|
في ذكرى إغتيال القائد الثوري ليون تروتسكي
سعد الماركسي
الحوار المتمدن-العدد: 7346 - 2022 / 8 / 20 - 17:34
المحور:
الارشيف الماركسي
تحل علينا اليوم 20 غشت ذكرى اغتيال الرفيق تروتسكي سنة 1940 على يد احد العملاء الستالينيين الخسيسين وهو العميل "رامون ميركادير" الذي كان يزعم بان اسمه "جاك مورنارد" وانه من اصل بلجيكي غير انه كان كاتالوني الاصل شارك في الحرب الاهلية الاسبانية وتم اختياره من قبل الشرطة السرية الستالينية الجيبيو ليقوم بمهمة اغتيال الرفيق تروتسكي بدعم من امه الستالينية "كاريداد ميركادير" التي استقطبها الى الجيبيو المدعو جيرو القائد الستاليني والتي كانت عشيقة "ليونيد ايتينغون Léonid Eitingon" الجنرال بالمخابرات الستالينية، والمختص في تصفية الديبلوماسيين السوفييتيين المشبوهين والمناضلين كان هدف الاغتيال هو اسكات اخر من شهدوا وقادوا ثورة اكتوبر البلشفية و اقبار الارث اللينيني الثوري والقضاء على الثراث البلشفي لتصعد الستالينية عاليا فوق الجماهير العمالية ببيروقراطيتها وبديكتاتوريتها على الطبقة العاملة وبعد ان قام ستالين "حفار قبر الثورة" كما كان يسميه تروتسكي بتصفية كل رفاقه في الحزب من عاشوا وشاركوا في ثورة اكتوبر فيما يعرف بمحاكمات موسكو تمكن قاتل تروتسكي من كسب ثقة من كانوا يسهرون على أمن المنفي الشهير. فقد جرى استقباله مرارا تحت اسم فرانك جاكسون في منزل كويواكان المحصن (بضواحي ميكسيكو) قبل الاغتيال باشهر، كانت محاولة اولى قد فشلت. ففي يوم 24 مايو من العام 1940، على الساعة الرابعة صباحا، قام كوماندو من زهاء عشرين رجلا بالتسلل الى المنزل، ورشق طيلة دقائق عديدة غرفة تروتسكي بالبنادق الرشاشة، والقى قنبلتين حارقتين وكذا قنبلة موقوتة. وباعجوبة لم يسقط قتيل ولا جريح. كان تروتسكي وزوجته ارتميا تحت السرير، ومثلهما فعل حفيدهما سييفا. من كان جاكسون هذا؟ ثارت الصحافة الستالينية ونشرت فرضية أن تروتسكي إنما افتعل الاعتداء كي يثير الكلام عن نفسه وكي يفتري على الحزب الشيوعي المكسيكي وعلى ستالين. وبعد شهر من هاته الأحداث، جرى اعتقال ثلاثين شخصا، معظمهم أعضاء بالحزب الشيوعي ومن قدماء المشاركين بالحرب الأهلية الاسبانية. وكان المسؤول في حالة فرار: انه الرسام لشهير دافيد ألفارو سيكايروس، عقيد سابق باسبانيا، كان تروتسكي يعتبره عميلا للغيبيو (المخابرات الستالينية) منذ العام 1928. وسيثبت التقصي لاحقا ان سيكايروس وفرانك جاكسون كانا متعارفين منذ أيام اسبانيا. هوية فرانك جاكسون : من كان إذن فرانك جاكسون هذا؟ لزم انصرام عشر سنوات لكشف هويته الحقيقية. وجدت بجيبه رسالة لتفسير دوافع ما أقدم عليه: يقدم نفسه في الرسالة كمناضل تروتسكوي خاب أمله، وتقزز من الرجل ومما يقترح عليه من إرساله الى الاتحاد السوفييتي لاقتراف أعمال تخريب، ولتثبيط همة الجيش الأحمر، ومحاولة قتل ستالين. ولانجاز هذا كله سيستفيد من دعم أمة كبيرة (يقصد الولايات المتحدة ، لأن تروتسكي لا يمكن ان يكون عميلا لهتلر بسبب المعاهدة الألمانية السوفييتية). كل هذه الاتهامات تبنتها مختلف الأحزاب الشيوعية طيلة أربعين عاما. وفي العام 1969 كان ليو فيغريس Léo Figuères ، من قادة الحزب الشيوعي الفرنسي، لايزال يكررها في كتابه “التروتسكية، هذه الحركة المناهضة للينينية”. لما ظهرت صور القاتل في الصحافة، اعتقد العديد من قدماء الحرب الأهلية الاسبانية (لجأ الكثير منهم الى المكسيك) التعرف على المناضل الشيوعي رامون ميركادير. لكن لزم انتظار العام 1950 ليحصل التيقن المطلق من ذلك: جرى ذلك لما ذهب عالم إجرام لدى الحكومة المكسيكية للقيام ببحث في اسبانيا، مستفيدا من انعقاد مؤتمر في أوربا. قام بمقارنة بصمات جاكسون مع بصمات الشاب الشيوعي الكاتالاني رامون ميركادير المعتقل في العام 1935: كانت متطابقة تماما. في العام 1953، سنة وفاة ستالين، حل اسم ميركادير مكان جاكسون-مورنار في كل الأوراق الرسمية. كانت والدة القاتل، كاريداد ميركادير، مناضلة معروفة في الحزب الاشتراكي الموحد لكاتالونيا، المرتبط بالأممية الشيوعية. استقطبها إلى الغيبيو المدعو جيرو