أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لبابة صبري - قراءة في رواية -رحلة إلى ذات إمرأة- للكاتبة صباح بشير














المزيد.....

قراءة في رواية -رحلة إلى ذات إمرأة- للكاتبة صباح بشير


لبابة صبري

الحوار المتمدن-العدد: 7599 - 2023 / 5 / 2 - 12:37
المحور: الادب والفن
    


تبني الكاتبة صباح بشير روايتها "رحلة إلى ذات امرأة" من خطاب نسويّ يندّد بالمجتمع الذّكوريّ وينتقد النّساء التي تتوارى وتتماشى مع هذا المجتمع، مثال ذلك أمها وأختها وأم عمر اللواتي يمثّلن المرأة الذّكوريّة؛ ويتّسم هذا المجتمع بظلم المرأة والتحكّم في مسيرة حياتها الشخصيّة، أي بمرورها من العذريّة إلى الأمومة، كأنّ جسد البطلة حنان يصلح لحلّ العذرية والإنجاب فقط، وشكّلت حنان في هذا المجتمع الذّكوريّ الكائن المستضعف الذي لا يستطيع حماية نفسه؛ ليغدو لعبة في قدر هيمنة المجتمع وقيمه ومعتقداته وأفكاره، ويتم التعامل معه جسدًا ومتعة.
وبالتالي تتناول صباح قضيّة الجسد الأنثويّ بما هو لباس ثقافيّ؛ بحيث يقوم المجتمع في هذه الرّواية بإنتاج خطابٍ يُمارس القهر والتّهميش تجاه البطلة حنان، تجعلها صوتًا خافتًا غيرَ حاضرٍ وسط دوائر متعدّدة من الحجب والمنع، هذه السّيطرة المُمنهجة للرّجال على أجساد النّساء تُعتبر وجهٌ من أوجه العنف الممارس عليها، ويعمل هذا النّوع من العنف بمثابة آليّة للمحافظة على سلطة الرّجل (عمر)، كلّ هذا تعزّزه القواعد والممارسات الثقافيّة وتحدّد مكانة المرأة (حنان) داخل البناء الاجتماعيّ العام. وهذا ما تحدّث به الباحثان الجزائريّان سليم سهلي ووسيلة بروقي، في بحثٍ اجتماعيٍّ أنثروبولوجيٍّ (2019).
تدور الرّواية حول عدّة ثنائيّات: ثنائيّة المرأة والرجل؛ حيث وضعت صباح المرأة في مواجهة الرّجل المتعنّت والمجتمع الذّكوريّ الظّالم. وثنائيّة المقاومة والهزيمة؛ حيث عبّرت الكاتبة عن مقاومة البطلة حنان للعادات والتّقاليد البالية إلّا أنّها أعلنت هزيمتها أمام محاولاتها المتكررة للتحرّر من هذه التّقاليد. يتجلّى انتصار المقاومة في الرّواية بشخصيّة أم إبراهيم عندما قاومت الفقر والاستغلال لكسب لقمة العيش، وبأصحاب الحرف التقليديّة في القدس العتيقة عندما قاوموا مشاريع الحداثة. وثنائيّة التمرّد والعجز؛ عبّرت صباح عن البطلة حنان بشخصيّة المثقّفة والمتمرّدة على فكر مجتمعها الذي يريد وضعها في قالب المرأة الخنوعة، لكنّ حنان في الواقع كانت عاجزة أمام جبروت هذا الفكر؛ حيث عاشت المعاناة مع عمر والأقارب والجيران، إلى أنْ آلت إليها الأحوال للهجرة، ولم تكن الهجرة والوحدة والانعزال في بلد آخر أفضل من مكوثها في بلدها الأصل، لذلك نرى البطلة عادت ولكن بقوّة أو هذا ما أوحت به الكاتبة في النّهاية. وثنائيّة الحبّ والكراهية؛ حيث أحبّت صباح أبيها وأمّها وصديقتها ماري وخالد ونادر، وكرهت أختها وتفكير أمّها وعمر وأمه ومنظومة المجتمع الذّكوريّ. وتنتهي الرّواية بثنائيّة الأمل والألم؛ حيث عبّرت الكاتبة في نهاية الرّواية عن عودة حنان المُشتهاة والحزينة في آن واحد؛ عادت حنان متشوّقة لأهلها ووطنها ونسمات هوائه وعبق ترابه ورائحة الأجداد، ولكنّ عودتها كانت متّشحة بغصّة جرح وطنها المسلوب وعدم تحقيق حلمها بحبّ خالد؛ هذا الحبّ الذي كان ينبض طيلة الرواية، كان أيضًا يشير إلى حرية حنان في التعبير عن مشاعرها وفي مبادرتها بإعلان حبّها في نهاية الرواية على الرغم من عدم تحقيق حلمها، ويشير هذا الحب إلى الهوية والانتماء لوطنها، فقد ربطت جرحها بجرح الوطن، وتمّ سلب حلمها بحبّ خالد كما تمّ سلب الوطن.
تبني صباح روايتها من قصصٍ سرديّة، وتقوم كلّ من الرّؤية التراجيديّة والتّقنيّة الحكائيّة بترتيب هذه القصص؛ قصّة البطلة حنان بما هي عليه من ضعف وعجز ورفض للعادات والتّقاليد، بصياغة فرديّة مليئة بالطموح. وقصصِ النساءِ الأخرياتِ اللواتي عانيْنَ من موضوع الزواج والطلاق، بصياغة جمعية متعدّدة الحكايات ولكنّها تعود إلى حكاية واحدة مغلقة، أُفُقها هو ظلم المجتمع للمرأة، هذا الظّلم يمارسه كلّ من الرّجل والمرأة الذّكوريّة - على حد سواء - على المرأة. وبالتالي تُسمعنا الرّواية صوتًا فرديًّا/ جماعيًّا: صوتُ المرأة التي تبحث عن ذاتها، ويبقى البحث مفتوحًا في ظلّ الغُلب والغربة والخيبة والوحدة التي تعيشها المرأة. وكما يبدو فإنّ انغلاق بحث المرأة عن ذاتها يعني ذلك موتها.
لعلّ سطور بداية الرّواية تنصهر في نهايتها؛ لقد أشار لذلك الكاتب فيصل درّاج في حديثه عن رواية "ملحمة الحرافيش" لنجيب محفوظ، تشير نهاية الرّواية إلى بدايتها وتعطيها معنىً جديدًا: يطوي ماضيًا قاسيًا وكابوسًا ثقيلاً، ويبزغ أملاً ويولد حياة متجددة وأحلامًا جديدة قد تتحقّق أو قد تكون مجرد احتمال للتّحقّق، تقول حنان في النّهاية: "بدأت العمل على ترتيب أموري وأوضاعي، وها أنا أجلس على شرفتي الجميلة وأدوّن الذّكريات، بعد أنْ أغلقت أبوابَ قلبي بإحكام، وفتحت أبواب العقل على مصراعيْها".
لقد تحوّل الماضي عند البطلة حنان إلى فضاءٍ زمنيٍّ شاسع، يتطلّب المساءلة ويقرأ الاختلاف عن حاضرها، وبالتالي فإنّ الماضي يصبح وعيًا بالحاضر، وتقوم صباح بإنشاء نهجٍ حاضرٍ جديدٍ يقرأ الماضي، ومن ظلال الماضي تلجأ إلى الخيال الإبداعي وتبني آفاق شروق المستقبل.
إنّ رواية صباح تقدّم قراءة اجتماعية للمرأة، تتأمّل المجتمع في أفكاره الكثيفة والمعقّدة، تبدأ ببوابة الذكورية القاهرة والواهمة، وتنتهي بجملة من الآلام والأحلام. وهي بذلك، مثل كل عمل أدبي إبداعي، تحتضن التناقضات في ذات كل إمرأة، وهي أيضًا – كما ذكرت يمنى العيد عن رواية "شجرة الفهود" لسميحة خريس- تنسج بأسلوبها السرديّ الواقعيّ تفاصيل حياة المرأة وهي تحاور زمنها المتغيّر وتطرح الأسئلة، تبني شخصيّات يتبلور حضورها عبر ما يرتسم من سلوكاتها ومعتقداتها وتقاليدها في موضوع الزواج والطّلاق، وفي علاقات الحبّ والغيرة، والرّغبات المكبوتة، والأحلام الماثلة في حركة الزّمن وسيرورة الحياة.



#لبابة_صبري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نص من ديوان (ياعادل) تحت الطبع للشاعر( عادل جلال) مصر.
- إخترنا لك :نص (شكرا لطوق الياسمين )حسن فوزى.مصر.
- رحيل الممثلة البريطانية ماغي سميث عن 89 عاماً
- طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا ...
- نوال السعداوى ضمن كُتاب غيروا التاريخ
- وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
- تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20 ...
- بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال ...
- إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
- فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لبابة صبري - قراءة في رواية -رحلة إلى ذات إمرأة- للكاتبة صباح بشير