|
هنري زغيب ، شاعرٌ علمٌ مرهف الإحساس والكلمة
محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)
الحوار المتمدن-العدد: 7503 - 2023 / 1 / 26 - 00:36
المحور:
الادب والفن
هنري زغيب شاعر وكاتب لبنانـيّ، له عدد كبير من المؤَلفات شِعرًا ونثرًا وسِيَرًا أَدبية وثقافية، وعدد آخر من المترجَـمات عن الفرنسية والإِنكليزية، وناشط ضالع في الحياة الثقافية اللبنانية والعربية منذ 1972. مؤَسس "مركز التراث اللبناني" لدى الجامعة اللبنانية الأَميركية، ورئيس تحرير مـجلة "مرايا التراث" الصادرة فيها. درّس في عدة جامعات في الولايات المتحدة منها جامعة جورج واشنطن. حين يَئينُ القِطاف عند الشاعر هنري زغيب، " يُحوِّش" عناقيده من دوالي عِبّه ليأتي خمر القصائد مُعتقا ً ، فلا محيد عن تجرُّعه فـمّـا ً فـمّـأ ً ليستطيب لك المذاق.
هنري زغيب، حين ينقلك من حيث أنت لتسكن في بيت بناه، يعني انه يدعوك الى الخروج من "همروجة" النـّـظم وتركيب القوافي الى السكينة والهدوء بين سبائك "النضائد" كما عبر الشاعر سعيد عقل عن ديوان " صديقة البحر". في مجموعة بين أيدينا من تسعة دواوين ، نقرأ في مقدمة ديوان" أنـْتِ... ولتنته الدُّنيَا" ما يقوله الشاعر عن الشعر: " في كل شعر قصيدة، ولكن ليس في كل قصيدة شعرا"، لذا نراه في بداية كل ديوان من دواوينه يرسل خطابا لقارئه يُسهب فيه الشرح والتعريف بما " سبك" من الشعر وكيف أدرك غاية القصيدة، ليخلق حول ديوانه حصنا لصدِّ متجن ٍ أو طارئ على هذا الأدب / الفن. ويشير إلى أنه ليس ضد الشعر العامودي الكلاسيكي لكنه يراه ستارا... " إذْ غالبا ً ما يختبئ فيه الشاعر وراء البحر والوزن والتفعيلة والقافية والروّي وشكل القصيدة" لأن بنظره لا بد من إطلاق حرية " رفرفت" جوانح القصيدة في فضاء المنظومة الشعرية الكاملة للموضوع بالصورة والسؤال والجواب والبداية والسرد والخاتمة.
إذنْ ، هو لا يُلملم الكلمات ويرصفها تحت القافية لصنع قصيدة، بل يفرغ أفهام فكره لمعنى الشعر وغايته، فيطلق أعِـنـَّـة أفراسه ترمح على المدى المفتوح أمامها بناءً شعريا ً بلاغيا ً، وقيافة جمالية "يتدافش" فيها السمع والبصر ويتزاحما على نقل قصائده إلى الأذهان. لا يسعك أن تقرأه دون أن تشعر أنك تسمعه.
من حق هنري زغيب ان يُـبـْـدِر إلى أذهاننا انه يحاول توليد نواة مدرسة جديدة في استيعاب الشعر تبدأ بالشاعر ومن ثم بالقصيدة لتنتهي بمهما معا ً. هو يترك مساحة بين الشاعر والشعر ليتحاورا معا ً ، فإما أن، يلتقيا وإما ان يفترقا. يعنيه الشعر الذي يحرك الشاعر. وحين يتحرك الشاعر، يبرح مكانه ليلتقي مع الشعر لا مع قيافته فقط، لأن الشعر عين مكان موجودة في كل زمان لتحمل قضية ولدت يوما ً بعد يوم. حين يتحدث عن الشعر، كأنه يتحدث عن حبيبته. وله بين الشعر والنثر وبين العامودي والحديث متنزهات على مدى الممرات الطويلة وسط هذه الحدائق . حينا يترك العنان ليديه تلاعب بأناملها مندرجات لسانه بقصد، وعن قصد، بأن تسمعه بأذنيك وإن غـُـلب الفهم ، فبنظرك من خلال انطواء الأنامل وفتح وضم ألأذرع. وحينا آخر يكتف يديه خلف ظهره ليعطي رَحِمَ الإبداع الشعري في ذاكرته بذرة مؤصلة لتولد قصيدا ًجديدا ً . ولا تكون الولادة ، بعد التلقيح ، إلا ّ في خشوع المحراب وتجلـّي الابتهال. هـنـري زغـيـب – ملامح من سـيـرة بقلمه ======================== • شاعر وكاتبٌ لبنانـيٌّ ضالعٌ في الحياة الثقافية اللبنانية والعربية منذ 1972. • ولد في صربا/جونيه عام 1948. • نال الإِجازة فالماجستير في الأَدب العربي من الجامعة اللبنانية (بيروت 1970). • زاول تدريس الأَدب العربي والنقد والترجمة لدى معاهد عليا في لبنان (1969 – 1977). • يزاول الصحافة الثقافية والأَدبية منذ 1972. حــالـيـاً، هــو: ========= • الرئيس المنسِّق لمنطقة لبنان والعالم العربي في “الاتحاد العالمي للدراسات الجبرانية” (جامعة ميريلاند- الولايات المتحدة) منذ 2006 حتى اليوم. • رئيس “مركز التراث اللبناني” في “الجامعة اللبنانية الأَميركية” (منذ 2002 حتى اليوم). • رئيس دائرة المنشورات الجامعية في “الجامعة الأَميركية للعلوم والتكنولوجيا” (منذ 2006 حتى اليوم). • رئيس تَحرير مَجلة “أَجنحة الأَرز” ومديرُها المسؤول (تصدر عن “طيران الشرق الأَوسط”) منذ 1996 حتى اليوم. • كاتب الزاوية الأُسبوعية “أَزرار” (صباح السبت) في جريدة “النهار” (منذ 1995 حتى اليوم). • صاحب البرنامَـجَين الإِذاعيَّيْن “نقطة على الحرف” و “حرفٌ من كتاب” (تعليق بصوته في إِذاعة “صوت لبنان”، منذ 2004 حتى اليوم).
