|
دين الشارع ودين القصر
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7725 - 2023 / 9 / 5 - 16:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دين الرعايا ودين الحاكم بأمر الله " البوليس السياسي لا يزال يقطع الكونكسيون عن منزلي ، لحيلولة دون اشتغالي . ساضطر للخروج لإرسال هذه الدراسة من مقهى اومن Cyber " عندما نتحدث عن الدين المجال الثيوقراطي للحاكم بأمر الله ، والمحكومين ، أي الرعايا المصطفة حول الشعارات ، وحول التقاليد البالية ، فما نقصده ليس العقيدة ، او الايمان ، او التدين بشكل عام .اي علاقة الانسان الوجدانية ، والروحية ، بما يعتبره مقدسا تقديسا مطلقا ، هذه البنية التي تشكل خصوصية وعيه ، بالكون والطبيعة والمجتمع ، تخصه وحده ولا تخص غيره . لكن ما نقصده ، هو التجلي العملي النسبي لهذه العلاقة ، في صور مختلفة من الوعي ، والممارسات الاجتماعية ، وخاصة في مجالي السلطة السياسية ، والنظام الاجتماعي . هنا نجد من المفيد والاهم ، ان نتساءل عن دلالة الدين الإسلامي في البنية السياسية المغربية ، ودلالة السياسة في الحركة الإسلامية المغربية ، وحركات الإسلام السياسي ، وهو ما يتجلى ظاهريا بوجود خطاب سياسي ، وخطاب ديني ، وهو ما يجعلنا نتساءل عن ماهية أوجه العلاقة بينهما ، ومن يستأثر بالساحة ويفعل فيها ، وما هي أوجه التعارض بينهما ؟ . نستطيع في البداية ان نميز الممارسة الدينية في مجالات ثلاث : -- المجال الأول هو ما نسميه بدين الشارع الذي تغْلب عليه العفوية والعاطفة ، والانسياب وراء الأساليب اللاهوتية ، من دون تحديد سقف لهذا الانسياب الاعمى ، الذي تفعل فيه الطقوس واساطير الاولين ، ونسميه كذلك بدين الرعية التائهة ، والفاقدة لبوصلة الاتجاه الصحيح ، والتي ليس لها من الدين والتدين ، غير المظهر ، ونشوة الظهور بالتمسك بالتقاليد المرعية ، والغوص في المحافظة على الطقوس الشعبوية ، ونسمي هذا النوع من الإسلام ، بإسلام الكذب والنفاق .. مثلا صلاة التراويح في رمضان .. أخذ الكلمة بدون استئذان في المآثم كما في الافراح ، من قبل قوم جهلة منافقون محتالون ، يستعملون الدين للتعيش ، وللتمايز مع الرعايا الجاهلة . هؤلاء يكونون مضبوطين عند اقسام الشؤون العامة بالولايات والعمالات ، ويستخدمونهم كرقاصين في جلب الاخبار ، ويستعملونهم كذلك في تنويم وتبنيج الرعايا بالطقوس المخزنية ، وحتى لا يميلون الى مواقع او قلاع ، اخذت لها مسافة من دين القصر ، ومن دين الملك الذي يدعي انتسابه الى النبي ... الخ . -- المجال الثاني ، هو مجال دين القصر ، وطبعا دين الملك الذي يدعي الامامة العظمى ، ويدعي انه امير الامارة ، الراعي للرعايا في دولة رعوية بتريركية ، بتريمونيالية ، طقوسية ، غارقة في التقاليد المرعية ... الخ . فدين الطقوس المرعية البالية ، هو تركيع الرعايا ، والرعايا الممتازين Les supers sujets ، والخُدّام باسم خدام الدولة الذين يبقون من فوق الرعايا التحتية ، ويبقون فوق الرعايا الممتازين Les supers sujets ، من الاعيان ، ومن الموظفين السامين بإدارة الملك بالديوان الملكي ، من وزراء الملك ، وبرلماني الملك ، الذين نجحوا في انتخابات الملك ، لتزيين الواجهة امام العالم الغربي ، الذي