إسرائيل دولة هشة
طلال الربيعي
2024 / 1 / 7 - 20:11
أجرى كريم بيطار مقابلة مع نسيم طالب بخصوص عدوان إسرائيل ضد غزة.٠ ادناه ترجمتي لها.
كريم بيطار هو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف في بيروت ومدرسة المعلمين العليا (ENS Lyon) وينتمي إلى العديد من مراكز الفكر الدولية.
نسيم طالب, تاجر سابق، مؤلف المجلدات الخمس Incerto (which includes The Black Swan, Antifragile)
Incerto Series)
Nassim Nicholas Taleb
https://www.penguinrandomhouse.com/series/INO/incerto/
ط.ا)
المترجمة إلى خمسين لغة. وهو يبحث حاليًا في هشاشة الأنظمة.
ــــــــــــ
كريم بيطار: ك. ب
نسيم طالب: ن. ط
--------
ك.ب: بعد مرور 48 ساعة فقط على هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أرسلت لي رسالة تتنبأ فيها بأن هذه الحرب قد تنتهي بنتيجة سيئة بالنسبة لإسرائيل، لأن الظروف الحالية تختلف جذرياً عما كانت عليه قبل 20 عاماً. لقد أخبرتني أن حماس خططت وأدت إلى رد فعل من جانب إسرائيل سيؤدي بسرعة إلى تغيير الرأي العام الدولي، بعد الخوف الأولي والتضامن مع إسرائيل. لقد ذكرت على وجه الخصوص، كعوامل من شأنها أن تسبب هذا التغيير، وجود ملايين الأشخاص على شبكات التواصل الاجتماعي، حتى في الغرب، الذين يتعاطفون مع معاناة الفلسطينيين. وقد أخبرتني بعد بضعة أيام أن هناك اتجاهان رئيسيان على المستوى العالمي، وهما اتجاهان متناقضان في بعض الأحيان، الاتجاه الذي يطمح إلى المزيد من الحرية والذي يطمح إلى مزيد من المساواة، رغم أنهما في صراع في كثير من الأحيان، كانا يعملان في غير صالح إسرائيل. لقد أثارت هذه الرسائل اهتمامي لأنك من القلائل الذين تنبأوا بالأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2008 وحذرونا، في الأيام الأولى، من انتشار فيروس كورونا. هل يمكنك توضيح أفكارك حول الحرب في غزة وتأثيرها على إسرائيل؟
ن.ط: دعونا لا ننحاز إلى أحد الجانبين ونفحص الوضع من وجهة نظر امبريقية [وتنبؤية]. أنا لست متخصصا في الشؤون الجارية. مهنتي هي تحليل المخاطر وتتعلق في الغالب بهشاشة الأنظمة. ينتقل العالم من النظام التقليدي الهرمي والعمودي إلى النظام الأفقي الشبكي، بشكل عفوي، على جميع المستويات. وتتسارع هذه الظاهرة بفعل العولمة. كانت الصحافة عمودية، بمعنى أننا أنت وأنا نشاهد جهاز التلفزيون بشكل سلبي ونتلقى أي معلومات يريد النظام أن يقدمها لنا. ولم نتمكن من المساهمة في المناقشة. كما شرحت في
"Skin in the Game"، بفضل الشبكات الاجتماعية، أصبحت العلاقة الآن أكثر تناسقًا؛ كل واحد منا يعطي ويتلقى المعلومات.
Skin in the Game)
(https://www.thalia.at/shop/home/artikeldetails/A1050882068?ProvID=11010474&gad_source=1&gclid=Cj0KCQiAtOmsBhCnARIsAGPa5yYTrUHTRjjhLck0y3QCx0B9iy3ZYrqR4u1PlE2hwKxYp3mLa62Qz_saAtQ_EALw_wcB
ط.ا)
والحقيقة أن عدم الوساطة والشبكات الاجتماعية ساعدت في ظهور ما أطلق عليه "صحافة المواطن".
