|
مستلب التفكير القصدي لدماغ انقيادي النشاط – جزء ( أ )
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 7637 - 2023 / 6 / 9 - 02:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ ح ( 2 ) من كاروسيل ضياع الوجود العربي تاريخيا
تعرضنا في حلقتنا السابقة من متحول تطبعنا الإرثي الماضوي الى أن يصل إلينا راهنا كطبيعة إرثيه نحن عليها ، حتى ( ظاهريا ) بامتلاكنا العلوم العصرية واستخدامها . . مع عون علماء وخبراء دوليين – اجانب من مسمى البلدان المتقدمة – نفشل دوما في حل مشكلة او ازمة كانت . . خاصة او عامة تتعلق بالمجتمع وعمل الدولة – وقبل الخوض في مسار استكشاف موضوعية مسترقانا الحكمي اعلاه ممثلا ب . . كاروسيل الضياع على هيئة تطبيقية لبعض استحضارات واقعية ملموسة مدللة خلال وجودنا العصري الحديث . . على صحة ما ذهنا اليه سابقا ، مع تقديم الرؤية التحليلية ل ( الماورائية الذاتية الخاصة ) الكاشفة عن إضاءات تجيب عن التساؤل شبه التعليلي حول متكررنا التاريخي الإرثي كغير قادرين على حل ازماتنا وطبع محاولاتنا الحلية نعيد انتاج ازماتنا القديمة في حالة عصرية اشد تعقيدا وسوءا عن سابقاتها – قبل هذا نحتاج التعريج على علم الفسلجة العصبية وتحديدا الدماغية منها ، اولا لوضع مدماك علمي – كما نفهمه ونزعم به – يضع منطلقا فهمي لعنوان حلقتنا هذه ، وبما يرشدنا نحو تلمس مقبول عند تفكيرنا المجرد لفهم العلية الجوابية حين نسأل انفسنا : لماذا نحن معاقون ذاتيا . . دائما ؟ ، بينما من ناحية اخرى لتلمس يقترب من حقيقة وجودنا الراهن لإدراك الجواب العلي للسؤال الاخر لملذا نجدنا ظالين نراوح في المكان . . بل نجدنا نعود الى الوراء مضموني بينما تتطور وتتغير بقية شعوب مجتمعات البلدان الاخرى ؟ . فما هو ثابت في علم البيولوجيا التقليدي والحديث أن نوع الانسان بقدر ما هو مصنف في اعلى سلم الهرم الحيواني – بيولوجيا – فهو يعد من طائفة الثديات ، وشعبة الرئيسيات – أي الرئيسيات – التي تتسم بامتلاكها ( جهازا عصبيا مركزيا ) – اكثر تطورا وظيفيا عن الطوائف السابقة لوجودها والممتلكة ذات الجهاز مثل الزواحف الفقارية والطيور – وهذا الجهاز يتحكم بكامل المنظومات الوظيفية للكائن الحي ، أكان على الصعيد الداخلي الجسدي والدماغي افرازا ونشاطا عضويا او على الصعيد التفاعلي النشاطي للكائن مع بيئته الخارجية ، وهو تحكم منظم وموجه لتحقيق الحاجات والاستفادة منها بتوازنيه الابقاء على الفاعليات الداخلية واعادة البناء الخلوي للأعضاء والافرازي لإنتاج الطاقة المنتجة للفعل السلوكي الممارس مع البيئة الخارجية تفاعليا عبر نظاميات الحواس بما يحقق الحاجات واستمرار البقاء على الحياة . هذه الجهازية العصبية المركزية تتحدد بمنظومات مكون الدماغ والخارج منه بمتصور الجمجمة كامتداد لها يعرف بالحبل الشوكي ( داخل فقرات الظهر ) ومنها الامتداد المجاور له والمعروف بالنخاع المستطيل – المتصلين بمناطق وإنويه عصبية مختلفة من الدماغ داخل تجويف الجمجمة – وهذه مجتمعة وتحت سيطرة النخاع الشوكي تتحكم بطبيعة الاستجابة