أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - نهاد ابو غوش - سالم خلة: قائد في العشرين وطفل في السبعين














المزيد.....

سالم خلة: قائد في العشرين وطفل في السبعين


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7287 - 2022 / 6 / 22 - 14:35
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


نهاد أبو غوش
خلال عقود صراعِنا ومسيرة نضالنا الطويلة ضد الاحتلال والاستيطان، نمر بحالات من المدّ والجزر، والصعود والهبوط، والتقدم والتراجع. فمع أن شعبنا يجترح في كل مرحلة معجزات كفاحية مبهرة، ويقدم تضحيات هائلة، ويظهر استعدادات لا نظير لها للبذل والفداء، فترتفع معنوياتنا جميعا إلى عنان السماء كما جرى في عديد المحطات. لكن أوضاعنا تعود فجأة بعد ذلك للانتكاس، ليس بسبب شدة الهجوم الاستعماري ووحشية الاحتلال، فذلك ما تعوّدنا عليه وألِفناه واستطعنا التصدي له، ولكن الانتكاسَ يعود في الغالب إلى الانقسام وسوء الأداء القيادي وغلبة الحسابات الفئوية والذاتية على المصلحة العامة، في هذه الأوقات العصيبة، وحين تضطرب الأمور، وتتشوّش البوصلة، نستذكر نمطا من القادة والمناضلين الذين نحتاج لهم ونحتاج إلى رأيِهم وحكمتِهم ونَفَسهِم، فنَفَسُ الرجال يحيي الرجال كما يقول مثلنا الشعبي، من هؤلاء الذين نفتقدهم في المَلمّات واللحظات الصعبة الرفيق المناضل، والقائد الإنسان سالم خلة ( أبو زياد).
ما هو سرّ هؤلاء الأشخاص الذين نفتقدهم في ليالينا الظلماء إذا ما جَدَّ جَدُّنا؟ لا شك أن لدى كل منهم ما يضيفه من مهارات قيادية وفكرية وتنظيمية فيصنع فارقا في بيئتِه ومحيطِه، لكن العامل الأهمَّ في رأيي يكمن في سجاياهم الأخلاقية، وتحديدا في النزاهة والاستقامة والتجرُّد، هذه الصفات التي تجعل رأيَهم مُنزّها عن الأغراض الذاتية والفئوية، مشدودا للمصلحة الوطنية العليا، ولذك مَثَّل أبو زياد بالنسبة لكثيرين، وأنا منهم، مسطرة أخلاقية في تغليب العام على الخاص والوطني على الفئوي.
كانت لي صلة شخصية وتنظيمية بالرفيق أبو زياد، حين كان في أمانة سر اللجنة المركزية متابعا للأرض المحتلة، وكنت أمينا لإقليم غزة بين العامين 1994 و1996، وكانت لنا اتصالات يومية مشفّرة، وحين أذهب إلى دمشق كان يصر على استقبالي واستضافتي في منزله، فيضفي لمسة إنسانية ملؤها المودّة والحرص على العلاقات التنظيمية التي تكون جافة ورسمية مع آخرين، واستمرت علاقاتنا الشخصية بعد عودته إلى الوطن، ظل الود والاحترام قائمين على الرغم من افتراق خطواتنا أحيانا، والتقائنا في أحيان أخرى كما في تجربة حراك "وطنيون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة"، فنعجب كل العجب:ر لماذا تفترق خطواتنا نحن ومن كان مثلنا على الرغم من اتفاقنا على أشياء كثيرة جدا؟.
لم تكن تعوزه المعرفة النظرية والتكوين الأيديولوجي لكي يفلسف الأمور وينظّر لها، فهو من جيل تشكل وعيُه في معمعان السجال والجدل والمعارك الفكرية، وأتيحت له عضوية أعلى الهيئات فضلا عن الدورات والمواقع ما ساهم في صقل وعيه والارتقاء بمداركه، لكنه كان يرى أبعد من ذلك وأعمق، وكان قادرا على أن ينفذ إلى جوهر الأشياء فيلخّص الحقائق في معادلات واضحة وبسيطة اقرب إلى السهل الممتنع من قبيل: الانقسام جريمة، الاحتلال زائل لا محالة، الشهداء سيعودون إلى حضن الأرض.
