات طويلة، ما تشوفون تجارب القادة العراقيين، جلال الطالباني، مسعود البرزاني وغيرهم) الّ تعطي هذه النماذج دروسً كافية لنبذ هكذا شكل من التسلط الفردي على مقدرات الحزب؟ هل تريدون أن يرجع حميد مجيد أو ربما رائد فهمي لهذه الدورة وما بعدها؟
* المادة (16) المؤتمر الوطني:
-تعديلين شكليين غير مهمين على هذه الفقرة بالوقت الذي قدمت العديد من المقترحات منها:
-يتكون المؤتمر الوطني من المندوبين المنتخبين في لجانهم المحلية.
-أعضاء اللجنة المركزية المنتخبين في لجانهم المحلية التي عملوا بها سابقاً أو التحقوا بها مؤخرا حسب وضعهم الجغرافي ومن لم يفز منهم يحضر كمراقب (لا يحق له الترشيح والتصويت). التبرير، أعضاء اللجنة المركزية يحضرون المؤتمر بصفتهم الحزبية (اعضاء لجنة مركزية وعند انتهاء مناقشة تقارير اللجنة المركزية وحلها بالمؤتمر يصبح بعدها جميع اعضاء اللجنة المركزية وجودهم بالمؤتمر غير شرعي (يعني لا يتواجدون بشكل مباشر وكأن لديهم كارت أخضر).
-أعضاء لجان الاختصاص والهيئات المرتبطة باللجنة المركزية ولجنة الرقابة المركزية تسري عليهم نفس أحكام اللجنة المركزية أي المنتخب منهم فقط وما عداه يحضرون كمراقبين.
-ألغاء فقرة الضيوف ونسبتهم ويحل بدلاً عنها فقط مراقبين لا تتجاوز نسبتهم 5% من الحضور ولا تجري أية عملية تصويت لتعديل صفة حضورهم. أعتقد الكل يعلم بطريقة التلاعب بهذه القضية لتمرير من لا يفوز بالانتخابات المحلية وأشراكه بالمؤتمر خاصة وأن هؤلاء ترشحهم اللجنة المركزية أو يجب أن توافق على حضورهم بعد ان ترشحهم المحليات (خير مثال أن أحد صقور م. س الحاليين لم يرشح نفسه لانتخابات المندوبين وجرى زجه بالمؤتمر السابع كضيف ليصبح مندوباً ومن وقتها عضو لجنة مركزية ومكتب سياسي وبالتأكيد لابد له من طاعة ولي أمره).
*المادة (17) المجلس الحزبي (لم يجري أي تعديل عليها).
-لم يجري التطرق أليه رغم الملاحظات الكثيرة حوله ومنها (1) وهذه الفقرة التي حصرت الدعوة للمجلس فقط بيد اللجنة المركزية. التعديل المطلوب:
للجنة المركزية والمحليات الحق بدعوة انعقاد المجلس الحزبي العام كلما دعت الظروف .... الخ . التبرير لا يجب حصر الدعوة بيد اللجنة المركزية فقط حيث حصل وكانت الظروف السياسية والحزبية تتطلب عقد مجلس حزبي ولكن اللجنة المركزية لم توافق.
*المادة (15) التعددية القومية والدينية (لم يجري أي تعديل عليها).
-جرى نقاش مطول حول هذه القضية والمختصات التي أحدثتها اللجنة المركزية والتي ساهمت بتعزيز هذه الاختلافات والتخندق والابتعاد عن الروح الأممية التي أمتاز بها الحزب لذلك كانت المطالبة بالغاء هذه المادة وتكوين مختصات (عمالية، فلاحية، للمرأة، للطلبة والشباب).
*المادة (14) ألية العلاقة بين حشع وحشك (لم يجري أي تعديل عليها).
-هذه الفقرة جرى تقديم أكثر من رأي حولها وخاصة وأن عملية انفصال حشك أصبحت أمرا حاصلاً بالفعل لذلك لابد من تغيير طريقة عمل حشع في كردستان وولهذا لابد من بناء منظمة اقليم كردستان من جديد لأن كردستان لا زالت جزء من العراق ومن حق حشع أن ينشط ويكون له تنظيم بعموم العراق.
*المادة (12) المجلس الاستشاري (لم يجري أي تعديل عليها).
-من الغريب أن هذه الفقرة (1) التي ظلمت منظمات الخارج بعدم تمثيلها بهذا المجلس رغم أمكانيات رفاق الخارج الذي تشهد لها قيادة الحزب قبل قواعده بهذه الإمكانية. لماذا الاصرار لعدم تمثيلهم؟ من هنا لابد من تغيير الفقرة لتصبح:
-يتكون من أعضاء اللجنة المركزية وسكرتاري اللجان المحلية ومسؤولي لجان الاختصاص المركزية واعضاء لجنة الرقابة المركزية ورفاق من منظمات الخارج.
*المادة (13) منظمات الخارج (لم يجري أي تعديل عليها):
-جرى طلب تعديل حول الفقرة (2) لتكون:
تشكل لجنة لقيادة منظمات الخارج من سكرتاري هذه المنظمات ومكتب ينتخب حسب عدد هذه المنظمات وترتبط هذه اللجنة بمشرف من اللجنة المركزية.
*المادة (7) اجراءات الانضباط الحزبي:
-أضيفت فقرة (4)
-للهيئة الأعلى عند الضرورة أن تتخذ ألأجراء الانضباطي.
-هذه القضية خطرة جداً ويجب التوقف كثيراً أمامها لماذا؟
- ستفتح الباب على مصراعيه للهيئات العليا وخاصة قيادة الحزب لاتخاذ أي أجراء انضباطي بحق أي رفيق طالما تجده بالنسبة لها ضرورة(ما هي هذه الضرورة ومن يحددها؟ غير معلوم .هذه الفقرة ستنهي حق الهيئات في محاسبة الرفيق الذي يعمل معها وحقه هو في الدفاع عن نفسه امام هيئته خاصة وان هذه الإجراءات الانضباطية ستكون مثلما جرت العادة عبارة عن قرارات دون اسباب واضحة .أذكر الجميع بأن لتم اتخذت أكثر من أجراء انضباطي بحق رفاق ومنظمات دون وجهه قانونية يكفلها النظام الداخلي وتريد هذه المرة أن تجد هذه الصيغة القانونية بعد النقد الشديد لتلك القرارات المجحفة وكأني أجدهم بهذا المقترح بدل أن يعززوا الديمقراطية داخل التنظيم ويمنحوا مزيداً من الصلاحيات لرفاق القواعد ويحلوا الإشكالات بصورة حسنه ،تراهم يلجئون لتسليط سوط العقوبات وتشجيعها بدل من حل تلك الاشكالات بطرق سليمة (كلامي هذا بالتأكيد يستثني الإجراءات أذا كانت على الأساس الأمني للحزب والرفاق).
*المادة (1) المبادئ التنظيمية.
-الفقرة (3،ج) جرى تعديل شكلي (حق الأقلية في مناقشة .........وأبداء الاعتراض امام الهيئات المسؤولة بما فيها المؤتمر كذلك من حقها التعبير عن رايها ..........في منابر الحزب الأعلامية ......الخ).
السؤال اين الضمان لنشر تلك الاراء بمنابر الحزب خاصة وأن تجارب سنين طويلة تبرهن عكس ذلك حيث لا ينشر أي رأي يختلف مع سياسة الحزب الا ما ندر وهو ما يثير الشك عند حدوثه.
كيف ستعبر هذه الأقلية عن رأيها بالمؤتمر أذا لم تطرح وثائق وافكار لها مع وثائق الحزب الأساسية؟ أذن التعديل لابد أن يتضمن
-نشر كافة الآراء حتى التي تختلف مع سياسة الحزب طالما تلتزم بقوانين النشر المناسبة (عدم استخدام كلمات جارحة أو مخلة بالأدب) كذلك تتبنى اللجنة المركزية حق هذه الأقلية في نشر أفكارها بوثيقة خاصة في مؤتمرات الحزب ومجالسه الحزبية.
-الفقرة (د) لم يجري التطرق أليها وهي
ـ حق المنظمات الحزبية واعضاء الحزب في الاعتراض على قرارات الهيئات القيادية والمطالبة بإعادة النظر فيها، على أن لا يعيق ذلك تنفيذ تلك القرارات لحين البت في الأمر ........الخ.
- المشكلة التي تحدث دائما هي أن الهيئات والرفاق عندما يعترضون لا يأتي اي جواب وهم ملزمين بتنفيذ القرار. القرارْ بصيغته الحالية يضمن للهيئات القيادية حقها بتنفيذ قرارتها بينما لا يضمن للهيئات الدنيا والرفاق حق ضمان نتيجة الاعتراض لذلك لابد من التعديل ليصبح:
- حق المنظمات الحزبية والرفاق في الاعتراض...وعدم تنفيذ القرار لحين البت في أمر الاعتراض.
*هنالك تعديلات شكلية بسيطة تتعلق بكلمات ومفردات لا تمس بجوهرها الفقرة المعدلة لذلك لم أرغب التحدث حولها.
كذلك كانت هنالك العديد من الفقرات التي تخص الديباجة وغيرها من الأمور لكني ارتأيت أن أضع الجميع أمام هذه الخطورة الواضحة التي تنتظرنا أذا ما جرت الموافقة على هذه التعديلات وأغفال الاقتراحات الأخرى عن عمد.
*كلمة أخيرة.
أن هذه التعديلات الواردة بوثيقة التعديل تمثل رغبة القيادة ببقاء الصلاحيات بمجملها تحت وصايتها وهي من تتحكم بكل القرارات مما تعني بأنها تريد أن تعطي رسالة واضحة بأن الديمقراطية بداخل الحزب هي مقننة حسب رغبتها ومشيئتها.
-أن من يفكر بأن الديمقراطية بداخل الحزب الشيوعي يجب أن تعطي السلطة لقواعد الحزب والقيادة هي هيئة لأداره العمل الحزبي بصلاحيات يمنحها النظام الداخلي لأجل تسيير العمل الحزبي بشكل مرن وسلس، خاطئ أذا بقي النظام الداخلي بصورته الحالية وبشكل أسوء أذا أقرت هذه التعديلات التي تكرس أكثر وأكثر حصر الصلاحيات بيد القيادة. القيادة تريد أن تسلط الأضواء على التعديلات التي قدموها ويحجبوا كل المقترحات التي قدمها الرفاق والأصدقاء في العديد من الفقرات المهمة الأخرى بمعنى خفض سقف التعديلات للمستوى الذي لا يؤذي صلاحياتهم.
*مندوبي المؤتمر الحادي عشر الناشدين للتغيير الحقيقي أعلم جيداً أن عددكم قليل جداً أذا ما قورن بالأخرين الذين سيعملون على عرقلة ما تصبون أليه لكن تذكروا أن وراءكم أعداداً كبيرة من رفاق الحزب وأصدقاءه ممن يدعمونكم وينتظرون منكم وقفة شجاعة لأجل اصلاح الوضع السلبي لحياة الحزب الداخلية ونظامه الداخلي.
تذكروا بأن شباب تشرين قبل انتفاضتهم الباسلة لم ينتظر أحد ان تهز انتفاضتهم عرش الفاسدين الى الدرجة التي وصلت أليه حتى باتت رقماً يهابه الجميع ويحسب حسابه امام القوى المتغطرسة والسبب واضح جداً هو أن الشباب كانت لديهم قضية مهمة (نريد وطن) ونحن وأياكم نقول (نريد حزباً كما عهدناه سابقاً).
مازن الحسوني: لقد جعلتمونا أضحوكة يا رفاق!!!!!
أغسطس 17, 2018
لقد جعلتمونا أضحوكة يا رفاق!!!!!
قبل أيام وبعد الانتهاء من المشاركة بفعالية تضامن مع الحراك الشعبي في الوطن ذهبت مع صديقين أحدهما بداخل التنظيم الحزبي والأخر خارجه وتبادلنا الحديث عن وضع البلد الان ودور الحزب بهذا الحراك وعندها أشار الصديق غير الحزبي بعدم أتفاقه مع جملة وردت برسالة حزبية داخلية (متابعة سياسية) ونظر الينا وقال هل وصلتكم هذه الرسالة أم لا لأنني استلمتها من أحد الكوادر حينها نظرت لصاحبي الأخر والحيرة على وجوهنا، نحن بداخل التنظيم ولا تصلنا الرسائل الحزبية بالسرعة التي تصل الى من هو خارج التنظيم بل وأحياناً تحجب عنا نهائياً وهنا أود التركيز على وصول وثائق حزبية خلال الأيام الماضية قبل اجتماع اللجنة المركزية للحزب الأخير وتوزيعها فقط للكوادر دون الأخرين (المجاريد). حصلت على هذه الوثائق من مصدر غير حزبي ولي وقفة جدية بما تضمنتها في وقت أخر ولكني اليوم فقط سأناقش قضية الاصرار على الاستمرار بنهج الأفلال من شأن أعضاء الحزب عبر اعطاء قيمة أكبر للبعض دون الاخرين ومشاركة البعض من الكوادر بهذه القضية سواء بعلم أو دون علم مسبق لأنهم بالسكوت عن حجب المعلومات عن رفاقهم المجاريد يساهمون في الفرقة بين الرفاق ويضعفون وحدة المساهمة بصنع القرار ومن ثم تحمل نتائجه وكيفية الدفاع عن سياسة الحزب ونشرها بين الناس.
*لمعلومات الجميع لدى الحزب حلقات متعددة لوصول المعلومات
1ـ الحلقة الأولى وهي السكرتير وبعض المقربين جداً وخاصة من م. س
2ـ الحلقة الثانية أعضاء ل . م
3ـ الحلقة الثالثة الكوادر الوسطى
4ـ الحلقة الرابعة عموم التنظيم (المجاريد).
ـ طبعاً سيكذب الكثيرون هذه المعلومات وخاصة القياديين ومن الحلقة الأولى بالذات ويقولوا بأن لا وجود لمثل هكذا أدعاء وأليهم أقول أنتم تعلمون جيدا صحة ما أقول ودليلي أن مفاوضات الدخول بـ سائرون رعاها السكرتير مع أحد أعضاء م. س دون علم الأخرين من ل. م بتفاصيل هذه المفاوضات وحتى يوم التوقيع ومن ثم اخراج مسرحية الاستفتاء.
*هذه نص رسالة السكرتير الى أعضاء ل.م يخبرهم بها بالتوقيع على الدخول بـ سائرون دون أخذ موافقتهم المسبقة ولا عموم الحزب ،عفوا استفتاءه الكوادر فقط الذي جرى بعد أربعة ايام من التوقيع.
الرفاق الأعزاء
تم توقيع أحزاب ـ أحزاب التحالف المدني الديمقراطي ـ على تشكيل تحالف مع حزب الاستقامة، وحزب الدولة العدالة، وحزب الشباب من أجل التغيير تحت أسم (سائرون).
وقت الرجوع الى هذا الاسم لورود اعتراضات على مفردة (قادمون) لإيحاءاتها العسكرية، اما اسم عراقيون فهو محجوز، واضافة التغيير استبعدت الحرص على ان يكون اسم التحالف من كلمة واحدة كما كلمة التغيير موجودة في أسم أحد الأحزاب المكونة له.
بالنسبة للتعديلات والأهداف المقترحة فهي مقبولة من طرفهم وسيجري تضمينها في البرنامج والنظام الداخلي الذي سيتبناه التحالف وجرى أدخال بعضها في وثيقة اعلان التحالف بما في ذلك الاشارة الى أهداف الابتعاد عن الطائفية والأثنية وبناء دولة المواطنة المدنية ذات العدالة الاجتماعية.
وتم حذف بعض الفقرات من الجزء التنظيمي. اما بالنسبة لفقرة الاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي، فأحيلت الى النظام الداخلي بعد تأكيد الجميع على احترامها.
كان من طرفهم تمسك بالتصويت الموحد، حفاظا على قوة وفعالية التحالف كما برروه وحسب تفسيرهم سيكون هناك التزام بالتواصل الى مواقف عليها، اي بالتوافق. وبالنسبة لرئيس التحالف المسجل اقترحوا حسن العاقول أمين عام استقامة، من جانبنا طرحنا ان يكون من التحالف المدني وضرورة ان يكون شخصية معروفة تجسد (الهوية المدنية الوطنية) للقائمة كما أتفق على توصيفها عليّ سميسمْ. طلب الدكتور علي الرفيعي تأجيل البت بالموضوع الى يوم غد. الأمانة العامة لأداره التحالف ستكون دورية وسيثبت ذلك في النظام الداخلي الذي سيتم اعتماده لقد أبدى سميسم مرونة وكان والأخرون يؤكدون بأنهم جادون في التغيير والتعاون مع التيار المدني وأنه لا مبرر من التخوف من قبل المدنيين ازائهم. سيتم اعلان التحالف السبت القادم في مؤتمر صحفي يحضره الأمناء العامون للأحزاب.
ابو رواء
* أسئلة الى رفاقي في قيادة الحزب:
*لماذا ترسلون هذه الوثائق وغيرها من القضايا لبعض الرفاق دون غيرهم؟
-هل لأنكم والكوادر الأوعى من بقية الرفاق ولهذا ترسلون هذه الوثائق وغيرها لبعض الرفاق دون غيرهم ؟
-هل أن تضحياتكم وتضحية عوائلكم أكبر من تضحيات الأخرين ؟
-هل لأنكم الحريصون ألأكثر على الحزب دون سواكم ؟
-هل لأنكم مفرغين للعمل الحزبي ؟
-هل لأنكم قياديين وتتحملون مسؤولية أكبر؟
-هل لأنكم تمتلكون خبرة أكثر من الأخرين؟
-أم ماذا ؟ أعطونا جوابً مقنعاً يقنعنا بأنكم على حق بما تفعلون؟
*اما الكوادر فلهم أقول .أنكم تساهمون بشكل مباشر في هذا الخراب الذي ينخر الحزب بسبب هذا السلوك الحزبي والذي تلجأ أليه القيادة لزرع هذه الروحية في تقريب البعض وابعاد البعض الأخر أضافة الى رغبتها بمشاركتكم بتحمل أعباء قراراتها التي أنتم لستم مساهمين حقيقيين بها، كذلك يراد أيصال رسالة واضحة بكيفية سريان العمل الحزبي (المعلومات المهمة لدى البعض المفضلين فقط) وهو فعلاً ما تقوم به بعض الهيئات القيادية حين تقوم بدورها بحجب المعلومات عن الرفاق ومنحها لمن قريب اليها لأنها تربت واقتنعت بهذا الأسلوب عدا القلة .أن خطورة هذا الأسلوب تكمن في أنه يساهم بنشوء البطانات والتخندقات وكل الأمراض المسيئة لتطور الحزب ويجعل ضعاف النفوس يدركوا بأن السبيل لوصولهم للمراكز القيادية الأعلى يمر عبر الموافقة على هذه الأساليب.
*كيف تريدونا أن نحترم قراراتكم ونعمل على تجسيدها لبرامج عمل دون أن تكون لنا مساهمة جادة بها ؟متى تدركون بأن احترامكم يأتي من صدقكم وطرح الحقائق بكل شفافية مهما صعبت هذه الحقائق؟
*كنت أتمنى بعد كل المناشدات للقيادة بمراجعة النفس وتصحيح الأخطاء التي رافقت عملية التهيئة و والدخول لسائرون ولمجمل العمل الحزبي ولكني بعد اطلاعي على الوثيقتين أجد أن هذا الأسلوب في أدارة العمل الحزبي نابع من قناعة وتخطيط مسبق و اصرار على مواصلة نفس النهج وتزكية النفس واعتبار الأخرين هم السبب بما يعيق تطور الحزب سواء كانوا رفاق مقتنعين بخط الحزب ولكن لم يقوموا بواجبهم الحزبي حسب المطلوب أو الحزبيين الذين يعترضون على خط الحزب .
*لقد أصبحنا بحال لا نحسد عليها حيث ان وجهات النظر المختلفة في الحزب جعلت الكثيرين يفضلون الذهاب الى الأخرين غير الحزبيين الذين يرتاحون اليهم ليعطوهم كل الأسرار والوثائق وبنفس الوقت يحجبوها عن رفاقهم (هذا لا يعني بأن من خارج الحزب هم غير مخلصين للحزب ولكني أشدد على أسلوب أدارة العمل) لهذا أصبح ثقل واحترام الحزب غير ما كان عليه وأنتم السبب المباشر بذلك.
* حزبنا يحتاج قيادة لا تجعل الناس تضحك على رفاق الحزب بعدم معرفتهم لوثائق وقرارات الحزب.
*حزبنا يحتاج الى الشفافية والصدق بالمعلومة لعموم التنظيم وليس للنخبة.
*حزبنا يحتاج قيادة لا تتلاعب بالنظام الداخلي حسب رغباتها.
*حزبنا يستحق قيادة أفضل.
هل هذا المنطق بالتفكير مفيد للحزب؟ / مازن الحسوني
مازن الحسوني
20 شباط 2020
هل هذا المنطق بالتفكير مفيد للحزب؟ / مازن الحسوني
كتب حسين النجار عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بتاريخ 15-2-2020 مقالة بطريق الشعب بعنوان (خارج النسق...أمور تضر الانتفاضة قبل غيرها).
-لأن صاحب المقالة شخص غير عادي بالحزب فبالتالي ما كتبه يعكس جزء من تفكير بعض القياديين بالحزب ولهذا وجب التمعن جيداً بما كتبه.
*لا أود الخوض في قضية تكوين تحالف سائرون والاعتراضات عليه من داخل الحزب وخارجه ،ولا حتى نتائج هذا التحالف الذي لم تزكي الأيام صحته.
-بداية المقالة التي بمجملها تسعى الى عدم وجود تناقض وصراع بين نشطاء الانتفاضة وجمهور التيار الصدري (سعت قوى الفساد والخراب ....الى افتعال صراع غير صحيح من الناحية الواقعية، استناداً لمواقف محدودة من بعض افراد التيار الصدري أو نشطاء الانتفاضة، أنه فخ يفترض عدم الوقوع به)
*خطورة الطرح هذا تكمن في أيهام القارئ بأن:
1 ـ سبب الصراع بين التيار والمنتفضين هو قوى الفساد. ألم يكن الصراع هو ممارسة القتل والتعذيب والحرق والاعتقال والتهديد (كل هذا موثق بأفلام وصور) من قبل جماعة التيار بعد كل تغريدة من قبل مقتدى الذي أستشعر ضياع مركزه وتحكمه بالناس خاصة وهو كان يظن بانه الوحيد القادر على اخراج الملايين في تظاهرات وعدم قناعة الناس به وتياره.
2- لماذا تساوي بين ما تفعله مليشيات القتل (القبعات الزرق وغيرها) ونشطاء الانتفاضة الذين لم يقوموا بأي فعل عنف ضد جماعة التيار؟ .
3- أذا فرضنا هنالك صراعا بين الطرفين، لماذا لا يستخدم التيار الحوار بدل أساليب القتل والترويع والحرق (مجزرة النجف وغيرها) ضد المنتفضين بل والاساءة للمرأة العراقية ودورها العظيم بهذه الانتفاضة؟
ـ تكرر المقالة لمفهوم فكري غير موفق ويتعلق بادراك ماهية جمهور التيار الصدري. (أن الجمهور المتضرر من نظام المحاصصة وفي المقدمة منهم الشباب المنتفض ومن بينهم جمهور التيار الصدري).
*التيار الصدري جمهوره ينقسم لعدة مجاميع. اولها الجمهور المغيب وعيه (يبوس اطارات سيارة السيد) وهو المستعد لعمل كل شئ يطلبه منه مقتدى وهذا لا يهمه ان كان نظام المحاصصة يؤذيه أو لا وحتى الانتفاضة ومسارها لا تهمه كثيرا. ثانيها المجاميع التي بدأت توعي حقيقة توجهات الصدر البعيدة عن نهج التيار الصدري الفعلي والذي عرفته سابقا وهذه المجموعة سواء كانت بسيطة التعليم أو متعلمة. ثالثها قادة المجاميع المستفيدة جدا من التيار ماديا وسلطويا وهؤلاء يتوزعون بين قادة لمجاميع عسكرية أو تنظيمية أو عشائرية.
ـ من كل ما ذكرت علينا أن ندرك بأن التيار ومن يتحكم به من قادة مختلفين لم تعد تجمعه مع الانتفاضة شئ بل هو يخشى على نفوذه ومصالحه ولهذا يتلقف تغريدات الصدر بكل رحابة صدر ويذهب لتنفيذها دون وازع أخلاقي وأنساني وشاهدنا تصرفاتهم مع المنتفضين
-تذهب المقالة فيما بعد الى احتجاجات 2015 وتؤكد (ومن تجربة احتجاجات 2015 لم أجد ما يفرق عندما تم الاتفاق على هدف معين ،بل أي صراع فكري أيديولوجي لم يطرح حينها الا من أبواق القوى القوى المناوئة.).
