أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - الحزب الشيوعي المصري - قراءة نقدية في وثيقة سياسة ملكية الدولة أحد موضوعات مشاركة الحزب الشيوعي المصري في الحوار الوطني في أكثر القضايا التي تشغل اهتمام شعبنا















المزيد.....


قراءة نقدية في وثيقة سياسة ملكية الدولة أحد موضوعات مشاركة الحزب الشيوعي المصري في الحوار الوطني في أكثر القضايا التي تشغل اهتمام شعبنا


الحزب الشيوعي المصري

الحوار المتمدن-العدد: 7383 - 2022 / 9 / 26 - 22:55
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


قراءة نقدية في وثيقة سياسة ملكية الدولة

ــــــــــــــــــــ يوسف شوقي .. عضو مكتب الشباب بالحزب الشيوعي المصري

فى افطار العائلة المصرية فى رمضان 2022 وجه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى بعقد مؤتمر صحفى عالمى يناقش الإجراءات التى ستتخذها الدولة لمواجهة الازمة الروسية - الاوكرانية، واعلن عن خطة جديدة لإشراك القطاع الخاص فى الاصول المملوكة للدولة حيث ستتم المشاركة بواقع 10 مليار دولار سنويا لمدة 4 سنوات. ولم تمر بضعة اسابيع حتى عُقد المؤتمر الصحفى برئاسة د. مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء حيث تمت مناقشة عواقب الازمة الاقتصادية العالمية على مصر والعالم وان الحكومة تنوى التفاوض مع صندوق النقد الدولى على قرض جديد لمواجهة الازمة، وتم الاعلان عن ضم أكبر سبعة موانئ فى مصر تحت مظلة شركة قابضة وسيتم طرح الشركة فى البورصة والسماح للقطاع الخاص بشراء اسهم فيها وادخال اعضاء في مجلس ادارتها، واخيرا تم الاعلان عن وثيقة سياسة ملكية الدولة وسُميت "الدستور الاقتصادى الجديد" حيث سيعاد رسم خريطة الاستثمار فى المجالات المختلفة بشكل يُمكِن القطاع الخاص من الدخول فى كافة القطاعات الانتاجية لتصنيع مختلف السلع والقطاعات الخدمية كالصحة والتعليم، حيث ترى الحكومة الحالية ان ذلك سيعود بالنفع على الاقتصاد المصرى والمجتمع منعكسا على ارتفاع معدلات النمو من 7% الى 9% وخلق سوق تنافسى يجذب الاستثمار الاجنبى وتحسين ادارة الدولة لأصولها، اخذة بتوصيات المؤسسات الدولية كمؤسسة التعاون والتنمية OECD والبنك الدولى.
ويمكن ان نرى الوثيقة فى ضوء السياسة التنموية التى تنتهجها الحكومة متمثلة فى الاعتماد على الاقتراض من صندوق النقد الدولى والذى لديه شروط للاقراض من اهمها: الخصخصة واشراك القطاع الخاص فى ادارة اصول الدولة وتخفيض نفقات الحكومة على الخدمات الاجتماعية من خلال الاجراءات التقشفية وفتح الباب امام الاستثمار الاجنبى.
فى هذه القراءة سنعرض ملخصا لما جاء فى الوثيقة ثم سنبين عما تحتويه من عواقب على الاقتصاد والانسان المصرى وفى النهاية سنطرح رؤيتنا لتحسين سياسة ملكية الدولة.

عرض موجز للوثيقة

تبدأ الوثيقة بالحديث عن رغبة الحكومة فى اجراء اصلاحات شاملة لاعادة تعيين ملكية الدولة بدأً ببرنامج الاصلاح الاقتصادى فى 2016 والكثير من الاجراءات التى حازت ثناء المؤسسات الدولية كتعديلات قانون 185 لعام 2020 والذى حدد اليات نقل ملكية الدولة للقطاع الخاص، وتعديل قانون 203 لتعزيز الشفافية وتصفية اصول الدولة (الخاسرة؟) وبدأ طرح شركات القوات المسلحة فى البورصة واخيرا اطلاق البرنامج الوطنى للاصلاحات الهيكلية فى 2021 والذى عول على القطاع الخاص فى توليد النمو والتنمية الاقتصادية.
وبعد تحديد اهداف الوثيقة ومنهجيتها تم تحديد ثلاثة توجهات لملكية الدولة وهم:
1. تخارج خلال 3 سنوات: حيث ستترك الدولة تلك القطاعات للقطاع الخاص بشكل تام فى الفترة القادمة.
2. استمرار تواجد الدولة مع التثبيت او التخفيض: اى ان الدولة ستنسحب نسبيا من تلك القطاعات لصالح القطاع الخاص مع الحفاظ على حد ادنى لملكيتها.
3. استمرار تواجد الدولة مع التثبيت او الزيادة: وهى قطاعات من المفترض ان الدولة ستزيد استثمارها فيها ولكنها ستسمح للقطاع الخاص بالدخول فيها ايضا.


