|
زيارة رئيسي لسوريا دلالات وأهداف
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 7602 - 2023 / 5 / 5 - 14:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بقلم :- راسم عبيدات رغم كل العواصف السياسية والأمنية التي هبت على المنطقة، وتدمير دول واختفاء ورحيل قيادات،بقي التحالف السوري- الإيراني ثابتاً ولم يتغير ...والعلاقات السورية- الإيرانية ،نمت وتطورت في سياق تاريخي من بعد انتصار الثورة الخمينية عام 1979، ولم تهتز تلك العلاقة في ظل الحرب العراقية- الإيرانية 1980 -1988،والتي دفعت بها أمريكا ودول الخليج العراق للحرب مع ايران،من أجل اضعاف قدرات البلدين العسكرية واهدار طاقاتهما وثرواتهما،وتفكيك جغرافيتهما على اسس مذهبية وعرقية ،فالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد،كان له رؤيا حول اسباب ومسببات واهداف تلك الحرب، مختلفة عن رؤية الكثير من دول النظام الرسمي العربي، التي وقفت الى جانب بغداد في تلك الحرب،حرب قادت في النهاية الى غزو أمريكي للعراق وإحتلاله عام 2003 م، بعد توريطه في غزو الكويت....العلاقات السورية - الإيرانية ،تجاوزت العلاقات التقليدية بين أي دولتين صديقتين، علاقات سياسية واقتصادية وثقافية وإجتماعية،يعبر عنها بإتفاقيات في تلك المجالات، لكي ترتقي الى علاقات المصير الواحد في سياق استراتيجي،بحيث تقف الدولتان الى جانب بعضهما في حال التعرض لهجوم او عدوان خارجي...سوريا وقفت الى جانب طهران في حرب ال 8 سنوات،وايران وقفت الى جانب سوريا في العشرية السوداء التي ضربت سوريا في عام 2011،وفي أكبر حرب عدوانية كونية استهدفتها من قبل أمريكا ودول الغرب الإستعماري ودولة الكيان،ومروحة واسعة من الحلفاء عرب واتراك وأدوات تنفيذية إرهابية وداعشية،محلية وأخرى من نفس المنتج، جرى جلبها من كل اًصقاع الدنيا...من أجل تدمير سوريا وهويتها الوطنية وإنتمائها العروبي القومي وتفكيكها جغرافياً،واضعاف جيشها والسلطة المركزية ،وبما يسمح بتمدد المشروع الأمريكي للهيمنة على كامل منطقة الشرق الأوسط،وبما يفرز دولة الكيان،كدولة قائد للمشروع في المنطقة،ترتبط معها الكيانات العربية الناشئة، بعد فك وتركيب الجغرافيا العربية بأحلاف أمنية....ايران وقفت الى جانب سوريا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ولوجستياً ودبلوماسياً،بل أبعد من ذلك تشاركت وتشابكت قواتها مع القوات السورية أمنياً وميدانياً وعسكرياً،بما مكن سوريا قيادة وجيشاً وشعباً من هزيمة هذا المشروع المتعدد القوى والأطراف والأهداف. زيارة رئيسي لدمشق والتي جاءت،بعد ثلاثة عشر عاماً ،لأخر رئيس ايراني زار دمشق، أتت في ظل تغيرات وتطورات كبرى في المنطقة والإقليم والعالم، تصب في مصلحة محور ا ل م ق ا و م ة والتحالف الروسي الصيني الإيراني ،فالرهان على تمدد حلف "ابراهام" التطبيعي،لكي تنضم اليه السعودية ذات الثقل الإقتصادي والسياسي عربيا وإسلامياً تبدد،حيث ذهبت السعودية بمشاركة صينية للمصالحة مع ايران،وكذلك السعودية التي كانت رأس حربة في دعم ومساندة المشروع المعادي على سوريا،وجدنا انها إستدارت لكي تصبح