|
ليبرالي و لا حرج!
صابر ملوكه
طبيب و كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 7300 - 2022 / 7 / 5 - 11:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
.................................... تطلعت في وجه صديقي وفجأة سألته دون وعي: لماذا انت ليبرالي؟ قال: "اللِّيبرالية هي فلسفة تأسست على فكرتين رأيسيتين هما الحرية والمساواة وتدعم بصفة عامة أفكاراً مثل حرية التعبير، وحرية الصحافة، والحرية الدينية ، والحقوق المدنية، والديمقراطية، والعلمانية." قلت: "لكن الليبرالية متهمة حاليا في مجتمعاتنا واحيانا تنعت بالكفر والزندقه" ألا تخشي من ملاحقة المتنطعين لك؟ قال:" أنا لا أ خشاهم ولا أخشي ترهاتهم" و انطلق متحدثا: ان الليبرالية تحرر الأنسان من الخوف أنا ليبرالي و أقولها بملئ فمي لأني ولدت حرا و أرفض ان يكبلني الجهلاء بقيود من صنع أوهامهم أنا ليبرالي لأن الانسان خلق حرا، لم يكن فوقه عندما خلق سوي السماء. فأصبح يخضع في كل يوم لشيطان جديد. كان حرا طليقا لا سلطان لاحد عليه. فصار اسيرا لأطنان من العادات و التقاليد. غلب علي أمره من شياطين الإنس و الجان و أستسلم للخرافات التي تمتهن عقله و تستبيح كرامته كأنسان. نعم خلق الانسان حرا، و كان جميع البشر سواسية. فأشعة الشمس تشرق علي الجميع لا تفرق بين الانسان واخيه. لكن كان هناك دائما من يريد حجب اشعة الشمس ليسود الظلام و يعم الخواء. وتموت الحرية. قاطعته قائلا: و لكنهم يقولون ان الليبرالية ضد الدين قال: لأنهم لا يفقهون شيئا ان اليبرالية ضد اساءة استخدام الأنسان للدين. لقد عاش الانسان طويلا يتخبط في امواج الظلام العاتية. قبل ان يشرق عليه نور العقل. عاش وحيدا ، اسيرا لضيق الافق و فقر الادراك. ساد الجهل و ساد الخوف و سادت الخرافات. فعبد الانسان مايخشاه ، عبد مايرجوه و مايتمناه. وابتكر من الالهة مالا يعد و لا يحصي. وفي يوم مشهود بزغ فجر العقل و الضمير ، و عبد الانسان الله ، الاله الواحد. ثار العقل ضد اللا عقل ، و ثارت الحقيقه بوجه الخرافه ثار دين التوحيد بوجه التعدد الوثني، وثار المنهج ضد الجهل. ثار النور بوجه الظلمه . وظن الانسان انه تحرر للابد من سلطان الخرافة و سيطرة الا شباح. و تخلص من عبث سكان العالم السفلي و تحكم أباطرة العالم العلوي. ولكن هيهات. ظهر نوع جديد من الأباطرة الطغاة. وللأسف تم استغلال الدين للتحكم في الاخرين. نعم لقد قتل الانسان اخيه الانسان من اجل الدين. و ظلم الانسان اخيه الانسان من اجل الدين. وفي سبيل الدين تم تبرير و تقنين كل انواع الاستعباد و القهر و الاستبداد و الديكتاتورية. و بعد ان كان الدين مصدر للسلام ومنبع للتحرر من الخرافة و الاوهام، صار اداة للقمع و الترهيب. و قام رجال الدين و الساسة باستخدام الدين للسيطرة علي الشعوب و التحكم في مصيرها. بل اشتغل بالدين كل من لا مهنة له، و صار الدين الورقة الرابحة التي لا تخيب. تحدث في الدين و ستجد من يسمعك، و يطيعك. اجمع اموالا باسم الدين فتنهال عليك التبرعات. احكم شعبك باسم الدين و سيكون من السهل عليك التنكيل بمعارضينك. و ساد الظلام مرة اخري.. هل عرفت الان لماذا أنا ليبرالي؟. لأن الليبرالية تهدف إلى تحرير الأنسان من كل معتقد خاطئ أو كل سلطه دنيويه زائفه. لأني ارفض تداخل الدين بالسياسه لـينتج فساد ديني تغطيه السياسه وفساد سياسي بغطاء ديني..
لأني اؤيد فكرة المواطنه الحره و مع السلطه التي لا تفرق بين القوي والضعيف الا بالحق ولاتميز بين رعايها.
لأني أويد تحرير المجتمع وإستقلال الفرد فيكون له ما له و عليه ما عليه.
لأني أطالب بـحريه الفكر والتسامح وحق حرية الاعتقاد . لأني أريد إحترام كرامة الأنسان وضمان حقه بالحياة . أليس هذا ماتدعو اليه الأديان فلماذ تتهمون الليبرالية بالكفر لقد ساهم الليبراليون في وضع القانون الدولي لحقوق الأنسان لحمايه كل فرد يؤمن بـالمساواة والمثل الانسانيه . و ساهموا في تنظيم قانون العمل لحماية حقوق العمال و ضمان كرامتهم. ونظر صديقي نحوي قائلا: أن االفكرالليبرالي له شعبية كبيرة فهل تعلم لماذا؟ قالها محدثي و اكمل حديثه كمن لا ينتظر اجابة لانه لم يقدس مفكراً بعينه بل قام على تعدد الأفكار فكان متنوع ومنفتح على جميع المجتمعات. فهو يصلح للشرق و الغرب. و لايتصادم مع ثقافات. والليبرالية فكرةٌ ليست من صنع عَقلٍ بشري واحد ، ولا وليدةَ بيئةٍ ثقَافيةٍ أو ظروفٍ زمَنيةٍ واحدة. نعم هي نتاج العقل البشري علي مر العصور بل لقد إنصهرت اليبراليه لتمتزج مع الدين لتلغي فكرة أن الليبراليه عدوة للأديان قلت: و لكن لماذاهذا الهجوم علي الليبرالية؟ قال: و هل رأيت من قبل فكراً جديداً لا يطعن . في مجتمعاتنا نرفض التغير ليس لأننا نرضي بواقعنا أو لأن ما نحن عليه الأفضل بل لأن هذا هو إعتدنا عليه . ان هذا هو سر تخلفنا. نحن نعشق الماضي و نعيش في الماضي ونقدس سير الأولين. و شعارنا الأوحد ليس في الأمكان ابدع مما كان. تركت صديقي ومشيت مفكرا في ماقاله . و وجدت نفسي أردد بصوت عالي يسمعه المارة : أنا ليبرالي و لا حرج.
#صابر_ملوكه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة بلا اجابات
-
الحلم علي طريقة الخنافس
-
مسرحية هزلية
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|