في ذكرى إعدام كوكبة من أبناء الأمة الاشورية في الثالث من شباط شهادة صاغت أعظم معاني البطولة والانتماء القومي
فواد الكنجي
2023 / 2 / 1 - 06:48
إن ذكرى إعدام كوكبة من أبناء الأمة (الاشورية)؛ شهداء (الثالث من شباط)؛ قيمة لأعظم معاني البطولة والانتماء القومي للأمة (الاشورية)، لان الأيمان بالشهادة تعني طريق الحرية والنصر للإنسان (الاشوري) والذي يصنعه الشهداء من أبناء (الأمة الاشورية) عبر كل مراحل النضال في تاريخها الماضي.. والحاضر.. والمستقبل .
لان المؤمن بحرية الأمة وبالقضية (الاشورية) – روحا ونصا – لا تتحقق فيها الانجاز للهدف الكبير وهو الاستقلال والحرية للإنسان (الاشوري) من غير أدواتها ومستلزماتها، ليكون الاستشهاد من أوائل هذه الأدوات؛ بعد ان ترخص الحياة الشخصية من اجل قضية يؤمن الفرد والمجتمع (الاشوري) بقيمها .
فالشهادة، هذا العطاء الملحمي يأتي من اجل إثبات هوية الأمة ومطالبها المشروعة في الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير، وهذا لن يتحقق دون كفاح ونضال ودون دماء الشهداء والجرحى؛ والتي بتضحياتهم وصبر عوائلهم الصامدة على الآلام؛ تعطي لأبناء مجتمعنا دروسا نضالية يتعلمون منها أعظم معاني التضحية.. والبطولة.. والصبر.. والصمود؛ ومنهم تستمد (الأمة الاشورية) قيم العظمة.. والوطنية.. والقوة.. والقدرة.. والبطولة .
إن عطاء الشهداء لامتهم، عطاء لا يمكن لنا وصفه بكلمات؛ لأنه عطاء من نوع خاص؛ فالتضحية من أجل حقوق أمتهم لا تقارن بأي تضحيات أخرى؛ لأنها تفوق في الشكل والجوهر.. في المضمون والأسلوب.. في السلوك والنهج؛ الذي أفضى بالإبطال إلى الشهادة، والأمة التي زرعت في نفوس أبنائها المعاني السامية لاستقلال وطنهم المغتصب؛ والتضحية من أجله بالنفس؛ هو من أعظم إشكال الكفاح.. والنضال.. والصمود.. والتصدي.. وأقدرها على حماية الكرامة.. والسيادة.. والاستقلال؛ وهذا هو من ديدن (الشعب الاشوري) منذ عرفه التاريخ مكافحا.. مناضلا.. مضحيا.. رافضا لذل و الهوان.. ومتمسكا بحريته واستقلاله، وحق الشهداء على أبناء الأمة (الاشورية) واجب مصون؛ وعليهم احترام نهجهم.. وسلوكهم.. وأسلوبهم.. الذي أفضى بهم إلى الشهادة؛ والوقوف وقفة ضمير والسير على نهجهم البطولي من خلال النضال والكفاح من اجل ترسيخ القيم التضحية والفداء في المجتمع (الاشوري)؛ الذي كان له النصيب الأكبر من المعانات والأذى نتيجة التهجير ألقسري والنزوح والتشرد في المخيمات وفي أراضي الشتات بسبب الحروب الهمجية التي شنت على أبناء امتنا (الاشورية) في عموم منطقتنا الشرقية ولأسباب (دينية) و(قومية)، وقد لاقى الشعب (الاشوري) معانات لا مثيل لها في التاريخ الحديث بما كابد من الآلام والمصاعب وفي النزوح والتشرد وقتل الملايين؛ خاصة ما حدث لهم في حملات الاضطهاد والإبادة الجماعية؛ وكان أفظعها خلال عهد الملك الساساني (شابور الثاني 309 – 379 م) في القرن الرابع الميلادي، حيث استمر الاضطهاد والاستهداف لأكثر من أربعين سنة؛ من التنكيل.. والقتل.. والاضطهاد المتواصل؛ ليقدموا (الاشوريون) وكنيستهم كنيسة (المشرق الاشورية) خلال هذه الفترة مئات الآلاف من الشهداء؛ وشهداء هذه المرحلة من التاريخ عرفوا بـ (شهداء المشرق)، ليستمر مسلسل الاضطهاد والإبادة والتهجير ألقسري؛ حيث حدثت مجازر رهيبة أيضا في عهد السلطان (عبد الحميد الأول) والسلطان (عبد الحميد الثاني) والتي عرفت بمجازر(الحميدية)، ففي عهد (عبد الحميد الأول) كانت أول مذبحة ارتكبها في عام (1812) إذ قامت جيوش (بدرخان – الإمارة البدرخانية الكردية كانت تابعة للعثمانيين) بمذابح كبيرة ضد (الاشوريين) حيث قام (بدرخان – امير بوتان) بإبادة حوالي (عشرة آلاف اشوري) وبكل وحشية في منطقة (تياري) فقط من إقليم (هكاري) عدا منطقة (تخوما) التي أغار عليها فـي عام 1846 وأبادها بالسيف كما سبق وفعل مع (العشائر التيارية) قبلها، واستمرت هذه المذابح إلى ما بين (1841– 1848)، حيث تم قتل خلال هذه الفترة أكثر من (ربع مليون اشوري) لمجرد كونهم من الديانة المسيحية ومن القومية (الاشورية) .