عراب المصالحة مع سوريا سعودياً وعربياً،لقاءات سعودية سورية على مستوى وزراء الخارجية،وقمم تشاورية في جدة بحضور مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن،واخرى خماسية في عمان بمشاركة وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا،والهدف فتح الطريق امام عودة سوريا للجامعة العربية،وإنجاح القمة العربية في الرياض ال 19 من الشهر الحالي،وكذلك المصالحة السعودية – الإيرانية،سيكون لها تأثيرها في لحلحة العديد من الملفات المهمة للمنطقة ،بما تمتلكه طهران من تأثير على الملفات اليمنية واللبنانية والسورية،وكذلك فإيران شريك مع روسيا في السعي لتحقيق مصالحة سورية – تركية،تقوم على أساس الإنسحاب التركي من الأراضي السورية ورفع الغطاء عن الجماعات الإرهابية والداعشية في أدلب،وأيضاً اتت هذه الزيارة في ظل تراجع وانحسار الوجود والدور الأمريكي في المنطقة،وسعي طهران لتحقيق مصالحات بينية بين دولها، تستند الى توظيف طاقاتها وإمكانياتها لخدمة شعوبها. الزيارة حملت أكثر من دلالة ومعنى واكثر من ملف،فالوفد الذي رافق الرئيس الإيراني في الزيارة ،لم يكن سياسياً فقط،بل اقتصادياً أيضاً،بما في ذلك خبراء في العديد من المجالات،بحيث نتج عن تلك الزيارة توقيع 15 مذكرة تعاون في مجالات الكهرباء والنفط والمعلوماتية والإتصالات والسكك الحديدية والزراعة وغيرها من الإتفاقيات في المجالات الأخرى،ناهيك عن أن الزيارة نتح عنها توقيع مذكرة تعاون استراتيجية لمدة طويلة تمتد لعشرين عام او اكثر شبيهة بالتعاون الإستراتيجي بين طهران وكل من بكين وموسكو،وبحث كذلك إمكانية تشكيل مصرف سوري- ايراني مشترك ،وميناء تديره طهران متعلق بالنفط. لا بد بأن زيارة رئيسي لسوريا،كانت محور قلق وإرباك وتوجس لدى دوائر صناع القرار في دولة الكيان من قادة سياسيين وعسكريين وامنيين،لما سيكون لها من نتائج وتداعيات امنية وسياسية وعسكرية على دولة الكيان،ولذلك جرى استقبال هذه الزيارة بتصعيد العدوان على سوريا،من خلال قصف جوي لمطار حلب،والنظر لهذه الزيارة،والتي تضمنت أيضاً اتفاقيات للتسليح وترسيخ الشراكة الأمنية،على انها اتت لكي ترسخ وحدة محور ا ل م ق ا و م ة ،والذي رأينا كيف جرى تفعيل ساحاته والرد بوحدة النار،في معركة العشر ساعات التي حدثت في 5/4/2023،عبر إطلاق الصواريخ من اكثر من جبهة على دولة الكيان، الجنوب اللبناني والأراضي السورية وقطاع غزة ،كرد على العدوان والإقتحامات المستمرة للأقصى من قبل الجماعات المتطرفة الصهيونية،بغرض فرض وقائع تكرس تقسيمه الزماني والمكاني وتوجد قدسية وحياة يهودية فيه عبر الإحلال الديني. الرد من قبل دولة الكيان على هذا القصف الموحد،كان محدوداً،ونتنياهو الذي كان دوماً يتبجح ويقول، بأن الرد على ذلك سيكون قوياً وغير مسبوق،بحث عن ذرائع تبقي الرد في إطار محدود ومؤطر ومقيد،لكي لا يتورط في حرب على أكثر من ساحة،ولذلك نتنياهو الباحث عن استعادة الردع،وجد نفسه مردوعاً وملجوماً وفاقداً للمزيد من قوة الردع. رئيسي الذي قال للرئيس الأسد بأن سوريا رغم كل الصعاب والعواصف انتصرت،وبأنه جاء للشام لكي يحتفلوا بنصر سوريا