|
الفقيد رياض الترك
إياد الغفري
الحوار المتمدن-العدد: 7844 - 2024 / 1 / 2 - 17:59
المحور:
كتابات ساخرة
ورد في الذكر الحكيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا
===================== =====================
لم يحدد النص القرآني نوعية النبأ لكنه حدد هوية ناقل النبأ بأنه فاسق، فالنبأ قد يكون مدحاً، ذماً، نعياً، وقوف على الطاولة، ادعاء ما ليس بالمرء أو ربما يكون نصاً فكرياً أو فلسفياً.
النص الإلهي يأمر بالتدقيق في المقولة قبل إبداء الرأي، ويعتبر أن الصواب هو تبين الحقيقة عند تأكد فسق ناقل المعلومة. قرأت متأثراً رثائيات عديدة للسيد رياض الترك من أشخاص أفضل ما يقال عن خيرهم أنه فاسق، فقررت أن أتبين كيلا أصاب بجهالة فأغدو من النادمين، ولكن الحقيقة نسبية، فلو سألنا أحد صبيان الفقيد لأعتبره خير من أنجبت سوريا، مع التأكيد أنه بهذا لا ينافس الأب باولو الذي اعتبره المذكور سابقاً خير من لم تنجب سوريا.
مقولة "سوريا ولادة" هي مقولة صحيحة، فخير من أنجبتهم حسب بورصة العقد الماضي يتجاوز الملايين، ومن نَعَى مخرج جيد، روائي عادي، مؤرخ مغمور، حارس مرمى محدود الموهبة على أنهم خير من أنجبت سوريا، نعى بعدهم بضع مئات من خير من أنجبتهم سوريا، ولا يمكن للمرء إلا التعجب من صيغ التفضيل والمفاضلة التي تقوم بتوزيع الرتب والألقاب بغير حساب. =====================
لا يجادل أحد بأن السنوات التي قضاها الترك في سجن الأسدين تؤكد على معارضته لهما، ولا ينكر أحد صيحته بأن الديكتاتور قد مات كانت سبباً في سجنه ثانية، لكن القطيعية في التحزب لشخص تؤكد حقيقة أن ممارسها هو قطيعي لا أكثر ولا أقل، وهي لا تؤثر في قيمة من تمارس هذه القطيعية لصالحه أو ضده، حيث أن التاريخ هو الذي سيحكم.
قال الكاتب والمعارض السوري ياسين الحاج صالح عبر حسابه في منصة "إكس" أن "الترك كان أحد أبرز المناضلين الديموقراطيين السوريين ومن أكثر أبطال الشعب شجاعة وصلابة وصفاء ذهن".
لا يمكن لي إلا تذكر مقولات المفكر السوري الكبير حكيم الثورة التي فضح فيها سطحية أحد مدعي الثقافة الجهلة عندما كتب في الحياة: "... وخلال ست سنوات ونيف بعد الثورة، كان ظاهراً أن تشومسكي لا يعرف شيئاً ذا قيمة عن سورية، مجتمعاً وحياة سياسية وتاريخاً، وأنه يعتمد على مصادر غير محترمة إطلاقاً مثل... كان تشومسكي سنداً لنا وقت خروجنا من السجن إثر جولة من الصراع الاجتماعي والسياسي في بلدنا، لا يبدو أنه عرف عنها شيئاً في أي وقت. وهو اليوم لم يستطع أن يقول شيئاً واضحاً ومفيداً عن جولة ثانية من الصراع..."
بالنسبة لي فإن الباحث الذي يعتمد مصادراً غير محترمة ما هو إلا باحث مشكوك في قيمته، ولا يشفع له لا عمره ولا تاريخه.
وما ينطبق على تشومسكي ينطبق على غيره بالتأكيد، والآية أمرتني بالتوثق كيلا أصاب بجهالة فأغدو من النادمين.
