تشيلي/ حول انتصار “الرفض” والخطوات التالية في نضالنا
تامر خرمه
2022 / 10 / 9 - 11:38
بمشاركة أكثر من 13 مليون ناخب، فاز “ريتشازو” (الرفض) بالأغلبية في الاستفتاء على الدستور الجديد. وقد بلغ عدد الأصوات لصالح الرفض 7.8 مليون (61.86%)، فيما بلغ عدد الأصوات المؤيدة 4.8 مليون (38.1%)، وكان هناك ما يزيد قليلا عن 200,000 صوت باطل.
صادر عن الحركة الأممية للعمال – تشيلي
تم التصويت بالرفض في كافة مناطق البلاد. في سانتياغو الكبرى وفالبارايسو كان الانتصار أضيق (44.56٪ و 45.81٪ على التوالي). وفي المناطق الأخرى فاز الرفض بأكثر من 59٪ من الأصوات. أما الموافقة فقد انتصرت في 8 بلديات في كل أنحاء البلاد (بهوامش ضيقة)، من بينها بعض أكثر المجتمعات بروليتارية وقتالية، مثل مايبو، وبوينتي ألتو، وسان أنطونيو.
خصوصية هذه الانتخابات تكمن في أنها كانت أول انتخابات إجبارية في السنوات العشر الماضية. وقد تجاوز عدد الناخبين نظيره في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الماضية بنحو 5 ملايين ناخب.
لماذا فاز الرفض؟
قبل فترة وجيزة، انطلقت مظاهرة شارك فيها أكثر من 500,000 شخص في سانتياغو في ختام حملة الموافقة، إلى جانب مظاهرات أخرى شارك فيها المئات في مدن أخرى بالبلاد. لكن الفعاليات الختامية للرفض لم تنجح في جمع أكثر من 200 شخص. كيف نفسر إذا فوز الرفض في الاستفتاء الشعبي بهذا الفارق الكبير؟
هنا نريد تحليل أربعة مسائل تساعد على فهم النتائج.
1- بلاء حكومة غابرييل بوريك وأوضاع العمال.
المسألة الأولى تتعلق بحكومة بوريك، والوضع الاقتصادي للبلاد، حيث قادت استمرارية النيوليبرالية الحكومية إلى تآكل متسارع في حجم تأييد بوريك، لا سيما في أوساط الشرائح الأكثر فقرا (بين أوساط الطبقة الوسطى العليا والبورجوازية لم يكن لبوريك أي وزن قط). الرفض الحكومي المتعلق بقضية نظام المعاشات التقاعدية أدى إلى خيبة أمل الكثير من العمال، كما أن أوضاع الفقراء المعيشية لم تتحسن منذ وصول بوريك إلى السلطة، بل ارتفعت نسبة العنف والفقر، وبقيت حقوق العمال في حالة عدم استقرار، وارتفعت كلفة المعيشة بشكل فلكي. إننا نعلم أن بوريك ليس المسؤول الوحيد عن هذه الظروف، حيث أن هذه المشاكل مستمرة منذ عقود، ومرتبطة بالوضع العالمي. ومع ذلك، على الرغم من خطابه، كانت حكومة بوريك وستبقى تعبر عن استمرارية نهج حكومات الثلاثين عاما الماضية، بدلا من التغيير. إنه لم يتخذ أي إجراءات مهمة لمواجهة اللامساواة الاجتماعية، وتحسين مستويات المعيشة لأفقر قطاعات السكان. يتحدث بخطاب يساري، لكنه يتبع نفس نهج حكومات الكونسرتاسيون السابقة: إنه يحاول اقتراح إصلاحات لمنح بعض الفتات لمن هم في القاع، لكن ينتهي به الأمر بسرعة إلى الاستسلام لضغوط من هم في القمة.
وهكذا تحول رفض الحكومة بشكل شبه تلقائي إلى رفض الدستور الجديد. المسؤولية المباشرة تقع على بوريك والأحزاب التي تشكل الحكومة: “الحزب الإشتراكي التشيلي” و”الجبهة العريضة” و”الحزب الشيوعي”.
2- حملة البرجوازية “ولامبالاة التقدمية”
كانت البرجوازية الشيلية ومن يمثلها (من سياسيين، وصحافيين، وأكاديميين، ومؤثرين) يقومون بحملات شديدة ضد المؤتمر الدستوري. في الأصل، كان للاتفاقية سلسلة من العقبات التي تحول دون تطبيقها، والتي فرضتها الأطراف التجارية، ولكن قبلها “اليسار” نفسه. ويشمل ذلك أولئك الذين تفاوضوا على اتفاقية السلام (التي حددت نصابا بنسبة 2/3، وجعلت من المستحيل مواجهة اتفاقيات التجارة الحرة في الاتفاقية االدستورية، وما إلى ذلك). كان الغرض من هذه الاتفاقية هو حماية ممتلكات المجموعات الاقتصادية الكبرى خلال العملية التأسيسية.