مسؤوليات سابقة: ========== • مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية (بعبدا- 1984). • رئيس مجلس المؤلّفين والملحّنين في لبنان (2009 – 2012). • مدير تَحرير “مجلة الصحافة اللبنانية” (تصدرعن نقابة الصحافة اللبنانية) من 1996 إلى 2005. • كاتب الزاوية الأُسبوعية “قَبَس من لبنان” في جريدة “القبس” الكويتية (2007). • صاحب البرنامج التلـﭭـزيوني الأُسبوعي “سعيد عقل إِن حكى” (52 حلقة – تلفزيون لبنان: 2005 – 2007). • صاحب البرنامج التلـﭭـزيوني الأُسبوعي “هنري زغيب يستقبل” (تلـﭭـزيون لبنان – 2007). • كاتب زاوية “كومـﭙـاكت” الأُسبوعية في “نَهار الشباب” (1995-2001). • نائب رئيس اللجنة الوطنية اللبنانية للأُونسكو (2001-2004). • نائب رئيس المكتب التنفيذي في اللجنة الوطنية اللبنانية التابعة لمنظمة الأُونسكو (2001-2004). • رئيس لَجنة الثقافة في اللجنة الوطنية اللبنانية التابعة لمنظمة الأُونسكو (2001-2004). • عضو اللجنة الوطنية اللبنانية لذاكرة العالم التابعة لمنظمة الأُونسكو (منذ 2005 حتى اليوم). • عضو مؤسِّس في اللجنة الوطنية اللبنانية لِمؤسسة “آنّــا ليند لِحوار الثقافات” التابعة لمنظمة الأُونسكو (2006). • كاتب في الصفحة الثقافية من جريدة “النهار” – بيروت (1972-1979). • رئيس القسم الثقافي في مجلة “الصيّاد”- بيروت (1975). • رئيس القسم الثقافي في مجلة “الحوادث”- بيروت (1976 – 1979). • كاتب تعليق ثقافي أُسبوعي:”مفكرة السِلْم في زمن الحرب” طوال 12 سنة متوالية في مَجلة “النهار العربي والدولي” – بيروت (1979- 1990). • رئيس تحرير جريدة “الهُدى” – نيويورك (1989-1991). • نَشَرَ عدداً من المقالات والدراسات والأَبحاث في الأَدب واللغة في “الناقد” (لندن)، “الحياة” (لندن)، “المجال” (واشنطن)، “الشرق الأَوسط” (لندن)، و”الوَسَط” (لندن). • شارك في مهرجانات أَدبية ومؤتمرات ثقافية كثيرة وأَلقى محاضرات وأُمسيات من شِعره في لبنان وسوريا ومصر والأُردن والمغرب والعراق والكويت والسودان والإِمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. • زاول تدريس الأَدب العربي والحضارة العربية في 3 جامعات أَميركية: جامعة ميدلبري (فيرمونت)، جامعة جورج تاون (واشنطن)، جامعة فلوريدا. • عضو نقابة المحررين اللبنانيين (منذ 1975)، واتحاد الكتّاب اللبنانيين (منذ 1983)، ونقابة الصحافة اللبنانية (منذ 1983). • عضو “جمعية الشعر الأَميركية” (نيويورك) و”رابطة الشعر الحديث” (شيكاغو) و”اتّحاد الشعراء في فلوريدا”، و”اتّحاد الصحافيين العرب الأَميركيين”. • حاز جائزة “عالم الشِعر” في كاليفورنيا لعامَين متتاليَيْن (1989 و1990). • صدرت له قصيدة مترجَمة إِلى الإِنكليزية في “موسوعة الشعر الأَميركي” (1990). • أَلقى أُمسيات شعرية ومحاضرات في ولايات أَميركية عدة (1989-1993)، وله قصائد بصوته في مكتبة الكونغرس الأَميركي (واشنطن1991). • مُحاضر زائر في جامعات أَميركية أَبرزُها: دوك (نورث كارولاينا)، ﭘـنسِلـﭭـانيا (فيلادلفيا)، ماساشوستس (آمهرست)، إِنديانا، نيويورك،… • دُعيَ إِلى أُستراليا (1993) وأَلقى محاضرَتَين وأُمسيَتَي شِعر في جامعتَي سيدنِي وملبورن. آثاره الشعرية: ========= "إِيقاعات” (بيروت 1986- طبعة ثانية 2002). "قصائد حب في الزمن الممنوع": اختارها من بين مجموعاته الدكتور عدنان حيدر والدكتور مايكل بيرد وترجماها إِلى الإِنكليزية مع مقدّمة (واشنطن1991- طبعة ثانية 2005). "سمفونيا السقوط والغفران" (واشنطن – بيروت 1993- طبعة ثانية 2004). "من حوار البحر والريح" (واشنطن 1994- طبعة ثانية 2004). "أَنتِ… وَلْــتَــنْــتَــهِ الدنيا" (بيروت 2001). "تقاسيم على إِيقاع وجهِكِ" (2005). "مِنصَّة" (2006). "ربيعُ الصيف الهندي" (2010). "على رمال الشاطئ الممنوع" (2011). آثاره النثرية: ======== "لأَنني المعبد والإِلَهَةُ أنتِ"– بيروت 1981. "أُنطولوجيا القصة اللبنانية" [في جزءين] – بيروت 1980. "الضيعة اللبنانية بأَقلام أُدبائها"– بيروت 1982. "سلسلة كتب مدرسية للقراءة والقواعد العربية" [4 أَجزاء] – بيروت 1973-1983. "صديقةُ البحر" (بيروت 1998، طبعة ثانية 2005). "الأَخَوَين رحباني – طريقُ النَّحل" (بيروت 2001). "حميميات" (بيروت 2003). "حميميات": طبعة أَميركية (2007) لدى منشورات جامعة سيراكيوز (نيويورك) في أَربع لغات: عربية، إِنكليزية (ترجمة عدنان حيدر ومايكل بيرد)، فرنسية (ترجمة ربى سابا حبيب)، وأَلمانية (أُورسولا نوفاك عساف). "تنسيق وتقديم المجموعة المسرحية الكاملة للأَخوين رحباني"- 2004-2005 (20 جزءاً). "نقطة على الحرف" (بيروت 2010). "سعيد عقل إِن حكى" (بيروت 2010). "لُغاتُ اللغة – نُظُمُ الشِعر والنّثر بين الأُصُول والإِبداع" (بيروت 2010). "جبران خليل جبران – شواهدُ الناس والأَمكنة" (بيروت 2012). "نزار قباني… متناثراً كـريش العصافير" (بيروت 2013). "الياس أَبو شبكة… من الذّكرى إِلى الذاكرة" (بيروت 2014). من أعماله المسرحية: ============= " كذبِةْ الحقيقَه"، بيروت، 1971 "عن الذي يأْتي ولا يأْتي"، بيروت، 1972 "العقل زينِه"، بيروت، 1972 "أَبو الفضل خندريس"، بيروت، 1973 "الفُرصَه"، بيروت، 1973 " لبنان يا حبيبي"، بيروت، 1979 "وست ﭘـالم بيتش" (فلوريدا)، 1989 "عشَّاق القلعه"، بيروت، 1980 "لبنان الحكايِه"، بيروت، 1981 له ترجمات عن الفرنسية والإنكليزية لـ34 كتاباً صادرة في بـيروت وباريس وبغداد وواشنطن بين 1971 و1994. Henri Zoghaib: ============ – Lebanese poet and writer – born in Sarba / Jounieh in 1948. – Holder of a Bachelor of Arts in Arabic