في ذكرى اغتيال الرفاق الأعزاء، السبب وذروة الدراما
مؤيد احمد
2023 / 7 / 31 - 18:27
نفذت القوات المسلحة التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني( الاتحاد) هجوماً إرهابياً، مخطط لها مسبقا من قبل قيادة الاتحاد، في مركز مدينة السليمانية في اقليم كوردستان يوم 14 تموز (يوليو) 2000، أسفر عن مقتل خمسة رفاق هم: عبد الباسط محسن ومحمد مصطفى (كريم) وإبراهيم محمد(هاوكار) ورفيق لطيف وأوميد نيكبين وهم من أعضاء الحزب الشيوعي العمالي العراقي.
ستبقى ذكرى هؤلاء الرفاق عزيزة في قلوبنا دائما ولن ننساهم أبدًا.
هذه الذكرى، بالنسبة لي، ستظل لحظة حزينة دائما كون هؤلاء الرفاق اصبحوا ضحايا الجريمة الارهابية تلك، وهي مليئة كذلك بالمشاعر والذكريات الخاصة، ليس فقط كوني كنت مع هؤلاء الرفاق الأعزاء في ذلك اليوم، وكنا، ومع جمع من أعضاء الحزب الشيوعي العمالي العراقي واعضاء اللجنة المركزية لذلك الحزب، في مقر الحزب أو في مكتب الإذاعة التابع له، معرضين للاغتيال في اية لحظة على ايدي قوات الاتحاد الوطني الكوردستاني التي كانت تحاصرنا، بل وأيضًا لأنها كانت ذروة الدراما التي وصلت اليها الحركة الشيوعية وشيوعية جيلنا في اقليم كوردستان منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي والتي كنا ناشطين فيها.
كانت هذه الدراما الدامية لحظة من لحظات التاريخ المستمرللحرب الطبقية الدائرة في مجتمع كوردستان ومسارالصراعات فيما بين الحركات والتقاليد الاجتماعية والسياسية والفكرية والتنظيمية داخل هذا المجتمع، والتي أصبحت اليوم أكثر حدة وشمولية من أي وقت مضى.
باعتقادي، لم يرتكب (الاتحاد) هذا العمل الارهابي فقط بسبب سياسة انفصال كوردستان، التي تبناها الحزب الشيوعي العمالي العراقي في ذلك الوقت والذي ما زال مستمرا في التاكيد عليها اليوم، ولا حتى بسبب دعوته للمساواة بين المرأة والرجل أو بسبب كل القضايا التي أثارها (الاتحاد) في دعواه أمام المحكمة لإغلاق مقر هذا الحزب.هذا، وحتى ضغط النظام الاسلامي في ايران على (الاتحاد) لم يكن عاملاً رئيسياً، على الرغم من وجود تقليد في اوساط الحركة القومية القومية الكوردية واحزابها الميليشية للقيام بأعمال إرهابية ضد خصومهم من أجل ايجاد مكان لأنفسهم في اللعبة الجيوسياسية وتلبية الاحتياجات الأمنية لدول المنطقة. قد تكون كل هذه تشكل عوامل ثانوية دفعت بـ (الاتحاد) لارتكاب هذه الجريمة، إلا انها لا تستطيع تفسير جوهر هذا العمل الإرهابي، لأن مصدررهذا الإرهاب كان ببساطة السياسة المعادية للشيوعية والتكتيكات الفاشية لقادة (الاتحاد) كقوة ميليشية قومية.
لا يمكن للحركة القومية أن تعمم أفكارها وآفاقها السياسية على مستوى المجتمع دون استبعاد جماهير العمال والكادحين عن كسب سياساتهم الطبقية المستقلة. إن نضال الحركة القومية وقواها وأحزابها ومعارضتها للحركة الشيوعية هي قضية استراتيجية بالنسبة لهم وهي تتعلق بمنع حصول هذا التغيير في ميزان القوى الطبقية على مستوى المجتمع.
إن رفرفة العلم الأحمر للحركة الشيوعية فوق سطوح مقرات منظمة (التيار الشيوعي) آنذاك في كل من مدن رانية والسليمانية وحلبجة وعقرة وأربيل في مارس 1991 وما بعد ذلك التاريخ، وتطور الحركة المجالسية للعمال والكادحين وتنامي دور حركة اتحاد العاطلين عن العمل ونشاط منظمات الحركة الشيوعية والحزب الشيوعي العمالي العراقي داخل الاقليم، فضلا عن كونه اثار، ومنذ البدء، حفيظة الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) كان قد اثار كذلك غضب وكراهية قادة (الاتحاد)، للحركة الشيوعية الصاعدة، منذ فترة طويلة وكان الاخير يبحث دائماً عن الفرص لرمي سهمه المسموم على الحركة الشيوعية وارتكاب الجريمة التي نفذوها.
إن تخفيف حدة النقد، عن قصد كان أو بغير قصد، ضد الاتحاد الوطني الكوردستاني والحركة القومية وأحزابها لارتكابه هذه الجريمة الإرهابية بالقول بإن (الاتحاد) كان ضد استقلال كوردستان أو كان تحت ضغط من النظام الإسلامي الإيراني، ليس سوى الدوران في نطاق الافق السياسي القومي السائد، وان الاصرار والتاكيد المتزايد عليه ما هو إلا مجاملة الحركة القومية والمساومة مع (الاتحاد). وذلك، وبطبيعة الحال، يتعارض مع نقد البروليتاريا الاشتراكية لهذه الجريمة، ذلك النقد الذي يؤكد على تفاقم الصراع بين الشيوعية والحركة القومية كحركتين طبقيتين واجتماعيتين متعارضتين.
إن تبيان الموقع الحالي للأحزاب والتنظيمات الشيوعية في إقليم كوردستان في مسار الصراع الطبقي والحركة الشيوعية، ليس موضع بحثنا هنا، ولكن اود التأكيد على ان العمل الارهابي الذي ارتكبته قوى (الاتحاد) ضدنا في 14 تمورز 2000 (وآىذاك كنت عضوا في اللجنة المركزية لذلك الحزب) له صلة مباشرة بالتاريخ الطويل للصراع بين الحركة القومية والشيوعية في كوردستان.
إن ذكرى هؤلاء الرفاق المضحين ستبقى حية دائما، وإن قمة الوفاء لهم هو مواصلة النضال من أجل إقامة مجتمع خال من الطبقات والدولة، مجتمع شيوعي حر يزدهربالرفاهية المتساوية للجميع.