وهذه المجازر سواء التي حدثت خلال هذه الفترة أو مجازر التي حدثت ما بين عام 1914 و 1920 في (تركيا) وتحديدا في منطق (ديار بكر) التي تصنف أيضا ضمن (مجاز الحميدية) والتي تقدر ما بين (مائة ألف ونصف مليون) إنسان (اشوري)؛ ناهيك عن عدد النازحين، ليستمر هذا المسلسل من المذابح والمجازر بحق امتنا (الاشورية)، فجاءت في عام 1933 مجزرة (سميل) التي حدثت في (العراق) والتي راح ضحيتها أكثر من (خمسة ألاف) إنسان (اشوري)، وما زالت معانات الأمة مستمرة وهي صامدة مرابطة لحين شروق شمس الحرية وإقرار بحقوق الأمة في الحياة وحق تقرير المصير على أراضيهم التاريخية في (بلاد ما بين نهرين – العراق) .
فتاريخ امتنا شهد الكثير من المجازر وسقط فيها الملايين من الشهداء دفاعا عن الأرض.. والعرض.. ومقدساتهم.. وتاريخ حضارتهم.. وحقهم في تقرير المصير؛ حتى أصبح الاستشهاد سمة هذا الأمة ؛ ولهذا لم تجف دماء الشّهداء ولم تبرد؛ فلازالت في أرواحنا تفوح مسكا؛ لان تاريخهم وتاريخ استشهادهم راسخ في ضمائر أبناء الأمة بكل مضمونه ومكنونه؛ لأنه أصبح مدخلا من مداخل حاصر الأمة ومستقبلها لتحقيق أهدف الأمة في الحرية.. والاستقلال.. وحق تقرير المصير.
ومن هنا واجب على أبناء شعبنا إحياء الذكرى السنوية لكل الشهداء سواء (على مستوى أفراد عائلة الشهيد والاصدقاء أو على مستوى أبناء الأمة جمعاء)؛ لان أهمية إحيائها تكمن بأننا على عهد بان نسير قدما على خطاهم، وتخليد ذكراهم معناه إننا ملزمين بإتباع نهجهم وأهدافهم والوفاء لدمائهم التي تعد المعيار الوحيد للإنسان ليعلم مدى إخلاصه للمسيرة التحررية التي خاضها شهداؤنا ويخوضها رفاقهم من بعدهم والمناضلين والأحرار من أبناء امتنا، فواجب علينا الوفاء لهم بمواصلة دربهم وتخليد مآثرهم بإعادة تأبيدها عبر فعل إبداعي ليبقى الاستشهاد والشهيد خالدا في ذاكرة الأمة، وان يصل مدلولها ومدلولهم التاريخي إلى كل شرائح المجتمع (الاشوري) .
