الاحتباس الحراري وتحديات التي تواجه البشرية
فواد الكنجي
2023 / 9 / 28 - 09:38
ما يشهده كوكبنا (كوكب الأرض) من موجات ارتفاعا للحرارة ونشاط العواصف.. والفيضانات.. والجفاف.. وموجات الحر الشديد.. والحرائق.. والأعاصير بجميع أنواعها المتعددة.. والمتصاعدة؛ والتي أخذت تجتاح عددا من دول العالم؛ ما هي إلا مجرد بداية لكوارث مناخية غير مسبوقة وبداية إرهاصات لتدهور في مستوى الانبعاث والاحتباس الحراري؛ قد تتسبب في حصول كوارث طبيعية غير مسبوقة من شانها إن تهدد الوجود البشرى والحياة على كوكب الأرض .
التغير المناخي يهدد وجود الحياة على الكرة الأرضية
وفق علماء المناخ فأن (الأرض) تمر في عصرنا هذا في مرحلة جديدة لم يشهده العالم طيلة السنوات الألف الماضية؛ حيث لم تبقى أي قارة من قارات العالم في منأى عن هذه الكوارث من حيث تزايد أنشطة الأعاصير النشطة ومعدل ارتفاع درجات الحرارة العالية؛ والتي قد تصل إلى مستويات خطرة لدرجة التي بدأت تهدد وجود الحياة على الكرة الأرضية؛ لما تحمل هذه الأنشطة من كوارث وتغييرات في المناخ؛ التي بموجبها تهدد حياه الإنسان والكائنات الحية وتغير من تضاريس الأرض، وإذ ما استمر المناخ في هذا المسار نحو التغير فانه – لا محال – سيؤثر على الصحة بشكل مباشر نتيجة تلوث الهواء لارتفاع درجات الحرارة والذي يؤدي إلى سخونة الهواء وعدم نقائه بما يسبب ذلك في مشكلات عامه في الصحة.. والصحة العقلية والنفسية.. وإمراض الصدرية والتنفسية.. وامرض أخرى؛ كما إن تغير المناخ سيؤدي إلى تدهور الإنتاج الزراعي وتأثيره على نمو النباتات وتنوعها؛ كما يوثر ذلك على الثروة الحيوانية.. والطيور.. والثروة البحرية .
مخاطر الاحتباس الحراري بين الإمكان والممكن
ويؤكد معظم (علماء البيئة) بان (الاحتباس الحراري) يمكن السيطرة عليه إذ التزمت دول العالم وحكوماتها.. والشركات.. والمصانع.. والمعامل؛ بخطوات منع (الانبعاث الحراري) المسببة للاحتباس الحراري؛ وذلك باستخدام مصادر الطاقة المتجددة و من خلال الحصول على احتياجات الطاقة من مصادر بديلة جديدة وصديقة للبيئة؛ بدلا من الفحم.. والغاز.. والنفط، ومن خلال توسيع استخدام الطاقة الشمسية.. وطاقة الرياح.. وطاقة المياه.. وإنتاج الهيدروجين الأخضر كمصادر طاقة صديقة للبيئة؛ والتزام جميع دول العالم بخفض نسبة الانبعاث الحراري تدريجيا؛ وذلك باستعانة بالطاقة الشمسية.. والرياح.. والمياه؛ بدلا من النفط.. والغاز، وكذلك العمل على استخدام السيارات الكهربائية في المواصلات.. والطاقة الشمسية في الإضاءة وتهوية المنازل والمباني العامة؛ من اجل تقليل الانبعاث المسبب للاحتباس الحراري للحد من تأثيراته المدمرة على الكوكب الأرض.. والبيئة.. والمخلوقات الحية؛ لتجنب عواقب التغييرات المناخية الكارثية، وهذا الالتزام هو بين الإمكان والممكن؛ وهو الأمل الوحيد لإمكانية منح فرصة لدوامة الحياة للبشرية على كوكب الأرض الذي نعيش عليه؛ لان ما يحصل على ارض الواقع من التغير المناخي ما هو إلا حقيقة علمية وليس مجرد حدث عابر في حياة البشرية أو بحث أكاديمي، لذلك لا مناص من العمل الدولي متكاتف لتخفيف آثاره (الاحتباس الحراري) وانعكاساته الخطيرة على كوكبنا؛ لان سبب ازدياد معدل (الاحتباس الحراري) هو أساسا أتي نتيجة الزيادة المفرطة للنشاط البشري على مستوى توسيع أنشطته الصناعية.. وإحراق الوقود (الاحفوري).. وتجريف البساتين.. وقطع الأشجار؛ والمضي قدما دون الاكتراث بمضار ذلك على سلامة البيئة؛ وان مواصلة العمل في هذه الأنشطة لا محال يؤدي إلى احتباس الغلاف الجوي للأرض بالحرارة المنبعثة من الأرض ويمنع نفاذها إلى الفضاء؛ وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة كوكبنا نتيجة انبعاث الغازات الدفيئة المصاحب لاحتراق (الوقود الأحفوري ).
والوقود (الأحفوري) هو مجموعة من المواد التي تحتوي على (الهيدروكربون) من الأصول البيولوجية، والتي تتشكل داخل القشرة الأرضية، ويمكن استخدامها كمصدر من مصادر الطاقة، ويشتمل الوقود (الأحفوري) على الفحم.. والبترول.. والصخر الزيتي.. والنفط الرملي.. والزيوت الثقيلة.. والقار؛ وتحتوي جميع هذه المواد على (الكربون)؛ ويمكن حرق جميع أنواع الوقود (الأحفوري) في الهواء أو بالأكسجين المشتق من الهواء؛ وذلك من أجل توفير الحرارة؛ واستخدام هذه الحرارة في الأفران المنزلية، أو لإنتاج البخار الذي يُستخدم لدفع المولدات المزودة بالكهرباء، والوقود (الأحفوري) يتوفر بثلاث حالات وهي الصلب كالفحم.. والسائل كالبترول.. والغاز كالغاز الطبيعي، وتحتاج عملية تكرير الوقود إلى استخدام غازات معينة، مثل: غاز (البروبان).. و(البيوتان).. و(الميثانول) المحترق؛ فيزيد من كميات غاز (ثاني أكسيد الكربون) .. وغاز (الميثان).. و(ثاني أكسيد النيتروجين).. وغيرها .
مسببات الاحتباس الحراري التي تساهم في زيادة درجة حرارة الأرض
إن من أهم مسببات (الاحتباس الحراري) هي جملة من (الغازات) التي تتصاعد في الغلاف الجوي وتلوث الجو.. ونقاء الهواء، فالغازات التي تساهم في ظاهرة (الاحتباس الحراري) هي :
أولا.... (بخار الماء)، وهو من الغازات الذي يساهم في (الاحتباس الحراري) ويزداد بخار الماء كلما ارتفعت درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، ولكن تزداد أيضا إمكانية تشكل السحب وتساقط الأمطار، وهذه العمليات من أهم آليات التأثيرات التفاعلية لظاهرة (الاحتباس الحراري) .
ثانيا.... إما غاز(ثاني أكسيد الكربون)، وهذا الغاز يساهم في تركيب الغلاف الجوي للأرض رغم قلة نسبته فيه؛ وهذا الغاز يطلق إلى الغلاف الجوي عبر عمليات طبيعية مثل التنفس.. والثورات البركانية.. ومن خلال الأنشطة البشرية مثل إزالة الغابات.. وحرق الوقود (الأحفوري)؛ وتسبب هذه الأنشطة في ازدياد تركيز غاز (ثاني أكسيد الكربون) في الجو بنسبة تجاوزت (الثلث) منذ قيام الثورة الصناعية، ويعد هذا أهم عامل يساهم في التغير المناخ .
ثالثا.... إما غاز(الميثان)، وهو غاز (هيدروكربوني) ينتج من مصادر طبيعية ومن أنشطة بشرية، كتحلل المخلفات في مكبات النفايات ومن الأنشطة الزراعية، ومن عمليتي الهضم لدى الحيوانات المجترة وإدارة مخلفاتها العضوية المرتبطتين بتربية الماشية المنزلية؛ وإذا عقدنا مقارنة بين السمات الجزيئية لغازي (الميثان) و(ثاني أكسيد الكربون) فإن الأول أكثر نشاطًا من الثاني غير أنه أقل وفرة في الغلاف الجوي .
رابعا...... إما غاز(أكسيد النيتروز) وهو من غازات الاحتباس الحراري القوية الذي يولَد من ممارسات الزراعة بالتربة (غير خصبه) وتحفيزها باستخدام الأسمدة التجارية والعضوية .
خامسا...... إما (مركبات الكلورفلوركربون ) وهي مركبات منشؤها صناعي بالكامل ويساهم في تدمير طبقة (الأوزون) وهذه المركبات تعتبر من غازات التي تساهم في (الاحتباس الحراري) .
وجل هذه (الغازات) تتصاعد في الغلاف الجوي؛ وهي من تساهم في زيادة درجة حرارة الأرض بشكل متزايد والتي جلها تنتج عن الأنشطة البشرية كحرق الوقود في إنتاج وتحضيرات المعامل والمصانع الثقيلة.. وحركة السيارات.. ومن خلال الأنشطة الطبيعية مثل ثوران البراكين.. واحتراق أشجار الغابات، علما بان زيادة درجات الحرارة على سطح الأرض يؤدي إلى ذوبان الجليد كما يحدث اليوم في القطب الشمالي والجنوبي من (الكرة الأرضية)؛ وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وحدوث فيضانات وتغيرات في إبطاء نمو النباتات.. وانقراض الحيوانات والطيور.. وزيادة نشاط الأعاصير.. والعواصف.. والفيضانات، كما لزيادة درجات الحرارة وارتفاعها عن معدلاتها الطبيعية هي من تؤدي إلى نشوب حرائق في الغابات.. وهي من تساهم في توسيع مناطق الجفاف نتيجة جفاف الأنهار والمساحات الخضراء؛ وهو الأمر الذي يؤثر على نمو الأشجار والمحاصيل ويتسبب في تدمير بيئة الحياة النباتية والحيوانية .
دور ارتفاع درجات الحرارة في أحداث الزلازل والأعاصير والحرائق
وبسبب (الاحتباس الحراري) تفاقمت الأزمة المناخية في عموم دول العالم بما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة الأرض والغلاف الجوي، فالارتفاع في درجات الحرارة يعتبر حسب (علماء البيئة) أهم العوامل المؤدية إلى حدوث (الزلازل)، بسبب تأثير درجات الحرارة المرتفعة على سخونة الطبقة الأرضية، والتي تزيد من نشاط الصفائح المكونة للأرض التي تسبب (الزلازل) محدثة كوارث طبيعية نتيجة لذلك؛ حيث ارتفعت معدل حدوث (الزلازل) العنيفة مؤخرا؛ كما حدث في (تركيا) و(سوريا) و(المغرب)، كما وقعت (ليبيا) تحت تأثير (إعصار عنف)؛ إذ زادت سرعة الرياح بشكل لا مثيل له؛ وهذا (الإعصار الليبي) خلف من دمار لم يشهد العالم في العصر الحديث؛ وأودت بحياة عشرات الآلاف من المصابين والمفقودين، حيث تم قذف الأشخاص والمنازل إلى البحر؛ ومازلت فرق الإنقاذ تنتشل جثث الضحايا من عرض البحر لحين كتابة هذا النص .
وتأتي هذه الكوارث نتيجة للتغير المناخي؛ بحيث أصبحت منطقة (الشرق الأوسط) و(أفريقيا) من أشد دول العالم تأثرا بكوارث المناخ؛ إضافة إلى مناطق أخرى من العالم، حيث شهدت عدة مدن في العالم هطول أمطار غزيرة لم تتوقف لعدة أيام؛ كما حدث في (اليابان) و(البرازيل) و(أقاليم في باكستان)؛ والتي تسببت بمقتل العشرات؛ وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة حيث تعتبر هذه الحرارة هي المسئولة الأول أيضا عن اشتعال الحرائق التي تنشب اليوم في أنحاء متفرقة من بلدان عدة في العالم جراء حرائق الغابات واسعة النطاق لم تستطع فرق الإطفاء السيطرة عليها رغم مرور أشهر من اندلاعها؛ كما حدث ويحدث في (كندا) و ولايات عدة في (أمريكا) و(استراليا) و (البرازيل)، إضافة إلى حرائق واسعة حدثت في كل من (اليونان) و(اسبانيا) و(ايطاليا) و..غيرها.
