فلسطين تكشف بعض الحقائق : لا للتعصّب الدينيّ و الشوفينيّة القوميّة – الشيوعيّة الثوريّة لتحرير الإنسانيّة
ناظم الماوي
2024 / 1 / 9 - 00:40
فلسطين تكشف بعض الحقائق : لا للتعصّب الدينيّ و الشوفينيّة القوميّة – الشيوعيّة الثوريّة لتحرير الإنسانيّة
- ... كان ماركس رجل علم ... لقد كان العلم بالنسبة لماركس حركيّة - ديناميّة - تاريخيّة و قوّة ثوريّة ... كان ماركس قبل كلّ شيء ثوريّا .
( إنجلز ، " خطاب على قبر كارل ماركس " )
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
- إنّ الثورة الشيوعيّة تقطع من الأساس كلّ رابطة مع علاقات الملكيّة التقليديّة ، فلا عجب إذن إن هي قطعت بحزم أيضا ، أثناء تطوّرها ، كلّ رابطة مع الأفكار و الآراء التقليديّة .
ماركس و إنجلز ، " بيان الحزب الشيوعي "
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
- هذه الإشتراكيّة إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتوريّة الطبقيّة للبروليتاريا كنقطة ضروريّة للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقيّة ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليه و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعيّة التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه .
كارل ماركس ، " الصراع الطبقي فى فرنسا 1848-1850 "
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
- يجب أن يكون هناك حزب ثوريّ ما دمنا نريد الثورة . و بدون حزب ثوريّ ، حزب مؤسّس وفق النظريّة الماركسيّة اللينينيّة الثوريّة و طبق الأسلوب الماركسي اللينينيّ الثوريّ ، تستحيل قيادة الطبقة العاملة و الجماهير العريضة من الشعب و السير بها إلى الإنتصار على الإمبرياليّة و عملائها .
( ماو تسى تونغ ،" مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ "، ص 1-2)
------------------------------------------------------------------------------------------------------
كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعيّة .
( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره " ، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005)
جوهر ما يوجد فى الولايات المتّحدة ليس ديمقراطيّة و إنّما رأسماليّة - إمبرياليّة و هياكل سياسيّة تعزّز الرأسماليّة - الإمبرياليّة . و ما تنشره الولايات المتّحدة عبر العالم ليس الديمقراطيّة و إنّما الإمبرياليّة و الهياكل السياسيّة لتعزيز تلك الإمبرياليّة .
( بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 43 ، 16 أفريل 2006 )
" ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانيّة المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولي عهدها تاريخيّا ضمن النظام الإمبرياليّ . و هذان القطبان الرجعيّان يعزّزان بعضهما البعض ، حتّى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنّك ستنتهى إلى تعزيزهما معا . و فى حين أنّ هذه صيغة مهمّة جدّا و حيويّة فى فهم الكثير من الديناميكيّة التى تحرّك الأشياء فى العالم فى هذه المرحلة ، فى نفس الوقت ، يجب أن نكون واضحين حول أيّ من " هذين النموذجين الذين عفا عليهما الزمن " قد ألحق أكبر الضرر و يمثّل أكبر تهديد للإنسانيّة : إنّه الطبقة الحاكمة للنظام الإمبرياليّ التى عفا عليها الزمن تاريخيّا ، و بوجه خاص إمبرياليّو الولايات المتّحدة ."
( التقدّم بطريقة أخرى، جريدة " الثورة " عدد 86 ، 29 أفريل 2007؛ " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان وكتاباته مكتبة الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي )
- ... كان ماركس رجل علم ... لقد كان العلم بالنسبة لماركس حركيّة - ديناميّة - تاريخيّة و قوّة ثوريّة ... كان ماركس قبل كلّ شيء ثوريّا .
( إنجلز ، " خطاب على قبر كارل ماركس " )
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
و نحن نتابع مجريات النضال عربيّا و عالميّا ضد جرائم الحرب و الإبادة الجماعيّة و المجازر و المذابح التي لا تتوقّفمنذ أكثر من ثلاثة أشهر في حقّ الشعب الفلسطيني في غزّة أساسا و كذلك في الضفّة الغربيّة ، رصدنا مواقفا و شعارات تستحقّ منّا التوقّف عندما من باب المسؤوليّة الشيوعيّة الثوريّة ، تعليقا و نقدا لإنارة من يرنو إلى بلوغ الحقيقة التي هي وحدها الثوريّة كما قال لينين العظيم و السعي بناء على ذلك إلى الفعل على أصعدة عدّة لتغيير العالم .
1- عودة إلى طبيعة الصراع ضد الكيان الصهيوني :
يبدو أنّ من أهمّ أحداث هذا الأسبوع في ما يتّصل بحرب الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة – الأمريكيّة ضد الشعب الفلسطيني هو مثول دولة الكيان الصهيوني لأوّل مرّة في تاريخه أمام محكمة العدل الدوليّة نتيجة شكوى تقدّمت بها دولة جنوب أفريقيا . و لسائل أن يسأل ما مغزى أن يكون المتقدّم بملف الشكوى و المطالبة بإيقاف العدوان دولة جنوب أقريقيا و ليست دولة عربيّة أو إسلاميّة ؟
بديهي أنّ دولة جنوب أفريقيا لم تقم بما قامت به إنطلاقا من كونها مسلمة أو عربيّة . لا صلة لها بالعروبة و الإسلام . صلتها بالقضيّة الفلسطينيّة إنسانية و بحث عن العدالة . فجنوب أفريقيا عاشت في ظلّ نظام أبارتايد أي الفصل أو الميز العنصري الشبيه إلى حدّ كبير بما يمارسة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلّة و قد كلنت للمناضلين و المناضلات ضد الأبارتايد علاقات جيّدة مع حركة التحرّر الوطني الفلسطينيّة . و من هذا المنطلق الإنساني و بحثا عن العدالة للشعب الفلسطيني و مناهضة لنظام الأبارتايد العنصريّ في الكيان الصهيوني ( و طبعا وقوفا ضد الإبادة الجماعيّة للفلسطينيّين )، أخذت دولة جنوب أفريقيا على عاتقها الدخول في مواجهة مفتوحة مع الكيان الصهيوني و داعمه الولايات المتّحدة . و هذا ينمّ عن و يؤكّد مجدّدا طبيعة الصراع ضد مغتصبى فلسطين . إذن ليس الصراع صراعا دينيّا و لا هو صراعا قوميّا بحتا بل هو صراع وطني و قومي ( و ليس شوفيني في الأصل ) و إنسانيّ بالمعنى الأمميّ . ؛ وطني بالنسبة إلى الفلسطينيّين بصفة مباشرة و قومى من جهة الشعوب العربيّة المتطلّعة إلى الوحدة القوميّة و إنسانيّ أمميّ بما هو حقّ تقرير مصير شعب و معاداة للعنصريّة و مناهضة الإستعمار بشتّى أشكاله كما مناهضة النازيّة الصهيونيّة .
و يترسّخ هذا أكثر حينما نلمس أنّ ما من دولة إسلاميّة أو دولة عربيّة قامت بهذه الخطوة ذلك أنّ جلّها إن لم تكن كلّها بدرجات متفاوتة رجعيّة و غارقة إلى العنق في النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي و مندمجة فيه و واقعة تحت وطأة و كلاكل الإمبرياليّة العالميّة المتحالفة مع الصهيونيّة .
و يذكّرنا موقف دولة جنوب أفريقيا هذا بموقف شخص لن ينساه التاريخ الفلسطيني ضد الصهيونيّة ألا وهو أوكاموتو ، عضو الجيش الأحمر الياباني ، الذى وضع حياته على كفّه و قدّم خدماته للقضيّة الفلسطينيّة و سُجن في الكيان الصهيوني و أطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى ... ( ليس هذا مجال التفصيل في قصّته المهلة و المعروفة عالميّا ) . و هذا المثال أيضا يزيد من تأكيد البعد الإنسانيّ و الأممي لطبيعة الصراع ضد الصهيونيّة كإستعمار إستيطاني إحلالي عنصري نازي. و قاد قال الشاعر التونسي ، مختار اللغماني ، في ديوانه " أقسمت على إنتصار الشمس " بشأن أوكاموتو هذا البيت المعبّر للغاية و الذى ورد ضمن قصية مهداة إلى هذا المناضل الأمميّ : " أوكاموتو أحبّك يا أخى الإنسان ، أحبّك يا من لم تكن قارئا للقرآن " .
و نستخدم مفردة " عودة " في عنوان هذه النقطة للتذكير بأنّ طبيعة هذا الصراع موضوع نقاشنا كان واضحا إلى درجة لا بأس بها لدي طليعة منظّمة التحرير الفلسطينيّة منذ أواخر ستّينات القرن العشرين و هناك جهد من تيّارات كثيرة للإنقلاب على هذه الحقائق ودفنها و تعويضها بأوهام ضارة جدّا.
2- في نقد بعض الشعرات المسموعة أثناء التحرّكات الجماهيريّة :
في بعض البلدان العربيّة ، لاحظنا رفع شعار " خيبر خيبر يا يهود – جيش محمّد سيعود " . و من الأكيد أ،ّ ألصوليّة أفسلاميّة تقف وراء هذا الشعار الخاطئ أصلا و المجافي لحقيقة طبيعة الصراع الدائر و الضار بالتالى بالقضيّة الفلسطينيّة . فالصهاينة ليسوا يهود خيبر الذين تعايش معهم المسلمون إلى ما بعد " فتح مكّة " قبل طردهم من الجزيرة العربيّة . لا يمكن أن نرمز إلى صهاينة اليوم بأنّهم يهود خيبر فهذا لا يصحّ . و لا صلة لمعظم يهود العالم اليوم في فلسطين المحتلّة بخيبر كقبيلة يهوديّة كانت تعيش في المدينة أساسا . فالأشكيناز أي اليهود القادمون إلى فلسطين من البلدان الغربيّة قد عاشوا في بلدانهم الأصليذة لقرون إن لم يكن لألف سنة و أكثر و من ذلك يهود بولونيا . هذا من ناحية و من الناحية الأخرى ، السيفرديّون أي يهود الشرق قد عاشوا مندمجين إلى درجات متفاوتة في بلدان الشرق لقرون و قرون . منذ أكثر من 75 سنة تأسّس كيان مدعو دولة يهوديّة وهو في الحقيقة دولة صهيونيّة مرتبطة إرتباطا عضويّا بالإمبرياليّة العالميّة لا سيما منذ عقود الإمبرياليّة الأمريكيّة قبل كلّ شيء . و لا يمثّل هذا الكيان جميع اليهود في العالم و حتّى داخله هناك ( خاصة في القدس ) يهود ضد دولة الكيان الصهيوني و قد رفع هؤلاء اليهود في شهر أكتوبر 2023 ، و هم يواجهون جيش و شرطة المحتلّين ، أعلام فلسطين و عبّروا عن تضامنهم مع غزّة فنالوا ما نالوا من ألوان القمع و تلجيم الأصوات . فهل ندين هؤلاء اليهود المناضلين ضد الصهيونيّة و الواقفين مع تحرير فلسطين لأنّهم هشّموا القوالب الجاهزة الأصوليّة الإسلاميّة ؟
شعار " خيبر خيبر ..." موضوعيّا يدينهم بينما هم على صواب ن و لا يميّز بينهم و بين الصهاينة و هذا يعود بالوبال على القضيّة الفلسطينيّة بدل يخدمها .
و نسترسل لنلفت النظر إلى أنّ اليهود في الولايات المتّحدة و في بريطانيا على سبيل الذكر لا الحصر ، المناهضين للصهيونيّة و الإمبرياليّة ( بمختلف منظّماتهم ) أبلوا البلاء الحسن و إجترحوا بطولات في فضح بايدن و داعمى الكيان الصهيوني و في فضح إجرام الكيان الصهيوني نفسه . و نظنّ أنّنا لسنا في حاجة إلى ذكر أمثلة عن ذلك فشاشات العالم نقلت و تنقل ذلك و لا نعتقد أنّ من يتابع الأحداث فاتته تلك المشاهد المعبّرة . فهل ندين هؤلاء و نتهجّم عليهم و نتوعّدهم و نتهدّدهم بعودة " جيش محمّد " أم نقف إلى جانبهم اليد في اليد و الكتف إلى الكتف لنندّن بالصهيونيّة و الإمبرياليّة الأمريكيّة و البريطانيّة إلخ و نساندهم و ندعم معا المقاومة الفلسطينيّة ؟ و من اللافت أنّ ما بذله اليهود في الولايات المتّحدة و بريطانيا من أجل إيقاف إبادة الشعب الفلسطيني لم يقم به معظم العرب و معظم المسلمين . و هذه حقيقة أخرى تزيد من تأكيد خطأ الشعار الأصولي الإسلاميّ الخاطئ و مدى ضرره .
أمّا عن " جيش محمّد " فنقول أنّنا رأينا على أرض الواقع " جيوش محمّد " و ما فعلته . ألم يتصدّى جيش السعوديّة لصواريخ يمنيّة كانت موجّهة إلى الكيان الصهيوني ؟ و ألم يفعل جيش الأردن الشيء نفسه ؟ و الجيش المصريّ ألم يحاصر غزّة و يمنع عنها الماء و الغذاء و الدواء و ما إلى ذلك و جميع هذه التحرّكات السعوديّة و ألردنيّة و المصريّة تعدّ حسب القانون الدولي أعمالا حربيّة ! ضد من ؟ و من أجل من ؟ لكم الإجابة .
أضف إلى ذلك ، ما فعلته تركيا إلى الآن حيث تراها تدين و تتهدّد و تتوعّد ، على لسان أردوغان ، و لم تتجرّأ حتّى على طرد السفير الصهيوني كما فعلت بلدان عديدة من أمريكا الجنوبيّة وهي بالمناسبة لا مسلمة و لا عربيّة ! و أيضا ليتذكّر من نسي ما فعله الإخوان المسلمون في مصر و في تونس لمّا آلت إليهم السلطة السياسيّة و أمسكوا بمقاليد الحكم : هل جرّموا التطبيع مثلا . لا أبدا بل أحبطوا ، في تونس ، مشاريع قوانين في هذا الصدد .