لذلك فان اعتزازنا بشهداء الأمة (الاشورية)؛ الذين ناضلوا حتى أخر لحظة من حياتهم ليسقطوا شهداء في ساحات المعارك أو في السجون والمعتقلات أو في هذه المجازر والإعدامات الجماعية التي ارتكبت ضد تطلعات امتنا في الحرية والاستقلال؛ وهذا الذي يجعلنا في كل مناسبة نمجد ذكرى الشهداء ونجدد ونجسد نهج الشهداء ومسيرتهم كعمل وقيمة متأصلة في فلسفة الأمة بصورة عامة، ولما كنا هنا بصدد استذكار شهداء (الحركة الديمقراطية الاشورية) الذين تم إعدامهم من قبل النظام البائد في (الثالث من شباط) عام 1985 فان مسيرة استشهادهم ستبقى قيمة متأصلة في فلسفة (الحركة الديمقراطية الاشورية) ومنهجها وفكرها وجعلها ميراثا ومنبعا في سبيل تحقيق غايات وأهداف الشهداء، فهم القادة المعنويون الحقيقيون والبوصلة التي توجه مسيرة (الحركة) ومسيرة امتنا نحو الاتجاه الصحيح نحو الحرية.. والاستقلال.. وحق تقرير المصير؛ وهذا النهج يجب إن تسير عليه كل أحزابنا القومية والسياسية، لان الاستشهاد والشهادة في سبيل قضية الأمة؛ ما هي إلا سلسلة متواصلة من النضال.. والكفاح.. والمقاومة؛ يستحيل على أية قوة مهما بلغت جبروتها النيل من حلقاتها المترابطة برابط الوفاء.. والصبر.. والصمود.. والكفاح المستمر .
لذلك فإننا إذ نستذكر (الثالث من شباط) وذكرى استشهاد المناضلين الأحرار الثلاث (يوسف توما) و(يوبرت بنيامين) و(يوخنا ايشو) (*) وهم من طلائع (الحركة الديمقراطية الاشورية) وضمن كوكبة الشهداء الذين نالوا الشهادة في سبيل التصدي للواقع الذي كان يعاني منه أبناء شعبنا إبان حكم النظام السابق؛ فتصدوا بشجاعة وببسالة لا مثيل لها في تاريخنا المعاصر إدارة ذلك النظام القمعي لأسباب نذكر منا :
أولا..... رفض النظام السابق طلب (الحركة الديمقراطية الاشورية) الذي قدم لإدارة النظام السابق للاعتراف بهوية شعبنا (الاشوري) وحقوقه القومية؛ وبحقهم في إدارة المناطق التابعة لأراضيهم التاريخي والحضارية في (بلاد ما بين نهرين – العراق).
ثانيا..... منع أي نشاط ثقافي وسياسي وقومي (اشوري) في (العراق).
ثالثا..... مطاردة واعتقال الناشطين السياسيين من (الاشوريين) .
و بعد عدة إجراءات قمعية ضد تطلعات الأمة (الاشورية) في (العراق)؛ أقدم النظام السابق بإعدام ابرز قياديي في (الحركة الديمقراطية الاشورية) التي كانت آنذاك تتصدر المشهد السياسي في (العراق)؛ وهم (يوسف توما و يوبرت بنيامين و يوخنا ايشو)، حيث قرأ (أمر السجن) قرار الإعدام الصادر من قبل مجلس قيادة الثورة المنحل في (العراق) بحق هؤلاء ألمناضلين (الأشوريين) الإبطال ليتم تنفيذه في ( الثالث من شهر شباط من عام 1985 ) في سجن (ابو غريب) السيئ الصيت، حيث أعلن (( .. بتنفيذ إعدام بحق كل من ( يوسف توما) و (يوبرت بنيامين) و (يوخنا ايشو) بقرار من مجلس قيادة الثورة المنحل في 19/11/1984 وفق المادة 175/2 و 1/204 /أ وبدلالة المواد 49 , 50, 53 من القوانين العراقية ومصادرة جميع الأموال المنقولة والغير المنقولة..)) .
لنؤكد هنا بان ليست أهمية الشهادة في التضحية بالنفس، بل إن أهميتها تنبع من أن الشهيد يعرض نفسه للخطر، أي أن فعله هو الذي تترتب عليه قيمة الشهادة، فكلما كانت الساحة النضال التي يقدم فيها الشهيد نضاله وصموده وتصديه للظلم والطغيان دون خشية من الموت أشد خوفا وأكثر خطرا كلما تسامت منزلة الشهيد وارتفع قدر الشهادة، نعم قد يحقق الشهيد هدفه السياسي، وهذا لا يعني انتهاءه، فآثار الشهيد ستبقى حية، تستثير الضمائر الحرة.. والعقول الواعية؛ وقد تؤول إلى صناعة أجيال ثائرة، تحمل أفكار وهموم الشهداء، وتعمل لتحقيق أهدافهم .