كما إن لارتفاع درجات الحرارة تأثيرات واسعة في حدوث (الجفاف) في مناطق عديدة من العام؛ وخاصة في جنوب (العراق)؛ حيث تم جفاف (اهوار العراق) وعدد من البحيرات؛ كبحيرة (الحبانية) في محافظة (الانبار) و بحيرة (الرزازه) الواقعة بين محافظة (الانبار) و(كربلاء) وبحيرة (ساوه) في محتفظة (مثنى) وبحيرة (حمرين) في محافظة (ديالى) وبحيرة (الثرثار) الواقعة بين محافظة (تكريت) و(الانبار)، وحالات الجفاف هذه تسبب نقص المحاصيل وانعدام أمن الغذاء العالمي، وزيادة الإمراض التي ستسرع شدة الحرارة من انتشارها.. والى نزوح جماعي لتجمعات السكنية في هذه المناطق المنكوبة بالجفاف.. كما أن (الجفاف) سيجعل من المياه المتواجدة في هذه المناطق غير صالحة تماماً للشرب وتأثر على الأراضي الزراعية بشكل كامل؛ إضافة على تأثيرها في تواجد الثروة السمكية.. والحيوانات.. والطيور .
ارتفاع الحرارة لدرجتين أو أكثر يكون بمثابة قنبلة نووية
فـ(الاحتباس الحراري) المتزايدة يدفع عالمنا إلى الاقتراب من الكارثة؛ لان ارتفاع الحرارة المتزايد أسوأ مما توقعه الكثيرون من علماء البيئة؛ وهو الأمر الذي يؤشر إلى نهاية لجنسنا البشري يسببه (التغير المناخي)؛ لان أوضاع المناخية لكوكبنا يسير من السيئ إلى الأسوأ، و(التاريخ) يذكرنا بان (المناخ) لعب دورا في كل حوادث الانقراض جماعي، فالعالم في فترات معينة وبسبب (التغير المناخي) ساهم على سقوط الإمبراطوريات وتشكيل التاريخ؛ والعالم في كل مرحلة من (تاريخ العالم) يتكيف مع بيئة مناخية معينة وهذا ما يحدث في تاريخنا المعاصر .
فارتفاع الحرارة لدرجتين أو ثلاثة أو أربعة يمكن إن يكون بمثابة (قنبلة نووية) تؤدي إلى كوارث حقيقية لمصير البشرية، لذلك فان العلماء في دراسة السيناريوهات المستقبلية يعملون بكل ما هو في وسعهم العمل وحث دول العالم ومنظماتها لدولة المدنية والحكومية الاستجابة الجادة لمقتضيات إدامة الحياة على كوكبنا؛ وهذا ما يتطلب جهد وعمل جاد لتلافي حدوث الكوارث، فالخبراء (البيئة) يحذرون من أن يؤدي الانهيار البيئي إلى انهيارات جماعية، بحيث يؤدي الطقس الأكثر حرارة وسخونة وضراوة؛ إلى خلق ظروف لتفشي أمراض جديدة بحيث تتبدل البيئة الطبيعية لكل من الناس.. والحياة البرية وتتقلص .
الاحتباس الحراري يسبب تدهورا في أوضاع الزراعة
فتدهور حالات الطقس الحادة يسبب تدهور أوضاع الزراعة الأمر الذي يسبب لا محال إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية العالمية؛ الأمر الذي يترتب عنه حدوث (المجاعة) و(سوء التغذية) ويرافق ذلك إلى تزايد نسبة الأمراض المعدية والمنقولة بواسطة نواقل كالحشرات، كما إن (التغير المناخي) يؤثر على طبيعة العلاقات البيئة والإنتاج المحاصيل الزراعية والإنتاج البحري؛ بما يسبب الكثير من الصراعات المرتبطة بالإنتاج الزراعي؛ وهذا ما يسبب موجة من النزوح والصراع على الموارد المياه نتيجة جفاف الأنهر.. وتصحر الأراضي الزراعية.. وانهيار بيئة الغابات.. لنقص الإمطار الساقطة نتيجة لـلموجات الهواء الساخنة وكثرة العواصف وتلوث الهواء والماء على نطاق واسع.. والكوارث الجوية الطبيعية المرتبطة بالطقس المتطرف كحدوث زلازل.. واحتراق الغابات.. والجفاف .
إضافة على ما تسببه ارتفاع درجات الحرارة إلى ذوبان الثلوج في القطبين (الشمالي والجنوبي)؛ وهذا ما يزيد من ارتفاع منسوب البحار؛ الأمر الذي يؤدي إلى توغله نحو الأنهار فيلوث مياهها بالملوحة؛ وهو ما يؤثر على الثروة السمكية والحيوانية في الأنهار وكذلك على الطيور؛ بما تسببه الملوحة من تلوث المياه؛ الأمر الذي لا يستطيع الإنسان استفادة من مياه الأنهار لسقي و إرواء المزروعات .