ما من شكّ في أنّ تحرير فلسطين يقتضى الإدراك التام لطبيعة المعركة و من هم الأعداء و من هم الأصدقاء و ليكن واضحا لمن لم يستوعب الدرس بعدُ أنّه مثلما هناك مسيحيّون صهاينة ( و بايدن أعلن على الملأ أنّه ما من حاجة لأنّ يكون المرء يهوديّا ليكون صهيونيّا ) هناك مسلمون صهاينة و هناك عرب صهاينة ... و هؤلاء و أولئك من أعداء الثورة الفلسطينيّة و ليسوا من أصدقائها . و من هنا ، ندعو إلى بذل الجهود الفرديّة و الجماعيّة لوضع شعار " خيبر خيبر ..." في مزبلة التاريخ لخطله و إلحاقه الضرر بالقضيّة الفلسطينيّة علما و أنّ الفلسطينيّين أنفسهم ليسوا جميعا مسلمين و من يروّج لذلك ينكر الوجود المسيحي و حتّى وجود يهود تاريخيّا فلسطينيّون ( كما وُجد يهود في عدّة بلدان عربيّة أخرى ) كما وجود أناس يحملون أفكارا لادينيّة و منهم الشيوعيّون إلخ . و الوحدة الفلسطينيّة وحدة وطنيّة و ليست دينيّة بتاتا . و إمضاء خمسة فصائل فلسطينيّة ( الجبهة الشعبيّة و الجبهة الشعبيّة القيادة العامة و الجبهة الديمقراطية و الجهاد الإسلامي و حماس ) لبيانات مشتركة و الدعوات إلى الوحدة الوطنيّة و الردّ الجماعي على المبادرة المصريّة خير مثال على ذلك .
و لئن كان الموقف اليمني المساند و الداعم للنضال الفلسطيني بشكل عملي و فعّال جيّد فإنّ رفع قادة اليمن الحوثيّين لشعار " الموت لليهود " إلى جانب الموت لأمريكا و الموت لإسرائيل " خاطئ الخطأ كلّه ( " الموت لليهود " ) لأنّه موقف عنصريّ و موقف لا يفرّق بين العدوّ و الصديق ضمن اليهود و يطمس طبيعة الصراع الوطني و القومي و الأممي كما شرحنا أعلاه .
و نمرّ إلى شعار شوفيني قومي مقيت هو الآخر ، شعار رفعه البعض في تحرّكات جماهيريّة : " يا أمريكي يا جبان الشعب العربي / الفلسطيني لا يهان " . لمن لم يدرك مكمن الخطأ و كنهه و خطره و يكتفى بالظاهر على أنّ هذا الشعار يعادى الإمبرياليّة الداعمة للصهيونيّة ، نتوجّه بالكلمات التالية : الصيغة تنطوى على قنبلة تفجّر النضال الفلسطيني و المساندة و الدعم الأمميّين ( و تذكّروا أنّ للصراع طبيعة أمميّة أيضا ) . و نشرح فنقول المشكل في المفردة " أمريكي " التي تعنى بصيغة أخرى " الأمريكان عامة . و هذا غلط فادح للغاية . بأمّ أعيننا رأينا و سمعنا ، و لسنا من الذين بهم صمم أو هم عمي لا يبصرون ، مئات آلاف و ربّما ( بعمليّة جمع من تحرّكوا في عدّة مدن ) الملايين من شعب الولايات المتّحدة الأمريكية من الكثير من المشارب الفكريّة ( و بالمناسبة ، الجالية العربيّة و المسلمة بعتراف شهود عيان و تقارير الصحفيّين أقلّية ضمن المحتجّين ) يحتجّون على سياسات بايدن و حكومته و قد تنوّعت أشكال النضال و قد وصفها من وصفها أحيانا بالمبدعة .
و هؤلاء المحتجّين على الصهيونيّة و الإمبرياليّة ( و منهم اليهود الذين مرّ بنا ذكرهم و منهم الشيوعيّون الثوريّون أنصار الشيوعيّة الجديدة بقيادة بوب أفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة و قد عرّب شادي الشماوي عديد وثائقهم الدعائيّة و التحريضيّة بشأن مناصرة حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير المصير و مناهضة الصهيونيّة و الإمبرياليّة الأمريكيّة و المجازر التي يقترفانها ، و نشرها على ألنترنت على صفحات الحوار المتمدّن ) ليسوا أعداء الثورة الفلسطينيّة بل هم أصدقاؤها و إن كانوا من معارضي الأصوليّة الإسلاميّة و الشوفينيّة القوميّة . و من يعدّهم بمثل ذلك الشعار الأخرق أعداء يلحق ضررّا و أيّ ضرر بالقضيّة الفلسطينيّة .