ينتمي ابو زياد إلى جيل المناضلين الذين أسسوا الثورة الفلسطينية ومؤسساتها، وانتزعوا اعتراف شعبهم والعالم أجمع بها، وابو زياد هو من طراز المناضلين اليساريين الثوريين الذين كانوا يتقنون مجموعة من المهارات في الوقت نفسه: العمل التنظيمي والإداري، والعمل الجماهيري والنقابي، والتثقيف والإعلام، العمل العسكري، التمثيل السياسي والدبلوماسي، والعمل المؤسسي، وكنت أعجب من هذه الخاصية التي تذكرنا بالثوار البلاشفة وأتساءل: هل كانت الأطر التنظيمية والتجربة النضالية تربي المناضلين وتدربهم على هذه المهارات؟ ربما كان ذلك صحيحا لكن اكتسابها وإتقانها يبقى أمرا فرديا، ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن الثورة وفصائل اليسار بشكل خاص كانت تستقطب الحالات الريادية والطليعية والمتميزة في المجتمع، وهؤلاء لو كانت حياة مجتمعنا طبيعية، فعلى الأرجح أنهم كانوا سيبدعون في حقول أخرى مثل العلوم والآداب ومجال الأعمال ومختلف مجالات الإبداع الإنساني.
إلى كل ما سبق، ثمة ميزة استثنائية للرفيق سالم خلة (أبو زياد) هي حرارته ومشاعره المتدفقة في كل ما يعمل. لم يكن "ماكينة للعمل" أو "رجلا آليا" يفعل ما يطلب منه أو ما هو متوقع منه بحكم الوظيفة، بل كان يسكب عواطفه وذَوْبَ قَلبِه في كل ما يفعل، شهما غيورا حسّاسا ومرهفا، ينفعل ويغضَبُ لما يُغْضِبُ، ويَفرحُ لما يُفرح، ويَحزَن لما يُحزِن، ويضحك حتى القهقهة لما يُضْحِك، محبّا للحياة وغير هيّاب ولا وَجِلٍ من الموت، صحيح أن ( أبو زياد) كان قائدا شجاعا قبل ان يصل العشرين من عمره لكن قلبه ظل طافحا بالحب كطفل في السبعين من عمره.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلفيات التوحُّش الإسرائيلي
- إسرائيل وعداؤها الشديد لمنظمات حقوق الإنسان
- صحة الرئيس ومرض النظام السياسي الفلسطيني
- رُهاب العَلَم يعكس الرفض الإسرائيلي لحقوق للفلسطينيين (3 من ...
- رُهاب إسرائيل من العَلَم الفلسطيني (2 من 3)
- رُهاب إسرائيل من العَلَم الفلسطيني (1 من 3)
- الانقسام لا ينتج انتصارات!
- في أزمة المؤسسة القيادية الفلسطينية
- من ملاحقة القتلة إلى محاكمة الاحتلال
- الجنوح الإسرائيلي المتواصل نحو اليمين والتطرف
- جنازات الشهداء والصراع على هوية القدس
- العدالة لروح شيرين ابو عاقلة والوفاء لرسالتها
- شيرين ابو عاقلة وقائمة طوبلة لشهداء الصحافة
- جرائم قتل الصحفيين واستشهاد شيرين ابو عاقلة
- النقابات الفلسطينية: اختلالات قانونية وبنيوية
- شيرين أبو عاقلة .. جريمة إعدام مشهودة
- مؤتمر المانحين ومقايضة الحقوق الوطنية بالمعيشية
- غيوم تتلبّد في سماء العلاقات الروسية الإسرائيلية
- مخاطر تديين الصراع
- اليمين الإسرائيلي المتطرف رديف للسياسات الرسمية


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - نهاد ابو غوش - سالم خلة: قائد في العشرين وطفل في السبعين