الجناح اليميني لم يتمكن من الحصول على ثلث التمثيل، ولكن مع “الكونسرتاسيون” السابق وحلفائه (الجبهة العريضة والحزب الشيوعي) كان قادرا على إحباط مبادرات التغيير. وهكذا، في الوقت الذي نسف فيه الجناح اليميني الاتفاقية بأخباره الكاذبة، قام حلفاؤه اليساريون بتكييف المستقلين، وتوصلوا إلى اتفاقيات “معقولة” لم تغير البلد بشكل جذري. وبهذه الطريقة، تم رفض كل المقترحات التي يمكن أن تحدث تغييرات أعمق في حياة السكان.
كبار رجال الأعمال، الذين يسيطرون على وسائل الإعلام، قاموا بتطوير حملة أكاذيب قوية فيما يتعلق بما يجري النقاش حوله لإبرام الاتفاقية، وقد ولدت هذه الأكاذيب تشوشا هائلا في وعي العمال والشعب، حيث قيل لصغار الفلاحين إنه سيتم تركهم دون المياه اللازمة لمحاصيلهم، كما تم إخبار العمال إنه سيتم سحب معاشاتهم التقاعدية، ولن يعود لديهم مساكنهم الخاصة. وقد اقترن هذا بحملة كبرى حول الشيوعية المزعومة، أو بالأحرى التشافيزية الموجودة في الدستور الجديد، وهي حملة أعيد إنتاجها والتأكيد عليها من قبل مئات آلاف الفنزويليين الذين يعيشون في تشيلي، والذين أصيبوا بخيبة أمل عميقة على يد الحكومات التشافيزية التي كانت تدعي أنها اشتراكية.
كانت مواجهة حملة مليونيري اليمين مهمة صعبة للغاية. وكان التصدي لها بشكل صحيح يتطلب تنظيم آلاف النشطاء الشباب والعمال من خارج إطار الاتفاقية لدحض كل جزء من الأخبار المزيفة، والتحشيد للضغط على صناعها. لكن نداء الحزب الشيوعي “لتطويق المؤتمر” لم يتجاوز كونه عبارة فارغة.
من ناحية أخرى، لم تستفد المكونات المستقلة للحركات الاجتماعية والقائمة الشعبية من دعم أكثر من 600 منظمة اشتراكية وشعبية كانت قد وقّعت على بيان رئاسة الشعب في بداية الاتفاقية. وهكذا، بينما كانت البرجوازية واليمين يشنون هجومهما، بقيت الحركة الجماهيرية غير مبالية. هذه مسؤولية تتحملها مباشرة الأحزاب التي تقود منظمات الطبقة العاملة حاليا (الجبهة العريضة، والحزبين الشيوعي والإشتراكي)، والمستقلين الذين يقودون الحراك الاجتماعي.
أخيرا وليس آخرا، كانت حملة الرفض قد تلقت تمويلا كبيرا. وفقا للبيانات التي نشرتها مؤسسة “سول”، فإنه من بين المنظمات العشرين التي تلقت أكبر عدد من التبرعات في البلاد ، تلقى خيار “الرفض” تمويلا بأكثر من 1.4 بيزو، فيما تلقت “الموافقة” 78 مليونا. جاء هذا المبلغ الضخم من المال لريتشازو من بعض أغنى العائلات في البلاد، مثل سولاري وفون أبين.
