غزة . . لحظة الحرية للعالم - من يلتقطها ؟
أمين أحمد ثابت
2023 / 10 / 26 - 09:15
...... كتب هذا الموضوع قبل المقال المنشور الأخير في 24/10/2023م
" صبرا أهل غزة ، قريبا موعدكم فلسطين المستقلة "
خارج مشهد الحرب الابادية المختلقة لفاشية الصهيونية العنصرية على غزة وأهلها المدنيين . . بترسانة حربية أمريكية وغربية متوحشة ، يمكننا القول اليوم تدفع غزة اثمان كبيرة وغالية من كافة الجوانب ، رفضا للتهجير الجماعي عن ارض الوطن . . تحديا شجاعا ضد الخوف من صور الموت المتعددة بالآلة العسكرية الشوفينية الإسرائيلية ، وإذا قد قدر لها – في صبرها المغبون – أن تكون سر العالم ، فمن خلالها وما هو مسلط عليها من أفعال إجرامية لم تعرفها البشرية بهذا القبح ابدا و . . باجازة أمريكية وذيلية محور الغرب الأوروبي الاستعماري بطابع نازي جديد – إذا بها تحمل مؤشرات ( الخلاص ) لتحرر كل شعوب الأرض من الشر القادم لنهج الامبريالية الامريكية المتوحشة كسيد يمتلك العالم ويحدد مصيره ومصير أي مجتمع بلد على امتداد خارطة الكرة الأرضية لبلدان العالم اجمع وفقا للمصالح الامريكية وغاياتها وامزجتها – وطبعا بتوزيع نسب لحاشيتها الغرب أوروبية الذيلية .
فهذه القدرية ( السامية ) – لعودة انبعاث الحرية لشعوب الأرض - لم تكن تكفي لفشل محور الشر الغربي الخماسي في الحرب الأوكرانية عبر الضربة الاستباقية لروسيا ، والمحتاجة تكملة لحرب الوكالة التايوانية مع الصين ، والتي قطعت بدرجة نسبية بذلك الفشل الأول تجاه روسيا ، ولذا فإن وصول بلدان العالم لاتخاذ موقف – دون دفع ثمن – للولوج من نافذة الضوء لنيل الحرية بيسر سيأخذ زمنا تدرجيا ليس بقليل للوصول الى تلك اللحظة التاريخية لتغير قيم العالم وحياة انسانه العادلة دون تفريق عنصري او عرقي او ديني . . الخ ، بينما غزة – بواقع الحرب النازية الامريكية – الأوروبية بوكيلتها إسرائيل العنصرية الدموية - تمتلك خصوصية معادلة اللحظة التاريخية لتحول العالم لامتلاك الحرية لبناء النظام العالمي الجديد القادم القائم على الندية المتساوية بين الشعوب المستقلة عن أية تبعية او املاءات لمركز قطبي متحكم ، وحيث يقوم على تبادل المنافع العادلة بين الأطراف .
وعليه ، فثبات موقف البلدان العربية على موقفها القيمي والإنساني مع غزة والقضية الفلسطينية وعدم الخضوع للابتزاز الأمريكي وذيوله الأوروبية الغربية او لين الموقف تحت التلويح الضمني من غضب البعبع الأمريكي لاستحضار ( وهم الخوف ) من آلياته الخفية للإضرار بأي بلد لا يخضع لإرادته واملاءاته بالالتفاف وراء المغالطات والاكاذيب المخالفة لكل القيم الإنسانية وليست المنافية للمبادئ العالمية والقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة – ثبات الموقف برفض ما تقوم به إسرائيل تجاه غزة والشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وحل طابع الصراع بالعودة لتنفيذ القرار الاممي بحل الدولتين المستقلتين مع اخلاء المستوطنات المغتصبة وإعادتها الى خارطة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق التقسيم الدولي 1967م. – وهو الممكن - للحدود بين الكيانين الفلسطيني – الإسرائيلي ، مع وقف الحرب سريعا ودون تأخير ، وفتح المعابر دون قيد او شرط للمواد الاغاثية لغزة المنكوبة – ومن ثم الشروع في مباحثات الحل النهائي للصراع بتقديم اولي باطلاق كل الاسرى والرهائن . . بما فيهم تصفير عدد المساجين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية .
إن ثبات الموقف العربي والإسلامي بقدر ما يمثل موقفا مساندا منقذا للأشقاء الفلسطينيين وايصالهم لنيل دولتهم الحرة المستقلة عن أي احتلال ، فإنهم يتخذون الخطى الأولى للتحرر من التغول الأمريكي والاوروبي الغربي المستمر على بلداننا العربية منذ اكثر من قرنين ، وهي الخطوة التي تخلق الخطوة الثانية آليا وبصورة عفوية للولوج العربي نحو امتلاك الحرية دون وصاية اية طرف كان نافذ عليها عبر تاريخها السابق ، وهي خطوة سيجد فيها كل بلد عربي أنه رقما مهما وخطيرا عالميا ، وانه يمكنه خلق النمو والتطور المجتمعي بيسر دون صعوبات – كون غالبية الاعاقات التي عانتها وتعانيها البلدان العربية بفعل الأدوار الخفية للاستعمار الغربي الامبريالي الفاشي بما يفرخه من بنى اعاقية وصراعات وتهشيم للقيم وتشويهها – كالفساد ووكلائها في الداخل – وهو ما سيمنح العرب حقيقة نيل المصالح الاقتصادية من خلال ( وحدة الكتلة العربية ) وفي مسار صيغة أوسع نسبية ( التحالف الإسلامي - العربي ) وفي متجه بناء ( التحالفات الاقتصادية الدولية ) المتقاربة معها ، لتدخل في معادلة تحقيق غاياتها في كتلتها الخاصة في منظومات ( التكتلات العالمية ) .
وبقدر الأهمية العالمية للمنطقة الاوراسية – تجاريا واقتصاديا وامنيا دوليا – وبحر الصين وبلدان جنوب ووسط اسيا – وهو ما كان وراء المخطط الأمريكي الخفي لحصار روسيا واضعافها خلال قيام حرب اوكرانية ضدها بتحالف أوروبي وسياج حربي دولي ممثل بحلف الأطلسي ، وذات النهج كان معدا للصين بتفجير حرب تايوانية معها – بينما اصبح معلوما لدى كل العالم والبلدان الكبرى القطبية بأن المنطقة العربية هي الأهم والأخطر مكانة وقيمة في العالم و . . مضموما اليها بقية بلدان مشكلة بما يعرف بالشرق الأوسط ، فهي منطقة الثروة الاغنى في العالم – في مصادرها الطبيعية ومخزونها وفي ثروتها النقدية – وهي الممتلكة بمواقعها الجغرافية والجيوسياسية الأخطر في العالم ، والتي تمر خلالها حركة التبادل التجاري العالمي ، والتي تكشف محوريتها لتكون مركزا تجاريا عالميا ومركزا محوريا بؤريا لشبكة ربط كامل قارات العالم ببعضها البعض وبلدان العالم مع بعضها – من هنا ، بقدر ما تمثل إسرائيل الوكيل الأمريكي في مشروع الشرق الأوسط الجديد القادم في الاجندة الامريكية في اتجاه اللهث الفاشي لتثبيت متوازن القوى العالمية وفق المشيئة الامريكية بأن تكون القطب المنفرد تسيدا على العالم وفوق مختلف بقية الأقطاب – فإن الافشال الكامل للحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة . . في عدم تحقيقها لأي هدف من أهدافها المرسومة وراء هذه الحرب ، بغض النظر عن طابعها البربري الانتقامي المتوحش المخالف لكل القيم والأعراف والقوانين الإنسانية ومبادئها – هذا الافشال للمخطط الصهيوني . . خاصة وبعد خلع قناعها الترويجي ( التوهيمي الزائف ) لاسطورية آلية حربها التي لا تقهر ، فإنه سيفرض واقعا ليس بعيد بتحجم إسرائيل الصهيونية وفق ( حقيقتها الوجودية الذاتية ) في محيطها العربي ، بعد تآكل ( الستار الظلي ) – الأمريكي – المانح لها موهم الدولة التي لا تقهر ، حيث توهماتها الانتقامية المختلة نفسيا وغير قابلة للجم حتى من سيدها الامريكي على غزة وأهلها والفلسطينيين من مواطني الضفة الغربية المحتلة ، فإن سلوكها المرضي بالقتل الابادي الجماعي والتدمير الشامل سيقود سريعا لوحدة الموقف العالمي المدين لها والمطالب بمحاكمة قادتها المستلذين بقتل الأبرياء – صورة اسطورة الهولوكوست اليهودي بهولوكوست عربي فلسطيني – وهو بقدر ما يسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد القادم وفق الاجندة الامريكية وبمشاركة ذيولها الغربيين ، فإن الستار الفولاذي الظلي الغربي لمنح اسطورية الجيش الذي لا يقهر ودولة نظامه الأعلى تطورا في المنطقة وبطابعه العنصري التمييزي لجنس مواطنها كأعلى قيمة من اجناس الأعراق الأخرى ومنها العرق العربي – والذي يعني بداية الذوبان التدريجي لغطائها الحامي ، حيث ستجد أمريكا وحلفائها الغربيين أن بقاءها سندا لإسرائيل وجعلها فوق القوانين الدولية ولا تطالها في افعالها الاجرامية المتوحشة . . ذاهبة نحو فقد مصالحها مع البلدان العربية والإسلامية والشرق أوسطية ، وستخسر قيمتها الأخلاقية وسمعتها عالميا و . . انفضاح ادعاءاتها بالتطور الحضاري وكل ما اطلقته وتطلقه من قيم إنسانية سامية تسعى لأن تصبح عالمية بقيادتها ، وانها لم تكن سوى حاملة ( اقبح القيم اللانسانية ) التي كانت تخفيها وراء الخداع – وهو الانفضاح الذي أشار إليه بوقت مبكر فلادمير إليتش لينين . . بمعنى من المعاني ، بتحول الرأسمالية الغربية في مراحلها المتأخرة من التطور بأن تصبح امبريالية متوحشة . . تمارس عداء وانتهاكا لك القيم الإنسانية . . بما فيها التي انتجتها في مسارها الثوري التطوري الى ما قبل وصولها الى المرحلة الامبريالية – كما ويشير ماركس بما معناه في طابع الإنتاج الرأسمالي بتطوره المغير للحياة وانماط العيش والاستهلاك ، إلا أن ذلك المسار التطوري يقود تدريجيا لجعل ( الانسان سلعة مسعرة ) كغيرها من السلع الاستهلاكية المطروحة للعرض والطلب ، والذي هو يكون على حساب القيم الإنسانية – أي تصبح قيمة الانسان محددة بثمن سعري نقدي في وفق متطلب سوق العمالة ومسألتي العرض والطلب – هذا ما سيصل إلية محور الشر الغربي الخماسي وولدانه ككندا واليابان وغيرهما . . قد آن الأوان للانسحاب تدريجيا كظل قوة مخفية وراء اسطورة إسرائيل في استمرارية مسارها المرضي في الحرب على غزة ومسألة اقتحامها وتهجير الفلسطينيين منها ومن الضفة لتصفية القضية الفلسطينية – كون عندها المرضي حرض العالم عليها ومن ورائها ، وهو ما يسبب افقادا للمصالح الغربية وخسارة علاقاتها مع العرب ومختلف بلدان العالم ، والذي معه لن تفقد فقط طابع النظام العالمي الجديد القادم وفق مشيئتها ، بل ستخسر نفسها وقدرها حتى التوازني مع غيرها من الأقطاب الكبرى كروسيا والصين ومن تلك النامية في اتجاه صفة حضورها كأقطاب جديدة اقتصادية في طبيعة النظام العالمي الجديد .