الاحتباس الحراري يسبب ارتفاعا لمنسوب البحار
فظاهرة (الاحتباس الحراري العالمي) و(زيادة سخونة المناخ)؛ تؤثر على طبيعة سقوط الأمطار.. والثلوج.. والتبخر.. وتدفق ينابيع المياه.. والعناصر الأخرى التي تؤثر في وفرة المياه وجودتها على مستوى العالم، فزيادة درجات الحرارة – لا محال – يؤدي إلى زيادة نسبة الترسبات الساقطة على هيئة (أمطار) بدلا من (الثلوج)، وسقوط (الإمطار) يؤدي إلى احتمالية حدوث فيضانات شتوية وتقليل معدل تدفق المياه في الأنهار في فصل الصيف؛ بما يسبب ارتفاع منسوب البحار إلى دخول المياه المالحة إلى المياه العذبة الجوفية وجداول المياه والأنهر العذبة؛ كما يحدث اليوم في (جنوب العراق)؛ بصعود مياه البحر إلى مجرى نهر (دجلة) و(الفرات) وهذا ما يؤثر على جودة المياه وتزيد من سرعة تلوث المياه نتيجة ارتفاع درجات المياه، وهذا ما يعانيه أهالي (العراق) في المحافظات الجنوبية من البلاد – على سبيل المثال وليس الحصر – كما انه بحدث في مواقع جغرافية أخرى من بلدان العالم؛ وهذا يقلل كمية المياه العذبة المتوفرة للشرب والزراعة بما يوسع من مد التصحر وارتفاع منسوب البحار؛ وهذا يسبب في تدمير أسباب المعيشة ويجبر المجتمعات على التخلي عن أراضيها وتنزح إلى مناطق أخرى للعيش وإلى بيئات أكثر ملائمة، ويحدث هذا حاليا في مناطق (اهوار العراق) وقرى المنتشرة حول حوض نهر (دجلة) و(الفرات) في (العراق) ومناطق (الساحل الإفريقي)، حيث تعد منطقة (آسيا) و(إفريقيا) و(المحيط الهادئ) أكثر مناطق العالم تضررا من (الاحتباس الحراري) وحدوث الكوارث الطبيعية لكون هذه المناطق تتعرض بدرجة كبيرة للتأثيرات المناخية .
وفي هـذا الإطار ولحجم المخاطر والآثار الذي يترتب من الاحتباس الحراري لابد للمجمعات العالم قاطبة العمل الجاد لوضع سيـاسات واتخـاذ الـقـرارات للحد من أثار (الاحتباس الحراري) على كوكبنا؛ والعمل من اجل دعـم للجهـود الرامية إلـى تحقـيق (التنميــة المستدامة) في عموم العالم لتحقيق الإنماء السليم لواردات الأرض للمحافظة على حماية البيئة من (الاحترار الأرضي) .
التنمية المستدامة توجهات مستقبلية لمجتمعات ناجحة
ولأهمية (التنمية المستدامة) لابد من توسيع العمل الايجابي بهذا الاتجاه من اجل إدامة البيئة بمقومات ألسلامه والصحة المستدامة على (كوكب الأرض) .
فـ(التنمية المستدامة) هو مفهوم أممي اقتصادي اجتماعي؛ يبحث في شؤون التنمية.. والتنمية البيئية.. والاجتماعية.. والاقتصادية على مستوى العالم، هدف الأول للتنمية المستدامة هو تحسين ظروف المعيشية لكل فرد في المجتمع.. كما يتطلب تحقيق أهداف التعاون الدولي بين جميع مؤسسات الدولة الرسمية.. والشركات.. والمجتمعات المدنية.. والأفراد.. وتطوير وسائل الإنتاج وأساليبها وإدارتها بطرق لا تؤدي إلى استنزاف موارد كوكب الأرض الطبيعية حتى لا نحمل (كوكب الأرض) فوق طاقته وذلك بإتباع طرق حديثة في استدامة التنمية بأبعادها الاجتماعية.. والاقتصادية.. والبيئية.