*مشكلة من قاد الذهاب الى التحالف مع التيار من قادة الحزب لم يفكر بالفوارق الأيديولوجية وعملية الصراع وتركيبة وتوجهات كل طرف (الشيوعيين والصدريين) بل لم يفكروا بأن للحزب الشيوعي برنامج ونظام داخلي وقواعد لإدارة الحياة الحزبية وهيئات كونفرانسات ومؤتمرات ووووو بالوقت الذي يتحكم بالتيار الصدري شخص واحد فقط تطيعه قيادة التيار وجمهوره بشكل أعمى وله من المزاج والتقلبات ما لا يستطيع أحد معرفتها. والأخطر من ذلك لم تدرك قيادة الحزب الدور الحقيقي للتيار بتلك المرحلة والذي تكشف الآن بشكل واضح، الا وهو كسر تلك الاحتجاجات وأضعافها عبر المشاركة أحيانا وأحيانا لا لبعث رسالة للجميع بأنه (مقتدى) هو من يتحكم بحركة الاحتجاجات ليستغل هذه الورقة في مفاوضاته عند تقسيم الغنائم مع الفاسدين الأخرين بالحكومة.
-المقالة تواصل المنطق الغريب في فهم الواقع الحالي للانتفاضة حينما تشير الى (من المؤكد أن هناك اختراقات معينة لصفوف المنتفضين لمحاولة جرهم الى شعارات وأفعال تمس سلمية الانتفاضة وأهدافها من خلال أفعال عدائية مستنكرة).
*أليس هذا المنطق الغريب تبريرا للمليشيات والأجهزة القمعية التي تقوم بأعمال القتل والخطف والسجن والتعذيب بحق المنتفضين بحجة قيام البعض منهم بأعمال عدائية مستنكرة؟
-يختم المقالة بشكل خجول عن جرائم التيار الصدري حينما يبين الكاتب (نعم بعض المواقف تغيرت فيما ذهب البعض من المتشددين في التيار الصدري الى التشدد وتوتير الأجواء).
*هل مواقف التيار جديدة (ألم يحرقوا مقر للحزب في مدينة الثورة ويقتلوا رفيقين؟) أليسوا هم أصحاب سيارة البطة (هذا عن لسانهم وبالفيديو)، هل أذكرك بجرائم جيش المهدي؟ والان أليس كل ما يقومون به من اعمال وحشية يأتي بعد تغريدات السيد مقتدى، بمعنى لا يتصرف أي منهم حتى المتشددين دون علم وقرار من مقتدى .
ـ نأتي الى زبدة المقالة (الصحيح والسليم أن نواصل السير معا لتحقيق الأهداف المشتركة)
*هل هنالك أخطر من هذا الطرح بهذا الوقت حيث تتعالى حناجر المنتفضين بالضد من قتلتهم والمتحاصصين والفاسدين من كل الجهات والتيار منهم .التيار الذي خذل الناس وأرتكب أكبر الجرائم بحق المنتفضين لآنه العدو غير المنظور بالنسبة لهم سابقا وهو المتواجد بينهم وعارف كل أسرارهم .هل بعد كل هذا وحيث لم يبقى أنسان بسيط لا يثق ويقتنع بالتيار الصدري ومقتداه ،وانت لازلت تؤكد على جدوى التعاون ومواصلة السير معهم لتحقيق الأهداف المشتركة.
ـ عن أية أهداف تتحدث وماذا تحقق من خطوط عريضة رسمها بيان تأسيس التحالف منذ 2018؟
* ختاماً أقول نتائج هذا المنطق في التفكير السياسي والذي يرسم الحزب سياسته الحالية على ضوءه الى أين يسير بالحزب ؟ الاّ ترون الواقع؟
*سلاما على أرواحكم فهد، سلام عادل، العبلي، ستار خضير، سعدون، أبو كريم،أم ذكرى، ابو هديل،علاء اللامي،..............
2020/2/19
منظمات الخارج وحق المساهمة في المجلس الاستشاري
منظمات الخارج وحق المساهمة في المجلس الاستشاري
-عقد الحزب الشيوعي العراقي مجلسه الاستشاري الدوري في 29/5/2020 بحضور أعضاء اللجنة المركزية وسكرتاري المحليات ولجنة الرقابة المركزية ومسؤولي لجان الاختصاص المركزية (حسب ما ينص عليه النظام الداخلي للحزب في المادة 12-1 ).
*جميع الأحزاب الديمقراطية حقا تهتم بـ هكذا شكل من المجالس الاستشارية بشكل كبير كونه يمثل ارضا خصبة لمجموعة الأفكار والمقترحات التي يحتاجها الحزب لمعرفة مدى نجاح وفشل عمله السياسي وبرامجه وأين تكمن تلك الأسباب سواء بالنجاح أو الفشل. من هنا تحاول هذه الأحزاب على الدوام توسيع مشاركة الحضور بهذه المجالس سواء من رفاقها أو من خارج التنظيم لذوي الاختصاصات التي يحتاج الحزب الى المساعدة فيها. هذا الوسع في المشاركة التي يراها الحزب ضرورية تجعله يوسع مداركه لفهم المجتمع بطريقة أفضل لكي يتطور حضوره في المجتمع وتزداد شعبيته ومكانته ومنها تتعزز فرص نجاحه بالانتخابات بعد رسم برامج عمل مناسبة لكل مرحلة وكيفية تطبيق تلك البرامج.
-أعلم أن ما سأتناوله من موضوع ليس بالجديد على مسامع الجميع والمتمثل في عدم وجود تمثيل لمنظمات الخارج في هذا المجلس وكأن هذه المنظمات ليست كاملة العضوية والأهمية مثل بقية اللجان والمنظمات.
-منظمات الخارج كانت منذ عام 1980 ولما بعد سقوط النظام الدكتاتوري لفترة غير قصيرة الشريان الوحيد الدائم العطاء الذي يغذي الحزب ماديا. منظمات الخارج طيلة هذه السنوات حفظت الحزب من الضياع والتشتت مثلما حصل لأحزاب عاشت فترة طويلة بالغربة. منظمات الخارج تخرج منها أغلب قادة الحزب سابق وحاليا. منظمات الحزب كانت صوت الحزب العالي في الكثير من المحافل الدولية التي أوصلت هموم الشعب والوطن لتلك المحافل وحظي شعبنا بالتضامن والتعاطف معه نتيجتها.
*البعض سيرد بالقول بأن عدم وجودهم يعود الى النظام الداخلي الذي لا يحق لهم هذا الحضور.
هذا الطرح صحيح لو كان التمسك ببنود النظام الداخلي جرى التمسك به باستمرار في مواضيع أخرى أخطر من هذه بكثير على اعتبار أن المجلس لا يملك صلاحية أتخاذ قرارات وانما دوره هو تقديم المشورة لقيادة الحزب وكذلك الاطلاع على نشاط المنظمات المحلية وكيفية رسم برامج عمل لقادم الأيام.
*أذكر من يتمسك بفقرات النظام الداخلي وكيف جرى التجاوز على بعض مواده في فترات معينة حسبما شاءت اللجنة المركزية.
ـ بعد سقوط الصنم جرى تجميد عدة مواد وفقرات بالنظام الداخلي (مدة الترشيح لعضوية الحزب) لأجل تسهيل عملية عودة الكثير من الرفاق في الداخل والذين تركوا الحزب أثناء الهجمة البعثية على الحزب.
ـ جرى التجاوز على النظام الداخلي في كيفية التوقيع على تحالف سائرون وبعدة مواد.
*لهذا أقول بأن النظام الداخلي هو بيد اللجنة المركزية تستطيع متى ما شاءت واقتنعت بأن تجمده أو تميعه. من هنا أصل الى القول بأن عدم تمثيل منظمات الخارج في المجلس الحزبي نابع من عدم قناعة اللجنة المركزية بحضور هؤلاء في هذا المجلس وألا كانت خلقت المبررات الكفيلة لتواجد هذه المنظمات في المجلس الاستشاري.
*السؤال الان لماذا لا ترغب في حضورهم لهذا المجلس ؟
-الجواب يكمن في عدة أوجه.
*تمتاز منظمات الخارج بتواجد رفاق ذوي خبرة حزبية كبيرة وتجربة نضالية مشرفة ساعدتهم في تحليل الواقع السياسي بشكل سليم
. *قوة الموقف والجرأة في طرح القضايا التي تتعلق بسياسة الحزب سواء بداخل التنظيم أو خارجه.
*التحرر من تبعية المنفعة الذاتية بالصلة مع الحزب.
*اعتبار المهمة القيادية هي مسؤولية وليست منصب للتباهي والمكسب الذاتي.
*معرفتهم الشخصية الكبيرة للكثير من قادة الحزب مما يجعلهم ينظرون لهؤلاء القادة بشكل لا يحمل صفة التعظيم والتهويل لشخوصهم بل يجري التعامل معهم كل حسب إمكانياته الحقيقية
. *امتازت هذه المنظمات بالموقف الصريح من عدم القناعة بتحالفات الحزب وخاصة سائرون وعبرت عن هذه القناعة سواء في داخل التنظيم أو خارجه.
-هذه الأسباب وغيرها من المؤكد أن لا ترغب قيادة الحزب في تواجدهم بمحفل حزبي تريده أن يقتنع بما تطرحه هي دون اعتراضات ويتقبل الجميع ما قامت وستقوم به.
* أن حضور ممثلين عن منظمات الخارج في هذا المجلس هو حق لهم وليس بمنه من أحد وهذا ما تنص عليه المادة 3- حقوق عضو الحزب-(1) أعضاء الحزب متساوون في الحقوق.
(2) المساهمة في رسم سياسته العامة ومراقبة تنفيذها
… ـ أين حقهم في من يمثلهم بمحفل حزبي مهم مثل غيرهم من أعضاء الحزب الأخرين؟
-أين مساهمتهم في رسم سياسة الحزب العامة؟
– أذا كانوا يعملون فقط في البلد الذي يتواجدون فيه ولا اختلاط لهم مع رفاقهم بداخل الوطن الاّ بعدد محدود جدا في مؤتمرات الحزب كل أربعة أعوام، هل يساهم هذا في فهم الرفاق لبعضهم البعض ويعزز تلاحمهم ؟.
*كنت لا أتمنى أن أكتب عن هذا الموضوع ثانية متمنيا النفس بأن الرفاق في قيادة الحزب وبعد تجربة الفشل في تحالف سائرون والتراجع الكبير بدور الحزب في العراق والتي كانت هذه المجالس الاستشارية على الدوام تزين الطريق لقيادة الحزب في سياستها اليومية الغير ناجحة.
كنت أعتقد بأنها قد بدأت تفكر وتنقل تفكيرها الى التطبيق في تغيير نمط تعاملها مع رفاق الحزب والأصدقاء بالاستماع الى الاراء المغايرة لسياسة الحزب والتي أثبتت الأيام صحة تصورات هؤلاء. لكنها للأسف تصر على نفس النهج والأسلوب في التعامل وكأن كل ما يجري ويقال لا يصل لمسامعها معتبرة نفسها هي الوحيدة الحريصة على الحزب وكأنه ملكية خاصة لها بمثل ما تتعامل بقية الشخصيات العراقية التي تقود الأحزاب العراقية الأخرى سواء الدينية منها أو القومية أو غيرها.
ـ كنت أعتقد بأن مرحلة التغيير قد بدأت وها نحن سنرى في هذا المجلس الاستشاري والذي هو مناسبة لطرح وتداول الأفكار المختلفة لعموم منظمات الحزب ولجانه وبالتالي سيمهد هذا المجلس الطريق السليم لعقد المؤتمر الحادي عشر وبشكل يختلف عن كل ما سبقه لينقل الحزب من حال الضعيف المشتت الى حال المتماسك والجريء في طروحاته والواضح بأهدافه وكيفية رسم الخطط للوصول لهذه الأهداف التي ينشدها المواطن المتعب من ظلم وفساد الأحزاب الحاكمة والمتحاصصة.
*كل تلك الأمنيات التي كنت مؤملا النفس برؤيتها قريبا أراها بعيدة المنال والرؤية بعد هذا الاجتماع للمجلس الاستشاري وكأن من يتولون السيطرة على زمام أمور الحزب لازالوا يقولون بأننا نتحكم بالكلمة الأولى والأخيرة وكل ما عدا ذلك من لجان ومواد في النظام الداخلي تخضع لرغباتنا ومشيئتنا وحدنا فقط
. -هذه المادة كتبت قبل اجتماع سكرتاري منظمات الخارج 2/6/2020 والذي هو اجتماع دوري يعقد كل عام ولا يحمل أية سمات غير عادية في برنامج عمله التي تتكرر كل عام ،وبالتالي لا يحمل الاجتماع الصفة الاستشارية مثل الذي حدث بالداخل
. *هذا المجلس ثبت حقيقة ساطعة الاّ وهي أن الحزب الشيوعي العراقي أذا أراد أن يستعيد عافيته ،عليه أعادة بناء نفسه بشكل جديد في كل منظومته الحزبية سواء ما يتعلق بنظامه الداخلي وتسلسل هرمه الحزبي وكيفية أدارة الحياة فيه وكذلك برامج وخطط عمله اليومية حسب الواقع العراقي الجديد الذي يتطلب الجرأة والصراحة والوضوح بالموقف و بلا شك كل هذا لا يحصل بوجود أناس على هرم الحزب لا تؤمن بهذه القيم والأفكار.
*هل وصلت الرسالة يا رفاق الحزب ؟
مازن الحسوني 5/6/2020
الرقابة الحزبية المركزية هل هي ضرورة أم ديكور؟
يعتبر الحزب الشيوعي العراقي رائد عملية دمقرطة الحياة الحزبية بين جميع الأحزاب العراقية من خلال صياغة نظامه الداخلي والذي أقره المؤتمر الخامس في عام 1993 وفيه ثبت حق الهيئات المختلفة في انتخاب مسؤوليها بعد أن كانت الهيئات العليا هي من تعين المسؤولين. إضافة لمجموعة إجراءات ثبتها النظام الداخلي لزيادة الديمقراطية في الحياة الحزبية مثل (حق الاعتراض على قرارات الهيئات العليا، نشر الأفكار المغايرة لسياسة الحزب في الصحافة الحزبية وغيرها من القضايا).
رغم أن هذه الإجراءات ليست بالضرورة تنفذ بشكل جيد، ولكن تبقى هذه المشكلة طبيعية وهي محور الصراع مثلما يحدث في أي كيان حي يتصارع بداخله من يريد بقاء القديم ومن يحاول التغيير.
*جرى تشكيل لجنة الرقابة المركزية الحزبية كلجنة مهمتها مراقبة تنفيذ بنود النظام الداخلي من جميع اللجان والهيئات ومنحت صلاحية أكبر من اللجنة المركزية وأقرب نموذج إليها هي المحكمة الاتحادية بالدولة العراقية.
– المؤتمر العاشر للحزب أقر بنقص عمل هذه اللجنة رغم كل الصلاحيات الممنوحة إليها ولكن لم يضطلع الجميع على مكمن العلة في عمل اللجنة.
– جرى الاتفاق على توسيع عدد أعضاء اللجنة وتغيير عضويتها من خلال انتخاب رفاق جدد.
وهنا أطرح التساؤلات التالية بعد عمل اللجنة الجديدة ولما يزيد عن عام ونصف:
*هل تقوم اللجنة بعملها بشكل جيد يتماشى والمهمة الملقاة على عاتقها، أي الحفاظ على تنفيذ النظام الداخلي ومن قبل جميع اللجان؟
*هل وصلت إليها شكاوى تطلب التدخل بسبب خروقات للنظام الداخلي؟
* ماهي الخطوات التي قامت بها إذا كان الجواب بنعم (وصلت شكاوى)؟
*هل بلغت الرفاق أو الهيئات بوصول شكاويهم وبالتالي تعمل على إجراء اللازم وستبلغهم بالنتائج؟
*هل ستقدم تقرير دوري عن عملها كأن يكون سنويا، وماذا استطاعت القيام به وما ستقوم به لاحقا؟
*كم من القضايا استطاعت البت بها ونجحت في حلها؟
ـ هذه الأسئلة أطرحها وغيرها الكثير لأجل تجاوز أخطاء الماضي في احتكار التفكير والقرار بيد مجموعة قليلة أثبتت الحياة عدم صحة هذا النهج وكذلك بعد أن أدرك الجميع أن لا مناص من تعزيز الأسس الديمقراطية بالحياة الحزبية ومشاركة الجميع في التفكير والقرار وتحمل كل واحد مسؤوليته في النجاح والفشل وبسبب قيام البعض بخروقات للنظام الداخلي سواء كانوا أفرادا أو هيئات دون الخوف من وجود رادع.
– إن أداء هذه اللجنة (لجنة الرقابة المركزية) لدورها الصحيح في الحياة الحزبية ستكون صمام أمان لعموم الحزب في عدم التجاوز على النظام الداخلي حسب أهواء البعض بإدارة العمل الحزبي وفق رغباتهم.
ـ ولكي نقدم نموذج إيجابي للحياة الحزبية ليست على الورق وإنما بالتطبيق الفعلي نثبت من خلالها أن إجراءاتنا كانت ضرورية لتعزيز الديمقراطية والتي بدأناها منذ زمن بعيد ونسعى إلى تطويرها باستمرار وهي ليست للتباهي امام الأخرين وإنما ضرورات العمل تتطلبها.
ـ لهذا لابد من متابعة كل الخطوات التي اتفقنا عليها وثبتناها سوية بالمؤتمر العاشر وألا ستصبح تلك البنود التي احتواها النظام الداخلي مجرد ديكور حلو للديمقراطية فارغة المضمون، تزيد من عدم الثقة والقناعة بما نقوم به من عمل حزبي.
*ويبقى السؤال الأهم هل وصلت الرسالة لمن يهمه الأمر؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مازن الحسوني 2017/10/30
الحزب الشيوعي وسائرون
أجمل تحية وتهنئة بذكرى التأسيس
ملاحظات واقتراحات إلى رفيقاتي ورفاقي الأعزة
رزكار عقراوي *
(موقع الناس)
تاريخ الحزب الشيوعي العراقي وعموم الشيوعيين واليساريين حافل ومجيد بيجابياته وسلبياته لما كان لهم من دور مؤثر في المجتمع العراقي، حيث ساهموا في نشر الأفكار اليسارية والمدنية والعلمانية والعدالة الاجتماعية وحقوق المرأة وترسيخ الكثير من القوانين المدنية والقيم الإنسانية. ومازال التاريخ شاهدا على بطولات وتضحيات الشيوعيين واليساريين بمختلف اتجاهاتهم وأحزابهم أمام قوى الدكتاتورية والاستبداد والظلام بمختلف أشكالها.
الحزب الشيوعي العراقي يعتبر اكبر وأقدم فصائل اليسار العراقي ويحمل إرثاً نضالياً طويلاً وخبرة كبيرة، و لي الفخر والشرف الكبير في إني بدأت حياتي التنظيمية الحزبية مع الحزب من 1984 - 1990 ونشطت وتعلمت الكثير من خلال عملي الحزبي في المشاركة في بناء وقيادة احد اكبر التنظيمات السرية للحزب العاملة في داخل العراق - منظمة 31 آذار - إبان عهد النظام البعثي الدكتاتوري، ومازلت رغم توقفي عن العمل الحزبي التنظيمي اعتبر نفسي عضوا في الحزب وأكن له كل التقدير والاحترام، وان اختلفت معه أحيانا في هذه النقطة او تلك، وهذا أمر عادي جدا حيث الأوضاع المعقدة في العراق والمنطقة تتقبل اجتهادات فكرية يسارية مختلفة، ومن الضروري تقبلها والحوار البناء حولها وكلها تتقبل الخطأ والصواب.
في الذكرى السابعة والثمانين 87 لتأسيس حزبنا الشيوعي العراقي التي اعتبرها - عيدا مشتركا ومناسبة مهمة - لكل الشيوعيين واليساريين في العراق، حيث إنّها ذكرى مهمة جدا وإلا وهي تأسيس أول حزب ماركسي منظم في العراق، وقدم بديل الشيوعيين آنذاك لتغيير المجتمع العراقي نحو بديل إنساني، أتقدم بالتهاني الحارة لكافة الشيوعيين واليساريين العراقيين و في مقدمتهم رفيقاتي ورفاقي الأعزة في الحزب الشيوعي العراقي الذين يحتفلون معي بهذه المناسبة العزيزة جدا، كما احيي الدور النضالي القدير للأحزاب والمنظمات الشيوعية واليسارية ألأخرى ، والتي نبني عليها جميعا رغم ضعف التنسيق والعمل المشترك السائد حاليا بينها، الآمال الإنسانية الرئيسية لخلاص العراق وإقليم كردستان من نظام المحاصصة الطائفية والقومية والفساد والاستبداد.
الجبهات والتحالفات، سائرون نموذجا
في ظروف بالغة التعقيد مليئة بالمعوقات أمام نضال الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين في العراق بفصائلهم المختلفة، لابد من التحالفات والتنسيق والعمل المشترك، وذلك ضروري جدا مع الأحزاب والقوى الديمقراطية والتقدمية والمدنية المختلفة في العراق حول نقاط التقاء في فترات معينة، من أجل خدمة الجماهير الكادحة وإعادة بناء الدولة وإرساء الأمن والطمأنينة والخدمات للمواطنين شرط طرحها للنقاش العام والعلني داخل وخارج أحزاب اليسار وإقرارها من خلال استفتاء حزبي داخلي، كما يجب إعادة النظر بها بشكل دوري مع تغيير الظروف وموازين القوى وسياسات القوى السياسية المتحالفة معها. وأرى من الخطأ الاستمرار في التوجه نحو التحالفات مع القوى الدينية والقومية المتعصبة الى حد نصبح جزءا منها أحيانا ونفقد الى حد كبير استقلاليتنا وهويتنا اليسارية، ونضفي الشرعية على سياساتها المعادية لجماهير وكادحي العراق، وشئنا أو أبينا التحالف معهم هو نوع من التأييد العملي المباشر وغير المباشر لتلك القوى التي بسياساتها خلقت واقعا مأساويا مزريا في كل النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مختلف أنحاء العراق وإقليم كردستان.
في نهاية 2017 و 2018 وفي خضم العمل الجاد من اجل بناء تحالف ديمقراطي مدني واسع في العراق الذي توج بتشكيل تحالف - تقدم -، وبدايات التقارب واللقاء اليساري - اليساري بين فصائل اليسار العراقي المختلفة، اختار الجزء الأكبر- اقل من ثلثي أعضاء اللجنة المركزية - من قيادة الحزب الشيوعي العراقي وبشكل سريع الدخول في تحالف مع التيار الصدري الذي برأيي هو احد ابرز القوى الطائفية الشيعية الغارقة في الرجعية وانتهاك حقوق الإنسان العراقي، وله دور كبير في ترسيخ النظام الطائفي - القومي الفاسد والمستبد في العراق وتفتقد الى أي أنواع البناء الديمقراطي المؤسساتي ويقودها شخص متهور ومتقلب سياسيا ويعمل من اجل بناء - الجمهورية الإسلامية و ولاية الفقيه - في العراق.
وقد اثبت الواقع ضعف وخطا النظريات التي روّج لها مؤيدي تحالف سائرون من رفاق اليسار ومنها - الكتلة التاريخية لغرامشي - او إنها ستشابه التجربة الثورية ل - لاهوت التحرير - والتحالف مع قوى اليسار في أمريكا اللاتينية حيث لم يكن لها أساس علمي ولا تنطبق بأي شكل من الإشكال على التحالف مع التيار الصدري، وبدلا ان يكون الحزب الشيوعي العراقي - الأخ الكبير (كتعبير مجازي للدور الكبير والمهم) - في تحالف يساري ديمقراطي مدني واسع، قبل بدور - الأخ الصغير ذو التأثير الضعيف وحتى الهامشي - في التحالف الذي أسميته في احد بوستاتي في شبكات التواصل ب - تحالف الفيل والنملة - والذي أعلنت فيه معارضتي الصريحة لهذا التحالف (1).
لوجود معارضة كبيرة داخل وخارج الحزب لهذا للتحالف الخاطئ ادخل الحزب في أزمة وصراع فكري وسياسي وتنظيمي حاد وعميق، وانعكس سلبا بشكل كبير وواضح على مجمل نشاطه السياسي والتنظيمي والجماهيري ومكانته القديرة بين الجماهير وحاملي الفكر اليساري والتقدمي.
تحت ضغط القاعدة الحزبية والاحتجاجات الجماهيرية، ووضوح الماهية الإجرامية الرجعية للتيار الصدري وميلشياته الدموية بمسمياتها المختلفة، انسحب الحزب من تحالف سائرون وهو موقف سياسي ناضج وموضع تقدير كبير وان كان خاطئا منذ البداية وتأخر الانسحاب، ووضع الحزب مرة أخرى في مكانه الطبيعي وفي صف الجماهير وهي خطوة مسؤولة جدا وتستحق كل التثمين والتقدير والإشادة بها.
بعد مجموعة من التحالفات الفاشلة والمدمرة ومنها جبهة البعث في سبعينات القرن المنصرف والجبهات مع الأحزاب القومية الكردية والمؤتمر الوطني وأخيرا تحالف سائرون التي دفع الحزب وأعضاءه وعموم اليسار ثمنا باهضاً وكان الحزب أول ضحايا تلك الجبهات الخاطئة.
وفق مفاهيم اليسار الالكتروني الديمقراطي العلمي المتفتح اقترح على الرفيقات والرفاق الأعزة في الحزب الشيوعي العراقي إعادة النظر في سياساتهم السابقة ومفهومهم للجبهات مع - الأحزاب الكبيرة والمتنفذة! -، وإعادة تقييمها بحيث لا تتكرر أخطاء ـ التحالفات الإستراتيجية!- ونكرر التاريخ بالتجارب التحالفية الفاشلة والمزيد من الخسائر، واعتقد انه يمكن ذلك بتطوير وتعزيز دور العقل الديمقراطي الجماعي للحزب، وإشراكه في قرارات الكبيرة وخاصة المتعلقة بالجبهات، من خلال:
أ - تعديل النظام الداخلي للحزب في المؤتمر القادم للحزب لكي نضمن وجود قرار جماعي لأعضاء الحزب في موضوع الجبهات والقرارات الكبيرة المتعلقة بالحزب لابد من إجراء تغييرات ديمقراطية كبيرة في النظام الداخلي، بحيث تعطي إمكانية أكبر للديمقراطية وللعقل الجماعي للحزب ان يقرر من خلال:
1- بند يؤكد على ضرورة طرح موضوع الجبهات والتحالفات الى النقاش العام العلني داخل وخارج الحزب قبل فترة مناسبة، ويسمح بنشر ومناقشة كافة الآراء المؤيدة والمخالفة، حيث للأسف قيادة الحزب الشيوعي رغم وجود معارضة كبيرة لسائرون داخل الحزب لم تسمح بنشر بأي رأي منتقد للتحالف في الصحافة الحزبية بما فيها اراء قادة وكوادر قيادية معروفة في الحزب كان لهم موقف جريء في مواجهة سائرون ومنهم الرفيق العزيز حسان عاكف عضو المكتب السياسي آنذاك الذي وضح من خلال مقالات قيمة حيثيات والسلبيات التي رافقت تشكيل سائرون، وبل بالعكس تم نشر الكثير من المقالات الحادة والقاسية في منابر الحزب الإعلامية بحق من ينتقد او يتحفظ على هذا التحالف سواء كان من داخل الحزب وخارجه وحتى أحيانا تم وصفهم بالأعداء! واتهموا بالتخريب.
2- وكما نطرح ان - الشعب مصدر السلطات - في الدولة والمجتمع لابد ان تكون - القاعدة الحزبية مصدر السلطات - في أحزاب اليسار، ولذلك لابد من ان يُطرح قرار الموافقة على الجبهات والتحالفات والقرارات الكبيرة الى استفتاء داخلي لكل أعضاء الحزب ويجب ان يكون بموافقة ثلثي أعضاء الحزب كحد أدنى، ويزيل البند الذي يعطي ذلك الحق فقط للجنة المركزية، مثلا كما نعلم ان قرار الجبهة مع البعث الفاشي كانت بفرق صوت واحد فقط (8 مقابل 7) في تصويت قيادة الحزب على هذه الجبهة التي دفعنا ثمنا غاليا وخسارة حياة ألألوف من الرفيقات والرفاق وما زال الحزب يعاني من الآثار السلبية لتلك الجبهة المقيتة، برأيي هكذا قرارات كبيرة وخطرة ومن الممكن ان تكون مصيرية يجب ان تقر من قبل العقل الجماعي للحزب من خلال استفتاء لكل أعضاء الحزب، وليس من قبل مجموعة من رفيقات ورفاق القيادة مهما كانت حكمتهم وخبرتهم السياسية.
وللأسف الرفاق الأعزة الذين كانوا يؤيدون سائرون يطرحون انه تم إقراره وفق - استفتاء حزبي عام - وحسب التفاصيل التي أعلنت ومن مصادر مطلعة جدا في قيادة الحزب فان ما سمي ب - الاستفتاء - تم إجراءه في بضع ساعات بواسطة التلفون و المراسلات مع عدد محدود جدا من الكوادر واقتصر على أعضاء المحليات واللجان القيادية في الخارج و استثنى الجمهرة العظمى من رفيقات ورفاق القاعدة الحزبية وهم أكثر من 95% من الحزب، دون اي حوار علني مسبق او السماح بتيار - لا - في التعبير العلني، والمثير جدا انه تم اجراءه بعد يوم من توقيع سكرتير الحزب على الدخول الى سائرون! وبدون تفويض من اللجنة المركزية، فلذلك لا يمكنني ان اسميه - استفتاء - باي شكل من الأشكال حيث انه يفتقد بنظري الى ابسط معايير الديمقراطية البدائية للاستفتاءات حتى بالمقاييس الشرق الأوسطية ودول العالم الثالث، ولم يكن الهدف منه غير إضفاء الشرعية على قرار - نعم - السريع جدا الذي اتخذته مجموعة من قيادة الحزب قبل - الاستفتاء - للانضمام إلى تحالف سائرون وجر كل الحزب إلى ذلك.
كمثل وسؤال إلى الأعزة مؤيدي هذا - الاستفتاء - هل ستقبلون لو قام رموز الحكم المقيت في العراق مثلا الكاظمي او البرزاني بأجراء استفتاء مهم في العراق او الإقليم من خلال اخذ رأي المسؤولين في المحافظات والاقضية والنواحي ومسؤولي الدولة فقط واستثنى عامة الشعب من التصويت والمشاركة، ودون ان يطرح موضوع الاستفتاء للحوار والنقاش العام ويمنع من يختلف معهم من التعبير والنشر العلني؟!!.
3- بند ينص على ضرورة التركيز الكبير على الموقف المستقل للحزب في التحالفات، والتقييم الدوري للتحالفات والمواقف السياسية للقوى المتحالفة معها والانسحاب السريع من التحالفات والجبهات عندما يتطلب ذلك.
4- بند واضح في النظام الداخلي لا يسمح للحزب في الدخول في تحالفات مع احزاب وقوى لها دور مباشر في انتهاك حقوق الإنسان مثلا التيار الصدري والأحزاب القومية الكردية الحاكمة في اقليم كردستان.... الخ.
5- بند يؤكد على القبول بتعدد المنابر والاجتهادات الفكرية والتنظيمية المختلفة داخل الحزب وفق مبدأ الأكثرية والأقلية مع التزام الجميع بالسياسة العامة للحزب - خط الأكثرية - ولضمان ذلك ولصيانة وحدة الحزب والالتزام بالمبادئ الديمقراطية لابد من قبول حق التكتل داخل الحزب وحقها في استخدام القنوات الحزبية وإعلام الحزب أو إصدار إعلام خاص به للترويج لسياساتها واختلافاتها عن الخط الرسمي للحزب.
6- لضمان عدم وجود تضارب بين المصالح الحزبية والشخصية وتأثير ذلك على القرارات الحزبية في الحزب الشيوعي وعموم أحزاب اليسار، والنزاهة والشفافية الكاملة، أرى من الضروري ان يكون هناك بند في ان المرشحين للمناصب القيادية الحزبية لابد أن يقدموا كشف بالذمة المالية الشخصية ومصادرها وبالتفصيل، وتفعيل مبدأ - من أين لك هذا يا رفيق-ة؟ - داخل الحزب على مختلف المستويات، ولابد ان نكون مثلا ايجابيا في الشفافية لعموم المجتمع العراقي المكتوي بالحكام الفاسدين.
بشكل عام برأيي النظام الداخلي المطروح للنقاش للمؤتمر العاشر للحزب قديم، وان أجريت بعض التعديلات هنا وهناك، ومازال متأثراً بالتراث - السوفيتي - في مجال التنظيم الحزبي الذي يمتاز بالمركزية والشمولية والهرمية المفرطة، ويحتاج المزيد من الديمقراطية والجماعية واللامركزية والاستفادة من التطور العلمي والمعرفي والديمقراطي الكبير الذي حصل في أنماط الإدارة والتنظيم السياسي، والاستفادة من تجارب التحديث التي قامت بها الكثير من الأحزاب اليسارية في العالم. اعتقد أن النظام الداخلي لأي حزب سيكون الأساس لسياساته إذا حكم أو شارك في حكم المجتمع وستعكس قواعد النظام الداخلي طرق وقواعد إدارته للحكم.
ب - الديمقراطية والتجديد، وحق العضو في التعبير العلني
1- أرى من الضروري جدا إعادة العمل الفعلي - بالديمقراطية والتجديد - التي شاعت في الحزب الشيوعي قبيل المؤتمر الخامس في بداية تسعينات القرن المنصرم وقد كانت ثورة يسارية - ديمقراطية كبيرة في المجال الفكري والسياسي داخل الحزب الشيوعي ويعطي بها المثل وكانت منعطفاً كبيراً في تاريخ الحزب بقبول التعددية الفكرية وإشاعة الحوار العلني، ولكن للأسف تم التراجع عنها بشكل تدريجي من فترة ما بعد المؤتمر الخامس والى الآن ، حيث لابد ان يفتح مرة أخرى باب الإعلام الحزبي لكل الآراء المؤيدة والمخالفة لخط القيادة، الإعلام الحزبي في الحزب الشيوعي وعموم أحزاب اليسار لابد ان يكون ملكاً ومنبراً لكل أعضاء الحزب وليس فقط لقيادة الحزب والخط الرسمي، ورغم الثورة المعلوماتية الهائلة وسيادة شبكات التواصل الاجتماعي وتطور الوعي الديمقراطي والحقوقي، نرى للأسف ان هامش الرأي المختلف والمنتقد داخل إعلام الحزب الشيوعي في تراجع متواصل إلى حد العدم، وفيه نواقص كثيرة وأحادي الاتجاه ويعكس بشكل عام رأي القيادة فقط ونادراً ما تنشر آراء أخرى تختلف عنها أو تنتقدها.
برأيي إن الإعلام الحزبي اليساري هو لكل الحزب ويحق لجميع الأعضاء والكتل داخل الحزب بغض النظر عن موقفهم من السياسات الحزبية الرسمية استخدامه للتعبير عن آرائهم ولابد من خلق حالة حوار ايجابي بين الاتجاهات المختلفة والذي سيؤدي بلا شك إلى حالة تفاعل وحوار نشط داخل الحزب، وبالتالي تطويره داخلياً وخارجياً واتخاذ القرارات الرشيدة. ان هذه الممارسات الخاطئة بعدم السماح للرأي المخالف بالنشر العلني داخل وخارج الحزب والاستمرار بها يضع المصداقية والتوجه الديمقراطي لقيادة الحزب الحالية موضع تساؤل وشك كبير، وهي بذلك تخرق النظام الداخلي للحزب الذي يشير الى - حق الأقلية في التعبير عن رأيها في منابر الحزب الإعلامية -.
2 - وبشكل عام لابد أيضاً من إلغاء أي قواعد او بنود تمنع او تعيق حق العضو الحزبي في التعبير عن الرأي داخل وخارج الأحزاب اليسارية، ولابد ان يكون للعضو الحزبي الحرية الكاملة في طرح أفكاره السياسية بالطريقة التي يراها مناسبة سواء كانت في المنابر الإعلامية الحزبية او في خارجها من هيئات إعلامية أخرى ومواقع الانترنت وشبكات التواصل .... الخ ، ومفاهيم وبنود مثل - اطرح رأيك داخل هيئتك الحزبية او في النشرات الحزبية الداخلية او من خلال رسالة الى قيادة الحزب - مفاهيم شمولية قمعية غير ديمقراطية عفا عليها الزمن، ولها تأثيرات سلبية جداً وتبعد الأعضاء وخاصة الشباب جيل الثورة المعلوماتية عن أحزاب اليسار، فهم خلال دقائق معدودة من الممكن ان ينشروا بوستات علنية عدة في شبكات التواصل وفي مواقع الانترنت يعبرون عن آرائهم فيها ويتحاورا حولها بكل حرية ودون قيود تذكر وتصل إلى عدد كبير جداً، في حين ان معظم أحزاب اليسار تطلب منهم الانتظار لاجتماع الهيئة الحزبية بعد أسبوع او شهر، او النشر في النشرات الحزبية الداخلية او من خلال رسالة لكي يعبروا عن رأيهم فيها وبشكل سري غير علني! يصل الى عدد محدود جداً ولا يصل حتى لكل أعضاء الحزب، فما بالك بعموم المجتمع!
كيساريين نطرح الكثير ونطالب بالديمقراطية وإشراك الجماهير في القرارات والحريات وحق التعبير والاختلاف والرأي الآخر والإعلام المفتوح والمتنوع... الخ في المجتمع، ولكن من المهم أيضاً ان نسأل أنفسنا هل هذه الأمور والحقوق الهامة جداً موجودة ومتاحة ومسموحة للأعضاء في أحزابنا اليسارية، والى أي حد تطبق وينعكس ذلك في عملها التنظيمي والسياسي والفكري؟! للأسف من تجاربي السياسية والتنظيمية وتواصلي مع الكثير من أحزاب اليسار أرى انه لدينا نقص وخلل واضح ان لم يكن فاضح، إنها مشكلة وازدواجية كبيرة وتحتاج إلى مراجعة جذرية!
د- التقييم، وثقافة الاعتذار والاعتراف بالخطأ وتحمل المسؤولية
1- ارى من الضروري ان يرد مؤتمر الحزب القادم على أسئلة تهم الكثير من الحريصين على الحزب الشيوعي وتطوره وتعزيز استقلاليته اليسارية الفكرية والسياسية ومنها : ما هي الأسباب التي دفعت الجزء الأكبر من قيادة حزب يساري أممي يضم كافة مكونات الشعب العراقي القومية والدينية ذو التاريخ الثوري الكبير الى جر الحزب للتحالف مع تيار شيعي ديني متعصب ذو اجندة قرووسطية و له دور فاضح في انتهاك حقوق الإنسان والصراعات الطائفية ومشارك فاعل في الحكم الفاسد؟، وبل في الحقيقة كان تحالفا مع شخص - مقتدي الصدر - الذي هو الوحيد من يقرر في التيار الصدري وهو الآمر والناهي، وانعكس ذلك أيضاً في سائرون وأصبح الجزء الأكبر من قيادة الحزب لمرحلة معينة وللأسف جزءا من أجندة - سماحة القائد - مقتدى الصدر كما كان بعض رفاق الأعزة في الحزب يطلقون هذه التسمية عليه! وكان ذلك اعترافاً علنياً وفعلياً وعملياً بقبول قيادته لسائرون. ولماذا لم يتم إشراك القاعدة الحزبية في هذا القرار الخاطئ جدا؟ وفي الأخير الم تكن آلية الانضمام للتحالف والتحالف نفسه خرقاً كبيراً للنظام الداخلي وحتى لبرنامج الحزب كحزب يساري تقدمي أممي يناهض التعصب الديني والطائفي والقومي؟
2- اقترح ان يقدم المؤتمر القادم للحزب اعتذار رسمي للشعب العراقي عن الجبهات الخاطئة التي دخل فيها وبالأخص جبهة البعث وسائرون، وهو نوع من الاعتراف الناضج والجريء والمسؤول بالخطأ تجاه أعضاء الحزب وضحايا جرائم القوى التي تحالفنا معهم وعموم الشعب العراقي، وضمان عدم تكرارها، وسيكون لنا كيساريين السبق في هذه الممارسة المدنية الحضارية في الفضاء السياسي العراقي، ومن الممكن ان يقوي من مكانة الحزب في المجتمع.
3- تقديم اعتذار علني لكل رفيقات ورفاق الحزب الذين تعرضوا إلى أي إجراءات تنظيمية - عقابية او ضغوطات سياسية وتنظيمية وشخصية بسبب الموقف السلبي والمتحفظ من تحالف سائرون وإلغائها، او الذين أُبعدوا من أو تركوا الحزب بسبب ضعف آليات التنظيم والتحزب الديمقراطي وعدم قبول الرأي والرأي الآخر، وفتح صفحة جديدة معهم وبطرق مختلفة.
4- من أخطأ لابد ان يتحمل مسؤولية الخطأ، لذلك أتمنى ان لا يصوّت في المؤتمر القادم للرفاق الأعزة الذين كان لهم دور - أساسي ومحوري - في جر الحزب الى تحالف سائرون وتبوء مناصب قيادية مؤثرة مرة أخرى في الحزب، وإلا سيتم تكرار نفس الأخطاء في تحالفات خاطئة أخرى وبأشكال وبمسميات جديدة، واعتقد انه كان من الأفضل لهم إعلان استقالتهم او على الأقل تجميد عضويتهم في قيادة الحزب لحين عقد المؤتمر القادم، كنوع من تحمل المسؤولية السياسية والشخصية عن هذا التحالف الخاطئ والهزيل وخاصة بعد الجرائم الوحشية الدموية للتيار الصدري وميليشياته المسلحة بحق المتظاهرين العزل في مدن العراق.
في الختام اؤكد على ان المقترحات والملاحظات المطروحة والنقد الرفاقي ليس الهدف منه التقليل او الانتقاص بأي شكل من الإشكال من دور والمكانة الكبيرة والقديرة للحزب الشيوعي، وهو حوار بين رفاق في جبهة واحدة، واختلاف محدود في سياسات معينة في ضوء نقاط التقاء كثيرة جداً تجمعني وتقربني من الحزب وعموم اليسار في العراق ، و إنها تنطلق من الحرص الكبير على تطوير وترسيخ الديمقراطية والعقل الجماعي والموقف اليساري المستقل في اكبر وأقدم أقطاب اليسار العراقي، وتعزيز دوره النضالي والمؤثر بين الجماهير في العراق نحو ان يكون له دوراً محورياً ورئيسياً بين قوى اليسار العراقي، ومن اجل بناء تحالف يساري كبير مع القوى اليسارية الأخرى في العراق ويكون لهذا التحالف دور مهم في تحالف ديمقراطي علماني أوسع.
اكرر تهاني الرفاقية الحارة بعيد تأسيس حزبنا الشيوعي وأتمنى لرفاقي ورفيقاتي في الحزب الشيوعي العراقي كل التطور والتقدم وهم يتحضرون لعقد المؤتمر الحادي عشر للحزب - الذي تأخر بسبب جائحة كرونا -، واعتقد ان مقرراته ونتائجه لن يكون لها الأثر الكبير فقط على الحزب وتطويره وإنما على عموم الحركة اليسارية والديمقراطية في العراق.
ــــــــــــــ
* يساري مستقل
(1) بوستين نشرتهم في 2018 على شبكات التواصل الاجتماعي لتوضيح موقفي من تحالف سائرون
14 حزيران 2018
سائرون!! تحالف الفيل والنملة ـ الصدري والشيوعي - الى اين؟ حان الوقت للعقل الجماعي للحزب الشيوعي العراقي ان يقرر!
اخترت المقاطعة الصامتة في الانتخابات العراقية الأخيرة، ودوما كنت اصوت للحزب الشيوعي العراقي رغم بعض الاختلافات الفكرية باعتباره الفصيل اليساري الوحيد المشارك في الانتخابات ولا بد من دعمه قناعة في ان الوضع العراقي المعقد يتقبل اجتهادات فكرية-سياسية يسارية مختلفة، ولكن هذا المرة رأيت ان تحالف الحزب مع احد اكبر طغم الإسلام السياسي – التيار الصدري - لم يكن قرارا صائبا حيث هو مثل القوى الإسلامية الأخرى يديه ملطخة بدماء ساكني العراق والفساد والحروب الطائفية وحكم المحاصصة والميليشيات المقيت مهما تذرع بشعارات الدولة المدنية ونبذ المحاصصة والفساد. تحالف الصدري - الشيوعي هو مثل تحالف الفيل والنملة والصدر - الفيل - كما نرى الان لوحده يتحكم بكل الأمور في سائرون وينفرد بالقرارات والفتاوي! وليس للآخرين في سائرون بما فيهم الشيوعيين - النملة - غير القبول بقرارات - سماحة القائد!- والترويج وإيجاد المبررات لها بما فيها التحالف مع قوى غارقة في الاجرام والفساد.
كان يمكن للحزب الشيوعي ان يكون الطرف الأساسي والرئيسي - الأخ الأكبر! - في تحالف يساري علماني ديمقراطي واسع بدلا من دور هامشي ذيلي – الأخ الأصغر! - في تحالف مع تيار ديني يعمل من اجل إرساء حكم - ولاية الفقيه - العراق وممارسات مقتدى الصدر تعكس ذلك بشكل واضح.
قيادة الحزب الشيوعي العراقي لأسباب مختلفة لم تطرح مسالة الدخول في تحالف سائرون إلى استفتاء داخلي حقيقي على أعضاء الحزب، واعتقد من الأنسب ان تقوم بذلك الان وتطرح مسألة البقاء او الخروج من سائرون للعقل الجماعي الحزبي والاستفتاء عليه لكي يتخذ القرار الانضج والأنسب ولكيلا تتكرر أخطاء تجارب الجبهات السابقة التي كان الشيوعيين أول ضحاياها.
تقديري واحترامي الكبير لكل الرفاق والرفيقات في الحزب الشيوعي العراقي بغض النظر من الموقف من سائرون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
16 حزيران 2018
تحية طيبة
اشكر جميع من شارك في الحوار حول الموضوع بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف بما فيهم من كتب تعليقات حادة.
استخدامي لمصطلح تحالف - الفيل والنملة - هو توصيف كمي لعكس الخلل الكبير في التوازن الموجود في تحالف سائرون بين التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي من حيث القوة التنظيمية والعسكرية والمالية والدعم الإقليمي الكبير للتيار الصدري مقارنة بالحزب الشيوعي مما سيكون من الصعب الحديث عن توازن منطقي في آليات اتخاذ القرار في - سائرون- التي يحتكرها مقتدى الصدر، ويعلم الجميع ان التيار الصدري كان احد أقطاب الحكم الفاسد والمستبد في العراق وشارك بميلشياته وبأسمائها المختلفة في الحروب الطائفية والانتهاك الواسع لحقوق الإنسان. ومن هنا استخدمت مصطلح - النملة - لوصف الدور الضعيف و الهامشي للحزب الشيوعي في اتخاذ القرارات في تحالف -سائرون- حيث الأغلبية العظمى هي للصدريين - الفيل - وتصريحات وتحالفات الصدر ما بعد الانتخابات تعكس ذلك بوضوح، ولم اقصد مطلقا الإساءة للرفاق والرفيقات في الحزب الشيوعي العراقي الذي أكن له كل التقدير والاحترام ولي الشرف الكبير في اني ناضلت في صفوفه ومازلت اعتبره القطب اليساري الأكبر في العراق، وكيساريين من العادي ان نختلف في هذا النقطة او تلك ومنها الموقف من - سائرون- ولكن نقاط التقاء التي تجمع اليسار العراقي هي كثيرة جدا وهي الأهم الآن ولابد ان نعمل وننسق معا في ضوئها، ومن الضروري الحوار الحضاري البناء حول الاختلافات.
اكرر شكري وامتناني للجميع على مساهمتهم في الحوار مع كل المودة والاحترام
تداخل مع رسالة الاستاذ رزكار عقراوي لسكرتير الحزب الشيوعي العراقي
رعد عباس ديبس
الحوار المتمدن-العدد: 2012 / 5 / 18 -
تداخل مع رسالة الاستاذ رزكار عقراوي لسكرتير الحزب الشيوعي العراقي لقد اطلعت على رسالة الاستاذ رزكار عقراوي الموجهة للأستاذ حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، وقد اعجبني فيها اولا لغة النقد العالية في الادب واحترام الاخر حتى وان وجد خلاف في موضوع النقد، ثانيا التشخيص السليم لعلة عدم تطور احزابنا السياسية الا وهي عدم اعطاء الفرصة اللازمة للدماء الشابة لتبوء المناصب القيادية الاولى والعمل على افشاء مبادئ الديمقراطية الحقه في حياة الاحزاب الداخلية, والخوف لدى القائد او لدى النخبة الحزبية من الأسوء عند تغيير الهيكلية الحزبية.
واعتقد يمكن تعميم طروحات الاستاذ رزكار على اغلب الاحزاب العراقية والعربية، فنظرة تاريخية لهذه الاحزاب تجد ان رؤسائها كلهم مخضرمين في الرئاسة ولا يزيحهم عن الرئاسة الا الموت او المرض العضال او الانقلاب الداخلي. وما دام الحديث عن اليسار فاني لا ارى العيب في اليسارية لان أحزاب يسارية كثيرة تنتهج التغيير المستمر في القيادة بشكل طبيعي او عند الهزيمة في الانتخابات. فقد ذكر الاستاذ رزكار نموذج لذلك في رسالته من البحرين، اضيف لها ان الحزب الشيوعي الصيني يغير نصف اللجنة المركزية كحد أدنى في كل مؤتمر ودائم التغيير لسكرتيره، وكذلك الاحزاب اليسارية الاوروبية
كحزب العمال البريطاني والحزب الاشتراكي الاسباني والحزب الاشتراكي الالماني...الخ.
ولكن السبب عدم بناء شخصية الفرد العراقي والعربي على الديمقراطية ولذلك تبنى الاحزاب بشكل عام على الولاءات الشخصية او العشائرية او الطائفية وتكثر فيها الفئوية والشللية وهذا ما يساعد على تركيز القرار بيد رئيس الحزب الذي يتخذ القرارات مع الدائرة الضيقة الموالية له ومن ثم يحصل لاحقا على موافقة الهيئات الحزبية الاخرى. اضافة ان السياسيين الشرقيين بشكل عام يعتمدون على العلاقات الشخصية في تمشية الأمور وبالتالي قد يكون هناك خوف من ان التغيير يؤثر على علاقات الحزب مع الاحزاب والمؤسسات الأخرى وهذا ما حدث مع تجمع يساري في العراق حيث برز رأي بتغيير الامين العام للتجمع ولكن هذا الرأي اسكت بانه صحيح ان التغيير مطلوب ولكن لا يوجد أحد في هذه المرحلة أفضل منه في تمشية امور التجمع وبذلك اعيد انتخابه. وقد اشار الاستاذ رزكار الى مسألة مهمة جدا وهي الاستفادة من الكوادر الحزبية المتقاعدة كاستشاريين لأنهم يملكون خبرة طويلة في العمل السياسي والتنظيم الحزبي وباعتقادي انهم سوف يكونون أكثر عطاء لأنهم آنذاك لن يكونوا تحت ضغط العمل اليومي مما يتيح لهم رؤية أفضل للأمور وبالتالي ايجاد الحلول الافضل للمشاكل العامة والخاصة. وأضم صوتي لصوت الاستاذ رزكار عقراوي للطلب من الاستاذ حميد مجيد موسى سكرتير الحزب ومن كوادر الحزب ورفاقه معالجة النواقص مع حبي وتقديري واحترامي للحزب الشيوعي العراقي واعضائه وكوادره وسكرتيره.
ــــــــــــــــــــــــــــ
د. رعد عباس ديبس
ملاحظات حول الرسالة المفتوحة للرفيق رزكار عقراوي الى حميد مجيد موسى
فالح مكطوف
الحوار المتمدن 2012 / 5 / 29
المحور: المجتمع المدني
وجه الرفيق رزكار عقراوي رسالة مفتوحة الى حميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يهنئه من جانب على نجاح اعمال المؤتمر والذي يتوقع تغييرا كبيرا في سياسته ومن جهة اخرى يعتب على موسى أكثر مما ينتقده حول القبول بأعاده انتخابه لمركز سكرتير اللجنة المركزية.
للأسف لم يتجاوز نقد الرفيق رزكار بصفته ماركسيا حسب ما يعرف نفسه النقد الديمقراطي. اي بعبارة اخرى ان الرفيق رزكار لم ينتقد سياسات الحزب الشيوعي العراقي من موقع طبقي وهو موقع الطبقة العاملة. فالماركسية كما يعرفها الرفيق رزكار وجميع الشيوعيين هي نقد النظام الرأسمالي من زاوية مصالح الطبقة العاملة. وبغير ذلك لن يكون الانسان ماركسيا إذا تجاوز ذلك او نفاه، فقد يكون شخص ما كل شيء، ديمقراطيا، ليبراليا، معجب بالتحليل الماركسي ولكن لا يستطيع ان يعرف نفسه بالماركسي.
انني لا اعتقد ابدا ان اعادة انتخاب حميد موسى بمشكلة او اعاقة امام تغيير سياسات الحزب الشيوعي العراقي، وليس صحيحا ابدا المقارنة التي احدثها الرفيق رزكار بين المالكي وبين حميد مجيد موسى. فمثلا الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند تبوء مركز رئيس الحزب الاشتراكي مدة 11 عاما واضف اليه خمس سنوت المقبلة الذي يكون فيه رئيسا للحزب ايضا، وهناك امثلة اخرى موجودة في أعرق الدول التي تعرف نفسها بالديمقراطية. وحتى المثل الذي ضربه حول مدرب الفريق والكابتن ايضا لن ينطبق على الحزب الشيوعي وحميد مجيد موسى. فمشكلة الحزب الشيوعي ليس في الاداء السياسي ولا بحميد مجيد موسى وغيره من الذين تبوؤوا مركز سكرتير اللجنة المركزية. ان مشكلة الحزب الشيوعي العراقي في سياساته التي تخدم طبقة اخرى غير الطبقة العاملة في العراق.
ان اولى هذه المسائل التي يجب ان يتوقف الرفيق رزكار عندها وكل الشيوعيين الذين يقبلون بالماركسية كنظرية وأداة نضالية بيد الطبقة العاملة لتحرير نفسها والمجتمع من كل اشكال القهر والظلم هو الموقف من الاحتلال وسياساته والعملية السياسية. هل ان مؤتمر الحزب الاخير انتقد موقفه من الاحتلال والذي سماه بالتحرير؟ هل انتقد موقفه بقبول حميد مجيد موسى الدخول في مجلس حكم طائفي وتعريفه بالتصنيف الطائفي الشيعي؟ هل اتخذ موقفا حازما من الدستور الذي قسم المجتمع العراقي الى طوائف وقوميات وأضفى الشرعية عليها؟ هل انتقد موقفه وسياساته من العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والقومية ويعلن انسحابه منها؟ هل يصدر قرارا الى اعضائه وكوادره الكف عن مجاملة قوى الاسلام السياسي وينتقد كل الممارسات والسياسات التي تنتهجها تلك القوى من زاوية ماركسية وشيوعية وطبقية مثلما كان يفعل ماركس ولينين دون اية مبررات ولف دوران على سبيل المثال (المجتمع عشائري غير ناضج، توزان القوى، فن الممكنات ليس هناك طبقة عاملة، الزمن تغيير.. الخ) واتخاذ موقفا ماركسيا حازما منها؟ هل يقبل بدخول جبهة يسارية وعلمانية ضد الطائفية والقومية المسؤولة عن خراب العراق وتدمير جماهيره... طبيعي لا اريد ان اجري محاكمة تاريخية للحزب الشيوعي العراقي على الاقل منذ دخوله مع حزب البعث في جبهة وقدم خيرة الكوادر الشيوعية قرابين على مذبح سماه بالتقدمية مرورا بالدخول في جبهة أتعس من قبلها مع القوميين الاكراد في الثمانينات وكانت احدى محطاتها مذبحة (بشت اشان) ثم موقفه من الحصار الاقتصادي والحرب الخليج الثانية في سنوات التسعينات.. الخ. ولو اجرينا مثل هذه المحاكمة التاريخية فلم يكن آنذاك حميد مجيد موسى سكرتيرا للجنة المركزية.
ان كل تلك السياسات التي انتهجها الحزب الشيوعي العراق، انحصرت بالمهادنة والمساومة والذيلية. وليس الموقف الاخير بعدم الخروج في الاول من ايار هذا العام الا لأنه يحاول عن طريق المساومة مع السلطة القائمة ان يجد لنفسه الشرعية. فبمجرد ان السلطة الحالية في العراق لم تعط الرخصة للحزب الشيوعي في الخروج في مسيرات بالأول من ايار، لم يحرك ساكنا وكأن الحرية منحت على صحن البرجوازية طوال التاريخ وكان الاحتفال الاول من ايار اعطي للعمال أوتوماتيكيا من قبل مصاصي عرقهم ودمائهم، وكأن عمال العراق لم يدفعوا تضحيات جسام من اجل حق التنظيم والتظاهر والاضراب منذ عقود من الزمن. واخيرا تمكن من الحصول على رخصة مذلة وهي السماح له بالتظاهر من المسرح الوطني الى ساحة كهرمانة وهي مسافة اقل من ألف متر الا يتذكر قادة الحزب الشيوعي العراقي بالرغم من كل تحذيراتهم لعمال الزيوت النباتية وبالرغم من دبابات البعث التي طوقت معمل الزيوت النباتية في بغداد.. لم تثني العمال عن اضرابهم في يوم 5 تشرين الثاني من عام 1968.
واليوم يحاول الحزب لا شيوعي العراقي ان يذر الرماد في عيون جماهير العراق بأن الديمقراطية ممكنة في العراق، وبأن العملية السياسية ممكن اصلاحها، وبأن (العدالة الاجتماعية) التي يفهما المالكي بشكل واياد علاوي بشكل اخر والحزب الشيوعي العراقي بشكل متغاير، ممكنة في عراق المليشيات القومية والطائفية التي هي ادوات للبرجوازية المحلية والمدعومة بالبرجوازية الإقليمية والعالمية من اجل افقار المجتمع وجماهيره.
انني كشخص شيوعي اتمنى ايضا الموقفية للحزب الشيوعي واتمنى ان يتخندق مع الشيوعيين واليساريين والتحرريين وان يكف عن المجاملة والمساومة والمهادنة. واتمنى ان لا يبعث نقدي هذا عن شن حملة تشهير التي اعتاد عليها الحزب الشيوعي في شنها على مخالفيه ومعارضيه السياسيين.
واتمنى ان يكف الرفيق رزكار عقراوي ايضا عن المجاملة والدبلوماسية، فهي لا تفيد فلو كان تفيد لكان ماركس أبدع في المجاملات ولأصبح من كبار دبلوماسيين عصره ولما عرف نقده لكل الشخصيات والاحزاب في زمنه التي كانت سياساتهم بشكل او بأخر لا تأخذ بنظر الاعتبار مصالح الطبقة العاملة والمحرومين في المجتمع بالنقد الحاد ولما أصبح الشيوعيين أكثر الفرق حزما ووضوحا في المجتمع.
هل ثمت ضرورة للحزب الشيوعي العراقي؟
حسين كركوش
الحديث عن الشيوعية وأحزابها، ونحن الآن في عام 2011، وبعد كل ما حدث من انهيارات، يذكرنا بالمثل القائل: الناس راجعة من الحج، وفلان ذاهب. فإذا كانت أوربا الغربية الصناعية، موطن البروليتاريا، والمكان الذي صيغ فيه البيان الشيوعي، لم تعد بحاجة لوجود أحزاب شيوعية، فهل أن المجتمع العراقي، كما نعرفه حاليا، بحاجة لوجود حزب شيوعي؟ هذا السؤال قد يساعدنا في الإجابة عليه سؤال آخر هو: كيف نفسر، ليس فقط ظهور الحزب الشيوعي في العراق في ثلاثينيات القرن الماضي، وإنما توسعه، وتحوله فيما بعد إلى أكبر قوة سياسية في البلاد، وهو أمر لم يحدث في الكثير من بلدان أوربا، علما أن المجتمع العراقي كان وقتذاك أكثر انغلاقا، وأكثر تشددا في كل المجالات، من العراق حاليا وأوربا آنذاك؟ نعتقد أن تفسير ذلك لا تقدمه لنا الايدولوجيا، وإنما السوسيولوجيا. بمعنى آخر، ليست أيدولوجية الحزب الماركسية هي التي كانت وراء انتشاره. ورغم تأكيد مؤسس الحزب، فهد، بأن الحزب الذي يقوده هو، (حزب شيوعي) (لا اشتراكية ديمقراطية)، فأن الايدولوجيا، في الواقع النضالي اليومي، ما كانت هي أولوية الأولويات. أولوية الحزب كانت للسياسة ولتركيبة المجتمع العراقي نفسه.
منذ الأيام الأولى لتأسيسه فكر الحزب، ليس بمنطق شيوعي أوربي، وإنما بمنطق محلي عراقي، شرق أوسطي، عالمثالثي. الماركسية، أي الجانب الأوربي، هي ملابس الحزب الخارجية، بينما عقله وروحه، وطريقة تفكيره، وتفاصيل اهتماماته فكانت محلية عراقية. ما من أحد في العراق، بما في ذلك قادة الحزب آنذاك، كان يعرف عن الماركسية شيئا كثيرا، وما كان الإلمام بها مهما. المهم، أنها الطريق/ الحلم الذي سيقود السير فيه إلى خلق الجنة الموعودة، التي تشرع أبوابها أمام جميع العراقيين، المختلفين في كل شيء ما خلا الفقر والعوز المادي، والطامحين للعيش معا بغض النظر عن اختلافاتهم في الدين والمذهب والقومية والسلالة والعشيرة والمنطقة الجغرافية.
لكن، شيوع الماركسية لاحقا، حتى بشكلها الغامض، وشيوع أدبياتها وأسماء رموزها السياسية الثقافية والفنية والأدبية، لدى النخب العراقية، أولا، وعند سواد الناس، ثانيا، كان أول جهد، شعبي وواسع، ساهم في عملية الانفتاح الحضاري للمجتمع العراقي إزاء ثقافة وحضارة الغرب، ربما حتى أكثر مما فعلته المؤسسات التعليمية الرسمية في البلاد. الأمر الآخر هو، أن غموض الماركسية لم ينفر العراقيين منها، بقدر ما أضفى عليها قدرا من الجاذبية الساحرة، خصوصا فيما يتعلق بجانبها التوحيدي لكل الملل، داخل عراق تتساكن فيه ملل كثيرة مختلفة، وربما متصارعة، ويعاني سكانه من الفقر والظلم. وألا، من كان يعرف من العراقيين، في النخب قبل العامة، شاعرا فرنسيا أسمه Eugegravene Pottier ولد عام 1816، ومن يعرف ماذا تعني كومونة باريس، ولماذا حدثت؟ ليسوا كثرة، على أي حال. لكن عندما كانت تتردد كلمات الفرنسي بوتيه: (هبوا ضحايا الاضطهاد ضحايا جوع الاضطرار... غد الأممية يوحد البشر) فأنها تلامس عواطف وآمال عراقيين كثيرين. لماذا؟
لو عدنا إلى المجتمع العراقي في بداية الثلث الأول من القرن الماضي، فسنجد: مسلمين، مسيحيين، صابئة، يهود، إيزيديين، عرب، أكراد، تركمان، يتساكنون على بقعة جغرافية واحدة. كل هؤلاء يبحثون عن خيط يربط بينهم حتى يتمكنوا أن يعيشوا سوية داخل الدولة/ الأمة حديثة التكوين أسمها العراق. نظريا، ومنطقيا كان يفترض أن تكون الدولة العراقية الفتية هي ذاك الخيط. لكن الدولة العراقية ما كانت كذلك، لأنها منذ لحظة تكونها، لم تنجح تماما لأن تكون ممثلة بشكل متوازن لكل المكونات العراقية. القوة الأساسية والكبرى وقتذاك داخل المجتمع العراقي هي العشيرة، لكن العشيرة غير قادرة أن تقبل في صفوفها، بحكم طبيعتها، إلا على أفراد بعينهم، أي أبنائها، الخارجين للدنيا من رحمها الواحد. أما الأحزاب الأخرى التي ظهرت في العراق فأنها لم تكن قادرة على استيعاب (جميع) العراقيين، أما لأنها تعتمد علاقة الدم، أو العرق، كمعيار لقبول أعضائها، كالأحزاب القومية العربية والكردية، أو أنها تهتم بمصالح شرائح معينة داخل المجتمع، كالحزب الوطني الديمقراطي، مثلا. وحده الحزب الشيوعي تصدى لمهمة جمع الجميع، أي جمع كل المكونات العراقية، لكن ليس كقبائل متحالفة، ولا كمكونات، أو جزر متباعدة ترتبط بممرات برية، ولكن كمجموعة بشرية واحدة متحدة عضويا، أسمها (شعب)، يعيش على بقعة جغرافية محددة، أسمها (وطن)، وهذا الوطن يجب أن يكون (حر)، أي يدير شؤونه العراقيون أنفسهم (السيادة الوطنية)، بعيدا عن أي سيطرة أجنبية، ويجب أن يستثمر ثرواته بنفسه، وتوزع على الجميع بشكل عادل، ليكون الشعب (سعيد). هي يوتوبيا، أو حلم، لكنها ضرورية، ولا بد من الاعتماد عليها، لخلق شيء أكثر ملموسية (هوية المواطنة الواحدة) من رخاوة وهشاشة المجتمع العراقي، ذو الهويات الفرعية المتعددة المنغلقة على نفسها. وهذه الفكرة هي نفسها التي، ويا للمفارقة، دأب على تبنيها ونشرها مؤسس الدولة العراقية الحديثة، الملك فيصل الأول، عندما تحدث في بداية عهده عن ضعف الدولة إزاء قوة العشائر، وعن العوامل التي تعرقل نشوء أمة عراقية.
ولكي ينجح الحزب الشيوعي في إنجاز تلك المهمة الوطنية التوحيدية، والاجتماعية التنويرية، فأنه تحمل أعباء كان يفترض أن تنهض بها أحزاب مختلفة، ومنظمات مجتمع مدني متعددة: وطنيا، سعى للتخلص من السيطرة الأجنبية، وقيام نظام وطني يوفر الحريات الديمقراطية، ويساوي بين جميع العراقيين. طبقيا، طالب بإعادة توزيع الثرة الوطنية بشكل عادل. أمميا، طالب بمنح الأكراد حقوقهم، حضاريا، جهد من أجل تحسين ظروف النساء، ومكافحة الأمية بين الفئات الشعبية. ثقافيا، خلق جسورا من التواصل بين الثقافة المحلية والعالمية، قوميا، كافح ضد الصهيونية، وطالب بقيام دولة فلسطينية، وفق رؤيا متقدمة، واقعية، عقلانية، أساسها قيام دولتين فلسطينية إسرائيلية. وخلال سعيه لتحقيق هذه المهمات حرص الحزب منذ البداية، وبتوجيه من مؤسسه فهد، أن يتجنب، ما أمكنه، الاصطدام الفج مع أي جهة مؤثرة داخل المجتمع، لا مع المؤسسة الدينية، ولا مع المؤسسة العشائرية، ولا مع العادات والتقاليد المحلية، حتى التي يرفضها، أصلا. وفيما يخص علاقته مع الأحزاب السياسية، ظل شعاره دائما: (قوا تنظيم حزبكم، قوا تنظيم الحركة الوطنية)، حتى لا تستفرد به وحده السلطات الحاكمة. الجهة السياسية الوحيدة التي خاض معها صراعا قويا، وأكثر الأحيان مريرا ودمويا، كان حزب البعث. والسبب أن الحزبين كانا يتصارعان على ساحة واحدة، ويتنافسان على كسب نفس الفئات الاجتماعية، ويرفعان شعارات طبقية متقاربة. ولهذا، فأن أول ما فعله البعث عندما وصل للسلطة ثانية عام 1968 هو، إصراره العنيد على سحب البساط من تحت أقدام الحزب الشيوعي، عن طريق رفع وتطبيق نفس شعاراته: منح الحكم الذاتي لكردستان، إطلاق سراح السجناء السياسيين وعودة المبعدين، تأميم النفط، رفع مستوى دخل الفرد، عقد معاهدة صداقة استراتيجية مع الاتحاد السوفيتي، والاعتراف بألمانيا الديمقراطية (كان هاتان المنجزان يعتبران في العراق وقتذاك، انجازين تقدميين يساريين) تعميق الإصلاح الزراعي، الاهتمام بأوضاع المرأة. وعندما تيقن البعث، بمرور الأيام، بأنه أضعف (الحركة الوطنية)، ولم يبق أمامه غير الشيوعي، فأنه سدد إليه ضربة ماحقة، لم يفق منها إلا بعد سقوط البعث عام 2003.
لكن، عندما عاد الحزب لممارسة نشاطه العلني على الساحة العراقية عام 2003 كانت الأرض قد دارت على نفسها ألف مرة، محليا وإقليميا وعالميا. بالطبع، الحزب الشيوعي عاد إلى العراق عام 2003، ليس وحيدا، إنما مع بقية أحزاب المعارضة العراقية، إنما الفرق شاسع في الحالتين. الأحزاب الأخرى، ومعظمها إسلامية مذهبية، عادت وكل الظروف ملائمة لنشاطها وازدهارها، بينما وجد الحزب نفسه ينشط في ظروف محلية صعبة للغاية. فالمعروف أن الفئتين الاجتماعيتين الذي ظل الحزب، تاريخيا، يعتمد في وجوده عليهما هما، الفئات الشعبية، والطبقة الوسطى. الأولى بمثابة جسده، والثانية هي الداينمو المحرك للجسد. الداينمو كان، في واقع الحال، ميتا، وفي أحسن الأحوال مشلولا، لا يقوى على الحركة، بفعل الحصار الاقتصادي، والحروب. والفئات الشعبية كانت أكثر تعبا. وعندما اندلع الاقتتال الطائفي تحولت هموم الجميع إلى هم واحد هو، البقاء على قيد الحياة. الصعوبة الأخرى هي، أن الحزب وجد نفسه يعيش في غربة لم يألفها طوال حياته، إذ أن الغالبية العظمى من العراقيين (مثلا، الذين ولدوا عام 1960) لم يسمعوا باسم الحزب، ولم يعرفوا عنه شيئا، وإذا كانت لديهم معلومات فهي معلومات تشهيرية ضد الحزب وليس لصالحه.
هل سيحقق الحزب نجاحات، أم سيتراجع، وربما قد يضمحل ويختفي تماما، خصوصا مع وجود المئات من منظمات المجتمع المدني؟ بقاء الحزب ونجاحه يعتمد على مسألتين جوهريتين، أولهما استتباب الأوضاع الأمنية، وترسيخ النظام الديمقراطي، مثلما أن مقتله يكمن في التدهور الأمني، والاحتقان الطائفي، ونشوب حرب طائفية، وتقسيم البلاد إلى مقاطعات سنية وشيعية. أما وجود المنظمات المدنية فهو لم يلغ الحاجة لوجود أحزاب سياسية، حتى في أوربا، موطن هذه المنظمات، لأن طبيعة وعمل المنظمات شيء، وطبيعة ونشاط الأحزاب السياسية شيء مختلف. وعلى أي حال، فأن نجاح الحزب في نشاطه سيضمنه استمراره في التخلي عن الشعارات الأيديولوجية، أكثر وأكثر، وفي تخليه عن أن يكون حزبا جماهيريا كما في العقود الماضية، وأن يصبح قوة سياسية وطنية توحيدية تنويرية، بهوية اجتماعية طبقية تستوعب جميع العراقيين الطامحين لتحقيق عدالة اجتماعية، كما كان عليه الأمر في بداية تكون الحزب. هذه عملية صعبة، وربما أكثر صعوبة مما كانت علية أوضاع العراق قبل سبعين عاما. لكن ما يشجع الحزب الشيوعي هو، أن شعاراته التي رفعها منذ عام 2003، كمحاربة المحاصصة، والإلحاح على قيام دولة القانون والمؤسسات، واحترام المواطنة، وإشاعة الديمقراطية، أصبحت تتردد الآ بيتٌ جديدٌ للحزب الشيوعي العراقي
بيتٌ جديدٌ للحزب الشيوعي العراقي
حيدر المحسن
سُئِلَ الروائي جوزيه ساراماغو عن إصراره على الانتماء إلى الحزب الشيوعي، رغم التغييرات الكثيرة التي جرت في العالم في العقود الأخيرة، أجاب: «مثلما لدي هرمون يُنبت الشعر في ذقني، لدي هرمون آخر يجبرني أن أكون شيوعيا، والأمر له علاقة بسلطة قدر بيولوجي أعجز عن مقاومته».
هل الشيوعيون في بلادنا خاضعون لهذا النصيب الذي لا يستطيع أحدٌ التلاعب به، بمن فيهم آلهة القدر؟ لا يمكن أن يكون الجواب بالتسليم إطلاقا، أو النفي تماما، وإنما منزلة بين منزلتين، فالكثير من «الرفاق» نجدهم يرددون مع الشاعر كزار حنتوش، متغزلا بالحزب الشيوعي مثل امرأة يعشقها: «يا حزب جميع الفقراء، أحببناك، وأحببنا حتى أخطاءك، تمشي، ونبوس تراب نعالك»، كما أن الكثير من الرفاق أيضا، وبنسبة تساوي أو تفوق أو تقل قليلا، كانوا يؤمنون منذ البدء بأن الأفكار ليست قالبا صُب في صورة وصارت صنما، فالفكرة في كل زمان هي مادة أولية تُنحتُ منها المذاهب على هيئة جديدة، تبعا للعصر الذي نعيش فيه، ودوغما يوم السبت قد تصبح هرطقة جديرة باللعن في صبيحة الأحد، مثلما يقول المثل.
سؤال أوجهه إلى الصديق رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، عن سياسة الحزب في السنوات التي أعقبت الاحتلال الأمريكي للبلاد. هل أدى المسؤولون ما عليهم في هذه الحقبة المفصلية، والصعبة من تاريخ البلاد؟ وبصورة أوضح أقول هل كانت سياسة الحزب على خط واحد مع رؤيته في العقود التي سبقت، رجوعا إلى عهد التأسيس الذي لا ينساه أحد؟ أكثر من أرخ لتاريخ العراق في المئة سنة الأخيرة هو غائب طعمة فرمان، في قصصه ورواياته، وفي طريق حياته ومماته. من رواية «المرتجى والمؤجل» الصادرة في القرن الحالي أنقل هذا المشهد، وفيه حوار بين رفيقين عتيقين في الحزب: «دع قناعتك يا أبا إحسان لك. أو دعْني أتدفأ فيها في لحظات الشجاعة المؤجلة، وأنتظر مثلك اللحظة الثورية التي لا نعرف في أي قرن تهل». طعمُ السخرية في الحوار ظاهرٌ، وقد صارت سنين النضال الأولى ذكريات سعيدة يتدفأ بها من يجلده ثلج الشيخوخة كل يوم، ويُكمل الرفيق قائلا: «حاولت أن تبني حياتك على خلق هذه اللحظة الثورية وتبشر الناس بها، أو سوقهم إليها ومنهم أنا، ولكنها لم تهل، أو هلت مثل ومض البرق وانطفأت وجعلت المتيمين بها ينوحون أو يعضون بنان الندم. أما أنا فقد يئست». هناك أكثر من نوع من اللا مسؤولية، لكن أيا منها ليس من خصال قائل هذا الكلام، لأن الرجل عاش شيوعيا من الأول إلى المنتهى.