العصبية ( اللاإرادية involuntary ) ، التي نعرفها بالسلوك الغريزي او الفطري – أي تكون الاستجابات العصبية الموجهة كرد فعل ميكانيكي آلي ، تمثل مكون الحاجات وضرورة استمرارية البقاء على الحياة ما تعرف ب ( المثيرات ) وما تحدثه من اثر استثاري تلتقطه الحواس الخارجية او تعكسه المؤشرات البيو كيميائية داخل الجسم لتنقل كتحسسات الى هذا الجاز اللاإرادي للتوجيه برد الفعل المناسب والمطلوب – كما ويتضمن الجاز العصبي المركزي نظاميته المركزية الاخرى المعرفة ب ( النظام العصبي الإرادي voluntary ) ، وهو مختص ببنية ونظامية عمل المخ ، حيث تتسم آليات الاستجابة التي يوجه بها بتحكم كامل تجاه أي مثير خارجي تحديدا واي مثير داخلي إن كانت الاستجابة المثلى تتطلب تدخلا إراديا يعجز أن تحققها النظامية اللاإرادية العصبية – ومن هنا يتفاوت التطور( نوعا بمعنى قيمة ) بين انواع الكائنات الدماغية المكتملة من حيث تنامي وتعقد النظامية العصبية الارادية خلال تنامي تعقد بنية المخ وتزايد تنامي نشاطه الوظيفي خاصة منها ما يعرف ب ( الوظائف العليا للدماغ – أي بمعنى المخ ) – كالتفكير ، التعلم ، الذاكرة – ومن هنا توسم كافة العمليات الدماغية بمتطلبها الارادي ( المخي ) بكونها عمليات ادراكية – والذي على اساس ذلك فإن صفة الادراك والوعي – بيولوجيا – هي صفة مشتركة بين الانسان والحيوانات المتطورة من مكتملي بنية الدماغ ، ولهذا فهي تفكر وتتعلم وتتذكر مثلها مثل الانسان ، إلا انها تظل محدودة القدرة فيها ، حيث ظهر الاستثناء في نوع الانسان أن نظاميته المخية اشد تعقيدا بنائيا ووظيفيا . . تحديدا في نشاط المخ في وظائفه العليا نحى منحى اكثر تعقيدا ادائي النشاط فيما هو مجرد ، وكان كلما نما فيه تفكيره المجرد يقود الى نماء اكثر تعقيدا في البنى الطبقية لمكون المخ واتصالاته العصبية ونماء اكثر تعقيدا لنشاطه – فكان للطبيعة الارادية لعمل هذا الجزء من الدماغ أن تنمو صفة الارادة بتحرر تدريجي تطبع دماع نوع الانسان بنشوء استثنائي عن سائر الكائنات الحية في المملكة الحيوانية ، حيث وصل فيها الى نقطة من تطوره الوظيفي الدماغي – في تفكيره المجرد – على بناء تصورات واخيلة تبعده عن محدودية الدور البيولوجي – الحيوي للدماغ . . ليعرف لاحقا بدقة لفظية عن استثنائية نوعه بأنه ( كائن حي غائي التفكير ) ، حيث قادت هذه الصفة على صعيد تطور نشاطه المخي – بتوصيف الذهني – المجرد لأن ينحى منحى قدرة خاصة من التفكير بأن يوسم بالتخطيط الارادي الهادف – ومنه ما يفقد فهمه عند المفكرين وباحثي علم الجمال والنقد الفني . . حول تمييز اصل مصدر معنى لفظة ( الابداع ) ، حيث يعتمد ذلك النشاط الذهني المجرد العالي على قدرة المخ في تخليق سمة الخيال من طابعه المجرد في التفكير ، حيث يصل الامر لدى حالات فردية تكون مطبوعة على انتاج ذهني موسوم بالفرادة غير المتكررة عند الاخرين ، بأن تصبح سمة الخيال ( المجرد ) موضوعا بذاته عند امثالهم ، ليصل تطويرا لهذه القدرة بدءا – من زمن تاريخي محدد من التطور البشري المجتمعي – أن يتكئ على هذه السمة