بالنسبة للتوجه الاول (تخارج خلال ثلاث سنوات) فشمل تجارة التجزئة والانشطة الزراعية (عدا زراعة القمح) وانتاج مياه الشرب وانشاء الموانىء وتشييد العقارات مع استمرار الدولة فى بناء الاسكان تحت المتوسط. وبالنسبة لقطاع الصناعة فان الدولة تنوى ان تخرج من معظم الصناعات وخصوصا صناعة الالكترونيات والالات.
وبالنسبة للتوجه الثانى (استمرار مع تخفيض) فيشمل قطاع ادارة وتشغيل وصيانة مترو الانفاق والتعليم ما قبل الابتدائى ومجال تجميع مياه الصرف ومعالجتها ومحطات رفع المياه ومجال التعدين وقطاع الكهرباء وخدمات الانترنت، ومجال الطاقة الجديدة وتشكيل المعادن.
وأخيرا التوجه الثالث (استمرار مع زيادة) فيشمل باقى قطاعات التعليم وتشييد البنية التحتية لقطاع النقل وقطاع قناة السويس وانشطة المعلومات وقطاع الصحة وقطاع انتاج الدواء وصناعة السفن.

وبعد ذلك تطرقت الوثيقة الى صندوق مصر السيادى ودوره فى تعزيز القطاع الخاص وزيادة الاستثمار الاجنبى. ثم الى موضوع التحول الرقمى وزيادة الكفاءة والثورة الصناعية الرابعة واشتراك القطاعين العام والخاص فى استثمارات الذكاء الاصطناعى والصناعات الدفاعية الذكية. وفى النهاية تم اختتام الوثيقة باقرار شروط تواجد الدولة فى النشاط الاقتصادى ثم القوانين المنفذة لتلك الشروط واخيرا وضع خريطة لتقسيم الاقتصاد بين القطاع الخاص والعام.