وهذا يغير ميزان القوى بشكل جذري. في الماضي، كانت تتم السيطرة على المعلومات من خلال تقييد عملائها الرئيسيين، أي الصحفيين. ويجب أن نتذكر أن العاملين في مجال الإعلام في العالم الغربي هشون للغاية من الناحية المهنية؛ فقد يؤدي فقدان وظائفهم إلى استبعادهم من سوق العمل. على سبيل المثال، قبل عقد من الزمن، كانت كتابة مقال إيجابي عن نعوم تشومسكي، الذي تم إدراجه على القائمة السوداء - أو بالأحرى "القائمة الرمادية" - بمثابة قاتل مهني... هذه الأفقية، وحقيقة أننا لم نعد قادرين على التحكم في المعلومات، هي أخبار سيئة للغاية بالنسبة لإسرائيل. لماذا؟ بسبب الرواية. القصة التي رعاها الإسرائيليون أصبحت الآن في منافسة مع روايات أخرى. حتى المنصات الأكثر رقابة، مثل ميتا-Facebook، قد تحظر بعض التعبيرات المؤيدة للفلسطينيين، لكن يمكن للناس التحايل على ذلك من خلال اللعب بالكلمات والرموز. يمكنهم استخدام العبارات الملطفة. بالإضافة إلى ذلك، كما شرحت في Antifragile، في ظل ظروف مشابهة للظروف الحالية، فإن حظر بعض الكتب يجعلها أكثر إثارة للاهتمام.
Antifragile)
https://www.amazon.de/-/en/Anti-fragile-Things-that-Gain-Disorder/dp/0141038225/ref=sr_1_1?keywords=Antifragile&qid=1704638330&s=books&sr=1-1
ط.ا)
وعلى رأس هذا الاتجاه نحو المزيد من الحريات، هناك ظاهرة أقوى: تسارع وتيرة العدالة الاجتماعية. أي زيادة عدم الرضا مع تحقيق الأهداف الأولية للمساواة. تاريخياً، عندما تبدأ المجموعات بالمطالبة بحقوقها، كلما زاد عدد الحقوق التي نمنحها لها، كلما طلبت المزيد من الحقوق، وسوف تتسارع المطالبات في الطريق إلى المساواة الكاملة. انحدرت الأمور في فرنسا بعد أن وافق الملك أخيراً على الطلب الأولي المتمثل في إقامة ملكية دستورية. على سبيل المثال، لم نكن اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى المساواة بين الرجل والمرأة، ومع ذلك لم يكن لدينا من قبل المزيد من التعبير عن السخط كما الآن. لذا، وإلى أن يصبح الفلسطينيون متساوين تماماً مع الإسرائيليين، فسوف يشتكون وسيزداد الصراع سوءاً. هذه هي مشكلة إسرائيل الكبرى. هيكلها عفا عليه الزمن تماما.
ك.ب.: هنا تنضم إلى المؤرخ اليهودي العظيم في نيويورك، توني جودت، الذي قال إن إسرائيل أصبحت مفارقة تاريخية. وأشار إلى أنه عندما ولدت الفكرة الصهيونية عام 1897، كان الاستعمار هو السائد. ولكن عندما ظهرت إسرائيل إلى الوجود في عام 1948، كان الاستعمار قد عفا عليه الزمن بالفعل. أثارت مقالته الجدل.
(Obituary
Tony Judt obituary
Outstanding historian of the modern world with a trenchantly clear-sighted take on international politics
https://www.theguardian.com/books/2010/aug/08/tony-judt-obituary
ط.ا)
ن.ط.: بالضبط، إن الأمر مثل صديقي برنارد أفيشاي الذي تعرض للضرب، إذا جاز التعبير، قبل 30 عامًا لأنه قال إن إسرائيل هي وكالة هجرة فشلت فيما بعد في أن تصبح دولة حقيقية.
(Bernard Avishai
https://twitter.com/bavishai?lang=en
ط.ا)
ك.ب.:أنت أيضًا غالبًا ما تكون مثيرًا للجدل. خلال هذه الحرب (ضد غزة. ط.ا) ، لم تكن خائفاً وكتبت: "إنها ليست حرباً". إنها مجزرة ممنهجة بحق المدنيين، يرافقها تدمير المناطق المكتظة بالسكان لجعلها غير صالحة للسكن، على يد الجبناء الذين يختبئون خلف التكنولوجيا. هذا هو التطهير العرقي. في الحرب، يحارب الإنسان الإنسان. لقد تعرضت لهجوم عنيف لعدة أسابيع، لكنك معتاد على ذلك لأنك كنت أيضًا هدفًا لجماعات الضغط المؤيدة للكائنات المعدلة وراثيًا، وأولئك الذين لا يريدون الاعتقاد بفيروس كورونا، وما إلى ذلك. كيف واجهت هذه الهجمات؟
ن. ط.: لا أهتم كثيرًا بسمعتي، علاوة على ذلك، عندما يتعلق الأمر بالشؤون العامة، ليس لدي أصدقاء. ولا يمكن للمرء أن يكون باحثاً أو مفكراً حقيقياً إذا كان خائفاً من النبذ الاجتماعي أو احتمال تناول الطعام بمفرده في كافتيريا الجامعة. علاوة على ذلك، تقوم جماعات الضغط بترويع الضعفاء لإبقائهم تحت السيطرة ولكونهم قدوة. الفشل العام يمكن أن يدمر صورتهم. من الصعب مهاجمتي، لذا سيجدون أهدافًا أسهل - على الأقل في الوقت الحالي.