بتوظيف نشاطي دماغي عالي التجريد – تعودا – ليمعن في التخيل ( بإرادة ذاتية ) بدل أن كانت اخيلة عن الذاكرة او توهمات حدسية تخيلية . . لتصبح اداة ( تخليق مغاير ) تنتج عوالما واكوان وكائنات وامور غير مدركة عند الاخرين حواسا ولا ترتقي قدراتهم الذهنية التفكيرية أن تستوعب مثل هذه الامور المخلقة ذهنيا عبر التخيل ، حتى وصل تطور هذه الاداة لدى مبدعي الحداثة . . أن تحل اداة ذهنية اعلى قدرة واشد تعقيدا في العمل الذهني بما يعطي تحولا نوعيا لجوهر ومضمون العمل ( الابداعي المستثنى ) ، وهذه الاداة الحالة محل التخيل بما نعرفه ب ( التخييل ) ، حيث تنتج عبر هذه العملية مخلقات ذهنية – منها تصورية في شكلها الفني ومنها رمزية متحركة في ثنايا العمل المخلق – بالطبع هناك تقاطعا في محدد معنى ودلالة لفظة الابداع على عمل انتجه عقل الانسان ، وهو التقاطع في العمل المنتج بين صفته كعلم وصفته كفن ، فكليهما يميزان بين المهني المختص والمبدع ، حيث يتصف المبدع – فنانا او عالما – على نشاط دماغ هذين الاخيرين على مكون الخيال – والتخيل والتخييل – كأداة موظفة اراديا في بنية نشاطه التفكيري الذهني ، بينما الاخر ( المهني المختص ) فيعتمد نشاطه الذهني الدماغي على المعرفة المنقولة وموجهاتها التي يمكن لها ان تقوده لتحسين الاداء ، وهو ما يميز بين من يمكن تسميتهم ب ( ذوي الياقات الزرقاء ) وبين المهنيين الاختصاصيين الاعتيادين ، حيث يدخل الخيال ب ( درجته الاعتيادية ) في نشاطهم الذهني بما يمنح درجة اعلى من التخيل – مقارنة بغيرهم الاخرين – ولكنه نشاطا يعد بسيطا واوليا مقارنة عما هو عند المبدعين – الحقيقيين الاستثنائيين وليس من يروج لهم . إذا ، فللطبيعة العضوية لنشاط دماغ الانسان – ما جعله مستثنى تطورا عن غيره من الكائنات الحية – أن كل نشاط ذهني – مخي مجرد يقوم به دماغه يخلف ادراكا معرفيا اضافيا وجمالا اضافيا عما كان يحتويه من قبل ، وهو ما يخلق نموا اشد تعقيدا وظيفيا لاحقا لنشاط عمل الدماغ . . وهكذا – وعليه بدأت المفردات اللفظية والمفهومية تتوالى تخريجا بما يتصل بالإنسان في سمته الدماغية المغايرة ، مثل العقل والكائن العاقل ، الذهن والعمل الذهني ، الغائي ، صاحب العمل الهادف ، ذا القدرة الذهنية التخطيطية ، الادراك ، المعرفة ، الوعي الادراكي ، الارادة الحرة الواعية ، الابداع ، الابتكار ، الاكتشاف ، المولد للأفكار و . . هكذا . وبالمحصلة ، ان هذا التحول النوعي لعمل دماغ نوع الانسان بقدر ما جعله مغايرا عن سائر الكائنات الحية الاخرى ، بقدر ما كانت من تلك المغايرة أن يمتلك صفة التحرر التدرجي الذاتي عن سيطرة قوانين الطبيعة والوجود الموضوعيين عليه كتابع لقوانينها الموضوعية العمياء ، تحررا متناميا ليخوض نمو قدرته الذهنية للتدخل في تعديل او تغيير – تدرجي تاريخي – لبعض من تلك القوانين ، وحتى في تلك التي ما زالت قدرته محدودة ضعيفة على مواجهتها . . مكن له التفكير الممعن بالتخيل الى صناعة ما يخفف عليه من ضرر او يجنبه ذلك الضرر المسبب بالعبارة المتعارف بها مجازا ب ( غضب الطبيعة ) .