تعليق نقدي علي الوثيقة

فى البداية يجب القول ان الدولة قد عجلت من اصدار الوثيقة بدون قياس حقيقى لرؤية الشعب عن الازمة وطرح حلول لها فى ضوء قدرة الشعب المصرى على التحمل وخصوصا ان الوضع الاقتصادى منذ 2016 يزداد صعوبة بالنسبة الى اسر الطبقات الشعبية فى مصر. ان ذلك القياس كان من السهل القيام به اذا تم تأجيل الورقة لمدة شهر واحد فقط حتى يتم عقد اول جلسة من جلسات الحوار الوطنى فى 5 يوليو، ولكن الحكومة قررت الانفراد بالرأى وصياغة "دستور اقتصادى جديد" بدون مشاركة الشعب. بهذا يمكن ان يتحول الحوار الوطنى الى مجرد حوار يهدف الى تحقيق اصلاحات سياسية فقط بدون التطرق الى الاقتصاد ومشاكله وكأن القوى الشعبية ليس لها الحق فى مناقشة الامور الاقتصادية.
وبغض النظر عن محتوى الوثيقة ذاته فان الدافع لاطلاقها لم ينبع من رغبة شعبية او من رؤية الدولة او خطتها الوطنية النابعة من فهمها للوضع المصرى بل فى الاغلب نبع من رؤية المؤسسات الاقتصادية الدولية حيث كثرت الاشارة الى تلك المؤسسات فى الوثيقة وكأنها مؤسسات تكنوقراطية محايدة تقدم خططا وحلولا علمية للمشاكل وكأنها مكتب استشارات. ولكن فى الواقع تلك المؤسسات ليست محايدة عموما بل هى تمثل مصالح رأس المال الاحتكارى العالمى (متعدد الجنسيات) او كما يقال ال 1% وكما نعلم ففى الاغلب تتعارض مصالح رأس المال الاحتكارى مع مصالح الطبقات الشعبية فى العالم الثالث وايضا مع مصالح الرأسمالية الوطنية، واتضح ذلك فى كثير من بلدان العالم الثالث التى اتبعت نصائح وارشادات تلك المؤسسات حيث تعرضت فى النهاية لأزمات اقتصادية تولد عنها عدم استقرار اجتماعى.
انها كالطبيب الفاشل الذى يصف نفس "الروشتة" لكل المرضى؛ حيث ان تلك المؤسسات منذ السبعينيات وحتى الان تقدم حزمة القرارات المتمثلة فى الخصخصة والانفتاح الاقتصادى كونهما الحل الناجع لكل مشكلات العالم الثالث.
ولكن من المنطقى ان يكون لكل بلد مشكلاته الخاصة النابعة من مسيرة تطوره التاريخية ولذلك من البديهى ان يختلف علاج تلك المشكلات. لذلك كان من الافضل انطلاق الوثيقة من رؤية المصريين لطبيعة مشكلاتهم وكيف يساهم اعادة تعيين الملكية فى حلها؛ فكثيرا من الرؤى التم تم طرحها فى الوثيقة هى رؤى نابعة من الخارج (او من المؤسسات التى تمثل رأس المال متعدد الجنسيات)؛ فهل على سبيل المثال القطاع الخاص فى مصر مؤهل وراغب فى ان يتولى (حصرا) مهمة تحلية مياه الشرب وانشاء الموانىء وزراعة الغابات الشجرية؟!، وهل القطاع الخاص فى مصر والذى يتميز بالنزعة الريعية المبتعدة عن التصنيع قادر على تولى مهمة الاستثمار الصناعى بشكل حصرى فى اغلب القطاعات الصناعية؟!، هل حقا القطاع الخاص اكثر كفاءة من قطاع ملكية الدولة؟ هل توجد شواهد على ذلك بعيدا عن الإهلاك المتعمد لشركات القطاع العام الذى يهدف الى خصخصتها والايديولوجيا النيوليبرالية التى تبرر ذلك؟ ماذا عن نجاح شركات القوات المسلحة فى العديد من الأنشطة الاقتصادية ونجاح شركات الادوية فى قطاع الاعمال على سبيل المثال لا الحصر؟.
