أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (3 - 4)















المزيد.....

قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (3 - 4)


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7624 - 2023 / 5 / 27 - 22:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (3 – 4)
(الدولة الأمنية، رباعية الاستبداد، ثلاثية الفساد، الحطام العربي)
(3) – الدولة الأمنية ومرتكزاتها
تعرّف موسوعة " ويكيبيديا " الدولة الأمنية بأنها " دولة تمارس فيها الحكومة إجراءات قمعية صارمة ضد المجتمع، تتحكم من خلالها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشعب. وغالبًا ما يتمُّ ذلك من خلال شرطة سرية، تعمل عادة خارج الحدود التي تفرضها الجمهورية الدستورية. في الدولة الأمنية عادة ما تظهر مظاهر الشمولية والرقابة الاجتماعية، وعادة ما لا يوجد ما يميّز بين القانون وممارسة السلطة السياسية من جانب السلطة التنفيذية ".
أما فقيدنا الطيب تيزيني فقد أسقط هذا التعريف العام على الواقع العربي، حيث قال أنّ مشروع الدولة الأمنية " بدأ مع مشروع الوحدة بين مصر وسورية، حيث كان الشرط الأول للانضمام إلى الوحدة إلغاء الأحزاب، بالتالي إلغاء الحياة السياسية ". واليوم ها نحن نعيش الحالة بامتياز فـ " الدولة الأمنية، في معظم أرجاء عالمنا العربي، صادرت السياسة والديمقراطية، وابتلعت كل القوى التي كانت تتطلع إلى بناء الأوطان. وفي طريق صعودها ابتلعت ثلاث مرجعيات: المرجعية السياسية، والمرجعية الثقافية، ثمَّ المجتمع ذاته " (20).
وكثيرًا ما تحدث عن النظام الأمني، الذي رفع شعاره الشهير " يجب أن يَفْسُدَ مَنْ لم يَفْسُدْ بعدْ "، بحيث يصبح الجميع ملوثين، ومدانين وجاهزين تحت الطلب. وبذلك أضحى المجتمع برمته خصمًا لهذا النظام، بعد أن تمَّ تحويله إلى أداة أو إلى قطيع، من خلال إعادة إنتاج الفساد والتخلّف، وتحويل المجتمع إلى حالة من " العقم التاريخي "، الذي لا يحدث إنتاجًا جديدًا لبشر جديدين بآفاق جديدة. وبحيث " يظل هذا المجتمع سائرًا في مسار واحد، فيعيش حالة من القنوط والتخلّف والقسوة، في الإجابة عن مشكلات راهنة، ليجفف كل ما يمكن أن يُنتج حالة جديدة من الإبداع في الاقتصاد أو السياسة أو الثقافة أو القضاء. وهي ترى أنّ هذه الحقول كلها يجب أن يسودها حالة من الجفاف والقصور التاريخيين، وحين ذلك تستطيع قيادة هذه الدولة الأمنية أن تبقى أبدًا، فلا معارضة ولا رأي آخر " (21)، وبذلك لا تبقى فئة تكون الحامل الاجتماعي لعملية التغيير.

(4) - هفوات تيزيني تجاه المجتمع المدني والمعارضة السياسية في سورية
عندما بدأت فعاليات نشطاء المجتمع المدني، بعد توريث بشار الأسد وخطاب القسم الذي بشّر بإمكانية بداية مرحلة جديدة عنوانها الإصلاح، اعتبر تيزيني أنّ أولئك النشطاء " يقلبون أولويات العمل السياسي في سورية، فيجعلون المجتمعية المدنية منطلق الشأن العام ومآله، والدولة تعبيرًا عنها في مستوى السياسة "، إذ اعتقد أنّ " الأولوية يجب أن تُعطى لبناء الدولة الوطنية التي ستبني المجتمع المدني، كما في تلك المنهجية الستالينية الساذجة " (22).
وفي تبريره لموقفه قال تيزيني " عند الحديث عن المجتمع المدني، من الخطأ أن نطالب بإنجاز مثل هذا المجتمع بصورة سريعة في مجتمع يعاني من إشكال العلاقات الاجتماعية العشائرية والطائفية والإثنية، وإنّ دعاة المجتمع المدني كانوا يتحدثون عن مجتمع النخبة، في حين أنّ الأمر الأكثر حسمًا في هذه المرحلة هو مَن المخوّل باكتشاف إشكالات الواقع والعمل عليها "، معتقدًا أنّ ما نحتاجه هو " المجتمع السياسي والملف السياسي الثقافي " (23).
ومن مظاهر تناقض مواقفه بشأن المجتمع المدني أنه وقّع على بيان الألف من نشطاء المجتمع المدني، كما ساهم، في العام 2004، في تأسيس منظمة " سواسية " الحقوقية.
وعندما أُعلن عن إنشاء " إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي "، في تشرين الأول/أكتوبر 2005، باعتباره ائتلافًا عريضًا لقوى سياسية سورية، اعتبر تيزيني أنّ الإعلان " جاء في مرحلة تاريخية يمكن القول عنها أنها الأكثر مناسبة لمثل هذا الإعلان، ومن ثمَّ فإنّ الشرط التاريخي لصدوره يفصح عن نفسه بوصفه حالة مناسبة جدًا، مما يؤكد على مفهوم الوعي المطابق الذي جسده هذا الإعلان. المرحلة التي يمرُّ فيها الوضع السوري أصبحت تستلزم وجود حركة سياسية وثقافية نشطة، تجد مهماتها في الإجابة عمّا يحدث في سورية، والإجابة عن آفاق التحوّلات المحتملة سوريًا وإقليميًا ودوليًا ". ولكنه استدرك ليقول " إنّ وجود أخطاء في الإعلان إنما هو أمر طبيعي، إذا ما وُضع في سياق عدة عقود من سياسة الاستبداد الرباعي ". وعندما وضع يده على " أخطاء " الإعلان لم يكن موفقًا، إذ قال " يفتقد الخط الناظم للفكر السياسي السوري، في نطاق كليته، وذلك على نحو جاءت فيه مسألتان اثنتان بصيغ مضخّمة أكثر من اللازم، هما: المسألة الإسلامية والمسألة الكردية "، وهنا بدا تيزيني أقرب إلى مزاج السلطة السورية، أكثر مما هو متفهم لضرورة جذب الطرفين، الإسلام السياسي وممثلي الأكراد، إلى العمل الوطني الديمقراطي العام. خاصة أنّ مأخذه تجسّد بقوله " كان مناسبًا أن يميز(الإعلان) بين الإسلام كمعتقد ديني والإسلام كمنطلق سياسي لحركة سياسية سورية، تشتغل في نطاق ما يُطلَق عليه الإسلام السياسي. ومن ناحية أخرى كان التمثيل الكردي في الإعلان قد جاوز ما ينبغي أن يكون عليه، وذلك من موقع ملاحظة أنّ ما طالب به الإعلان إنما هو أكثر مما ينبغي أن يتحقق في إطار دولة جمهورية سورية موحدة ".
كما أخذ على الإعلان أنه لم يتناول " الصراع العربي الإسرائيلي، في إطار الصراع مع المشروع الأميركي الإسرائيلي العولمي ". وكذلك قوله إنّ الإعلان " ترك مسألة العلاقة بين الداخل والخارج مفتوحة، على نحو قد يعطي الانطباع بأنّ أمرًا ما، على هذا الصعيد، لا يوجد بوصفه عائقًا أمام الإصلاح الوطني الديمقراطي السوري " (24). وهنا نرى أنّ فقيدنا تيزيني قد أخطأ البوصلة، ظنًا منه أنّ الإصلاح كان على أبواب دمشق، مما يعكس نزعات رغبوية لدى المفكر، أكثر مما يعكس رؤية عميقة لبنية نظام الاستبداد.

الهوامش
20 - حوار داليا عاصم مع الطيّب تيزيني، المرجع السابق.

21 - حوار عبير يونس مع الطيّب تيزيني، صحيفة " البيان "، دبي 10 نيسان/أبريل 2011.
22 - ميشيل كيلو، الطـيّـب تـيـزيـنـي أو فـيـلسـوف الـعـصـر!، صحيفة " النهار "، بيروت 22 آب/أغسطس 2003.

23 - حوار مفيد نجم مع الطيّب تيزيني، الملف السياسي لصحيفة " البيان "، دبي 25 تموز/يوليو 2003.
24 - حوار أبيّ حسن مع المفكر السوري الطيّب تيزيني، حاوره في القاهرة، صحيفة " المستقبل "، بيروت 4 كانون الأول/ديسمبر 2005.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (2 - 4)
- قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (1 - 4)
- أصول الأتاتوركية وتحولاتها
- إشكاليات الصحراء الغربية وتكلفة اللامغرب (2 - 2)
- إشكالية الصحراء الغربية وتكلفة اللامغرب (1 - 2)
- دور حوار الثقافات في تقارب الشعوب وتعايشها
- إشكاليات الثقافة العربية المعاصرة وآفاقها المستقبلية (2 - 2)
- إشكاليات الثقافة العربية المعاصرة وآفاقها المستقبلية (1 - 2)
- فرص ومعوّقات ديبلوماسية الزلازل في تعويم رأس النظام السوري
- االغزو الأميركي للعراق مرآة لتقاعس النظام الإقليمي العربي
- أضواء كاشفة على الثورة السورية المغدورة
- التحديات التي تواجه التحوّل الديمقراطي في العالم العربي
- إشكالية الهوية والمواطنة في سورية (2 - 2)
- إشكالية الهوية والمواطنة في سورية (1 - 2)
- عوامل نشوء وأسباب تفكك الجمهورية العربية المتحدة
- تواتر القمم المصغّرة وتغييب البوصلة العربية
- الشرق الأوسط الجديد .. إلى أين؟
- من أجل تعزيز المسعى الديمقراطي في العالم العربي
- العلاقة بين الثقافة السياسية والتوجهات الرئيسية للدولة الوطن ...
- الشعبوية تعطّل سيرورة التحوّل الديمقراطي في تونس


المزيد.....




- -لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر ...
- نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
- لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا ...
- أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض ...
- عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا ...
- إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
- حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
- من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
- بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
- اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - قراءة متمعنة في الفكر السياسي للطيب تيزيني (3 - 4)