Gerö، القائد الستاليني المجري لاحقا. وكان أصبحت، عبره، عشيقة ليونيد ايتينغون Léonid Eitingon الجنرال بالمخابرات الستالينية، والمختص في تصفية الديبلوماسيين السوفييتيين المشبوهين والمناضلين غير المؤكدين. قضى رامون ميركادير عقوبة سجن عشرين عاما في المكسيك ، وهي أقصى ما يسمح به قانون البلد. وعند مغادرته السجن، في العام 1960، ذهب الى تشيكوسلوفاكيا عبر كوبا، ثم إلى موسكو حيث اعتبر “بطلا للاتحاد السوفييتي” ووشح “بوسام لينين”. ودفن في موسكو في العام 1978 دون أن يكون تكلم. أمر ستالين : باتت أبوة ستالين في الجريمة معترفا بها حاليا من قبل الجميع، حتى السوفيات والحزب الشيوعي الفرنسي. في العام 1978، نشر فالانتان كامبا، من قادة الحزب الشيوعي المكسيكي، مذكراته. كان قد جُرد من مسؤولياته الحزبية في العام 1940 بسبب ضعف تحمسه لمشاركة حزبه في إعداد عملية الاغتيال. نشرت جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي، لومانيتيه، يومي 26 و 27 يوليو 1978، مقتطفات من تلك المذكرات، حيث يؤكد كامبا أن ستالين هو الذي أمر فعلا بقتل تروتسكي. لكنه لم يكشف أي شيء لم يكن معروفا، وبوجه خاص لم يقل من كان المنظم الرئيسي. وكان أوج السخرية ان تقديم الوثيقة أُسند الى الشيخ الستاليني جورج فورنيال. والحال ان المدرس الشاب جورج فورنيال كان قد فُضح من قبل الصحافة التروتسكية، مند فبراير 1938، بصفته عميلا لمخابرات ستالين.: كان آنذاك قد حصل على ستة أشهر من العطلة ليقوم بتمثيل نقابة أجراء التعليم في المكسيك. مهما يكن من أمر، أُتيح للمناضلين القدامى أن يعلموا، مع تأخر طال 38 سنة، أن قادتهم المحبوبين لم يكونوا كذابين وحسب بل حتى قتلة. وستكون قيمة من مستوى آخر للكتاب المرتقب الذي يعده الجنرال فولكوغونوف، مدير معهد التاريخ العسكري للاتحاد السوفييتي الذي كتب حديثا سيرة لستالين. في مقابلة مع جريدة Stampa (عدد 26 يوليو 1990)، أكد أنه وصل إلى أرشيفات عديدة، منها الخاص بتروتسكي، الذي يضم 40 الف وثيقة و آلاف الصور، وعشرات الشهادات. وسينشر بعضها، لا سيما الأمر باغتيال تروتسكي، المؤرخ بسبتمبر 1931 و الموقع من طرف ستالين وفوروشيلوف ومولوتوف و اورجنكدزه. وقد جرى تجديده في العام 1934. وكشف أخيرا فولكوغونوف اسم منظم عملية الاغتيال، الذي كان يعمل بأوامره، إنه ايتانغون (جنرال مخابرات ستالين الذي كانت كاريداد، أم قاتل تروتسكي، عشيقة له). يبلغ هذا الرجل خمسا وثمانين سنة من العمر وقد قضى خمسة عشر سنة بالسجن بمبادرة من خروتشوف. وقد تمكن فولكوغونوف من جعله يتكلم. كان القرار الأول بقتل تروتسكي اتخذ في شهر سبتمبر 1931، لكنه كان ذا طابع عام، بينما في العام 1934 تم تشكيل فريق خاص لمطاردة تروتسكي… كانت مهمة الفريق الخاص تصفية الخصوم السياسيين بالخارج، وليس تروتسكي وحده. كان لأخطبوط مخابرات ستالين مجساته بكل مكان . فقد كانت مخابرات داخل المخابرات محدثة لمحاربة المنفيين الذين كانوا من جانبهم يناضلون ضد نظام ستالين. كانت تلك الشخصيات خطيرة على نظام ستالين، لأنها كانت تعلم أمورا كثيرة.
بعض سطور هذا المقال مقتطفة من مقال ارنست ماندل المعنون ب"في ذكرى اغتيال تروتسكي"
#سعد_الماركسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتابات متفرقة ج3
-
فنزويلا والامبريالية السوداء
-
عيد الاستهلاك
-
كتابات متفرقة ج2
-
حول رواية قوارب الامل الهروب من جحيم الوطن
-
كتابات متفرقة
-
شذرات طبقية تحت عنوان : قلم بروليتاري
-
قصيدة كُلُّ مَا أَخْشَى
-
قصيدة أمطري أيتها السَّماءُ
-
ورقة تعريفية بالكاتب والمفكر الماركسي البريطاني موريس كورنفو
...
-
قصيدة مُغْرَمٌ أَنَا بجورج حبش
-
قصيدة المُدان - إِهداء لكافة المعتقلين السياسيين بالمغرب
-
حوار مع جورج حبش حول الماركسية
-
مقتطف من كتاب لينين المختارات المجلد الاول
-
ملخص حول كتاب سلامة موسى -مقالات ممنوعة-
-
هذا هو النظام الرأسمالي الذي تنتقدون اﻹشتراكية من أجل
...
-
مقتطف من كتاب دين رأس المال لبول لافارج زوج ابنة كارل ماركس
المزيد.....
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|