ومن الامثلة الاخرى على الرؤي المستوردة من المؤسسات الدولية رؤية ان معدل النمو يمكن استخدامه كمؤشر على تقدم الاقتصاد والمجتمع، فمن الممكن مثلا ان يرتفع معدل النمو مع انخفاض مستوى المعيشة ومعدل الاجر الحقيقى وهذا حدث بالفعل في مصر. وايضا يجدر الاشارة الى ثقة الوثيقة فى قدرة القطاع الخاص على تحسين المستوى المعيشى للناس من خلال تقديم سلع باسعار تنافسية، ان تلك الرؤية مثالية الى حد كبير لان القطاع الخاص عموما هادف للربح وبالتالى فان اى شركة مثلا تضع حد ادنى لارباحها لن تستطيع التنازل عنه ولو استطاعت رفع الاسعار ستفعل ذلك باتفاق ضمنى مع باقى الشركات وبالتالى فان المستهلك سيقع فريسة للقطاع الخاص ولن يضبط الامور الا وجود قطاع اخر يقبل بمعدل ربح متواضع نسبيا وهو اقتصاد الدولة ولكن من الواضح ان الوثيقة تتبنى رؤية تقول ان تواجد الدولة يعتبر تهديدا لمبدأ التنافسية المثالية. وفى الواقع توجد شواهد فى الوثيقة تثبت ان اعادة تعيين الاصول من اهدافه تعظيم ربح القطاع الخاص صراحةً كالتأكيد على ان مشاريع الشراكة التى سيقوم بها صندوق مصر السيادى سيكون لها عائد داخلى جاذب للاستثمار يتراوح بين 30% و40%، وهذا عائد ضخم للغاية سيتحمل تكلفته المستهلك.
من الاعتبارات التى لم يُلتفت اليها هو التفرقة بين القطاع الخاص الوطنى والقطاع الخاص الاجنبى (متعدد الجنسيات) وتم التعامل مع القطاع الخاص ككتلة واحدة منسجمة المصالح. ولكن من خلال تحليلنا للوثيقة فمن الواضح ان التمكين سيكون فى نصيب رأس المال الاجنبى، يتضح ذلك من خلال الاشارة الى تشجيع الاستثمارات الاجنبية وخصوصا عبر صندوق مصر السيادى وكون ذلك التشجيع جزء من شروط صندوق النقد.
يجب الاشارة هنا الى مدى الاستغلال الذى تقوم به الشركات متعددة الجنسيات فى العالم الثالث فهى مبدأيا تعمل في بيئة اقتصادية ما بعد تخفيض قيمة العملة (نتيجة تحرير سعر الصرف) وذلك فى العموم يؤدى الى زيادة سعر الواردات وانخفاض سعر الصادرات، بهذا عندما تستورد شركة اجنبية فى العالم الثالث من شركتها الام فى الغرب فهى تزيد من ارباح الشركة الام وعندما تصدر لها تخفف من عليها التكلفة. وغير ذلك يوجد الكثير من التلاعب فى عمليات الشراء والبيع. النقطة الثانية هى ان الشركات متعددة الجنسيات تمنع مشاركة التكنولوجيا مع الدول وبالتالى مهما كان تقدم التكنولوجيا المستخدمة هذا لن يصب فى مصلحة الاقتصاد الوطنى لان الشركات متعددة الجنسيات يمكنها ان تنقل نشاطها اذ ما تأثر معدل ربحها.
سنحاول الان تركيز الضوء على مشكلات تفصيلية فى الوثيقة حسب التوجهات الثلاثة.

