|
غلق | | مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار | |
|
خيارات وادوات |
|
ح 22 و23 / رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) - عملي الروائي قبل الاخير ، 2021 - رواية غير منشورة
بضعة اشهر قليلة قضاها خالد في علاج زوجته ولم نلتق سوى مرات اربعة جاء فيها لزيارتي . . وإن كان التواصل شبه يومي يجري بيننا تلفونيا ، اطمئنانا على سير علاج زوجته ومتابعة معرفة الفحوص والنتائج للاطلاع وحول ما يطرحه الطبيب المختص بعد كل جلسة رجعوا فيها إليه لإعطاء المشورة خطوة بخطوة وتحركاته الباحثة عن معين يساعده بما يمنع توقف العلاج – لا اثق مطلقا بوجود طب علاجي في اليمن ؛ تمت عملية شبه انهاء المستشفيات الحكومية بفعل الفساد الشره للإدارات الفاشلة غير الكفؤة ولا اخلاقية من منتصف التسعينيات ، فمن كان يحتل الرئيس او في القيادة – مثلها مثل ما كان يجري في كل عموم الدولة – يكون التعيين سياسي ، ويعد هبة للمعين ، يدير المشفى بما يجني له من ورائه ثروة وجاه من الميزانية العامة والدخل والمنح الداعمة نقدا وعينا ومشاريع وهمية بالتوسعات والاستحداثات من الاقسام والعيادات التخصصية ، حيث تختفي بعد كل عام الادوية والاجهزة باهظة الثمن . . وحتى الوسائل والادوات الاولية التمريضية ، فالرئيس يدير كل شيء بمزاجه ويجيز التعسف والسلوك المتعجرف لموظف من مفاصل جهازه الاداري او طبيب او مختبري او ممرض محسوب عليه . . تجاه اطقم العمل المختلفة . . خاصة الاطباء – يشوفون انفسهم فوق الاخرين . . حتى رئيس المستشفى – عصابة لها مطلق التصرف الاستهتاري غير المراقب والمحاسب ، مثل ما كان يجري انهيارا تدريجيا لهذه المشافي ، كان يجري معه انسحاب الكفاءات تاركة فراغات لمن يحتل مكانهم من المتخرجين الجدد على مخرجات تعليمية وخبراتية هابطة ، قادوها وشبكة التحكم الاداري والمالي الفاسد نحو انتهاء سمعتها وقدرتها التي بنيت خلال ثلاثة عقود سابقة ، جاء ليحل محلها الطب التجاري لمسمى المستشفيات الخاصة ، يتم خلالها استنزاف جيوب المحتاجين للرعاية الطبية ، حتى في ابسط الامراض السيارة ، بتوهيمات الاشتباه بأن الحالة المرضية البسيطة تخفي وراءها مرضا خطيرا . . حتى بعد النفقات المخيفة وراء كل انواع الفحوص والاجهزة التي لا تظهر شيئا خطيرا . . تكرر الدورة اكثر من مرة ، وحين يجد الطبيب بساطة الحالة المرضية ولا تستدعي مزيدا من الخداع – وفق سياسة المشفى – بعد ما يخدرك بكلامه المعسول بحمد لله اطمنا من عدم وجود شيء خطير . . يصرف روشتة الدواء بأصناف عديدة كثير منها غير ذات قيمة علاجية . . إن لم يكن لها اعراض جانبية مع تناولها او بعد الشفاء ، يوجهك بتحذير على شراء العقاقير التي كتبها ونفس الشركة في روشتته ومن الصيدلية باسمها ومكانها الخاصة بالمشفى او خارجه ، التي يتحصل منها على نسبة من فوائد من يرسلهم لشراء العلاج ، ذات الالية ايضا مع المختبرات الطبية والفحوص الجهازية ، كلما زادت انواع الفحوص والكشف وقائمة الدواء بالسعر المكلف للدواء الواحد من الشركة التي حددها الطبيب باسمها . . ولا يقبل ذات الدواء لشركة اخرى بسعر منخفض . . معللا تشكيكه بضعف الصناعة وانخفاض فائدته العلاجية ، وكلما زاد العدد ممن يرسلهم تزيد قيمة المبالغ للنسبة التي يتحصل عليها الطبيب – وهو نفس الاجراء المتبع بين الطبيب وادارة المشفى ، غير راتبه المتدني . . يعتمد دخله الخرافي بزيادة عدد الذين يكشف عليهم – لا يتعدى فحص الواحد دقائق بسيطة معدودة – ومع كل عودة يحسب له كفحص جديد ؛ هو ما يجعل المريض رائح جاي . . مبعثرا للمال حتى لو كان مستدانا له لا يقوى على سداده بفعل خوفه على حياته بما اوحي اليه . . طبيا – لن يصدق عقل اعتيادي في الكون ، أن تكون مهنة الرحمة آلة حمقاء تتعيش على المرضى وبخداع رخيص من موهمات التخويف ؛ ايصدق عقلا سويا طبيبا يصرف علاجات لحالة مرضية بسيطة . . يعود المتعالج بمتضررات صحية اشد مرضا وخطرا على حياته من الدواء المصروف له ، يعتذر ويغير اسم نوع العقاقير مضافا اليها دواء او اكثر لعلاج ما طرأ عليه من توعك . . ببساطة – قد لا تصدقني إن قلت لك بوجود مثل هذا الاخير من يجعلك تستخرج ورقة كشف جديدة وتدفع رسومها . . ويعيدك لإجراء فحوصات جديدة لما ظهر عليك بعد تناول الادوية من اعراض لا توحي بالاطمئنان – ما لا يمكن تخيله عند انسان بلد آخر . . طبيب مختص يقر اجراء عملية ما – ظنيا او استعباطا بجهل غالبية القادمين للعلاج - لمريض لا يعاني من مشكلة عضوية تحتاج لتدخل جراحي و . . اعراض حالته لا علاقة لها بذلك – فقط لاستنزاف ميزانيته ، أما الوجه الاخر غير المصدق ؛ بعد إجراء عملية جراحية لعضو سليم باشتباه ظني ولم يكشف الفحص الجهازي الطبقي او الموجي او الاشعاعي او غيره وجود تضرر فيه ، ليجد عضوا اخرا مصابا تعود اليه اعراض شدة المرض . . ليقر تشخيصا جديدا لعملية اخرى مستعجلة – طبعا كله دفعا ماليا وحجز سرير وفحوص وادوية مجددا . . الخ – وكثير من يموتون لخطأ طبي قاتل في هذه المستشفيات . . دون مساءلة ، يقولون ذات الكلام المردد في أي جهة تذهب مبلغا او شاكيا إليها . . هذا قدر من الله ، لا احد يستطيع تغيير ما قدره ، عسى استعجال موته ذلك كان رحمة من الله عليه ، خفف من عذابه الذي لا يعرف به غيره . . إذا ما بقي حيا لوقت طويل ولم يمت حينها ؛ إن الاطباء والمشفى عملوا ما باستطاعتهم . . لكن إن قضى الله بأمر ليس باستطاعة من كان أن يستقدم او يؤخر ما قدره بنفسه – قطعت روحي ازمة خالد ، جبرا عليه أن يخوض ماراثون الخداع والابتزاز والانهاك والعذاب لعلاج زوجته هنا ، فهو لا يمتلك نفقات السفر الى الخارج – سقطت بسمة احتقار صامته من فمي ودماغي يعاني انشغاله بما الم به ، تكلفة العملية المقر اجراءها – او أي عملية اخرى – تكلفة اجراءها اغلى بأضعاف من نفسها التي تجرى في الخارج ، واقل كفاءة وعرضة للموت في العمليات الكبيرة ذات المحاذير في درجة الخطورة عند اجرائها – ليس غريبا . . أن الطب من اصل هذا الواقع ، يعلف مالك البقرة الامي اعشاب ومواد لعلاج مرضها ، إن حيت كان بها . . وإن ماتت فهو عمرها ومقدر عليه أن تنفق ، والجراح مثل الجزار المبسمل لتكون ذباحته اسلامية . . يصدق خلال سمع قوله بسم الله الرحمن الرحيم عند نحره العنق ، إن مات اناس واسعفوا بحالات خطرة من تسمم اللحم لجهل بالعلم خلال الذباحة والتقطيع والتعقيم والحفظ للأجزاء المقطعة ، . . لا يرى الناس سبب موت أولئك ومن اسعفوا لا علاقة للجزار بذلك ، فقد اتبع السنة . . حتى في موضع الذبح السليم من العنق ، اولا هو قدر من ماتوا ومن اسعفوا ، ولا يعرف السبب إلا الله ، وإذا اردنا أن نفترض . . فربما البقرة المذبوحة ملعونة او مريضة ؛ الجزار عمل ما عليه . . جزاه الله خيرا – ذاته الطبيب ، حرام اتهامه . . وهو كرس جهده واقصى ما لديه من اجل انقاذ المريض – كلام فاضي أن يشعر الطبيب نسبة الخطورة والنجاح لعملية من العمليات الدقيقة الخطرة ، وتطلب الموافقة بتوقيع المريض أو من هو اكثر قرابة اليه إن كان فاقدا للوعي ، فإن مات المريض بخطأ جراحي أو نقص المهارة او المعرفة الدقيقة جدا و . . حتى بلا كفاءة الاجهزة والادوات والطرق الجراحية المستخدمة مع الحالة الدقيقة الخاصة عند المريض ، التي تتطلب ما هو اكثر تطورا ودقة من تلك المستخدمة ؛ حتى لو ما قدمت نسبة الخطورة الافتراضية متدنية كثيرا عن حقيقتها المرتفعة جدا لقلة الكفاءة المستخدمة ، وكانت نسبة النجاح عالية جدا عن حقيقتها داخل غرفة العمليات . . ومات المريض ، يقول طاقم العملية الجراحية ووثيقة الموت . . لم يكتب له عمر اطول ، كانت عملية صعبة جدا ؛ بذل الجراحون استطاعتهم – وهم من اشهر الجراحين عالميا واسمهم معروف في الخارج . . ويجرون هناك من اخطر العمليات في العالم – لن يكون في مقدورهم تغيير المكتوب من الله . . بتأجيل ساعة موته . . المقدرة منه سبحانه وتعالى أن يلفظ روحه في غرفة العمليات وبين يدي من هم اشد رحمة من الخلق – اوجعني دماغي طويلا من التفكير بما ألم بالقرشي في مرض زوجته ، اوقات متعددة يسيطر حضورها على ذهني مؤخرا ، كلما خلوت الى نفسي او اذهب للنوم بحالات من التعسر ، كان سفرهما الى القرية لفترة وانشغاله المنقطع من التواصل معي بعد عودتهما لاستكمال العلاج . . جفف ذلك الارق ودوامة التفكير من اجل صديقك المقرب ، على الاقل هذا ما يمكن أن تقدمه حبا وامتنانا ووفاء له ، ما دامت مختلف الوسائل المعينة الدالة عن التعاطف وتقدير قيمة تلك الرابطة بينكما . . تبخرت كليا في زمنية حرب اللاحرب ، . . أن وقت ظهوره تصاحب باختفاء . . حتى آخر رائحة من القدرة التي كانت في وقت سابق ممكنه . . .
|
|