سؤال ثانٍ إلى سكرتير الحزب: هل تريدون المزيد من مثل هذا الكلام المؤَذي والمبثوث في الأدب العراقي، عن الصرح العظيم – أي الحزب الشيوعي العراقي- الذي لا يعرف عنه شباب اليوم شيئا؟
جمعتني في حانة «هوازن» جلسة مع أصدقاء قادمين من السويد والبصرة وكل بقاع الأرض، وعلا صوتُنا في أثناء النقاش، وكان اسم الحزب حاضرا بيننا، حتما. وهنا تدخل شاب جالسٌ عند المنضدة المجاورة. سأل: في أي بلاد من العالم صارت الشيوعية؟ ثم دار حديث أثبت الشاب أنه لا يعرف شيئا عن الحزب، وكأنه كيان نشأ على كوكب الزهرة منذ قرون، واندثر. لا يعرف شبابنا اليوم غير السياسة الراهنة، الأحزاب الإسلامية وإيران والسعودية وأمريكا، وقد سكن ما جرى في الماضي بطون كتب التاريخ، ومثّل الجهلَ بصدقٍ الشاب الذي التقيناه صدفة في الحانة، بينما كان جالسا يفكر ويحلم.
بعد أيام يبلغ عمر الحزب الشيوعي العراقي قرنا من الزمان، تقريبا، وكانت الفكرة الرئيسية في أذهان من وضعوا له الحجر الأساس، هي أن يغادر عاملنا وقفته اليومية البائسة في «المسطر»، يركض هنا وهنا وراء رب العمل، من أجل أن يحصل على لقمة اليوم.
يدور في هذه الأيام منشور في الصحافة وفي مواقع التواصل عن أن الإخوة في الحزب الشيوعي العراقي في سبيل بناء بيت جديد لهم، ويطلبون المعونة المالية والهندسية وغير ذلك. لمن يبني الحزب بيتا إذا كان الشباب لا يعرفون طريقهم إليه؟ شارع «دجلة» شهير في بلدة العمارة، مدينتي. في عطفة من الشارع تؤدي إلى حي «الحسين» الفقير، التقيت برجل يبلغ حوالي السبعين، أنيق الملبس، ويمشي بهمة في الصباح إلى مقر الحزب الشيوعي، وهو عبارة عن شقة متواضعة للغاية تقع أعلى محل لبيع الفلافل. فتح الرجل الأنيق باب الشقة، وتناول مكنسة، وقام بتنظيف أزبال المطعم التي تركها زبائن الليلة الماضية من الشارع. علينا أن نهتم ببناء متحف يضم في المستقبل صورة هذا الرجل ومقتنياته وكتبه، لأن الأجيال القادمة لا تعرف شيئا عن الحزب العتيد، وما يثبتُ في ذاكرتهم بواسطة التوثيق، أفضل مما تذروه رياح السنين. كم يبلغ عدد الذين سالت دماؤهم في سبيل رِفعة حزب الفقراء؟ سألت أكثر من صديق شيوعي، ولم يعرف أحد منهم العدد التقريبي، لكنهم اتفقوا على عشرة آلاف «شهيد»، تقريبا. إن مقبرة تضم رفات هذا العدد الكبير من الأنفس، وكلهم في عمر الزهور، مثلما يقولون، تؤسس هذه الجُبانة العظيمة حتما إلى وطن جديد، تسود فيه وصايا وحِكمٌ وتعاليمُ دين جديد.
إنما تتطور البلدان عندما يكون العامل فيها إنسانا حقيقيا، لا ظلم يقع عليه ولا مسغبة، وكلما سافرت إلى بلد أحرص على أن أزور المكان الذي يتجمع فيه العاملون منذ الفجر طلبا للرزق. يكفيك مشهد هذا «المسْطر»، مثلما نسميه في العراق، على أن تطلق حُكمك الأخير على المسؤولين في الحكومة، إن كانوا أخيارا يحجز لهم التاريخ مكانا في ديوانه، أو في موضع آخر…
بعد أيام يبلغ عمر الحزب الشيوعي العراقي قرنا من الزمان، تقريبا، وكانت الفكرة الرئيسية في أذهان من وضعوا له الحجر الأساس، هي أن يغادر عاملنا وقفته اليومية البائسة في «المسطر»، يركض هنا وهنا وراء رب العمل، من أجل أن يحصل على لقمة اليوم. وفي مراجعة لتاريخ الحزب الشيوعي نجد أن المدافعين عن حقوق الطبقة العاملة في منتصف القرن الماضي كانوا يمثلون ما ندعوه بطبقة الانتلجينيسيا اليوم، من محامين ومهندسين وأطباء وفنانين، وكل من تشتهي عيناك أن تراه في المجتمع. شيئا فشيئا، وعبر العقود الخمسة أو الستة الأخيرة، صارت تتآكل هذه الطبقة في الداخل، وفي الخارج؛ أقصد في درجة وعيها الاجتماعي والسياسي، وغلبت قوانين الكم على النوع، وإذا بنا نحصل في الأخير على أرواح هشة لا تقدر أن تبني صفا في رياض الأطفال، فكيف إذا كان المطلب لديك هو الوطن الحر، المعافى من الأمراض، والذي يعيش على تربته شعبٌ سعيد؟ إن القيام بمراجعة روية لأفكار ووعود ونوايا الحزب، وطلب المشورة من أصحاب العقول الجبارة والنفوس الطيبة في البلاد، أكثر أهمية من بناء عمارة جديدة للحزب، فماذا يفيد المصاب بالعلل الفتاكة أنه يرتدي ثيابا جديدة؟
هناك بعض الكلمات تريد أن تظل ذكراها ماكثة في الحياة، وترددها الأجيال. من هذه الكلمات شعار الحزب: «وطنٌ حر وشعبٌ سعيدٌ»، يحمل في معناه بعدا نصف ديني، وبعدا آخر نصفَ أرضي. البساطة الآسرة لدى الرجل السبعيني الذي التقيته في مدينتي، القرمطي في الضمير - والتعبير لسعدي يوسف ـ وهو يحث خطاه إلى مقر الحزب، بالإضافة إلى تواضعه الصادق وإخلاصه، وغير ذلك من مقومات تعد أصيلة في شخصية الشيوعي، تركت معنى دينيا في شعار الحزب، وإن كان الشباب اليوم لا يعرفون شيئا عن النصف الأرضي من معنى الشعار، لكن نصفه الديني مطبوع في عروقهم، حتما، لأن غالبيتهم هم أبناء من ساروا في هذا السبيل.
كاتب عراقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسالة باقر ابراهيم
عزيزي أبو بيدر
أيها الصديق الوفي والمحارب المكافح المتمسك بشيوعيته حتى النخاع..
أرجو إيصال الرسالة المرفقة إن أمكن للعزيز أبو خوله لأني لا املك عنوانه البريدي..
مع مودتي وتحياتي للجميع..
صباح..
العزيز أبو خوله
تحية وبعد..
أرجو ان تكون بخير وصحة جيدة متمنياً لك المزيد من العطاء في مجال التوثيق والكتابة والتحليل، هذا ما تبقى لنا من أمل كبير.. أن ندون ونوثق التاريخ بحثاً عن حقائقه المغيبة التي لا يعرفها إلا القليل.. القليل من الذين كانوا يصنعون التاريخ والحدث، وأنت بلا شك واحد من هؤلاء الذين كانوا في الخط الأول من صانعي التاريخ، ومنك يمكننا أن نستقي المعلومة لنقترب من بعض ما اخفت لنا تشابكات الأحداث المعقدة من حقائق نسعى لمعرفتها..
أملي كبير وثقتي لا حدود لها بأنك أهل للاستفسار عنها واليك سأترك جواب ثلاثة أسئلة تؤرقني، ما زلت منذ أكثر من عشر سنوات ابحث عن رفيق يمكنه الإجابة عنها بلا تردد، ولم أيأس لقد سألت عنها مباشرة في الانترنيت بعدة مقالات مستفزة وحاولت عبر منظمات الحزب الشيوعي في ألمانيا وهولندا والدانمرك بالإضافة إلى اتصالي المباشر بالمكتب السياسي.. لكن الذين في الهرم الآن أبوا الإجابة والمساهمة في كشف الحقيقة كأنها لا تهمهم، حتى من باب النفي والدفاع عن النفس، وحاولت استفزاز الاعلام المركزي أيضا لكن الصمت لحد الآن كان الجواب الوحيد منهم..
أأمل ان يكون لديك جواباً سواء بالنفي أم بالتأكيد إن كنت مطلعاً..
1ـ الاستفسار الأول يتعلق بموضوع مهم.. قبل الدخول في مشروع الجبهة مع حزب البعث.. ترشحت معلومات من أكثر من مصدر.. أحدها أبو خالد الذي كان مشرفاً على أرشيف الحزب في برنامج مباشر على التلفزيون، حينما قال لصبحي الجميلي ـ أبو بفرين: ان لديه صورة وصل بمبلغ 30 ثلاثون مليون دولار استلمها عزيز محمد من صدام والنظام قبل الدخول في الجبهة وبهذا المبلغ افتتحت دار الرواد والمقرات الحزبية لاحقاً..
السؤال هل حقاً ان الحزب.. أو قيادة الحزب قد استلمت هذا المبلغ وهو 30 مليون دولار قبل توقيع الجبهة؟ ما هي حدود معلوماتك حول الموضوع؟
2ـ في الجزء الثاني من كتاب الفقيد زكي خيري وردَ مرتين.. أن صدام حسين كان قد وجه رسالة الى مندوبي المؤتمر الثالث الذي عقد في بغداد عام 1976 كما اذكر.. يطالب فيها بإعادة انتخاب عزيز محمد سكرتيراً للحزب.. وهناك من يشكك بنسب القول الى الفقيد زكي خيري ويؤكد ان سعاد خيري ـ امْ يحي ـ قد اضافته من عندها بعد رحيل زكي..
هذا لا يغير في جوهر الأمر إن كانت هناك رسالة من صدام الى قيادة الحزب والمؤتمرين ومطالبته بإعادة انتخاب عزيز محمد سكرتيراً.. لا بل هناك من يضيف من باب التأكيد للخبر.. ان صدام كان قد أكد في حينها أكثر من مرة انه تحالف مع عزيز محمد وقيادة الحزب الشيوعي.. الخ
المهم ما صحة وجود رسالة من صدام أو غيره تطالب المندوبين والحزب بإعادة انتخاب أبو سعود؟ وكيف جرى التعامل معها؟ وما هي حدود معرفة بقية المندوبين بها؟
3ـ في عدة مصادر من كوادر مطلعين.. أكدوا ان البنود السرية لاتفاق الجبهة كانت تشمل عدم ملاحقة أو اعتقال أعضاء اللجنة المركزية للحزب في حالة فشل الجبهة وتعرضها للتصدع والانهيار.. وهذا ما سهل أمر خروج القياديين من أعضاء اللجنة المركزية بسلامة من مطار بغداد ومعابر الحدود في حينها.. وكذلك عدم اعتقال أعضاء اللجنة المركزية المتواجدين في الداخل لاحقاً بمن فيهم أبو فاروق وجلال الدباغ والآخرين من المشرفين على التنظيم في الداخل الذين تواجدوا في بيوت مكشوفة في بغداد لسنوات دون انْ تتعرض لهم أجهزة الأمن وبقيت تراقبهم بالكاميرات وغيرها من الوسائل لغاية عام 1992.. حينما كشفنا أمر هذا التغلغل في التنظيم وسحبنا الجميع إلى شقلاوة.. وهذا أمر أدركه واعرف تفاصيله..
لكن يبقى السؤال.. هل حقاً كانت هناك اتفاقية بين قيادة الحزب وحزب البعث تنص على عدم اعتقال أعضاء اللجنة المركزية؟ هل أنت مطلع على خفايا هذا الاتفاق.. أم انه كان محصوراً في حدود أضيق لا تعلم به؟
أرجو ان لا أكون قد هيجت جروحك من جديد وأنا استذكر معك في محاولتي للبحث والتقرب من حقيقة ما جرى في دهاليز السياسة..
مع مودتي وتقديري..
ـــــــــــــ
صباح كنجي
26/ نيسان/2013
جواب باقر ابراهيم على الأسئلة..
عزيزي صباح كنجي
تحياتي القلبية
تسلمت رسالتكم المؤرخة 26 / نيسان / 2013، وشكرا لكم على تمنياتكم الطيبة لي... أرى من واجبي النضالي، إيضاح الحقائق، والإجابة عن استفسارات الناس، وخاصة رفاق النضال، بقدر ما تسعفني الذاكرة، وأدناه اجابتي حسب تسلسل الأسئلة:
1ـ الحديث عن أيصال بملغ (30) مليون دولارا أستلمها عزيز محمد وافتتحت به دار الرواد والمقرات الحزبية لاحقاً.. كنت قد كتبت مقالة ايضاحية، في جريدة (القدس العربي) بتاريخ 28 / آذار/ 2007 بعنوان: شيوعيو العراق: أين حقيقتهم؟ في تاريخهم النضالي المجيد، أم في الردة عليه؟
وحول الموضوع المشار إليه أعلاه، كتبت في هذه المقالة: لقد تمت إعادة المبلغ الوحيد وقدره (مائة وخمسون ألف) ديناراً عراقياً، لبناء مقر الحزب الشيوعي، وقد تمت أعادة المبلغ الوحيد هذا، بشيك مصرفي بواسطة المرحوم عامر عبد الله، عام 1978، وبالطبع فأن المبلغ، قد تضاعف حسب الرواية التي تساءل عنها الأخ صباح كنجي إلى أكثر من 60 ضعفاً!
لقد دحضت تلك الادعاءات التي أراها مخلة بحزب وبمناضلين يحترمون مكانة وكلمة النضال.
2ـ السؤال الثاني، يذكر أن (صدام) وجّه رسالة إلى مندوبي المؤتمر الثالث، يطالب فيها بإعادة انتخاب عزيز محمد، وأن صدام أكـّد إنه قد تحالف مع عزيز محمد وقيادة الحزب.. إن هذا الزعم قد ورد أيضاً في مذكرات المرحوم زكي.
رأيي: لا صحة لمثل هذا الادعاء، فإن أعضاء المؤتمر الثالث كانوا بضع مئات، وليسوا أفراداً معرّضين للنسيان.
3ـ السؤال الثالث، عن كوادر مطلعين أكدوا أن البنود السرية لاتفاق الجبهة كانت تشمل ملاحقة واعتقال أعضاء اللجنة المركزية، في حالة فشل الجبهة...الخ مثل هذا الاتفاق السري، زعم لا صحة له، وعلى العكس من ذلك، فإن الواجب يقتضي الحديث باعتزاز عن مصير كوادر قيادية مرموقة، كالشهيدة عايدة ياسين، العضو المرشح للجنة المركزية، التي اعتقلت واستشهدت تحت التعذيب، والشهيد محمد جواد طعمة من البصرة، العضو المرشح للجنة المركزية، وكذلك الحديث عن قادة هم بمصاف أعضاء اللجنة المركزية ومارسوا معي المسؤولية في قيادة الحزب السري منهم: د - صباح الدرة و د- صفاء الحافظ وغيرهما الكثير من الشهداء الذين أعدموا غدراً.
أما بخصوص المصائد التي نصبت لأعضاء القيادة في أعوام التسعينات فقد اطلعت على حقائق كثيرة، منها ما كتبته أنت في ملاحق كتاب الأخ محمد السعدي: " سجين الشعبة الخامسة ".
وفيما يتعلق بالشكوك بـ (أبو هيمن)، ورد في ص 178 من الكتاب:.. (انطلت الحيلة عليه (المقصود عدنان عباس) كان ضحية مخطط أمني عالي المستوى... وهذه صفة يشترك بها قادة الحزب الشيوعي العراقي ممن عرفتهم للأسف...الخ)
أرى أن الأمانة التاريخية، تقتضي أن يتعرف الباحث، وكذلك الأنسان العادي على موقفي من هذا الموضوع بالذات، فالحقيقة أن أغلب الكادر الحزبي العامل معنا في تنظيم الداخل يعرفون إنني رفضت، منذ وقت مبكر، أشراك (أبو هيمن) في عمل الداخل.. وحينما تم أنزاله... رغم موقفي المعروف هذا، أقنعت الرفيق عدنان عباس بعد عودته من الداخل إلى كردستان، بصواب موقفي، فوافق على استدعائه للعودة إلى كردستان، كما أقتنع بضرورة عزله ومنع عودته للداخل، كما شاركني الرأي في رفض حضوره المؤتمر الرابع للحزب.
عشية المؤتمر الرابع، سألني الرفيق عمر علي الشيخ، رأيي بمشاركة (أبو هيمن) في المؤتمر، وكان كما لاحظت يرغب بذلك، وقلت له بصريح العبارة: إذا كانت هناك أية شكوك، تجاه أي شخص في الحزب، فإن الشكوك تفسّر لصالح الحزب أولا، فلذلك لا يمكن السماح بمشاركة المذكور في المؤتمر.
وحسناً فعل الرفيق أبو فاروق، حينما أخذوا برأيي، ولم يشركوه في أعمال المؤتمر... ولكن للأسف، أخذ قادة الحزب، موقفاً مغايراً، فيما بعد، كما هو معروف، وسّع دائرة الأذى الذي ألحق بالحزب وبرفاقه ومكانته.
آمل أن يكون ذكر هذه الوقائع، والإيضاحات التاريخية، مفيدة لدراسة الماضي، وتلمس طريق الصواب لمستقبل نضالنا.
ـــــــــــــــــــــــــ
باقر ابراهيم
عزيزي ابو خوله
تحية مقرونة بالشكر الجزيل على اجابتك السريعة على ما ورد من تساؤلات في رسالتي.. حسن فعلت بكشف موقفك ووجود شكوك لك بخصوص أبو هيمن.. هذه شهادة للتاريخ بعد رحيل الفقيد عدنان عباس.. لأنني وبحكم اطلاعي المباشر على الموضوع.. كنا قد شخصنا ابو هيمن بالدليل القاطع منذ عام 1983 اثناء وجوده في محطة سينا الأمنية التابعة لمديرية امن دهوك عند توجهه وعودته من الداخل بتنسيق مع مديرية الأمن العامة..
ايضا لا أنسى التفاصيل بعد سحبه، محاولته العودة لدهوك ولو لساعة واحدة لكنه اجبر بحكم توجيهاتي للذين رافقوه من شاريا بمنعه من العودة بأي شكل من الأشكال.. كان ذلك هذا قبيل المؤتمر بأيام..
بقية فصول المهزلة.. سأدون للتاريخ كل ما له علاقة بموضوع ابو هيمن بما فيه موقف زوجته وشقيقها ومسعاهم الجاد لإيصال المعلومة عن علاقته بالسلطة واحتجاز ابنه رهينة من قبل اجهزة الأمن اثناء توجهه الى كردستان..
على كل حال جوابك يثبت وجود حالة شك قيادية بالطالقاني من قبلك ايضاً مع الرأي المثبت في مذكرات الراحل توما توماس يشكل تشخيصاً قيادياً مهماً.. بالتأكيد يتحمل من سربته ومنحه فرصة العودة والنزول ثانية للداخل لتوسيع دائرة إيذائه بصواب كما ورد في رسالتك..
عن الأسئلة..
للأسف لم أكن مطلعاً على ما كتبه حسين شعبان وردك التوضيحي عليه ومن ثم رده هو على تعقيبك الذي تناول هذه الأمور.. سأتابع بقية كتاباتك الموضوعة على الانترنيت.. مع هذا اقول..
شكراً لك لأنك ثبت في الاجابة وجود وصل بمبلغ 150 ألف دينار أعيدَ عام 1978.. المبلغ في حسابات ذلك الزمن كان يقترب من النصف مليون دولار.. وقد أوضحت انه تمت اعادته من قبل الراحل عامر عبد الله.. هذا يثير المزيد من الالتباس لأن ما أثير حول الموضوع هو مبلغ 30 مليون.. أو أي رقم آخر قبل توقيع الجبهة عام 1973 وليس المبلغ المعاد عام 1978 كما أكدت في جوابك..
هذا الالتباس يؤكد ان ما ترشح من معلومات حول الموضوع بما فيها ما وردَ في كتابات خزندار ورسائل وتعقيبات شعبان يذهب الى احتمال وجود شيكات بمبالغ شهرية او بدفعات متكررة.. لا اريد ان احرجك.. ليس هدفي النبش من أجل الاساءة.. سأذكر لك هذه الواقعة التي لها علاقة بموضوع الأموال من باب آخر..
بعد الحاح منا في نينوى.. عام 1991.. تمت الموافقة على اصدار ريكاي كوردستان بنسخة عربية.. كلفت مع هادي محمود.. الذي كان يرأس تحريرها بتهيئة المقالات والمواضيع للنسخة العربية.. كان العدد يكلف 200 دولار فقط كل اسبوع لا غير..
بعد فترة تضايق البعض مما يرد فيها من نقد لتجاوزات وممارسات غير مقبولة في كردستان.. قرروا ايقاف النسخة العربية بحجة وجود أزمة مالية.. على كل حال توقف اصدار النسخة العربية.. وفي اجتماع للجنة المالية المركزية مع سكرتاري المحليات دعيت بحكم قيادتي محلية نينوى.. اوضح لبيد عباوي ـ ابو رنا بحضور ابو عامل.. ان الحزب يعاني من ازمة مالية خطيرة وان نصف الاحتياط الاستراتيجي لماليته لحد ذلك اليوم قد صرف.. لهذا اوقفنا دعم بعض نشاطاتنا المهمة.. الخ..
بحكم وجودي في لجنة الاقليم حينها كنت اعرف وأدرك مدى انزعاج ملا حسن ابو آىسو من ريكاي العربية ومحاولاته لسدها بحكم وجوده في اللجنة المالية المركزية ومسؤولا عن مالية الإقليم بما فيها نينوى وكردستان..
بعد فترة التقيت كريم احمد في دمشق.. عند عودته من المانيا اوضحت له خطأ ايقاف ريكاي العربية.. ردَدَ موضوع الأزمة المالية.. كنت اعرف انه عضو مهم في اللجنة المالية المركزية.. فسألته.. ابو سليم.. انت عضو في اللجنة المالية المركزية وقيادي مهم في المكتب السياسي واللجنة المركزية.. تقول وتؤكد لي وجود أزمة مالية للحزب استدعت هذا الإجراء.. لكي اقتنع برأيك وصواب هذا الإجراء.. اسألك..
ـ هل تعرف كم تبلغ مالية الحزب.. لكي تقول وتردد وجود أزمة مالية؟
هل انت مطلع حقيقة على ما يمتلكه الحزب من رصيد وأموال.. هل سألت يوماً كم هي مالية الحزب؟ هل تعرف بالضبط كم هو المبلغ الحالي من مالية الحزب لكي تقرر اننا في أزمة..
تفاجأ وضحك كعادته..
ـ بشرفي لم يخطر في بالي أن اسأل يوماً هذه الأسئلة.. ولا اعرف الجواب على اسئلتك..
أبو سليم كان صادقاً لأنه وبحكم طبيعة العمل في حينها كانت الأموال محصورة بيد عدد محدود من الرفاق.. تعرفهم وتدرك حجم التجاوزات والأخطاء التي حدثت في هذا المجال ايها العزيز ابا خوله..
هنا أعود لجوابك.. بحكم قيادتك للعمل في تلك الأيام الصعبة إذ بقيت مع الراحل عامر عبد الله في بغداد تواجهون التحولات الخطيرة في الأوضاع وما حدث من تصدع في العلاقة بين الحزب الشيوعي والبعث وسلطته.. اتساءل ان كان المبلغ الذي تحدثت عنه شيكاً جديداً تمت اعادته بحكم انتهاء العلاقة بين الطرفين.. وبقاؤكم تقودون العمل بعد غياب الآخرين ومغادرتهم او اعتقالهم مما جعلكم تطلعون على ارجاع الشيك المذكور.. ونعود للسؤال الشائك..
إذا كان في تلك الأيام بعد تصدع العلاقة بين الطرفين.. بين أيديكم شيكاً بهذا المبلغ.. الا تعتقدون بوجود شيكات ومبالغ سابقة قد تكون شهرية استلمها الآخرون دون اطلاعكم ومعرفتكم؟
تابعت ردك على ما كتبه حسين شعبان حول الموضوع.. ذهبتَ الى البعد الأخلاقي والقيم النضالية التي تمنع تقبل هكذا تصرف وترفضه.. حسناً سأتفق معك حول هذا..