فى التوجه الاول نجد ان الدولة تنوى الانسحاب التام من قطاع التشييد والبناء سواء بناء وحدات سكنية او منشئات تجارية ولكن تستثنى الوثيقة قطاع الاسكان الاجتماعى تحت المتوسط، ولكن نحن نرى ان الفئات المتوسطة وخصوصا من الشباب تحتاج الى دعم الدولة لايجاد سكن مناسب لها وخاصة فى ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض الدخول الحقيقية حيث ان القطاع الخاص الهادف للربح لن يقدم التسهيلات التى تقدمها الدولة للشباب.
وتنوى الدولة ان تنسحب من الصناعات الهندسية كالالات والمعدات والالكترونيات وهذا سيمثل خطرا كبيرا على مستقبل تطور الصناعة والتكنولوجيا فى مصر حيث ان القطاع الخاص الوطنى غير مهىء ليقوم بتصنيع المعدات والالكترونيات لانه يميل الى الربح الريعى السريع وتلك الصناعات تحتاج الى رأس مال ضخم ومركز بشكل كبير وبالتالى هذا سيفتح الباب امام احتكار راس المال الاجنبى لذلك المجال.

بالنسبة للتوجه الثانى فان الدولة تنوى الانسحاب التدريجى عبر تخفيض الاستثمارات من التعليم ما قبل الابتدائى (الروضة) وهذا كفيل بان يرفع من مصاريف الاسر بشكل كبير فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها بسبب ارتفاع مصاريف المدارس الخاصة ووضعهم لشروط تعسفية لقبول الاطفال هناك وارتفاع اسعار الحضانات وبالتالى سيلجىء الاهل الى الاستعانة بالجدة والجد لترك الاطفال اثناء فترة العمل الصباحية ولكن هذا بالطبع سيؤثر على القدرات الاجتماعية والتفاعلية لدى الاطفال مما سيجعلهم غير مؤهلين بالدرجة الكافية فى المرحلة الابتدائية مقارنة بزملائهم الذين ارتادوا الحضانات او الروضة. وفى حالة وفاة الجدة والجد او عدم قدرتهم على رعاية الاطفال فان الام فى الاغلب ستضطر الاستقالة من العمل حتى يصل الاطفال الى المرحلة الابتدائية مما سيؤدى الى خفض مستوى دخل الاسرة.
وبالنسبة للانسحاب التدريجى من قطاع المياه والصرف والتعدين واستغلال المحاجر فان ذلك بدوره يمكن ان يؤدي الى نشأة ظاهرة العقود الاحتكارية طويلة الأجل.
وتنوى الدولة تخفيض استثمارها فى قطاع الانترنت والسؤال هنا هل القطاع خاص يدير قطاع الاتصالات والانترنت بكفاءة حتى يكون من حقه ان يأخذ نصيبا اكبر ؟!، ان سعر الدقيقة فى مصر من اعلى الاسعار عالميا وعلى الرغم من ذلك فان جودة الاتصال سيئة للغاية ونفس الامر ينطبق على الانترنت بغض النظر عن تذرع القطاع الخاص بضعف البنية التحتية حيث ان البنية التحتية قادرة على توفير انترنت مجانى ولكن القطاع الخاص لن يقوم بذلك للحفاظ على ارباحه الفاحشة.
ومن القطاعات الهامة التى تنوى الدولة ان تخفض استثمارها فيه هو قطاع الطاقة الجديدة فى الصناعات الهندسية كاستخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتشغيل المصانع والسؤال هنا هل القطاع الخاص الوطنى قادر على الاستثمار فى هذا المجال ام سيتم تركه لاحتكار الشركات متعددة الجنسيات؟
وفى التوجه الثالث (تثبيت مع زيادة) كل اعتراضنا ان المجالات التى تنوى الدولة زيادة الاستثمار فيها محدودة وخصوصا المجال الصناعى عموما واحتفظت الدولة لنفسها بالمجالات السيادية كقناة السويس والسكة الحديد ومترو الانفاق والطيران والتعليم والإذاعة والتلفزيون. ولكن المثير للاهتمام هنا ان الوثيقة تضع بين قوسين الاتى: "مع السماح بمشاركة القطاع الخاص" بدون ان تحدد مدى تلك المشاركة ولا القطاعات التى ستتم المشاركة فيها. وما يزيد من الامر حيرة هو ان التوجه الثالث لم يقر بأن الدولة سيكون لها النصيب الاكبر فى تلك القطاعات بل فقط ستزيد من استثماراتها، هذا يمكن ان يؤدى الى امتلاك القطاع الخاص للنصيب الاكبر من تلك المجالات الواقعة تحت التوجه الثالث حتى مع زيادة استثمارات الدولة فيها حيث انه لا يوجد حديث واضح بشأن حصة كل قطاع من الاستثمار فى مجالات ذلك التوجه.
ثم ننطلق الى نقطة هامة تتعلق بنية الدولة مشاركة القطاع الخاص فى تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، وبالطبع من المفهوم ان القطاع الخاص هنا يشمل بشكل شبه حصري الشركات متعددة الجنسيات. وتلك المحاولات ليست بجديدة ففى الستينيات والسبعينيات كانت تتم المحاولات فى العالم الثالث تحت مسمى "نقل التكنولوجيا" ولكنها لم تجدى نفعا فى تطوير البنية الصناعية للبلدان النامية واخراجها من دائرة التبعية والتخلف بل زاد الامر سوءا بسبب ان تلك البلدان (حتى الان) لا تمتلك قاعدة بحث علمى وطنى يدعم التطبيق الداخلى للتكنولوجيا ولذلك تم الاعتماد على الخبرات الاجنبية فى الاغلب، وبالاضافة الى ذلك نجد ان نقل التكنولوجيا ينطوى فى كثير من الاحيان على ارسال الات مجهزة او روبوتات جاهزة للعمل (فى حالة الذكاء الاصطناعى) بقطع غيارها وكل مشتملاتها وبالتالى لا يعتبر هذا نقلا للتكنولوجيا بل مجرد نقل لمنتجاتها لان النقل لم يحتوى على نقل العلم والنظريات والمخططات التى ساهمت فى انتاج التكنولوجيا.
النقطة الاخيرة هى ان الوثيقة تؤكد على ان تبنى تقنيات الثورة الصناعية الرابعة سوف يزيد مكاسب الاقتصاد المصرى بنسبة 43 مليار دولار عام 2030 ولم توضح الوثيقة كيفية حدوث ذلك ولكن يمكننا القول ان المكاسب ستنبع فى الاغلب من ان تلك التقنيات كثيفة رأس المال اى انها لا تحتاج الى كثير من العمالة وبالتالى سيتم توفير اجور العمال والموظفين. والنقطة هنا ان ذلك كفيل بأن يزيد من معدل البطالة والفقر وبالتالى يؤدى ذلك الى عدم استقرار اجتماعى.

مقترحات لتحسين سياسة ملكية الدولة:

1. اعداد وثيقة بناء على رؤية وطنية مرتبطة بتجربة مصر فى ادارة قطاع ملكية الدولة (بإيجابياتها وسلبياتها) واعادة تقييم دور القطاع الخاص المصرى وعدم نسب صفات هلامية له لا يؤكدها الواقع وبالتالى عدم الاعتماد على رؤية المؤسسات الدولية الغربية.
2. استخدام مؤشرات اكثر دقة لقياس التقدم فى مصر كمستوى المعيشة والاجور الحقيقية.
3. وضع خطة دقيقة للاستفادة من الاستثمار الاجنبى وتجنب بقدر الامكان اضراره وعدم تقديم تنازلات لاجتذابه.
4. رفض طرح شركات القوات المسلحة فى البورصة حتى لا يؤدى ذلك الى خصخصة ذلك القطاع.
5. ازالة التوجه الخاص بتخارج الدولة التام خلال 3 سنوات حيث ان ذلك كفيل بان يشيع الفوضى فى القطاع الصناعى المصرى. وان لزم الامر يمكن نقل بعض المجالات الى التوجه الثانى مثلا كخدمات الاقامة والغذاء وتجارة التجزئة والتشييد والبناء.
6. بالنسبة الى التوجه الثانى يجب وضع حد ادنى لتخفيض الاستثمارات الحكومية وحد اقصى لمشاركة القطاع الخاص، ويجب زيادة الدولة لاستثمارتها فى التعليم ما قبل الابتدائى.
7. فى التوجه الثالث يجب توضيح مدى السماح بمشاركة القطاع الخاص وفى اى من المجالات ويجب الاقرار بان الدولة سيكون لها النصيب الاكبر من تلك المجالات. ويجب ضم فى ذلك التوجه الصناعات الهندسية وخصوصا الالكترونيات والمعدات والالات و انتاج الحديد والصلب والفحم وانشطة المياه والصرف وبالطبع التعدين واستغلال المحاجر والقطاع الكهرباء والانترنت والاتصالات والطاقة الجديدة.
8. تبنى نموذج مستدام لاستدخال التكنولوجيا يتمثل فى مراعاة الظروف الداخلية كعدد السكان واحتياجاتهم ومن ذلك المنطلق يمكن ان تستقبل البلاد التكنولوجيا بشكل تدريجى يتماشى مع معدل تطور المجتمع المصرى فى حل مشكلاته كمشكلة زيادة معدل المواليد وبالتالى يمكن استخدام خليط من الصناعات كثيفة العمال والصناعات كثيفة رأس المال لتقليل معدل البطالة من جهة والحفاظ على التطور التكنولوجى من جهة اخرى.

9. نرفض بشكل قاطع فكرة طرح الشركة القابضة للموانئ المزمع انشاءها فى البورصة، حيث ان تلك تعتبر مسألة امن قومى بالنسبة لمصر فلا يجوز ان يتضمن اعضاء مجلس الادارة مستثمرين اجانب او حتى مستثمرين محليين.
10. نؤكد على ان الخصخصة ليست حلا لمشاكل انخفاض الكفاءة والربحية فى الشركات المملوكة للدولة، والحل الامثل هو اصلاح الشركات من الداخل وتغيير هيكلها الادارى لجعلها اكثر توجها للربح وتحقيق النتائج وتزويد موظفيها بالتدريبات اللازمة لرفع الكفاءة. حيث ان القطاع الخاص الذى يشترى الشركات يقوم بتلك الاصلاحات وبالتالى تُضيع الدولة على نفسها فرصة اصلاح شركاتها وزيادة ارباحها وتقدم الفرصة للقطاع الخاص على طبق من ذهب.
11. نرفض ايضا خصخصة الشركات المملوكة للدولة والتى كانت تدر ربحا فيما سبق كالشركة الوطنية لانتاج وتوزيع المواد البترولية (وطنية) وهى شركة تابعة للقوات المسلحة وبالطبع قلعة الحديد والصلب وشركات الاسمنت والاسمدة وشركة النصر لانتاج الفحم والكوك. ان تلك الشركات كانت تدر ارباحا كبيرة؛ فشركة الكوك حققت مكاسب 114 مليون جنيه مؤخرا. وبهذا قضت الحكومة والوزير هشام توفيق (وزير قطاع العام) على قلاع صناعية كان يمكنها بعد التطوير ان تزيد من حماية الاقتصاد المصري من الازمات والتقلبات.
12. لم تذكر الوثيقة اى شىء بشأن قطاع التعاونيات، وبالتالى من المهم وضع خطة لاصلاح التعاونيات فى مجال الزراعة وتنميتها وايضا تشجيع التعاونيات فى مجال الشركات الصناعية، حيث ان ذلك القطاع اثبت قدرته فى كثير من الدول النامية على التوزيع العادل للارباح ودعم الموظفين والعمال العاملين فيه.
13. واخيرا تبنى استراتيجية تنموية تهدف الى التصنيع بكافة مستوياته والتركيز على انتاج ما يحتاجه الشعب المصرى وتوجيه الاقتصاد نحو تحقيق الاهداف القومية كرفع مستوى المعيشة. وعدم الاعتماد بشكل اساسى على الاقتراض من الخارج وخصوصا من المؤسسات الدولية الغربية وان لزم الامر يمكن اللجوء للبنوك الصينية والآسيوية والافريقية.