تثبت هذه الهجمات المنظمة ومحاولات الترهيب أن إسرائيل دولة هشة تعتمد بشكل كبير على الغرب، وخاصة الولايات المتحدة. الشركة الهشة هي الشركة التي تعتمد على عميل كبير. هناك استقرار وهمي، لكن الخطر واضح: ستفلس الشركة في نهاية المطاف يومًا ما في المستقبل. وذلك لأنه مع العميل الكبير، قد يكون هناك تغيير في الإدارة أو قد يواجه العميل مشاكل.
تعتمد إسرائيل بشكل كبير على الدعاية، وإظهار صورة الضحية التي تحتاج إلى الحماية. وهي تعتمد على الولايات المتحدة للتغطية في الأمم المتحدة، من بين أمور أخرى. تقوم منظمة AIPAC، اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، بجمع ملايين الدولارات لحماية إسرائيل وهزيمة خصومها.
ك.ب: وهي تفتخر في رسالتها الرسمية بأنها انتخبت 95 بالمائة من المرشحين الذين دعمتهم.
(AIPAC
لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية
American Israel Public Affairs Committee
https://www.aipac.org/israel-at-war
ط.ا)
ن.ط: هذا كل شيء، ولكن هذا النظام هش لأن الجمهور سوف يكتشف ذلك في نهاية المطاف، والأمريكيون لا يحبون أن يتم التلاعب بهم ولا يحبون الشعور بالإكراه من قبل الحكومة. على سبيل المثال، التقيت بشخص يقوم بحملة لصالح النائب جمال بومان، الذي يواجه معارضة عنيفة من قبل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية, أيباك.
[حتى أن أيباك شجعت مؤيديها الجمهوريين على الانضمام إلى الديمقراطيين لهزيمة بومان في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، تمامًا كما عرضت ملايين الدولارات لمرشح لخوض الانتخابات ضد النائبة رشيدة طليب من أصل فلسطيني، والتي يعتبر بومان مقربًا منها.]
في السابق، لم يكن الناس يعرفون عن أيباك إلا لمن داخل النظام من السياسيين والمسؤولين المنتخبين. الآن أصبح الأمر في وضح النهار: نحن نعرف من هم الذين يدعمونهم ويمكن أن يتحول الأمر إلى علامة سوداء. ولكن هناك ما هو أسوأ.
هناك جدلية شريرة معينة، لأن قوة الولايات المتحدة خلف إسرائيل ودعمها غير المشروط مهما كان يمنع إسرائيل من بذل جهود للاندماج في المنطقة.
لكن فكر في شيء أكثر خطورة. قد تبقى الدول العرقية وقد لا تنجو (يمكنها أن تنجح إذا كانت صغيرة وغير عدوانية). من المؤكد أن الدول العرقية الاستيطانية عفا عليها الزمن. إن ما أسميه القومية الاستيطانية هو شكل متفاقم من الاستعمار والقومية. في عهد نتنياهو، أصبحت إسرائيل أكثر قومية استيطانية مما كانت عليه من قبل، مع قانون 2018 المثير للجدل الذي يعرّف إسرائيل على أنها "الدولة القومية للشعب اليهودي"، وهو بالطبع يمثل مشكلة بالنسبة للأشخاص "الآخرين" الذين يصادف وجودهم هناك. والآن أصبحت إسرائيل دولة وظهرها إلى الحائط. لماذا؟ لأن القومية الاستيطانية العرقية لا يمكن أن تنجح إلا مع الفصل العنصري والتطهير العرقي. لقد حدث أن الفصل العنصري والتطهير العرقي لم يعدا رائجين هنا في الولايات المتحدة. إذا نظرت إلى الهرم العمري في أمريكا، فإن أولئك الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا يفضلون الفلسطينيين وأولئك الذين تقل أعمارهم عن 24 عامًا أكثر من ذلك بكثير - أي أي شخص أخذ دروسًا في التاريخ حول الاستعمار أو لديه أصدقاء على وسائل التواصل الاجتماعي في قارة أخرى.
تذكر أن مبدأي هو أن أي شيء هش سوف يتهشم ذات يوم.
ك.ب: نجد هذا الاتجاه نفسه بين اليهود الأمريكيين، الذين ظلوا في الغالب ليبراليين وتقدميين. تعتمد أيباك ونتنياهو اليوم على اليهود بدرجة أقل من اعتمادهما على "الصهاينة المسيحيين"، وعلى تيارات إنجيلية معينة معادية للسامية وصهيونية.
ن. ط: مشكلة إسرائيل هي أن عميلها الرئيسي، في ظل الإدارة الجديدة، قد يغير مساره. نحن في وضع كانت فيه الدولة مدعومة من أولئك الذين كانوا يقصدون حمايتها، ولكن انتهى بهم الأمر إلى التسبب في الضرر. لا شيء أضر بإسرائيل أكثر، ولا حتى بسياسات نتنياهو، من لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية (إيباك). ويمكن القول بأن أيباك "تدعم إسرائيل كما يدعم الحبل الرجل المشنوق". إن أيباك هي التي طمست التمييز بين إسرائيل واليهودية، مما قد يؤدي إلى تفاقم معاداة السامية بسبب تصرفات إسرائيل.
لذا، فإن الفكرة التي كانت تدور في ذهني عندما كتبت إليكم في 9 تشرين الأول (أكتوبر) هي أن الإسرائيليين لم يدركوا أنهم كانوا خارج نطاق العصر الذي نعيشه. إنهم يعرفون القليل جدًا عن ديناميكيات النظام. بعد ما فعلته حماس، بدأ الناس يهتمون أكثر بإسرائيل. كلما عرفوا أكثر عن هذه القضية، كلما أصبحت المشكلة أكثر وضوحا. وهم يرون أن الصهيونية، التي كان يُنظر إليها ذات يوم على أنها آلية دفاع، قد تحولت إلى شكل عدواني وعفا عليه الزمن وقاتل من القومية الاستيطانية.
وحتى لو قبلنا فكرة أن اليهود عادوا إلى ديارهم بعد 2000 عام، تظل حقيقة أنهم أمضوا وقتًا أقل بكثير هناك مقارنة بالخارج، على عكس السكان الأصليين الذين يبدو أنهم يمثلون بعض الاستمرارية منذ العصر البرونزي المتأخر. وحتى لو أخذنا في الاعتبار الحجج "العنصرية" أو "الإثنية" أو الجينية، فإن الفلسطينيين لديهم مطالبة أقوى بالأرض من هؤلاء القادمين الجدد. التحليل الجيني السريع سيظهر أن المجموعات الأقرب إلى اليهود في العصر الروماني، قبل التدمير الثاني للهيكل، هي السامريون، والمسيحيون الفلسطينيون، والمسيحيون اللبنانيون [بسبب قلة الاختلاط]، واليهود القرائيين [أقلية صغيرة ]، ويهود بلاد ما بين النهرين [أي المزراحيين غير اليمنيين]، والدروز، وأخيراً اللبنانيين والفلسطينيين المسلمين. وبعبارة أخرى، غالبية المشرقيين اليوم. ولذلك، فإن حجة "نحن نعود إلى الوطن" تفقد قيمتها في عصر علم الوراثة وتحليل الحامض النووي. وتصبح أقرب إلى استعمار محض.
ك.ب: كما كتب شلومو ساند كتابه الأكثر مبيعًا "اختراع الشعب اليهودي".
The Invention of the Jewish People)
Shlomo Sand
https://www.morawa.at/detail/ISBN-2244010506208/Sand-Shlomo/Invention-of-the-Jewish-People
ط.ا)
ن.ط: بوضوح. أنا لا أقول أن الحجة العنصرية صحيحة. لكن إذا أرادت إسرائيل استخدامها، فهذا لا يعمل لصالحها.
ك.ب: وهناك نقطة أخرى مهمة أود منكم الرد عليها. قلت لي: لا يمكنك أن تكون إسبرطة في ظل العولمة. Peace Incorporated لا تعمل. هل يمكن أن تشرح؟
https://www.peace-caa.org/)
ط.ا)
ن.ط: إنها تشبه إلى حد ما الفكرة التي ذكرتها بأن إسرائيل لم يعد من الممكن أن تكون "فيلا في الغابة"، كما قال رئيس الوزراء السابق إيهود باراك. [مقابلة كريم بيطار مع قناة فرانس 24]. هذه هي المشكلة، سبارتا لم تعد موجودة. تمتلئ بلاد الشام بالعشرات من القلاع الصليبية والإسبتارية الفارغة. تتغير هوية الدول بمرور الوقت، والنزعة العسكرية لا تحمي أي شيء على المدى الطويل. لو كانت الهويات ثابتة وغير قابلة للتغيير، لكنا نتحدث الغيلية في فرنسا اليوم. إذا كنت أؤيد الفيدرالية في لبنان [والمشرق]، فذلك لأسباب توكفيلية: حماية الأقليات غير العدوانية [الدينية أو الثقافية] من الأغلبية والحفاظ على التنوع الذي يتطور باستمرار، من أجل تجنب سياسة ثابتة وقسرية. الهوية المركزية. الدولة القومية عفا عليها الزمن [جاءت وذهبت]؛ دول المدن موجودة لتبقى.