3- التصويت الإجباري
منذ عام 2012، كان التصويت في تشيلي طوعيا. لكن التصويت الإجباري أدى إلى زيادة المشاركة الانتخابية من 50٪ إلى 85٪ (الغرامات ستكون مرتفعة جدا لمن لا يشاركون، وهو أمر مختلف تماما عما يحدث في البلدان الأخرى التي يكون فيها التصويت إجباريا أيضا). هذا يعني أن ملايين الأشخاص الذين لم يصوتوا في العادة شاركوا في الانتخابات. كان عدد كبير من هؤلاء “الناخبين الجدد” يميلون إلى الرفض. يمكننا أن نفترض أن جزءاً مهما من هذه الكتلة يتكون من أكثر قطاعات المجتمع غير المسيسة، أولئك الذين لا يشاركون عادة في المظاهرات، ولا يصوتون، ويستهلكون المعلومات التي تصلهم من خلال وسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي، دون انتقاد. وإذا قارنا عدد أصوات “الموافقة” بين الاستفتائين الأول والثاني، فسنرى فرقا يبلغ حوالي مليون صوت. في الاستفتاء الأول، صوت 5.9 مليون شخص لصالح “الموافقة”، بينما بلغ عدد أصوات “الموافقين في الاستفتاء الثاني 4.8 مليون. بعبارة أخرى، وفقا للأرقام، خسرت “الموافقة” ما يزيد قليلا عن مليون صوت. كما يجب أن نذكر بأنه في الاستفتاء الأول كانت هناك قطاعات من اليمين منحازة لـ “الموافقة”جواكين لافين، والديمقراطيين المسيحيين. لكن من أجل الحصول على رؤية أكثر دقة لأصوات “الرفض” والموافقة” بالأرقام المجردة، علينا تحليل كل كميونة في البلد.
من الأساسي أن نفهم أن العمليات الانتخابية في الرأسمالية تلعب، دائما تقريبا، دورا ضد النضال الاجتماعي، حيث أن “الكتلة الصامتة” هي التي تفرض نفسها، وليس الآلاف أو الملايين التي تكافح من أجل تغيير المجتمع. يساعد التصويت الإجباري القطاعات الأكثر محافظة، لأنه يحرك كتلة ضخمة، ذات وعي طبقي ضئيل للغاية، للتصويت. ويمكن للحركة الجماهيرية أن تغير في اللحظات الحاسمة، كما حدث في الاستفتاء الأول دون وجود التصويت الإلزامي. من المحتمل جدا أن ينتصر الرفض بدون تصويت إلزامي، ولكن قد يكون النصر أضيق كثيرا.
4- خيبة الأمل تجاه العملية التأسيسية لدى غالبية السكان
إلى جانب الأكاذيب التي اخترعها اليمين، فإن العملية التأسيسية والدستور الجديد فشلا في ملامسة احتياجات ملايين الناس. لقد حاولت الأحزاب الحكومية، بدعم من اليمين في كثير من الأحيان، رفض معظم التعديلات التي اقترحت إحداث تغييرات حقيقية في البلاد وفي الظروف المعيشية لغالبية السكان. وهكذا، تم إلغاء العديد من الإجراءات التي كان من الممكن أن تولد دعما شعبيا كبيرا للدستور الجديد. على سبيل المثال لا الحصر: إلغاء التعاقد الفرعي، وتأميم مناجم النحاس الكبرى، الأمر الذي من شأنه أن يتيح إمكانية تمويل الإنفاق على الحقوق الاجتماعية، وفرض ضرائب على الثروات الكبيرة، وتخفيض رواتب السياسيين.. إلخ.
الدستور الجديد لا يتضمن اتخاذ تدابير فورية من أجل تحسين الظروف المعيشية للعمال، سواء من حيث زيادة الرواتب، أو تقليل أيام العمل، كما أنه لا يذكر كيف سيمول الحقوق الاجتماعية، وما إلى ذلك. والمكاسب التي انتزعتها الحركة الجماهيرية لم تكن كافية لمواجهة أكاذيب اليمين، وكسب ملايين العمال والفلاحين والسكان في كافة أنحاء البلاد.
التفسيرات المختلفة للنتائج
كبار رجال الأعمال وأحزابهم السياسية التقليدية سعداء بانتصار الرفض. بعد ظهور النتيجة، احتفت شخصية بارزة في أوساط البرجوازية التشيلية، وهو أندرونيكوس لوكسيتش، على شبكات التواصل الإجتماعي. كما كانت هناك احتفالات كبرى في مقرات الأحزاب اليمينية. وقد انخفض الدولار مقابل البيزو، ما يدل على أن السوق المالية تتعاطف أيضا مع تلك النتيجة. كل كبار رجال الأعمال كانوا يحتفون بالنتيجة، كما ورد في نسخة يوم 9/5 لصحيفة “إيل ميركيريو”. لكن احتفالات الرفض كانت صغيرة ومقتصرة على مدن قليلة: أنتوفاغاستا، وتيموكو، والأحياء الغنية في سانتياغو. في الكوميونات الشعبية، لم يكن هناك احتفاء. اليمين يدعي الانتصار، وسيزيد من تصعيد خطابه المناهض للشيوعية، وللسكان الأصليين، بل وللشعب.
يريد اليمين أن يصور انتصار الرفض على أنه هزيمة للحركة الاجتماعية التي بدأت في 18 أكتوبر. لا شيء أبعد عن الحقيقة من ذلك. 18 أكتوبر كان هو الانفجار الذي فتح الباب أمام الكادحين لتحقيق انتصارات تمثلت في سحب نظام المعاشات التقاعدية، والعملية التأسيسية نفسها. حقيقة أنه لا يوجد حتى اليوم تغيير اجتماعي حقيقي مردها تحديدا سيطرة الأحزاب السياسية اليمينية، ومن ثم الإصلاحية، على كل من الحكومة والمؤتمر الدستوري.
من جانبها، أدركت حكومة غابرييل بوريك الهزيمة وبدأت بالفعل في إعادة تنظيم فريقها، حيث ستميل، بلا شك، إلى اليمين أكثر. إذا كان لا يمكننا من قبل من توقع أي شيء من هذه الحكومة، فكل ما يمكننا توقعه الآن هو المزيد من التنازلات لكبرى الشركات، والمزيد من الهجمات على كل من العمال و”المابوتشي”.
الحزب الشيوعي، كما هو الحال دائما، لديه “كاتالوغ” من التفسيرات المختلفة، التي تمكنه من إرضاء كل من اليمين واليسار. الشخصيات الأكثر ارتباطا بالحكومة، مثل كارول كاريولا، اعترفت بسرعة بانتصار “الديمقراطية”، ووعدت بتغيير المسار، فيما نسبت شخصياتهم الأكثر “يسارية”، من أمثال جادو، أو ماركو بارازا، انتصار الرفض إلى حملات أثرياء اليمين، دون أي انتقاد للحكومة أو المؤتمر.
المكونات السابقة للحراك الإجتماعي، مثل ألوندرا كاريلو، أشارت أيضا إلى الاتجاه الأخير. رغم إدراكهم أن انتصار الرفض ليس سوى هزيمة انتخابية للحركة الجماهيرية، إلا أنهم لا يوجهون أي انتقاد لمسؤولية الحكومة، ولا يقدمون أي تقييم للدور الذي لعبته في تحييد الشباب والعمال، بينما كان اليمين يتقدم.
هل تقترب الصيرورة التي بدأت في 18 أكتوبر من نهايتها؟
انتصار “الرفض”، من وجهة نظرنا، هو ضربة للحركة الجماهيرية التي خرجت إلى الشوارع ابتداء من 18 أكتوبر، بل ويضعنا في موقف دفاعي. حكومة غابرييل بوريك ستتجه إلى اليمين بشكل أكثر، وستقدم تنازلات هائلة للشركات الكبرى. إصلاحاتها “التقدمية” الضيقة لن تذهب أبعد مما هي عليه، بل وستعزز أجندتها القمعية ضد المابوتشي والشباب والعمال. ومن المحتمل جدا أن تضعف الحكومة أكثر، ما سيؤدي إلى نمو اليمين المتطرف، الذي نجح في الاستفادة من السخط الشعبي. الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد سيستمر في التفاقم، وبالتالي ستبقى قطاعات واسعة من السكان في حالة الاستياء. ومن المحتمل جدا أن تستمر نضالات العمال والشباب، والتي قد يتم قمعها بشكل أكثر قسوة. لكن من غير المحتمل أن نشهد “انفجارا اجتماعيا” جديدا على المدى القصير، لأن الحركة الجماهيرية باتت اليوم أكثر انقساما، وقد تعاني القطاعات الأكثر راديكالية من إحباط حقيقي بعد نتيجة الاستفتاء.
المظاهرات التي اندلعت مؤخرا تؤكد أن الحركة الجماهيرية ما زالت حية، وأن هناك طاقة اجتماعية هائلة لإحداث تغيير عميق. لكن الخطر الأكبر الذي يواجه الملايين منا، الذين نزلوا إلى الشوارع، هو أن قطاعا من الشباب الشعبي، وطليعة الطبقة العاملة في النقابات، سيصاب بالإحباط، ويلقي بالراية. هذا سيتيح لكبار رجال الأعمال امتلاك الفرصة لعرض الأفكار الأكثر رجعية على العمال دون أن ينازعهم أحد في ذلك. إذا حدث هذا، فقد نشهد اختتام الصيرورة الثورية التي بدأت في 18 أكتوبر. وهناك خطر آخر مهم يتمثل في القمع الممارس ضد أولئك الذين هم ليسوا جزء من “مواثيق الوحدة الوطنية” التي ستبرمها الحكومة مع الشركات الكبرى. ومن الأمثلة على ذلك قضية اضطهاد هيكتور ليتول، والإبقاء على السجناء السياسيين.
