مؤتمر التغير المناخي 27 باستضافة الدكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي
تامر خرمه
2022 / 11 / 15 - 10:17
تفاقم الأزمة المناخية، وانتكاسات الدول في الوفاء بالتزاماتها أدت إلى تمهيد الطريق لمؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي، والذي سيعقد برعاية ديكتاتورية السيسي.
بقلم لينا سوزا
مرة أخرى، سيفضي مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي، الذي سيعقد ما بين 6 و 18 تشرين الثاني 2022، إلى تسوية سلبية للأهداف المتعلقة بالحاجة إلى الحفاظ على الارتفاع العالمي في درجات الحرارة في حدود 1.5 درجة مئوية، وفقا لاتفاقية باريس. علاوة على ذلك، سيعقد هذا المؤتمر في مصر، البلد الذي يحكمه الدكتاتور السيسي، الذي يحظر ويجرم الاجتماعات والاحتجاجات، ويمنع الوصول إلى المعلومات، ويعتقل النشطاء ويقتلهم، متجاهلا أي حق من حقوق الإنسان.
الفشل المناخي وتفاقم الأزمة
التقرير الثالث عشر حول التعهدات الدولية المحدثة منذ المؤتمر المناخي السادس والعشرين، الذي عقد في غلاسكو، بالمملكة المتحدة، عام 2021، يظهر وجود تغير طفيف بين تخفيضات الانبعاثات المتوقعة حتى عام 2030، وضرورة الحد من الاحترار العالمي ليكون أقل من 2 درجة مئوية، ويفضل أن يكون 1.5 درجة مئوية، وفقا لاتفاقية باريس. واستنادا إلى ما يسمى بالمساهمات المحددة وطنيا، تشير السياسات المعمول بها حاليا في كافة أنحاء العالم إلى زيادة درجة الحرارة بمقدار 2.8 درجة بحلول نهاية القرن، وفقا للتقرير.
هناك فرق كبير في ما تلتزم به الدول للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وما هو مطلوب لمنع تعمق أزمة المناخ بشكل أكبر. ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار أنه وفقا لدراسات أجريت حول هذا الموضوع، فإنه حتى لو كانت هناك عملية لإزالة الكربون، فإن الغازات الدفيئة الموجودة بالفعل في الغلاف الجوي، واتجاهات الانبعاثات الحالية، سيكون لها تأثيرات مناخية حتى عام 2040 [1].
وفقا للعالم والمؤلف المشارك في التقرير، جوانا برتغال: “لدينا خفض للانبعاثات بأقل من جيجا طن، أي ما يعادل مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو أمر محبط بعض الشيء، لأننا نشهد حالة طوارئ مناخية في نفس الوقت الذي تنتشر فيه الجائحة، والآن نشهد أزمة طاقة كبرى بسبب الصراعات في أوروبا. لذا، قد يبدو، في مواجهة حالات الطوارئ الأخرى التي تشهدها البشرية، أن قضية المناخ أقل أهمية، لكن في الواقع هناك ارتباط كبير بين كافة الأزمات وحالات الطوارئ التي نمر بها حاليا [2]”.
في الواقع، لقد أدت كل من الأزمة التي أثارتها الجائحة، وغزو روسيا لأوكرانيا، إلى تهميش ظاهرة الاحتباس الحراري، وأحبطت فاعلية خطابات من قبيل خطاب بايدن، الذي وعد خلال حملته بتنفيذ سياسة لإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري. ولكنه رغم ذلك، شجع بالفعل على زيادة إنتاج شركات النفط والغاز، مستخدما الزيادة في الأسعار، وخفض العرض من قبل روسيا، كمبرر. كما باتت العديد من دول الاتحاد الأوروبي تقوم بإعادة تنشيط محطات الفحم، والتحول إلى دول في أفريقيا وغيرها باعتبارها المورد الجديد للغاز.
الحجة التي يستخدمها بايدن والحكومات الأوروبية للاستثمار في النفط والغاز، وحتى محطات الفحم، هي عدم وجود مخرج آخر. ومع ذلك، يشير تقرير جديد، نشره المعهد الدولي للتنمية المستدامة، إلى أن “الاستثمارات المخطط لها في حقول النفط والغاز الجديدة بحلول عام 2030 يمكن أن تمول بالكامل زيادة الاعتماد على طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، اللازمة للوصول إلى هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى درجة 1.5°” [3].
في هذه الأثناء..
تستمر أزمة المناخ في إحداث تأثيرات مباشرة على حياة وسبل عيش فقراء العالم، متسببة في خسائر ومعاناة، لا سيما في القطاعات المهمشة في البلدان الأكثر فقرا.
موجات الجفاف التي تقضي على المحاصيل الزراعية، والحرارة الشديدة، والفيضانات غير المسبوقة، باتت تهدد بالفعل منظومة الأمن الغذائي. وفقا لتقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فقد اضطر أكثر من 20 مليون شخص، بين عامي 2008 – 2022، إلى الفرار من منازلهم بسبب العواصف والفيضانات، كما يتنبأ نفس التقرير بأن التغيير المناخي سيضع ما بين 32 – 132 مليون شخص في حالة فقر مدقع خلال العقد القادم.
فقط في عام 2022 الجاري، لقي 1695 شخصا مصرعهم في باكستان، خلال شهر حزيران، نتيجة للفيضانات الناجمة عن الأمطار الموسمية. ووفقا لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن الفيضانات ستفاقم انعدام الأمن الغذائي. 5.7 مليون شخص باتوا يعيشون في المناطق المتضررة من الفيضانات. كما تشير التقديرات إلى تدمير أكثر من مليوني منزل، حيث تعيش مئات الآلاف من العائلات في مخيمات مؤقتة، ناهيك بانتشار الأمراض التي قد تؤدي إلى المزيد من الوفيات، خاصة بين الأطفال.
في الوقت التي تحدث فيه مثل هذه الكوارث، التي تتسبب في فوضى حقيقية في حياة الفقراء والضعفاء، لايزال قرار تنفيذ آلية تمويل الخسائر والأضرار، التي اقترحتها البلدان النامية ومؤتمر التغير المناخي السابق، رهن الأدراج، حيث أن الترتيبات المالية المحتملة لن يتم المضي بها قبل العام 2024.
قمة فاشلة أخرى في بلاد الدكتاتور السيسي
إضافة إلى النتائج التي تثبت مجددا فشل إدارة الرأسمالية العالمية في ضمان الحفاظ على الكوكب، يتم عقد مؤتمر المناخ السابع والعشرين في مصر، البلد الذي لا تضمن فيه الحكومة حتى حقوق الإنسان. المظاهرات، والاجتماعات محظورة في هذا البلد، ووفقا لما نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن حكومته تخطط لتخصيص “منشأة مجاورة لمركز المؤتمرات” في شرم الشيخ، في شبه جزيرة سيناء، حيث سيعقد الاجتماع، ليتسنى للنشطاء تنظيم الاحتجاجات والتعبير عن آرائهم. بعبارة أخرى، لن تكون هناك حرية للتظاهر.
تتوقع نفس المنظمة غير الحكومية أنه، نظرا لانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام السيسي، فمن المحتمل جدا أن تكون هناك “رقابة مادية ورقمية على المشاركين في المؤتمر المناخي، مع وجود خطر أكبر على المشاركين من مجتمع المغايرين جنسيا، حيث تقوم الحكومة المصرية باعتقالهم ومحاكمتهم. علاوة على ذلك، يتوقع أن يكون احتمال تظاهر النشطاء البيئيين المصريين خلال المؤتمر في حدوده الدنيا، حيث أن التجارب السابقة ترجح احتمال حدوث أعمال انتقامية ضدهم بعد الحدث.
الرأسمالية لا تضمن مستقبلا ولا حرية
مع تدهور النظام الرأسمالي بشكل متزايد، ما ينتظرنا نحن والأجيال القادمة هو تعميق البربرية التي نشهدها بالفعل في كافة مجالات حياتنا.. زيادة تكاليف المعيشة، والعنف، والبطالة، وهشاشة الحقوق، بالإضافة إلى الوصول بالكوكب لحالة اختلال كامل، إثر السياسات التي تطبقها طبقة معينة من أجل ضمان أرباحها، والتي تقودنا نحو الهلاك.
ولضمان تنفيذ مخططاتها، تقوم هذه الطبقة بتعميق وتكثيف استخدام القوة ضد حرية التعبير والتنظيم، حتى لا يمضي العمال والشباب في مسار جديد يفضي إلى ما هو ضروري: تدمير هذا النظام.
لذا، فإننا نؤكد دائما أنه فقط عبر تدمير النظام الرأسمالي، وبناء مجتمع اشتراكي يضمن الحرية والمساواة، يمكننا تغيير مستقبل كوكبنا، وضمان مستقبل الأجيال القادمة، وحياة أفضل لهم.
ملاحظات:
[1] https://www.wribrasil.org.br/noticias/impacto-das-mudancas-climaticas-6-descobertas-do-relatorio-do-ipcc-de-2022-sobre-adaptacao#:~:text=Mesmo%20se%20o%20mundo%20passar,clim%C3%A1ticos%20inevit%C3%A1veis%20significativos%20at%C3%A9%202040.
[2] https://news.un.org/pt/story/2022/10/1804412
[3] https://elperiodicodelaenergia.com/todo-el-dinero-que-se-invertira-en-petroleo-y-gas-hasta-2030-financiaria-todas-las-necesidades-de-renovables-para-alcanzar-los-objetivos-climaticos/
ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس