أوكرانيا على العمال أن يتولوا الدفاع عن السيادة الوطنية بأنفسهم

تامر خرمه
2022 / 9 / 6 - 11:09     


نواب وحكومة أوكرانيا يقوضون المقاومة ضد الغزاة


البرلمان الأوكراني (رادا)، وزيلينسكي، يهاجمون العمال من الخلف، حيث أصدروا مؤخرا قانونا يسمح للرأسماليين بعدم دفع أجور العمال الذين ذهبوا إلى الخطوط الأمامية للدفاع عن البلاد. وفي ذات الوقت، قرّر المسؤولون زيادة رواتبهم الخاصة.

المقاومة البطولية للشعب الأوكراني دفعت قوات بوتين إلى الخروج من كييف، وتشرنيغوف، وخاركوف، ما أجبر الغازي على تركيز هجومه في دونباس شرقا، حيث واجه الإرادة الحاسمة للطبقة العاملة في أكثر المناطق تصنيعا في البلاد، ليمنى بالهزيمة. لقد احتاج إلى عدة أسابيع ليتمكن من الاستيلاء على ماريوبول، وسفيرودونيتسك، وليزيتشانسك، ولم يتمكن من السيطرة على هذه المدن إلا بعد هدمها بقصف جوي ومدفعي مكثف.

من ناحية أخرى، في الجنوب المحتل، ولاسيما في خيرسون، حيث يتدفق نهر دنيبر إلى البحر الأسود، لايزال الغزاة عاجزون عن إحكام سيطرتهم، كونهم محاطين بسكان مناهضين للاحتلال، ويتعرضون للمضايقات من قبل حركة حزبية متنامية، تشن هجمات عسكرية، مثل تفجير مستودعات الذخيرة الروسية في خيرسون، وكذلك الجسور فوق نهر الدنيبر.

لكن، إذا كانت عزيمة الشعب على الجبهة تثري الروح القتالية، وتضعف المحتلين، فإن هذا لا يعني أنه يمكن قول الشيء نفسه عن المؤخرة، حيث تشكك الإجراءات البرلمانية الأخيرة، التي أقرتها حكومة زيلينسكي، في العامل الأساسي الذي سمح بانتصارات جزئية في هذه الحرب غير المتكافئة: المقاومة البطولية للشعب العامل الأوكراني، الذي يشن حربا عادلة من أجل أرضه.. من أجل حريته واستقلاله.

أمام وعود الإمبرياليتين الأمريكية والأوروبية الزائفة بإرسال أسلحة هجومية لا تصل أبدا إلى جبهة القتال، تتركز الآمال المتعلقة بهزيمة بوتين ونظامه عسكريا، والتي من شأنها أن تفتح باب الحرية للعديد من الشعوب الرازحة تحت نير هذا النظام، على صمود الشعب العامل الأوكراني. ومع ذلك، في الوقت الذي يكافح فيه العمال من أجل حرية واستقلال البلاد على الخطوط الأمامية ضد الغزاة، يهاجمهم النواب والمسؤولون الحكوميون من الخلف، سعيا وراء أرباح الأوليغارشية والشركات الأجنبية. إنهم يقوضون المقاومة، ويساعدون عدوان بوتين الذي يتم شنه من موسكو بوجود طابور خامس في كييف!

من خلف ظهر العمال، قامت الحكومة بصياغة قانون يتيح لأصحاب العمل طردهم دون مبرر أو تحذير. كما وافق “الرادا” على قانون بشأن صياغة عقد عمل لمدة 0 (صفر) ساعة في الفترة الأولى، والذي يلغي في الواقع ضمانات التوظيف والدخل المستقر. وقد تم اعتماد هذا القانون الذي صاغته رئيسة اللجنة البرلمانية حول “السياسة الاجتماعية”، جالينا تريتياكوفا، من قبل “الرادا”، ووقع عليه زيلينسكي في 19 تموز، ما يسمح للرأسماليين بالتوقف عن دفع أجور العمال الذين ذهبوا إلى الخطوط الأمامية للدفاع عن البلاد.

كما لو أن هذا لم يكن كافيا، قام النواب برفع رواتبهم، في خضم الحرب الدائرة في البلاد، ولم يصوت أحد ضد هذا. من الواضح أن هذه “مكافأة” على إقرار القوانين المناهضة للعمال في سبيل خدمة الأوليغارشية. إن هذا استهزاء مروع تسبب بسخط هائل.

يحدث هذا في خضم الحرب، التي يضحي فيها العمال بأرواحهم من أجل حرية الوطن، دون وجود ضروريات الاستمرار، في أغلب الأحيان، وفي الوقت الذي ترزح فيه أسرهم تحت وطأة المعاناة. إن قانون جالينا تريتياكوفا، الذي وقعه زيلينسكي، يحرم العمال المقاتلين من أجور المدنيين.

