كارثة أخلاقية
جهاد علاونه
2024 / 1 / 31 - 17:57
في الديانة المسيحية المسيحي لا يحتاج إلى ذبيحة لكي تكفر عن ذنوب المسيحي إذا كان المسيحي مجرما أخلاقيا بحق نفسه وبحق الآخرين لأن المسيح نفسه هو الذبيحة التي كفّرت وتُكفر عن خطيئة المسيحي ( عبرانيين 27:7) والمسيح لم يكن مضطرا لأن يرتكب خطيئة ولم يحمل خطيئة بل حمل خطايا البشر ولم يكن كالكهنة محتاجا إلى ذبيحة كما يفعل وفعل الكهنة والأنبياء والرسل وبالتالي لا توجد في الديانة المسيحية كارثة أخلاقية كما هي في أغلبية الديانات المنتشرة حول العالم حيث يقبل البشر على ارتكاب الجرائم والآثام والخطايا بدون تأنيب الضمير لهم ذلك أن لديهم يقينا وإيمانا عميقا أن العبادات من صوم وصلاة تكفر عن الذنوب وهنا نحن أمام كارثة بالفعل كارثة بجد أخلاقية وأزمة أخلاقية يعجز الفقهاء والفلاسفة وعلماء الاجتماع حلها مطلقا..
أما في الديانة الإسلامية فهنالك كارثة أخلاقية وهي أن العبادات جميعها تمحو السيئات , ويجد المسلم نفسه مثل كهنة اليهود بحاجة دوما لتقديم العبادات لكي تمحو الذنوب وبحاجة إلى تقديم الذبيحة بشكل مستمر.
الرسول يُعلّم بأن اللَّه يغفر الخطايا عن طريق هذه الذبائح، كما قال لابنته فاطمة: عن أبي سعدة قال: قال رسول اللَّه: "يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فأشهديها فإن لك بأول قطرة من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك" (كتاب إحياء علوم الدين للغزالي ص 243)(302).
فما معنى أن يستمر الإنسان في ظلم أخيه الإنسان وفساد المسئولين الحكوميين والقتل والسجن والتعذيب للمساكين وفي النهاية جر سكين حادة على رقبة الذبيحة أو الصيام والصلاة ليل نهار لكي تُكفّر تلك العبادات عن ذنوب المجرمين إنه جُرم ثاني وكارثة أخلاقية وهي عبارة عن ارتكاب سيئة أكبر من سيئة الخطيئة نفسها وبالجُرم المشهود أمام أعين الناس وهي عبارة عن علاج الخطأ بالخطأ نفسه أو علاج الذنب بارتكاب ذنب أكبر من الذنب الأول.
الكارثة التي نحن أمامها الآن هي كارثة أخلاقية تؤدي إلى فساد المجتمع حيث كل الناس ترتكب الأخطاء النساء يزنين والسرقات منتشرة والفساد متجذر في المجتمع وبين طبقات المجتمع مفسدون حقا يفسدون الحياة العامة والحثالة من الناس تطأ رقاب الشرفاء وفي النهاية أداء عُمرة أو الحج إلى مكة أو خروف مذبوح أو كيلو لحم من عجل مذبوح ومعلق من فخذيه يُكفّر عن خطايا من دفع ثمن العجل أو الخروف.
ولنتخيل قيمة التكلفة يعني مُفسد يُفسد طوال السنة ويسرق أموالا بالأولوف وبالملايين وآخر شيء يروح عُمرة أو يصوم رمضان أو يحج البيت فيعود بريئا من كل الذنوب كيوم ولدته أمه!!!!.
أليس هذا فساد ديني أو فساد أخلاقي؟ ألسنا هنا جميعنا أمام أزمة أخلاقية ويأت في النهاية سائل بريء وجاهل ويسأل لماذا كل هذا الفساد في المجتمع والدولة رغم انتشار دور العبادة وامتلاء المساجد بالمصلين وصيام الناس في رمضان ومع ذلك الفساد ينتشر!!! إن السائل لا يدرك الكارثة الأخلاقية التي أمامه وهو أن الفساد نفسه منتشر بسبب كل تلك العبادات التي تُقنع المُفسد بأن التزامه بها يكفر عن مجمل ذنوبه.