يعرف من الاسرار عن الدولة المخزنية ، ما يجهلها المقربون من الملك من مختلف الأوساط الاجتماعية . فتغليف المجتمع كي لا يرى النور ، ويعرف حقيقة التناقض الصارخ الذي يبعده عن مركزية القرار ، يبقى دين القصر او الدولة العلوية ، الذي يعتمد عليه الدكتاتور الطاغي ، لتأبيد وتزيين حكمه المطلق المستبد ، وحتى يعطيه شرعية النهب وافتراس ثروات الرعايا المفقرة ، وارزاق الرعية بدون حسيب ولا رقيب .. -- المجال الثالث ، هو مجال الدين السياسي ، المنافس الوحيد والقوي لمجال دين القصر ، ودين الحاكم فوق رأس القصر في تمثيلية المجتمع ( المؤمن ) . فالتنافس بين الدين الرسمي والدين السياسي الذي تمثله حركات الإسلام السياسي المختلفة ، موضوعه مجال دين الشارع ، أي مجال الدين الشعبي الذي يوظفه لخدمة غايات تخدم مصالح النظام الكمبرادوري ، البتريركي ، البتريمونيالي ، الرعوي ، الثيوقراطي ، الأوتوقراطي ، الناهب للثروة وللخيارات ، التي ليست هي ثروته ولا خيراته ، لأنها ثروة وخيرات الرعايا المفقرة .. أي الدين الممسوخ . وتخدم مصالح منظمات الإسلام السياسي الرجعية ، والفاشية التي تتوق لدول الخلافة الإسلامية ، كنظام فريد من نوعه في التاريخ . وسنتوسع بعض الشيء في تحليل كل مجال من هذه المجالات . أولا . دين الشارع الذي يسمى بدين الرعايا ، ومجاله يعني الممارسة الدينية اليومية ( للشعب ) ، الرعايا المتمثلة من الناحية العملية ، في ممارسة الطقوس الدينية المختلفة ، ومن الناحية المعنوية ، في المفاهيم والقيم الدينية السائدة ، والمتداخلة في اشكال المعاملات ، والأنشطة ، والأعراف الاجتماعية ، واشكال السلوك الأخلاقي . على ان هذه الممارسات الشعبية الدينية الطقوسية تختلف ، وخاصة في جانبها الفكري والقيمي ، باختلاف الفئات الاجتماعية والمهنية ، وهي مرتبطة ارتباطا عضويا مباشرا بالممارسات ، والعادات الحياتية اليومية ، فضلا عن انها ثمرة تراث تاريخي عريق ، وانْ تكن لها قسماتها الخاصة ، التي تميزها في كل مرحلة من المراحل الاجتماعية والتاريخية ، ويغلب على هذه الممارسة الدينية الشعبوية بشكل عام ، طابع المحافظة والخوف ، بل طابع التواكلية والقدرية . بل انّ الخرافة والاسطورة في غالب الأحيان ، تتداخل فيها المفاهيم ، والقيم الدينية الاصلية النصية ، مع خبراتها ، ومصالحها ، واوضاعها الاجتماعية المزرية السائدة ، لتشكل منطقا داخليا متسقا ووحدة مفاهيمية خاصة . وبرغم طابع التسامح ، والتساند ، والتضامن ، والتراحم ، والاخوة الأخلاقية الذي يتسم به الدين الشعبي ، او دين الشارع في المعاملات ، على المستوى الفردي ، والعائلي ، والاجتماعي ، فإنه يتناسج أيديولوجيا من حيث المفاهيم ، والقيم ، والسلوك مع الأنسقة الاجتماعية السائدة ، سواء كانت أنسقة ما قبل الرأسمالية ، او الاقطاعية ، او الرأسمالية التجارية ، او الطفيلية ، او الرأسمالية المشوهة بشكل عام . ويشكل الدين الشعبي او دين الشارع ، الأساس الذي ترتكز عليه السلطة السياسية في ترسيخ مصداقيتها ، ومشروعيتها المتأزمة في الحكم . ولهذا تحرص دائما على احتواءه ، وإعادة انتاجه ، وتكريس طابعه المحافظ ، لتسود المسكنة والدروشة ، وإزالة أي تناقض بين ايديولوجيتها المعلنة ، والمفاهيم ، والقيم