ك.ب: وتعتقد أيضًا أن هناك خطرًا حقيقيًا يثقل كاهل مصر. هل سنرى إعادة نظر في كامب ديفيد؟
ن.ط: ما أنا متأكد منه هو أن "السلام من فوق" لا يجدي نفعاً. لنعد إلى ما قلته في البداية، حول الانتقال من النموذج الهرمي إلى النموذج الأفقي التفاعلي. في الماضي كان هناك نموذج حيث وقع ملك فرنسا معاهدة مع السلطان العثماني. كان هناك حفل كبير وكان الجميع سعداء. اليوم ليس هناك سلطان حولنا والسلام مع مصر هو السلام الذي كان أكثر من بارد. هناك 110 ملايين مصري اليوم، أي أكثر من ضعف العدد الذي كان عليه عندما وقع قادتهم على السلام. ولا يوجد زوار مصريون في إسرائيل. السيسي موجود لأن الأميركيين لم يفهموا بعد ما هو العالم الذي نعيش فيه. ولم نعد في عالم المستشاريات المتآمرة. السلام لا يُصنع بالحبر؛ يتم السلام من خلال المعاملات التجارية على المستوى الفردي. إسرائيل ليست في حالة حرب مع الفلسطينيين. إنها في حالة حرب مع الزمن.
ك.ب: إذن فإن اتفاقات إبراهيم كان محكوماً عليها بالفشل، حتى قبل هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول؟
ن.ط: بادئ ذي بدء، ليس لدى الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم حدود مشتركة مع إسرائيل. هناك، السكان المحليون معادون للصهيونية، وأحيانًا معادون للسامية. اسمحوا لي أن أكرر أن كل ما يأتي من فوق هش. أعتقد أن محمد بن سلمان سيكون لديه الحضور الذهني اللازم للخضوع للرأي العام الذي تشكله صور الموتى في غزة.
ك.ب: لقد كتب لك أحد الحاخامات قائلا إنك أكثر إخلاصا للأخلاق اليهودية من معظم أعضاء المؤسسة الإسرائيلية، وأن معرفتك بالتوراة ومبادئ اليهودية تفوق معرفتهم. هل تتفق مع دانييل بارنبويم الذي قال إن السياسات الإسرائيلية اليوم هي خيانة لأخلاقيات اليهودية برمتها؟ هل تأثرت بالفكر اليهودي؟
Daniel Barenboim)
This racist new law makes me ashamed to be Israeli
القانون العنصري الجديد يخجلني في ان اكون يهوديا
https://www.theguardian.com/commentisfree/2018/jul/23/israel-racist-new-law-ashamed-apartheid-daniel-barenboim
ط.ا)
ن.ط: لقد كانت لدي مرحلتي التلمودية. طريقتها في التفكير تروق لي. ويتعلق أسلوب تفكيرها بمناظرة مدرسة بيريتوس للقانون. أعتقد تقريبًا مثل المثقف اليهودي، حيث قضيت جزءًا كبيرًا من حياتي الاجتماعية والأكاديمية مع الأشكناز.
(حوالي نصف الشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم اليوم يعرفون باسم أشكنازي، وهذا يعني أنهم ينحدرون من اليهود الذين عاشوا في أوروبا الوسطى أو الشرقية.ط.ا.)
واليوم، أصبحت إسرائيل دولة هشة بالأساس. ولكي تتمكن إسرائيل من البقاء، فيتعين عليها أن تغير نموذجها جذرياً وأن تقبل المساواة مع الفلسطينيين على كافة المستويات ـ ومن دون استثناء. وذلك لأنه، مثل المساواة بين الجنسين، حتى الفوارق الصغيرة يمكن أن تزيد بشكل كبير من الغضب الفلسطيني. لقد أهدر الإسرائيليون وقتا ثمينا في القيام بالدعاية في أمريكا، دون أن يدركوا أن الفلسطينيين هم الذين يجب عليهم محاولة إقناعهم. وإذا نجحوا في إقناعهم، فسيكون هناك بعض الأمل. ولكن لدي شكوكي.
--------
المقالة
Nassim Nicholas Taleb: Israel is a fragile state
https://today.lorientlejour.com/article/1362814/is-israel-a-fragile-state-interview-with-nassim-nicholas-taleb.html