والمحور،شدد على ان سوريا بإمكانها ان تحول العقوبات الى فرص تحدي،كما حولت ايران الحصار الظالم الى فرص وتحدي،ولا بد من القول ان اللقاءات التي عقدها رئيسي في القصر الجمهوري مع العديد من قادة فصائل ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية ،تأكيد على ان القضية الفلسطينية،هي قضية محورية ومركزية لطهران،وهي التي وقفت الى جانب فلسطين وقضيتها وشعبها وم ق ا و م ت ها،من حيث دعم ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية عسكرياً وتسليحياً وتطوير قدراتها وإمكانياتها ،ناهيك عن الدعم المالي والإقتصادي واللوجستي والسياسي،وطبعاً دعم ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية،كان عبر شراكة مع سوريا. اللقاء مع قادة فصائل ا ل م ق ا و م ة الفلسطينية وترسيخ الشراكة الأمنية مع دمشق ،وتزويدها بالسلاح النوعي،واللقاءات التي جمعت قبل ذلك وزير الخارجية الإيراني أمير اللهيان في بيروت مع زعيم ح زب ا ل ل ه سماحة السيد ن ص ر ا ل ل ه،والعديد من قادة فصائل ا ل م قا و م ة الفلسطينية،تؤكد بأن المرحلة القادمة ،لن تشهد فقط انتقال محور القدس من الجانب المفهومي النظري لمقولة وحدة الساحات الى الجانب العملي والتطبيقي، بل أن الرد على الغارات والإعتداءات الإسرائيلية على دمشق،ستاخذ منحي جديد ،في إطار لجم وردع العدو عن عدوانه. زيارة رئيسي لسوريا وما سيترتب عليها من دلالات ومعاني سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية ومشاركة ايرانية في ورشة الإعمار وتطوير البنى التحتية في سوريا،ما سيترتب عليها لاحقاً ليس كما قبل الزيارة،وكما قالت وسائل اعلام الكيان،زيارة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي لسوريا تأتي في توقيت مهم على المستوى الإقليمي.. ورسالته أننا انتصرنا وتحالفنا الاستراتيجي لا يمكن كسره.
فلسطين – القدس المحتلة 5/5/2023 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-اصابع- دولة الكيان و- الموساد- حاضرة في الأزمة السودانية
-
هل يفجر نتنياهو حرباً محدودة لإنقاذ مستقبليه السياسي والشخصي
...
-
عدوان خارجي لشد عصب داخلي في دولة الكيان.
-
التهدئة لا تعني التسوية ....والإنفجار قادم
-
هل تنفجر الأوضاع من بوابة الأقصى وشهر رمضان
-
ما بعد رفض وساطة هيرتصوغ الثالثة....!!
-
حكومة نتنياهو حصار وازمات داخلية وصفعات خارجية
-
أهداف الحجيج الأمريكي المتواصل للمنطقة
-
القدس تجابه لا تصرخ ولا تستكين
-
قمة العقبة دفنت في حوارة
-
لغة الخطاب مع الأمريكان والأوروبيين يجب ان تتغير
-
الإستيطان ....ومسلسل الخداع المستمر
-
جبل المكبر ...مخيم شعفاط ....مبادراتوابداعات يبنى عليها
-
ما الجديد في قرارات الحكومة و-الكابينت- لدولة الكيان..؟؟
-
هل يقدم نتنياهو على هدم الخان الأحمر....؟؟؟
-
الهجمة على القدس والأقصى والمقدسات تشتد
-
قرار العليا سيجبر نتنياهو على إقالة درعي
-
المتطرف بن غفير ....وحملة -ارفع علمك-
-
متى نخرج كعرب وفلسطينيين من حضن -ماما- امريكا...؟؟
-
الأقصى في عين العاصفة
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|