Literature from the Lebanese University (1971). – Professor of Arabic Literature in several educational institutions (1972-1976). – Literary editor in various Lebanese and Arab dailies, journals and magazines. – Founder and -dir-ector of the poetry magazine “The Odyssey” (L’Odyssée) (1982 – 1985 – 2001). – Editor-in- chief of the “Cedar Wings” -Middle East Airlines magazine (MEA)(since 1996). – Founder and -dir-ector of the Lebanese Heritage Center at the Lebanese American University (LAU) (since 2002). – Columnist at the Lebanese daily An-Nahar (since 1995). – Author of two weekly radio programs on Voice of Lebanon (VDL) (since 2004). – President of the International Association for the Study of the Life and Works of Kahlil Gibran(since 2006). – Chairman of the Council of Authors and Composers in Lebanon (2009-2012). – Chairman of the Cultural Committee within the National Commission of UNESCO (2001-2004). – Speaker at several American universities: Georgetown, Middlebury , Florida (between 1989-1994). – Member of the Order of the Lebanese Press (since 1975). – Author of several books in Arabic poetry and prose. *) Publications in Arabic : – Anthology of storytelling in Lebanon (3 volumes – Beirut from 1980 – 1982) – The path of the bees – The Rahbani brothers (Biographical Analysis – Beirut 2001) – Dot the I’s and Cross the T’s (socio- cultural texts – Beirut 2010) – The Spring of an Indian Summer (Poems – Dar As-Saqi – Beirut 2010) – The language languages (a language literary artwork about the language – Dar As-Saqi – Beirut 2011) – On the prohibited sandy shore (Poems –Dar As-Saqi – Beirut 2012) – Gibran Khalil Gibran ( Biographical Analysis – Dergham 2012) – If Said Akl had spoken ( Biographical Analysis – Dergham 2012) – NizarQabbani (Retrospective epistolary – Dergham 2013) – Elias Abu Shabaka (Biographical Analysis – Dergham 2014). * ) translated publications in French and in English : – In Forbidden Time ( Compilations of poems translated into English – Syracuse Press- NY 2005) – Intimate Maxims (translated into French , English and German – Beirut 2008)
Henri Zoghaib: ============= – Poète et écrivain libanais né à Sarba/Jounieh en 1948. – Licencié ès-lettres (literature arabe) de l’Université Libanaise (1971). – Professeur de litérature arabe dans plusieurs institutions scolaires (1972-1976). – Rédacteur littéraire dans plusieurs quotidiens et hebdomadaires libanais et arabes. – Fondateur et -dir-ecteur de la revue poétique “L’Odyssée” (1982 – 1985 – 2001). – Rédacteur-en-chef de la revue “Cedar Wings” de la MEA-Middle East Airlines (depuis 1996). – Fondateur et -dir-ecteur du Centre du Patrimoine Libanais à la LAU-Lebanese American University (depuis 2002). – Éditorialiste au quotidien Libanais An.Nahar (depuis 1995). – Auteur de deux émissions radio hebdomadaires à la VDL– Voix du Liban (depuis 2004). – Président de l’Association Internationale des études sur Khalil Gibran (depuis 2006). – Président du Conseil des auteurs et compositeurs au Liban (2009-2012). – Président du comité culturel au sein de la commission nationale de l’UNESCO (2001-2004). – Conférencier auprès de plusieurs universités américaines (Georgetown, Middlebury, Florida – 1989-1994). – Membre de l’Ordre de la Presse Libanaise (depuis 1975). – Auteur en arabe de plusieurs livres de poésie et en prose. *) Publications en arabe: – Anthologie du conte au Liban (3 tomes – Beyrouth 1980 – 1982) – Le chemin des abeilles – Les frères Rahbani (Analyse biographique – Beyrouth 2001) – Un point sur l’I (textes socio-culturels – Beyrouth 2010) – Le -print-emps de l’Été Indien (Poèmes – As.Saqi – Beyrouth 2010) – Les langues de la langue (traité sur la langue – As.Saqi – Beyrouth 2011) – Sur le sable du rivage interdit (Poèmes – As.Saqi – Beyrouth 2012) – Gibran Khalil Gibran (Analyse biographique – Dergham 2012) – Saïd Akl s’il aurait parlé (Analyse biographique – Dergham 2012) – Nizar Kabbani (Rétrospective épistolaire – Dergham 2013) – Elias Abou Chabaka (Analyse biographique – Dergham 2014). *) Publications en Français et en Anglais: – In Forbidden Time (Compilations de ses poèmes traduits en Anglais-Syracuse Press-NY2005) – Maximes Intimes (traduits en Français, en anglais et en allemand – Beyrouth 2008).
مختارات من شعر هنري زغيب: ================== من مجموعة "أنت ولْـتَـنْـتَهِ الدُّنيا" دُعَــــــاء ======================= رَبِّ، رُحماكَ، يا وَليَّ الجَمالِ صُغْتَها صِنْوَكَ: اصْطِفاءَ الخيالِ عِيدُها اليومَ؟ عِيدُك اليومَ! هاني كُلَّ يَومٍ أَفيكَ فيهِ حَلالي يا إلهي، وأَنْتَ أَكْمَلُ وَجْهٍ، صُغْتَ في وَجْهِها ضِياكَ يُلالي فأنا، في بَهاكَ، أَصبَحْتُ من شَمسٍ أَراها وغيرَها؟ من ظِلالِ.