و لنكرّر ملاحظة وردت و ترد على لسان الكثير من المتابعين للأحداث ألا وهي أنّ الشعب الأمريكي الذى أضحى شبابه في غالبيّته مناهضا للصهيونيّة و إبادتها الجماعيّة للفلسطينيّين و مدينا لبايدن على أنّه مجرم حرب ، و مناصرا للحقوق الوطنيّة الفلسطينيّة ، قدّم و يقدّم ( و تضحيات البعض على أكثر من صعيد صارت معلومة )ما لم يقدّمه عرب و مسلمون من عشرات الدول ! و من الممكن أن يقدّموا المزيد و المزيد مستقبلا . و نلفت النظر إلى أنّ تحرّكات الشارع الأمريكي تضغط على إدارة بايدن ضغطا مباشرا أكثر ممّا تضغط عليه تحرّكات بعض العرب في هذه أو تلك من البلدان . و قد تفرض عليه تغيير موقفه جزئيّا على الأقلّ ليوقف إطلاق النار .
و بالملموس بعض الأمثلة عربيّا . ما هي مساهمات مصر و شعبها في هذه المعركة بالذات – طوفان الأقصى ؟ ( ولا نريد الغوص في الجدال التاريخي الذى يطول و هذا ليس مجاله ) حقيقة ، دون مداورة و مناورة، مساهمة الجماهير الشعبيّة أقلّ ما توصف به ببساطة هو أنّها دون المطلوب ( لأسباب شتّى ) . و ما وفّره نظام السيسي هو الحرب ضد الفلسطينيّن في غزّة بمحاصرتها و منع الغذاء و الدواء إلخ عنها ( حسب القانون الدولي ) و هديّته المفخّخة للفلسطينيّين شقّها الأوّل هو الدعوة إلى جعل غزّة منزوعة السلاح ليستعبدها ويتصرّف فيها الصهاينة كما يشاؤون و شقّها الثاني هو المبادرة المصريّة التي تطعن المقاومة في الظهر و تقدّم أجلّ الخدمات لنتنياهو كما حلّل من يفقهون جوهر تلك المبادرة .
و من مصر إلى تونس التي بدت في مستهلّ العدوان الصهيوني على غزّة متميّزة في موقفها المساند للشعب الفلسطيني و في ردّة فعل البعض من مواطنيها و مواطناتها . لكن لسوء الحظّ عرقلت الرئاسة و سلطات أخرى إصدار قانون تجريم التطبيع ، و شعبيّا تراجعت بشكل محسوس التعبئة لتحرّكات جماهيريّة مساندة و دعما للنضال الفلسطيني فمن عشرات الآلاف إلى آلاف إلى مئات في 29 نوفمبر 2023 و طوال شهر ديسمبر 2023 ، لم يحصل أيّ تحرّك شعبيّ من تنظيم اللجنة الوطنيّة المتكوّنة من نقابات و أحزاب و جمعيّات .( على أنّ هناك تحرّكات للعشرات في مناسبات متفرّقة ). و هذا أيضا غير كافي بالمرّة حتّى لا نقول شيئا آخر .
من واجب المناضلين و المناضلات من أجل تحرير فلسطين أن يفضحوا الأعداء ومنهم الرجعيّة العربيّة أو عرب أمريكا، العرب الصهاينة . و كما وسمهم الشاعر الفلسطيني الكبير ، " عرب أطاعوا رومهم ، عرب باعوا روحهم " ، طبعا دون التاضى و لو لحظة عن التصدّى للصهيونيّة و الإمبرياليّة و بالأشكال المتاحة .
3- النظرة المثاليّة الميتافيزيقية إلى الواقع و الصراع الطبقي و الوطني و القومي و الأممي تشوّه الحقائق و تعرقل تقدّم نضالات الشعوب :
فلسفيّا ، الأصوليّون الإسلاميّون الرافعون لشعار " الموت لليهود " و كأنّ جميع اليهود أعداء و ليس الصهاينة من يهود و مسيحيّين و مسلمين و عرب و غيرهم يرفضون الإعتراف بالواقع الموضوعي المتناقض المكذّب لأوهامهم . و نظرتهم هذه توسم بالمثاليّة الميتافيزيقيّة تسعى إلى إدخال الواقع في القوالب الجاهزة الأسطوريّة و العنصريّة التي يتبنّونها و يروّجون لها جاعلين من صراعات الحاضر إمتدادا لصراعات الماضي ضاربين بمميّزات عصرنا ، عصر الإمبرياليّة و الثورة الإشتراكيّة عرض الحائط . و بهذا المعنى هم خارج التاريخ و يريدون ليّ عنقه ليتناسب مع قراءتهم المثاليّة الميتافيزيقيّة . اليهود ليسوا وحدة متجانسة شأنهم في ذلك شأن المسلمين و المسيحيّين و البوذيّين و غيرهم . أمر لا يرقى إليه شكّ ، إلاّ لدي المثاليّين الميتافيزيقيّين ، أنّ هناك يهود صهاينة كما أنّه هناك يهود مناهضين للصهيونيّة و هذا صحيح تاريخيا و حاضرا . و قد رسمت معركة طوفان الأقصى و عمّقت رسم خطوط التمايز ليس في صفوف اليهود فحسب بل في صفوف أصحاب الديانات الأخرى و الإيديولوجيّات الأخرى أيضا . العالم المادي متناقض و في حركة . و يشهد العالم اليوم إشتداد الإستقطاب ين اليهود الصهاينة و اليهود المعادين للصهيونية و إنّه لأمر جيّد أن يحقّق اليهود المناهضين للصهيونيّة بعض الإنتصارات على الطرف الصهيوني عالميّا لأنّه ، ضمن أشياء أخرى ، يعزّز جبهة أصدقاء القضيّة الفلسطينيّة . و من يجحد هذا أعمى بعيون أصوليّة إسلاميّة ، مثاليّة ميتافيزيقيّة .
و الشيء نفسه ينسحب على دعاة القوميّة العربيّة الشوفينيّين فالعرب ليسوا وحدة و الإختلافات في صفوفهم بينة لمن له عيون ليرى بشأن نضال الشعب الفلسطيني ، على سبيل المثال . فهل يستوى ، راهنا ، المطبّعون مع الرافضين و الرافضات للتطبيع مع الكيان الصهيوني ؟ يحسن بالمناضلين و المناضلات من أجل تحرير فلسطين ( سواء كانوا فلسطينيّين أم عرب أو أمميّين من أمم و قوميّات متباينة ) أنيبرزوا للعيان مدى تورّط الرجعيّة العربيّة في الخيانة الوطنيّة و القوميّة و في العمالة لمبرياليّة و في الإستبداد و تفقير الشعوب و تجويعها ذلك أنّهم موضوعيّا في صفوف أعداء و ليس أصدقاء الثورة الفلسطينيّة. و خلط الأوراق لا يخدم سوى الرجعيّة و يضلّل الجماهير الشعبيّة و يجعل بعض الواهمين المثاليّين ينادون ب " تحريك الجيوش العربيّة " . و لنتوقّف عند هذا المطلب لحظة . فقد رأينا تحرّك الجيش السوري الوطنيّ و القومي و ما إلى ذلك في هذه المعركة : لا شيء ، غياب تام حتّى و سوريا تتعرّض للقصف الصهيوني و إنتهاكت متكرّرة لطيران العدّو الصهيوني لمجالها الجوّي ، و يعلم الجميع ( إلاّ من يتجاهلون عمدا التاريخ ) أنّ سوريا لم تطلق رصاصة واحدة لتحرير أراضيها ، الجولان ، منذ سبعينات القرن الماضي و عندما تحرّك جيشها داس بهمجيّة و بنعاله الرجعيّ آلاف الفلسطينيّين في واقعة تلّ الزعتر ! و قد ألمحنا آنفا إلأى ما إقترفه تحرّك الجيش السعودي و الجيش الأردني و الجيش المصريّ من إعتداءات توصّف بأنّها أعمال حربية ضد الفلسطينيّين حسب القانون الدولي ... فهل يقلع الواهمون ، أنصار الشوفينيّة القوميّة عن غيّهم و ينظرون إلى الواقع المادي الموضوعي بكافة مكوّناته و في حركته و يتفحّصونه بنظرة علميّة ، لا نظرة مثاليّة ؟
4- معاداة الساميّة و الإسلاموفوبيا / رهاب الإسلام وجهان لعملة واحدة :
إنّ من يتعمّدون الخلط بين الصهيونيّة و اليهوديّة يسقطون في العنصريّة في شكل معاداة الساميّة أو معاداة اليهود كيهود . و لن نكفّ عن تكرار أنّ الصهيونيّة و الإمبرياليّة العالميّة و الرجعيّة العربيّة هم أعداء حركة التحرّر الوطني الفلسطينيّة . و مثلما نجد اليهود الصهاينة ضمن الأعداء ، نجد يهودا مناهضين للصهيونيّة ضمن الأصدقاء و هذا ينطبق على المسلمين و العرب فمنهم الأعداء و منهم الأصدقاء و عمليّة الفرز الواقعي اليوم مفيدة و عليها يجب البناء للتقدّم و ليس العكس أي خلط الحابل بالنابل لتمرير قراءة إيديولوجيّة أصوليّة دينيّة أو شوفينيّة قوميّة لا تستوعب الواقع في حركته و تناقضاته . معاداة الساميّة عنصريّة و خطأ يتوجّب تجنّب الوقوع فيه . و قد برز أماممنا في هذه الأشهر الأخيرة كيف أنّ الإمبرياليّة الأمريكيّة سعت لخلط الأوراق بجعل معاداة الصهيونيّة و جرائم الكيان الصهيوني معاداة للساميّة و الحركة الصهيونيّة تستغلّ معاداة الساميّة لتظهر بمظهر الضحيّة في حين أنّها الجلاّد . و قد ركّز الكثيرون عبر العالم على التمييز بين الصهيونيّة و الكيان الصهيوني و معاداة الساميّة لكسر أساس من أسس الدعاية الصهيونية و الإمبريالية العالميّة . و علينا أن نعمّق هذا التمييز ، لا أن نردم الهوّة التي حفرت بالأظافر .
و تستغلّ الإمبرياليّة العالميّة و الإمبرياليّة الأمريكيّة بوجه خاص أفكار و تصرفات الأصوليّة الإسلاميّة في عدّة بلدان ( وهي قد رعتها و تحالفت معها و إستخدمتها بعدّة طرق ) لتشنّ حملات داية تنعت بالإسلاموفوبيا أو رهاب الإسلام لتحوّل جميع المسلمين لى مصدر للخوف و الإرهاب . و هكذا يتجلّى أمامنا أنّ معاداة الساميّة و رهاب الإسلام وجهان لعملة رجعيّة واحدة لا بدّ من تجازوهما قولا و فعلا بإعتبار أن كلاهما عنصريّان و بإعتبار أنّهما يطمسان جوهر الصراعات العالميّة و القوميّة و الوطنيّة و الطبقيّة و يؤدّيان إلى عدم التفرقة بين الأعداء و الأصدقاء في النضال من أجل التحرّر الوطني و الإنعتاق الاجتماعي و تحرير الإنسانيّة من كلّ أشكال الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي .
5- " لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة " :
و قد رصدنا بوضوح تذيّلا مهينا لبعض القوى اليساريّة للأصوليّة الإسلاميّة و هذا أمر مشين و معيب و من أفدح الأخطاء. فعلى سبيل المثال ، أثناء وقفة تضامن مع الشعب الفلسطيني في تونس أمام المسرح البلدي بالعاصمة ، جرى تسجيل أنّ قيادات من حزب العمّال و من حزب الوطنيّين الديمقراطيّين الموحّد كانوا يرفعون شعار " يا قسّام يا حبيب ، غضرب دمّر تلّ أبيب " و كأنّ الأمر عادي . و بهذا نلفيهم يقدّسون العفويّة و يتذيّلون للأصوليّة الإسلاميّة و يضربوا عرض الحائط بما نبّه إلي لينين العظيم في كتابه المنارة " ما العمل ؟ " ، بدلا من أن يعملوا على رفع وعي الجماهير ، هم الذين يعدّون أنفسهم من " الطليعة " . و كان بأفمكان ببساطة تجنّب هذا الشعار المفرّق للصفوف ( الفلسطينيّة و الجماهيريّة الحاضر حينذاك في ذلك المكان ) بتغيير " يا قسّام " ب " يا مقاوم " ليعكس ذلك الحقيقة الموضوعيّة بعيدا عن المثليّة الميتافيزيقيّة و ليفي بقيّة المقاومة بفصائلها المتنوّعة حقّها في غزة و الضفّة ، و منها الجبهة الشعبيّة و الجبهة الديمقراطيّة مجموعات مثل عرين الأسود و غيرها و إن لم يكونوا بقوّة " القسّام " في الوقت الحاضر . هذه واحدة . و عوضا عن بثّ التفرقة و التذيّل للأصوليّة الإسلاميّة ، لا بدّ من الحثّ على الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة على أساس برنامج وطني مقتالي مناضل كما دعت إلى ذلك فلسطينيّة من نابلس حضرت خلال وقفة نهاية السنة أمام المسرح البلدي نفسه و إعترضت ضمن ما إعترضت عليه ذلك الشعر بالذات حينما رفعه البعض !
" الطليعة " في الوثائق الحزبيّة ، تستحيل في الممارسة العمليّة إلى ذيل للأصوليّة الإسلاميّة و تساهم في تفرقةصفوف المناضلين و المناضلات محلّيا و عربيّا و عالميّا ّ هذا عار على هؤلاء المتمركسين و أشباههم الذين تجاهلوا البيانات المشتركة بين عدد من الفصائل الفلسطينيّة منها الجبهات . و للاريخ ، نذكّر بأنّ بعض الفصائل الفلسطينيّة قد حدّدت تحديدا صائبا طبيعة الصراع ضد الصهيونيّة و الإمبرياليّة و الرجعيّة العربيّة و ذلك منذ ستّينات القرن العشرين و سبعيناته على أنّه وطني و قومي و أممي – إنساني من جانبالمقاومة و نفت بقوّة أن يكون صراعا دينيّا و في بديلها في أواخر ستّينات القرن الماضي ، شدّدت منظّمة التحرير الفلسطينيّة على أنّ حركة التحرّر الفلسطينيّة ليست ضد اليهود بل ضد الصهيونيّة و الإمبرياليّة و الرجعيّة العربية و رسمت هدفا لها دولة علمانيّة تكونلليهود مكانة فيا كمواطنين و ليس ك " أهل ذمّة " أو ما شاكل ذلك . و " الطليعة " تتنكّر مجدّدا لهذه الحقائق التاريخيّة و هذه الحقائق الساطعة و هذا الإرث النيّر لحركة التحرّر الوطني الفلسطينيّة لتتذيّل للأصوليّة الإسلاميّة لا لشيء إلاّ لأنّها قويّة حاليّا لأسباب يطول شرحها . ماركسيّا ، القوّة لا تعنى بأيّ شكل من الأشكال صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي و الجدليّة تعلّمنا أنّ القويّ قد يصبح ضعيفا و العكس بالعكس و كما أعرب عن ذلك ماو تسى تونغ صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياس هي المحدّدة في كلّ شيء .