كل ما سبق ايراده بتقعيد مؤسس علميا يمثل قاعدة فهم انطلاقي لقراءة مستلبنا العقلي ك ( انسان عربي في مجتمعه العربي ) ، في علاقة نستطيع أن نبينها الان بسهولة – بما نحن عليه راهنا – من خلال جدل التفكير وآليات نشاط ادمغتنا ، حيث قادت آليات انقيادنا الفكري عبر مدى طويل من التاريخ الزمني . . قاد ذلك بمتحول لطابع آليات نشاط ادمغتنا من تطبع الى طبيعة تلقائية موسومة بالإعاقة – الشبيهة بالخلقية – وهو ما يعزي الى قصورنا الذاتي الذهني والنفسي عند مواجهتنا لما وصلنا إليه من مواجهة لبنية مشكلات او ازمات ( في وجودنا المعاصر ) ، تكون كل محاولاتنا لبناء الحلول وحتى المعتمدة على العلم موسومة بحقيقتنا العاجزة قدرة – بفعل الاعاقة المورثة اجتماعيا لآليات نشاط الدماغ – مقارنة بالبنية التعقيدية لأية ازمة من الازمات التي نعيشها ونبذل كل جهودنا للتخفيف من اضرارها او تفكيكها او حلها .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحر . . كل يوم جديد - ومضة
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
كاروسيل ضياع الوجود العربي تاريخيا / ح ( 1 )
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
نظـرية التغـيـر الكلــية - والجوهر الحي المطلق للمادة - -
...
-
احلام فراشة
-
أسير المتاهة
-
مواجهة وباء اجندات انظمة الغرب الفاشية / رقم 2
-
تركيا وانتصار لمسار تهاوي هيمنة القطب الواحد - م
...
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
الحلم السعودي . . وفوبيا اليمن
-
اليمن : افراح متوهمة بأحزان معتمة
-
نعيق متصارع . . في أتون بلد ضائع
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
رواية ( تمزقات . . في ارض موحلة بالأكاذيب ) / عملي الروائي ق
...
-
لن يغادرني احد ( نص اللحظة )
-
( 2 ) تركيا . . ودورة الإعادة لانتخابات الرئاسة - المرحلة ال
...
المزيد.....
-
وزارة الصحة اللبنانية: مقتل 13 شخصًا جراء غارات إسرائيلية ال
...
-
زيلينسكي يتوقع الحصول على مقترحات ترامب بشأن السلام في يناير
...
-
مصر تتطلع لتعزيز تعاونها مع تجمع -الميركوسور-
-
زالوجني: الناتو ليس مستعدا لخوض -حرب استنزاف- مع روسيا
-
أكبر الأحزاب في سويسرا يطالب بتشديد قواعد اللجوء للأوكرانيين
...
-
استطلاع جديد يوضح بالأرقام مدى تدهور شعبية شولتس وحزبه
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
هل تشعر بالتوتر؟ قد يساعدك إعداد قائمة بالمهام في التخفيف من
...
-
النيابة العامة تحسم الجدل حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد
...
-
نتنياهو: التسريبات الأخيرة استهدفت سمعتي وعرّضت أمن إسرائيل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|