رَبِّ، شَأْ يَنْهَمِلْ نَقاها بِقلبي فَنَقَاها غَدَا رَبيبَ الكَمالِ أنا عُمْري صَومَعْتُهُ في يديها أنا "كَرْمَلْتُ" في رُؤاها خَيالي وتَنَسَّكْتُ في مَداها سَعيداً فانْخطافي انْتَشَى بِأَهْنَإِ حالِ إنها نَبْضَتي لِنَهْدَة قلبي إنها قُوَّتي لِـكُلِّ احْتِمالِ فاحْتَضِنْها يا ربِّ أَلْقَكَ فيها أَنْ إِليها إِليكَ تَوقُ مآلي إنَّ عُمراً مَنَحْتَني لم يَكُنْ عُمْري سِوى يومَ شِئْتَها في ابْتِهالي صالَحَتْني مع الوجودِ! فشُكْراً يا إلهي على عَظيم المَنالِ! من مجموعة "صديقة البحر" ===============
هي هذي حكايتي و"صديقة البحر" إنها حكايةُ عمري إنها حكايةُ حبّي الذي يساوي عمري
قبلَها كنتُ أعيش منذ هي، صرتُ أحيا بها ابتدأَتْ حياتي الحقيقيَّة وبين يديها تنتهي... بدونها لا حياةَ لي لولاها لَجِئتُ الحياةَ، وعقيماً رحلْت
اللهُمَّ اشهدْ أنني شهدتُ لمجدكَ العظيم في حبيبتي للجمالِ فتعبدَكَ مخلوقاتُكَ للكمالِ فتعرفَكَ للحُبّ فتقَدِّسَ فيضَ عطاياكِ!!!
ويا حبيبتي يا "صديقةَ البحر"، أنتِ دمي حتّى آخرِ كلمةٍ من دمي فاشهدي أنّني وَفَيْت: في أول "نحن" سأَلْتِني أن أَكتُبَكِ أن أَكتُبَني أن أَكتُبَنا... و... ها إني كَتَبْت. مجموعة "تقاسيم على إيقاع وَجهكِ" =================== هُبَّ
هُبَّ من نَومِكَ الهَنِيِّ وَلُوْعا حِبَّني... حِبَّني... وَزِدْ بِي وُلُوْعا صَوتُك الْهاتِفُ ارْتَجِلْهُ نَجِيِّي هَمْسُكَ العِشْقَ خَلِّهِ مَسْمُوْعا لا تَنَمْ... عُد إلى نُذورِك واصْرُخْ أَنَّني حُبُّكَ الوحيدُ نُزُوعا قُلْ بأن لَم تَشِفَّكَ امْراَةٌ قَبْلي وأَنْ لَم تُحِسَّ قَبْلِي خُشُوعا قُلْ وإِذ طاعَتِي تُذيبُكَ، تَرقى قِمَّةَ الحُبّ طاعةً وخُضُوعا حِبَّني... حِبَّني وَفَتِّح شَرايِيْنِي بِضَوْعٍ أُريْدُه أن يَضُوعا وإذا ضاعَ صُغْ لِضَوْعٍ جَديدٍ كُلَّما قُلتَه أَعِدْهُ شُرُوعا جُنَّ بِي بَعدُ، جُنَّ، عَنْدِلْ ضُلوْعِي وَلأَصُغْ من صَداكَ فِيَّ ضُلُوعا قُل وَقُلْ بعدُ لا تَوَقَّفْ فإن تَغْصَصْ فَقُلْها الصلاةَ فِيَّ ركوعا قُلْتَها؟؟؟ الآن نَمْ هَناً وانْتَظِرْني أتَصبّاكَ ذاتَ يَأْتيكَ صَوتِي: "هُبَّ من نومِكَ الهَنِيِّ وَلُوعَا" من مجموعته الشعرية "من حوار البحر والريح" ==========================
شاعرَ الحب
حلّتْ بنا نكبةٌ جارَ الزمان بها وطعنة الجرح ليست في تسامينا يا شاعرَ الحب لا تقلقْ على وطن الجمال والحب واخلدْ فيه مفتونا بلادكَ البَدْعُ لن تغفو على وجعٍ أقسى التوجُّعِ زهوٌ في تباكينا
نحْييك؟ أم أنتَ في ذكراك تحْيينا يا شاعر الحب ضيَّعْنا الهوى فينا فاغفر لنا أننا جئناك مفتقداً ما نحن نحْييك لكن... أنت تحْيينا.
ذاكرة البَجَع ماذا أقول وأرضي كلُها وجعُ وشعبيَ / الجُرحُ جيلُ لفَّهُ الهلَعُ؟ ماذا أقول سوى مِن بعدِ كنتُ أنا كنّارة الشرق صرتُ الشرقَ ينصدعُ طويتُ أشرسَ أعوامٍ على زمن "الموت الكبير" وآبى الموت بي يقعُ لأنني وطنٌ تعلو به قيمٌ ما مسَّها المنتهى في بَدْعها البدَعُ لأنني "يوسف" الإخوانِ أجملُهم أنا وأصغرُهم يا عارَ ما صنعوا قدَّمتُ قلبي لأسقي كل ذي عطشٍ راح العطاش بقلبي بعدما جرعوا... من مجموعته الشعرية "منصّة" ==================
الشاعر وكلماته
يا ساحرَ الكلماتِ الغِيْد تَفْتِنُها مَن غيرُ أنتَ يُدانِيْها فَتَضْطَرِبُ؟ أنتَ المُرَقِّصُها تِيْهاً ومُخْصِبُها نَسْلاً من البَدْع تيَّاهٌ بِه العُجُبُ أَنتَ المُمَوسِقُها بِالطِّيْبِ عَنْدَلَةً لِجَرحةِ الآهِ منها يَطْرَب الطَّرَبُ أنتَ المُغَنِّجُها فَالزَّنْد مَملكةٌ أنتَ المُطَوِّعُها تَنْصاعُ، تَلْتَهِبُ أَنتَ المُمَوسِمُها خِصْباً فَأيُّ جَنىً إِن لم تُبَيْدِرْهُ حَتَّى مِنْكَ يَذَّهِبُ يا ناحتاً في رُخامِ الضَوْءِ بَوْحَ رؤىً وَكُلُّ رُؤيا على كفٍّ لَها نُصُبُ يا راسِماً في الحُرُوْفِ البِيْضِ شَعْشَعةً فالخَطُّ في الكِلْمَةِ الهَدْلى لهُ خَبَبُ يا عاشقَ الكِلْمَةِ الهَيْمَى وسَيِّدَها أنتَ المُلَعِّبُها بالعُجْبِ تَنْسَكِبُ تُمَسْرِحُ الرؤيَةَ الوَسْنَى فتُلْبِسُها وَجْهاً، قِناعاً، بِحُكْم الدَّوْرِ يَنْقَلِبُ فاعْصِف بِها بَعدُ أَخْصِبْها تَلِدْ دُرَراً وأَجْرَأُ القَوْل إِنّ الشِّعرَ يُرْتَكَبُ من مجموعة "تقاسيم على إيقاع وَجهكِ" ======================