******************************** لا ينكر أحد فضل صادق جلال العظم في السبعينات، لكن نحته لمصطلح العلوية السياسية بعد نشوب الحرب الأهلية السورية وممارساته بعد أن بلغ من العمر أرذله تجبرني على لوي بوزي استنكاراً لها. ********************************
نعود لفقيدنا الشاب لم يكن لي شرف لقاء الفقيد، لكني أذكر بعضاً من مآثره التي كان لها عميق الأثر في نفسي: أحد أصدقائي من بقايا رابطة العمل الشيوعي روي لي حادثة لقاء جمعه بمانديلا سوريا في أحد سجون النظام، يومها توارى صديقي في أحد المراحيض مخاطراً بعقوبة جسدية مخيفة ومنتظراً فرصة عمره للقاء المناضل الرمز، الفقيد كان قمة في اللطف والود حيث أنه حسب أن صديقي هو أحد سجاني الفرع، لكنه اشمئز منه عندما عرف أنه من معتقلي رابطة العمل. وأكد لي بعض الخبثاء أنه وبعد بدء المقتلة السورية وقبل النهاية الوديعة في باريس بين أبناءه وأحفاده، فإن الشيوعي السابق قد اعترض على بعض الأسماء المرشحة للدخول في حزبه لأنهم لم يحققوا الشروط المطلوبة في نظره حيث قال: "...بدنا ناس ولاد عيل..." و "...ما بدنا علوية معنا...".
للحقيقة والتاريخ فإن اعتراض الفقيد حينها يتوافق فكرياً مع خطاب الطليعة المقاتلة في القرن المنصرم ولكن بشكل جزئي، حيث أنهم لم يرغبوا بوجود النصيرية الكفار ضمن صفوفهم ولكن والحق يقال: إن قبول الطليعة المقاتلة لبسطاء لم يكونوا من أبناء العائلات يحسب نقطة في صالحهم وينفي الكثير من الخرافات عمن قرر تأسيس حزب لأبناء العائلات والارستقراط الشيوعيين.
بعد قرن وإن لم تقم البشرية بإفناء الكوكب فإن التاريخ سيذكر المرحلة التي تمر بها سوريا الولادة بأنها هستيريا جماعية، وهو بالتأكيد لن يقف لسرد مآثر كائنات وجدت ثم اندثرت ولم يكن لها إلا شرف الوجود كونها لم تنتج شيئاً له قيمة للأجيال المستقبلية لكن البعض اعتبرها خير من ولدت، سيتم إعادة تدوير بقايانا العضوية مع أطنان من الورق تم تلطيخها بصف كلام لا يجمعه مع بعضه إلا قطيعيته.
إياد الغفري - ألمانيا
02 كانون الثاني 2024
#إياد_الغفري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إتاداكيماس
-
الرد على الجريمة بجريمة هو جريمة
-
مبادرات جديدة
-
القبيسيات
-
التصوير الضوئي
-
لله يا محسنين
-
نظرية المؤامرة الحلقة 667
-
الثأر والكبير
-
بالنووي يا بوتين
-
النيك 18+
-
فاضت روح نبيل فياض
-
مخطوطات صنعاء
-
الألقاب
-
الانتخابات
-
المسبار
-
سب وأهان
-
الضروع العربية
-
الإكسسوارات
-
تداول السلطة
-
الدعاء
المزيد.....
-
“حليمة تعطي ترياق السم لــ علاء الدين“ مسلسل المؤسس عثمان ا
...
-
البلاغي المغربي سعيد العوادي يكشف عوالم جديدة لحضور الطعام ب
...
-
الكريسماس .. قائمة أفلام رأس السنة الميلادية 2025 الجديدة
-
مصر: وفاة أحمد عدوية أحد رموز الغناء الشعبي عن عمر 79 عاما
-
الغرافي يرصد مظاهر البلاغة الجديدة في الخطاب البلاغي الحديث
-
الممثلة الأسترالية ريبل ويلسون وزوجتها رامونا أغروما تحتفلان
...
-
مؤرخ أميركي للمقابلة: واجهت الرواية الإسرائيلية لحرب 48 من م
...
-
وفاة الممثلة دايل هادون بسبب تسرب غاز قاتل في منزلها
-
الإحتلال يستهدف المدنيين بريف دمشق + فيلم
-
السجن السياسي كما صورته السينما.. 10 أفلام بين يدي السجان
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|