كما إن (التنمية المستدامة) من أولى توجهاته هو تحقيق مجتمعات قوية وصحية يسودها (العدل) و(العدل الاجتماعي) وتعمل على تلبية جميع احتياجاته الحالية والمستقبلية لجميع الأفراد، كذلك تتوجه نحو الاهتمام بمستوى رفاهية الفرد.. وضمان التماسك الاجتماعي.. وتكافؤ الفرص، كما تعمل على تبني مشروع عدم الإفراط في استخدام الموارد الطبيعية المتبقية على (كوكب الأرض)، ولكن أنشطة الإنسان الغير المسئولة سببت كوارث حقيقية بكونها هي المسئولة عما وصلت إليه البيئة من تلوث للهواء.. وانبعاث الغازات الضارة في الغلاف الجوي.. وارتفاع حرارة الكرة الأرضية؛ والتي أدت إلى ذوبان الثلوج في القطبين (الشمالي والجنوبي) بما صاحب ذلك من ارتفاع منسوب مياه البحار ليسبب ذلك كوارث طبيعية بالغة الخطورة تهدد مستقبل البشرية برمتها؛ وهذا الأمر الخطير يقع على عاتق أنماط التنمية السائدة التي نستخدمها، لذلك انطلقت (التنمية المستدامة) نحو إقامة مجتمع عالمي إنساني متضامن لمواجهة كل التحديات العالمية كواحدة من أهم أهدافها ليتم القضاء على الفقر.. وتغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك الغير المستدامة.. وحماية الموارد الطبيعية وحسن إدارتها.. ومنع تدهور البيئة العالمية وتراجع التنوع البيولوجي والتصحر.. ومعالجة تلوث المياه.. والهواء.. والبحار.
ومن اجل تحقيق (التنمية المستدامة) لابد من العمل الجاد لنمو اقتصادي مستدام وإحداث تنمية اجتماعية مستدامة والعمل على حماية مستدامة للبيئة ومصادر الثروة الطبيعية ومن اجل تعزيز هذا المفهوم لابد من قيام بالإجراءات لحل المشكلات البيئية والتي تؤدي إلى تحقيق (التنمية المستدامة) ومنا :
عدم استخدام (الكربون) في أنظمة الطاقة .
اعتماد الطاقة النظيفة .
المحافظة على بيئة المحيط والمحيطات .
اعتماد نهج الاقتصاد الدائري .
تحسين نوعية التعليم والرعاية الصحية؛ وذلك بتوفير التعليم الشامل وفرص العمل للجميع والعمل على تحقيق مبدأ المساواة بين الجنسين لتحقيق السلام والعدل .
تسخير العلوم التكنولوجية والابتكار.. والثورة الرقمية.. والذكاء الاصطناعي لدعم التنمية المستدامة .
الاعتماد في تخطيط المدن نمط (المدن الذكية) التي بدورها ستفيد سكان العالم والبيئة .
مجتمعات العالم مطالبة بحماية البيئة من ظاهرة الاحتباس الحراري
لذلك عمل (علماء البيئة) في جميع دول العالم وفي مجالات التي تتعلق بشؤون البيئة لرصد الظواهر الطبيعية؛ فتنبهوا بان الأوضاع البيئية تشكل خطرا حقيقيا (لا) يهدد الجنس البشري فحسب أنما يتجاوز تهديد البشر إلى كل فصائل النباتات.. وعالم الحيوان.. والطيور؛ بل إن الأمر يتجاوز ذلك ليشمل كل الكائنات الحية على سطح الأرض .