كامِلاً حُبّي
كامِلاً حُبّي… أو انّي لا أُحِبُّ واحدٌ، لا صِنوَهُ للكون، رَبُّ أَنتِ؟ فَلأُغْلِقْ على كلِّ صدىً منبعَ الصوتِ، فـلا يَنْمُ مَصَبُّ كان عُمْري قبلَكِ: الوهْمُ غشى فوق عينَيَّ تَهاويْمَ تُصَبُّ منذ أَنّي – مطلعَ العمر- فتًى نَهِمٌ للحُبِّ فالآمالُ قُرْبُ كنتُ إمّا ومضةٌ تَحفزُني أُشعِلُ البَرقَ جنوناً ويهُبُّ يَمتطي لَهْفي جُموحٌ… وأنا بِي من اللهفةِ ما يشتاقُ شعبُ فإذا أَلْمَحُ ومضاً… خِلْتُهُ عصفَ برقٍ بعدَهُ الرعدُ يَدُبُّ حاجةٌ كانت لِشِعري، أن أَعي بي حناناً يَحتويني فَأُحَبُّ ومراراً خُيِّلَت لِي عصْفةٌ وهي لا… لكنني للعصف أحبو فأُوافينِي الى موعدِها واهِماً أرسُمُ ما قد أَستَحِبُّ وإذا ما ألتقيها والِها قلتُها: "هذي"… وأَمضي: "أنا صَبُّ" غيْرَ أنّي، آجلاً، أكشفها لَحظةً زوغى مداها الومض يكبو راوَدَتْنِي متعةً أو قلَما وإذا حفنةُ ريْحٍ ما أَعُبُّ بِتُّ في صحرا ربيعٍ مُجدِبٍ أصعبُ الوهمِ ربيعٌ وهو جَدْبُ تَحتويني خيبةٌ… يَجرَحُنِي طيفُها أَسْرَعَ من ومضٍ ويَخبو أَنْكَفي: هل بعدُ بِي إشراقةٌ لو أتَى فَجْري؟ وهل بِي بعدُ قلبُ؟ فجْأَةً أنتِ!!! وَشَكٌّ مَضَّنِي: أتكونينَ كما هُنَّ… وأصبو؟ جِئْتِنِي أنضرَ من حُلْمٍ إذا راودَ العشاقَ هاموا وأَحبّوا كان في عينيكِ حزنٌ منهَكٌ وأنا يَأْسُرُنِي حُزْنٌ يَلَبُّ كِدتُ أرتَدُّ… فَدَوّى في دمي أنْ: هو الْحُبُّ الذي رؤْياهُ حُبُّ وإذا بِي بعدَ ظُهر العمر في صَحوةٍ من خيبةِ الوهم تَدُبُّ وإذا مستقبلي يومِئُ لي: معكِ البدءُ… وعمري بكِ حَسْبُ وجِهاتِي… صِرتِها خامسَةً فَمَداري أنتِ… فيكِ الكونُ رحْبُ غرقت خلفي جسوري وعَلا نَـوَّ أمواجيَ عمقٌ مُسْتَتِبُّ لَم يَعُدْ لِي غيْرُ أنتِ الغدُ بِي كلُّ آتٍ أنتِ… ما إلاّكِ درْبُ كانَ ما كانَ… فيا سعدي! وها عُمُري - مُذْ صِرْتِهِ- عُمْري الأَحَبُّ فاشْهَدي: أُقْسِمُ بالْمابعدِ أنْ كاملاً حُبّي… أو انّي لا أُحِبُّ!
رأْس الْمَتْن - 13/07/02
أصرخ للكبار من يمسكون اليوم بالقرار لا تخطفوا الأحلام من أطفالنا لا تقطفوا الآمال من آمالنا غدا تزول دولة القرار و من وراء دولة القرار لن تستطيعوا عندها أن تحبسوا الينبوع فسوف تطلع المياه من فم الصخور و ترفع الحرية النير عن النسور رجالنا بطولة الملاحم نساؤنا خصوبة المواسم أطفالنا مستقبل النسائم و صوتنا مساحة الصدى و حلمنا يعانق المدى فلترفعوا عنا هذا الحصار يا أولياء القهر و القرار يا ايها الكبار قاوم فيداك الإعصار لا تخضع فالذل دمار و تمسك بالحق فإن الحق سلاحك مهما جاروا قاوم فيداك الإعصار و تقدم فالنصر قرار إن حياتك وقفة عز تتغير فيها الأقدار يوم تقوم ثورة الغضب في أمة الغضب في وقفة العز و في انتفاضة الكرامة تندحر الظلامة و عندها لن تستطيعوا وقف ما في النهر من هدير سوف يقوم السيل لن تستطيعوا رد هذا الويل سوف يقوم السيل و يسقط القرار
يا أولياء القهر و القرار يا أيها الكبار
من ديوان "مِنصّة" ==========
تؤرقني القصيدة من عناء فأصرخ من عذاب مستلذ أحاذرها واعشقها! فلولا هواها لاختزلت الى ارتحال وإن حمّى القصيدة فاجأتني انصرفت، بجميع ما أنوي، إليها تمام تهيؤ ورع أفيها طقوسيا معايير الدلال وسحر الشعر أنَّ له وصالاً فكل قصيدة خلق جديد و... مضُّ ولادة حتى يكاغي جنين الشعر بشرى بالجلال ( ديوان "مِنصّة" صفحة 67/68 )
الى الأبد... وتندى بينهما نقزة الحياة يتوغلان فيهما أعمق ويغرقان، أعلى، كل صباح. ولأن الحلم نافذة الحقيقة يتحدان في جسد واحد لا بقاء فيه بل جسرا لا بد منه للعبور ولا بد من عبوره لبلوغ الروح فالجسد الوسيلة... والوصول الروح والجسد الى الآن... والروح الى كل أوان والجسد له شكل... والشكل قد يتغير وربما يضمحل والروح لا شكل لها... فهي الى دهر الداهرين. هكذا حبهما يولد اقوى كل صباح يتقمص خلية الجسد الى خلايا الروح ليظهر أبهى كل مساء ويتجدد.