الدينية الشعبوية السائدة ، التي تعمل على تطويعها لخدمة ايديولوجيتها الخاصة .. حقا ، هناك تناقضات بين القيم الدينية الشعبية السائدة ، وخاصة الأخلاقية منها ، وأساليب عمل أجهزة الدولة السياسية والإدارية ، او بين بعض القيم الدينية الشعبية السائدة في البادية ، وبعض القيم الدينية السائدة في المدينة ، او بين بعض الفئات الاجتماعية ، من عمال ، وفلاحين ، تجار ، وبرجوازية كبيرة ، وفئات برجوازية متوسطة ، وموظفين ، ومثقفين ، ومنتسبين الى الوظائف الصوفية المختلفة الى غير ذلك ... الاّ ان هذا التناقضات ، لا تمس مجمل وجوهر البنية الدينية الشعبية ، التي تسعى المؤسسة السياسية الرسمية ، الى ان تحافظ على وحدتها ، وان تتلاءم معها ، فضلا عن تطويعها لخدمة مصالها كما سبق وان اشرنا أعلاه .. على انه اذا كانت المؤسسة السياسية الرسمية ، تستند الى الدين الشعبي لترسيخ مشروعيتها ، وتقوية سلطتها المتأزمة بسبب الاستبداد والطغيان ، ونهب ثروات الشعب الفقير والمفقر ، فان الحركات الدينية السياسية المعارضة ، بشكل او باخر ، للمؤسسة السياسية الرسمية ، تجد في البنية الدينية الشعبية سندا كذلك ، لتعميق ايديولوجيتها ، وتعريض جماهيريتها في معركتها مع النظام ، من اجل إقامة سلطتها وحكمها الإسلامي . وهكذا يصبح الدين الشعبي دين الشارع ، ساحة للصراع السياسي والتناقضات الاجتماعية من منطلق ديني صرف وخالص .. انّ هذه ، بعض المؤشرات العامة لظاهرة الدين الشعبي في دلالاته ، وارتباطاته ، وانْ يكن الامر يحتاج بغير شك الى دراسات ميدانية اجتماعية معمقة . ثانيا . اما فيما يتعلق بالدين الرسمي الذي هو دين الدولة العلوية الذي يستند عليه النظام المخزني في تثبيت دعائم حكمه البوليسي الرجعي ، فيتمثل في المؤسسة الدينية التي تعد جهازا من أجهزة الدولة الأيديولوجية ، واداة من أدوات سلطتها الجبرية ، ودعامة أساسية من الدعائم المؤسسة لمشروعيتها المشكوك فيها . فدين الدولة هو الإسلام ، ولهذا فهناك ( امارة امير المؤمنين ، ونظام عقد البيعة لا نظام الدستور ) ، وهناك المجالس العلمية ، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية . وهناك البرامج الدينية في الإذاعة والتلفزيون ، والاعلام الصحفي ، والتعليم الديني في المدارس ، والاتجاهات الدينية في العديد من الأنشطة ( الثقافية ) في مجال حفظ القرآن ، ومسابقات رمضان ، والتجويد والتلحين ، والأفلام الدينية ، الى جانب الأعياد الدينية التي يلفها النظام بالمشاركة المباشرة في طقوسها ، كعيد مولد النبي .. وقناة محمد السادس للقرآن ، ثم هناك الوصاية على التشويه الديني الممثل في الطرق الصوفية الرجعية ، ومنها البوتشيشية ، حيث تصرف ملايين الدراهم كهبات من الملك ، لفائدة الزوايا التي وظيفتها المزيد من التضبيع والتبنيج وتكْليخ الرعايا ، والتحكم في الرعاع ، وتوجيههم عند الضرورة كشباب ملكي ، لمواجهة الهبّات الشعبية ، ومواجهة خرجات احرار وشرفاء الشعب .... لكن التاريخ علمنا ، انّ هذه الجحافل المصطنعة ، هي اول من سينقلب على النظام انْ اصبح وضعه مهزوزا ، ووجوده قاب قوسين او ادنى ، انّ من يردد اليوم ومن دون شعور كالببغاء ( عاش الملك ) بدافع الجوع ، والخوف ، والتردد ، والفقر ، والحياة التعيسة ... ، سيكون اول من سينتفض ضد التجويع المسلط عليه ، وضد الحگرة ، وضد الفقر والتفقير ، وسيرفع شعار يسقط الملك ... الخ . في الدولة النيوبتريركية ، النيوبتريمونيالية ، الدولة الرعوية ، الثيوقراطية ، الناهبة والمفترسة لثروة المفقرين ، سنجد ان الدولة تسيطر على معظم المؤسسات الدينية ، سيطرة فكرية مخزنية ، وبأساليب بوليسية ، لان الدولة البوليسية ، تتصف بالاجتهاد في انتاج الأساليب البوليسية ، لمواجهة الإشكاليات التي لا تطيقها ، وترويض الناس على العبودية ، دون ان ينبسوا ببنت شفة على حقوقهم المهضومة .. فالسيطرة المخزنية البوليسية الى جانب السيطرة الفكرية ، تمتد لتشمل السيطرة على المجال الإداري بكامله ، وتسخير كل الجديد المُبوْلس ( البوليس ) ، لبقاء العلاقة بين الحاكم والمحكومين ، علاقة رعوية ، السيطرة فيها طبعا الراعي الكبير ، على رأس الدولة الرعوية . ولهذا تعتبر المؤسسات الدينية ، مراكز لنشر الثقافة الرعوية النيوبتريركية ، والنيوبتريمونيالية ، ومراكز توجيه ودعاية ، لسياسات الدولة بشكل مباشر أحيانا ، فيما تتخذه من مواقف ، وقرارات صريحة رجعية في الشؤون السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، وبشكل غير مباشر في اغلب الأحيان ، فيما تتخذه من مواقف وقرارات في شؤون دينية خالصة . ولهذا ، فهي غير منفصلة عن السياسات الرسمية للدولة التقليدانية والطقوسية ، رغم محاولة السلطة السياسية ان تقدم نفسها دائما ، باعتبارها مجرد سند ، وحارس ، وداعم ، او خادم لهذه المؤسسات الدينية من ناحية ، ومحاولتها إضفاء طابع الاستقلال الذاتي على هذه المؤسسات من ناحية أخرى . ثالثا . على انه خارج هذه العلاقة الرسمية بين الدين والسياسة ، تقوم علاقة أخرى غير رسمية ، تتمثل في الحركات الدينية الاسلاموية المستقلة تنظيميا ، عن المؤسسات الدينية المخزنية ذات التوجيه والدور البوليسي الطقوسي ، الذي يعد بمستوى او آخر ، قوة معارضة فكرية وعملية للنظام المخزني البوليسي . ان هذه الحركات التي تمثل حركات الإسلام السياسي ، تتمثل اليوم في " جماعة العدل والإحسان " ، كأقوى تنظيم سياسي اسلاموي اخواني ، والحركات السلفية المناهضة لإمارة ( امير المؤمنين ) ، والمعارضة للدولة المخزنية العلوية . وهناك طبعا ما يوحد بين " جماعة العدل والإحسان " ، وبين الجماعات الإسلامية المختلفة ، وإنْ كان هناك ما يفرق ويميز بينهما . فكلاهما يستهدف إقامة سلطة سياسية دينية اسلاموية ، وكلاهما يختلف الاختلاف الجذري مع الحضارة والمدنية الغربية المعاصرة ، ويتطلع الى إقامة حضارة أخرى بديلة ، كلاهما ذو رؤية غير تاريخية للفكر ، والقيم ، والواقع الاجتماعي ، الاّ ان " جماعة العدل والإحسان " ، وخاصة في بدايتها ، كانت تسعى لتحقيق الأهداف المسطرة ، وبمنهج متدرج ، في غير تعارض ، او تصادم مع السلطة السياسية ، والنظام القائم . ولهذا فقد ظلت تحرص على عدم ازعاج النظام ، او التصادم معه . لكن بالرجوع الى تاريخ " جماعة العدل والإحسان " منذ بداية سبعينات القرن الماضي ، فباستثناء بعض الحملات التي عرفتها الجامعة المغربية ، بسبب ما أسْموه بتطهير الجامعة من الشيوعيين ، ومن الملحدين ، وهي نفس المعركة قادها هؤلاء في مواجهتهم للاسلامويين بمختلف مشاربهم ، فان علاقة الجماعة بالسلطة ، وإنْ كانت تتخللها بعض التشنجات ، الاّ انها من حيث الاعم ، كانت مفيدة للنظام المخزني ، ولدراعه البوليس السياسي ، والجهاز السلطوي الطقوسي الذي تمثله وزارة الداخلية .. ان هذه التشنجات لم تكن تفيد فقط الجهاز المخزني البوليسي ، بل كانت تفيد حتى الجماعة ، عندما نسقت مع البوليس السياسي ، والإدارة السلطوية الطقوسية عند ضرب حركة 20 فبراير ، بالتنسيق مع النظام المخزني البوليسي ، وهو ما فضحته السيدة نادية ياسين بمقبرة ( الشهداء ) ، يبقى دليلا ساطعا على استعداد الجماعة لتصطف الى جانب النظام ، كحزب الجواسيس " حزب العدالة والتنمية " ، إنْ تحقق لها بعض المطالب بخصوص البيعة ، وبخصوص الدستور . كما ان الجماعة وفي علاقتها مع النظام ، استفادت كثيرا عندما مكنها من استغلال حركة 20 فبراير ، لتعريض قاعدتها بشكل نسبي ، والتعريف بها كفاعل سياسي مهم للنظام ، وللمعارضة للنظام من أحزاب الإسلام السياسي ، الى التنظيمات اليسارية الجذرية التي تشتغل على مشروع اسقاط الدولة ، وبناء مكانها الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، وهو ما شجع الجماعة على الخروج مبكرا من حركة 20 فبراير ، بمجرد إشارة بسيطة من النظام ، تاركة حزب اليسار المعتدل " النهج الديمقراطي " يتعرى وتفتضح قوته ، مع الشعارات التي رفعها ابان اوج قوة حركة 20 فبراير . فخروج وانسحاب الجماعة من حركة 20 فبراير ، ترك الحركة من دون سند ( جماهيري ) ، لتعريض قاعدتها تحضيرا ليوم النزول الذي لن يتحدد تاريخه بعد . إذا كان النظام من خلال دينه الرسمي ، يجهد للتحكم والسيطرة على الدين الشعبي ، دين الشارع الخرافي ، لتقوية وجوده وتثبيت سلطته ، حتى يستمر في احتكار ونهب الثروة والجاه والنفود ، فهل معارضة هذا النوع من الحكم الدكتاتوري ، لا تكون الاّ من خلال الجري نحو نظام الخلافة ، او الحكم الاسلاموي الرجعي ، او الجمهورية الاسلاموية ؟ . فما معنى ان تخرج من دكتاتورية استبدادية طاغية تحكم باسم الدين ، لتدخل وتجد نفسك تعيش في ظل دكتاتورية اسلاموية ، فاشية ، اقبح وابشع من النظام المخزني البوليسي ؟ في بلادنا لا توجد للأسف ، معارضة دينية مستنيرة ، واعية بحقائق المجتمع والعصر الذي نعيشه ، وملتزمة بهوم الشعب ، رغم انه قد تظهر هذه المعارضة من خلال بعض الكتابات لأصحابها كمثقفين ، والمتناثرة هنا وهناك ، لكن الحقيقة لا توجد كحركة سياسية منظمة وتقدمية .. فلترتبط السياسة بالدين ، وليرتبط الدين بالسياسة ، فهذه ليست هي القضية ، وانما القضية ان يتحقق هذا لمصلحة تغيير الحياة الإنسانية ، وتجديدها وتقدمها ، لا لتجميدها ، وتكريس تخلفها ، وتغييب حقائقها ، وإطفاء مشاعل العقل بدل النقل ، لأنه لن نعتر على المستقبل في كهوف الماضي ، ولن نصنع المستقبل بأحجار جاهزة .. لن نكتشف الحقائق في حرفية النصوص ، وبتجاهل الواقع ، ورفض العقلانية واللاّئيكية ... لن نؤكد هويتنا ، وانتماءنا ، بترديد الأفكار البالية ، والاوراد ، وارخاء اللحيّ ، واتساخ الملبس ، وعفونة العيش ، واخفاء وجوه النساء ، ورفض التحديث ، والمدنية ، والحضارة المتقدة ، بدعوى الجهل والتكفير .. لن نحقق العدل والحرية ، بمنْح النظام الطاغي ، والمستبد ، القرسطوي الطقوسي ، صكوك طغيان وغفران وقداسة .. فلا بد من محاسبته على الشادة و" الفادة " ، الصغيرة والكبيرة .. ولن تنفجر الاجتهادات العظيمة ، بغير التفتح على الشعوب ، وحقائق الواقع الموضوعي ، للمجتمع ، وللعصر ، وبالعمق ، وروح النقد ، والديمقراطية ، والعلم النافع الخلاق .. ان المصلحة هي جوهر مقاصد الشريعة ، وانه " اذا ظهرت أمارات الحق ، وقامت ادلة العدل ، واصبح صبحه بايّ طريق كان ، فتم شرع الله " ، كما قال ابن القيم الجوزي . اننا بهذا وحده ، سنحسن قراءة الماضي ، قراءة نقدية جريئة ، ومعرفة حقائق النصوص ، وتنمية هويتنا المتجددة ، وتطوير حياتنا ، وافكارنا ، وقيمنا ، واقامت سلطة العدل والحرية ، وصنع المستقبل الخالي من الدكتاتورية والاستبداد والطغيان ، وتحقيق الاستقلال من الدولة المخزنية البوليسية الفاشية ، القروسطوية والطقوسية ، ومن الدولة الاسلاموية ، باسم خلافة إسلامية مفترى عليها ، او باسم جمهورية اسلاموية فقهية . ان القطع مع النقل ، والتشبث بالعقل ، هو وحده الكفيل بتسهيل الوصول الى الدولة الديمقراطية الحقيقية ، المنفتحة على الجميع ، ولصالح الجميع . فالصراع سيبقى جاريا بين اسلام النظام ، والإسلام السياسي ، وحقل وموضوع الصراع طبعا ، سيبقى مجال الإسلام الشعبي ، اسلام الشارع المضلل بالخرافة والشعوذة ، وبأساطير الاولين ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الصحراء غربية ، أم مغربية ؟
-
خرجات البوليس السياسي في مملكة الرعب
-
هل ممكن ، أو بالإمكان تحقيق تصالح بين النظامين ، المخزني الب
...
-
إنقلاب الگابون
-
مملكة الرعب . مملكة الغاب .
-
رئيس الجمهورية الصحراوية يلقي خطابا سياسيا بجنوب افريقيا ، أ
...
-
إسقاط شخص الملك . إسقاط نظام الملك ، أو إسقاط الدولة .
-
قمة البريكس
-
الدولة البوليسية الكريهة
-
قصيدة شعرية / ne poésie
-
وأنا عُجبت لمن دوخه الجوع ، فلا يخرج على عثمان المرصع بالذهب
...
-
هل عادت اسبانيا للصيد في المياه الصحراوية المتنازع عليها ؟
-
البوليس السياسي يتمادى في ممارسة الشطط في استعمال السلطة
-
هجرة بلاد الظلم ، والذل ، والعهر ، والعار
-
جرائم البوليس السياسي
-
بماذا تختلف الصهيونية عن النازية
-
ما صحة اخبار توقيع جبهة البوليساريو اتفاقا مع شركة استرالية
...
-
المغرب : الدولة المخزنية والقمع .
-
5 غشت 1979 انسحاب موريتانية من - تيريس الغربية - وادي الذهب
...
-
الثورة والازمة الثورية . لا ثورة بدون ازمة ثورية
المزيد.....
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
-
الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا
...
-
فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز
...
-
سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه
...
-
مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال
...
-
جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة
...
-
مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
-
-الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد
...
المزيد.....
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
المزيد.....
|