وبالتالي، فإن مهمتنا الرئيسية اليوم هي تفسير نتائج الانتخابات بشكل صحيح، وتحديد أعدائنا. إن كلا من البرجوازية الكبيرة التي قادت “الرفض”، وحكومة غابرييل بوريك، هم أعداء الحركة الشعبية والعمال، ولا يمكننا أن نتوقع شيئ من كلا القطاعين.
ما هي مهام العمال والشباب؟
هذا يعني أن علينا إعادة تنظيم قواتنا وسبل نضالنا، بحيث يشمل ذلك كل من قطاعات الحركة الشعبية، وطليعة العمال في النقابات وأماكن العمل، والشباب الذين يواصلون النضال في المدارس، والتجمعات البيئية، والشعوب االأصلية، والحركة النسوية، وما إلى ذلك. يجب أن نؤسس طريقا مشتركا للنضال، وأن ننظم أنفسنا بشكل مستقل عن الحكومة، ودعواتها لإصلاح دستور العام 1980 القديم. على منظمات الطبقة العاملة، والشباب، والحراكات المختلفة توحيد نضالها في إطار برنامج مشترك. باتت مهمة تنظيم لقاء وطني واسع، يشمل كافة القطاعات الشعبية، والعمال، والشعوب الأصلية، لمناقشة الخطوات التالية لنضالنا مهمة ملحّة.
بانتصار ريتشازو، بقيت الدولة التشيلية، وأحزابها، ومؤسساتها، هشّة، وكان من الممكن أن يحدث هذا أيضاً مع انتصار “الموافقة”، رغم أنه سيكون من المحتمل وقتها امتلاك ظروف أفضل للكفاح من أجل إحداث تغييرات فورية. إن إنهاء العملية التأسيسية يوضح فشل تلك الإستراتيجية في قهر التغييرات الاجتماعية. لقد أثبتت حكومة غابرييل بوريك، والأحزاب التي قادت المؤتمر الدستوري، أن استراتيجيتها في المصالحة لا تؤدي إلا إلى الهزيمة، والإحباط، وصعود اليمين.
من وجهة نظر الطبقة العاملة والشعب، علينا العودة إلى القواعد الشعبية، وتعزيز الحراكات الشعبية، ومجموعات الشباب، والمنظمات السكانية، واستعادة النقابات من البيروقراطية، حتى نناضل من أجل ظروف معيشية أفضل.
يجب أن نحافظ على ثبات كافة الشعارات التي رفعناها في السنوات الأخيرة، كالنضال من أجل التعليم العام المجاني، وإنهاء التعاقد الفرعي، وقانون العمل لبينوشيه، وكذلك من أجل إنهاء نظام المعاشات التقاعدية. ويجب أن تكون هذه الشعارات الديمقراطية مقترنة بنقاش عميق حول ماهية البلد الذي نحتاجه حتى تتمكن الطبقة العاملة، التي تنتج كل ما هو موجود، من العيش بكرامة. في رأينا، يتضمن هذا المشروع تحرير تشيلي من هيمنة الإمبريالية (البنوك عبر الوطنية والبنوك الأجنبية) والعائلات الأكثر ثراء في البلاد. أولئك الذين يمتصون كل الثروة التي يمكن أن تحل كافة المشاكل الاجتماعية والبيئية. نعتقد أن النضال من أجل تأميم تعدين النحاس والليثيوم، تحت سيطرة العمال والمجتمعات المحلية، هو شعار إستراتيجي، يجب أن نرفعه في كل موقع عمل، وتعليم، وإسكان، ليتم تجسيده بحزم على يد الشعب العامل.
كما طرحنا في الحركة الأممية للعمال على طليعة الطبقة العاملة والشباب حاجتنا لبناء حزب جديد، حزب ثوري يتبنى برنامج السيادة الوطنية هذا، من أجل حكومة حقيقية للطبقة العاملة والشعوب، ومن أجل بناء الاشتراكية في تشيلي وفي العالم. لدينا اليوم الدليل على أنه لا أحزاب اليمين ولا أحزاب “اليسار”، مثل جبهة أمبليو أو الحزب الشيوعي، تدافع عن مشروع يخدم الطبقة العاملة والشعوب الأصلية. ندعوا كافة المناضلين إلى الانضمام لبناء الحركة الأممية للعمال، والنقاش لإقرار مسار ثوري من أجل تجاوز الفقر واللامساواة في بلدنا.
ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس بيان شمس