لكن اتساءل أين كانت هذه الخصال.. وهذه القيم عندما قرر القياديون في الحزب.. وأنت واحداً منهم.. ايها العزيز ابو خوله.. طي صفحة الدماء ونسيان كل شهداء الحزب وتضحياته.. بعد كارثة شباط عام 1963.. التي لم تتوقف.. وطالت العديد من المناضلين في الحزب وهيأته القيادية.. في تلك الأيام.. التي سبقت توقيع الجبهة.. بما فيها اختيار عدداً من الكوادر لتصفيتهم.. ممن كانوا ضد التوجه السياسي.. الذي اوصل الحزب من جديد لتوقيع ميثاق جبهة مع حزب.. يعد في التوصيف الفكري الماركسي.. حزباً عنصرياً معادياً للديمقراطية بامتياز.. سبق وأن ولغ في دماء الشيوعيين وغيرهم..
هذه الذريعة الأخلاقية عن القيم لا تمنع وجود رغبة " انسانية " ونوازع ذاتية للشيوعيين.. بمن فيهم بعض القياديين.. للاستفادة من الدعم المالي واستسهال قبوله من أكثر من جهة.. كما فعل العاملون في اللجنة المالية المركزية.. وأنت تعرفهم أفضل مني..
سأكتفي بمناقشة هذا الموضوع بما كشفته الايام لاحقاً عن وجود رواتب تقاعدية عالية بمبالغ تصل الى 5000 دولار شهرياً.. لعدد من القياديين في الحزب.. نشرت اسماؤهم وعناوينهم الوظيفية كوزراء متقاعدين.. او وكلاء وزراء.. وقد اكدها كاظم حبيب.. وهو الوحيد من بينهم.. من كان يعمل في مجال يؤهله لاستلام وقبول التقاعد.. بحكم وجوده في المجلس الزراعي الأعلى.. وقد ثبت هذا في مقال له ولم ينفيه.. وأكد ان جزء منه يستقطع من المؤسسات الألمانية.. بعد اشعارهم وابلاغهم من قبله.. بالوارد اليه من العراق..
هنا يتبادر السؤال ايضاً.. طالما ان الاسماء القيادية التي وردت في قوائم التقاعد المذكور ممن تقبلوا هذا الامتياز.. كانت هي ذاتها من يقود الحزب.. في تلك المرحلة..
فما المانع من تقبلها امتيازاً مالياً بصيغة تتناسب مع طبيعة العلاقة بين الطرفين في ذلك الوقت؟
وما المانع من وجود اتفاق يصونها عند الخطر!
خاصة وان جميع من وقعوا في قبضة السلطة.. او اعتقلوا من اعضاء اللجنة المركزية.. والمكتب السياسي.. قد أطلق سراحهم.. أما الذين ذكرتهم الدرة والحافظ وعائدة ياسين.. فهم ليسوا اعضاء في اللجنة المركزية.. ولا يشخصون في قوامها.. بل في الخط الثاني من الكادر القيادي..
مرة أخرى اشكرك على اجابتك..
سأتابع بحرص ما وضعته في شبكة الانترنيت من كتابات.. قد يكون من المفيد أن نثبت حواراً مسجلاً ومصوراً في المستقبل بمساعدة العزيز ابو بيدر.. هي فكرة خطرت في بالي وأنا اقرأ رسالتك اتمنى ان تتحقق..
مع مودتي
صباح كنجي
8/أيار/ 2013/
ــــــــــــــــــ
ملاحظة.. تهجم ابو هيمن ـ عدنان الطالقاني على الشيوعيين وقيادتهم والأنصار بكلمات بذيئة باسم اليسار.. وفي حينها رددت عليه مستنكراً سكوت قيادة الحزب الشيوعي وعدم ردها.. بعنوان هل يحق لعدنان الطالقاني التحدث باسم اليسار؟ سأرفقه مع الرسالة للاطلاع.
هلْ يحقُ لعدنان الطالقاني التحدث باسم اليسار؟!!
قرأتُ قبل أيام مقال أشبه بالنداء الطويل موجه إلى الرفاق الشيوعيين والى قوى اليسار وحركات التحرر بعنوان (هذا موقفنا وهذه صراحتنا).
على خلفية النداء الموجه حول الدولة الديمقراطية المدنية، الذي وقعه العديد من المثقفين والسياسيين والمواطنين العراقيين، تلبية لمبادرة مشتركة للسكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي ونصير الجادرجي وعبد الإله النصراوي والسيدة صفية السهيل ومضفر النواب وكمال شاكر وعدد من المثقفين الديمقراطيين العراقيين، تحت عنوان (نداء من أجل بناء الدولة الديمقراطية المدنية في العراق) الذي وقع عليه ثلاثون ألفاً لحد الآن من مختلف الشرائح الاجتماعية والفكرية، ممن يَعِّزُ عليهم المستقبل الديمقراطي للوطن وحياة أبنائه المثخنة بالجراح .
لفت انتباهي أمرين:
ـ الأول، كاتب المقال - النداء، السيد (عدنان الطالقاني) الذي أعاد بذاكرتي إلى تلك الأيام السوداء المريرة، التي تحكم فيها حزب البعث على رقابنا لأكثر من أربعة عقود، حيث تذكرتُ بعضاً من التفاصيل عن الكاتب، كانت مخبأة في القسم الحار من ذاكرتي المتعبة بحكم تراكم القهر واستمرار القمع الذي كاد أن يمسخ إنسانيتنا..
حينما تيقنتُ أنه ذات الشخص الذي أعرفه تماماً باليقين المؤكد، تساءلت بمرارة وحزن عميقين كيف يتجرأ ُ الكاتب بهذا الشكل المفضوح بلا خجلٍ، من مهاجمة قوة سياسية مهمة كالحزب الشيوعي العراقي.. يختارُ قيادته للنيل منها موزعاً شتائمه ذات اليمين وذات الشمال كما يقول المثل.
ـ بينما في الجهة الثانية من المعادلة ثمة صمت غير مفهوم، أزعجُ من الأول، حينما لا ينبري من يهمه الأمر من توجيه ردٍ لمن يتطاولُ على سمعته الشخصية يتهمه بشتى النعوت والصفات وهو القادر على إسكات الكاتب بحكم ما يمتلكه من معلومات وأدلة ووثائق تلجمُ المهاجم وتسكته.
إن كان هذا خيارُ من وجهت لهم السِهامُ، ارتضوا بالسكوت وعدم الرد، وهو شأن شخصي لا نملك حق التدخل فيه.
فإننا لا نبيحُ لهم السكوت أمام السهام التي وجهت للشيوعيين والماركسيين العراقيين.. من تهمٍ وتطاول حيث لا نرى في السكوت وعدم الرد الموقف الصحيح.
خاصة وأن الدعي - الكاتب، هو من الأشخاص المعروفين المنتحلين لصفة اليسار، ممن ارتضوا أن يتحولوا إلى مطية لجهاز الأمن.. في العهد الدكتاتوري المقبور، من هنا تأتي وقاحة الكاتب في انتحاله صفة اليسار، وإنْ كنتُ شخصياً قد تجاوزت هذا التصنيف.. وبتُ لا اعترفُ به من الناحية العملية، بعدَ أنْ ثبت لي إن هذا التصنيف لا يحتوي على قيمة علمية دقيقة.. رغم استمرار استخدامه من قبل البعض الذين أضافوا إليه.. عبارة اليسار الجديد.
لكنّ الأمر الذي لا أستوعبه في الموضوع، كيف يمكن لرجل مخابرات أنْ يُصَّنِفَ نفسَهُ باليساري؟
هلْ يوجد بينَ رجالِ المخابراتِ يمين ويسار ووسط؟
هل يمكن تصنيف أجهزة القمع إلى يسارية.. يمينية؟
هل يمكن تصنيف الخونة الحقيقيين إلى يساريين أو يمينيين؟
هذا ما استفزني فيما ذهبَ إليه عدنان الطالقاني، وجعلني اقلب ذاكرتي لتستقر دون عناءٍ أو خطأ على ذلك اللقب الذي لنْ وَلنْ تنساهُ ذاكرتي، الفضلُ يعود للراحل (توما توماس) حينما تناقشنا ذات يوم عن أبو هيمن، وما جلبه من مآسي على الحزب، تسببت في خراب العشرات من البيوت.. وأسفرت عن الإيقاع بالعشرات من البشر، اليساريين الحقيقيين، ممن كانوا يكافحون للخلاص من الدكتاتورية، في الوقت الذي كان أبو هيمن - عدنان الطالقاني ذلك "الشيوعي" الخائن لرفاقه.. الباب الكبيرة المشرعة لأجهزة المخابرات القمعية للإيقاع بهم.
لست أدري كيف يمكن أن يجمع الإنسان بين الخيانة واليسارية في ذات الوقت؟!!
عن أية يسارية يتحدثُ الكاتب؟!!
وكيف يُمكننا أنْ نقبلَ بهذا التصنيف المبتذل للفكر والسياسة؟!!
حقاً لقد اختلطت المفاهيم.. ضاعت القيم، في هذه المرحلة المشربكة، من افرازات العولمة، إلى حد باتَ فيها البعضُ لا يعرفُ نفسه، لذلك يحتاج لمن يعيدهُ لحجمه، وإن تطلب صفعه بشيء.. لا أود تسميته على الرأس.. كي يستعيد توازنه، كما كان يفعل دريد لحام - غوّار مع زميله (الو.. مَجْ.. مَجْ.. مَجْمَجْ) كي يتذكر اسمه عند الضرورة وينطقُ بـ مجيد بعد كل صفعة، شتان ما بين الموقفين يبدو لي.. أن السيد طالقاني يحتاجُ لأبي تحسين جديد وقطعة نعالٍ من نمرة46 كي يعيده لرشده ويستقر توازنه.
وإلاّ كيف يمكن أن نفسر تماديه.. في توزيع شتائمه.. على ضحاياهُ.. طيلة ذلك الزمن المُرْ.. الذي ساهم الطالقاني في صنعه.. مع السفهاء والمنحطين.. من أشباه البشر.. في مرحلة الخراب البعثية.. ومطاياهم داخل صفوف المعارضة..
كتب عنه الراحل توما توماس في مذكراته (من أوراق توما توماس) في هامش الحلقة (21):
(عدنان الطالقاني ـ أبو هيمن ـ التحق بقاعدة نوزنك صيف 1979 عضو منطقة، ولم يجر التعامل معه وفق صفته الحزبية لأسباب نجهلها. أرسل للعمل في الداخل وكان ينتقل بحرية بين بغداد وكردستان. أثيرت حوله الشكوك على انه يعمل لحساب الأمن. كانت آخر مرة جاء إلى كردستان خريف 1985 بغية المشاركة في المؤتمر الرابع، ولم يسمح له لأسباب أمنية. ومع ذلك أرسل إلى بغداد رغم ملاحظات العديد من الرفاق، وكانت المرة الأخيرة لزيارته كردستان. تأكد عمله في الأمن والمخابرات، سافر ابنه أواخر سنة 1995عن طريق الحزب ماراً من القامشلي بمساعدة الحزب وبتزكية من م. س ومسئول العبور في القامشلي).
كتبتُ عنه في تعقيب توضيحي على مذكرات محمد السعدي - لطيف (أيام الرصيف في مذكرات الشيوعي لطيف)، الذي تم طبعه في كتاب صدر مؤخراً عن دار فيشون ميديا في السويد.. (موضوع عدنان عباس، أبو تانيه الذي كان عضواً في اللجنة المركزية معقد للغاية، فيه تشابكات وامتدادات سأروي ما أنا مطلع عليه.. ولا ادعي امتلاك كل الحقيقة، رافقَ نزول أبو تانيه إلى الداخل عبر قرية شاريا بمعية أبو هيمن دعاية كبيرة، تنص على وجود تنافس بين أبو تانيه ولجنة التنظيم المركزية، وهو أي أبو تانيه.. يمتلك من القدرات والمؤهلات التي تفوق قدرة لجنة التنظيم المركزية، حيث يُحققُ تنظيمَهُ نجاحات متواصلة من خلال العديد من الكوادر من بينهم أبو هيمن.
رافقتُ أبو تانيه إلى قرية شارية حينها، رغم تحفظي على أبو هيمن، الذي كنت اشك به وأعتبره عميلا ً للسلطة، بعدَ مغادرة أبو تانيه لقصبة شاريا، تقدمت قوة كبيرة من الجيش لتطويق القصبة والمنطقة أجمعها، في عملية مشابهة لما جرى في قرية سريجكا، حينما ذهب أبو ماجد.. ومن معه لإيصال.. أبو بهاء، لكنّ خروجي السريع الفوري ولجوئي للجبل والاحتماء بأحد الكهوف.. حال دون وقوعي في كمين للجيش، بقيتُ مشغول البال إزاءَ مصير أبو تانيه كيف سيفلت من قبضة أبو هيمن؟ وهو بين يديه في الداخل.
حينما عادَ بعد فترة من إشرافه، كتب تقريراً إلى المكتب السياسي، أثنى فيه على عمل أبو هيمن وقيّمه بالمنجز الكبير والمهم وذكر وأطرى على الأوكار والبيوت الحزبية، التي أنشأها أبو هيمن، كان تقرير أبو تانيه ومشاهداته يصّبُ في دعم أبو هيمن، ودحض التهم الموجهة إليه في محاولة لرفع حالة الشك عنه، بينما حصلنا من طرف آخر كان يرفدنا بالمعلومات الدقيقة من الداخل، النصير ياسين، إنّ أبو هيمن.. قد استدرج أبو تانيه بعلم الأجهزة الأمنية إلى الداخل، في إطار خطة استبعدت التحرش به.. أو اعتقاله، من أجل أن توفر الجو لكتابة تقرير إشراف إيجابي.. لصالح أبو هيمن، وهذا ما حدثَ.
لذلك فقد مرّ أبو تانيه خلال تواجده في الداخل، بالعديد من المحطات الأمنية المهيأة للعمل.. كبيوت حزبية سرية، انطلت الحيلة عليه، كان ضحية مخطط أمني عال ِالمستوى، لم تسْعِفهُ ملاكاته المحدودة ونظرته الإيجابية لأبي هيمن للانتقال إلى موقع الشك، أو حتى الإحساس بترتيب الأمر، بحكم افتقاده للحس الأمني. وهذه صفة يشترك بها كافة قادة الحزب الشيوعي العراقي ممن عرفتهم للأسف.
علما ًإنّ أبو هيمن.. كان من العملاء المكشوفين.. حيث شابتْ حوله الشبهات، منذ أن كان في السماوة في فترة الجبهة، وفي كردستان تعرض إلى موقف مفضوح.. في سوران.. حينما أبيدت مفرزة كاملة كانتْ معه، ادعى حينها إنه اختبأ في مرحاض الجامع ولم يكشفه الجيش.
في بهدينان اكتشفه الشهيد أمين ـ عادل حجي قوال، حينما شاهدهُ في إحدى الجولات في دشت سينا.. يلتقي بعنصر أمني.. وينطلق من بيته، في محطة أولى تستقبله في مهمة نقله إلى الداخل.. أبلغنا حينها أبو سيروان ـ حاجي سليمان.. الذي كان سكرتيراً لمحلية نينوى بالموضوع.. بدوره أبلغ المكتب السياسي.. بعد مجيء أبو يوسف ـ سليم إسماعيل لقيادة الإقليم.. أبلغته بالموضوع وسلمته نص رسالة الشهيد أمين قال لي:
إنّ المكتب السياسي قد أخذ هذه المعلومات بنظر الاعتبار.
لكنّ الذي حيرني، كيف يعود أبو هيمن للداخل من جديد؟ لهذا بدأتُ اشك بوجود أناس آخرين في قيادة الحزب.. يسهلون تملص أبو هيمن.. من إجراءات الاعتقال أو التحقيق الجاد معه، مما دفعهُ للتمادي في التصرف إلى الحد.. الذي أصبح يأتي إلى مقر مراني.. بسيارة دبل قمارة، ماراً بدهوك وزاويته وسواره توكة وإسبندار وسواري، في الوقت الذي كانت فيه السلطات قد منعت مرور الآليات.. بما فيها الجرارات الزراعية.. لهذه المناطق.. في نطاق حصارها الأمني والاقتصادي.. في نفس السياق كانت هذه الإجراءات تطبق على قرى دشت سينا وشاريا.
طلبتُ من بيت مام عبدال.. أنْ يطلبوا منه عند عودته جلب طحين ورزْ وحاجيات أخرى، حينما عاد أبو هيمن.. جلب معه كميات جيدة من المواد الغذائية.. في حوض السيارة الخلفي، مرّرها بسهولة، كان يجلب أيّ شيء يطلب منه.
أمّا أبو علي ـ حمه شريف، عضو اللجنة المركزية، الذي هو عم زوجة أبو هيمن فقال لي:
عندما كان في الداخل، تولدت لديه قناعة راسخة عن تعامل أبو هيمن مع أجهزة الأمن، وقد صارح أبو فاروق بالموضوع وأكد له، إنّ بيتهُ مراقبٌ وعليهِ أنْ ينتبه لأنه وجدَ أبو هيمن في الشارع بالقربِ من بيتِ أبو فاروق، أثناء خروجه من لقاء حزبي، تكررت مشاهدة أبو هيمن مرتين، لكنّ أبو فاروق لم يتعظ.
الأسوء من هذا قال أبو علي:
إنه قد كتب رسالة لـ (أبو سعود- عزيز محمد)، يقترح فيها التخلص من العميل أبو هيمن، لكن أبو سعود أو غيره من قادة الحزب قد سَرّبَ الرسالة لأبي هيمن، وحينما التقى به " بالصدفة " في أحد شوارع بغداد فاتحه معاتباً:
ها.. أبو علي مو عيب تريد أن تقتلني مو آني نسيبك؟
ويبدي أبوعلي استغرابه من هذا التصرف.. من قبل قيادة الحزب، وأرجو من أبو سعود أن يقول كلمته في هذه المسألة.. ولا يدعها غامضة، فهذه مسؤولية أخلاقية.. تتطلب منا أن نكشف الحقائق للتاريخ والأجيال القادمة..
استكمالا ً للمعلومات عن أبو هيمن.. التقيت بشقيق زوجته في دمشق، أكد لي إنّ شقيقتهُ قد كشفت صلة زوجها بالأمن.. وأبلغت الحزب، وأكدَ لي.. حينما كان يذهب أبو هيمن إلى كردستان، كانت أجهزة الأمن تحتجزُ ابنه رهينة ً لحين عودته، وقد انفصلت عنه زوجته، وهو الآن مقيم في السويد ويعتبر من حالات الاندساس الخطيرة التي نفذت من العقاب والمحاسبة بسبب الوضع الأمني البائس والمائع لقيادة الحزب).
أردتُ من خلال هذه الاقتطافات.. أنْ أختصر المسافة بيني وبين القراء.. عن هذا الدعيُ "اليساري" كي لا تفوت الفرصة على الذين يجهلون هوية الكاتب الحقيقية ولسوف ادعم ذلك بما وجدته في مواقع المقاومة /البعثية/ الفاشية/ الإرهابية، مما كتبه بنفسه السيد عدنان الطالقاني، لنرى العجب العجاب.. حيث تندمج "يسارية الكاتب" مع بقايا مخلفات البعث، في تمجيد المجرم المقبور صدام حسين وقوى القاعدة والإرهاب.. ليكون هذا الخليط العجيب من المشوهين، من أمثال هذا "اليساري" الذي نصبَّ نفسه قائداً وموجهاً لليسار، فبئس اليسار وبئس حتى يمين اليمين.. إنْ كان ناطقهُ الخائن أبو هيمن.. ولذلك الذي يدعونَ وجوده في العُلا في خلقه شؤون..
الاقتباس الأول..
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
بطاقة تهنئة من القلب إليكم
شبكة البصرة
أخوكم ورفيقكم
عدنان الطالقاني
شبكة البصرة
الاثنين 14 ذو الحجة 1428 / 24 كانون الأول 2007
نداء من اللجنة التحضيرية للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد صدام حسين
الاقتباس الثاني..
إن اللجنة التحضيرية الخاصة بإعداد سلسلة احتفالات وكافة النشاطات التي تحيي ذكرى اغتيال القائد الوطني والقومي سيد شهداء العصر صدام حسين، بعد أن درست الاقتراحات المقدمة من العديد من الجهات، تهيب بكافة الوطنيين العرب وبالأخص العراقيين منهم، أن يبادروا للقيام بفعاليات بهذه المناسبة البارزة، ونضع بين أيديهم بعض المقترحات أملين منهم إضافة ما لديهم وتحديد ما يخططون له، وأعلامنا بالنشاط الذي يمكنهم القيام به، وإرسال الردود إلى شبكة البصرة المناضلة، أو إلى أعضاء اللجنة مباشرة، خلال أسبوع من تاريخ نشر هذا النداء لأجل إقرار البرنامج العالمي النهائي والرسمي والشروع بتنفيذه، مع شكرنا وتقديرنا لكل مبادرة .
اللجنة التحضيرية:
1 ـ صلاح المختار رئيس اللجنة
2 ـ بثينة الناصري عضو
3 ـ إيمان السعدون عضو
4 ـ د. سعد قرياقوس عضو
5 ـ دجلة وحيد عضو
6 ـ عدنان الطالقاني عضو
7 ـ عبد السلام ولد حرمة عض
الاقتباس الثالث.. الطيور على اشكالها تقع..
تعالوا "نتضامن" مع هذا الدعي، الذي لم يقبل به تنظيم مشبوه يقوده المشوه المرادي، ونشر خبر تخليه عنه وطرده من بين صفوفه في هذا الإيضاح المختصر..
إيضاح....
يعلن الحزب الشيوعي العراقي - الكادر عن طرد عدنان طالقاني والذي كلف من قبل التنظيم بالمشاركة في إحدى المؤتمرات المناهضة للإمبريالية الأمريكية - الصهيونية
ومع ذلك يصر صاحبنا على أنْ يتحدث باسم اليسار ويطرح نفسه البديل الحقيقي من خلال (خيار المقاومة.. ونحن باعتبارنا، قوة سياسية شيوعية، تعمل ضمن، إطار الحزب الشيوعي العراقي... كوننا، قوة شيوعية، تتداخل في عملها ونشاطها، السياسي والتنظيمي، ضمن إطار الحزب الشيوعي العراقي، ونحن لسنا منفصلين عن كيان الحزب التنظيمي ووفق خطتنا التي اعتمدناها للعمل والنشاط).
كما كان "يقاوم "الدكتاتورية من داخل صفوف المعارضة بالانبطاح والزحف على البطن، يا لها من مقاومة !!!...
ويلجأ للأكاذيب وتزوير الوقائع بعد أن رجحت كفة تعاونه من السلطة كما قال الراحل توماس: (كانت آخر مرة جاء إلى كردستان خريف 1985 بغية المشاركة في المؤتمر الرابع، ولم يسمح له لأسباب أمنية)..
إذ ْيقول :
(الاعتبار الثاني: كوننا رفضنا، منهج وسياسة الحزب، منذ انعقاد المؤتمر الرابع عام / 1985 الذي شكل مرحلة الانعطاف والانحراف والارتداد، في سياسة الحزب وصولا بهذا الانحراف، إلى منهج شكل الخروج كليا، عن المبادئ، والأهداف الحقيقية للحزب الشيوعي العراقي، والتي رسمها واقرها ما سمي " بالمؤتمر الثامن " حيث جدد هذا المؤتمر سيطرة قيادة -حميد البياتي - والتابعين لهذا المنهج الخطير والخياني بامتياز) ..
يا للمسخرة حينما يتحدثُ الطالقاني عن الخونة بامتياز!! إنه يتحدث عن نفسه ومن هم من صنفه بامتياز مطلق، من خلال ما يعرف بعلم النفس بالإسقاط الاجتماعي، إذ يرحل صفاته للآخرين، ولا يستطيع تجاوز الزمن كشاهد تاريخي يؤرخ للخيانة، خيانته هو، حينما يعود لتلك الأجواء، قبيل المؤتمر الرابع، التي استبعدت الشبهات الأمنية مشاركته في المؤتمر فتحول بنظره إلى مؤتمر (شكل مرحلة الانعطاف والانحراف والارتداد، في سياسة الحزب).
لينتقل بعدها إلى غايته وهدفه في عزل الحزب الشيوعي من خلال: (قبل الخوض في مفهوم " الدولة الديمقراطية" وجمالية وجاذبية هذه التسمية. يتوجب علينا، ان نعرف حقيقة، وتاريخ ومنهج وسلوك ومواقف" أطراف الدعوة الأساسين)..
ويجري عملية مقارنة بائسة بين (المجاهد والمناضل الشيوعي - حميد مجيد البياتي - انه أصبح في موقع ابن لادن)..
ويوسع من رقعة شتائمه.. لتشمل جميع المنادين بالدولة العلمانية المدنية ويعتبرهم:
(يا خدم الإمبريالية.. اتحدوا من اجل " بناء الدولة الديمقراطية المدينة).
ويركز في مهاجمته للشيوعيين على الصفحات المشرقة من تاريخهم ومواقفهم بتسخيفه للكفاح المسلح ضد الدكتاتورية واصفاً الأنصار/ الثوار بالجرابيع الباحثين عن الفطائس (حقيقة " تمساح اهوار الجنوب من إنها " سلحفاة تختبئ في بردي الاهوار... وان نمر كردستان ظهر انه " جربوع سائب، يبحث عن فطيسة في وديان جبال الشمال.. وأخيرا نجد " عزيزينا "* في زريبة المحتل على حقيقتهم بدون رتوش).
لست أدرى من هو الجربوع؟ يا سيد عدنان.. البيشمركة الأبطال.. الذين تحدوا الدكتاتورية الفاشية.. وجيشها وأسلحتها الفتاكة.. ببطولة وشرف نادرين.. يعرفها القاصي والداني.. أمْ سيدك الجرذ؟ الذي وجدوه في تلك النكرة النتنة.. تسرح وتمرح في لحيته أسراب القمل.. بعد أن سلم الوطن لمن تسميهم الغزاة.. لقد وصلتني يوم أمس.. رسالة من الصديق الكاتب يوسف أبو الفوز.. جاء فيها:
(دائما اذكر يوم معركة كانيكا وأسال نفسي وأقول:
لقد تحدينا صدام وجيوشه، هل سينصفنا التاريخ؟ هل سيعتبرونا مغفلين؟
إنّ قناعتنا ومبادئنا التي أمنا بها جعلتنا، أنا وياسين وجنان، يوم كانيكا نواجه أكثر من ثلاثين جحشاً بدون أي خوف وتردد ونقاتل وقوفاً).
لما لا تسأل نفسك، لماذا اختفى الجيش العقائدي في لمحة البصر؟! وتلاشى جيش القدس؟! وتبخرت فيالق الحرس الجمهوري؟! وبقية تشكيلات الجيش الشعبي؟! ومفارز البعثيين؟
أين كانوا حينما.. دخلت الدبابات الأمريكية.. لتتوقف على الجسور.. وسط بغداد لمدة يومين كاملين؟! أين كانت طائرات جربوعك الرئيس الفطيس؟!!
أين.. أين؟
تلك أسئلة تتهرب منها، لا تسألها لأنك تعرف إنّ الجرابيع الحقيقية كانت تصطف في أرتالٍ.. لا لشيء إلا لتسليم البلد بكامل عدته لمن دخل الحدود، يزحف نحو بغداد، ويتقدم ساعة بعد ساعة، بعد أن قرر القائد العام للقوات المصلخة، الاكتفاء بمقاومة وزير العلوج ـ محمد سعيد الصحاف الإعلامية.. الذي كان يصرخُ من شاشات التلفزيون، ينشر الأكاذيب على الناس، لحين اختلاط أصوات الجند الأمريكيين بنباحه في مؤتمره الصحفي الأخير، ليفر وينزوي كبقية الجرذان والجرابيع البعثية الذين استسلموا واحداً بعد الآخر للقوات الغازية/ المحررة من دون مقاومة.
لماذا يا سيد عدنان؟ الجواب ببساطة لأن الجرابيع تجيد الهروب والاختفاء، ولا تفكر بالمقاومة فمن هو الجربوع الأنصار/ البيشمركة؟ أمْ سادتك البعثيين المهزومين المهرولين؟!!
مع ذلك أنت تبرر إرهاب صدام وتقلل من شأنه (وأخيراً أصبحنا في كهوف الجبال ومشردين، في مختلف بلدان العالم، ولمن استطاع للهرب سبيلا، وفي مقدمتهم كانت قيادة الحزب، وبسبب إرهاب البعث، وكما أراد أن يبرره بعض، الانهزاميين والخونة والجواسيس، ولكن الحقيقة.. هي بسبب الأجندة الخفية التآمرية، التي تحاك في الغرف المظلمة من دوائر المخابرات ذات النفوذ، في كيان القيادة السياسية للحزب، بأعلى هرم الحزب، وليس الآن مجال كشفها كلها لاعتبارات كثيرة، ولكنها معروفة ومشخصة لنا جيداً بالصوت والصورة وبالفعل الملموس).
يا لعجبي على هذا الاعتراف من قبل السيد عدنان ها هو "يتحاور" بطريقة أسياده البعثيين.. ويهدد بما تمتلكه أجهزتهم المخابراتية من تسجيلات صوتيه وصور لم يحن الوقت لكشفها.
الذين مطلعين على الموضوع يدركون إنه يقصد بذلك ما فعله النظام من خلال شبكات مخابراته لتخريب بعض من تنظيمات بغداد للحزب الشيوعي العراقي، أثناء عملها في الداخل، وهو ليس سراً اليوم، لقد رحل النظام وزبانيته إلى غير رجعة بعد أن استقبلتهم مزابل التاريخ، وبقي الشيوعيون يناضلون من اجل المجتمع المدني والديمقراطية في العراق.
هذا ما يغيض الطالقاني ومجموعته.. التي يدعي تواجدها في صفوف الحزب الشيوعي العراقي اليوم، نقول له من باب التحدي.. هات ما عندك من صور ومخلفات تهدد بها من تشاء، لكن اعلم إن المسيرة لن تتوقف وسيبقى الشيوعيون.. ومن معهم من أنصار.. نداءْ مدنيون.. يكافحون ويكدحون من اجل المستقبل الديمقراطي بخطوات واثقة تشدهم للأمام.
أما أنت فتستطيع أن تعيش بقية عمرك على الأكاذيب.. ونتائج الحروب المدمرة لتقنع نفسك بانتصاراتها الوهمية (واستمرت الحرب إلى أن انتصر العراق فيها، وبعد ثمان سنوات).. والنعم خوش انتصار!! ... وتستطيع أن تراهن..
(الآن أراهن مع كل الشيوعيين واليسار على " عليّ شيش أو بزن " من أن المقاومة العراقية، ستنتصر حتما على العدو المحتل وعملائه)..
من بكره إنشاء القائد عزوز.. بمساعدة من قوى الإرهاب والدجل. كما تحلمون!!
وتستطيع أن توجه التهم بالخيانة والعمالة لمن تشاء (فلن نقبل من أي شيوعي كان أن يجادلنا في هذا العمل الخياني الخطير والكبير)..
خونة ويتحدثون عن الخيانة بلا خجل!!
وتستطيع أن تهذي وتدعي بصراحة كما تقول (والجماهير في الشارع العراقي، تصرخ بأعلى صوتها عن أحزانها ومآسيها، فقرها، وعوزها، انعدام أمنها، لا نريد الديمقراطية)..
من هذا نقرأ على الجدران كل يوم عبارات تسقط الديمقراطية، كما كان يكتب في عهد البعث المقبور يسقط أبطيحان.. يسقط خلف.. يسقط صدام!!
أو تصف الشيوعيون بـ (الجيل الشيوعي الإمبريالي الجديد) ... والآتين من زمر القاعدة بـ (المجاهدين من العرب والقوى الثورية لمقاومة الاحتلال)..
في موقف غريب عجيب ناجم من حالة خلط متعمدة للأوراق والمفاهيم والقيم يدعي الوقوف على ثوابت يلخصها برفض الدستور والبرلمان والقرارات الدولية ويعتبر المقاومة الممثل لشرعي الوحيد للشعب العراقي والسلطة الشرعية هي النظام السابق بكافة مؤسساتها وعناوينها بما فيها شرعية الرئيس عزة الدوري (وينه عزوز يا سيد عدنان) لحين القبول بشروط المقاومة المثبتة في برنامج الجهاد والتحرير التي تتقدم نحو تحقيق النصر القريب جداً ما راحْ نشلعْ مثل ما شلعوا ربعك، إليك الرابط عن مقاومة البعثيين الحقيقية ويمكنك أن تتمتع بمشاهد حية وموثقة عن بطولاتهم المزعومة
http://fr.youtube.com/watch?v=65VbfLuEk54)
ونرفض الانتخابات والمشاركة في العملية السياسية (لعد شتريدْ) ونحن طرف سياسي وحلفاء أساسيين مع حزب البعث العربي الاشتراكي (مبروك.. لكن لستم حلفاء للبعثيين.. بل أنتم بعثيون.. والصحيح.. الصحيح.. للدقة.. وتأكيد الوصف.. من أذناب البعثيين.. والذنب في العربية.. إن كنت لا تعلم.. هو الذيل.. وجمعها ذيول.. وهذه تتواجد في مؤخرات الحيوانات.. والخيول.. والكلاب.. ومنها اشتقت تسميتكم السياسية.. جرابيع البعث ومفردها جربوعْ) ولا نعادي أي جهة تعمل ضد الاحتلال وونعمل بصراحة تامة في الحوار، وتبادل الأفكار.. كما تبادلتها بالتهديد والوعيد وكومة الشتائم في هذا النداء!!
و(النقطة الأخيرة ندرجها للاستدراك إلى كل من يريد " أن يناقشنا على موقفنا من حزب البعث العربي الاشتراكي " نقول له: إذا كان حزب البعث، أخطر على شعبنا، في أمنه واستقراره وحريته واستقلاله، من الاحتلال والاستعمار وبالصورة الراهنة ... فنقول له بدون تردد أو خوف أو مجاملة، فنحن مع حزب البعث العربي الاشتراكي إلى آخر الدنيا)..
ونختتمُ بألف مبروك لهذا الاعتراف، فمن لا يحرص على ابنه اليافع ويدعه رهينة بيد المخابرات.. كما كان يفعلُ السيد عدنان الطالقاني- أبو هيمن، لا يحقُ له البكاء.. وادعاء الحرص على الوطن.. ومصالح شعبه، ناهيك عن احقيته بالتحدث باسم اليسار واليساريين..
يا لهذا الزمن الأهوج.. كم ينجب بشراً.. من أمثالك.. فاقدين للوجدان والضمير.. يتحدثون بلا حياء.. وينتحلون الأسماءَ.. والصفات َوالأشياءَ.. يا سيد عدنان..
ـــــــــــــــــــــــــ
صباح كنجي
بداية آذار2008
*للمزيد من المعلومات راجع ما كتبه الراحل توما توماس عن أبو هيمن ومعركة قزلر
http://www.yanabeealiraq.com/politic_folder/toma-thomas21.htm
* لمن يرغب في قراءة ما كتبه الطالقاني يمكنه فتح الربط التالي
http://www.iraq-ina.com/showthis.php?type=&tnid=24389
* يقصد بعزيزينا كل من عزيز محمد السكرتير الأول السابق للحزب الشيوعي العراقي وعزيز الحاج الذي تزعم القيادة المركزية.
* شاهد شريط مقاومة جيش البعث لقوات الغزو والاحتلال
http://fr.youtube.com/watch?v=65VbfLuEk54
رسالة الشاعر طارق سعيد الحلفي.. النصير أبو احسان..
قوّا تنظيم حزبكم قوّا تنظيم الحركة الوطنية / فهد
سأختصر القول في ملاحظاتي على منشوركم الخاص بمسألة المشاركة في الانتخابات..
اعتقد ان الخلل الأول الأخير هو في طموح الحزب ليكون حاضرا في كل الفعاليات السياسية.. انتخابات، تظاهرات ادانات وحتى التهاني الى (امام العصر.. الخ..) دون تقييم موضوعي للقدرات والمقومات التنظيمية داخل الحزب التي تؤهله او
تمنحه الجدارة والقابلية على تأسيس قاعدة نشيطة وفاعلة لإدارة هذه المشاركة وترسيخها والتغلب على مصاعبها وحل المشكلات الطارئة او المعيقة لإنجاحها بل والفوز المؤمل منها.
لنا في مقولة العظيم فهد: قوّا تنظيم حزبكم قوّا تنظيم الحركة الوطنية... مرشدًا باهرًا وحاسمًا.. لو تمسكنا به لما وصل الحال بنا الى ما وصل..
فكما تعلمون انه بدون تنظيم قوي وفاعل سيظل حديثنا في البحث عن الأسباب في فشل مشاركتنا او خسارتنا مجرد لغو.. (من دون اغفال الظروف الموضوعية المحيطة باي عملية مشاركة سياسية او جماهيرية. ومنها تلك التي اشرتم اليها في النقطة 1 والمتمثلة في العملية الانتخابية ككل ابتداء بالقانون الانتخابي واللجنة. الخ)
ان ملاحظات الرفاق العامة بالرغم من أهميتها وعدم التقليل من شانها تظل بلا جدوى بدون الاخذ بنظر الاعتبار قدرة القيادة الحزبية على خلق ظروف فاعلة ودينامية لتحريك الوضع التنظيمي وتقويته وتوطيده وعدم اعتباره نشاطًا موسميًا.. كما حصل في الحملة الانتخابية.
ان تقوية تنظيم الحزب يجب ان تكن سابقة وسباقة على كل الفعاليات بما فيها تقوية تنظيم الحركة الوطنية..
ان شعار العظيم فهد لم يأتِ اعتباطيا.. بل تكمن فيه نظرة ثاقبة واستشراف لا مثيل له (.. وانا اراه متجسدا الان في كل نشاط من أنشطة التحالف.).. في الحين نجد اننا نغلّب في أحيان ما.. ان لم اقل في معظم الأحيان الحركات والأحزاب على مصلحة الحزب.. وللتوكيد على ذلك بشاعة التحالفات التي مر بها الحزب منذ سقوط النظام حتى اخرها المدعو قيم..
ان تقيما حريصا ومسؤولا للتحالفات والقوى والمنظمات المتحالف معها التي اقمناها سيكشف عرينا التنظيمي بجدارة..
اننا نكاد نتشبث بكل دعوة تحالفية تصل اسماعنا.. بلا قراءة موضوعية او مسؤولة لشروط واستحقاق هذه التحالفات والمتوخى منها والنتيجة المتوقعة ومردوداتها التنظيمية.. وكأن الحزب يتوسل الاخرين لإشراكه.. اللعنة!
وحتى بيانات وتصريحات التقييم لأسباب الفشل الذي نعاني منه التي خرج بها الحزب او بعض قياديه لم تكن سوى تقييمات هزيلة وانشائية ومتناقضة وتبريرية (يمكن مراجعة تصريحات قياديين في الحزب) في الغالب.. لأننا وللأسف لا نجرأ على قول الصدق حتى لأنفسنا.. بل والأكثر من ذلك اننا نلقي اللوم على الظروف والأوضاع التي يعيش بها العراق وكأننا اكتشفنا هذه الأسباب فجأة.. او انها ظهرت هكذا فجأة ودون سابق انذار او معرفة.. بالرغم من انها امامنا منذ ان
خلقنا.. وهي في متناول اليد والفهم والنظر لكل مراقب بل وحتى لابن الشارع البسيط كادحا كان او تلميذا.. فكيف لحزب عريق كان يقرر اتجاه ومسيرة الأحداث التي يشارك بها (من دون اغفال الواقع المتبدل والأوضاع المختلفة)؟
ان التقييم الجاد والموضوعي لنشاط الحزب التنظيمي.. وأكرر التنظيمي هو السبيل الوحيد والعملي ليس فقط لنجاحنا في الانتخابات بل وفي كل عمل يشارك فيه الحزب او يسعى للمشاركة فيه..
ــــــــــــــــــــــــ
طارق الحلفي.. النصير أبو إحسان
المانيا
31 آذار 2024.. اليوم الأخير في حياة الحزب الشيوعي العراقي
غدير رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 7917 - 2024 / 3 / 15 - 22:49
هذه رسالة ودعوة من محب وصديق للشيوعيين العراقيين ومن المعجبين بالدور الكبير الذي لعبه الحزب منذ ثلاثينيات القرن العشرين إلى منتصف السبعينيات منه، إذ كان للحزب دورا كبيرا في الثقافة العراقية وفي تنمية العقل العراقي وخرج من رحمه الكثير من المبدعين العراقيين من اعضائه أو اصدقائه او من المتأثرين به، ويكاد الحزب أن ينفرد بهذه الظاهرة حيث إن أغلب مثقفي العراق وأدباءه وشعرائه ومفكريه تأثروا بأفكار الحزب وتضحياته.
ولا ينكر أي منصف التضحيات الكبيرة التي قدمها الحزب من أجل العراق ووطنيته العالية في التعامل مع القضايا العراقية ويكفيه فخرا إنه الحزب العراقي الوحيد الذي يطبق في خلاياه الحزبية الوطنية العراقية من خلال أعضائه من مختلف القوميات والأديان والمذاهب منذ نشأته ولم يتأثر بالنزاعات الطائفية والقومية.
وهذا لا يعني عدم وجود أخطاء في سياساته وهي غير قليلة ولكن ما يُحسب له إنه كان يدفع الثمن لوحده بخلاف الأحزاب الأخرى التي ادت أخطائها إلى تدمير الوطن مثل البعث قبل 2003 والإسلاميين بعد 2003 .
وكما تلاحظون إننا عندما نتحدث عن منجزات الحزب نستخدم صيغة الماضي وليس الحاضر، وهذا هو موضوعنا.
قد يقول البعض لماذا التركيز على الحزب الشيوعي وهو أقل الأحزاب ضررا بالمصالح الوطنية مقارنة بالأحزاب الإسلاموية الشيعية والسنية والأحزاب القومية الكردية، وهو سؤال مشروع لحقيقة معروفة، والجواب إن نسبة غير قليلة من الشعب العراقي كانت تعول على الحزب الشيوعي وكما عرفوه أو سمعوا عنه أن يكون له الدور القيادي في محاربة الفاسدين خاصة وإن أغلبية الشعب العراقي هم ضد هذه الأحزاب وهو ما لم يفعله الحزب وقد حاول العديد من كوادره تعديل مسار الحزب ولكنهم فشلوا والكثير منهم يعرف اسباب الفشل ولكنهم يفضلون السكوت حرصاً منهم كما يعتقدون على تاريخ الحزب كونه جزء من تاريخهم الشخصي الذي أفنوا شبابهم ومستقبلهم ومستقبل عوائلهم من أجله، وهو الموقف الذي أراه غير علمي وأدى إلى مزيد من التدهور في سمعة الحزب لدرجة تشكيك الكثير من العراقيين بتاريخه بل وتزايد الهجمات والاتهامات عليه دون رد من قيادة الحزب لذلك أصبح هؤلاء المخلصون للحزب كالنعامة يخفون راسهم في الرمال يرغبون بقول الحقيقة من جهة ويمتنعون عن ذلك حرصا على سمعة الحزب وتاريخه وهم المنبوذين من قيادة الحزب. ولكوني لست شيوعيا لذلك فأنا اشعر بحرية أكثر وأنا متأكد إنني أعبر عما يدور في عقول الكثير من الشيوعيين بما فيهم من اضطر ولازال لمجاراة قيادة الحزب.
ولغير الشيوعيين من العراقيين أزعم إنني أدافع هنا عن تاريخ مجيد قرأنا عنه وعشنا بعضه ولكيلا تُعمم أخطاء الحاضر على تاريخ الحزب ولكيْ لا يظلموا الألاف من الشيوعيين ممن قدموا حياتهم من أجل الوطن ولكي يفهموا إن السمة الأساسية للحزب كانت وطنيته العالية.
وللشباب العراقي أعتقد إنني أنبههم على حركة فكرية اجتماعية هي الشيوعية وهي فكرة عبقرية لازالت حلماً لكل الفقراء في كل مكان رغم تشويهها على يد أفراد في الإتحاد السوفيتي أدت أعمالهم إلى سقوطه وهو نفس ما يحصل للحزب الشيوعي العراقي.
ما يرد في هذه المقالة حقائق مبنية على أدلة ومع ذلك تجنبت ذكر الأسماء ابتعادا عن الشخصنة والفهم الخاطئ للنوايا بالرغم من إن الأمانة العلمية تتطلب ذكر الأسماء. أما الإشارة المتكررة لاسم السيد (حميد مجيد -أبو داوود) فهي اضطرار لا مجال للتغافل عنه لكونه القائد الفعلي للحزب منذ منتصف التسعينيات ولحد اليوم وهو يمثل نموذجا يستدعي التحليل العلمي السياسي والاجتماعي والنفسي لكون للرجل تاريخ نضالي لا يصح نكرانه لذلك فإن الإشارة له هي انتقاد لمواقفه وليس لشخصه وهو حق مشروع لكل شيوعي أو عراقي لأن لمواقفه تأثير كبير على مصلحة الوطن وهو شخصية عامة من حق أي شخص إنتقاد مواقفها.
إذن.. منذ 2003 أتيحت للحزب فرصة نادرة تمثلت بحرية واسعة لم تتح له حتى في زمن النظام الملكي، بل لم تتح لأي حزب شيوعي في المنطقة العربية في أي وقت، ولكن ماهي النتيجة؟
الجواب ظهر بنتائج انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة في 2023، إذ لم يحصل الحزب حتى على مقعد واحد بينما حصل أفراد مستقلون من التيار المدني على بضعة مقاعد. لا يمكن لحزب يتسلح بنظرية علمية أن تمر عليه هذه الحالة أو الصدمة دون أن يتوقف عندها لفهم الحقيقة وليس للتبرير كما تفعل قيادة (أو إدارة) الحزب الآن من خلال دعوتها للأعضاء في نشرة داخلية لعدم القسوة في التحليل.
ما حصل هو نتيجة لا يتحمل وزرها إلا قيادة الحزب وأعضائه، أي الظروف والعوامل الذاتية حصرا وليس العوامل الموضوعية الخارجية أو الخارجة عن إرادة الحزب. حرية واسعة، وأحزاب فاسدة، وشعب ناقم يبحث عن التغيير ووسائل تواصل اجتماعي لا مثيل لها وكلها فرص لم تتح لفهد أو سلام عادل وهما القائدان الكبيران اللذان أثبتا براعتهما في قيادة الحزب ويمثلان مرحلتين مهمتين في حياة الحزب.
عشرون عاما من الحرية والحزب في تدهور في مواقفه ودوره السياسي فما هو السبب؟ بل ما هو جذر المشكلة؟
السبب يعود في رأيي إلى آب 1964، أي خط آب عندما إنصاع عدد من قيادات الحزب لإرادة السوفييت وقرر الحزب الانضمام للاتحاد الاشتراكي متناسين دماء الآلاف من رفاقهم في مجازر شباط 1963، ثم وبأوامر أيضاً من السوفييت تحالف الحزب مع البعثيين في 1973 ضد رغبة الأغلبية العظمى من أعضائه خاصة ولإن التحالف كان مع الملطخة أيديهم بدماء الشيوعيين لذلك نسى الحزب شهداؤه في 1963 لدرجة لم يكن يجرؤ على ذكر ما حدث فيها أيام الجبهة حتى حدوث كارثة 1979 عندما أبلغ أعضائه أن يدبر كل واحد منهم حاله مع سلطات البعث ودفع الثمن آلا ف الشيوعيون وعوائلهم.
ومنذ بداية الثمانينات إلى نهايتها تمثل نشاط الحزب بركنين أساسيين هما: حركة الأنصار وتنظيم الداخل، وخلال تلك الفترة ظلت القيادة على منهج آب المرتكز على المساومات والمصالح والعلاقات وكلها بعيدة عن طبيعة الفكر الشيوعي الثوري. فدخلت قيادة الحزب في جبهات متنوعة لا طعم لها بل ومتناقضة (جود و جوقد) دفع ثمنها رفاقكم في الأنصار، كما أصرت القيادة على إنشاء الحزب الشيوعي الكردستاني ضد إرادة أغلب أعضاء الحزب وانسجاما مع النهج القومي للبارتي بل إن قيادة الحزب سبقت حتى القوى الإسلامية الشيعية في التنازل للبارتي وإلا كيف تفسرون وجود حزبين شيوعيين في بلد واحد فيه صراع قومي، والنتيجة هي إنهاء الشيوعية في كردستان بعد إن كان لها القدح المعلى على التفكير القومي، وانتهى دور الشيوعيين تماما في كردستان حتى إن الكرد يطلقون عليه الآن (الحزب الشيوعي الكردستاني..... لصاحبه البارتي).
ما حصلتم عليه ـ والكلام هنا لقيادة الحزب - هو قطع أراضي من البارتي لأعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي باعها الرفاق بأسعار عالية كونت لديهم رأسمال لما سيمارسونه من أعمال تجارية لاحقا.
وفي قطاع اليكتي-السليمانية- تنازلتم عن حقوق شهداء بشت اشان بطريقة مشينة مخجلة لا تليق بقيادة شيوعية يُفترض أن تتميز بالجرأة والشجاعة، والنتيجة ردود أفعال سلبية للرفاق دفعتهم للهجرة إلى الدول الرأسمالية فخسر الحزب خيرة شبابه الذين أصبحوا إما موتى أو مهجرين.
في المقابل حصل أعضاء اللجنة المركزية على قطع أراضي من اليكتي باعوها بأسعار عالية لتضاف لرأسمالهم السابق حفزتهم للتحول إلى رأسماليين صغار كما سيظهر لاحقا.
أما تنظيم الداخل والذي عمل فيه عدد من الشيوعيين الأبطال منذ بداية الثمانينات إلى الربع الأول من التسعينات فلم تتعاملوا - كقيادة شيوعية - مع التنظيم كما كان يتعامل فهد أو سلام عادل لدرجة إنكم عاقبتم من أصر على العودة للداخل لتبليغ رفاقه وأنصار الحزب الذين عمل معهم بأنه انسحب إلى كردستان ليتيح لهم الفرصة ليرتبوا أمورهم، ولكنكم كقيادة كررتم مبدأكم في 1979، وهو ليدبر كل رفيق أو صديق حاله، مما أدى إلى ردود فعل سلبية لأنصاركم في الداخل الذين فتحوا بيوتهم لرفاق الداخل وخاطروا بحياتهم وحياة عوائلهم ولم تكلفوا نفسكم حتى السؤال عنهم لذلك لم يستقبلوكم عندما عدتم في 2003 رغم فرص الامتيازات التي كان بإمكانهم الحصول عليها لكونهم من شيوعي فهد وسلام عادل.
وفي نفس المرحلة وأنتم في كردستان، انشغلت بعض القيادات الرئيسة في الحزب في أعمال تجارية ما بين النصف الثاني من التسعينيات إلى 2003 وانشغلت القيادة بالعلاقات ومؤتمرات المعارضة ونسيتم الداخل تماما.
إذن لنلخص ما سبق بدأتم بالانصياع الكامل للسوفييت ولم تدركوا أو تعترفوا إن الإتحاد السوفيتي دولة كبرى يتناطح مع أميركا والغرب وأنتم بالنسبة له مجرد رقم لا قيمة لكم كما أكد (بريماكوف) الذي قال لكم إن (صدام) قدم للعراق أكثر مما قدمتم، ولم تدركوا إن ما يريده السوفييت من العراق هي الأموال والبزنس فقط لأنه يعرف إن العراق من حصة أميركا سياسيا ولوجستيا والمجال المسموح به للسوفييت هو المال فقط وهو ما كان يحتاجه السوفييت لذك قبضوا ثمن تضحياتكم و(ديات) الشيوعيين العراقيين منذ 1963 إلى نهاية الثمانينات.
الغريب إن الكثير من قادة الحزب المعروفين بنضالهم وبطولاتهم توفوا وهم مؤمنون بأن العقل السوفيتي الشيوعي لا يمكن مناقشته واسكتوا بحسن نية وبقناعة كاملة من حاول من المسؤولين عن تنظيم الداخل انتقاد السوفييت واعتبروه كفرا، أي إن الانصياع للسوفييت اصبح صنف دم أعضاء القيادة كما تنصاع القيادات الإسلاموية الشيعية لإيران وتُغّلب مصلحتها على مصلحة العراق.
طبعا لا يمكن أن نتجاهل امتيازات السوفييت للقيادات الرئيسة في الحزب ومنها إلحاق أبنائهم بمدرسة خاصة جدا والمتميزة بمستواها الراقي وقد لا يعرف الكثير من الشيوعيين إن أبناء بعض قيادات الحزب تعلموا في تلك المدرسة وحصلوا على شهادات مرموقة فيما حرم الكثير من الشيوعيين الخريجين من إكمال دراستهم بسبب التحاقهم بحركة الأنصار.
كما وفر السوفييت للقيادة الشيوعية فرص التمتع بإجازات في المنتجعات المخصصة للقيادات في روسيا والتي يتوفر فيها شروط وظروف صحية ومعيشية إمبراطورية وتُجرى لهم فحوصات طبية دقيقة.
كذلك سنت قيادات خط آب سنُة جديدة وهي إعداد قيادات على نمطها لذلك لم يكن اختيار (حميد مجيد ـ أبو داوود -) سكرتيرا للحزب في المؤتمر الخامس انتقاله نوعية أو تجديدية كما اشيع في وقتها، بل وكما أكد أحد كبار قادة الحزب التاريخيون إنهم كانوا يهيئونه لقيادة الحزب لسنوات بعد أن تدرب على أيديهم وفهم اللعبة جيدا وظل على نهجهم.
عادت قيادة الحزب إلى بغداد في نيسان 2003 وهي محملة بتجارب المساومات والامتيازات والعلاقات مع القوى السياسية بدون أن يكون لهم قواعد لا في الدخل ولا في جبال كردستان، ومع وجود أغلب القيادات من أعضاء اللجنة المركزية خارج العراق (في أوربا)، هيمن على الحزب عدد من اعضاء القيادة الذين بقوا في كردستان وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، واصبحوا هم الحزب ويشعرون إنهم من حافظ على بقائه ولولاهم لما كان هنالك حزب شيوعي وعدنا إلى جماعة (الأربعة) في الخمسينيات والستينيات، يضاف لها إنها قيادة بنكهة غير شيوعية لها حرية مطلقة في اتخاذ القرارات لعدم وجود قاعدة قوية تضغط على القيادة كما كانت في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وإلى حدِ ما في السبعينيات والثمانينات. أي إن الحزب بعد 2003 يمكن اختصاره ببضعة أشخاص لازالوا هم المتحكمون في الحزب حتى من ترك منهم الحزب رسميا، وليس صدفةً أن يترك الحزب رسمياً وشكلياً اثنان هم أكثر المتحكمين في الحزب لحد الآن فتخلصوا من عبء المسؤولية من جهة والتفرغ للعلاقات والبزنس المؤطرة أو المغطاة بعباءة شيوعية جميلة وبذلك ألقوا نتائج إعمالهم على أعضاء آخرين بحجة التجديد والديمقراطية وأخيراً بحجة إتاحة الفرصة للشباب.
كان بإمكان قيادة الحزب، لو انتهجت مسار فهد وسلام عادل، تحشيد كل من كان شيوعيا أو صديقا أو قريبا منهم ليعودوا للحزب أو ليناصروه وبالفعل في الأيام الأولى حضر الكثيرون ولكنهم فوجئوا بأنهم لم يجدو شيوعيو فهد وسلام عادل لا شكلاً ولا مضموناً، لم يسمعوا من القيادة شيئاً عن الطبقة العاملة والفقراء والفلاحين، لم يسمعوا نقداً لأميركا عدوة الشعوب التي قراؤوها في أدبيات الحزب السابقة، فوجئوا بأن الحزب يسيطر على بناية حكومية ليجعلها مقرا له كما فعلت الأحزاب الأخرى وكان بداية شرعنة الفساد، جاء المناصرون والمحبون وهم على استعداد لفتح بيوتهم مقرات للحزب، ولكن الحزب لم يعد كما كان حيث مقراته المعامل والمزارع وبيوت الفقراء في الشاكرية والصدرية ومدينة الثورة، بل يريد مقرا أنيقا يستقبل به حلفائه الجدد من أحزاب إسلامية وقومية، وأصبح الشيوعي في نظر القيادة هو من يحضر للمقر لا من يفتح بيته لاجتماعات الحزب وصُدم الشيوعيون وهم يرون قائد الحزب وهو عضو في مجلس الحكم الذي نصبه المحتل الأميركي خاصةً وهم يسمعون إن اختياره جاء ضمن كوتا الشيعة مما جعلهم لأول مرة في تاريخهم في حيرة لا يعرفون كيف يدافعون عن حزبهم.
وكما فعلت الأحزاب الفاسدة، تمتعت قيادة الحزب بامتيازات المحتل من أموال وحمايات فيما رفاقهم في المناطق الحمراء يقتلون كما الشعب العراقي، وسائلهم أن يسمعوا أن سكرتير الحزب استلم خمسون ألف دولار من الأمريكان نظير مشاركته في كتابة الدستور.
فوجئوا بسكرتير لا تفارقه الابتسامة بل الضحك عندما اصبح عضوا في البرلمان خاصة في قضية مناقشة الفقر في العراق وقضية الحصة التموينية التي اثارها نواب التيار الصدري وهو يصرخون بغضب فيما كان سكرتير الحزب يقهقه، مما جعلهم يتساءلون من هو الأقرب للفقراء الذين كانوا لعقود حصة الشيوعيين فقط. بل فوجئوا بسكرتير حزب الطبقة العاملة كما كان يُطلق على الحزب، لم ينبس بكلمة عن قانون العمل للعمال مثلا وبسبب تبنيه اللا موقف أصبح محبوب الإسلاميين والكرد والسنة خاصة وإنه يضع على رأسه تاج تاريخ حزب كبير يحتاجه الآخرون كاسم له قيمة مجتمعية.
صُدم الشيوعيون كذلك وهم يرون عدد غير قليل من الشيوعيين السابقين ممن كانوا وكلاء لأمن (صدام) وساهموا باعتقال عشرات الشيوعيين وإذا بهم يصبحوا أعضاء لجنة محلية في الحزب بتزكية من القيادة بحجة (شنسوي محد يجينا.. ونريد أعداد).
أما الصدمة الكبرى فكانت انخراط الحزب بالحصول على امتيازات لأعضائه كما فعلت قيادات الأحزاب الأخرى والتي كان شيوعيو الداخل يعتقدون إن الحزب سيكون اشد المعارضين لها لأن ذاكرتهم تختزن قصص معتقلي نقرة السلمان الذين ضيعوا شبابهم لسنوات في النقرة ولم يطلبوا ثمنا لذلك، أما القيادة الجديدة فقد حثت الرفاق للتقديم للحصول على امتيازات الحكومات الفاسدة، وعملت على توزيع المناصب بين عدد محدود من الرفاق القريبين من القيادة( أكثرهم من عاش في أوربا وتطبع بطباعها) لذلك كان ممثلو الحزب في المناصب الحكومية العليا بلا موقف ومن اضعف المسؤولين، ولإقناع الرفاق ساهمت القيادة في حصول الآلاف من أعضاء الحزب على رواتب وفقا لقوانين سنتها الأحزاب الفاسدة وسط تذمر العراقيون، فحصل عضو الحزب راتبا له ولزوجته وأبنائه ولإخوته وأخواته تصل إلى 1000 دولار شهريا بحجة إنهم كانوا مليشيات (أنصار) والغالبية منهم لم يروا كردستان بل بعضهم كان وكيلا للأمن ويهدد أخاه الشيوعي بالإخبار عنه أيام البعث ولكن بعد 2003 طغت العشائرية على القيادات الوسطى فجاؤوا بأقربائهم وحصلوا على امتيازات مالية بل أصبحوا أعضاء لجنة محلية وهم أُميّون لم يقرأوا في حياتهم كتاباً واحداً ولم يكن لهم اي نشاط شيوعي.
استطاعت قيادة الحزب أن تشيع منهجية انتهاز الفرص بل كانوا يقولونها بصراحة لدراويش الحزب ممن ظل على مبدئيته (أما أن تنسجموا مع المنهج الجديد وتستفيدوا.. أو لا داعي لوجودكم في الحزب ولا نريد رؤيتكم في المقر)، فانفض الشيوعيون الحقيقيون وبقي المتملقون للقيادة الذين قلبوا اغنية يعتز بها الشيوعيون لتصبح (عمي يابو داوود..... خذنا.. خذنا.. وياك) بعد إن كان شيوعيو فهد يغنوها (عمي يابو جاكوج) ...
فأصبح مفهوما للشيوعيين إن من يريد الربح المالي والمناصب عليه أن يكون من جماعة (ابو داود)، أي لا منجل ولا جاكوج بعد 2003 فقد أصابهما الصدأ. وتحول الرفاق إلى موظفين في (شركة الحزب الشيوعي) لا يهمهمْ غير رضى صاحب الشركة (ابو داوود) وأعضاء مجلس إدارتها (الذي كان اسمه سابقا لجنة مركزية أو مكتب سياسي).
واستفاد العديد من أعضاء القيادة والمقربون منهم من امتيازات الحكومات الفاسدة فأصبحوا مستشارين لهم ومدراء عامون في مؤسسات الفساد وتمتعوا بالامتيازات التي قررها الفاسدون لأنفسهم من رواتب وقطع أراضي وتقاعدات عالية وحمايات فلم يعد بإمكانهم انتقاد تلك الامتيازات الظالمة المسلوبة من قوت الفقراء وهم جمهور الشيوعيين حصرا وعلى مدى التاريخ. بل إن سكرتير الحزب امتعض عندما طُرح موضوع الامتيازات وضرورة انتقاد الحزب لها.
واستفادوا كذلك من رأسمالهم المتراكم من هدايا البارتي واليكتي وامتيازات الفاسدين، فأسسوا مشاريعهم الخاصة وهم أعضاء لجنة مركزية أو مكتب سياسي في ظاهرة تحدث لأول مرة في تاريخ الحزب، وبدلا من متابعة حركة الجماهير أصبح همهم متابعة بورصة المشاريع والعقارات واللقاء مع رجال الأعمال ومنهم اصحاب أحزاب مناوئة للحزب الشيوعي أو أحزاب فاسدة.
وبدلا مثلا من انتقاد المشاريع السكنية العملاقة المبنية على الفساد والمخصصة للفاسدين والمستغلة لأراضي الدولة مثل مشروع (بوابة العراق)، وإذا ببعض قيادات الحزب تشتري شققا فيه قيمة الواحدة منها تصل لنصف مليون دولار يقال إنهم دفعوها نقدا من الأموال التي جمعوها من علاقاتهم أو مناصبهم.
وكما فعل الآخرون من الفاسدين، حصل بعض أعضاء القيادة على شهادات دكتوراه ومنهم من عاد للعراق وهو لا يحمل غير شهادة المتوسطة وإذا به يصبح دكتورا خلال عشر سنوات.
ما عرضته هو جزء من حقائق داخلية يعرفها الكثير من أعضاء الحزب ولم أشير إلى الأسماء لأنني لا أقصد التشهير، كما قلت آنفاً، بل عرض البنية الداخلية الحالية للحزب والتي اثرت على توجهاته السياسية العامة والتي سنعرضها الآن.
من يتابع مواقف الحزب منذ 2003 سيجد إنه أقل الأحزاب انتقادا لوضع العراق والأكثر مجاملة للقوى السياسية الحاكمة لذلك لو بحثتم في بياناته لن تجدو تصريحا واضحا يدين مثلا المليشيات المسلحة بأسمائها أو إدانة التدخلات الإيرانية والتركية ولم يتجرأ على تسمية أي رئيس وزراء بالاسم ويسمه بالخيانة أو الفساد مثلا، بخلاف بقية القوى السياسية ،فهو يجامل الإسلاميين الشيعة ويجامل السنة والبارتي واليكتي والحكومة والرئاسة والبرلمان بخلاف ما كان يفعله مثلا (فهد) في وصفه لنوري السعيد، حتى إن الوصف الدقيق لمواقف الحزب، إنه أصبح بلا لون ولا رائحة ولا طعم، إذ بقي في الوسط، لا هو يميني ولا هو يساري ولم يتجرأ يوما على المطالبة بتغيير ثوري للنظام كما كان يصرح (سلام عادل) بصدد النظام الملكي الذي كان أفضل آلاف المرات من النظام الحالي، بينما كانت تصريحات التيار الصدري مثلا تعبر عن راي الجماهير أكثر بكثير من الحزب الشيوعي وهكذا بقية الحركات.
وحتى الحركة المدنية التي يفترض أن يكون الحزب زعيما لها، خذلتها قيادة الحزب بائتلافها مع الصدريين مما أحدث شرخا في الحزب تم حله وفق منهجية (ابو داوود) وهي (اللي ما يعجبه خل يطلع) بل تعاملوا مع أحد القادة البارزين المعارضين بأسلوب لا أخلاقي وحاولوا التنكيل بسمعته والجميع يعرف من هو وماذا فعلوا معه.
إذن لنضع أنفسنا محل الشيوعيين أو أبناء العوائل الشيوعية ممن تربوا على قصص نضال أجدادهم وآبائهم وإخوانهم وأمهاتهم وأخواتهم، وهم يرون بأعينهم رفاقهم الفقراء قد أصبحوا أغنياء يتباهون بأملاكهم وسفراتهم السياحية وسياراتهم وحتى ملابسهم بفضل قيادة الحزب، وهم – أي الشيوعيون- المتعودون على قيادات وأعضاء يفتخرون بفقرهم بل ويقرأون عن أغنياء تنازلوا عن أملاكهم للفلاحين بعد أن اصبحوا شيوعيين، ما الذي سيقوله الشيوعيون الحقيقيون عن الحزب الجديد، أكيد سيفهمون وهم مثقفون وواعون إن هذا الحزب لا علاقة له بحزبهم العتيد.
ولنضع أنفسنا محل العراقيين وهم يروون حزبا سمعوا عن أفكاره وبطولاته، قد أصبح جزءً من منظومة الحكم الفاسدة ولا يسمعون أو يقرأون عن مواقفه الشجاعة بل هو الأكثر ضعفا ونفاقا للآخرين ومجالسةً لكبار مسؤولي الدولة الفاسدين فهل سيميزونهم عن الفاسدين كما كان العراقيون يعرفون الشيوعي من مواقفه الشجاعة وانحيازه التام للفقراء.
والخطر إنهم سينكرون تاريخ الحزب الذي سمعوا به لأنهم يروون بأعينهم قيادات الحزب وهم يتبادلون اللقاءات مع الأحزاب الفاسدة.
ولنضع أنفسنا محل المثقفين العراقيين وهم تلاميذ المدرسة الشيوعية وهم يرون إن معلمهم لم يصدر كتابا واحد ذو قيمة لأكثر من عشرين عاما في زمن الحرية وامتلاك الحزب لمطبعة ومقرات علنية بل ولا يشغل نفسه بإعداد دراسات عن مواقف الحزب التاريخية معززة بأدلة بدلا من سماعهم لاتهامات الآخرين للحزب بأنه عمل مجازر الموصل وكركوك مثلا في 1959 حتى أصبحت من حقائق التاريخ وهذا الموقف لا يُفسر إلا بعدم اكتراث القيادة بسمعة القادة التاريخيين للحزب مثل (سلام عادل).
ثم ما الذي سيقوله المثقفون ومسؤول لجنة المثقفين إما أمياً أوشابا لا علاقة له بالثقافة فيما كانت سمة الحزب الشيوعي إن أول تغيير في الشخص عندما يصبح شيوعياً أن يكون الكتاب معه حتى لو كان في حقل أو معمل أو سيارة نقل عام.
وعندما يختلط الشيوعيون الجدد بالناس من الأصدقاء والأقارب ولا يسمع منهم الناس شيئا عن الشيوعية كما كان شيوعيو أيام زمان، بل يسمعونهم يتحدثون عن العقارات والسيارات والرواتب والمخصصات (وخاصة القيادات الشابة الجديدة) وإذا تحدث أحد عن الحزب والاتهامات التي توجه لتاريخه لا يهمهم الأمر بل أغلبهم لا يُتعب نفسه بالبحث عن الحقيقة، لكنهم ينتفضون فقط عندما يمس أحد قيادة الحزب وخاصة (أبو داود) فهو الحزب والحزب هو.
ومن أكثر مظاهر الانحطاط هي عجز الحزب عن إصدار جريدة تليق به وهو المعروف تاريخياً إنه حزب المثقفين وإذا بجريدة بائسة لا يقرأها 90% من الشيوعيين فيما كانت نفس الجريدة زمن البعث تطبع أضعاف جريدة (الثورة) ويقرؤها أصدقاء الحزب وحتى المناوئين له، والسبب هو هيمنة الأميين وأفندية أوربا (المؤمنين بالديمقراطية الغربية والصالونات السياسية) بعد 2003 على العقل الثقافي الحزبي.
حتى احتفالات الحزب بمناسبة تأسيسه فلم يعد ينظمها في الساحات والبساتين والمزارع والمعامل والجامعات كما كان معروفا بل حولها لفنادق الخمس نجوم، واحتفال ذكرى تأسيس الحزب لهذه السنة مثلا نُظم في فندق فلسطين الذي يملك أحد قادة الحزب حصصاً فيه!!!!!
أما القيادات الشابة التي يتباهى الحزب بأنهم سيقودون الحزب مستقبلا ومنهم المرشح الأقوى لسكرتارية الحزب (ياسر السالم) فلم يتم اختيارهم لثقافتهم الشيوعية أو خبراتهم النضالية والتنظيمية، بل تم اختيارهم من (أبو داوود) والسيد (رائد فهمي) والقيادة الكلاسيكية، أي بقايا خط آب وبالتالي سيكونون استمرارا للنهج الحالي بل ربما أسوأ بسبب عدم امتلاكهم خبرات القيادة الحالية.
إذن ما مبرر الدعوة لإعلان انتهاء دور الحزب؟ في تقديري إن التبرير هو الوفاء للشيوعيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحزب منذ تأسيسه والذين فهموا الشيوعية كما هي ولهم الحق بل للعراقيين الحق أن يطالبوا قيادة الحزب أن لا يستخدموا اسمه في ممارسات لا علاقة لها بالشيوعية ولا يحق للشيوعيين الحاليين الذين يستخدمون اسم الحزب لأهدافهم الشخصية أن يفعلوا ذلك مستغلين سكوت الشيوعيين الحقيقين الغاضبين على القيادة والذين اختاروا الابتعاد ويصرون على عدم التصريح بآرائهم الحقيقية حرصا على سمعة الحزب وهم في تقديري على خطأ كبير إذ بسكوتهم فهم لا ينتصرون لرفاقهم الشهداء ولو كنت محلهم لطلبت من القيادة الحالية أن تتوقف عن استخدام اسم الحزب وشعاره ولتبحث عن اسم آخر يفهم منه العراقيون إنه لا علاقة له بحزب فهد وسلام عادل وليكن مثلا (الحزب الشيوعي العراقي الجديد).
وأتمنى على القيادة الحالية ومنهم من له تاريخ نضالي لا يمكن نكرانه أن يواجهوا الحقيقة وهي إنهم لم يعودوا كما كانوا وهو تغير إنساني طبيعي إذ ربما يشعر البعض إنه قَصّر مع عائلته ويريد الآن أن يضمن لهم مستقبل مالي جيد وهو ما لا يتماشى مع الفكرة الشيوعية التي عبر عنها حزب فهد والتي لازالت كما هي ولم تتبدل.
قد يقول البعض، أليس من حق الشيوعيين التمتع بالحياة مثل غيرهم ولماذا هذا الإصرار على أن يكون الشيوعي فقيرا مثلا، وجوابي نعم إنه من حقهم ويمكنهم ذلك والكثير من القيادات والمفكرين الشيوعيين في العراق وفي دول أخرى من عوائل ميسورة أو من أصحاب الشهادات الذين حصلوا على مراكز وظيفية مرموقة ولكن الحصول على الأموال بطرق غير شرعية أو نتيجة لقوانين تشرعها سلطة فاسدة لا تليق بقائد شيوعي أو حتى بكادر شيوعي، إذ لا يمكن أن يكون الشخص رأسماليا وشيوعياً في نفس الوقت ، ولكن كما يفعل أي إنسان يتغير ويبدأ نمط جديد من الحياة عليه أن يقطع فيها صلاته بماضيه، لا أن يغير منهج حزب ويطوعه ليتماشى مع وضعه الشخصي الجديد وهو ما ينطبق على القيادة الشيوعية الحالية.
من هنا يجب على الشيوعيين العراقيين وأنصارهم وأصدقائهم أن يعوا هذه الحقيقية وهي لا يمكن استمرار حزب شيوعي بدون شيوعيين حقيقيين وهم غير موجودين حاليا لا على مستوى القيادة ولا الأعضاء، خاصة وإن قيادة الحزب تستخدم اسم الحزب لمصالح شخصية كما يفعل الإسلاميون الشيعة في استغلال اسم (علي بن أبي طالب).
إذن ...ليكن 31 آذار 2024 أخر يوم في حياة حزب فهد وسلام عادل، وليتحول المقر الجديد إلى متحف للحزب احتراما للتاريخ وتضحيات الشيوعيين المنسية حتى عند الحزب وهما ملكية وطنية للشعب العراقي، عسى أن يظهر جيل جديد يفهم العدالة الاجتماعية التي كان يدافع عنها الشيوعيون بحِلة جديدة واسم جديد ونظرية جديدة وربما بنفس النظرية الشيوعية بقيادات عصرية لا تتضارب مصالحها مع مصالح الشعب وخاصة الفقراء منهم.
الخاتمة..
ليس امامي الاّ ان أقول:
هي امنية.. امنية حقيقية.. وامنية غالية.. بل هي الطموح.. ان نرى الشيوعيون في العراق والعالم.. وهم ينفضون عنهم.. وعن مسيرتهم غبار السنين.. لينهضوا من جديد.. لمواجهة مهام العصر.. بشجاعة ويقين ثوري راسخ.. ويقبلوا التحدي بإمكانية خلق عالم أفضل للبشرية..
هذا التحدي.. الذي يتطلب التجديد.. والتجديد لا يقبل المساومة.. الحاجة للتجديد تتطلب التفكير الجدي.. بالبحث عن مقومات وأسس مؤسسة سياسية.. تعبر عن الأمل الاجتماعي.. وتتلاءم مع روح العصر.. ينخرط فيها جيل متقد بالعلم والمعرفة واليقين الراسخ.. بإمكانه خلق عالم أفضل..
الى هذا الحلم نتطلع..
الانتظار غير مجدي..
تطول الحكاية..
وتكثر الأحاديث..
وتتعدد الآراء..
والمطلوب..
العملْ.. العملْ.. ومن ثم العمل.. الآن وليس غداً.. من أجل تجديد وسيلة الكفاح والتغيير.
لتتحد الطاقات.. من اجل خلق عراق ووطن جديد.. في سياق عالم أفضل..
(لينين انهضْ وسددْ خطاك من جديدْ.. كي لا تصبح الشيوعية حلم البليدْ)
ـــــــــــــــــ
20/3/2024