مختارات من كتابته: =========== يومَ هتلر "عاقب" طاغور ====================== في السائد العام أَن رابندرانات طاغور (1861-1941) هو شاعر الهند الأَكبر وأَول غير أُوروبي نال جائزة نوبل (1913). لكنَّ قليلين يعرفون أَنه كان رسامًا كذلك، إِلى المعروف عن كونه كاتبًا مسرحيًّا ومؤَلفًا موسيقيًّا وفيلسوفًا ومصلحًا اجتماعيًّا. في هذا المقال اليوم أَتناوله رسامًا، وما كان مصير خمس من لوحاته على يد النازيّ هتلر (1889-1945). هتلر يلغي اللوحات الخمس هي خمس لوحات بريشة طاغور، رسم فيها بالحبر الملوَّن والغواش طيورًا وأَشخاصًا، وبينها لوحة لفتاة ذات رداء أَحمر. كانت اللوحات لدى متحفٍ كبير في برلين، هدية من طاغور سنة 1930 حين كان في أَلمانيا. ولكن بعد سبع سنوات، جاء النظام النازي فعزلها ضمن حملة تطهير لما سماه “أَعمالًا ساقطة غير لائقة بالنظام النازي الجديد”. وكان هتلر في مطالعه فشل في أَن يكون رسامًا، فـــ”قرَّر” أَن الفن الحديث بعد الانطباعية “علامة عقل مشوَّه”. لذا أَمَرَ بأَن تُمحى من متاحف أَلمانيا نحو 16 أَلف لوحة، بينها أَعمال رائعة من الهولندي فان غوخ (1853-1890) والأَميركي مان راي (1890-1976)، متهمًا إِياها بأَنها “دون المستوى”. وأَكثر: أَقام منها معرضًا لكي يسخِّفها ويُهزِّئها تجاه جمهوره. كان له غضب شديد على لوحات طاغور فشنَّ عليها بالذات حملة قاسية. و”نظَّر” مؤَرِّخو الفن على عهده الهتلري النازي أَن نظامه أَسقط قيمة اللوحات الطاغورية لأَنها تنقل الطبيعة كما هي، واستشهدوا بعبارة هتلر: “كلُّ مَن يرى السماء خضراء والحقول زرقاء ويرسمها هكذا كما هي، يجب تحريم فنه”. يحاضر فتمتلئُ القاعة كان طاغور زار أَلمانيا ثلاثًا: 1921 و1926 و1930. وكانت يومها عشرون من مؤلفاته باتت مترجمة إِلى الأَلمانية، معظمُها ترجمها مارتن كامْبْشِن (م. 1948) الذي كتب يومًا: “أَينما جاء يحاضر، تمتلئُ القاعات، وتقع اصطدامات خارج القاعات مع مَن لم يكن مسموحًا دخولهم بعد نفاد المقاعد الشاغرة”. وكانت الصحافة المحلية تقرِّظ طاغور على أَنه “حكيم جاء من الشرق” و”نبيٌّ وصوفي وناسك”. سنة 1930 جال في أُوروبا معرض من 300 لوحة بريشة طاغور، بينها 100 في باريس، ونصفها لدى المتحف الوطني للفنون في برلين قبل انتقالها إِلى لندن. وحتى 1937 كانت لوحات طاغور معروضة لدى “قصر برلين الملكي الباروكي” وفيه المتحف الوطني. وحين بدأَ “تطهير” هتلر ظهرت في لائحة بتاريخ 15 أُكتوبر تتضمَّن خمس لوحات لطاغور تم نقلها مع عدد كبير من أَعمال الانطباعيين التي تم نقلها من “القصر” إِلى مخزن كبير “ممنوع الدخول إِليه” كما أَعلن يومها المؤَرخ التشكيلي كونستانتين وينْزْلاف. ولم يُعرَف بعدها مصيرُ تلك اللوحات. ما هي اللوحات الخمس؟ وفي لائحة وُجدت سنة 1942 وفيها مصدرُ اللوحات التي تم عزلها إِبان الفترة النازية، تتبيَّن لوحات طاغور الخمس وعناوينها: “قناع”، “وجه”، “فتاة” (بالرداء الأَحمر)، “قناع”، “عصفوران”. وفي تلك اللائحة من اللوحات غير المكتشفة، تظهر الأعمال “المصادَرَة” مرقَّمَة ومرتَّبة بحسب الترتيب الأَبجدي مع رموز خاصة ذات علاقة بالتبادل مع المصدر، أَو المباعة، أَو التالفة، ومعلومات موجزة عن لوحة. أَما لوحات طاغور، فوَرَدَ في اللائحة أَن اثنتين منها مبادَلتان مع المصدر، واثنتين تالفتان، والخامسة (العصفوران) بدون أَي إِشارة أَو رمز. وذكر ونْزْلاف يومها أَن لوحات طاغور “اختفت” من المتحف و”ضاع أَثرها”. أَين ضاعت؟ وكيف؟ تبين لاحقًا أَن ثلاث لوحات عادت سنة 1939 إِلى طاغور، وفْق وثيقة من وزارة الرايخ الخاصة بالتوعية العامة والبروباغاندا جاء فيها استفسار عن عنوان ورثة الشاعر، مع أَنه عامئذ كان لا يزال حيًّا. ويرى المؤَرخ التشكيلي الهندي سيڤا كومار (اشتغل طويلاً على أَعمال طاغور) أَن تلك اللوحات الثلاث عادت فعلًا إِلى طاغور والاثنتين الباقيتين ضاعتا نهائيًا. غير أن أوليفر كايس (حافظ المتحف المعاصر في ميونيخ) يرجح أَن إِحدى اللوحتين الضائعتين موجودةٌ في مجموعة لوحات ولاية بافاريا في المدينة منذ 1964. ويصفها كايس بأَنها لــ”وجه نصفه في الظل، وشكله روحاني” وهو النوع الذي لحقه “تطهير” النظام النازي. ويضيف كايس: “أَظن أَن هذه هي اللوحة الوحيدة الباقية من أَعمال طاغور في المجموعة الأَلمانية المتداولة”، ويفيد بأَن تكون اللوحة الأُخرى بيعت بالمزاد العلني في أكتوبر 1996 لهاوي لوحات فنية في المملكة المتحدة، مرجِّحًا أَنَّ الثلاث التي قيل إِنها عادت إِلى طاغور هي بالفعل ضائعة في مكان ما من الهند. ريشة طاغور كان طاغور بدأ يرسم في منتصف العشرينات، وأَنتج نحو 2300 لوحة قي عقد واحد حتى وفاته سنة 1941. وعن المؤَرخ كومار أَن أَول لوحة رسمها كانت نحو سنة 1928، وأَنه كان يكرس وقتًا طويلًا للرسم. وهو رسم حيوانات وأَشكالًا هندسية ووجوهَ نساء ورسومًا ذاتية له، ومناظر خارجية ومشاهد وأَقنعة. ويرى كومار أَن فن طاغور غَنِمَ من تقنيات الفن الحديث كما من ملامح الفن الشعبي في بلاده. وفي معظم رسومه كان همُّه إِبراز رسالة الحرية في الهند. وفي الثلاثينات لم تكن الولايات المتحدة ولا المملكة المتحدة تحمست لذاك الفن الحديث بعد. لذا عندما عُرضت أَعمال طاغور في أَلمانيا راح الخبراء يقرِّبون أَعماله من السوريالية والتعبيرية، إِلى أَن طالتها “عقوبة” النازيين فأَخفتها نهائيًّا.
الأَخوان رحباني: "وهْم كبير… كذْبة كبرى" ===================================== بين أَسوإِ ما يصاب به الفنُّ الكبير أَن يتنطَّح له أُمِّـــيُّــون من عامَّة الناس أَو مُغْرضون من النُقَّاد، يَروحون بكل جهل أَو أَذى يَرَون إِليه من منظار صغير يجعل الفن الكبير سلعةً تُدار بين الناس لا قيمةَ لها ولا حُرمة. من ذَيِنك الجهل والأَذى: ما يقال دومًا عن الأَخوين رحباني إِنهما “صَوَّرا لنا لبنان حلْمًا جميلًا وبلدًا مثاليًّا لكن الأَحداث الجارية فيه كذَّبَت زعمهما فانهار، وتَبَيَّن أَنَّ ما بَشَّرا به هو وهْم كبير وكذْبة كبرى”. أُسارع إِلى اختصار أَنَّ هؤُلاء الطفيليين يخْلطون بكل غباء بين لبنان الوطن ولبنان الدولة. فالذي بناه عاصي ومنصور في ذاكرة أَجيالنا هو لبنان الوطن الخالد الدائم أَعلى وأَقوى وأَبقى، وفوق كل ما يجري تحت من تفاهات “بيت بو سياسة” ومشاحناتهم وعنعناتهم ويوضاسياتهم الـمُدمِّرة. والذي انهار – في زعم أُولئك الأُمِّــيِّــين – هو لبنان الدولة الكرتونية الهشة وليس لبنان الوطن المتواصل في الزمان بإِبداع عباقرته فكْرًا وفنًا وعلومًا وأَدبًا، ما يجعله ساطعًا على أَرضه وفي محيطه وفي العالم. فمَن ذا لا يتمنَّى أَن يكون وطنه مقاومًا كلَّ احتلال على صورة مدلج وابنته “غربة” في “جبال الصوان”؟ ومَن ليس يكبُر بوطنه كما حين “زاد الخير” تهدِّد الملك غَيبُون بهجرة الشعب كي يبقى ملِكًا “على البيوت الفاضية وخيالات الشجر” (“ناطورة المفاتيح”)؟ ومَن ليس يحلم أَن يكون وطنُه متصالحًا كما أَهل القاطع وأَهل “جسر القمر”؟ ومَن – في هذه الأَيام السياسية التافهة – لا يصلِّي لسالم الشهيد “النايم ع تلِّه بتضل تصلِّي… بقلبو الإِيمان ومغطَّى بْعلَم لبنان” (“عودة العسكر”)؟ ومَن لا يجد انتقامه من دولته الكذَّابة في قول الملك “داجور” عن مملكته بأَنها “دولة عايمة ع الكذب” (“هالة والملك”)؟ ومَن لا يعتزُّ مع فخرالدين حين جيْءَ إِليه بالوالي العثماني مصطفى باشا مهزومًا أَمامه بعد انتصار اللبنانيين في معركة عنجر فَبادره الأَمير العظيم: “يا باشا إِنتَ حُرّ… بدَّك تصادقنا؟ حُرّ… بْترجَع بتعادينا؟ حُرّ… لكنْ نحنا وطننا بدو يبقى حُرّ” (مسرحية “فخر الدين”)؟ ومَن لا يوافق “مَلْهب المهرِّب” في صرخته المكلومة: “الولاد بَدُّن يكبَروا ما فيهُن ينطروا تَ يصير فيه حكومه” (“يعيش يعيش”)؟ ومَن ليست تقهره ممارسات سياسيي الدولة الذين حوَّلوا “لبنان الأَخضر” إِلى بؤْرة للأَفاعي والثعالب والقراصنة والمرتزقة، محلِّيِّين وخارجيين، فيما المخْلصون توَّاقون لاستعادة وطنهم الطيِّب النقيّ الهادئ الهانئ كي يستظلُّوه بفرح ناذرين: “بِفقْرَك بحبَّك، وبِعزَّك بحبَّك، وإِذا نحنا تفرَّقنا بيجَمِّعنا حُبَّك… وحبِّه من ترابَك بكنوز الدني”؟ ومُهاجرونا المقهورون الذين قسرًا وقهرًا هجَروا لبنان الدولة لا لبنان الوطن، مَن منهم لا ينبُض في قلبه الحنين للعودة لا إِلى الدولة بل إِلى الوطن وهو يردد: “خِدني ازرَعني بأَرض لبنان… بالبيت يلِّي ناطر التلّه… إِفتح الباب وبَوِّس الحيطان وإِركع تحت أَحلى سما وصلِّي”؟
لن تكفيني زاويتي “أَزرار” في هذه “النهار” الغالية على قلبي، ولا جميع زوايا الصحف، كي أَستشهد بأَقوال من عاصي ومنصور حمَلَها صوتُ الخالدة فيروز إِلى كل الدنيا، رَسَـمَا لنا فيها لبنان الوطن كيف يكون، وكيف يجب أَن يعود مهما تَحَاقَرَ سياسيُّوه وتناهَشوا دولتَه مزارعَ لهم ولنَسْلهم فلن يستحقُّوا لبنان.
هي ذي ضرورة وعي اللبنانيين أَن الذي “انهار” ليس الوطن اللبناني الممتدّ إِشعاعه إِلى كل العالم، بل دولة هشَّة زائلة تدول مع عصاباتها كرنفاليةً ممتلئةً مهرِّجين ذوي أَقنعة، يخلط المتأَدلِـجون والمؤَدلَـجون بينها وبين الوطن المقدَّس الذي تاق إِليه عاصي ومنصور ورسَّخاه فينا، وتركا لنا بعد غيابهما عنه إِرثًا أَسطع من كلِّ حضور.
أَلا أَطال الزمنُ عمرَ غيابهما.
لأَنها بيروتُنا الأُعجوبية =================== كثيرين رأَيتُهم بين أَجنحة الكُتُب، وأَنا داخلٌ إِلى “معرض بيروت العربي الدُوَلي للكتاب“، في طريقي إِلى قاعة محاضرات “النادي الثقافي العربي” استعدادًا للندوة الثلاثية التي تجمعني دوريًّا إِلى البروفسور أَنطوان مسرَّة (رئيس كرسي الأُونسكو في جامعة القديس يوسف)، والأُستاذ سهيل منيمنة (مؤَسس/رئيس جمعية “تراثنا بيروت”) حول موضوع “دور التراث اللبناني في تعزيز المناعة الوطنية”، والتراثُ ذاكرتُنا التي بدُونها نَعرى من تاريخنا فلا نستحقُّ الوطن. كثيرين رأَيتُهم بين أَجنحة دُور النشر، يقلِّبون الكُتُب أَو يشترونها بما تُتيحه لهم قدرتُهم الشرائية، وعلى وجوههم رضى الكتاب وهناءَة الثقافة، كما تحدِّيًا صلافةَ هولاكو العصر الذي خال واهمًا أَنه دمَّر بيروت. مرفأُها انفجر؟ لا نَـبكِــيَــنَّــها متفجِّعين كعويل أَنبياء التوراة. معتادةٌ بيروت على الأَقدار تضربها برًّا وبحرًا، ومعتادةٌ على الفواجع تدمِّرها، وانفجار 4 آب أَفجعُها دمارًا، لكنها دومًا تنفض عنها الدمار والرماد، وتُشرق حوريةَ البحر التي ولا أَجمل، فإِذا هي بين الشوارع المحروقة والأَرصفة المدمَّرة لم يحترقْ منها سوى فستان العرس إِنما لم يحترقْ نبضُ العروس. ذلك أَنَّ بيروت عصيَّةٌ على السقوط، اعتادت منذ القدَم عواصفَ وأَنواءَ وزلازلَ ومرثيَّاتٍ ودمارًا، تنهزم على شطِّها الأَنواء والزلازل وتبقى بهيةً تُشرق مع الشمس على تلال لبنان. قلَّما اختصرَت مدينة وطنها كما بيروت تختصر لبنان. لذا أَحببْتُ عبارة الرئيس فؤَاد السنيورة في ندوتنا أَنَّ “بيروت هي الخَلاص والخُلاصة”. وإِنها فعلًا هكذا: هي الدَور والرسالة، وهي عنوانُنا الحضاري في العالم. أَقول “الحضاري” لأُلغي باشمئزازٍ كلَّ ما في لَغْو السياسيين من وُحُول وقذارة، بسببهم تتكسَّر الأَوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والشعبية، لكنما تتواصل الحالة الثقافية إِنتاجًا موسيقيًا ومسرحيًّا ورسمًا ونحتًا وأُمسياتٍ أَدبيةً وشعريةً ومعارضَ وندواتٍ وإِصدارات، ما يجعل مسارَ لبنان الثقافي لا “متوازيًا مع” بل “متعاليًا على” لبنان السياسي. بادرةُ “النادي الثقافي العربي”، في الإِصرار على إِقامة المعرض، دعوة عنيدة لتثبيت بيروت الدَور والرسالة. وهو ما أَشارت إِليه واثقةً رئيسةُ النادي السيدة سلوى السنيورة بعاصيري بأَن المعرض هو “الحدَث الثقافي الذي تنتظره بیروت الصابرة لتؤَكِّد صُمودَها وصمودَ صنَّاع الكلمة ومحبِّي المعرفة إِزاء التحدیات المتناسلة، بإِصرارها على صون مكانةٍ أَحرزَتْها بجدارةٍ منارةً للفكر ومشعلًا لثقافة الانفتاح”. بلى… كثيرين رأَيتُهم بين أَجنحة دُور النشر، حُجَّاجًا إِلى حالةٍ ثقافية كم جعلَت بيروت منارةَ المشرق بجمالها الفريد العجائبيّ. أَقول “جمالها” وأُؤْمن أَنَّ لبيروت جمالَ روحٍ وجمالَ حنانٍ وجمالَ عطاء. فمَن منا لا ينحاز إِليها لشُربة نبض؟ ومَن مِن العرَب لم يسْعَ إِليها واحةَ انطلاق؟ ومَن مِن الغرب لم تَلمَع عيناه رُنُوًّا إِلى مدينتنا الغالية، بيروت الكوزموبوليتية التي صهرَت فيها جميع الهويات الوافدة، وظلَّت شاهرةً هوية واحدة: لبنان اللبناني؟ لكأَنها، هذه البيروت الأُعجوبية، مكافأَةُ الزمان لأَهل لبنان، يتعلَّقُون بها كأَنها بيتُهم للاستدامة أَو للإِقامة، وفي كلتَيهما شغفٌ إِليها غوايةً أَو حماية. إِنها المدينة المفتوحة على خيرات الإِبداع وغلال الطمأْنينة. إِنها الواحة التي لا يجفِّفها عُقوقٌ لأَنها تَغفِر، ولا يقصفُها انفجار لأَن فيها “نبتة الخلود”، ولا يستحقُّها حكَّامُها لأَنهم أَقزام يتولَّون حُكْم مدينة تاريخية. تنتهي ندوتُنا، أُغادر قاعة المحاضرات إِلى الممرَّات بين أَجنحة المعرض، أَغتبط لهذه الحشود المؤْمنة برسالة الكتاب. أَخرج من مبنى المعرض (واجهة بيروت البحرية) تصدمُني أَخبار سياسية تافهة كأَصحابها. أَلْتفِتُ مجدَّدًا إِلى داخل المبنى، أَرى لبنان الفكر والثقافة والتراث يَعلو فوق الآنيَّات السياسية، متجاهلًا دولةً تَدُول بفاسديها الأَشرار، محتَقِرًا سلطةً تَزُول بأَبَالستها الخَوَنة الكُفَّار، ليبقى لبنان الوطن خالدًا في الزمان أَرزًا تراثيًّا لا يدُول ولا يزُول.
المراجع :
موقع الشعر هنري زغيب ودواوينه
#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)
Mohammad_Abdul-karem_Yousef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكرابيج ...خبز التنور..... قرفيص.....و صناعة الأبطال
-
هل يتم التقليل من شأن البشر أكثر فأكثر الآن؟
-
الذكاء المعزز: المعرفة الجديدة في عصر الذكاء الاصطناعي
-
افعل شيئا يا مت للكاتب التركي عزيز نيسين
-
ثمار السنديان - الدّوام
-
مستقبل الذكاء الاصطناعي: الذكاء الاصطناعي يغير الحياة على ال
...
-
تشات جي بي تي: صديق أم عدو تعليمي؟
-
محادثة هاتفية
-
أفلام نيكولاس سباركس
-
التفكير النقدي
-
أنتيجون- في 60 ثانية
-
المنافس
-
مدخل إلى الواقعية السحرية
-
البيانات الضخمة: نظرة عامة كاملة وآثارها المستقبلية
-
هل مياه الأمطار نظيفة وآمنة للشرب؟
-
ماذا يرى المكفوفون؟
-
غابرييل غارسيا ماركيز: كاتب الواقعية السحرية
-
النمط الجيني و النمط الظاهري
-
تدمر تستعيد صباها ، عادل ناصيف
-
أدب الفلاش
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|