وبعد إعدام هؤلاء الإبطال الثلاث (يوسف توما و يوبرت بنيامين و يوخنا ايشو)؛ وصلت رسالتهم الاستشهادية إلى كل أبناء امتنا (الاشورية) لتتناقلها الأجيال من جيل إلى جيل، كما تناقلت رسائل الشهداء بين أبناء الأمة من جيل إلى جيل من الذين سبق هؤلاء الإبطال الاستشهاد ومن الذين ضحوا بأنفسهم من اجل إقرار حقوق الأمة في الحرية والاستقلال وحق تقرر المصير، لان من غير الشهادة وعلى مر التاريخ الذي جاهد فيه الأحرار والمناضلين والثوريين من أبناء الأمة (الاشورية) لن تنال أية امة حريتها واستقلالها؛ رغم وضع موانع ومعوقات أمام عجلتها لإيقاف الاستمرار؛ لكن إصرار أبناء الأمة في الكفاح.. والنضال.. والصمود.. والتصدي؛ للوصول إلى الهدف كان بحاجه إلى الشهادة؛ لان الشهادة تعطي لأبناء الأمة الثقة للمضي قدما في مواجهة الأعداء والمتربصين بأمن وحرية الشعب (الاشوري)؛ وبما كان يتعرض من اضطهاد وتميز عنصري (ديني) و(قومي)؛ فواجهوا الأعداء بكل وسائل التي كانت متاحة أمامهم؛ فقدموا تضحيات جسيمة بالأرواح والممتلكات لأنهم كانوا طلاب حق وظلوا متمسكين بحقوقهم وأرضهم وهويتهم القومية ثابتين على مبادئهم وأهدافهم؛ فقدمت ألامه خيرة شبابها فداءا للحرية والاستقلال وحق تقرير المصير.
إننا اليوم إن نحيي مناسبة استشهاد شهداء (الثالث من شهر شباط من عام 1985) إنما نستذكر كل شهداء الأمة الذين ناضلوا واستشهدوا في سبيل نيل (الأمة الاشورية) حقوقها وحريتها؛ عبر كل مراحل التاريخ المختلفة وصولا إلى يومنا هذا؛ والذين أضاءوا طريق الحرية.. والكفاح.. والنضال.. بدمائهم الزكية بعد إن سطروا في تاريخ (الأمة الاشورية) أروع صفحات في الحرية والتضحية والفداء من أجل نيل حقوقهم وحق تقرير المصير والكرامة؛ وهم متسلحين بالوعي والانتماء لتاريخ أمتهم الباسلة وأعطوا أروع الأمثلة في فداء الأمة؛ لتعيش أمتهم (الاشورية) بعزة وكرامة؛ بعد إن بذلوا كل ما بوسعهم من نضال وكفاح ليكونوا سدا منيعا يحموا أبناء الأمة ويصون كرامتهم؛ فكانت شهادتهم مشاعل نور تضيء للأجيال القادمة طريق الكفاح والنضال ومجابهة التحديات وقهرها .