لذلك وفق لما تم نشره من قبل هؤلاء العلماء؛ نشط المختصون لدراسة ظاهرة (الاحتباس الحراري) وتحليلها للوقوف عندها وبيان أهمية هذا الأمر من اجل العمل الجاد ومن اجل تسخير كل الطاقات والجهود لوضع البرامج اللازمة لحل هذه المشكلة الخطيرة التي تهدد الوجود البشري على كوكب الأرض؛ بعد إن يتم تقييم آثارها.. وتحديد معالمها.. وأبعادها.. ومخاطرها على عالمنا؛ للحد من أثارها الكارثية المدمرة للحياة؛ ليتم وضع أسس رصينة لمعالجة تأثيراتها؛ بعد إن يتم التعرف على أسباب المشكلة وسبل المواجهة من خلال تكثيف برامج في هذا السياق على نحو يخفف من الأضرار المتوقعة حصولها على الإنسان.. والنبات.. والحيوان والطيور.. والأرض بشكل عام، لان (علماء البيئة) من خلال دراستاهم استنتجوا بان لكل منطقة لها واقع خاص بما يحدث من (التغير المناخي) في العالم؛ إذ إن آثار (التغير المناخي) ليست واحدة على كل مناطق العالم، فأمر ذلك يختلف من منطقة إلى أخرى بحسب موقعها الجغرافي أو بحسب قدرة المنطقة وأنظمتها البيئية والاجتماعية والاقتصادية التكيف مع (التغير المناخي) أو التخفيف من آثارها؛ فهناك مناطق في العالم يعد ارتفاع درجات الحرارة شيئا طبيعيا وإيجابيا؛ بينما الأمر في مناطق أخرى لا يكون كذلك، ومن هذه الحقائق والمعطيات لابد من المجتمعات العالم قاطبة وقفة جادة للبحث.. والتفكير.. والتحليل.. ودراسة الخيارات المطروحة؛ ولكل منطقة من مناطق العالم وفق بيئتها؛ لان كل مؤشرات الواقع تؤكد بما يحدث حولنا من (تغيرات مناخية) نلتمسها بأم أعيننا؛ وليس بالإمكان تجاهل ما يحدث من حولنا، لذلك يتحتم على الجهات المسئولة إدراك هذه الحقائق والمخاطر المحدقة بنا؛ ويلزم عليهم الاهتمام بالأوضاع المناخية وتأثيراتها على الصحة وبقاء الحياة؛ لان الوضع البيئي الذي يحيط بنا متدهور.. وفي جميع المجالات.. وعلينا كمجتمعات إنسانية واجب أخلاقي يدعونا لتحمل المسؤولية للحد من التداعيات البيئية الكارثية والتغير المناخي الذي يتهاوى من حولنا.
لذلك يتطلب الأمر من جميع مجتمعات العالم العمل لإنقاذ البشرية لتفادي المخاطر المصيرية التي تهدد وجودنا على (كوكب الأرض)؛ وحيث انه لا يمكن القفز فوق ظاهرة (الاحتباس الحراري) وموجات الحر.. والحرائق.. والجفاف.. والأعاصير.. والإمطار الكثيفة المستمرة لأكثر من يومين وثلاثة؛ التي هي إنذار مبكر للبشرية قبل الفناء، وعلى كل مجتمعات العالم وأنظمتها وهيئاتها الدولية الالتزام بأهداف (اتفاق باريس المناخية)* من اجل سلامة البيئة وسلامة المجتمعات والحياة البشرية، وأننا ما لم نسعى ونحاول التخفيف من هذا المخاطر ومسبباتها؛ فإننا – لا محال – إمام تحدي خطير.. وخطير جدا؛ وهو خطر (التغير المناخي)، الذي (لا) يعرف حدود هذه الدولة أو تلك.. أو هذه القارة و تلك؛ بل أصبح يهدد الوجود البشرى والحياة على كوكب الأرض .
.................
(*) (اتفاقية باريس للمناخ) ...
هي اتفاقية دولية عقدت للفترة 12 كانون الأول 2015 في (باريس – فرنسا) لمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية؛ بهدف الحد من انبعاث غازات (الاحتباس الحراري) العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى درجة ونصف الدرجة، وقد انضمت إلى (اتفاق باريس) أكثر من 194 دولة بالإضافة إلى (الاتحاد الأوروبي).
والهدف من (اتفاقية باريس) هو رفع مستوى طموح الدول بشأن المناخ وإجراء عمليتي مراجعة كل واحدة على مدى خمس سنوات، وتضمنت (اتفاقية باريس للمناخ) بنود عدة نذكر منها :
الحد من ارتفاع درجة الحرارة .. والتخفيف من حدة ضرر الانبعاث على البيئة .. و مواجهة مشكلة انبعاث الغازات الدفيئة .. التزام من جميع الدول لخفض انبعاث الغازات والعمل معا للتكيف مع آثار تغير المناخ .. العمل على حماية الإنسان من خطر نقص الغذاء والماء .. السماح في إيجاد وخلق سبل للتنمية الاقتصادية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لأنه يوفر خارطة طريق للإجراءات المناخية التي من شأنها تقليل الانبعاث وبناء القدرة على الصمود مع تغير المناخ .. مساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من حدة المناخ والتكيف معها مع إنشاء إطار للرصد والإبلاغ عن الأهداف المناخية لكل دول العالم .. وفتح الباب للتوقيع على (اتفاقية باريس للمناخ) في أبريل 2016 ليدخل حيز التنفيذ في عام 2020، وغيرها من بنود .