#الحزب_الشيوعي_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن ذوى الإعاقة (المشكلات والحل) ..... من مشاركات الحزب الشيو ...
- المطالب العاجلة بشأن العدالة الاجتماعية..... من مشاركات الحز ...
- مشاركة الحزب الشيوعي المصري في الحوار الوطني في أكثر القضايا ...
- مشاركة الحزب الشيوعي المصري في الحوار الوطني في أكثر القضايا ...
- مشاركة الحزب الشيوعي المصري في الحوار الوطني في أكثر القضايا ...
- جرائم العدوان الصهيوني الوحشية على غزة تستدعى تحرك المجتمع ا ...
- رفع أسعار المترو والسكة الحديد استمرار لاستنزاف الكادحين وال ...
- الحوار مع الإرهابيين ضرب لمفهوم الدولة الوطنية والمدنية
- التورط في أي تحالف أمريكي صهيوني خضوع للهيمنة الإسرائيلية ال ...
- كلمة شباب الحزب الشيوعي المصري في منتدي الشباب الصيني العربي
- نعي فقيد اليسار والحركة العمالية المصرية
- بيان عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري
- تهمة (ازدراء الأديان) سيف مسلط على حرية الفكر والتعبير
- ينعى رحيل الكاتبة المناضلة نوال السعداوي
- تطبيع السلطة السودانية مع إسرائيل طعنة جديدة في ظهر الشعب ال ...
- كل التضامن مع انتفاضة الشعب اللبناني ضد سياسات الإفقار والطا ...
- الخروج من المأزق الراهن وحماية البلاد من الفوضى يتطلب سياسات ...
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ...
- قمة البحرين الاقتصادية مؤامرة أمريكية صهيونية لتصفية القضية ...
- ..نرفض التصعيد الأمريكي في الخليج ومخططات تصفية القضية الفلس ...


المزيد.....




- إيلون ماسك يحطم الرقم القياسي السابق لصافي ثروته.. كم بلغت ا ...
- اتهامات أميركية لمجموعة أداني الهندية بالرشوة تفقدها 27 مليا ...
- تونس.. توقف بطاقات -UnionPay- الصادرة عن بنك -غازبروم- الروس ...
- مصر.. بيان رسمي حول أزمة سفينة -التغويز- وتأثيرها محليا
- القنصل الأميركي لدى أربيل: العلاقات الأميركية العراقية توجه ...
- قفزة مفاجئة في سعر الذهب الان.. تحديث غير متوقع
- أزمة قطاع العقارات في إسرائيل تنعكس على القطاع المصرفي
- دوام عمل كامل من 32 ساعة أسبوعيًا.. إنتاجية وحياة شخصية واجت ...
- أوروبا والصين تقتربان من اتفاق بشأن رسوم واردات السيارات الك ...
- موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتص ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - الحزب الشيوعي المصري - قراءة نقدية في وثيقة سياسة ملكية الدولة أحد موضوعات مشاركة الحزب الشيوعي المصري في الحوار الوطني في أكثر القضايا التي تشغل اهتمام شعبنا