و لعلّه من المعلوم لدي الكثيرين أنّ الماركسيّات و الماركسيّين / الشيوعيّات و الشيوعيّين يعتمدون التحليل الملموس للواقع الملموس و لا يتوانونعن تحمّل مسؤوليّة إنارة الطريق أمام الجماهير الشعبيّة و ليس لتحير الوطن أو الأوطان فحسب بل كذلك لتحرير الإنسانيّة جمعاء من كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال الجندري و الطبقي و القومي .
في عصرنا ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكيّة ، ينبغي إدراك أنّ التحرّر الوطني وحده ليس كافيا لتحقيق تحرّر الجماهير الشعبيّة من بقيّة أشكال الإضطهاد و الإستغلال . و قد عايننا كيف تحوّلت المستعمرات المحرّرة التي لم تنتهج الطريق الإشتراكي في آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية إلى مستعمرات جديدة أو صارت تابعة لقوّة توسّعيّة إقليميّة ( و بهذا المضمار ، لا مناص من لفت عناية القرّاء إلى و من دعوتهم إلى التفكير في مغزى و دلالات موقف نائب رئيس الحرس الثوري الإيراني الذى صرّح بأنّ عمليّة طوفان الأقصى عمليّة إنتقام لقتل قائد إيراني مثيرا بذلك زوبعة و محوّلا نضال شعب إلى عمليّة إنتقام لقائد إيراني ّ) . و من يشكّ في ذلك ، عليه / عليها بإلقاء نظرة على الفيتنام و على الجزائر ، على سبيل المثال لا الحصر . ففي هذهين البلدين لا تزال الجماهير الشعبيّة من العمّال و الفلاّحين و النساء ... تعانى الأمرّين من الإستغلال و الإضطهاد . فهل هذا ما يراد للشعب الفلسطيني بعد كلّ التضحيات الجسام التي بذلها و يبذلها طوال عقود و جيلا بعد جيل ؟ أم يراد له أن يعيش في ظلّ نظام ديني أتوقراطي على الشاكلة الإيرانية أو الأفغانيّة أو السعوديّة إلخ ؟
لا بدّ لكلّ شيوعي و شيوعيّة أن يعي و ينشر ، أفرادا و جماعات و منظّمات و أحزاب ( متى وُجدت ) ضرورة الربط بين التحرّر الوطني و الإنعتاق الاجتماعي لتحرير الوطن و الإنسانيّة بفضل الثورة الإشتراكية في البلدان الرأسمالية - الإمبرياليّة و الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة كتمهيد للثورة الإشتراكية في المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة بقيادة الأحزاب الشيوعيّة و الإيديولوجية الشيوعية لتحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي و بلوغ المجتمع الشيوعي العالمي .
بإختصار ، ما من إيديولوجية برجوازيّة قادرة على تحرير الإنسانيّة . و عليه على الشيوعيّات و الشيوعيّين أن يكونا حقّا شيوعيّات و شيوعيّين و يناضلوا من أجل الثورة الشيوعيّة و لا شيء أقلّ من ذلك .
و قد أكّد لينين العظيم حقيقة ما إنفكّ التاريخ يؤكّد صحّتها : " لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة " . " و كما خطّ قلمنا في مقال سابق " ما هي الحقائق التي سجّلتها مقولات ماويّة منذ عقود و تؤكّدها الآن مجدّدا المعركة في فلسطين و حولها ، و أين تكمن مصالح الإنسانيّة ؟ "، النظريّة الثوريّة اليوم ،
" شيوعيّة اليوم ، الشيوعيّة الأكثر تطوّرا و تقدّما و رسوخا علميّا ، الإطار النظري الثوري للموجة الجديدة من الثورة الشيوعية و الذى على أساسه ينبغي تأسيس الأحزاب الشيوعيّة الثوريّة هو الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعيّة الجديدة و مهندسها بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة .
و التعريف المقتضب لهذه الشيوعيّة الجديدة هو :
" تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيء مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "
( شادي الشماوي ، " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، مكتبة الحوار المتمدّن )
و للإطلاع عن كثب على مضمون هذه الشيوعيّة الجديدة و دراستها بشموليّة و عمق لازمين و نقديّا ، ننصح بكتابين ترجمة شادي الشماوي ، متوفّرين للتنزيل من مكتبة موقع الحوار المتمدّن و هما " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " و " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " . و من يتطلّع إلى الغوص في جدالات حول و إنطلاقا من الشيوعيّة الجديدة فعليه / عليها بمقالات و كتب ناظم الماوي وهي أيضا متوفّرة بصفحات موقع أنترنت الحوار المتمدّن و بمكتبته . "