العمال على الجبهة يدينون الحكومة ويوجهون مطالبهم

السخط على سياسات الحكومة عكسته العديد من الرسائل الفردية والجماعية الواردة من الخنادق بشكل واضح. وقد انتشرت إحدى رسائل الفيديو على شبكات التواصل لجندي وعامل في مناجم الفحم، من دونباس، هو سيرجي بريخودكو:

“إنني أخدم على الجبهة منذ آذار. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى لم أحصل على فلس واحد من الدولة مقابل هذه الخدمة. كانت عائلتي -وهي ابنة صغيرة وزوجة حبلى- تعيش على الراتب المدني. لقد ساعدنا هذا كثيرا، فلولا ذلك الراتب لآل كل شيء إلى كارثة. والآن، بدأت أتلقى بعض المال لقاء الخدمة العسكرية، لكنه، بهذه الاقتطاعات، لا يحدث فرقا. أعتقد أن سلب ما يعود لنا، وهو معدل رواتبنا، فعل خاطئ، بل وإجرامي. إنني أعمل في صناعة الفحم منذ أكثر من 10 سنوات. وهناك الكثير منا ممن عملوا لسنوات عديدة. لقد عملت طويلا بما يكفي لكسب هذا الأجر المتوسط. إذا اعتقدت سلطاتنا أنه من الممكن حرماننا منه بسهولة، فلتقترح قانونا يعفيني من المسؤولية الجنائية للعودة بحرية إلى منصبي المدني، كي أذهب وأواصل العمل، واعتني بسبل عيشي، وأكون قرب عائلتي، التي ستكون بأمان لأنني سأكون هناك. الآن أنا جندي لا أشعر بهذا الأمان وعائلتي تفقد مصدر رزقها وحقوقها.

بعبارة أخرى، اتضح أن ابنتي وزوجتي وأنا مجرد نكرات. وكذلك أولئك الذين تمت تعبئتهم، والذين بدأوا بالفعل يعانون من نفس المظالم. أفهم أن وضع البلاد صعب، لكن ليس هذا هو الحل! إنهم يعبثون في جيوبنا، نحن الذين ندافع عن وطننا وشعبنا. لذا، أطالب الجميع -المجندين، والمكلفين، أولئك الذين حرموا من ​​رواتبهم، ودخلهم- أن يتجمعوا على شبكات التواصل الاجتماعي لتحقيق بعض النتائج على الأقل. دعوا تريتياكوفا تأتي إلى هنا مرة واحدة على الأقل، إلى خط المواجهة، لترى من وكيف وماذا نفعل!

إذا كنت تعتقدين أننا نحصل على الكثير من المال، فسترين أن الأمر ليس كذلك. اسمي سيرجي بريخودكو. أنا من غرب دونباس. وأنا لا أخشى مما أقوله. وصدقوني، هناك الكثير ممن هم مثلي. الآن في الوقت الحاضر، علينا الذهاب لاتخاذ مواقعنا القتالية في الخنادق. مهما كلف الأمر، لن يعود أحد إلى المنزل، سنقاوم حتى النهاية. لكني أرى أن حكامنا بدأوا في البصق علينا بعض الشيء. وهذا قد ينتهي بشكل سيء للغاية. لا أطلب من أي شخص إلقاء سلاحه، والعودة إلى المنزل، والإضراب، والذهاب إلى كييف، بأي حال من الأحوال. سنواصل القتال بعناد ضد الغزاة. لكن إذا استمرت الأمور على هذا المنوال، عفوا، سأضطر إلى ترك كل شيء، والعودة إلى المنزل لعائلتي”.

بين يدي من يجب أن توضع مهمة إدارة الدفاع الوطني؟

هذه الكلمات الدقيقة والعميقة الصادرة عن عامل مسلّح، من الخنادق، تظهر بوضوح تام ما يحدث عندما يكون الدفاع المفترض عن البلاد تحت قيادة الأوليغارشية الموالية للإمبريالية وحكومتها. إن هجمات الطعن بالظهر على المدافعين عن الطبقة العاملة في أوكرانيا هي أعظم نعمة لبوتين القاتل وجحافله الغازية. ومع ذلك، في الوقت الذي يستعرض فيه زيلينسكي لمجلة “فوغ”، متفاخرا بـ “شجاعته” لأنه لم يهرب، فإنه يلبي مطالب الأوليغارشية والشركات الأجنبية، التي هي ليست في البلاد أصلا، والتي لا يقاتل أبناؤها على الخطوط الأمامية. إن هزيمة بوتين تتطلب عكس ذلك. الانتصار في الحرب لا يتطلب تأمين أرباح الأوليغارشية، بل تجريد كل أصحاب الأعمال المرتبطين ببوتين من ملكيتهم، والتأميم، وفرض المركزية فيما يتعلق بالاقتصاد بحيث يكون بيد الدولة في خدمة الدفاع، وتحت رقابة العمال.

لا لتسريح العمال أو الإيقاف القسري عن العمل!

نعم لضمان الوظائف للجميع كجزء من خطة الدفاع الوطني.

لا لحرمان العمال وأسرهم من الدخل!

نعم لتوفير الدخل لكل الأشخاص في الصفوف الأمامية والخلفية.

يمكن للطبقة العاملة فقط ضمان هذه المهام الدفاعية من خلال توليها بأيديها.

دافعوا عن السيادة على حساب الأرباح الرأسمالية!

لا لزيادة الأرباح على حساب الدفاع!


ترجمة تامر خرمه
مراجعة فيكتوريوس شمس