حسام علي
الحوار المتمدن-العدد: 7731 - 2023 / 9 / 11 - 00:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سواء كان ميتران أو غيره مثل جاك شيراك أو فاليري جيسكار ديستان.. يمينا اتجهوا أو يسارا، بحسب ما يزعمون، إنما كانوا يعبرون في مواقفهم السياسية عن امتداد طبيعي لأفكار و قناعات تاريخية تعمقت لديهم، و تم تأطيرها فكريا ونفسيا حتى أصبحت هذه الحالة الاستكبارية مقبولة بنظرهم، بل و تمتلك مبررات وجودها لديهم، فميتران ليس بعيدا عن الأحداث السياسية والتاريخية الكبرى، فقد ولد في وسطها وانضجته ظروفها، فهو من جهة كان وزيرا اشتراكيا للداخلية في وزارة قادت أكبر عمليات الذبح والابادة الجماعية لشعبنا المسلم في الجزائر والمغرب و تونس وكل أفريقيا المسلمة، وكان من أشد المعارضين لاستقلال الجزائر، ثم في عهد هذه الوزارة "الاشتراكية" تم تنفيذ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، ومن نفس هذه الزاوية: فهو اشتراكي فرنسي من أصحاب فكرة الغزو بواسطة الإقناع أو ما يسمى بالتسلسل السلمي؛ ومن الذين تبنوا فكرة سياسة استعمارية اشتراكية، وهو من واضعي الفلسفة العنصرية، حين انخرط الى مجموعة من يعتبرون أنفسهم يتحملون مسؤولية ابوية لما يسمى بتحضير الشعوب المتخلفة والهمجية.
وهذا يعني أن فرانسوا ميتران، هو جزء من التراث الفكري الاستكباري كما عرفناه في الشمال الافريقي وبقية العالم الاسلامي، وقد تم تكوينه وبناءه السياسي والنفسي في هذه الاجواء الاستكبارية.
لقد كان وجود فرنسا في لبنان عسكريا، وتأكيدها على أهمية واستراتيجية لعبة "كامب ديفيد" ووجود قوات فرنسية في تشاد، وإعلان ميتران بأنه سيحارب في تشاد، وعودة النفوذ الفرنسي الى الظهور بأشكال متعددة في الشمال الافريقي والعراق والخليج، والدخول طرفا في الصراع على خلافة بورقيبة، والزيارات المكثفة الى المنطقة، كل ذلك يعني أنه كانت هناك مرحلة جديدة يمر بها الاستكبار الفرنسي، دون أن يعني ذلك بالضرورة أن فرنسا لم يكن لها قبل ذلك دور في الأحداث أو لم تتفاعل مع هذه الأحداث أو أنها ما ساهمت في صنعها، كل ما في الأمر أن هناك مرحلة جديدة قد برزت و تحققت، هي مرحلة الثورة الاسلامية ودورها الفاعل في العالم الاسلامي فكريا ونفسيا واجتماعياً.
وهذا كان يقتضي دورا استكباريا جديدا واسلوبا جديدا آخر في المنطقة، وبقدر تعرض مصالح الاستكبار الفرنسي للخطر، وبقدر انتشار الوعي الثوري الاسلامي، أخذ يزداد توتر أعصاب الاستكبار الفرنسي وبات يتحول الى غضب في صواريخ "اكسوزست" و "سوبر ايتاندار" وصفقات أسلحة تقدر بالمليارات وتحريك العملاء في المنطقة الاسلامية، فما يمكن استخدامه مما سبق، أن مراحل النفوذ الفرنسي في البلاد الاسلامية، إنما هي منعطفات فرعية تكتيكية وليست تحولات استراتيجية في أصل الفكر الاستكباري وتوجهاته الاساسية. وبناء على ما تقدم يمكن أن نلاحظ المراحل التالية بحسب ما يأتي:
يتبع.........
// السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، من إصدارات المركز الاسلامي للأبحاث السياسية/1986م
#حسام_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