حرب الكيان الصّهيوني على المستشفيات
حزب الكادحين
2023 / 11 / 23 - 11:04
المستشفيات أهداف عسكريّة بالنّسبة لجيش العدوّ
------------------------------------------------
بعد ليلة من القصف الوحشي على المستشفيات، صبّحت دبّابات العدوّ يوم الجمعة 10 نوفمبر 2023 تحاصر 4 مستشفيات في محافظة غزّة. والهدف هو تقتيل ما تبقّى من أحياء داخل المشافي من مرضى ومصابين ولاجئين وطواقم طبيّة وفي ضواحيها.
فقد ظهرت صباح هذا اليوم مجموعة من دبّابات العدوّ بالقرب من مستشفى الرّنتيسي الذي يقع في شارع النصر وهو أحد الشوارع الرئيسية غرب مدينة غزة وهو الذي أحرق القصف طوابقه السّفلى ليلة البارحة، كما تتمركز آليات الاحتلال بأعداد كبيرة على بوابة مستشفى النصر للأطفال، كما تقدّمت آليات العدوّ وهي تبعد أقل من كيلومتر واحد عن مجمع الشفاء في غزة. وهناك أنباء عن محاصرة دبابات الاحتلال للمستشفى الاندونيسي في شمال قطاع غزة.
في ذات الوقت، تمكّن قنّاصة من اعتلاء سطوح البنايات العالية في بعض الاحياء من مدينة غزة وهم يطلقون لرصاص صوب كلّ من يتحرّك.
وبالموازاة مع ذلك تطالب قوات جيش الاحتلال السكّان بمغادرة منازلهم والمستشفيات والتوجّه جنوبا وذلك في ظلّ القصف المتواصل.
وتدور اشتباكات في المناطق التي سيطرت عليها دبّابات الاحتلال بين هذه القوات ومقاتلي المقاومة الفلسطينية، وقد وردت أنباء عن مقتل جندي في جيش العدوّ متأثرا بجروح أصيب بها قبل يومين، واعترفت مصادر عبرية بارتفاع عدد القتلى من جنود الاحتلال إلى 38 منذ بدء العملية البرية في القطاع.
احتلال مجمّع الشّفاء جزء من مشروع "النّكبة الثانية"
-----------------------------------------------------
في اليوم الأربعين، 15 نوفمبر 2023، من حرب الإبادة أقدم جيش الاحتلال على اقتحام مستشفى الشفاء في مدينة غزّة وقام تحويله إلى ثكنة عسكريّة بعد أن حاصره لمدّة ستّة أيّام متواصلة. فقد قامت الأليات العسكريّة باقتحام مشفى الشفاء فجرا من الجهة الغربية وانتشر العسكر في عدد من مباني المستشفى وتمّ تفجير مستودع للأدوية والأجهزة الطبية، كما أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال عدد من النازحين وذوي الشهداء والجرحى الموجودين في المجمّع بينما تمّ احتجاز أكثر من 200 فلسطيني في ساحة المستشفى، ومن جهة أخرى وقع طرد أطفال ومرضى من المستشفى إلى الشارع وحرمانهم من تلقي العلاج.
وقد منع اقتحام بعض أقسام المشفى الإطار الطبّي من التنقّل بين أقسامه، وذلك في الوقت الذي كانت جثث الشهداء منتشرة في المبنى منذ أيّام بسبب الحصار المتواصل من قبل أليات العدوّ وجنوده. فقد أكّد مدير مجمع الشفاء بغزة بأنّهم لم يتمكّنوا من دفن سوى 82 جثة بينما بقيت 60 جثة أخرى بقسم الطوارئ لم يتمكّنوا من دفنها في ساحة المشفى. ويُذكر أن عشرات الجثث بقيت منثورة لأيّام في ساحة المجمّع حتّى بدأت في التحلّل وأصبحت هدفا لنهش الكلاب السّائبة.
صبيحة يوم 16 نوفمبر 2023، نفّذت قوات الاحتلال بالدبابات والجرافات عمليّة اقتحام ثانية لمشفى الشفاء من النّاحية الجنوبيّة هذه المرّة، والحال أنّه يقع تحت سيطرتها من اليوم السابق حيث رابطت آلياتها وقواتها ببعض الأقسام بعد أن تمكّنت من العثور على مبتغاها، حسب أكاذيبها، فقد ادّعت انّها عثرت على قاعدة للعمليات العسكريّة تابعة للمقاومة الفلسطينية داخل المستشفى، وقد فبركت لأجل ذلك شريطا مصوّرًا هزيلا لا يتوفّر على أيّة حجّة تؤكّد تلك الادّعاءات، بل إنّ ناشر شريط الفيديو نفسه قام بعد مدّة زمنيّة قصيرة بإدخال تعديلات على النّسخة الأولى من التّسجيل، وهو ما قوّى من حجج تفنيد تلك الادّعاءات لمن كان لديه شكّ حولها.
إنّ ما أقدمت عليه قوات الاحتلال في هذا اليوم يطرح تساؤلات حول الجدوى من تنفيذ عمليّة اقتحام ثانية بتلك الآليات الرّهيبة، بعد ان أصبح المشفى تحت سيطرتها منذ يوم كامل دون أن تتلقّى مقاومة سوى رفض الفلسطينيين الموجودين بداخله مغادرته ؟ إنّ الكيان يوهم من خلال هذه العمليّة عناصر المقاومة موجودين في هذا المشفى وبانّ "الأنفاق" أيضا موجودة وبالتالي وجب ملاحقة تلك العناصر واكتشاف تلك الانفاق وتدميرها، وهذا يتطلّب المزيد من الآليات والجنود للقيام بهذه المهامّ، وذلك يتطلّب طبعا أكثر ما يمكن من الوقت. ولا شكّ انّ وزارة الحرب، وزارة الإبادة ستخرج على العالم بفيديو جديد موشّحا بأكاذيب جديدة لتبرير ما أقدمت عليه، مع أنّ احرار العالم أصبحوا يدركون أنّ كلّ ما يقوم به الكيان لبيس في حاجة إلى أيّ تبريرات من قبله. ولأجل ذلك تقوم جحافل جنود العدوّ وألياته بتدمير أقسام المشفى تدريجيّا وتطالب الإطار الطبي والمرضى واللاجئين الذين نزحوا إلى المجمّع بمغادرته حيث لن يبلى لهم ركن يحتمون به امام عمليّة التدمير المتواصلة.
هذه ليست إلاّ بعض من الأكاذيب والاساطير التي يعمد الكيان إليها لتبرير سيطرته على هذا المشفى، والحقيقة انّ استكمال السيطرة عليه سيمكّنه من احتلال موقع "آمـن" بالنسبة إليه حيث لا يتجرّأ المقاومون على توجيه أسلحتهم إلى المستشفى، ثمّ إنّ السيطرة على المستشفيات تدخل ضمن مشروع ترحيل الفلسطينيين نحو جهات أخرى وخصوصا نحو جنوب القطاع حيث يريد الكيان إفراغ المناطق الشمالية بدءًا من محافظة غزّة من سكّانها وهو ما يعمل على تحقيقه منذ بداية عدوانه في 7 أكتوبر، وبما أنّه يدرك أنّ الفلسطينيين لن يتخلّوا عن أراضيهم مهما بلغها من دمار فإنّه لن يتأخّر في إنجاز ذلك بقوّة السّلاح. وقد أقدمت القوات الرّابضة بالمستشفى على تحقيق ذلك بالقوّة صبيحة يوم 18 نوفمبر، اليوم الرّابع من الاقتحام، حيث أجبرت كلّ من في المستشفى على مغادرته باستثناء 120 من المرضى غير القادرين على الحركة و6 أطبّاء. ويتّفق ما تقوم به قوات الاحتلال من خلال إصرارها على البقاء في مشفى الشفاء كلّ ما تقترفه من عمليات تدمير وإبادة متواصلة تستهدف مختلف المنشآت في مختلف المناطق، فكلّ ما تقوم به يصبّ في هدف واحد هو إفراغ القطاع من سكّانه وتهجيرهم نحو منطقة أخرى على الأرجح أنّها ستكون شمال سيناء المصريّة كما يسرّب من خلال بعض وثائق الاستخبارات الصهيونيّة، رغم تعبير النظام المصري عن رفضه لذلك، وما سياسة ترحيل الفلسطينيين على جنوب القطاع إلاّ المرحلة الأولى في إطار تحقيق هذا الهدف وإلحاق نكبة ثانية بالشعب العربي في فلسطين، لكنّ الصّمود الذي يبديه هذا الشعب في مواجهة آلة التدمير والتقتيل سيجعل هذا الهدف مجرّد حلم مستحيل المنال.
المستشفى الاندونيسي على خطى مجمّع الشفاء
---------------------------------------------
يوم الأثنين، 20 نوفمبر 2023، شمل القصف الحربي للعدوّ الصّهيوني المستشفى الاندونيسي الواقع في شمال قطاع غزّة. فبعد المجازر التي تم ارتكابها في عدد من المستشفيات الأخرى على غرار المعمداني والرنتيسي والشفاء... حاصرت قوات الاحتلال بمعدّاتها الحربية في اليوم الخامس والأربعين من بداية حرب الإبادة المستشفى الاندونيسي الواقع في شمال قطاع غزّة.
ثمّ شرعت هذه القوات بقصف المستشفى بالمدفعية ورصاص القناصة المتمركزين بعدد من البنايات في محيط المشفى. وقد أسفرت هذه الجريمة عن سقوط 12 شهيدا في حصيلة أوّلية 11 منهم من بين الجرحى الموجودين داخله وطبيب. كما ادّت الجريمة الى انقطاع التيار الكهربائي عن المشفى بعد توقف المولدات عن العمل وهو ما يرجح ارتفاع عدد ضحايا هذه الجريمة ضدّ ما يقارب 700 من الطواقم الطبية والمرضى والجرحى إضافة إلى آلاف النازحين المحتمين بهذه المؤسسة الصحيّة.
وبهذه الجريمة يلتحق مستشفى آخر بقائمة المستشفيات التي حوّلتها الآلة الحربية الصهيونيّة إلى مقابر جماعيّة. غير انّ الأسوأ هو ان يلقى الاندونيسي نفس مصير مجمّع الشفاء، خصوصا وانّ الحصار المضروب حوله مازال قائما، فهل انّ الاحتلال يتهيّأ لاقتحام هذه المؤسسة الصحية وطرد المقيمين بها ؟ هذا ما ستجيب عنه السّاعات القادمة.
---------------------------------------
جريدة طريق الثّورة