خمسون عاماً في صفوف الحزب الشيوعي العراقي !( 2 من 2 )


أمير أمين
2023 / 3 / 3 - 13:52     

لم أكن اتوقع من أنني سأمضي بقيت حياتي خارج العراق وان أعمل في بلد أوربي و أكون بعيداً جداً عن جماهير الشعب العراقي الذي ربطت مصيري الشخصي بهم لكن الاقدار شاءت ذلك دون رغبتي وارادتي ومنذ ثلاثين عاماً وانا اواصل العمل الحزبي في الدنمارك لكن لا أمتلك نفس الحماس في العمل وأعتبر وجودي رمزي ( أي ضعيف التأثير ) لكني أساعد الحزب مع بقية الرفاق بالدعم المالي الضروري له وأيضاً أبقى على علاقة طيبة مع رفاقي وهذه هي طبيعة تنظيمات حزبنا خارج الوطن فنحن ندعم الحزب بالمال والدعاية الاعلامية لكننا لا نستطيع تحريك الجماهير البعيدة عنّا آلاف الاميال والذين لهم ظروف غير التي نعيشها .ومن المحزن أننا نفقد كل سنة عدد من الرفاق من خلال وفاتهم او الخروج من التنظيم لأي سبب ويؤلمني تسرب الرفاق الذين كانوا أنصاراً في الحزب من التنظيم والذين كان اي واحد منهم ممكن ان يكون شهيداً في اي موقع في كردستان , فتراه وبكل سهولة يترك حزبه وتنظيمه ويرحل مبتعداً عنه ..! حتى ان بعضهم لم يلتحق أبداً بتنظيمات الحزب حينما لجأ الى الدنمارك ..! كذلك سهولة ترك عدد من الرفيقات للتنظيم ومنهن بعض النصيرات ..! او من اللواتي ازواجهن رفاق , فخلال أول سنة وآخر سنة تبخر تنظيمنا الى النصف تقريباً وصار الذين تركوا الحزب كثيرين بشكل واضح..! وأشير الى أننا جئنا كعراقيين من مجتمع طبقي قد تصل فيه للحزب نوعيات مختلفة ومتناقضة في صفاتها , فكنت يوم دخولي للحزب وأنا صغير السن أتصور أن الشيوعيين انبياء في كل شيء وخاصة في اخلاقهم وثقافاتهم والتصاقهم بالحزب ودفاعهم عن مبادئهم السامية باخلاص ونزاهة وشجاعة , لكني لمست وخاصة في السنوات الاخيرة من هم على مفترق طرق من هذه الخصال الثورية ..! على الرغم من ان هؤلاء هم قلّة ويبقى الكثيرون هم الذين نرفع بهم رؤوسنا وهم طليعة الشعب العراقي الواعية ومفخرته ..وهذه الامور تعود الى طبيعة مجتمعنا وما تربينا عليه , وأستطيع القول من كوني عشت وعملت مع رفاق استشهدوا ببطولة نادرة وبشرف وهم كثر وقد كتبت عن عدد منهم في مقالات سابقة ..ومن خلال عملي الحزبي الممتد لنصف قرن والذي مضى بسرعة فائقة وخاصة خارج الوطن , أستطيع ان أضع بعض النقاط التي أراها مهمة لعمل الشيوعيين ومنها ..أن يكون عمر المرشح لا يقل عن عشرين عاماً وليس 18 ويسبقها عمله لسنتين في حلقات الاصدقاء التي كنا نطلق عليها الحلقات الماركسية ..ثم ان لا يوافق هو على تقديمه بسرعة لأنني تم تقديمي الى لجنة مدينة خلال ثلاث سنوات وبضعة شهور وتحملت اعباءً تنظيمية شديدة وبصعوبة بالغة وهذا خطأ بحيث أنني صرت أكره التقديمات وحينما طلب مني ان اكتب رسالة في آذار عام 1983 لتقديمي الى عضوية اللجنة المحلية لما كنت أعمل في قاطع أربيل في كردستان , رفضت ذلك واعتذرت من الرفيق ثابت حبيب العاني من أنني لن أكتب الرسالة لأنني لا ارغب في تقديمي ..! فقال..أن الامر متروك لك.. بعد ان وضحت له الاسباب المقنعة , ولا زلت مقتنعاً بضرورة التأني في تقديم الكوادر لصفات أعلى..وحول الصلات الفردية ..أرى عدم جدواها وهي للتهرب من الالتصاق بالعمل إلاّ اذا كانت هناك اسباب جدية ومبررة كالمرض والشيخوخة مثلاً وليست كما هي عليه الآن في منظمات الخارج ولأسباب مزاجية على الاغلب ..وحول تكوين الحزب الشيوعي الكردستاني أعتقد ان هذه المسألة خاصة بالرفاق الاكراد ضمن منطقة كردستان العراق وربما هي مفيدة لهم وحسب ظروفهم الخاصة ..لكن لا أرى ضرورة لها في ان تنعكس على وجودهم خارج العراق ..لذلك ارى ضرورة العمل الى اعادة زجهم في تنظيمات حزبهم الام الحزب الشيوعي العراقي وتشخيص رفيق واحد منهم في كل دولة يكون ممثلاً عنهم في العمل مع أحزاب او منظمات أخرى بإسم الحزب الشيوعي الكردستاني ..وهناك ظاهرة نراها (خاصة داخل الوطن ) عند بعض الرفاق تنتج من التأثر بأحد القادة وتمجيده ومحاولة الاقتداء به اوألتقاط الصور معه كنوع من عبادة الشخصية ..أعتقد أن هذا الشيء مدمر للرفيق نفسه قبل الحزب ..لأن أي رفيق هو في المحصلة انسان فممكن ان يخطأ وممكن ان ينهار ويصطف مع القوى المعادية للحزب لذلك ضرورة ابتعاد اي رفيق عن عبادة الشخصية مهما كانت والتمسك بالحزب وسياسته وأمجاد رفاقه ..أعتقد أن الاجتماع الحزبي يبقى مهماً لجميع الرفاق بحيث يكون وقته وموعده ملائماً للجميع وان يكون غني بالمواد ومثمر وان يكون السكرتير مقنع لرفاقه وخاصة من ناحية التزامه بمباديء الحزب وسياسته وان يكون سلوكه العام جيد وتكون له ثقافة ممتازة ومعرفة بتاريخ الحزب ونضاله وان تكون علاقة الرفاق في الهيئة مع بعضهم ومع السكرتير جيدة تمتاز بالاحترام والالفة والانسجام وان يكونوا اصدقاء لبعضهم وان يهتم كل رفيق بتطوير ثقافته الذاتية وان يفهم سياسة الاحزاب الاخرى وتوجهاتها , وعلى الرفيق ان لا ينفذ اي قرارلو صدر له من السكرتير او من هيئة اعلى إلاّ اذا درسه بعناية وناقشه مع مسؤوله الحزبي واقتنع به ..يعني أنني ضد ما يشاع عن ان هناك قانون هو (..نفذ ثم ناقش ..! ) ولابد للاشارة هنا الى عمل حزبنا بعد سقوط النظام عام 2003 فأنني أرى ان الحزب فقد الكثير من ثوريته وخاصة حينما تخلى عن السلاح وهو يعيش في جو مشحون بالتهديد وحمل السلاح وبشكل علني من قبل أحزاب ومليشيات لا عد لها ..واستشهد للحزب الكثير من المناضلين وخاصة الشباب ..وأنا سبق وأن كتبت في إحدى مقالاتي عام 2011 عن ضرورة اعادة العمل للتنظيم العسكري للحزب وان يكون عشر التنظيم المدني يخص العسكريين في كل محافظة ..لكن لم يؤخذ بهذا الرأي المقدم للمؤتمر التاسع لحزبنا في حينه ولا زلنا بدون خط عسكري للأسف ..! وحول دعوة الحزب للمنقطعين عنه للعودة مجدداً اليه ..أنا رحبت بالدعوة الاولى الصادرة من المؤتمر العاشر وكتبت مقالاً بذلك في عام 2016 بعنوان (..هل يعود الشيوعيون المنقطعون الى احضان حزبهم ! ) ولكني حينما لمست استجابة الرفاق التي كانت ضعيفة وخاصة عندنا هنا اي في منظمات حزبنا خارج الوطن ومن ثم تسرب العائدين اليه مرة أخرى , جعلني لا أرحب بالدعوة التي اطلقها المؤتمر الحادي عشر والتي كرر فيها الحزب دعوته لرفاقه بالعودة اليه وكأنه يتوسل بهم !..لأني أعتقد ان الحر كما يقال تكفيه الاشارة ويجب ان تتوفر القناعة الراسخة لدى المتقدم للعودة وأن يكون من المناضلين الذين تعز عليهم مباديء حزبهم ويريدون المواصلة معه على نفس الطريق الذي كانوا قد سلكوه سابقاً وهم يدركون خطورته وصعوبته وما عليهم من مهمات ,.وحول ما جرى من تقييم لحركة الانصار ومنح رتب عسكرية ورواتب تقاعدية ..أعتقد ان نضال انصار الحزب الشيوعي , لا يقدر بثمن ومن الخطأ منحهم رتب ورواتب لكن بما أن هذا الشيء حصل فكان يجب أن يكون التقييم من داخل منظمات الحزب في كل محافظة وفي خارج الوطن لكل نصير لأن ما لمسته كان فيه ضعف بالمبدئية وإعتمد على الارجح على العلاقات الشخصية وكانت غالبية التقييمات عشوائية ونفعية للبعض ولم تهتم بها قيادة الحزب فإستهدفت عدد من كوادر الحزب بشكل متعمد وسلبي بينما تم رفع تقييم عناصر أخرى هامشية ومبتعدة كثيراً عن الحزب او حتى من غير الانصار لمرتبات عليا هم لا يستحقونها وعجزت القيادة عن تغيير الامور ! و يجب محاسبة من تسبب في نتيجة هذه التجاوزات السلبية .. والتي لا تليق بنضال الشيوعيين و تاريخ حزبهم المخضب بالدماء .. وأخيراً أرى ضرورة تخفيض عدد رفاق اللجنة المركزية الى عشرين رفيق وأن يصار الى عمل بعضهم بالظل ..وأن يكون المكتب السياسي من ستة رفاق ويعزز برفيقة وأن يشرف المكتب السياسي على عمل المحليات بشكل يومي ومباشر من خلال تقسيم التنظيم الى مناطق كما كان سابقاً لسهولة السيطرة عليه وأن يقوم الحزب بين فترة وأخرى بتنظيف صفوفه من الطارئين عليه ..حيث ان النوعية هي الاهم لعمل الحزب وليس فقط الكمية وكما كان الرفيق لينين يقول ..( أعطني منظمة ثورية أستطيع قلب روسيا رأساً على عقب ) فالمنظمة الثورية الباسلة تكون باختيار الشبيبة الثورية من خيرة العراقيين ..وليس كل من هب ودب بحيث يتسربون من الحزب بمنتهى السهولة ..! ولا تهمهم مصالح الجماهير الكادحة بشيء ..المجد لشهيدات وشهداء حزبنا والحركة الوطنية العراقية والعار لكل من يعادي الشيوعيين وحزبهم وقوى اليسار والديمقراطية ..وعلينا جميعاً العمل بقلب حار ورأس بارد وبضمير حي وبنزاهة وصدق من أجل تحقيق مصالح شعبنا العراقي وخصوصاً الكادحين .