والأمة (الاشورية) على ما تعرضت في السابق من استهداف؛ مازالت تتعرض اليوم في الوطن (العراق) حالة من التهميش والإقصاء والتفاف على حقوقهم واغتصاب أراضيهم ومصادرة ممتلكاتهم وحملهم إلى النزوح والهجرة القشرية وغيرها من أساليب القمع والاضطهاد التي للأسف تمارسها سلطات الدولة وإداراتها التنفيذية وتجاوزها على دستور البلاد الذي نص بحماية المكونات وعدم التميز والمساواة؛ ناهيك عن قوانين الدولية التي تقر بحقوق المواطنة وعدم التمييز، ولكن امتنا (الاشورية) في (العراق) تعاني التميز (دينيا) و(قوميا) في كل مؤسسات الدولة؛ وكل هذا يدرج في مسلسل لإفراغ (العراق) من المكون (الاشوري – المسيحي) وهو وطن (الاشوريين) منذ بدا الخليقة؛ وفهم إنسان لواقعه؛ والى يومنا هذا؛ وفيه تم تأسيس أعظم إمبراطورية في التاريخ وهي (الإمبراطورية الاشورية) قبل سبع ألاف سنة قبل الميلاد؛ وما زال (الاشوريين) متواجدون في (العراق) ومعتزين بوطنهم ووطنيتهم وقدموا في سبيل حريته واستقلاله (العراق) ألاف الشهداء في كل معارك التي خاضها، ومع ذلك ظل التميز قائم ضدهم على قدوم وساق؛ بل ان (الاشوريون) تعرضوا إلى أبشع مجاز في (العراق) كما حدثت لهم في إحداث عام 1933 حيث تم تنفيذ مجزرة رهيبة بحق (الاشوريين) لمجرد مطالبتهم بحقوقهم والاعتراف بهم وبحق تقرير المصير؛ حيت تم إعدام رميا بالرصاص أكثر من خمسة ألاف إنسان (اشوري) في موقع (سميل) شمال (العراق) التي – ذكرناها سابقا في هذا المقال – والتي سميت تلك المجزرة بـ(بمجزة سميل)، ولم تكتفي (الدولة العراقية) بهذه المجزرة بل استمر مسلسل الإبادة.. والتهجير.. والنزوح القسري.. ومصادرة الممتلكات وكان أخرها – ونتمنى إن تكون الأخير – ما حدث لهم في (مدينة الموصل وسهل نينوى) اثر احتلال مسلحي (داعش) الإرهابيين لهذه المناطق في (العاشر من حزيران عام 2014)؛ ففعلوا ما فعلو من قتل.. وتهجير قسري.. ومصادرة ممتلكاتهم.. وتهديم منازلهم وكنائسهم..وتحطيم وتخريب اثار (الحضارة الاشورية) من المدينة؛ سواء ما كان منها في المتاحف أو في مواقعها الأصلية؛ لدرجة التي لم تسلم حتى مقابر (الاشوريين) من هذا الأذى؛ فتم تجريفها وتهديمها في عموم مدينة (الموصل) و (سهل نينوى)، وما زال مسلسل إفراغ (العراق) من (المكون الاشوري) يجري على قدم وساق وإلى يومنا هذا.
وهذه الصفحات الخطيرة من تاريخ امتنا في (العراق) هي التي تدعوا أبناء امتنا إن يتزودوا بقيم ومعاني الشهادة والتضحية فداءا للأمة؛ وعلينا إن نستلهم عبر تاريخ أمتنا الحافل بدروس الشهادة والملاحم البطولية؛ وأن نكون أكثر صلابة وأشد تصميما وأقوى عزيمة بالتمسك بحقوقنا وبمبادئنا القومية والتشبث بأرضنا في (بلاد الرافدين – العراق) وهويتنا القومية وندافع عنها مهما كانت الظروف.. والضغوط.. والتحديات؛ ونتحلى بالكفاءة.. والإخلاص.. والتصميم.. والشجاعة .. والصبر.. وروح التضحية؛ لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل ومتابعة مسيرة النضالية التي سارا عليها الشهداء؛ شهداء امتنا؛ ومنهم (شهداء الثالث من شباط) الذين اعتلوا منصة الإعدام وهم يهتفون بأعلى أصواتهم ((عاشت امتنا الاشورية حرة مستقلة))، وهذا الإقدام البطولي لهؤلاء الشهداء (يوسف توما.. و يوبرت بنيامين.. و يوخنا ايشو) هو إحدى أوجه لدحر الأعداء ومغتصبي حقوق امتنا (الاشورية)؛ وهو شكل من أشكال استعادة ما اغتصب من حقوقنا وما احتل من أرضنا.
ومن هذا المنطلق وضعت (الحركة الديمقراطية الاشورية) هذه القضية ضمن أولوياتها وطرحها في المحافل الدولية والحقوقية، وسعت إلى رعاية أسر الشهداء وتكريمهم؛ كما حرصت على إبقاء الشهادة قيمة إنسانية مشرفة للأجيال وجعلت لها عناوين مهمة في الحياة النضالية؛ مؤكدة أن (الثالث من شباط) سيبقى يوما عظيما وذكرى استثنائية؛ وهو العيد الأعز للذين كانوا مشاعل نور متواصلة يهتدي (الاشوريين) بها في دفاعهم عن الأرض.. والعرض.. والحقوق؛ وطريقا موازيا للإرث النضالي القومي (الاشوري) بأبعاده القومية.. والوطنية.. والتاريخية.. في معارك الدفاع عن الأرض والحقوق وفي مواجهة الأعداء الطامعين باحتلال ارضي امتنا وتهميش حقوقنا من (العراق) .
ومن هذا المنطلق علينا كأبناء لهذه الأمة العريقة إن نسعى إلى البناء الثوري لإعادة أمجاد الأمة لعودة الروح إلى الجسد (الاشوري) الذي أصابه الوهن في مرحلة تفنن الأعداء في إفشال مسيره التقدم على كل الأصعدة والمجالات الحياة؛ ووفق كل مرحلة وضعوا الأعداء حجر عثرة وبث السموم الثقافية لجعل شباب ألامه يموعون في أفكار غربية لينقادوا تحت ولاءات و وصاية خارجية وبشعارات مزيفة بعيدة عن واقع وطموحات امتنا وبعيدة عن جسد الأمة وبأدوات أجنبية تعمل بالضد وضد تطلعات الأمة بحق تقرير المصير وفي الحرية والسيادة والاستقلال؛ رغم إن الساحة القومية (الاشورية) كانت وما زالت زاخرة بمثقفين وأساتذة وأحزاب (اشورية) قومية؛ عملوا وما زالوا يعملون على فضح كل تلك المؤامرات التي تحاك ضد تطلعات الأمة؛ وعملوا هؤلاء النخب الواعية بكل ما بوسعهم إلى توعية أجيال الشباب بالفكر القومي والنضالي لتحقيق أهداف الأمة في الحرية وحق تقرير المصير والاستقلال .
ليكن استشهاد الإبطال الثلاث (يوسف توما.. و يوبرت بنيامين.. و يوخنا ايشو) في (الثالث من شباط) رمز من رموز نضال الأمة وظاهرة تاريخية للشهادة لتؤكد امتنا على مفهوم التضحية في برامج إعداد الحزبيين وخاصة في فكر (الحركة الديمقراطية الاشورية)؛ لان امتنا (الاشورية) بعزم وإيمان أبنائها لن تستطيع قوى الهيمنة والعدوان والإرهاب في هذا العالم إخضاعه حتى لو اجتمعت وتحالفت كما تفعل في هذه المرحلة، فشعب (الاشوري) الذي اخذ من النضال الكفاح طريقا له رغم كل الصعوبات وتحديات رافعا راية النصر وطالبا الشهادة؛ سيستمر في السير قدما في طريق الحرية.. والنضال.. والكفاح؛ ولن يستسلم.. ولن ينكسر مهما كانت الظروف؛ ولابد من أن يحقق شعبنا (الاشوري) طموحاته في الحرية والاستقلال؛ وهذه هي رسالة وواجب لان تاريخنا مسؤولية .
المجد والخلود لشهداء شعبنا الاشوري العظيم
-----------------
(*) الشهيد يوسف توما
ولد الشهيد يوسف عام 1951 في (كركوك) تخرج من جامعة (السليمانية) وحصل على البكلوريوس في الفيزياء وعمل مهندسا وكان من قياديي الرعيل الأول في (الحركة الديمقراطية الآشورية – زوعا)، واعتلى مناصب قيادية رئيسية.
الشهيد يوبرت بنيامين
ولد الشهيد يوبرت عام 1954 في (مدينة الانبار – الحبانية) تخرج في من الجامعة التكنولوجية في (بغداد) وحصل على البكلوريوس في الهندسة الميكانيكية وعمل مهندسا، وكان واحدا من القياديين في الرعيل الأول أيضا في (الحركة الديمقراطية الآشورية – زوعا)، واعتلى مناصب مهمة عديدة.
الشهيد يوخنا ايشو
ولد الشهيد يوخنا عام 1946 في قرية (همزيا في محافظة دهوك) وعمل مقاولا عاما في (بغداد) والتحق بـ(الحركة الديمقراطية الآشورية – زوعا) منذ تأسيسها.