|
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 143
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 7482 - 2023 / 1 / 4 - 16:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اللهُ لا إِلاهَ إِلّا هُوَ لَيَجمَعَنَّكُم إِلى يَومِ القِيامَةِ لا رَيبَ فيهِ وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللهِ حَديثًا (87) موضوع يوم القيامة أو يوم الحساب أو يوم الدين حسب التسميات القرآنية المختلفة، أو يوم الدينونة حسب التسمية المسيحية، أمر تثار عليه أسئلة. إذا سألنا لماذا البعث، ثم القيامة، ثم الحساب، ثم الجزاء ثوابا في الجنة أو عقابا في نار جهنم. الغرض من كل ذلك هو الجزاء، أي أن ينال كل إنسان من ثواب أو تعويض أو عقاب، وهذا بسبب عدم تحقق العدالة في حياتنا هذه التي يصطلح عليها القرآن بالحياة الدنيا. لكننا نسأل هل يستوجب الجزاء وجود يوم باسم يوم القيامة، وهل قيام القيامة يجب أن يرتبط بإنهاء الحياة على الكرة الأرضية وتدميرها، كما تصف العديد من الآيات، وهل يجب أن يحشر كل الناس ليوم واحد، ويجري حسابهم جميعا في ذلك اليوم، وهل يتطلب هذا بعثهم بعدما كانوا أمواتا؟ كل ذلك هو تصورات مؤسسي الأديان. لكننا يمكن أن نتصور وفق المنهج العقلي، بعد التسليم بوجود الله، ثم بكماله، ثم بعدله، ثم بوجوب الجزاء الملازم لعدله، بسبب عدم تحقق العدل في حياتنا هذه، أن تكون قيامة كل إنسان في لحظة موته، ويمكن أن نتصور ألا يوجد هناك بعث للأموات، بل إن موت كل إنسان يمثل انتقاله من هذه الحياة، إلى حياة أخرى لا نعرف طبيعتها، وذلك بانتقال روحه حصرا إلى تلك الحياة، لأن الجسد قد مات وتفسخ وتعفن ولم تعد له قيمة، ثم لا نعرف ما إذا ستتلبس الروح جسدا جديدا مختلفا أو مشابها، وهل سيكون لهذا الجسد وجود مادي حقيقي، بل هو وجود وهمي تحس به الروح وكأنه حقيقة. ثم يمكن أن نتصور إن الجزاء ثوابا أو عقابا لا يحتاج إلى حساب ولا إلى شهود، بل سيكون الكائن الإنساني في حياة ما بعد هذه الحياة ذا وعي يدرك تماما لماذا يجزى بهذا أو ذاك الجزاء. أما صور الثواب في الجنة وصور العذاب في النار، فهي من اللامعقولات واللامقبولات. فقول «لَيَجمَعَنَّكُم إِلى يَومِ القِيامَةِ»، ليس من الواجبات العقلية، كما مر، ولو ثبت لنا إن القرآن هو كتاب الله، لكان لزاما علينا أن نسلم بصدق كل ما جاء فيه، ثم كون يوم القيامة «لا رَيبَ فيهِ»، فلا ندري كيف افترض مؤلف القرآن بديهية يوم القيامة واستحالة الشك به، ثم هو يستدل على نفي إمكان الشك به بقوله: «وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللهِ حَديثًا»، وأرجع وأقول إن هذا يمثل الدور الممتنع منطقيا، فهو يستشهد على صدق مقولات القرآن بكونها من حديث الله. والمفروض الاستدلال على صدق ما يشك بصدقه بدليل من خارج المشكوك به، وليس بنفس المثارة عليه الريبة والشك، لا عن هوى ولا عن عناد، بل عن مناقشة عقلية باحثة عن الحقيقة بصدق، فأصل أن يكون كلام القرآن كلام الله يحتاج نفسه إلى دليل، مما لا يصح الانطلاق منه كبديهية، ليكون هو الدليل. فَما لَكُم فِي المُنافِقينَ فِئَتَينِ وَاللهُ أَركَسَهُم بِما كَسَبوا أَتُريدونَ أَن تَهدوا مَن أَضَلَّ اللهُ وَمَن يُّضلِلِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبيلًا (88) عرفنا ما المقصود بالمنافقين، حسب المفهوم العام تارة، وحسب المفهوم القرآني تارة أخرى. فالمنافق في مجال العقيدة بالذات، حيث هناك نفاق في المشاعر، ونفاق في الموقف، إلى غير ذلك، لكن لنقتصر على نفاق العقيدة، فنقول إن المنافق هو من يظهر عقيدة ويضمر خلافها، أي ما هو نافٍ مغاير لها، وذلك من غير اضطرار إلى ذلك. ولكننا عندما نعلم إن الإسلام عندما تمكن من بسط سيطرته على الجزيرة العربية، ولم يبق خيار لأهلها إما النطق بالشهادتين، كإعلان عن دخول الإسلام، ما يقابل التعميد في المسيحية، حتى لو بلا قناعة، كي يحصل على وثيقة المواطنة في الأمة المسلمة، وليبق مضمرا عدم إيمانه بهذا الدين، مما يجعله يشارك المسلمين فيما يعتبر واجبا عليهم، كحضور الصلاة وصلاة الجمعة، والمشاركة في قتال (الكفار) أي أقرانه في العقيدة، ولو في حدود السلب، أي عدم الإيمان بالإسلام. فكأنما فتح مؤسس الإسلام بوابة النفاق لدخول الإسلام ظاهرا من الذين لم يقتنعوا به في العمق. وبعد أن استتب له الأمر، بدأ يكيل شتى الشتائم واللعنات في قرآنه بعد ذلك على هؤلاء (المنافقين) الذين هو الذي دعاهم ليكونوا منافقين حقنا لدمائهم. وهنا تعاتب هذه الآية أنصاف المنافقين، بسبب ترددهم في مقاطعة المحكوم عليهم بالنفاق التام. فهنا يطلب من أنصاف المسلمين أو أنصاف المنافقين، الذين ما زالوا يحملون عواطف إيجابية محرمة تجاه إخوانهم وأصدقائهم من المحكوم عليهم بالنفاق. ثم كأن العلاقة بين الناس إما أن تكون علاقة عقيدة أو قطيعة، ولا مكان للعلاقة الإنسانية خارج إطار العقيدة، فالآية تعاتب المترددين في اتخاذ قرار القطيعة الذي يتمناه عليهم قائدهم ونبيهم، أنهم ماذا ينتظرون من هذه العلاقة يا ترى، ما زال المنافقون ميأوسا من هدايتهم. وكأن المسلم لا حق له أن يقيم علاقة مع إنسان غير مسلم، إلا إذا طمع في هدايته إلى دينه، مع العلم إن الكلام لا يجري هنا عن الكفار بالإسلام بل المسلمين ظاهرا والمرجح كفرهم بما لا يجوز الكفر ولا حتى الشك به. ثم بما أن النفاق هو كفر باطني، فكيف يمكن الحكم على إنسان بسبب ما يستبطن، ومحمد يقول عن نفسه إنه لا يعلم الغيب؟
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 142
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 141
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 140
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 139
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 138
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٣٧
-
مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 1/5
-
مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 4/5
-
مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 3/5
-
مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 2/5
-
مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 1/5
-
مناقشتي لمقالة لمحمد شحرور 3/3
-
مناقشتي لمقالة لمحمد شحرور 2/3
-
مناقشتي لمقالة لمحمد شحرور 1/3
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 136
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 135
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 134
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 133
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 132
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 131
المزيد.....
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|