أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - عقل الزواحف














المزيد.....

عقل الزواحف


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7448 - 2022 / 11 / 30 - 22:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قد يعتقد البعض بأنه هناك مبالغة في نعت الفكر الغربي بالغيبية، وهو الفكر الذي أبدع الفلسفة والعلم المعاصر بكل تطبيقاته التكنولوجية، ومكن الإنسان من إستعمار الفضاء والوصول إلى القمر واستكشاف الكواكب والأقمار والمجرات .. إلخ، غير أنه سرعان ما ندرك بأن هذه المبالغة لها ما يبررها، ذلك أن الفكر الغيبي الأوربي أتخذ في تطوره منحى مغايرا للفكر الغيبي العربي الإسلامي، حيث لم يكن عائقا أمام تطور العلوم والتكنولوجيا بل شجعها وأوصلها إلى مرحلة هائلة من التقدم، ولكن مع ذلك بقي عقلا أعمى فيما يخص أسسه ومبادئه وأهدافه النظرية العامة. وربما يبدو من الأفضل القول بأن العقل الغربي هو عقل أو فكر يفتقد إلى "العقلانية" أو أنه عقل "متهور"أو "إنتحاري" نظرا لذهابه أبعد مما تحتمله الإنسانية والطبيعة في تغيير مجرى الأمور "الطبيعية"، من تفجير نواة الذرة وخلق تهديد مباشر للقضاء على البشرية والحياة بأكملها في ظرف عدة ساعات، إلى التلاعب بالجينات واستنساخ البرامج الجينية النباتية والحيوانية وكذلك تلويثه للبيئة لدرجة خلق ثقوب في طبقة الأوزون التي تحمي الكرة الأرضية. ولكن هناك من يرى في هذا "التهور" الفرصة الوحيدة للإنسانية لتحقيق قفزة نوعية في سلم التطور لتقضي على التناقض القائم بين العقل القديم المكون من الـ mesocortex والـ archicortex والعقل الجديد néocortex حسب تحاليل كوستلر في كتابه the Ghost in The Machine وإمكانية بناء جسر بين هذين العالمين المتناقضين، عالم الغريزة والعواطف وعالم الفكر والعقل، حيث أن تطور العقل البشري يبدو أنه تم بطريقة لم تلغ أو تقضي على العقل البدائي الذي يسميه بعقل الزواحف. ولكن يبدو أن للفكر الغيبي عدة صور ويمكن أن يتخذ مظاهر تبدو متناقضة ظاهريا ولكنها في حقيقة الأمر تعود إلى نفس المصدر الذي يفسر العالم والإنسان بطريقة غير متناسبة مع طموحات هذا الإنسان وما يعلنه من مبادئ. إنه الفكر الذي يقدس العلم ويعتبر البحث العلمي أهم من الإنسان ذاته ولكنه في نفس الوقت وبالمقابل هو الفكر الذي يرفض مقدمات الفكر العلمي ويعتبر الإنسان إبنا لآدم وحواء الذين طردهما الله من الجنة بسبب سرقة تفاحة. العقل الغيبي إذا هو العقل المنفصم والذي يعاني من شيزوفرينيا عميقة وأساسية في تركيبه، هو العقل الذي ينتزع الإنسان من جذوره ويزيحه من مكانه في مركز الوجود ويجعله على هامش النظام الكوني. مثل الفكر الغيبي العربي والإسلامي الذي لم يتخطى عتبة النص القرآني وفترة تكوين الدولة الإسلامية ولم يتخلص من النظرةالأخلاقية المرتبطة بغائية إلهية كمصدر لكل تغيير أو تقدم علمي أو فلسفي، وظل محاصرا ومنغلقا داخل إشكاليات لا تهم ولا تخدم الإنسان مباشرة، مثل الإختلاط والحجاب والنكاح وغيرها من الإشكاليات التي لا تخص إلا نصف البشرية، أي الرجل وحده كمشروع وجودي وكمشرع ومسيطر ومتسلط على المرأة يفرض عليها كيف تلبس وكيف تتكلم وكيف تأكل وتمشي، ويختزل حقوقها الطبيعية حسب رغبته ومصالحه ويلخص وجودها في كينونة الجسد ووظيفته الجنسية. والفلسفة تبدو كأنها المجال المثالي الذي يتحقق فيه العقل بكل إمكانياته ويعبر عن نفسه ويرسم أهدافه ويخطط معمارية حدوده القصوى. والسؤال البسيط الذي طرحناه في البداية ما هو العقل؟ أصبح الآن سؤالا معقدا ومتشعبا، وقبل محاولة الإجابة عليه يجب معرفة الإجابة على عدة أسئلة أولية مثل: من يطرح هذا السؤال؟ أي من هو المتسائل، وفي أية ظروف يمكن أن يطرح مثل هذا السؤال، وهل هو تساؤل فلسفي في نهاية الأمر؟ هايدجر يرى أنه هناك سؤال وحيد يستحق أن يقضي المرء حياته في محاولة الخوض فيه وتحليله من كل الجوانب وهو سؤال الكينونة. أنا كائن موجود أم أنا موجود كائن؟ هايدجر يقول بأن السؤال لا يمكن طرحه بهذه الطريقة، فالأنا لا ضرورة لها، ذلك أنها ليست موجودة على هذا المستوى من التساؤل، الأنا تأتي فيما بعد. فالتفكير والعقل بالنسبة لهايدجر يكاد يكون آلية متعالية ومنفصلة عن الإنسان الذي يتسائل، لأنه يرى هذه الآلية من منظور تاريخي متصل ومتواصل منذ بارمينيدس حتى هوسرل، ويحصر العقل في هذا الخط الأفقي الزماني دون أن يرى ولو ظل الإنسان العادي الذي يحيا حياته وموته بدون أن يتعرف على مفهوم الكينونة. العقل لا يستطيع أن ينسلخ عن العالم ويفكر في الفراغ المطلق، ذلك أن الوجود أو الحضور في العالم معطى أولي، نوجد قبل أن نتعلم التفكير، ولذلك فإن هذا العقل منغمس في الحياة حتى النخاع ولا يستطيع أن يتصور الكون بدون تواجد الإنسان وبدون حضور العقل الذي يعطي للكينونة صورة وطبيعة يمكن تعقلها ووصفها والإلمام بها حتى وإن كان لا يستطيع أن يفهم الأسباب والمعطيات التي تجعل الأشياء "تكون" بدلا من "ألا تكون"‪.‬ هذا المنطق الإنساني الشديد البساطة بضرورة كون العالم والأشياء على ماهي عليه وعدم إمكانية كونها بطريقة مغايرة أو عدم كونها إطلاقا هو ما يشكل في رأينا نواة الفكر الغيبي عموما بوجهيه الغربي والشرقي ويشكل النتائج الخطيرة على العقل والفكر لأنها تكون في نهاية المطاف المجال والقالب العام الذي يتحرك فيه هذا الفكر ويرسم حدوده.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل بين الأرض والسماء
- الإله البارد
- الوجود بين الواقع والخيال
- الإله اللامنتمي
- تعايش العلم والخرافة
- المثلية وحقوق الإنسان
- مفارقة العقل والإيمان
- النمل وكلام الله
- الكلمات والكائنات
- القرآن .. بين القراءة والفهم
- -الحجر- بين العلم والفلسفة
- الإنسان الآلي
- الإنسان جسد أم جثة ؟
- الإنسان بين المادة وال-الروح-
- صمت الحروف
- العدم والتجلي
- عبادة العقل المتطرف
- الكاثارسيس والفن كمطهّر إجتماعي
- نشوة الفن ونشوة النبيذ
- سياسة أوروبا العنصرية


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - عقل الزواحف