وعند هذا الأخير ، فإن غزة بأحداثها المأساوية تمنح كل بلدان العالم بوقوفها القيمي الثابت مع غزة . . تحيزا ضد أفعال الاجرام الهيستيرية الوحشية في إبادة الأطفال والنساء وتحيزا دفاعيا مقاوما لسيادة القوانين الإنسانية والمواثيق الدولية الحامية لحقوق الانسان وحق الشعوب دون تمييز عرقي او جنسي او ديني او حتى تفوقي عسكري او اقتصادي – وهو ما سيحركها آليا نحو التحرر من عقدة النقص او الضعف تجاه بلدان المركز في التحكم العالمي ، لتجد نفسها بمناهضتها للتجبر الوحشي العسكري الاجرامي لإسرائيل . . تصطف في اتجاه المناهض للإرادة والغايات الامريكية وذيولها الغربية الأوروبية الحامية للأفعال الاجرامية التي تمارسها إسرائيل ، وهو ما سيهيئ لها السير في طريق الانعتاق التدريجي عن ( التبعية ) لمركز النفوذ الأمريكي او مراكز النفوذ الغربي الامبريالي – وهو انعتاقا يذهب بهذه البلدان وشعوبها نحو ( امتلاك الحرية ) .
ولن نطيل تحليلا – حول متجه سير الاحداث او المآلات القادمة ( غير المقروءة ) – والتي قد نقدمها في مواضيع أخرى قادمة – ولكن يمكننا أن نقول أن المعادلة العربية الموحدة قيميا ضد الالة الحربية الصهيونية بعد كسر شوكتها – فللأنظمة العربية الحاكمة عدم الخضوع للابتزاز والترهيب الأمريكي والاوربي ، واتخاذ المواقف الاجرائية للجم اسرائيل والتلويح بتعليق ومن ثم قطع العلاقات الدبلوماسية وتصفية المصالح وطرد الشركات الاجنبية التابعة لبلدان محور الشر الغربي الخماسي وخداميهم الملحقين . . مع التهديد من قبل الدول العربية بإنهاء التطبيع الكامل مع إسرائيل ، أما بالنسبة للمقاومة الفلسطينية فقد انهار على يدها البعبع الإسرائيلي ، ولا ترعب وحدة المقاومة العربية بفصائلها لبلدان الطوق على فتح الجبهات من التهديد الأمريكي والاوروبي الغربي ، ولتقف عند كلمتها ولا تثنيها – وليس الجيوش الرسمية لبلدانها – بينما تظل الجيوش الرسمية النظامية العربية في حالة استعداد قصوى ل ( الدفاع عن بلدانها ) إذا ما حاولت إسرائيل الهروب نحو حرب مع بلدان الجوار العربي – ومع إطالة الحرب تغرق نزعات إسرائيل وافعالها الاجرامية غير القابلة للكبح لتورط عسكري عملياتي اكبر فأكبر لامريكا وذيوله الأوروبية في المنطقة ، والتي لن تفرمل إلا بدخول معادلة القوة العسكرية التسلحية الموازية لها على الخط – الروسية والصينية – والتي ستهدد بقيام كارثة قيام حرب عالمية ثالثة تهدد الكوكب برمته – فحضور توازن القوى يدفع نحو حل إشكالية المنطقة بدبلوماسية سياسية – وحتى بالنسبة تحديدا لروسيا يعد استقدام الاسطول والبارجة الامريكية ومسانداتها الغربية البحرية والجوية . . يعد ذلك نوعا من الكمين الاستدراجي لروسيا للوقوع في حالة توتر تماسي للقوى الحربية في المنطقة و . . ذلك لإرباكها في جبهة جديدة ( توهم بالاشتعال ) وذلك بما يؤثر على تخفيف القبضة الروسية في حربها في أوكرانيا – وما الترويج الأمريكي بقدوم قوته العسكرية المفرطة في البحر المتوسط فقط وفق ادعائها لمنع توسع الحرب بفتح جبهات أخرى خارجية تدخل فيها ، وبتصريح ما تسميهم بوكلاء ايران في المنطقة . . وليس مستبعد دخولها الحرب ضد إسرائيل – بينما الحقيقة ليست كذلك – وعموما فتوحيد العمل الفصائلي لمختلف الأحزاب المقاومة للاحتلال سيوصل مؤكدا لانهاء الاحتلال ونصرة اهل غزة ومسار فعلي واقعي لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية .